يوم دخل هولاكو بغداد: دروس من التاريخ تُعيد نفسها

يوم دخل هولاكو بغداد: دروس من التاريخ تُعيد نفسها

 

Telegram

 

 

في عام 1258، دخل القائد المغولي **هولاكو** بغداد، عاصمة الخلافة العباسية، مُنهياً خمسة قرون من الحضارة الإسلامية الزاهرة. كانت تلك اللحظة نقطة تحول دموية في التاريخ، حيث قُتل العلماء والتجار والقضاة، ودُمِّرت المكتبات، وسُلبَت الكنوز. لكن القصة الأكثر إيلاماً كانت مصير الخليفة **المستعصم بالله**، الذي أصبح رمزاً للضعف والانهيار.  

 

*الخليفة المستعصم: بين الذل والخيانة

عندما دخل هولاكو بغداد، أمر جنوده بقتل كل من يقف في طريقهم، لكنه طلب الإبقاء على حياة المستعصم. كان الهدف واضحاً: الخليفة وحده يعرف مكان كنوز العباسيين المخبأة. أخذ المستعصم المغول إلى مخابئ الذهب والفضة والنفائس، بل ودلّهم على نهر مطمور من الذهب لم يكن أحد يعلم بوجوده سواه.  

 

عندما رأى هولاكو هذه الثروات الهائلة، قال للمستعصم: "لو أعطيت هذا المال لجنودك لكانوا حموك مني". لكن الخليفة لم يبكِ على الكنوز التي فقدها، بل بكى عندما بدأ هولاكو يستعرض الجواري الحسان من حريمه، البالغ عددهن 700 زوجة وسرية، بالإضافة إلى ألف خادمة. توسل المستعصم إلى هولاكو قائلاً: "مُنّ عليَّ بأهل حرمي اللائي لم تطلع عليهن الشمس والقمر".  

 

نهاية مأساوية

ضحك هولاكو من توسلات الخليفة، ثم أمر جنوده بوضع المستعصم في كيس من الخيش وركله بالأقدام حتى الموت. كانت نهاية مذلة للخليفة الذي كان يُفترض أن يكون رمزاً لقوة الإسلام ووحدته.  

كنوز خمسة قرون تُنهب في ليلة

يقول المؤرخون إن ما جمعه بنو العباس من ثروات على مدى خمسة قرون، نهبه المغول في ليلة واحدة. هذه الكنوز، التي كانت كفيلة بتمويل التعليم والبحث العلمي وبناء حضارة قوية، ذهبت أدراج الرياح.  

 

تدمير الحضارة: مكتبات بغداد تحترق

لم تكن الكنوز المادية هي كل ما فقدته بغداد. فقد أحرق المغول مكتباتها العظيمة، بما في ذلك **بيت الحكمة**، الذي كان مركزاً للمعارف والعلوم في العالم الإسلامي. قُذفت الكتب في نهر دجلة حتى تحول لون مياهه إلى الأسود من حبر المخطوطات المحترقة. كان هذا التدمير ضربة قاسية للحضارة الإسلامية، التي فقدت تراثاً علمياً وفكرياً لا يُقدَّر بثمن.  

 

ما أشبه اليوم بالبارحة

التاريخ يعيد نفسه، لكن بأشكال مختلفة. فكما أخذ هولاكو كنوز بغداد في ليلة، نرى اليوم كيف تُنهب ثروات الأمة بطرق أخرى. يقول البعض: "ما كان يكفي الأمة عدة قرون أخذه ترامب في ليلة واحدة"، في إشارة إلى السياسات الحديثة التي تستنزف موارد الشعوب العربية.  

 

درس لم يتعلمه العرب

لو أنفقت العرب ثرواتها على التعليم والبحث العلمي ومساندة بعضها البعض، لكانت اليوم من أقوى الأمم. لكن الغرور والانقسامات الداخلية جعلتها عرضة للاستغلال من قبل القوى الخارجية.  

 

الدروس المستقاة

1. الوحدة قوة: كان انقسام العالم الإسلامي في ذلك الوقت أحد الأسباب الرئيسية لسقوط بغداد. اليوم، لا تزال الانقسامات تعيق تقدم الأمة.  

2. الثروة ليست غاية: كنوز بغداد لم تنقذها من السقوط، لأن الثروة الحقيقية تكمن في العلم والمعرفة والقوة الذاتية.  

3. الاعتماد على الذات: الاعتماد على الآخرين، سواء كانوا حلفاء أو قوى خارجية، يؤدي إلى الضعف والانهيار.  

 

قصة سقوط بغداد ليست مجرد حدث تاريخي، بل هي درس قاسٍ عن أهمية الوحدة والحكمة في إدارة الثروات. ما أشبه اليوم بالبارحة، وما أشد حاجتنا إلى استخلاص العبر من التاريخ قبل أن تتكرر المأساة بأشكال جديدة.  

 

 

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram