على رغم التفاؤل الذي أبداه الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، بالتوصّل إلى اتفاق مع «قسد»، تستمر الاشتباكات بين الأخيرة وفصائل «الجيش الوطني» الموالي لتركيا، في محيط جسر قرقوزاق وسد تشرين في ريف حلب الشمالي الشرقي، منذ أكثر من 50 يوماً، وسط تصعيد جوي تركي. ويأتي ذلك في محاولة لمحاصرة مدينة عين العرب (كوباني)، وربط مناطق سيطرة «الوطني» في عفرين في ريف حلب الشمالي، بمناطقه في رأس العين وتل أبيض في ريفَي الحسكة والرقة.
وفي مقابلة مسلجة مع قناة «سوريا» الخاصة، قال الشرع إن «أولويتنا ضبط السلاح وحصره بيد الدولة»، وأكد رفضه «أي مساع لتقسيم سوريا أو انفصال أي جزء منها». وأشار إلى أن «قسد مستعدّة لحصر السلاح بيد الدولة، وهناك خلافات يجري حلّها. نتفاوض مع قسد، وهي تتوافق معنا في سيطرة الدولة على السلاح. لذا نحن متفائلون بشأن التوصّل إلى توافق». وتطرّق إلى موضوع الانتخابات، قائلاً إن «لدي تقديراً أن المدة ستكون تقريباً بين 4 إلى 5 سنوات وصولاً للانتخابات، لأننا نحتاج إلى بنية تحتية واسعة، وهذه البنية تحتاج إلى إعادة إنشاء وتحتاج إلى وقت».
وجاءت تصريحات الشرع في وقت قصف فيه الطيران الحربي والمُسيّر التركي نحو عشرة مواقع في ريف حلب، خلال الساعات الماضية، مستهدفاً كلاً من قلعة نجم في محيط جسر قرقوزاق، ومدرسة ومقراً في قرية الجعدة، ومحطة مياه شيوخ في ريف عين العرب، ما أدّى إلى مقتل وإصابة عدد من المدنيين والعسكريين. وبحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، فإن «568 شخصاً قُتلوا نتيجة المعارك الدائرة في محيط سد تشرين وجسر قرقوزاق منذ 12 كانون الأول، بينهم 55 مدنياً».
ولا تزال كل الأطراف في انتظار قرار واشنطن حول مستقبل القوات الأميركية الموجودة في سوريا، ونظرتها إلى التطورات السياسية الحاصلة هناك، ومدى استعدادها للتعامل مع السلطات الجديدة. وفي هذا الإطار، تحاول تركيا كسب موقف إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مجادِلة بأن أسباب دعم الولايات المتحدة لـ»قسد» لم تعد موجودة، بعد سقوط نظام بشار الأسد، ووجود سلطة جديدة من الممكن الاعتماد عليها في محاربة «داعش»، وإدارة ملف السجون والمخيمات التي تضم عوائل التنظيم. وأكّد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في تصريح، أن «الوحدات الكردية غير قادرة على محاربة تنظيم داعش، ودورها يقتصر على بقاء أسرى التنظيم في السجون»، معرباً عن أمله في أن «تُحل مسألة القوات الكردية في سوريا من دون إراقة دماء»، ومؤكداً أنه «ليست لدى تركيا أي فرصة للسماح للإرهاب بالاستمرار في سوريا».
في المقابل، دعا القائد العام لـ»قسد»، مظلوم عبدي، إلى «بناء دولة علمانية ومدنية لامركزية في سوريا، تعامل جميع مواطنيها على مبدأ المساواة بغضّ النظر عن دينهم أو عرقهم». وقال، في تصريح، إن «قسد لم تكن طرفاً في الاجتماع الذي تمّ فيه تعيين أحمد الشرع رئيساً، ولن نعلّق عليه»، مؤكداً أن «الأكراد لا يريدون الانفصال عن البلاد أو الحكم الذاتي كما هو الحال في إقليم كردستان العراق، لكنهم يرغبون في إدارة شؤونهم المحلية في دولة لا مركزية، وأن تظل سوريا دولة واحدة بحكومة مركزية في دمشق».
وجدّد رغبة «قسد» في أن «تكون جزءاً من وزارة الدفاع واستراتيجية الدفاع في سوريا، لكن التفاصيل لا تزال بحاجة إلى مناقشتها»، مشيراً إلى أنه «ينتظر رداً من دمشق على مقترح قدّمته قسد في هذا الشأن». ولفت عبدي إلى «استمرار زيارة مسؤولي قسد إلى دمشق، في محاولة للتوصل إلى تفاهم مع السلطات الجديدة»، مشدّداً على «ضرورة بقاء القوات الأميركية في سوريا»، ومحذّراً من أن «تنظيم داعش سيستفيد من هذا الانسحاب، ما سيؤثّر على المنطقة بأكملها». كما اعتبرت «الإدارة الذاتية» الكردية، في بيان رسمي، أن «المؤتمر الذي انتخب فيه أحمد الشرع رئيساً، غير قانوني، ولا يعبّر عما تطمح إليه المكوّنات في سوريا». وأضافت أن «القرارات الصادرة عن المؤتمر كان يجب أن تصدر عن مؤتمر وطني، بحضور جميع المكوّنات والطوائف والشرائح السورية».
من جهتها، كشفت مصادر مطّلعة، لـ»الأخبار»، أن «السلطات السورية الجديدة تواجه ضغوطاً مزدوجة ومتناقضة المطالب من كل من الولايات المتحدة وفرنسا من جهة، وتركيا من جهة أخرى»، مشيرة إلى أن «الأميركيين والفرنسيين يضغطون للتوصل إلى توافق سياسي مع قسد يجنّب البلاد حروباً جديدة، فيما تضغط أنقرة لاستغلال سقوط نظام الأسد والتحرك لإنهاء قسد عسكرياً». ورأت المصادر أن «الإدارة السورية تركّز جهودها على ترتيب الأمور الداخلية، ودراسة أسماء لتشكيل حكومة ومجلس تشريعي انتقالي، مع بعض الإجراءات الإدارية والاقتصادية»، مرجّحة أن «تتمسك بالطرق الدبلوماسية لحل ملف قسد سلمياً، لأن أي مواجهات عسكرية ستكون لها تداعيات على الاستقرار العام، وتؤخّر حالة الانفتاح العربي والدولي الشامل الذي تسعى لتحقيقه دمشق لرفع العقوبات والبدء بإعادة الإعمار».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :