عاد الحديث مجدداً في سوريا خلال الأيام الماضية عن إمكانية إصدار عملاتٍ جديدة مع انكباب الحكومة الجديدة على العمل من أجل حل العديد من الأزمات الاقتصادية والمعيشية في بلد عانى لمدة 14 سنة من حرب مدمرة.
فقد عاد الحديث عن هذا الاقتراح الذي ما فتئ الحديث عنه يتجدد بين شهر وآخر، إلى الواجهة مرة أخرى.
اقتصاد اقتصاد سوريا سوريا تتسلم دفعة جديدة من العملة المحلية المطبوعة في روسيا
لكن الحكومة الجديدة لم تتخذ أي قرار في هذا الشأن حتى الآن، على الرغم من أن بعض خبراء الاقتصاد يعتقدون أن اللحظة "مناسبة" لمثل هذه الخطوة التي يعارضها خبراء آخرون يعتقدون أن إصدار عملاتٍ جديدة من دون إجراء إصلاحاتٍ اقتصادية "لن يكون مفيداً"، على حدّ تعبّيرهم.
"زيادة التضخم"
وتعليقاً على ذلك قال الخبير الاقتصادي السوري شادي أحمد إن "طباعة وإصدار أوراق نقدية جديدة، هو حالة مستمرة في الاقتصاديات في كل دول العالم، لكن هناك معايير يجب أن تتبعها الدول، منها مؤشرات حركة الاقتصاد، والتضخم، وتغطية هذا الإصدار و أهدافه". ورأى أنه في حال لم تتوفق الحكومات في وضع هذه المعايير التي تدل على أن الإصدار النقدي كان نتيجة وحاجة للتطور الاقتصادي، أو أنه كان نتيجة زيادة الاحتياطيات من الذهب والعملات الأجنبية الموجود، فسيزيد التضخم النقدي بشكل متسارع".
كما أضاف : لا يوجد في سوريا الآن أي مؤشر حول زيادة النشاط الاقتصادي بل بالعكس هناك تباطؤ في النشاط الاقتصادي، بدليل أن العديد من المعامل خفّضت انتاجها نتيجة وجود بضائع أجنبية تدخل من الحدود بعضها تهريب وبعضها مباشرة بدون أي رسوم جمركية، ما يجعلها منافس قوي للمنتج المحلي.
كذلك أشار إلى أن النشاط السياحي شبه معدوم، والنشاط الزراعي في حدوده الدنيا بسبب حبس الأمطار، والافتقار إلى المواد الأولية والأسمدة وغيرها".
وتابع قائلا إن "كل هذه الأمور تدل على تضاؤل النشاط الاقتصادي، وبالتالي طباعة أي عملة ورقية جديدة يعتبر زيادة في التضخم النقدي وفي عرض الليرة السورية، على الرغم من أن هناك تحسن بسعر صرف الليرة، ولكن هذا التحسن ليس لأسباب اقتصادية، أو نقدية ومالية، بل لأنه تمّ حبس السيولة، وفتح السوق السوداء على مصراعيها أمام ما نسميه سوق الصرف عن طريق البسطات. هذا هو الأمر الذي يحيط بمجمل عملية الإصدار النقدي"، وفق تعبيره
بديل روسيا
وبحسب الخبير الاقتصادي، فقد كانت العملة السورية تطبع سابقاً في روسيا، لكن في الوقت الحالي ربما تكون النمسا هي البديل وفق تسريبات إعلامية.
إلى ذلك، أوضح أنه لا يمكن أن تكون الإصدارات الجديدة حل اقتصادي، بل بالعكس، فعلى التطور الاقتصادي أيسبق أي عملية إصدار وليس العكس.
وشدد على أن "التحسن الاقتصادي في سوريا لن يكون لأسباب نقدية، إنما لأسباب اقتصادية استثمارية تجارية صناعية بالدرجة الأولى".
من جهته، قال الأكاديمي والباحث الاقتصادي السوري عمار يوسف إن "الحديث عن توجّه لإصدار عملة جديدة في سوريا يتكرر منذ زمن، لكن هذا ليس أمراً بسيطاً خاصة في بلد مثل سوريا يشهد انهيارات اقتصادية، وعدم ثبات العملة، وعدم وجود ما يكفي لعيش المواطن لاسيما أن الحد الأعلى للرواتب يترواح بين 50 أو 60 دولار أميركي لا أكثر، خاصة رواتب الدولة، وغالبية الناس موظفين لدى الدولة".
كما أضاف قائلا "إذا فرضنا أن هناك توجها لإصدار عملة جديدة، فهناك تساؤلات كثير تطرح، منها هل سيزيلون منها صفر أو صفرين من أجل عملية التضخم في البلد لأن عملية سحب الأصفار أو إلغاء الأصفار من العملة لها الكثير من المتتابعات"
كذلك أوضح أنه لا بد من معرفة رصيد البلاد سواءً من الذهب أو الدولار أو سلة العملات داخل وخارج سوريا، وما هو حجم النقد الذي يراد طبعه في حالة إزالة الأصفار"
وتابع لافتا إلى أنه يمكن الابقاء على نفس العملة مع طبع عملة جديدة تتغير عليها الرموز التي كانت موجودة، خاصة أن الـ1000 ليرة القديمة والـ2000 ليرة الجديدة عليها صور للعهد البائد، فهذا الشيء مقبول لكن بشرط طبع نفس كمية النقد مرة ثانية. وأضاف شارحا:" يعني نسحب نقود من التداول وتستبدلها بأخرى جديدة بدلاً عنها في نفس الوقت". ولفت إلى أن "هذا الموضوع عبارة عن تجديد للعملة، لأن العملة الموجودة حالياً بالأسواق السورية سيئة من جهة التقنية، وتهترئ بسرعة وتتمزق وتتلف سريعاً".
يشار إلى أن مسألة إصدار عملات جديدة في سوريا أمر يتكرر منذ سنوات، لكنه تجدد في الآونة الأخيرة مع سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، لكن الحكومة الجديدة لم تعلن حتى الآن عن رغبتها في اتخاذ مثل هذه الخطوة.
وتشهد الليرة السورية نوعاً من الاستقرار في سعر الصرف أمام العملات الأجنبية مع وصول الإدارة الجديدة إلى الحكم في دمشق.
لكن رغم ذلك لم تتخلص البلاد من الأزمات الاقتصادية التي تعيشها منذ سنوات الحرب التي امتدت على نحو 14 عاماً.
نسخ الرابط :