هل ينجح عون وسلام في معالجة "الجرح" الميثاقي؟

هل ينجح عون وسلام في معالجة

 

Telegram

 

أما وقد حصل ما حصل في استشارات تسمية رئيس الحكومة التي أفضت إلى تكليف القاضي نواف سلام هذه المهمّة، من دون أن يحصل على أصوات الثنائي الشيعي، فإنّ السؤال الأكبر المطروح الآن هو: هل سيتمّ احتواء التداعيات وكيف؟

تختلف الروايات حول تفاصيل ليلة إزاحة نجيب ميقاتي الذي نام على وسادة الضمانات بعودته إلى السراي الحكومية، واستفاق على كابوس إخراجه منها لمصلحة سلام.

بالنسبة إلى «الثنائي»، لا مجال للالتباس او الاجتهاد في تفسير ما جرى. إنّه انقلاب موصوف على تفاهم مسبق حول رئاسة الحكومة، وهذا التفاهم الفرعي كان جزءاً عضوياً من الاتفاق الأساسي الذي تمّ على انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية. وبالتالي فإنّ «حزب الله» وحركة «أمل» يشعران بأنّهما تعرّضا إلى خديعة او «مكمن» استهدف إقصاء المكون الشيعي عن معادلة اختيار رئيس الحكومة، و»اغتيال» مبادرة حسن النيات التي أظهرها من خلال التصويت للعماد جوزاف عون في الدورة الثانية من جلسة انتخابه.

والرسالة التي كان يُراد إيصالها إلى «الثنائي» واضحة برأيه، وفحواها: «أنتم خسرتم الحرب مع إسرائيل وخسرتم الحرب في سوريا وسيتمّ التعامل معكم في كل الاستحقاقات على هذا الأساس ترجمةً لموازين القوى الجديدة».

بالطبع، حاول الحزب والحركة التعامل بأكبر مقدار ممكن من ضبط النفس مع الأمر الواقع المستجد، والسيطرة على الغضب الشديد الذي انتابهما، إنما مع إرسال إشارات واضحة في الوقت نفسه ومن قلب قصر بعبدا إلى مخاطر «المكمن» الذي نُصب لهما وتداعياته المستقبلية.

أما الرواية الأخرى لعملية «الإنزال السياسي» المباغت التي تمّت خلف خطوط «الثنائي» وميقاتي، فينفي أصحابها نظرية المؤامرة، وينكرون اي دور خارجي سواء كان سعودياً او اميركياً في قلب معادلة تسمية رئيس الحكومة، معتبرين انّ اللعبة كانت داخلية وديموقراطية من أولها إلى آخرها، واستندت إلى تقاطعات بين مجموعة من الكتل، تمّت حياكة خيوطها بعناية، الأمر الذي فاجأ «الثنائي» وسمح بفوز سلام بأكثرية 84 صوتاً.

وبمعزل عن الروايتين وأيهما أدقّ، فإنّ الكرة انتقلت الآن إلى ملعب رئيسي الجمهورية والحكومة الجديدين اللذين سيكون عليهما إصلاح ما «أفسده» الخلل الميثاقي في نتيجة الاستشارات الملزمة، لجهة ما تبدّى من محاولة لعزل فريق داخلي او تهميشه، بحيث بات مطلوباً أن يداوي التأليف «الجرح» الميثاقي الذي تسبب به التكليف. والأكيد، انّ رئيس الجمهورية جوزاف عون هو صاحب المصلحة الأكبر في إنقاذ انطلاقة عهده الذي عُلّقت عليه آمال كبيرة، من مأزق سياسي ـ وطني، سيهدّد زخم البدايات وبريق الانتخاب.

كذلك، فإنّ الرئيس المكلّف نواف سلام هو صاحب المصلحة الأكبر في حماية حكومته الأولى من خطر الإصابة بمرض «نقص المناعة» السياسية الذي ينتج من الإخلال بالتوازنات الداخلية، علماً انّ إطلالته الرسمية الأولى في قصر بعبدا عكست تفهمّه لحساسية الواقع اللبناني ورهافة تركيبته، عبر تأكيده انّه ليس من أهل الإقصاء والإبعاد بل من أهل الوحدة والشراكة الوطنية، وهو مدّ إلى «الثنائي» بدل اليد الواحدة اليدين معاً للإنقاذ والإصلاح وإعادة الإعمار.

يبقى أنّ العبرة تكمن في التنفيذ، واستطراداً إذا كان مهمّاً أن يمدّ سلام يديه الى «الثنائي» فإنّ الأهم هو ما ستحملانه إليهما حين يبدأ التفاوض بين الجانبين في استشارات التأليف غير الملزمة وبعدها.

ويكشف العارفون، انّه سبق لسلام أن بعث في مراحل سابقة رسائل إيجابية الى «حزب الله» تبدي الاستعداد للتعاون، عندما كان يُطرح اسمه لتولّي رئاسة الحكومة، ومعنى ذلك أنّ الأبواب بينهما لم تكن موصدة أصلاً، لكن الطريقة التي سُمّي فيها سلام لتشكيل الحكومة هي أصل الأزمة الحالية، ويفترض بالرئيس المكلّف أن يعالج مفاعيلها كقاضٍ قبل أن يكون رئيساً للحكومة.

صحيحٌ أن ليست مسؤولية عون ولا سلام أن تسمية الرئيس المكلّف جرت على هذا النحو، فالأول يحتسب الاصوات والثاني يتلقّى النتيجة، ولكن مسؤوليتهما هي معالجة الهواجس الطارئة وضمان تشكيل الحكومة، بما يراعي التوازنات. فهل ينجحان في هذا الاختبار؟

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram