"هلوسة وهذيان".. "خبز ملعون" عصف بفرنسا قبل 74 عاما

 

Telegram

 

مع نهاية الحرب العالمية الثانية، اتجهت القارة الأوروبية نحو لملمة جروحها التي خلفتها سنوات الحرب حيث واجهت معظم الدول الأوروبية حينها أزمات عديدة تراوحت بين إعادة الإعمار ودفع عجلة الاقتصاد وسياسة التسلح الجديدة بسبب الحرب الباردة ونقص الغذاء.
وبهذا السياق، واجهت بعض الدول الأوروبية خلال السنوات الأولى التي تلت الحرب أزمات غذائية بسبب نقص المواد الغذائية. وبالتزامن مع ذلك، أثار شح ونقص الخبز ببعض المناطق مشاكل عويصة. وخلال العام 1951، جاء الخبز ليثير أزمة بفرنسا عقب حادثة الخبز الملعون ببلدية بون سان إسبري (Pont-Saint-Esprit).


إلى ذلك، اندلعت أزمة الخبز الملعون ببون سان إسبري، الواقعة بإقليم غارد (Gard) بمنطقة أوكسيتاني (Occitanie)، أثناء استعداد هذه القرية لحصاد العنب والمهرجان السنوي. فخلال النصف الثاني من شهر أغسطس ( آب) 1951، ظهرت على عدد كبير من المقيمين بهذه القرية علامات القيء والتعب.
وبادئ الأمر، شكك مسؤولو الصحة هنالك بوجود حالة تسمم غذائي واتجهوا للبحث عن الجرثومة المسؤولة عن ذلك. وبحلول يوم 25 من الشهر نفسه، بلغت حدة انتشار المرض ذروتها حيث أصيب المئات بحالة من الهذيان والهلوسة.

وحسب الشهادات، تحدث البعض عن مشاهدتهم لجيرانهم الموتى منذ سنين وتحدث آخرون عن مهاجمتهم ومحاصرتهم من قبل نباتات عملاقة. فضلا عن ذلك، عمد البعض للقفز من النوافذ رغبة منهم في التحليق كالعصافير.
حسب التقديرات، أصيب نحو 300 من سكان بون سان إسبري بهذه الأعراض الغريبة التي جعلت من بعضهم غير قادرين على النوم لمدة أيام عديدة. وفي الأثناء، أسفرت هذه الحادثة عن وفاة خمسة أشخاص من المصابين بأعراض الهلوسة.

أملا في فهم الحادثة، اتجهت السلطات الفرنسية للتدقيق في فرضية التسمم الغذائي. وبموجب ذلك، شكك الخبراء الفرنسيون في الأغذية المعلبة والماء الملوث. لاحقا، تم التخلي عن هذه الفرضية لصالح فرضية أخرى كانت مقنعة بشكل أكبر وتمثلت في الخبز الملوث بفطريات العاكوب المعروف أيضا بالإرغوت والذي يؤدي تناوله للإصابة بمرض التسمم الإرغوني الذي تمثلت أعراضه في التشنجات والهلوسة وأدى أحيانا حتى لظهور الغرغرينا. ومنذ العصور القديمة، أسفر هذا المرض عن وفاة ملايين الأشخاص بسبب عدم قدرة الأطباء حينها على فهمه وتوفير علاج له.
خلال حادثة الهلوسة ببلدية بون سان إسبري، وجهت السلطات الفرنسية أصابع الاتهام للخباز روش برييان (Roch Briand) وطحانه حيث تناول جميع المصابين حينها من الخبز الذي أعده الأخير بالطحين الملوث والذي لقب لاحقا بالخبز الملعون.
من جهة ثانية، حاول رجال الشرطة والمحققون الفرنسيون إجراء العديد من التحقيقات إلا أنهم فشلوا في تقديم إجابة واضحة حول سبب تواجد طحين ملوث بالمخابز. فضلا عن ذلك، لم يتلقَ ضحايا هذه المأساة أية تعويضات من السلطات الفرنسية.
حاولت السلطات الفرنسية بشتى الطرق إغلاق ملف القضية بسبب الظرف الحساس وعدم وجود رغبة في تشويه سمعة الخبز. فبتلك الفترة، كان القطاع الزراعي يتعافى من ويلات وتبعات سنوات الحرب. فضلا عن ذلك، تسببت سياسات التأميم التي انتهجتها الدولة الفرنسية في توزيع كميات غير عادلة لقمح سيئ الجودة على خبّازي البلاد المقدر عددهم بنحو 54 ألف خباز.
صورة لإحدى المعلقات حول إلغاء المهرجان بسبب التسمم الغذائي ببون سان إسبري
بعد مضي عقود عن الحادثة، اتجه بعض الفرنسيون للحديث عن نظرية المؤامرة وشككوا في قيام المخابرات الأميركية بإجراء تجارب اعتمادا على المركب الكيميائي إل إس دي (LSD) على سكان بون سان إسبري.
 

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram