لبنان ساحة مُستباحة لـ"الحرب الإستخباراتية"... والكلّ مُستهدف دون استثناء
السياسات الخاطئة على مر العقود، والتي أدت إلى افقار الشعب اللبناني، مستثمراً بعض ضعاف النفوس، فاقدي المسؤولية والحس الوطني، جاعلاً من لبنان ساحة مستباحة لـ"الحرب الاستخباراتية" بشبكات تجسس "العمالة"، التي تلعب دورا محوريا في تزويد العدو بمعلومات حيوية.
فمشاكل لبنان السياسية والاجتماعية والاقتصادية استغلها الـ"موساد" لتوسيع شبكة عملائه، حيث تشير تقارير إلى أن الـ "موساد" يستهدف أفراداً يعانون ظروفاً اقتصادية صعبة، معتمداً أساليب الترغيب المالي والابتزاز في بعض الحالات، مستفيدا من التقدم التكنولوجي، وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، ومواقع التوظيف، محاولا الوصول إلى جميع الفئات، حيث لا يستثني أحداً يمكن أن يكون له منفعة.
ويعتبر أرباب الفكر الاستخباري في كيان العدو "الإسرائيلي"، أن المعلومات الاستخبارية التي مصدرها العنصر البشري - ممثلا في العملاء- أكثر دقة وأوسع استخداماً من المعلومات التي يمكن الحصول عليها بتوظيف التقنيات المتقدمة في عمليات التنصت والتصوير. يسرائيل حسون نائب رئيس المخابرات الداخلية "الإسرائيلية" ("الشاباك") سابقاً يؤكد "أن محصلة عمل الجيش والأجهزة الأمنية "الإسرائيلية" في أي ساحة عربية، ستكون صفرا لولا المساعدة الحاسمة التي يقدمها العملاء في هذه الساحة".
تجدر الإشارة إلى أن "مؤسسة الإستخبارات والمهمات الخاصة" هو الإسم الكامل لـ "الموساد" الذي يعتبر أحد أكثر أجهزة المخابرات السرية غموضا في العالم، وتحوطه السلطات "الإسرائيلية" بكتمان شديد، لدرجة أن إسم رئيس هذا الجهاز لا يعلن إلا بعد أن يصبح الرئيس السابق لـ "الموساد".
تأسس "الموساد" عام 1951 بقرار صدر عن أول رئيس وزراء للكيان "الإسرائيلي" دايفيد بن غوريون،على أنقاض الدائرة السياسية، التي عملت فى نطاق وزارة خارجية العدو، وكانت مهمتها الرئيسة جمع المعلومات خارج "إسرائيل". وقد عمل "الموساد" فى البداية تحت تسميات مختلفة، منها "المركز الرئيسي للتنسيق"، ثم "المؤسسة الرئيسة للاستخبارات والأمن" وانتهى أخيرا بظهوره بإسمه الرسمي الحالي.
ومع ازدياد الضغوطات الاقتصادية، باتت أجهزة الاستخبارات "الإسرائيلية"، تلجأ بشكل أكبر إلى منصات مثل "إنستغرام"، و"فيسبوك"، و"تويتر"، إذ تسعى لإيجاد عملاء جدد من خلال حسابات وهمية، يتم تجنيد الأفراد عبر مراقبة اهتماماتهم وجمع معلومات عن ظروفهم المالية. وفي هذا الإطار، حذرت المديرية العامة للأمن العام في بيان لها صدرعن مكتب شؤون الإعلام في المديرية يوم الاثنين ، المواطنين "من مخاطر التفاعل مع صفحة "سوا SAWA "على موقع "فيسبوك"، كونه من المرجح أنها عائدة لـ"لموساد"، وتهدف الى تجنيد المواطنين اللبنانيين للعمل لصالحهم".
وسابقاً حذرت قيادة الجيش – مديرية التوجيه في بيان لها العام الماضي خلال الحرب الهمجية "الإسرائيلية "على لبنان، من محتوى إعلامي يتم نشره من قبل العدو على بعض منصات التواصل الاجتماعي، مثل مقاطع الفيديو والروابط (links) والتطبيقات(applications) ، بهدف استدراج المواطنين إلى مواقع مخصصة للتجسس وجمع المعلومات أو تجنيد العملاء، محذرة المواطنين من خطورة الدخول إلى هذا المحتوى وتتبعه والتعامل معه.
وتضاعفت جهود "إسرائيل" لتجنيد العملاء عبر منصات مثل "LinkedIn" ومواقع التوظيف المتخصصة، إذ تشير التقارير إلى أن الغالبية العظمى من المجندين تسعى فقط للحصول على المال، ما يفتح المجال لاستغلال وضعهم المالي المتدهور، وبتكلفة أقل بكثير من الجواسيس التقليديين.
إن جريمة التجسس هي من أعظم الجرائم التي قد يرتكبها الإنسان ضد وطنه، وقد أثبت جهاز المخابرات في الجيش اللبناني خلال السنوات السابقة، قدرته على كشف شبكات التجسس وتوقيفها، ومنذ أيام أصدرت مديرية التوجيه في الجيش اللبناني بيانا أعلنت عن توقيف العميل اللبناني "في إطار متابعة مديرية المخابرات لنشاطات العدو "الإسرائيلي"، وسعيه إلى تجنيد عملاء، أوقفت المديرية المواطن (ح. ا) لتواصله مع مشغلين من جهاز المخابرات المعادي، وذلك بعدما أوهموه بأنهم تابعون لإحدى المنظمات الدولية"، وأضافت المديرية في بيانها أن "الموقوف زود مشغليه بمعلومات أمنية، ثم تورط في العمالة وانتقل إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث التقى مشغليه وتلقى منهم مبالغ مالية، وأحيل الموقوف على القضاء المختص".
وفي هذا الإطار، أصدرت عائلة المتهم بياناً أعلنت من خلاله التبرؤ من ابنهم، معتبرة أن ما قام به هو طعنة لكل فرد حر وشريف، "أنا شفيق علي أيوب، أتوجه باسمي وباسم عائلتي إلى أهلي الكرام في بلدتنا العزيزة بيت ليف، وجميع قرى الجنوب الحبيبة، معلنا أمام الله وأمامكم جميعا براءتي التامة والصريحة من حسن أيوب، الذي خان القيم والمبادئ ، وتواطأ على دمنا الطاهر، ضاربا عرض الحائط بكل ما تربينا عليه من شرف وكرامة وأخلاق" مضيفا " إن هذه الخيانة ليست مجرد طعنة لنا كعائلة، بل هي طعنة لكل فرد حر وشريف مؤمن بحقنا في العيش بكرامة والدفاع عن أرضنا وعزتنا".
ووفقا للقوانين في لبنان، يعد التواصل أو التعاون مع العدو الصهيوني أو العمل لمصلحته من أخطر الجرائم التي تهدد أمن الدولة واستقرارها الداخلي، ويعاقب القانون اللبناني بشدة على أي محاولة للتواصل أو التخابر مع العدو، أو العمل لتحقيق مصالحه، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر بحسب مصدر قانوني ، الذي قال "وفقا للمادة 278 والمادة 274 و 275 من قانون العقوبات اللبناني، يعاقب كل من يتصل بالعدو الصهيوني، أو يعمل على تحقيق مصالحه، بهدف الإضرار بالدولة اللبنانية أو زعزعة أمنها واستقرارها بالأشغال الشاقة المؤقتة أو الدائمة، وأي محاولة لإثارة الفتنة أو الانقسامات داخل لبنان لصالح العدو، تعد خيانة عظمى يعاقب مرتكبها بأشد العقوبات، بما في ذلك الأشغال الشاقة المؤبدة أو الإعدام في بعض الحالات".
وأوقفت الأجهزة الأمنية اللبنانية على مر السنوات عشرات الأشخاص بشبهة التعامل مع "إسرائيل"، وفككت العديد من الشبكات، وصدرت احكام قضائية في حق عدد من الموقوفين وصلت إلى حد 25 سنة في السجن.
وتجدر الإشارة إلى أن شبكات التجسس تلعب دورا محوريا في تزويد العدو "الإسرائيلي" بمعلومات حيوية ، حيث يتمحورعملها جمع المعلومات من خارج "إسرائيل"، عبر زرع العملاء والجواسيس في مختلف دول العالم، وخصوصا الدول ذات الأهمية الإستراتيجية، والدول العربية المؤثرة على أمنها وقدراتها العسكرية، كما تسعى لتجنيد اليهود الذين يتبوؤن مراكز مهمة في الدول الأجنبية، بهدف الحصول على المعلومات، خصوصا الأسرار التكنولوجية المتطورة، إضافة إلى التنسيق مع أجهزة الإستخبارات في الدول الصديقة في مجال الإهتمامات المشتركة، التي تحقق مصالح الجانبين وبخاصة المصالح "الإسرائيلية"، وتعمل على رصد النشاطات الإقتصادية والتطور التكنولوجي في منطقة الشرق الأوسط لمنع دولها، وخصوصا الدول العربية، من امتلاك أي تكنولوجيا متقدّمة تؤثر على ميزان القوى مستقبلاً، والعمل على بث التفرقة بين الدول العربية، لعدم حشد قواها ضد "إسرائيل"، ومتابعة الأنشطة والعمليات الموجهة ضد الأهداف "الإسرائيلية" في الخارج ورصدها.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي