لا يمكن توصيف عام 2024 إلا بالعام الأشد شراسة في تاريخ الحروب الإسرائيلية على لبنان حيث استشهد 4048 شخصاً وجُرح 16640 آخرون بينهم 791 سيدة و316 طفلاً خلال حرب إسرائيلية غير مسبوقة رداً على حرب المساندة التي بدأها "حزب الله" ووصلت إلى ذروتها في أيلول (سبتمبر) الفائت. فما أبرز محطات العام المنصرم الدموية في لبنان؟
على وقع استمرار المواجهة بين "حزب الله" وإسرائيل على طول الحدود الجنوبية، أطل عام 2024 بعد موجة من الغارات والاعتداءات الإسرائيلية تخللها الكثير من عمليات الاغتيال بواسطة المسيّرات والطائرات الحربية حيث أعلن عن مقتل أكثر من 500 شخص بين مدني وعسكري، وكان جلّ الذين قُتلوا من "حزب الله" فيما نعت حركة "أمل" أكثر من 18 مقاتلاً فضلاً عن "الجماعة الإسلامية" التي شاركت في المواجهات، وكذلك شارك الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي نعى عدداً من عناصره، إضافة إلى مشاركة فصائل مقاومة فلسطينية في مقدمها حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي".
كانون الثاني: اغتيال العاروري والطويل
في اليوم الثاني من عام 2024 نفذ الجيش الإسرائيلي أول عملية اغتيال في الضاحية الجنوبية لبيروت مستهدفاً القيادي في "حماس" صالح العاروري وستة من رفاقه في غارة على منطقة معوض، وبعد أقل من أسبوع اغتال القيادي في "حزب الله" وسام الطويل في بلدة خربة سلم (بنت جبيل)، إضافة إلى عدد من كوادر المقاومة في البلدة والبلدات المجاورة. رد "حزب الله" لم يتأخر حيث استهدف للمرة الأولى قاعدة ميرون الجوية في أعلى نقطة مطلة على الحدود اللبنانية، وبعدها تدحرجت المواجهات على طول الحدود.
أما في شهر شباط (فبراير) فكان التصعيد الإسرائيلي يتدحرج مع التسبّب بمجازر وخصوصاً في النبطية والصوانة ومجدل زون، فيما كان توسيع الهجمات يصل إلى بعلبك للمرة الأولى منذ عام 2006.
الشهر الثالث من عام 2024 شهد المزيد من استهداف المسعفين وخصوصاً في بلدة الهبارية حيث استشهد 7 مسعفين. وسجّل شهر آذار (مارس) رقماً قياسياً في عدد الشهداء الذي وصل إلى 25، ولم يتبدل المشهد في نيسان (أبريل)، وأيار (مايو)، وحزيران (يونيو) حيث استمرت المواجهات الحدودية واتسعت دائرة النيران سواء من جهة "الحزب" الذي استهدف ثكنات عسكرية جديدة وأوقع المزيد من القتلى والجرحى الإسرائيليين، وأيضاً كانت الاغتيالات تتواصل في الكثير من البلدات اللبنانية وخصوصاً في بلدة جويا (صور) عندما اغتالت تل أبيب القيادي ومسؤول وحدة "نصر"، واغتالت محمد ناصر (أبو نعمة) مسؤول وحدة "عزيز".
تموز (يوليو) اغتيال شكر في حارة حريك
حجز تاريخ 27 تموز (يوليو) مكانه في التصعيد المتدحرج مع إعلان الجيش الإسرائيلي أن صاروخاً للحزب أصاب أطفالاً وشباناً في بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل حيث قُتل 12 سورياً.
اتخذت تل أبيب من ذلك ذريعة لاغتيال أرفع قيادي عسكري في المقاومة هو فؤاد شكر (السيد محسن) بغارة على المبنى الذي كان فيه في حارة حريك، ما مثّل بداية انعطافة في المواجهات ولا سيما أن الحزب رد في 25 آب (أغسطس) مستهدفاً مراكز عسكرية واستخبارية في تل أبيب وذلك للمرة الأولى منذ حرب تموز 2006.
أيلول (سبتمبر) الأكثر دموية: 558 شهيداً في يوم واحد
يمكن اختصار ذروة الهجمات الإسرائيلية في شهر أيلول (سبتمبر)، فخلاله تصاعدت الغارات على الضاحية الجنوبية ووصلت إلى مكان وجود الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله. سبقت ذلك غارات على منطقة الجاموس (القائم) في الضاحية الجنوبية في 20 أيلول ما أدى إلى استشهاد 55 مدنياً من بينهم 7 أطفال، فيما نعى "حزب الله" القيادي إبراهيم عقيل (الحاج عبد القادر)، وعدداً من قادته العسكريين.
لكن يوم الـ23 من الشهر عينه كان الأكثر دموية من خلال غارات كثيفة استهدفت الكثير من المناطق اللبنانية حيث استشهد 558 شخصاً من بينهم 50 طفلاً، و94 سيدة فيما جرح 1835 آخرون.
وبعد يومين على المجازر المتنقلة، كانت بلدة المعيصرة الكسروانية على موعد مع مجزرة طالت النازحين وأبناء البلدة، وأيضاً توسعت المجازر إلى بلدة جون في الشوف، وكذلك إلى راس أسطا في جبيل، وبلغت حصيلة المجازر المتنقلة أكثر من 60 ضحية فضلاً عن إصابة أكثر من 220 آخرين.
استمرت الغارات بكثافة خلال الأسبوع الأخير من أيلول، وسجّل في 26 منه مقتل أكثر من 100 شخص وجرح نحو 280 من جراء المجازر.
27 أيلول (سبتمبر) اغتيال نصرالله
لم يكن متوقعاً أن تصل الغارات الإسرائيلية إلى مكان وجود الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، ولكن ما شهدته منطقة حارة حريك مساء الجمعة لم يكن مألوفاً حيث أسقطت الطائرات الإسرائيلية 83 طناً من الصواريخ الخارقة للتحصينات على مساحة جغرافية لا تتعدّى 1000 متر مربع، وبعد ساعات تبيّن أن المستهدف كان السيد حسن نصرالله مع عدد من قادة الحزب.
واستمرت الهجمات في الشهر عينه حيث بدأ مسلسل الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت بدءاً من منطقتي الليلكي والحدث ليتمدد تباعاً إلى كل أحياء الضاحية، ثم وصل إلى بيروت في 30 أيلول واستهدف شققاً سكنية في محلة الكولا، ومن بعدها بدأت الغارات على العاصمة التي وصل عددها إلى 20 غارة كان آخرها فجر الـ27 من تشرين الثاني (نوفمبر) وتحديداً قرابة الثالثة والنصف، أي قبل نصف ساعة من بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار.
تشرين الأول: استمرار المجازر وتصاعد وتيرة الغارات
لم يختلف شهر تشرين الأول (أكتوبر) عن سلفه وشهد بداية التوغل البري في أطراف بلدات الحافة الأمامية وخصوصاً في كفركلا، ولكن لم يُكتب لتلك "المناورة البرية" بحسب ما سمّتها تل أبيب، أن تنجح وظلت الفرق الإسرائيلية الثلاث المنتشرة من الناقورة غرباً وصولاً إلى شبعا عاجزة عن احتلال بلدات جنوبية.
وفي ذلك الشهر أعادت تل أبيب سيناريو الـ27 من أيلول حيث أغارت بـ73 طناً من الصواريخ الخارقة للتحصينات على منطقة المريجة في الضاحية الجنوبية، واغتالت رئيس المجلس التنفيذي في "حزب الله" السيد هاشم صفي الدين وقادة رفيعين في الحزب.
أما على صعيد الغارات، فارتفعت الوتيرة حيث وصل عدد الغارات إلى نحو 12000 غارة خلال عام، وسجلت أكثر من غارة خلال كل ساعة، وبحسب إحصاءات رسمية فإن عدد الغارات خلال تشرين الأول تخطى 3100، أي ما يزيد عن 100 غارة يومياً، ومثل ذلك العدد نحو 26 في المئة من عدد الغارات التي نفذت خلال أكثر من عام والتي وصلت إلى نحو 14000 غارة.
واستمرت المجازر في الجنوب والبقاع وبيروت وجبل لبنان وصولاً إلى أقصى الشمال، وسجل 29 تشرين الأول مقتل 86 شخصاً بينهم 60 في البقاع.
وخلال الشهر عينه كان استهداف فروع مؤسسة "القرض الحسن" في مختلف المناطق اللبنانية، واستمرت الغارات على الضاحية الجنوبية.
أما في الشهر الأخير من العدوان، فسجّل تشرين الثاني (نوفمبر) تصعيداً لافتاً ولا سيما بعد الفشل الإسرائيلي في التوغل خارج مسافة الـ3 كيلومترات، ما خلا الوصول إلى أطراف بلدة شمع في قضاء صور.
وبعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ فجر السابع والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) حتى أواخر كانون الأول (ديسمبر) سجل لبنان أكثر من 840 خرقاً إسرائيلياً ما أدى إلى مقتل 28 شخصاً فضلاً عن عمليات تفجير يومية في بلدات حدودية وخصوصاً في كفركلا والخيام وكذلك في مارون الراس ويارون وعيثرون، وشهدت بلدة الناقورة توغلاً إسرائيلياً مترافقاً مع عمليات تفجير واسعة النطاق، ولم تستطع لجنة الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وقف تلك الاعتداءات وأيضاً لم ينتشر الجيش اللبناني في المناطق الحدودية ما خلا مدينة الخيام وزيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزف عون لها.
ولم تتوقف الخروق الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار وتدحرجت من خلال التوغل البري في وادي الحجير وبلدات جنوبية عدة من دون أن تنجح لجنة الإشراف على تنفيذ الاتفاق في وقف الاعتداءات الإسرائيلية بعد أكثر من شهر على بدء سريان وقف إطلاق النار.
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي