بفضل خبرته في التشوّهات الخلقية، استطاع الدكتور ذكي سليمان، وللمرة الأولى في لبنان والعالم، أن يعطي الفتاة مهبلاً لتعيش كأيّ فتاة أخرى.
تشهد الجراحات التجميلية تطوراً سريعاً. وعلى الرغم من أن بعضها لا يرتبط بالجوانب الجمالية تحديداً، فإنها تؤدي دوراً مهماً في معالجة تشوّهات خلقية تؤثر كثيراً في حياة الناس، حتى أنها تعيقهم أحياناً عن ممارسة حياتهم الطبيعية.
ففي حالة نادرة، ولدت فتاة من دون رحم ومهبل بسبب تشوّه. إلا أن الدكتور ذكي سليمان، الطبيب اللبناني المتخصص في الجراحة النسائية والتوليد والجراحة بالمنظار في المركز الطبي التابع للجامعة اللبنانية الأميركية، تمكن من إجراء جراحة مبتكرة غير مسبوقة، فأعاد إليها مهبلها المفقود. وبفضل خبرته في التشوّهات الخلقية، استطاع، وللمرة الأولى في لبنان والعالم، أن يعطي الفتاة مهبلاً لتعيش كأيّ فتاة أخرى.
أيّ حالة تستدعي جراحة مماثلة؟
تعاني فتاة واحدة من كل 500 ألف فتاة تقريباً من حالة نادرة تعرف بمتلازمة Mayer-Rokitanski-Kuster-Hauser (MRKH). في هذه الحالة، تولد الفتاة من دون رحم أو مهبل، وقد تمر سنوات من دون تشخيص حالتها النادرة، "وربما لا تلجأ عائلتها إلى طبيب في البداية حتى يدرك الجميع أنها لا تستطيع الزواج ولا إقامة علاقة جنسية طبيعية بسبب غياب المهبل، ولا الإنجاب بسبب غياب الرحم"، كما يقول سليمان لـ"النهار"، مضيفاً: "في معظم الحالات، لا يتم التدخل الطبي المبكر، علماً أن حالة مشابهة في لبنان لم تُشخّص منذ عام 2006".
لكن، كيف تكتشف الفتاة وأهلها إصابتها بهذه المتلازمة؟
قد يتأخر هذا الاكتشاف حتى بداية دورتها الشهرية، في سن 16 عاماً أو أكثر. عادةً، لا تسبب هذه الحالة ألماً أو أعراضاً أخرى، لذلك غياب الدورة الشهرية مؤشرٌ أساسي. وإن لم تخضع الفتاة للفحوصات اللازمة، تبقى المشكلة كامنة من دون تشخيص، وبالتالي من دون علاج.
يطلب الطبيب إجراء تصوير بالأشعة الصوتية أو بالرنين المغناطيسي، وهذا يكشف عدم وجود مهبل أو رحم، بينما يكون المبيضان موجودين. وبالتالي، يمكن الفتاة أن تنجب في دول تسمح باستخدام أم حاضنة، لكنها لا تستطيع الحمل بشكل طبيعي.
كيف تجرى العملية؟
بحسب سليمان، تتم بطريقة من ثلاث: "في الأولى، يتم إحداث شقّ بين باب البدن والمثانة، وتؤخذ قطعة من الأمعاء لوصل ضفتي الشق. المشكلة الرئيسية في هذه الطريقة هي تعقيدها، إضافة إلى انبعاث رائحة كريهة بسبب استخدام الأمعاء. في الطريقة الثانية، تستخدم الخيوط التي تدخل في الجلد في المنطقة المعنية لشد الجلد من الداخل، للحصول على شق بحجم 3 سنتيمترات، وهذه عملية طويلة ويستغرق الانتهاء منها بين 6 أشهر وسنة".
يضيف سليمان: "أما الطريقة الثالثة، والتي تهدف إلى تكوين مهبل من غشاء الأمعاء، فيتم فيها تشكيل تجويف أو جيب يتحول إلى مهبل. تجرى العملية بالمنظار وتستغرق وقتاً قصيراً فيمكن للفتاة العودة إلى منزلها في اليوم نفسه".
يوضع ما يشبه الحقنة في الجيب للمساعدة في الحفاظ على الشق، ويشفي الجرح خلال أسبوعين. بعدها، يمكن إزالة الحقنة. وبعد الجراحة، يمكن الفتاة الزواج وإقامة علاقة زوجية طبيعية. وبمرور الوقت، يتحول غشاء الأمعاء إلى جلد، ويكون الوضع طبيعياً إلى حد كبير.
ويشير سليمان إلى أن هذه العملية تمت في دول عدة، "لكن الجديد فيها هو استخدام تقنية دقيقة جداً، تعتمد على صباغ يميز الأعضاء المعنية بالجراحة، ما يضمن الدقة العالية في التنفيذ، ويمنع حدوث أي أخطاء أو مضاعفات". وبحسبه، أصبحت تقنية ICG هذه متاحة حديثاً في لبنان، في ثلاث مستشفيات كبرى فقط.
هل العمليّة مرتبطة بالإنجاب؟
يؤكد سليمان أن الهدف من هذه العملية منح الفتاة مهبلاً كي تستطيع أن تعيش حياةً جنسية عادية طبيعية، "لكنها لا تتعلق بعملية الإنجاب بحد ذاتها، أما عملية زرع الرحم من أجل الإنجاب فعملية منفصلة، تتطلب أولاً إجراء عملية المهبل".
نسخ الرابط :