كتبت رندلى جبوى
لفهم بيئة المقاومة جيداً، كان مهمّاً حضور التشييع يوم الأحد 23 شباط 2025.
ولكن قبل الغوص في هذا العنوان، أشير بداية إلى أن مشاركتي لم تكن إلا بداعي تقديري لسماحة السيّدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، ولمكانتهما، وبدافع مشاعري العارمة تجاههما.
أردت أن أودّعهما بكل دموعي لأنني أدرك حجم خسارتنا، ووجع فراقهما.
لم أذهب حاملةً قلمي، بل حاملةً قلبي وعقلي إلى محطة تاريخية لا تشبه إلاّها.
ولكنني بين الحشود الحاضرة، انتبهت إلى بعض التفاصيل التي تكشف وجه بيئة ليس من السهل اختراقها. ومن هذه التفاصيل:
أولاً ـ رغم وجودي بين مليون شخص وأكثر، لم ألمس أي فوضى أو ضغطاً أو بلبلة، بل كان كل شيء سلساً إلى حدّ التعجّب.
ثانياً ـ وأنا محاطة بعشرات الآلاف من الأشخاص داخل المدينة الرياضية، لم أسمع ضجيجاً أو ضوضاء أو عَكَرَة. الجميع هادئ إلا عند الهتافات التي تبدأ باللحظة ذاتها وتهدأ باللحظة ذاتها.
ثالثاً ـ مع ضخامة الحدث ومتطلباته التقنية، لم يحصل أي خطأ أو عطل بسيط حتى. لا مشكلة في الصوت ولا في الشاشات ولا في التنظيم ولا في كيفية سَيْر التشييع.
رابعاً ـ كل شيء كان مناسباً للمناسبة. الموسيقى التي تم اختيارها، الفيديوهات والصوتيات، فرقة الإنشاد، النعوش بين الناس، الشعراء والمقدّم والمتحدثون.
خامساً ـ التبرّك من عمامات السيّدين كان انعكاساً رائعاً لوفاء هؤلاء الناس وإيمانهم بمن رحل. ورمي الورود للمشيّعين حرّك فينا كل المشاعر المكبوتة، فانسكبت الدموع وحدها.
سادساً ـ عند مرور الطيران الحربي للعدو مرتين وعلى علوّ منخفض جداً كاد يلامس رؤوسنا، لم يرمش أحد، لم يرتجف أحد، لم يتحرّك أحد من مكانه. يا لها من بيئة متماسكة صامدة مؤمنة ولا تخشى الأعداء.
سابعاً ـ في التشييع، التقيت بالكثير من المفكرين والمؤثرين والإعلاميين المسيحيين والأجانب. ومع أنني لا أحب هذه التصنيفات في العادة، إلا أنه في بلد يُمذهب كل شيء ويضع كلاً في إطار، لا بد من التوقف عند هذه النقطة، خصوصاً أن هؤلاء حضروا بدافع عواطفهم لا مهنتهم والواجب والمصلحة.
ثامناً ـ الاطفال في عرباتهم الصغيرة، النساء، الشباب، الأجيال كلها كانت هناك، وهذا مشهد له معنى كبير. إنه حزب لا يشيخ.
وأخيراً، إن كثافة المشاعر الجماعية لها ثقلها أيضاً، وكل هذه النقاط السالفة تدلّل على من هي بيئة المقاومة ،ولماذا ليس من السهل أن تُهزم!
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :