تهريب مئات القرارات بـ"التربية": أتصلح كرامي ما أفسده الحلبي؟

تهريب مئات القرارات بـ

 

Telegram

 

 

إلى ما قبل مغادرته وزارة التربية ولغاية 5 شباط فقط صدّر الوزير السابق عباس الحلبي نحو مئتي قرار خلال فترة شهر واحد. وبمعزل عن أن القرارات تتناقض مع مذكرة الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي بحظر اجراء أي تعديل واتخاذ قرارات والالتزام بالمعنى الحرفي لتصريف الأعمال لعدم استغلال السلطة، يبدو أن الحلبي أمضى آخر شهر في الوزارة يوقع القرارات، ما يعني أنها كانت معدّة مسبقاً. غير ذلك السؤال الأساسي هو متى تمكن من مراجعة هذه القرارات قبل إصدارها؟ وهل عرضها على مجلس شورى الدولة ومتى؟ فغني عن البيان أن القرارات الوزارية التي لها طابع تنظيمي يجب عرضها على استشارة مجلس شورى الدولة وجوباً.

 

إعادة النظر بالقرارات

الوزيرة الحالية لوزارة التربية الدكتورة ريما كرامي ستكون أمام تحدي إعادة النظر بهذه القرارات المخالفة لمذكرة الميقاتي من ناحية، وللقانون من ناحية ثانية. وهي أمام تحدي الكشف عن التواريخ الفعلية لهذه القرارات لا تواريخ الإعلان عنها. فبعض هذه القرارات تضمنت إجراء مناقلات وظيفية، بما يخالف مذكرة الميقاتي، والبعض الآخر منها نتج عنها تشكيل لجان وتعيينات في مراكز حساسة، وسرعة اتخاذها في هذه الفترة الوجيزة تعني حكماً عدم اسشتارة مجلس شورى الدولة.

 

بما يتعلق بتسجيل القرارات لا يكفي سحب دفتر السجل السنوي للقرارات من مديرية الإدارة المشتركة ومراجعة تواريخها، بل يجب مراجعة تاريخ تبليغ الأشخاص المعنيين، بالقرار وتاريخ الإعلان عنها. ففي هذه المديرية التي ترأسها سلام يونس كان الوزير الحلبي يحجز أرقام قرارات "على بياض" بتواريخ تسلسلية. وعندما يعود ويصدر القرار لاحقاً يطلب تسجيله بتاريخ سابق بناء على الحجز المشار إليه، كما تكشف مصادر "المدن". وهذه إحدى إبداعات مستشاره القانوني القاضي سميح مداح. والغاية منها أنه يتم اكتشاف أي خطأ أو تجاوز في قرار مشكو منه، يتم العلاج من خلال اصدار قرار آخر بتاريخ قديم، لتدارك شوائب القرار الجديد. 

 

ينكشف أمر حجز القرارات "على بياض" من خلال مراجعة بعض قرارات الحلبي الأخيرة، والتي كانت بغزارة غير مسبوقة، لا يمكن وصفها إلا أنها أتت لاستغلال سلطته الاستنسابية في آخر أيامه الوزارية، ومن دون الالتزام بمذكرة الرئيس السابق ميقاتي. فبما يتعلق بالجامعة اللبنانية الكندية، التي منحت اعترافات بالجملة بشهادات الطلاب، يتبين أن القرارات لم تكن بتاريخ موحد، رغم أنها تعود للجامعة عينها وللاختصاص عينه أيضاً. فبحسب تواريخ القرارات التي تكشف التناقضات وكيف تسجل في دفتر السجلات، صدر بتاريخ 9 كانون الثاني القرار رقم 25/م/2025 (الاعتراف بدراسات وشهادات الطلاب الملتحقين ببرنامج بكالوريوس علوم في هندسة المعلوماتية والاتصالات) والقرار رقم 26/م/2025 (الاعتراف بدراسات وشهادات خريجي برنامج بكالوريوس في هندسة المعلوماتية والاتصالات)، أما قرارات الاعتراف بشهادات هندسة المساحة للجامعة فأتت بتواريخ مختلفة ليس عن التواريخ الأنفة الذكر بل للاختصاصات المتشابهة أيضاً. فقرار الاعتراف بدراسات وشهادات خريجي برنامج "بكالوريوس في هندسة المساحة" حمل الرقم 84/م/2025 في 16 كانون الثاني، فيما قرار الاعتراف بدراسات وشهادات الطلاب الملتحقين ببرنامج "بكالوريوس علوم في هندسة المساحة" حمل الرقم 122/م/2025 بتاريخ 22 كانون الثاني.

 

تشكيل مجلس التعليم العالي

بما يتعلق بتشكيل مجلس التعليم العالي يتبين من التواريخ أن قرار تشكيله 3/م كان بتاريخ 3 كانون الثاني، فيما تاريخ استبدال خبراء معينين لعضوية اللجنة الفنية الأكاديمية في التعليم العالي وفق القرار رقم 40/م كان بتاريخ 14 كانون الثاني. التناقض في هذين القرارين أن مجلس التعليم العالي تضمن أعضاء يحتلون منصب عضوية في اللجنة الفنية الأكاديمية قبل استبدالها. وبما أن القانون لا يبيح الجمع في التعليم العالي بين المنصبين. فهذا يعني أن هذه التشكيلات والتعيينات كانت مقررة في تواريخ سابقة على تواريخ صدورها رسمياً.

 

تشكيل لجنة الإطار الوطني

إضافة إلى قرارات المناقلات، والقرارات التي لها طابع تنظيمي، وأدت إلى تغيير وضع وظيفي، أو أكسبت أشخاص ومؤسسات حقوقاً (لا تمنح خلال فترة تصريف الأعمال)، يتبين من القرار رقم 215 بتاريخ الخامس من شباط أن الحلبي عمل على تشكيل لجنة لاقتراح إطار وطني للمؤهلات في التعليم والتعلم في إطار الخطة الخمسية للتعليم العالي 2023-2027. والمستغرب هو أنه بعد مضي سنتين على الخطة تقرر تشكيل هذه اللجنة في آخر أيام الحلبي هذا رغم أن محتوى وضع الإطار الوطني يأتي من ضمن المداميك النهائية للخطة المنسية. علماً أن الخطة تهدف إلى تعزيز مبدأ الحكومة والمساءلة وتعزيز الجودة وتطوير نظام لضمان جودة التعليم العالي معترف بها عالميًا. وتتضمن الخطة زيادة التمويل ومراقبة الأداء بما فيها طرق تمويل الجامعة اللبنانية هذا فضلاً عن وضع هيكليات لضمان إسهام التعليم العالي في توفير مهارات يحتاجها الاقتصاد اللبناني.

 

تألفت هذه اللجنة من تسعة أشخاص يمثلون الجامعات الخاصة والجامعة اللبنانية، لكن بعضهم لديه مناصب أخرى في لجان وزارة التربية. ما يعني أن اختيارهم أتى غب الطلب. ولم يعرف كيف تم اختيار الأعضاء، ووفق أي معايير، لا سيما أن مهام هذه اللجنة بغاية الأهمية، نظراً للتفاصيل التي تتضمنها الخطة الخمسية. وقد أتى تشكيل هذه اللجنة كتهريب في آخر أيام الحلبي، من دون أي إعلان أو أي عمل تشاركي، بمعنى مشاركة المجتمع وكل المعنيين في وضع الخيارات والسياسيات التربوية، التي تلقى على عاتقهم. وهذا أحد أهم المبادئ التي يفترض بوزيرة التربية الجديدة ريما كرامي تكريسه في وزارة التربية، كما يقول بعض الخبراء المحيطين بها. فهل تعيد كرامي النظر بكل هذه القرارات التعسفية.    

 

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram