عاش سكان قرى عدة في محافظة طرطوس على الساحل السوري، ليل الأحد - الإثنين، ساعات عصيبة وأجواء من الرعب، خلال تنفيذ إسرائيل عدواناً جوياً شمل 18 غارة استهدفت نقاطاً عسكرية ومستودعات أسلحة في تلك المنطقة. وكانت أكثر الغارات عنفاً، تلك التي استهدفت مستودعات بهمرين التي تقع على قمة جبل يطل على العديد من قرى الدريكيش شرق المحافظة، ما أدى إلى انطلاق صواريخ وانفجارها في جميع الاتجاهات، وجعل ليل السوريين نهاراً.
وإذ أوقعت الغارات إصابات بين المدنيين، فإن ما أثار القلق لدى سكان المنطقة كان عدم وجود أي رادع لإسرائيل عن استباحة أراضيهم. ووصف المواطن علي رحال من قرية مرسحين تلك الليلة بـ"أهوال يوم القيامة"، مضيفاً، في حديث إلى "الأخبار"، أنه "لم يبق في القرية بيت إلا وتضرّر من الانفجارات. لن ننسى شكل الجبل الذي تحوّل إلى كتلة من النار التي لا تهدأ. كما أدت شدة الضغط إلى تكسير زجاج جميع نوافذ بيوت القرية، وانطواء الأشجار في الأراضي الزراعية بمساحات كبيرة حول الجبل". وأشار رحال إلى أن "انفجارات الصواريخ المتتالية في المكان استمرت لأكثر من 9 ساعات، مع تحليق للطيران الإسرائيلي بين الحين والآخر فوق المكان"، وأوضح أن بيته يبعد 5 كيلومترات تقريباً عن مستودع الأسلحة المستهدف. "ومع ذلك، وصل إليه ضغط الانفجار ووهجه"، وتابع: "نريد أن نناشد من يهتمّ لأمرنا أن يتم على الأقل إنذارنا بالإخلاء قبل التفجير".
18 غارة على مدى 9 ساعات أحالت ليل طرطوس نهاراً
وأثار القصف في ذاكرة سونيا محمد من قرية بغمليخ، الخوف الذي عاشته يوم الزلزال الذي ضرب المنطقة قبل نحو عامين. وقالت، لـ"الأخبار"، إن ليلة القصف الإسرائيلي "تشبه تلك الليلة من حيث اهتزاز الأرض والصراخ وبكاء الأطفال وحالة الهلع التي أصابت الجميع في القرية". وأضافت: "في قريتي، كان هناك الكثير من الإصابات بجروح وحروق بسبب الشظايا أو حتى السقوط من التدافع، عدا عن حالات الاختناق بسبب الدخان الذي ملأ المكان. والخوف الأكبر كان من استمرار الانفجارات والحيرة بين إغلاق النوافذ والأبواب لمنع دخول الدخان أو فتحها حتى لا تنكسر فوق رؤوسنا من شده الضغط". وأشارت إلى أن "أي سيارة إسعاف أو إطفاء أو دفاع مدني لم تصل إلى القرية، فضلاً عن عدم وجود أيّ مستشفى في كل المنطقة لمن يريد الإسعاف بسيارته الخاصة، فالأقرب هو مستشفى الباسل في مدينة طرطوس".
أما أبو عدنان (70 عاماً) من قرية الجوبة فقال، لـ"الأخبار"، إن "شقا العمر كله راح في البيت. أما الجروح التي أصابتنا فلا تؤلمنا. ما يؤلمنا حقاً هو العجز وصوت الطيران الإسرائيلي الذي يتفقّد خسارتنا بعد كل ما اقترفه من مجازر". وشاركته زوجته حرقة القلب، قائلة إن "أقاربنا هربوا من مرسحين إلى قريتنا على باعتبار أنها تضررت بشكل أقل. لكن أين نهرب جميعاً من الضربات القادمة لإسرائيل التي لا ترحم".
وأفاد الطبيب محمد عمران، الذي يعمل في مستشفى "الباسل"، بدوره، "الأخبار"، بأن عدد الحالات التي وصلت إلى المستشفى تسع فقط، بين جروح وحروق بسيطة، وحتى الحالات التي لم تصل إلى المستشفى أو لم يستطع الإسعاف الوصول إليها، رغم كثرتها، هي إصابات سطحية لا تحتاج إلى مستشفى. وقال إن "سبب عدم وصول سيارات الإسعاف أو الإطفاء إلى القرى المتضررة هو الحرائق التي قطعت الطرق الواصلة بين القرى نتيجه الشظايا التي تناثرت في كل مكان. وحتى فوج الإطفاء الموجود في المنطقة، هو قريب جداً من النقطة العسكرية التي انفجرت، ما زاد الأمر صعوبة".
نسخ الرابط :