من قمة الرياض إلى تكليف نواف سلام رسالة واحدة… إيران برا

من قمة الرياض إلى تكليف نواف سلام رسالة واحدة… إيران برا

 

Telegram

 

مثل تكليف نواف سلام بتشكيل حكومة جديدة للبنان، الإثنين 13 يناير الجاري، مفاجأة كبيرة في البلاد، لاسيما من ناحية عدد الأصوات المرتفع الذي حصل عليه في الاستشارات النيابية الملزمة مقارنة بمنافسه، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وبخلاف إرادة “الثنائي الشيعي” أي حزب الله وحركة أمل.

وأعلنت الرئاسة اللبنانية أن “سلام حصل على 84 صوتًا، بعد انتهاء الاستشارات النيابية في قصر بعبدا شرق بيروت، بينما لم يسم 35 نائبًا أي أحد، فيما صوّت 9 فقط للرئيس ميقاتي المدعوم من الثنائي، فهل هذا يحمل رسالة واضحة إلى الثنائي ومن خلفهما طهران، أنّ زمن التدخلات في الشأن اللبناني عبر حزب الله قد انتهى؟

على ما يبدو، أنّ الخسارة تقرأ من عنوان ما نطق به رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد، الذي توعد وهدد من نكث بالتسوية التي كشفها عن طريق ردّة فعله، حيث كان من المنتظر أن يعاد تكليف ميقاتي الذي شكّل مع الثنائي حلفًا ترجم عمليا بممارسة السلطة على مدى سنتين زمن الشغور الرئاسي.

لا يستطيع أحد أن ينظر إلى تسارع الأحداث في المنطقة على اعتبارها منفصلة، لأنّها في الواقع هي سلسلة من حلقات مترابطة، ولا يستطيع المتابع فهم مغزى القمة السعودية لأجل إعادة بناء سوريا، إلا بعد مروره بتكليف سلام لتشكيل حكومة لبنان.

أفادت وسائل إعلام سعودية، بأن الاجتماع الوزاري العربي المغلق الذي عقد في الرياض الأحد 11 يناير، أكد على دعم العملية السياسية بسوريا وفقًا للقرار 2254 الصادر من الأمم المتحدة بتاريخ 18 ديسمبر2015، والذي ينصّ على ضرورة تشكيل هيئة حكم انتقالية. وقالت الوسائل، إن الاجتماع عقد بالرياض بهدف بحث آخر التطورات السياسية والأمنية في سوريا، ومناقشة سبل دعم الشعب السوري في ظلّ الأوضاع الحالية، وتأكيدًا على الدور الريادي للمملكة العربية السعودية في القضايا الإقليمية والدولية، وسعيها الدائم لتعزيز العمل العربي المشترك.

في الشكل، أعاد الاجتماع سوريا إلى الحاضنة العربية، بعدما كان لدى البعض التخوف من أن تغرق سوريا في التماهي بالانزلاق كليًا نحو ما كانت تخطط له طهران من خلال عمليات الشراء للأراضي والتغيير الديمغرافي في أغلبية المناطق السوري. في الشكل، أظهر الاجتماع، أنه تمّ نقل الملف السوري بعد 8 يناير الجاري إلى الرياض، حيث خسرت كازاخستان مركزها كمكان للتلاقي والتحاور، بعد سقوط نظام بشار الأسد على يد المعارضة التي تسلّمت زمام المرحلة الانتقالية تحضيرًا لإعادة وضع دستور جديد للبلاد.

إذن، في الشكل تغيّر الكثير، حيث لم يعد الملف السوري يطرح في اجتماعات “الأستانة”، التي كانت موسكو تدعو إليها كل من طهران وأنقرة، للتباحث في كيفية تخفيض حدة التوتر وإرساء الاستقرار. بل نقل الملف اليوم إلى الرياض والدول الخليجية، فهذه الدول إلى جانب الاتحاد الأوروبي الوحيدة القادرة على طرح المبادرات وتنفيذها، لا بل وتمويلها وسط عجز أو تمنّع إيراني وروسي على تحقيق ذلك. فمن يذهب إلى سوريا يدرك حجم الإهمال في إعادة الإعمار رغم مرور سنوات على تكريس حدّ أدنى من الاستقرار في سوريا، فهذا العجز كان أحد أسباب فشل محادثات الأستانة، وهو بدوره قد يكون سبب نجاح محادثات الرياض.

أما في المضمون، فإن الاجتماع الوزاري الموسع في الرياض، كرّس واقعًا جديدًا في المنطقة، ودفع بالاتجاه نحو تفعيل دور دول الخليج في سحب بساط السيطرة من طهران، وفي إعادة تنظيم العلاقة بين الرياض وتركيا بعد علاقة أصابها الكثير من الغموض واللا”تلاقي” حول ملفات المنطقة، لاسيما تلك المرتبطة بدعم أنقرة لجماعة الإخوان المسلمين وما يتفرع عنهم، حيث تحاربهم المملكة تحت ذريعة أنهم يشكلون خطرًا على أمنها القومي.

لا تريد الرياض، كما الإمارات ومصر والأردن أن يحكم سوريا جماعة من خلفية الإخوان، لهذا بات مبررًا عند البعض حضور وزير الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، الذي زارت سوريا والتقت قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع، حيث أكّدت على لسان الاتحاد الأوروبي رفض أي كيان إسلامي في سوريا، مؤكدة أن الاتحاد لن يكون داعمًا لها.

إن نقل الملف السوري له دلالات إقليمية ودولية، من خلال تكريس واقع جديد يستند على تغييب وزير الخارجية الإيراني كما الروسي، وهذا يدفع بالمتابع إلى التعميق في القراءة، ليؤكّد أن إبعاد حضروهما ضروري وأساسي عن مشاكل المنطقة. وإنه رغم التقارب السعودي الروسي والذي برز في تقاطع المصالح بين الروسي والسعودي في ما يخصّ قرار مجموعة “أوبك بلاس” الذي جاء مخيبًا للآمال الأميركي، رغم الدعوات المتكررة للرئيس الأميركي جو بايدن في هذا الخصوص.

بغض النظر عن التوصيات التي خرج بها اجتماع الرياض، لكنّ الرسالة وصلت، شكلًا ومضمونًا، وإن العودة إلى الوراء باتت مستحيلة، رغم محاولات إيرانية لافتعال الفوضى التي تنظر إليها كبوابة عبور إلى سوريا، كما فعلت مع بداية الأزمة السورية عام 2011.

لا يمكن أن نقرأ التغييرات في الساحة السورية بعيدًا عما يجري في لبنان، حيث يُعتبر حزب الله أنه الخاسر الأكبر من عملية انتخاب قائد الجيش جوزيف عون رئيسًا للبلاد. وإن التهديد الذي أدلى به الحاج محمد رعد كان نتيجة شعور حزبه بالتخاذل في موضوع تسمية القاضي نواف سلام لتشكيل حكومة العهد الأولى.

تحت شعار “أمن سوريا من أمن لبنان”، تعمل المملكة العربية السعودية على إرساء واقع جديد في الساحتين اللبنانية والسورية، كشرط رئيسي لفتح الاعتمادات لإعادة الإعمار ولإتاحة الفرص للاستثمار. إنها المرحلة المقبلة التي ستفرض على المنطقة، والتي ستحدد مكانة سوريا كما لبنان في ظل المتغيرات القادمة والتي تعتبر أنّ تقليص الدور الإيراني في المنطقة مرحلة عنوانها “إيران برا.”

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram