في نهاية شهر آذار من كل عام، يذكّر مجلس الوزراء المواطنين بضرورة تقديم الساعة 60 دقيقة إلى الأمام، إيذانًا ببدء التوقيت الصيفي، الذي يستمر حتى آخر سبت من شهر تشرين الأول.
ورغم أن هذا الإجراء بات تقليدًا سنويًا في العديد من الدول، إلا أنه لا يزال يثير الكثير من التساؤلات حول جدواه ومن يقف وراء ابتكاره.
بداية، يُعد التوقيت الشتوي هو التوقيت الطبيعي للكرة الأرضية، حيث يتوافق مع دورة الشمس اليومية.
أما التوقيت الصيفي فهو نظام اصطناعي ابتكره الإنسان بهدف استغلال ساعات النهار المشرقة وتقليل استهلاك الطاقة خلال فترة المساء.
وتعود فكرة التوقيت الصيفي إلى العام 1784، حين نشر العالم والمخترع الأمريكي بنيامين فرانكلين مقالًا اقترح فيه تعديل الساعة للاستفادة من ضوء الشمس وتوفير استهلاك الشموع.
لاحقًا، في عام 1895، تقدم عالم الحشرات النيوزيلندي جورج فيرمون بفكرة تغيير التوقيت ليستطيع الاستفادة من ضوء النهار في جمع عينات الحشرات، لكن اقتراحه لم يُنفذ.
تطبيق التوقيت الصيفي
أول من حاول تطبيق التوقيت الصيفي على نطاق واسع هو الإنكليزي وليام ويلت، الذي نشر عام 1907 كتيبًا بعنوان “هدر ضوء النهار”، دعا فيه إلى تعديل الساعة في فصلي الربيع والصيف لاستغلال ساعات النهار الطويلة.
وعلى الرغم من أن فكرته لاقت اهتمامًا، إلا أنها لم تتحول إلى قانون إلا مع اندلاع الحرب العالمية الأولى، حين تبنّت ألمانيا التوقيت الصيفي عام 1916 بهدف تقليل استهلاك الوقود المستخدم في إنتاج الكهرباء، وسرعان ما تبعتها بريطانيا ودول أوروبية أخرى، ليصبح التوقيت الصيفي نظامًا معمولًا به في العديد من الدول.
هل يحقق التوقيت الصيفي توفيرًا في الطاقة؟
في بعض الدول، أدى تقديم الساعة إلى توفير الطاقة مساءً، حيث انخفضت الحاجة إلى الإضاءة الاصطناعية.
في المقابل، أظهرت دراسات أخرى أن الاستهلاك ارتفع صباحًا، إذ اضطر الناس لاستخدام التدفئة في الشتاء أو التكييف في الصيف خلال الساعات الأولى من اليوم.
كما أن تأثير التوقيت الصيفي على الطاقة يختلف من منطقة لأخرى حسب عوامل مثل المناخ والتضاريس وطبيعة استهلاك الكهرباء في كل بلد.
بجانب تأثيره على استهلاك الكهرباء، للتوقيت الصيفي تداعيات اقتصادية واجتماعية متنوعة، إذ تساهم زيادة ساعات النهار المسائية في انتعاش قطاعي السياحة والتسوق، حيث يمضي الناس وقتًا أطول خارج منازلهم، مما يعزز الحركة الاقتصادية. كما تستفيد الأنشطة الرياضية والمهرجانات من الأجواء المشرقة لساعات إضافية.
في المقابل، يجد المزارعون أن تغيير التوقيت يربك جداول العمل، خاصة عند حصد المحاصيل أو التعامل مع المواشي، التي تعتمد على دورة ضوء الشمس الطبيعية.
في حين أظهرت دراسات أن تقديم الساعة قد يؤدي إلى اضطرابات في النوم لدى بعض الأشخاص، مما قد يؤثر على الإنتاجية في الأيام الأولى من تطبيقه.
كما لوحظ ارتفاع طفيف في معدلات النوبات القلبية والسكتات الدماغية خلال الأسبوع الأول بعد تغيير التوقيت، بسبب تأثيره على الساعة البيولوجية للجسم.
في سياق آخر، أشارت بعض الأبحاث إلى انخفاض طفيف في حوادث السير، خصوصًا تلك التي تشمل المشاة، نتيجة لزيادة ساعات الضوء في المساء.
كما أفادت تقارير بانخفاض نسبة الجرائم، لكن الخبراء يحذرون من أن هذه الإحصائيات قد تتأثر بعوامل أخرى، وليس بالضرورة بسبب التوقيت الصيفي وحده.
من هي الدول التي تطبقه؟
رغم أن أكثر من 140 دولة جربت التوقيت الصيفي في مرحلة ما، فإن أقل من 40% من دول العالم تطبقه حاليًا.
ففي الولايات المتحدة، تعتمد معظم الولايات التوقيت الصيفي، لكن بعض المناطق مثل هاواي ومعظم أريزونا وبورتوريكو لا تتبع هذا النظام. ورغم أن 19 ولاية أمريكية صوتت لصالح جعل التوقيت الصيفي دائمًا، إلا أن القرار لا يزال بحاجة إلى موافقة الكونغرس.
أما في أوروبا، فتلتزم معظم الدول بهذا النظام، لكن الاتحاد الأوروبي صوّت عام 2019 لإنهاء التوقيت الصيفي بشكل إلزامي، إلا أن التنفيذ لم يبدأ بعد بسبب قضايا أخرى أكثر إلحاحًا.
وفي آسيا وأفريقيا، لا تعتمد معظم الدول هذا التوقيت، باستثناء مصر والمغرب، حيث يتم تعديل الساعة سنويًا.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :