فوجئ اللاجئ الفلسطيني المولود في لبنان لدى تقدّمه بطلب استخراج سجل عدلي من سؤال الموظف له: «شو جنسيتك؟»، لما مهّد له السؤال بأنّ البدل ارتفع من 500 ألف ليرة إلى مليونين «مثل كلّ الأجانب».
زيادة رسم استخراج سجل عدلي بنسبة أربعة أضعاف في ظلّ الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمرّ بها المقيمون في لبنان، مواطنون وأجانب، أثار موجة استياء في أوساط الفلسطينيين في لبنان لما يضيفه من عبء مادي إلى معاناتهم، لا سيما مع ارتفاع مستويات الفقر والبطالة في صفوفهم، وعزّز شعورهم بالظلم والتضييق لما وجدوه «تمييزاً صارخاً ضدنا»، تقول الفلسطينية شاهيناز، المقيمة في تجمع وادي الزينة (قضاء الشوف)، لافتة إلى «أننا نتقاضى رواتب أقلّ من اللبنانيين، وندفع عمولة أكبر لفتح حساب في البنك بحجة أننا فلسطينيون، ولا نعترض.
لكن، أن يصل التمييز إلى السجل العدلي الذي نحتاج إليه في أكثر من معاملة في حياتنا اليومية، فهذا ظلم كبير».
يستغرب الباحث القانوني في شؤون اللاجئين الفلسطينيين سهيل الناطور معاملة الفلسطيني كأي أجنبي على الأراضي اللبنانية، و«كأنّ الفلسطيني يمكنه العودة إلى وطنه في الوقت الحالي».
ويعيد هذا الإجراء إلى «التخبيص القانوني المعتاد، والمزاجية في تعريف الفلسطيني وتنظيم وضعه. لذلك، تجد معاملات رسمية يُعامل فيها الفلسطيني مثل أي أجنبي، وأخرى يُعامل فيها معاملة اللاجئ».
أما الحق في العمل، فيبقى «رهن استنسابية كلّ وزير يصل إلى وزارة العمل، فإما يعامله كأجنبي أو كلاجئ»، وطبعاً معاملته كلاجئ لا تعطيه الحق في ممارسة أي مهنة، بل تحدد القطاعات المسموح بها وفقاً لحاجة السوق اللبناني إليها. فحتى لو نال الفلسطيني الطبيب، مثلاً، إجازة عمل، سيصطدم برفض نقابة الأطباء تسجيله وبالتالي منعه من العمل كطبيب، بينما حاجة السوق اللبنانية إلى قطاع التمريض أدّت إلى قبول فلسطينيين كممرضين.
مصادر المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي تشير إلى أن «القرار الداخلي الذي أخذته الشرطة القضائية يعود إلى شهر شباط الماضي».
وحول دوافع قرار مضاعفة رسم استحصال الفلسطيني على سجل عدلي من دون إدراجه في موازنة 2025 ولا حتى استكماله بتعميم رسمي، تقول المصادر: «يسري القرار على جميع الأجانب من دون تمييز، بمن فيهم الفلسطينيون»، من دون أن تعطي تبريراً منطقياً للقرار. ومقابل غياب الشفافية رسمياً، تغيب الفصائل واللّجان الشعبية الفلسطينية والفعاليات بشكل شبه تام عن التّصدي لهذه القرارات التي تمسّ حياة الفلسطينيين اليومية وتزيد خنقهم.
ولعل أكثر ما يقلق اللاجئين الفلسطينيين إلى جانب الأثر المادي للقرار، هو أن يكون مقدّمة لقرارات مماثلة تُرسم على إثرها السياسات الحكومية تجاه اللّاجئين الفلسطينيين المولودين على الأراضي اللبنانية، خصوصاً في ظلّ المتغيّرات الإقليمية. غير أن الناطور يستبعد أن يرتبط القرار بإعادة هيكلة وضع اللاجئين وطريقة التعامل معهم، لأنّ هذا الموضوع «لم يطرح بجدية بين الطرفين اللبناني والفلسطيني بعد»، بقدر ما يربطه «بجباية مؤسسات الدولة للمزيد من الأموال في ظلّ الأزمة المالية الخانقة التي تمرّ بها، وحاجتها إلى أي مصدر تمويل إضافي».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :