طريق لبنان إلى الأمام: الجمع بين الزعامة المحلية والدعم الدولي

طريق لبنان إلى الأمام: الجمع بين الزعامة المحلية والدعم الدولي

 

Telegram

 

مستقبل لبنان سوف يتحدد من خلال الخيارات الصعبة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية. ومع ظهور قيادة قادرة في بيروت ووصول حزب الله وإيران إلى أدنى مستوياتهما، فإن لبنانا جديدا ممكن.

 يرى محللون أن للبنان طريق واحد نحو مستقبل أفضل وهو الجمع بين الزعامة المحلية والدعم الدولي، لكن الطريق ليس مفروشا بالورود أمام القيادة اللبنانية الجديدة. وبعد ملء الفراغ القيادي، تعهد الرئيس اللبناني الجديد جوزيف عون ورئيس الوزراء المكلف فياض سلام بالتحرك بسرعة لتشكيل حكومة قادرة على تلبية اللحظة، وهو هدف لم يتحقق بعد.

ويقول فادي نقولا نصار، مدير معهد العدالة الاجتماعية وحل النزاعات في الجامعة اللبنانية – الأميركية، في تقرير نشره معهد الشرق الأوسط إن الوعود التي ترفع التوقعات ولكنها تفشل في تحقيقها من شأنها أن تقوض الثقة المحلية والدولية في إمكانات لبنان.

ويضيف نصار أنه في تشكيل حكومة جديدة، يجب على رئيس الوزراء أن يظهر استعداده لتجنب الأعمال التجارية المعتادة في لبنان والتي تدعو جميع الأطراف إلى التنافس على الوزارات المختلفة والنفوذ المتنافس على حساب المصلحة الوطنية.

وبدلاً من ذلك، يجب على بيروت تشكيل حكومة كفؤة وقادرة على الوفاء بثلاث أولويات رئيسية هي إعادة تأكيد سيطرة الدولة، والإشراف على إعادة بناء شاملة وشفافة للمناطق المتضررة من الحرب، وتنفيذ الإصلاحات العميقة اللازمة لإنعاش الاقتصاد اللبناني المنهار.

وفي حين تم إضعاف نفوذ حزب الله وإيران، لا تنبغي الاستهانة بقدرتهما على عرقلة جهود لبنان لإعادة تأسيس دولة ذات مصداقية. ويشكل الدعم الدولي الحاسم مفتاحاً لتحييد المفسدين وتمكين القيادة اللبنانية من تحمل المخاطر اللازمة للتدخل وتشكيل حكومة فعّالة. ولكن هذه القرارات لا يستطيع اتخاذها إلا اللبنانيون إذا كانوا يريدون تأمين مستقبل بعيداً عن الصراع الذي لا ينتهي، والخراب الاقتصادي، وفشل الدولة.

ويجب أن يتحد الرئيس ورئيس الوزراء والحكومة الجديدة في قناعة راسخة بدعم وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الممتد مؤخراً والتزامات الحكومة اللبنانية القديمة والمهملة منذ فترة طويلة بفرض سيطرتها الكاملة على كل أراضيها وتأمين حدودها وفقاً لقرارات الأمم المتحدة.

ولا ينبغي للحكومة الجديدة أن تكرّر إخفاقات أسلافها من خلال تجنب قضية أسلحة حزب الله وعدم توافقها مع إنشاء دولة لبنانية شرعية. وإذا كان لبنان يريد أن يخرج من هذه الحرب كدولة ذات مصداقية، فإنه يحتاج إلى معالجة الخلل البنيوي الذي دفع لبنان إلى صراع لا يستطيع تحمله ولا يريده شعبه.

وفي قسمه الرئاسي، تعهد عون بأن الدولة ستحتكر القوة وستعود إلى “الحياد الإيجابي”، مما يعني فعلياً سحب لبنان من دائرة نفوذ إيران. ورغم أن رئيس الوزراء رد على مزاعم مفادها أن انتخابه استبعد أيّ شخص من الانتماء إلى الدولة اللبنانية، إلا أنه أوضح أيضاً أن الدولة لا بد أن تمد سلطتها الوحيدة على أراضيها.

وفي مشهد ما بعد الحرب، يبدو أن الهدف الإستراتيجي المتمثل في نزع سلاح حزب الله في متناول اليد. فقد خسر حزب الله ليس فقط حربه مع إسرائيل، بل وأيضاً الحرب في سوريا والجزء الأكبر من ترسانته، وهي خسارة مادية كبيرة قد لا تعوض أبداً.

وعلى المستوى التنظيمي، تم القضاء على قادته المؤسسين بشكل منهجي وتضاءلت سمعته؛ والآن تواجه المنظمة التحدي الهائل المتمثل في الاضطرار إلى تبرير هذه الخسائر ــ من دون شخصياتها الأكثر خبرة وكاريزما ــ أمام الناخبين الذين دفعوا ثمن الحرب. ولفترة طويلة، كان نفوذ حزب الله ينبع من الادعاء محلياً بأنه قادر على ردع الهجمات الإسرائيلية على لبنان فضلاً عن حقيقة مفادها أن راعيه الإيراني رأى في المجموعة جزءاً رئيسياً من عقيدة دفاعه الأمامي ضد إسرائيل.

وحطّمت حرب 2024 قدرة حزب الله على القيام بأيّ من الأمرين. وما يزيد الطين بلة أن آلية التنفيذ الفعلية الجديدة والوجود الإسرائيلي المستمر في جنوب لبنان يضغطان على حزب الله للاعتراف على مضض بخسارة بنيته التحتية العسكرية الإستراتيجية في الجنوب.

وفي أعقاب هذه النكسات الحرجة، سيواجه حزب الله ضغوطا هائلة للتنازل عن ترسانته المتبقية خارج تلك المنطقة العازلة، بين نهر الليطاني والخط الأزرق؛ ولن يأتي هذا الضغط من بيروت فحسب، بل وأيضا، إذا لعبت واشنطن أوراقها بشكل صحيح، من طهران.

ويحتاج لبنان إلى حكومة قادرة ورؤيوية ملتزمة بإعادة الإعمار الشفافة والشاملة والفعالة لجنوب البلاد والمناطق الأخرى المتضررة من الحرب. ويجب أن تعطي هذه العملية الأولوية لإشراك الأكثر تضررًا وتعزيز استثماراتهم في مستقبل حيث يكون الحكم موحدًا تحت دولة ذات سيادة.

ويجب أن تتجاوز إعادة الإعمار الطوب والإسمنت ويجب أن تشفي النسيج الاجتماعي الهش في البلاد، وتساعد النازحين، وتدعم اللاجئين، وتعيد بناء الثقة بين المواطنين وحكومتهم. وتشكل عملية إعادة الإعمار الشفافة التي تركز على الناس مفتاحاً لضمان إشراك المجتمعات التي مزقتها الحرب في مبادرات بناء الدولة في لبنان، وعدم ضياع المساعدات الإنسانية بسبب الفساد أو تحويلها إلى خزائن حزب الله.

وجلب حزب الله الحرب والدمار إلى ناخبيه والبلاد على نطاق أوسع. وفي معركة السرديات القادمة، يجب أن يُنظر إلى الدولة اللبنانية وشركائها بشكل مشروع على أنهم مسؤولون عن إعادة بناء هذا الضرر.

ويحتاج لبنان أيضا إلى إحياء اقتصاده. فمنذ عام 2019، وعلى الرغم من الاتفاق على مستوى موظفي صندوق النقد الدولي الذي يقدم مسارا للتعافي، فشلت القيادة اللبنانية ــ المتورطة في مصالح راسخة وملتزمة بحزب الله ــ عمداً في سن الإصلاحات اللازمة لفتح باب المساعدات الدولية أو تثبيت استقرار الأزمات المتزامنة في لبنان.

وكانت العواقب كارثية من ذلك انهيار القطاع المصرفي، وانهيار أنظمة التعليم والرعاية الصحية، وتجريد العملة من قيمتها، والخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه النظيفة التي أصبحت بعيدة المنال بشكل متزايد وتسيطر عليها المافيا التي تستغل الأسواق الموازية للمولدات الخاصة والطاقة الشمسية وخزانات المياه.

ويعتبر تنفيذ الإصلاحات العميقة التي وعد بها الرئيس الجديد ورئيس الوزراء أمرا بالغ الأهمية لاستعادة سلامة الدولة ومكافحة الفساد النظامي الذي حرم العديد من اللبنانيين ليس فقط من سبل عيشهم ولكن أيضا من الحق في العيش بكرامة.

ومع ذلك، لا يمكن التعامل مع هذه الإصلاحات بمعزل عن الاقتصاد أو الأمن أو التركيز على الحكم كما حدث في الكثير من الأحيان في الماضي. ويرى نصار أن المانحين الدوليين والقيادة اللبنانية الجديدة لا بد وأن يطبقوا نهجاً شاملاً وأن يفككوا الهياكل الموازية التي قوضت بشكل منهجي مصداقية المؤسسات العامة وسيادة القانون وسلطة الدولة.

ويعتبر الحد من سوء الإدارة المتفشي والاستيلاء على النخبة أو استعادة توفير الخدمات الأساسية، على الرغم من أهميته في إعادة ترسيخ الثقة العامة بالمؤسسات الحاكمة، أمر مستحيل طالما احتفظ حزب الله بالسلطة لفرض إرادته على الدولة اللبنانية. وعلاوة على ذلك، لا يمكن إعادة دمج لبنان بالكامل في الاقتصاد السياسي في المنطقة أو اجتذاب المستثمرين الإقليميين والدوليين طالما ظل حزب الله مسلحاً.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram