في الأيام الأخيرة، شهدت سوريا واحدة من أبشع المجازر الجماعية التي استهدفت الطائفة العلوية والأقليات، بمن فيهم الشيعة والمسيحيون، على يد جماعات تكفيرية مسلحة تقول إنها النظام الجديد في سوريا.
وحسب "المرصد السوري لحقوق الانسان"، أسفرت الهجمات العنيفة بالإعدامات الميدانية والمجازر والقتلى العشوائي، حتى إعداد هذا المقال عن استشهاد أكثر من 1,000 شخص، بينهم نساء وأطفال، إلى جانب عمليات تهجير قسرية، ونهب للممتلكات، واختطاف للمدنيين بالآلاف، فيما يبدو أنه حملة ممنهجة للإبادة الجماعية والتطهير العرقي وجرائم الحرب ضد الإنسانية، وعملية تغيير ديمغرافية ورغم فداحة هذه الجرائم، يقابلها المجتمع الدولي بصمت مشين.
الإبادة الجماعية: جريمة دولية موثقة
ووفقاً لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، تُعرَّف الإبادة الجماعية بأنها أي فعل يُرتكب بقصد تدمير مجموعة قومية أو عرقية أو دينية كلياً أو جزئياً، وتشمل:
القتل الجماعي واستهداف أفراد المجموعة بشكل مباشر.
إلحاق أذى جسدي أو نفسي جسيم بأفراد المجموعة.
فرض ظروف معيشية قاسية تؤدي إلى القضاء عليهم تدريجياً.
منع التناسل داخل المجموعة عبر العنف الجنسي أو التهجير القسري.
نقل الأطفال قسراً إلى جماعات أخرى بهدف طمس هويتهم.
ما يحدث الآن في سوريا، من مجازر جماعية واستهداف مبرمج للمدنيين العلويين والشيعة والمسيحيين ، يُشكِّل إبادة جماعية بكل المقاييس القانونية، حيث لا تقتصر عمليات الإبادة على القتل المباشر، بل تشمل محاولات ممنهجة لمسح الهوية الثقافية والدينية للأقليات.
التطهير العرقي: سياسة متعمدة أم فوضى الحرب؟
التطهير العرقي هو "إزالة مجموعة عرقية أو دينية من منطقة جغرافية محددة بوسائل العنف والإرهاب"، وهو ما يحدث الآن بشكل واضح في بعض المناطق السورية، حيث يتم تهجير الأقليات قسراً واستبدالهم بسكان جدد في إطار عملية إعادة هندسة ديموغرافية تهدف إلى فرض واقع طائفي جديد.
التهجير القسري للعلويين من بعض المناطق، وعمليات القتل العشوائي التي تستهدفهم، والاستيلاء على منازلهم وممتلكاتهم، ليست مجرد نتائج جانبية للحرب، بل هي سياسة ممنهجة تستهدف وجودهم بشكل مباشر.
جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية: انتهاكات بلا محاسبة
وفقاً لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن جرائم الحرب تشمل:
القتل العمد والتصفية الميدانية للمدنيين.
التعذيب والمعاملة اللاإنسانية بحق الأسرى والمعتقلين.
استهداف التجمعات السكانية بالقصف العشوائي.
نهب الممتلكات وتدميرها دون مبرر عسكري.
الجرائم ضد الإنسانية:
تشمل أي هجمات ممنهجة ضد السكان المدنيين، بغض النظر عن وجود نزاع مسلح.. ما نشهده اليوم في سوريا، من مجازر، وتهجير قسري، وتعذيب، وانتهاكات جسيمة ضد المدنيين العزل، يضع هذه الجرائم في إطار قانوني واضح يجعل مرتكبيها خاضعين للمحاسبة أمام المحاكم الدولية.
الصمت الدولي: تواطؤ غير معلن؟
رغم الأدلة الدامغة، لم يتحرك المجتمع الدولي ولا المنظمات الدولية بشكل جاد، واكتفت بعض الدول بإصدار بيانات إدانة عامة دون اتخاذ إجراءات فعلية. هذا التجاهل الدولي لا يشجع فقط على استمرار العنف، بل يبعث برسالة خطيرة مفادها أن قتل الأقليات في سوريا يمكن أن يتم دون أي عواقب.
دعوات للتحرك العاجل
في ظل هذه الجرائم، يطالب الناشطون الحقوقيون والمجتمع المدني بـ:
فتح تحقيق دولي مستقل في المجازر الأخيرة.
فرض عقوبات على الأطراف المتورطة في عمليات الإبادة والتطهير العرقي.
ضمان حماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المتضررين.
إحالة الجرائم إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة المسؤولين عنها.
هل يتحرك العالم قبل فوات الأوان؟
ما يحدث في سوريا ليس مجرد شبه حرب أهلية تستقوي فيها االكثرية على الاقلية، بل هو إبادة جماعية وتطهير عرقي وجرائم حرب ضد الإنسانية، يتم تنفيذها وسط تخاذل عالمي غير مبرر. استمرار تجاهل هذه الجرائم سيجعلها نقطة سوداء في تاريخ المجتمع الدولي، وسيترك تداعيات خطيرة على مستقبل حقوق الإنسان والعدالة الدولية. ويهدد الامن والاستقرار ليس في سوريا فحسب بل في المنطقة ككل.
المطلوب تحرك فوري وقوي، لا يقتصر على التصريحات، بل يشمل إجراءات ملموسة لحماية الأقليات ومنع تكرار مثل هذه المجازر، وإلا فإن التاريخ سيحكم بقسوة على هذا الصمت المريب.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :