افتتاحية صحيفة الأخبار:
معنى أن تبقى في قلب المقاومة
ثمّة معايير كثيرة يمكن اللجوء إليها لتحديد الموقف من الحدث الكبير. هناك من يبتعد قائلاً إن ما جرى أمر يخصّ السوريين ولا شأن لنا بهم. وهناك من يجد في الانقلاب الذي جرى فرصة لتحسين أوضاعه في سوريا أو في جوارها. فيما يوجد أيضاً من عليه استشعار الخطر نتيجة التغييرات الجوهرية التي جرت.
كل فريق يقيس الأمر وفق ثوابته. والتجارب علّمتنا أن الناس يرسمون الأحداث بما يناسب مصلحتهم، فيصبح النقاش حول الحقائق أمراً مستحيلاً، حيث لا مرجعية تدقّق وتحكم، ولا قواعد قادرة على المحاسبة.
ولأن الأمر على هذا النحو، ماذا يفترض بنا نحن، أبناء تيار المقاومة الشاملة للاحتلال الإسرائيلي والهيمنة الأميركية في المنطقة، أن نفعل وأن نقول حول ما جرى؟
منذ 76 عاماً، طرأت تغييرات هائلة على بلداننا وعلى بلدان العالم. لكن ما بقي ثابتاً، وبقوة، هو الطاغية الأميركي، وذراعه الشريرة إسرائيل. ورغم كل ما أصاب العرب، فإن فكرة وفعل المقاومة ضد الاحتلال والهيمنة ظلّا في حالة نمو مطّرد. ونتائج المواجهة المندلعة منذ بدء طوفان الأقصى، تؤكد لنا أن المقاومة تبقى الخيار الوحيد في مواجهة آلة القتل الجاثمة في جوارنا.
باختصار شديد، كنا ولا نزال وسنبقى في قلب تيار المقاومة ضد الولايات المتحدة وإسرائيل. ولأننا كذلك، فإن موقفنا من أي تطور يحصل في بلادنا، يرتبط دائماً بحجم انعكاسه على المقاومة. ولأن الصورة واضحة تماماً، فإن النقاش حول ما جرى في سوريا لن يستقيم بفعل تطورات لا تزال في بدايتها. وحتى طموح الشعب السوري بدولة أفضل، يبقى رهن ما سيقع من تطورات، حيث لا تنفع التصريحات ولا حتى الحملات الإعلامية في توفير الأجوبة الحقيقية. وهذا الشعب الذي أُنهك بفعل أمور كثيرة، لن تحل مشاكله ساعات الانقلاب الكبير. والأسئلة ستبقى تطلّ برأسها كل صباح، حول من سيمسك بالقرار السياسي والأمني والاقتصادي في البلاد، وأي سياسة خارجية أو دفاعية ستعتمدها السلطة الجديدة، وأي نظام سيُعتمد لإدارة شؤون الأفراد وأحوالهم، وأي آلية ستعيد اللحمة إلى بلد انقسم على نفسه سياسياً واقتصادياً وطائفياً وإثنياً، ومن يمكنه تبديد هواجس الجماعات السورية بعدما ظهرت على حقيقتها في العقد الأخير؟
سيكون هناك الكثير مما ننتظره في سوريا، وسيكون الشعب السوري أمام فترة طويلة للتكيّف مع الواقع الجديد. وسنشهد هزّات ارتدادية للزلزال الكبير الذي حصل. لكنّ المشكلة، وهي الحقيقة القاسية، أن الأمر لن يكون متروكاً للسوريين وحدهم، بل سيحضر معهم، كل العالم، القريب منه والبعيد. وسيفرك الناس عيونهم كل صباح سائلين عن الحلم بما هو أفضل.
في ما يتعلق بنا في لبنان، كانت سوريا على الدوام في قلب المشهد اللبناني. وليس الأمر مقتصراً على وجوه سياسية وأمنية وعسكرية، بل لكون سوريا كانت ولا تزال في قلب النموذج الاقتصادي اللبناني. وللسوريين، من الأغنياء والفقراء على حد سواء، حصتهم في هذا النموذج. لكنّ الجماعات اللبنانية التي عملت جميعها مع الحكم في سوريا، قبل البعث وبعده، تنظر إلى ما يجري اليوم من زاوية ما يهمّها. ولا يحتاج السوريون إلى من يوضح لهم أن خصوم بشار الأسد من اللبنانيين لا يهتمون أصلاً لحقوق المواطنين السوريين. كما يعرف السوريون جيداً، رجال أعمال أو عمالاً أو طلاباً وحتى فنانين، أنماط العنصرية اللبنانية المَقيتة ضدهم، وهي عنصرية لا تقتصر على طائفة لبنانية معينة، بل تشمل كل الطوائف، حتى ولو أن بين خصوم الأسد من ينظر إلى ما جرى على أنه فرصة له للنيل من خصومه في لبنان.
في هذه النقطة بالتحديد، يعود مجانين لبنان إلى «لعبة الحسابات الخاطئة». وتشير ردود الفعل الأولية إلى أنهم لم يتعلموا من دروس الماضي. بل يسيرون بأقدامهم، نحو دوامة جديدة من الرهانات، التي قد تتسبب بخراب كل شيء. وإذا كان خصوم الأسد، يعتقدون بأن سقوطه سيشكل فرصة للنيل من المقاومة في لبنان، فهؤلاء، مرة أخرى، يفكّرون بطريقة خاطئة، إذ يعتقدون بأن المقاومة في لبنان استمدّت قوتها من نظام الأسد. ولذلك، يراهنون اليوم على أن أي حكم جديد في سوريا، معادٍ للمقاومة وحزبها الأبرز في لبنان، سيسمح لهم بفرض أجندتهم السياسية داخلياً.
ستُحرق أيام كثيرة قبل معرفة حقيقة الوجهة الجديدة لسوريا في لبنان. لكنّ احتمال أن ترفع أميركا العقوبات عن سوريا، وتسمح للدول العربية بالاستثمار فيها من جديد، لن يكون كرمى لعيون من يعتقد بأنه ثار من أجل حقوقه المدنية. فالشرط الأميركي الذي وُضع على الأسد لا يزال على الطاولة، وفي حال قبل الحكم الجديد به، فيعني أن عليه التخلي فعلاً لا قولاً عن قضية فلسطين، ولن تبادر أميركا إلى أي خطوة ما لم تتأكد من أن الحكم الجديد سيعلن خروج سوريا من الصراع العربي - الإسرائيلي أولاً، ثم الانضمام إلى التحالف المواجه لإيران وحلفاء المقاومة في لبنان وفلسطين.
سنسمع الكثير عن الوعود حول حقوق الأفراد، وحول العيش بعيداً عن الحروب، وعن حرية التعبير والاعتقاد والتصرف السياسي، لكننا سنسمع أكثر عن عقبات سببها متطلبات المرحلة الانتقالية، والظروف الطارئة التي تحول دون تحقيق المطالب الآن. كما سنسمع عن السلطة الحازمة بحجة منع انهيار البلاد، والحاجة أولاً إلى إسقاط الحواجز بين الأقليات والأكثريات السياسية أو الطائفية أو الإثنية. وسنجد السوريين منخرطين في نقاش كبير، لكنّ الخوف يسكنهم، خشية نقلهم سريعاً من مرحلة العمل على تغيير النظام، إلى مرحلة الصراع على بناء النظام الجديد.
المهم، بالنسبة إلينا، ليس بقاء الأسد أو سقوطه، المهم هو أن سوريا، ستبقى مكاناً قائماً في الجغرافيا كما في التاريخ، والأهم هو أن السوريين سيظلون يعيشون معنا وإلى جانبنا، وسنجد أنفسنا نحتاج إليهم في أمور كثيرة، كما يمكن لنا أن نفيدهم في أمور كثيرة أيضاً. لكنّ الأساس، هو في هوية الواقف عند الأبواب الكبيرة، سامحاً للناس بالعبور والتواصل مع الآخرين.
في لبنان، الأغبياء من العنصريين الذين يكرهون كل ما هو آتٍ من سوريا سيظلون على غبائهم، ولا يبدو أنهم سيتغيّرون، لكنهم سيجدون أنفسهم قريباً في موقع المُحبط من التغيير الذي جرى، وسيعودون من جديد إلى لحنهم الانعزالي عن المحيط، خصوصاً بعدما سقطت من أيديهم ذريعة النظام، إذ إن هؤلاء لا يعرفون معنى أن يكون لبنان في علاقات تفاعلية وطبيعية مع سوريا، بل تقودهم فوقيتهم إلى الاعتقاد بأن في مقدورهم إدارة السوريين بحسب ما يعتقدون بأنه الأفضل؟
مع كل ما سبق، فإن التحدي الجدّي المطروح أمامنا، خصوصاً بعد انهيار نظام الأسد في دمشق، هو نفسه التحدّي الذي يقوم في وجهنا منذ قيام إسرائيل، ومن لا يقف برهة واحدة، امام مشهد الوحش الموجود بالقرب منا. هو الوحش الذي يواصل قتل الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، ويحاول ان يفرض بالنار شكل وقف الحرب في لبنان، و الذي بادر فور الاعلان عن سقوط الاسد، الى شن اعنف غارات على سوريا منذ حرب العام 1973، وحيث يريد ان يبقي سوريا مسرحا لعمله الامني والعسكري، بعدما باشر توسيع احتلاله لمناطق قريبة من الجولان، وحيث سرع العمل في خطة اقامة «دويلة مذهبيةط يكون لها قيادتها في داخل الكيان المحتل، ولها امتداداتها صوب لبنان ايضا...
ان السعي الى بناء دولة طبيعية في سوريا، هو مطلب بديهي، لكن من المعيب بعد كل ما عشناه في هذه المنطقة، ان نركض خلف وهم ان استقلال بلادنا ممكن من دون التصدي لاسرائيل ومن خلفها اميركا،
بهذا المعنى، فإن شيئاً لن يتغيّر في معنى أن تكون باقياً في قلب تيار المقاومة من دون تردّد.
*********************************************
افتتاحية صحيفة الديار:
سقوط النظام في سوريا: هل تتجه المنطقة لتسوية كبرى او فوضى عارمة؟
الجيش اللبناني يتخذ تدابير استثنائيّة لحماية السّلم الأهلي
ما لم تحققه المعارضة السورية المسلحة خلال 13 عاما، حققته صفقة دولية لم تتضح كل معالمها بعد بظرف 13 يوما. فسقطت المحافظات السورية الواحدة تلو الاخرى بيد المعارضة وصولا الى سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد ليل السبت - الأحد. تطورات دراماتيكية كبرى تشهدها سوريا ومعها كل المنطقة التي تبدو مصدومة من تسارع الاحداث منذ ايلول الماضي وحتى يومنا هذا. ما يضعنا امام سؤال كبير:»هل نتجه الى تسوية كبرى او فوضى عارمة؟»
ما هو مؤكد حتى الساعة ان النفوذ الايراني يتراجع في المنطقة على حساب نفوذ اميركي- تركي من دون ان يتضح الدور العربي في هذه المرحلة ولا موقف موسكو الحقيقي من كل ما يحصل.
الموقف الروسي - الايراني
ففيما تردد ان اتفاقا تم التوصل اليه بين «أطراف أستانا»، روسيا وايران وتركيا قضى بالترتيبات التي شهدتها سوريا بالساعات الماضية ولحظ ابقاء مناطق السّاحل السّوري راهنا وبالتحديد طرطوس واللاذقية، مناطق آمنة للمسؤولين السوريين مع تعهد عدم دخول الفصائل المسلحة اليها، أعلنت وزارة الخارجية الروسية انها تتابع الأحداث «المأسوية في سوريا بقلق بالغ»، مشيرةً إلى أنّ «نتيجة للمفاوضات بين الرئيس السوري بشار الأسد وعدد من أفرقاء النزاع المسلح في سوريا، قرر الأسد ترك منصبه ووجه بنقل السلطة سلميا وغادر البلاد». وأكدت الوزارة أن روسيا لم تشارك في هذه المفاوضات.
وفيما حاول الرئيس الاميركي الجديد المنتخب دونالد ترامب الايحاء بأنه استغرب ما حصل في سوريا، معتبرا ان «سقوط الأسد أمر مدهش لأنه بقي لسنوات في ظل ظروف أكثر سوءاً وفجأة بدأ المتمردون الاستيلاء على مساحات كبيرة»، أكدت وزارة الخارجية الإيرانية أن «طهران مستمرة في دعم الآليات الدولية، وبخاصة قرار مجلس الأمن 2254 لمواصلة العملية السياسية في سوريا»، واشارت الى ان «مصير سوريا هو مسؤولية الشعب السوري وحده ويجب أن يتحدد دون فرض أجنبي أو تدخل هدام».
اسرائيل تتمدد
ولعل التطور الابرز بعد سقوط النظام السوري كان اعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو انهيار اتفاق «فض الاشتباك» لعام 1974 مع سوريا بشأن الجولان، وأنه أمر الجيش بـ «الاستيلاء» على المنطقة العازلة حيث تنتشر قوات الأمم المتحدة.
ولفت نتانياهو، الى أن «سقوط نظام الأسد يخلق فرصا جديدة ومهمة جدا لإسرائيل، لكن الأمر ليس خاليا من المخاطر». وقالت القناة 12 الإسرائيلية ان قوات إسرائيلية دخلت إلى عمق 14 كلم في الأراضي السورية، فيما أفادت هيئة البث الإسرائيلية ان «إسرائيل قصفت مركز البحوث العلمية في دمشق حيث تدار برامج أسلحة كيميائية وصواريخ باليستية».
وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن قرارا اتخذ في وقت سابق أمس الأحد، بنشر قوات للجيش في منطقة عازلة تخضع لرقابة الأمم المتحدة على الحدود مع سوريا في إطار خطة لضمان حماية كل الإسرائيليين الذين يقطنون هضبة الجولان.
مشهد خطير
ونبهت مصادر لبنانية واسعة الاطلاع الى خطورة المشهد، معتبرة ان «المنطقة ومنذ اغتيال الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله دخلت منعطفا خطرا، واليوم مع سقوط النظام في سوريا وعدم اتضاح ما سيرسو عليه الوضع هناك دخلنا منعطفا اخطر»، لافتة في تصريح لـ «الديار» الى انه «لا لبس ان هناك صفقة دولية ادت الى عملية تسلم وتسليم بدأت في حلب ووصلت الى دمشق بحيث لم تسجل اي معركة حقيقية طوال الايام الـ13 الماضية، لكن ما هو غير معلوم حتى الساعة ما اذا كانت هناك تفاهمات حول من سيحكم سوريا ووفق اي دستور واي دور سيكون لهيئة تحرير الشام ومحمد الجولاني؟ ما مصير المنطقة الكردية وهل تتجه سوريا الى التقسيم؟»
واعتبرت المصادر انه «في ظل كل هذه المعمعة، لا يبدو واضحا كيف سيكون انعكاس ما يحصل على لبنان، وما اذا كانت اسرائيل سلتزم بما ورد بقرار وقف النار بعد انتهاء مهلة الستين يوما، ام ستتمسك بالبقاء في المناطق التي تحتلها راهنا».
مرحلة انتقالية؟
وكانت وزارة الخارجية السورية بعد سقوط النظام اعتبرت أنّ «اليوم، تُكتب صفحة جديدة في تاريخ سوريا، لتدشّن عهدًا وميثاقًا وطنيًّا يجمع كلمة السّوريّين، يوحّدهم ولا يفرّقهم، من أجل بناء وطن واحد يسوده العدل والمساواة، ويتمتّع فيه الجميع بكل الحقوق والواجبات، بعيدًا عن الرّأي الواحد؛ وتكون المواطنة هي الأساس». وأعلنت الوزارة في بيان، «أنّها وبعثاتها الديبلوماسيّة في الخارج ستبقى على عهدها بخدمة الاخوة المواطنين كافّة، وتسيير أمورهم، انطلاقًا من الأمانة الّتي تحملها في تمثيل الشّعب السّوري، وأنّ الوطن يبقى هو الأسمى».
وتحدث رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في الخارج هادي البحرة لـ «رويترز» على هامش منتدى الدوحة أمس، عن ان «سوريا يجب أن تشهد فترة انتقالية مدتها 18 شهرا لتوفير بيئة آمنة ومحايدة وهادئة من أجل إجراء انتخابات حرة». ورأى البحرة انه يتعين وضع مسودة دستور خلال ستة أشهر، ستكون أول انتخابات تجرى بموجبه استفتاء عليه. وأضاف «الدستور سيحدد ما إذا كانت سوريا ستتبع نظاما برلمانيا أو رئاسيا أو مختلطا، وعلى هذا الأساس ستجرى الانتخابات ويختار الشعب زعيمه». وأوضح ان «المعارضة طلبت من موظفي الدولة الاستمرار في الذهاب إلى أعمالهم لحين انتقال السلطة وأكدت لهم أنهم لن يتعرضوا لأي أذى».
تدابير استثنائية في لبنان
اما في لبنان، فقد ظل الترقب الحذر سيد الموقف فيما كثفت كل الأجهزة الامنية اجراءاتها في الداخل وعلى الحدود. وقالت قيادة الجيش اللبناني - مديريّة التّوجيه، في بيان، أنّ «في ظلّ التّطوّرات المتسارعة والظّروف الدّقيقة الّتي تمرّ بها المنطقة، تتابع قيادة الجيش الوضع على الحدود وفي الدّاخل، منعًا لأيّ تهديد للسّلم الأهلي». واشارت المديرية الى انه «تم تعزيز الوحدات المكلّفة مراقبة الحدود الشّماليّة والشّرقيّة وضبطها، بالتّزامن مع تشديد إجراءات المراقبة، كما تنفّذ الوحدات المنتشرة على مساحة لبنان تدابير استثنائيّة لحفظ الأمن وحماية السّلم الأهلي».
وتابع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الاوضاع الامنية في البلاد، ولا سيما على الحدود مع سوريا، في خلال اتصال مع قائد الجيش العماد جوزيف عون وقادة الاجهزة الامنية.
وشدد رئيس الحكومة» في خلال هذه الاتصالات على أولوية التشدد في ضبط الوضع الحدودي والنأي بلبنان عن تداعيات المستجدات في سوريا».
كما دعا رئيس الحكومة» اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم الى التحلي بالحكمة والابتعاد عن الانفعالات، خصوصا في هذا الوقت الدقيق الذي يمر به وطننا».
واجرى رئيس الحكومة ايضا اتصالا بالامين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية وطلب منه التواصل مع «الهيئة الوطنيّة للمفقودين والمخفيين قسراً في لبنان» التي تم إنشاؤها بموجب القانون105 /2018 الخاص بالمفقودين والمخفيين قسراً، ومع لجنة معالجة قضية اللبنانيين المعتقلين في سوريا المؤلفة بموجب القرار رقم 2005/43.
وشدد رئيس الحكومة «على وضع كل الامكانات المتوافرة والتواصل مع الجهات المعنية في ضوء الافراج عن مئات السجناء من السجون السورية».
وعلى الاثر ومن جهته، اتصل الامين العام لمجلس الوزراء بالهيئة واللجنة، وطلب منهم الاجتماع بصورة عاجلة لاجراء الترتيبات اللازمة لمتابعة الملف. وتبلغ ان الهيئة واللجنة ستجتمعان في الساعات المقبلة.
*********************************************
افتتاحية صحيفة النهار:
"معظم لبنان" يحتفي بالسقوط المدوّي للأسد تحركٌ عاجل للحدود واسترداد السجناء اللبنانيين
كما كل بلدان المحيط وأكثر، بدا لبنان معنياً بالحدث السوري الذي بلغ ذروة الإذهال بسقوط نظام بشار الأسد على نحو متسارع لا يصدق حاملاً مع سقوطه أسراراً لا بدّ من انكشافها في قابل الحقبة المصيرية الغامضة التي دخلتها سوريا ويستحيل اطلاق سيناريوات متسرعة حول طبيعتها حالياً. فجر الثامن من كانون الأول، صار تاريخاً مفصلياً يعني لمعظم الفئات والطوائف والقوى اللبنانية، ولا سيما منها القوى السيادية والاستقلالية التي تحالفت طويلاً ضمن ثورة 14 أذار 2005 على أساس تحرير لبنان من الوصاية التي فرضها النظام الأسدي طويلاً على البلد، إن بعضاً من العدالة حلّ لشهداء “حرب الاغتيالات” كما لألوف السجناء والمفقودين اللبنانيين في السجون السورية كما لضحايا حروب النظام السوري “البائد” والساقط حديثاً.
لم يكن يوم أمس بالنسبة إلى اللبنانيين إلا يوم انفعالات مبررة بالكامل بإزاء سقوط نظام بشار الأسد قبل بدء التطلع إلى ما سيحل بسوريا بعد اسقاطه وتولي الفصائل المسلحة والمعارضة سلطة الأرض الآن تمهيداً لما سيأتي لاحقاً من تطورات. ووسط انفعالات الحفاوة بسقوط هذا النظام، طرحت بسرعة استحقاقات أمنية لا تحتمل تريثاً، منها ما يتصل بواقع جديد على الحدود البرية الشرقية والشمالية مع سوريا حيث يضاعف الجيش اللبناني قدراته البشرية والآلية للإمساك بزمام الأمور.
كما طرح على الفور ملف السجناء المفرج عنهم من السجون والمعتقلات السورية والسعي العاجل إلى كشف أعدادهم وأماكن وجودهم واسترجاعهم إلى لبنان. واقترن طرح هذه الملفات بمعطيات ذات دلالات كبيرة تؤكد “عودة” كاملة ناجزة وقسرية لعناصر “حزب الله” الذين كانوا في سوريا مع ما يعنيه سقوط النظام من تداعيات هائلة على الحزب في ظل تلقيه ضربات استراتيجية موجعة متلاحقة. كل هذا ظل دون الانطباعات الاستثنائية التي اجتاحت لبنان حيال سقوط النظام الذي طالما تلاعب بمصير البلد لعقود بوصاية مباشرة أو غير مباشرة، وأخيراً سقط…
التعامل الرسمي
على المستوى الرسمي المواكب للحدث الكبير، ذُكر أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تابع الأوضاع الأمنية في لبنان، ولا سيما على الحدود مع سوريا في خلال اتصال مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون وقادة الاجهزة الأمنية، وأكد على “أولوية التشدد في ضبط الوضع الحدودي والنأي بلبنان عن تداعيات المستجدات في سوريا”، كما دعا “اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم إلى التحلّي بالحكمة والابتعاد عن الانفعالات خصوصاً في هذا الوقت الدقيق الذي يمر به وطننا”. وأجرى ميقاتي أيضاً اتصالاً بالأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية وطلب منه التواصل مع “الهيئة الوطنيّة للمفقودين والمخفيين قسراً في لبنان” التي تم إنشاؤها بموجب القانون105 /2018 الخاص بالمفقودين والمخفيين قسراً، ومع لجنة معالجة قضية اللبنانيين المعتقلين في سوريا المؤلفة بموجب القرار رقم 2005/43 وشدد على “وضع كل الإمكانات المتوافرة والتواصل مع الجهات المعنية في ضوء الافراج عن مئات السجناء من السجون السورية”.
“انفجار ترحيبي”
وأما على المستويين الشعبي والسياسي، فباستثناء المناطق المحسوبة على الثنائي الشيعي، انفجرت معظم المناطق اللبنانية بالاحتفالات ترحيباً بسقوط النظام السوري وكان أضخمها وأكثرها صخباً واحتشاداً في طرابلس والمنية والضنية وفي الطريق الجديدة في بيروت وصيدا والبقاعين الأوسط والغربي. وفي المختارة توافدت حشود إلى ضريح كمال جنبلاط. وفي المقابل أقامت “القوات اللبنانية” سلسلة احتفالات وتجمعات في الشمال والبترون وكسروان والقاع وجزين وبعبدا وبيروت وعاليه وجبيل. ونظم حزب الكتائب تجمعاً حاشداً ومهرجاناً خطابيا مساء في ساحة ساسين لتوجيه التحية إلى روح الرئيس بشير الجميل وشهداء الحزب. وقال النائب نديم الجميل: “بشير حي فينا وهم يسقطون تباعاً إلى مزبلة التاريخ، والأسد فرّ ونحن والشعب اللبناني بقي”، وردد قسم جبران تويني أمام الجمهور.
وبدوره القى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع كلمة في احتفال أقيم في معراب اعتبر فيه أن “هذا اليوم هو يوم بشير الجميل ويوم كل شهداء ثورة الأرز ويوم البطريرك نصرالله صفير”. واعتبر أن ما يحصل اليوم ليس نهاية المطاف بل بدايته لأن نظام الأسد كان من أهم العوائق أمام قيام دولة فعلية في لبنان، واليوم يبدأ بناء دولة فعلية”.
وبادر الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى الاتصال بالرئيس سعد الحريري، مؤكداً له أن “عدالة السماء تحققت بالنسبة للرئيس الشهيد رفيق الحريري وسائر شهداء 14 آذار بسقوط نظام بشار الأسد”. وكان رد الرئيس الحريري: “الله يرحم والدك المعلم كمال جنبلاط”.
واعتبر جنبلاط في تغريدات، أن “اليوم سيكون للثأر ونهاية بشار الأسد، كيف ستكون سوريا الجديدة؟ أتردد في القول نظراً لأنّه بعد 54 عاماً من حكم الأسد مع العلويين في سوريا، أعتقد أننا أمام منعطف كبير في تاريخ الشرق الأوسط”. وسأل: “هل ستبقى سوريا موحّدة أم أنه الإعلان عن تقسيم وحرب أهلية؟”.
كما أُفيد أن مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، والرئيسان فؤاد السنيورة، وتمام سلام، “تنادوا انطلاقاً من مسؤولياتهم المواطنية والوطنية، إلى اجتماع عاجل، والقى الرئيس السنيورة باسم المجتمعين بياناً ناشدوا فيه اللبنانيين بأن يبادروا إلى لعب دورهم بالحفاظ على لبنان وديمومته وكيانه وسيادته واستقلاله ووحدته وتضامن أبنائه واحتضانهم لبعضهم بعضا، وأن يسيروا به إلى طريق الإنقاذ، والتمسك بالدولة اللبنانية لاستعادة دورها وسلطتها الواحدة وهيبتها” .
واعتبروا “أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي أدت إلى تغيير النظام تدعونا الى أن نتمنى لسوريا وللشعب السوري الشقيق كل الخير وسرعة الذهاب إلى الاستقرار وإعادة تكوين السلطة وإقرار دستور حديث يراعي جميع أطياف المجتمع السوري وبما يعزز وحدته وسلمه الأهلي كما إننا في الوقت عينه نناشد جميع اللبنانيين أن يتعاملوا مع هذا الحدث التاريخي والمهم بحكمة ووعي شديدين وأن لا ينجرفوا لأي نوع من انواع ردات الفعل العاطفية أو أن ينزلقوا إلى دعوات مشبوهة متعصبة”.
انسحاب “حزب الله”
في غضون ذلك، أفاد مصدران أمنيان لبنانيان وكالة رويترز أنّ “حزب الله سحب كل قوّاته من سوريا السبت لدى اقتراب قوات من المعارضة السورية المسلحة من العاصمة السورية دمشق”. وذكر أحد المصدرين أنّ “قوات الإشراف التي أرسلها “حزب الله” إلى سوريا خلال ليلة الخميس إلى الجمعة ذهبت لتشرف على ذلك الانسحاب”.
وفي ساعة متأخّرة من ليل السبت، قال مصدر مقرّب من “حزب الله” لوكالة “فرانس برس”، إن “حزب الله سحب عناصره المتواجدين في محيط دمشق وحمص باتجاه لبنان ومنطقة الساحل السوري”. وقال المصدر إنّ “الحزب أوعز لمقاتليه في الساعات الأخيرة بالانسحاب من منطقة حمص، إذ توجّه بعضهم إلى اللاذقية والبعض الآخر إلى منطقة الهرمل في لبنان”، مشيراً إلى أن “مقاتلي الحزب أخلوا كذلك مواقعهم في محيط دمشق”.
**********************************************
افتتاحية صحيفة اللواء:
لبنان يطوي أيضاً مرحلة مع سوريا.. الأولوية للأمن والإستقرار
في سوريا كما في لبنان، بعد 8 ك2 (2024)، أيام أخرى، بل ربما أسابيع أو أشهر أو سنوات، (صفحة تطوى مع إعلان إسقاط الرئيس بشار الأسد، وصفحة تفتح مع اعلان المعارضة السورية المسلحة «هيئة تحرير الشام» دخول دمشق، واسقاط النظام).
وبعيداً عن كشف مصير الاسد، بأنه بات في موسكو مع عائلته، فإن المشهد الاقليمي، من تقدم اسرائيل دون تردد الى خط فك الارتباط عام 1974، وإزالته باعلان ضمه الى ما يسمى بالسيادة الاسرائيلية، تمهيدا للسيطرة على جبل الشيخ «السوري»، فضلا عن اعادة خلط الاوراق الاقليمية والدولية والتحالفات، فإن الحدث لبنانياً، بدأ يسجل انعكاسات مرتقبة، سواءٌ على مستوى التحالفات الداخلية، او الاحتفالات، او الموقف من حزب لله وسلاحه، عند اطراف سياسية وتريث وحبس انفاس لدى حلفاء سوريا من داخل محور الممانعة.
رئاسياً، اعتبرت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن الانشغال بالتطورات المتسارعة في سوريا قد يدفع إلى التأخير في النقاش في الملف الرئاسي اقله في اليومين المقبلين، ولفتت إلى أن أصواتاً تبدأ بالصدور من أجل عودة الإهتمام بالملف الرئاسي، وانطلاقا من ذلك فإن مروحة الاتصالات قد تقوم بين يوم وآخر حول إمكانية الوصول الى التفاهم المنشود.
وقالت إن المدخل الرئيسي لذلك هو طرح أسماء مرشحين يتلاقى حولها الفرقاء السياسيون من دون توسيع الدائرة وجعلها فضفاضة.
الى ذلك، أوضحت ان موضوع تعزيز انتشار الجيش في الجنوب محور متابعة وكذلك مهمته الواردة في اتفاق وقف اطلاق التار مع استئناف لجنة مراقبة هذا الإتفاق.
وتوقع مصدر شارك في حفل اعادة افتتاح كاتدرائية نوتردام في باريس مساء السبت الماضي، ان يلتقي الكاردينال الماروني مار بشارة بطرس الراعي الرئيس ايمانويل ماكرون للبحث في اهمية ان تخرج جلسة 9 ك2 (2024) بانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وكشف مصدر نيابي ان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسل وصل الى باريس لاجراء مشاورات يتعلق بعضها بالوضع في لبنان.
إذاً، طرح انهيار النظام السوري بهذه السرعة وخلال عشرة ايام تقريباً امام قوى المعارضة المسلحة المدعومة من الخارج، اسئلة كثيرة حول مصير سوريا مستقبلاً، وانعكاس هذا الزلزال السوري وارتداداته على لبنان وعلى منطقة الشرق الاوسط لاحقاً، في ظل خريطة الشرق الاوسط الجديدة التي تُرسم برضى اقليمي ودولي لا يستطيع احد تعديلها إلا بمواجهات دامية ليس أوانها الآن ولا احد بعد قادر على خوضها على الاقل في المدى المنظور؟ وفي ظل المخاوف من تمدد الفصائل المسلحة نحو المناطق اللبنانية، واغلبها كان للبنان معها تجربة مريرة في حرب الجرود البقاعية مع «جبهة النصرة واخواتها»؟
وقالت مصادر سياسية انه لا بد من ترقّب نتائج عمل لجنة الاشراف على تطبيق اتفاق وقف اطلاق النار، وترقب نتائج مساعي التوافق لانتخاب رئيس للجمهورية في جلسة 9 كانون الثاني المقبل لمعرفة ما سيُفرض على لبنان بعد الذي جرى في سوريا واقفال المعابر امام تدفق السلاح اليه، كيف سيتصرف حزب لله؟ إذ أن الغموض يحيط بالوضع المقبل وبنوايا الاطراف المحليين والخارجيين.
وبرأي مصدر نيابي مستقل ومحايد وخارج المحاور، «فإن التركيبة القائمة في سوريا وبعض دول المنطقة منذ عشرات السنين قد انقلبت ودخلنا مرحلة جديدة، ويبدو ان سوريا بحاجة الى اتفاق طائف سوري - عربي ودولي لتشكيل نظام جديد يجمع كل الاطراف ويحفظ وحدة البلاد ومكوناتها واستقلالها كما حصل في لبنان. وقال المصدر لـ«اللواء»: أشك في نجاح مشروع بول بريمر القديم لتقسيم سوريا فالظروف والمعطيات التي كانت قائمة وقتها تغيرت.
واضاف: ولا بد ان يواكب لبنان هذه التطورات بالبحث الجدي بين اطرافه السياسيين وكل اطيافه في تطوير نظامه السياسي، حتى لا يتم فرض نظام جديد عليه لا يتوافق مع تركيبته وظروفه واوضاعه ومصالحه، سواءٌ بالفدرلة او الكونفدرالية او التقسيم المقنّع.
وفي موقف يتسم بالرصانة، ويشكل محطة للتعامل مع «الحدث الكبير» المتمثل بإبعاد آل الاسد عن حكم سوريا، والذي استمر ما لا يقل عن نصف قرن كامل، دعا الاجتماع العاجل الذي عقد في دار الفتوى، بدعوة من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وحضور رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي والرئيس فؤاد السنيورة وتمام سلام الى التعامل مع ما وصفوه بالحدث التاريخي «بحكمة ووعي شديدين، وأن لا ينجرفوا لأي نوع من انواع ردات الفعل العاطفية او ينزلقوا الى دعوات مشبوهة ومتعصبة، فلبنان في المحنة اثبت انه متضامن مع بعضه، وفي الوقت عينه، فإن لبنان يتضامن مع الشعب السوري في خياراته الوطنية».
واكد المفتي والنواب، وفقاً للبيان الذي تلاه الرئيس السنيورة، على ان لبنان لن يقبل باستمرار العدو الإسرائيلي بانتهاك القرار 1701، ودعوا مجلس النواب الى القيام بدوره في اعادة تكوين السلطات الدستورية، بدءاً من انتخاب رئيس الجمهورية وتسمية رئيس مجلس الوزراء لتشكيل حكومة انقاذ وطني، واستنهاض الدعم العربي والدولي لمساعدة لبنان لتأمين عودة النازحين قسراً الى بلدانهم وقراهم، وتأكيد الوقوف الى جانب الحكومة في مسعاه الاساس لتطبيق قرار مجلس الامن الدولي رقم 1701.
وكانت تجمعات واحتفالات شهدتها بيروت والجبل، سواءٌ في الطريق الجديدة او الاشرفية او مقر الحزب التقدمي الاشتراكي للاحتفال باعلان سقوط الاسد.
واكد الرئيس ميقاتي على ان الاولوية الآن لضبط الوضع الحدودي مع سوريا، داعيا الى التأني بلبنان عن تداعيات المستجدات في البلد الجار.
وفي السياق الدبلوماسي، قالت الخارجية اللبنانية، ان لبنان يحترم ارادة الشعب السوري، الذي يعود له وحده اختيار ممثليه ونظامه السياسي.
مجلس الوزراء في صور
وفي الشق المتعلق بخطة انتشار الجيش اللبناني جنوباً، أقرَّ مجلس الوزراء الذي اجتمع قبل ظهر السبت (7 ك1 الجاري) في ثكنة بنوا بركات في مدينة صور، التي نالت حصة كبيرة من الخراب والدمار والاستهداف، خطة انتشار الجيش في الجنوب، واكد الرئيس ميقاتي: ان هذا القرار هو الاساس لوقف اطلاق النار وانسحاب العدو من ارضنا المحتلة.
واكد ميقاتي على الدعم الدائم للجيش اللبناني والتعاون مع «اليونيفيل» ومطالبتنا المجتمع الدولي ولا سيما الجهات الراعية للترتيبات الامنية بالعمل الجاد والحاسم لوقف الخروقات المتمادية للعدو، وانسحابه من الاراضي التي يحتلها والاسهام الفعلي بتنفيذ وقف اطلاق النار،والانتقال إلى وضعية الاستقرار الدائم المعزز بالكرامة والسيادة والحق.
واعلن وزير الاعلام في ختام الجلسة، انه ستتم ازالة الردميات، وأنقاض المباني المدمرة وتنظيف الساحات في الجنوب من القنابل العنقودية، مضيفاً: في جلسة اليوم (أمس) وافقنا على مشروع قانون يرمي الى اعادة بناء المساكن المهدمة من جراء الحرب.
متابعة حكومية
وقد تابع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الاوضاع الامنية في البلاد ولاسيما على الحدود مع سوريا في خلال اتصال مع قائد الجيش العماد جوزيف عون وقادة الاجهزة الامنية. وشدد رئيس الحكومة في خلال هذه الاتصالات «على أولوية التشدد في ضبط الوضع الحدودي والنأي بلبنان عن تداعيات المستجدات في سوريا».
كما دعا رئيس الحكومة» اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم «الى التحلي بالحكمة والابتعاد عن الانفعالات خصوصا في هذا الوقت الدقيق الذي يمر به وطننا».
واجرى رئيس الحكومة ايضا اتصالا بالامين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية وطلب منه التواصل مع «الهيئة الوطنيّة للمفقودين والمخفيين قسراً في لبنان» التي تم إنشاؤها بموجب القانون105 /2018 الخاص بالمفقودين والمخفيين قسراً، ومع لجنة معالجة قضية اللبنانيين المعتقلين في سوريا المؤلفة بموجب القرار رقم ٢٠٠٥/٤٣. وشدد رئيس الحكومة «على وضع كل الامكانات المتوافرة والتواصل مع الجهات المعنية في ضوء الافراج عن مئات السجناء من السجون السورية».
وعلى الاثر ومن جهته اتصل الامين العام لمجلس الوزراء بالهيئة واللجنة وطلب منهم الاجتماع بصورة عاجلة لاجراء الترتيبات اللازمة لمتابعة الملف. وتبلغ ان الهيئة واللجنة ستجتمعان في الساعات المقبلة.
ومن تجليات ما جرى في سوريا، على فيديو، يُظهر المواطن مروان نوح في بلدة عرسال، بعد تحريره من السجون السوريّة. وقد تمّ استقبال نوح في عرسال بالزغاريد، حيث كانت عائلته بانتظاره.
وكانت المعارضة المسلّحة في سوريا، اقتحمت سجن صيدنايا ليل أمس الاول، وأفرجت عن جميع السجناء.
واعلنت قيادة الجيش في بيان جديد امس، انه «في ظل التطورات المتسارعة والظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة، تتابع القيادة الوضع على الحدود وفي الداخل منعًا لأي تهديد للسلم الأهلي.
وفي هذا السياق، جرى تعزيز الوحدات المكلفة مراقبة الحدود الشمالية والشرقية وضبطها بالتزامن مع تشديد إجراءات المراقبة، كما تنفذ الوحدات المنتشرة على مساحة لبنان تدابير استثنائية لحفظ الأمن وحماية السلم الأهلي».
على الارض، عرَّز الجيش اللبناني وحداته المكلفة بمراقبة الحدود الشمالية والشرقية.
وضع الجنوب
وبالنسبة لوضع الجنوب، ينتظر لبنان ما سيسفر عنه اجتماع لجنة الاشراف الخماسية على تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار غداً الثلاثاء او الاربعاء، فيما واصل العدو الاسرائيلي عدوانه على قرى الجنوب، ووقعت قوة من جنوده في حقل الغام ما ادى الى وقوع اصابات.
فقد أكدت وسائل إعلام عبرية إصابة 8 جنود إسرائيليين جراء انفجار في منطقة رأس الناقورة عند الحدود مع لبنان. موضحة أن عدداً من الجنود الإسرائيليين دخلوا حقلاً للألغام عند الحدود مع لبنان ما أدى لانفجار كبير وسقوط عدد من الإصابات.
اضافت: إن الانفجار في رأس الناقورة استهدف عناصر من الفرقة 146 ما أدى لمقتل جندي وإصابة 3 بجروح خطيرة وآخرين بحالة متفاوتة.
وأغار الطيران المسيَّر المعادي على احد المنازل في بلدة دبين في حي العريص التحتاني على طريق جديدة مرجعيون ، ما أدى الى ارتقاء 3 شهداء من ابناء البلدة المدنيين.
كما شن العدو غارة على السلسلة الشرقية بين منطقتي قوسايا وعنجر في البقاع الاوسط قرب الحدود مع سوريا.
وذكرت المعلومات أن جيش العدو اعتقل مواطنين لبنانيين، وهما من آل سنان من بلدة عين قنيا، اثناء قيامهما بقطاف الزيتون في مزرعة المجيدية قرب مزارع شبعا.
**********************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية:
سقط الأسد ولبنان يضبط حدوده... وواشنطن "تطمئن"
خطف سقوط النظام السوري الأضواء عن كل ما عداه من أحداث وتطورات، ودفع الأوساط السياسية إلى استقراء أبعاده وتداعياته على لبنان والمنطقة، في ظل استمرار إسرائيل في خرق وقف اطلاق النار وحتى في قصف أهداف في العمق اللبناني، وكذلك في العمق السوري، وحتى في قلب دمشق التي دخلتها قوى المعارضة السورية، في الوقت الذي غادرها الرئيس بشار الاسد إلى موسكو صبيحة أمس، فيما تولّى رئيس حكومته محمد الجلالي تسليم السلطة للمعارضين بقيادة احمد الشرع المعروف بـ»أبي محمد الجولاني».
أكّدت اوساط سياسية لبنانية لـ«الجمهورية»، انّ التحول الدراماتيكي في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد سيترك انعكاسات على مستقبل المنطقة ومن ضمنها لبنان، مشيرة إلى «انّ المطلوب من القوى الداخلية ان تتعاطى بمسؤولية استثنائية مع هذه المرحلة لتحصين الواقع اللبناني وتكييفه مع التطورات الهائلة، على قاعدة انّ الاولوية هي لحماية الاستقرار الداخلي».
وأشارت هذه الاوساط إلى «انّ الوضع الجديد في سوريا لا بدّ من أن يترك تأثيراته على الاستحقاق الداخلي الأقرب وهو انتخاب رئيس الجمهورية». لافتةً إلى انّ «ما بعد سقوط الأسد هو بالتأكيد غير ما قبله، وبالتالي فإنّ فرص الاسماء التي سيكون لها الأفضلية لتولّي الرئاسة قد تختلف على الارجح عمّا كانت عليه قبل الطوفان السوري». ولفتت الأوساط إلى «انّ حزب الله سيكون معنياً كذلك بإجراء مقاربة جديدة لمرحلة ما بعد سقوط حليفه الاستراتيجي، خصوصاً انّ الحزب عاد كلياً إلى لبنان، والأرجح انّ أولوياته ستتبدّل على هذا الأساس».
الانقطاع التلقائي
ولعلّ الانعكاس الأبرز لمجريات الحرب في سوريا على لبنان هو الانقطاع التلقائي والتام للجسر الإيراني الذي يصل العراق بسوريا، ومنها يمتد إلى الداخل اللبناني. ويعني ذلك أيضاً فك ارتباط «حزب الله» بالداخل السوري، وانقطاع المعابر البرية التي لطالما استفاد منها «الحزب» ونظام الأسد على حدّ سواء، من أجل تبادل الدعم بالمقاتلين والأسلحة والذخائر وسائر أنواع المؤن.
وقالت مصادر سياسية مواكبة لـ«الجمهورية» إنّ هذا المعطى المستجد سيكون حاسماً لتقرير الاتجاه الذي يسلكه اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل، والذي مرّ عليه نحو أسبوعين من أصل مهلة الـ60 يوماً التي نص عليها. فسقوط نظام الأسد وتسلّم قوى المعارضة نقاط الحدود على امتدادها مع لبنان من شأنه أن يضع «الحزب» أمام معطيات محددة في تعاطيه مع بنود هذا الاتفاق، ليس لجهة التزامه القرار 1701 فحسب، بل أيضاً لجهة موقفه من المسألة المثيرة للجدل في الداخل، أي عقدة احتفاظه بالسلاح أو تخلّيه عنه في شمال الليطاني وعلى امتداد الأراضي اللبنانية.
ميقاتي وضبط الحدود
وإلى ذلك، تتبع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الأوضاع الامنية في لبنان، ولا سيما على الحدود مع سوريا، في خلال اتصال مع قائد الجيش العماد جوزيف عون وقادة الاجهزة الأمنية. وشدّد في خلال هذه الاتصالات، على «أولوية التشدّد في ضبط الوضع الحدودي والنأي بلبنان عن تداعيات المستجدات في سوريا». كذلك دعا «اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم إلى التحلّي بالحكمة والابتعاد عن الانفعالات خصوصاً في هذا الوقت الدقيق الذي يمرّ فيه وطننا».
واتصل ميقاتي بالأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية وطلب منه التواصل مع «الهيئة الوطنيّة للمفقودين والمخفيين قسراً في لبنان» التي تمّ إنشاؤها بموجب القانون 105/2018 الخاص بالمفقودين والمخفيين قسراً، ومع لجنة معالجة قضية اللبنانيين المعتقلين في سوريا المؤلفة بموجب القرار الرقم 2005/43. وشدّد على «وضع كل الإمكانات المتوافرة والتواصل مع الجهات المعنية في ضوء الإفراج عن مئات السجناء من السجون السورية».
وعلى الأثر، اتصل مكية بالهيئة واللجنة وطلب منهما الاجتماع بصورة عاجلة لإجراء الترتيبات اللازمة لمتابعة الملف، وتبلّغ أنّ الهيئة واللجنة ستجتمعان في الساعات المقبلة.
جعجع
في غضون ذلك، توجّه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع مساء امس بكلمة مباشرة من معراب إلى اللبنانيين عقب سقوط النظام السوري، قائلا إنّ «هذا اللقاء اليوم هو استراحة مقاتل، واليوم يبدأ المطاف. إذ إنّ نظام الأسد أعاق قيام دولة فعلية في لبنان». وقال جعجع: «هناك عبارة أتذكرها دائماً وتنطبق على الوضع اليوم (لا يعتقدن معتقد بأنّ الله قد مات فأنّه ومهما كانت الطريق صعبة ففي نهاية المطاف لن تكون إلّا مشيئته)». وشدّد على أنّ «هذا اليوم يجب أن يكون يوم خذي وعار لعدد من اللبنانيين الذي «مسحّوا جوخ» لنظام الأسد. وكل من اعتبر أنّ الأسد يحمي المسيحيين فهذا يوم عار بالنسبة له و«الله يقطعن ويقطع وجودهن»، مؤكّداً أننا «لم نطلب ولن نطلب حمايةً من أحد». وتوجّه إلى «حزب الله»، قائلاً: «انتهت اللعبة»، لافتاً إلى أنّ «كل يوم تذاكٍ هو وقت ضائع. والدولة والمناطق بحاجة لإعادة إنماء وإعمار». وقال: “عليكم الاجتماع بالجيش اللبناني والتخلص من بنيتكم التحتية والتحول لحزب سياسي».
الاسد في موسكو
وفيما تضاربت الأخبار والمعلومات عن مصير الاسد والمكان الذي لجأ اليه بعد مغادرته دمشق صباح امس، كشفت وكالات أنباء روسية نقلاً عن مصدر في الكرملين مساء امس قوله «إن بشار الأسد وعائلته وصلوا إلى موسكو». فيما
نقلت القناة الروسية الأولى عن الكرملين انّه «تمّ تقديم اللجوء للأسد وعائلته لدواعٍ إنسانية». وأفادت وكالة «تاس» الروسية أنّه تمّت إزالة العلم الموجود فوق مبنى السفارة السورية في موسكو.
وذكرت وزارة الخارجية الروسية في بيان انّ «الرئيس السوري السابق بشار الأسد غادر البلاد بعد أن استقال من منصبه وأصدر أوامره بتسليم السلطة سلمياً».
وقالت انّه «نتيجة لمفاوضات بين الأسد وعدد من المشاركين في النزاع المسلح داخل أراضي الجمهورية العربية السورية، قرّر الاستقالة من الرئاسة ومغادرة البلاد، معطياً أوامر بالانتقال السلمي للسلطة». ولم تذكر موسكو، في البيان، مكان الأسد حالياً، وأكّدت أنّ روسيا لم تشارك في أي محادثات بشأن رحيله. واضاف هذا البيان، أنّ «القواعد العسكرية الروسية في سوريا وُضعت في حالة تأهّب قصوى، لكن لا يوجد تهديد خطير لها في الوقت الحالي، وإنّ موسكو على اتصال بجميع المعارضة السورية المسلحة وحضّت جميع الأطراف على تفادي أي أعمال عنف».
الجولاني في دمشق
وقد وصل القائد العسكري لـ«هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع إلى دمشق. وأظهر مقطع فيديو لحظة وصوله وسجوده، وقال من على منبر الجامع الأموي، الذي يعود عمره إلى آلاف السنين، إنّ «نظام الأسد حوَّل سوريا إلى أرض للفساد وتجارة المخدرات»، مضيفاً أنّ «الأسد نشر الطائفية وقام بتقسيم الأراضي السورية وتركها مزرعة للأطماع الإيرانية». وأكّد أنّ «بلدنا لنا جميعاً... والنصر الذي تحقَّق هو نصر لجميع السوريين».
وانتشر مقطع فيديو للحظة دخول الجولاني إلى باحة المسجد الأموي ومحيط سوق الحميدية التاريخي والشهير في دمشق، محاطاً بمجموعة مسلّحة، وسط صيحات الحاضرين المرحّبة بوصوله. وهو كان قال بعد سيطرة المعارضة المسلحة على دمشق أن «لا مجال للعودة إلى الوراء وأنّ الهيئة عازمة على مواصلة المسار الذي بدأته في 2011». واكّد انّ «المستقبل لنا». ودعا مقاتليه في بيان نُشر على حساب المعارضة على تطبيق «تلغرام»: «إلى كافة القوات العسكرية في مدينة دمشق، يُمنع منعاً باتاً الاقتراب من المؤسسات العامة، والتي ستظل تحت إشراف رئيس الوزراء السابق حتى يتمّ تسليمها رسمياً، كما يُمنع إطلاق الرصاص في الهواء».
الجلالي
وفي أول إطلالة، بعد دخول المعارضة السورية دمشق، أبدى رئيس الحكومة السورية محمد الجلالي الاستعداد للتعاون مع أي قيادة يختارها الشعب السوري.
وقال: «سأكون في مجلس الوزراء صباح اليوم (أمس) ومستعد لإجراءات التسليم. أتمنى من جميع السوريين أن يفكروا بعقلانية في شأن مصلحة وطنهم. ونحن نؤمن بأنّ سوريا لجميع السوريين». واضاف «إن سوريا يجب أن تشهد انتخابات حرة للسماح للشعب باختيار قيادته»، بحسب وكالة «رويترز».
وقال رئيس الائتلاف السوري المعارض في الخارج، هادي البحرة: «إن انتقال السلطة في سوريا سيتمّ بتنسيق من الأمم المتحدة». ووجّه رسالة إلى الشعب السوري قائلًا: «إن الوضع الآن آمن ولا مجال للثأر أو الانتقام». وذكر أنّ الإدارات السورية ستستأنف نشاطها الطبيعي خلال يومين. وقال: «ستبدأ مرحلة تاريخية جديدة في سوريا».
الموقف الاميركي
في هذه الأثناء أشار الرئيس الاميركي جو بايدن في بيان إلى انّه «تمّ تحرير سوريا من بشار الأسد ومما قام به هو ووالده»، لافتاً إلى «اننا نعلم أنّ الاسد موجود في موسكو الآن». وذكر «انّ نظام الاسد قتل بوحشية آلاف المدنيين الأبرياء. وهذه لحظة تاريخية وفرصة للشعب السوري لبناء السلام في بلده». واعتبر «انّ قوات المعارضة دفعت الاسد إلى ترك منصبه ومغادرة البلاد، وسنعمل مع أصحاب المصلحة في سوريا من أجل استغلال هذه الفرصة، وكل المحاولات من قبل إيران ووكلائها لحماية الأسد ونظامه باءت بالفشل».
وشدّد بايدن على «انّ روسيا وإيران و«حزب الله» لم يتمكنوا من حماية نظام الأسد، وخلال السنوات الماضية اتبعت إدارتي سياسة لفرض عقوبات على الاسد لعدم انخراطه في عملية سياسية جدّية». واشار الى «انّ الأسد امتنع عن الانخراط في عملية سياسية جدّية وواصل ارتكاب الجرائم ضدّ شعبه». وقال: «سندعم جيران سوريا بمن فيهم الأردن والعراق وإسرائيل ولبنان، ولن نعطي فرصة لتنظيم «داعش» لبناء قدراته، وسنعمل مع كل المجموعات السورية في إطار الأمم المتحدة».
وشدّد على «اننا لن نسمح بتحول سوريا لملاذ آمن لتنظيم «داعش»، ونبذل قصارى جهدنا لتوفير المساعدات والإغاثة لطي صفحة الفظائع التي ارتكبها نظام الاسد، وسنعمل على حماية قواتنا في سوريا ومواصلة مهمتنا ضدّ تنظيم «داعش»، ونحن سنقيّم مسلحي المعارضة بناءً على أقوالهم وأفعالهم». واعتبر «انّ ما حدث في سوريا يمثل فرصة لمنطقة الشرق الأوسط، ونريد أن نطمئن أنّ جيران سوريا في مأمن من أي توتر جراء التغييرات هناك». ولفت الى «انّ الولايات المتحدة ستعمل مع المجموعات السورية لتأسيس المرحلة الانتقالية».
الموقف الإيراني
على صعيد الموقف الايراني، شدّد الرئيس مسعود بزشكيان على ضرورة الحوار بين مختلف أطياف المجتمع السوري للتوصل إلى التفاهم، معرباً عن أمله «في أن يتمكن الشعب السوري مع انتهاء النزاعات في بلاده من اتخاذ القرار في بشأن مستقبلها ونظامها السياسي بعيداً من التدخلات الخارجية».
فيما اصدرت وزارة الخارجية الايرانية، بياناً اكدّت فيه انّ «الجمهورية الاسلامية لن تدخر اي جهود لدعم الاستقرار والهدوء في سوريا، ومن هذا المنطلق ستواصل مشاوراتها مع جميع الاطراف المؤثرة وخاصة الاطراف الاقليميين».
ولفت إلى «مواقف ايران الثابتة لاحترام وحدة وسلامة الاراضي والسيادة الوطنية السورية». واكّد البيان «أنّ الشعب السوري هو من سيقرّر مستقبل بلاده، بعيداً من التدخّلات المخرّبة او الإملاءات الاجنبية». وأضافت الوزارة: «انّ تحقيق هذا الهدف يستدعي الإنهاء الفوري للمواجهات العسكرية، والحؤول دون التحركات الارهابية، والبدء في حوار وطني يشمل جميع الاطراف المكوّنة للمجتمع السوري، وبالتالي تشكيل حكومة شاملة تمثل الشعب السوري برمته». وقالت: «انّ جمهورية ايران الاسلامية، كسابق عهدها، تدعم الآليات المبنية على القرار 2254 الاممي من اجل مواصلة العملية السياسية في سوريا، كما ستمضي في تعاملها البنّاء مع الامم المتحدة في هذا الخصوص».
وقال السفير الإيراني لدى سوريا حسين أكبري: «منذ سقوط حمص، لم يبدِ الجيش السوري أي مقاومة في أي مكان»؛ مبيناً انّ الحكومة السورية توصلت إلى «قناعة» حسب تعبيرها، في شأن «تسليم السلطة سلمياً». وقال أكبري في حوار متلفز مساء امس: «لقد عقدت الحكومة السورية جلسة طارئة الليلة الماضية (ليل السبت ـ الاحد) وقّررت عدم اتخاذ أي مقاومة في العاصمة، بل تسليم السلطة والحكومة وجميع القطاعات بشكل رسمي، وتمّ إبلاغ القرار إلى الشعب والقوات المسلحة عبر بيان قرأه رئيس الوزراء السوري اليوم (أمس)». واضاف: «إنّ جريمة بشار الأسد كانت دعمه لمحور المقاومة والوقوف الى جانبها، واليوم هناك تيارات متعددة داخل سوريا، بعضها متطرّف، وإن كانت تختلف عن «داعش» في جانب من المعتقدات». وأشار إلى «أنّ الوضع الحالي في سوريا أدّى لاصطفاف معقّد بين القوى الشمالية والجنوبية، مما قد تصبح سوريا ساحة للنزاع بين بعض الدول العربية والإسلامية وتركيا».
لجنة الإشراف
وفي هذه الأجواء تترقب الأوساط السياسية والامنية التحضيرات الجارية استعداداً لاجتماع لجنة الاشراف والمراقبة المكلفة مراقبة تنفيذ اتفاق 27 تشرين الثاني، وما قالت به المراحل التنفيذية للقرار 1701 في جنوب لبنان والمناطق اللبنانية كافة، والمتوقع قبل غدٍ الاربعاء المقبل، في ظل غياب قائد قوات «اليونيفيل» الجنرال لازارو المتوقع عودته الى بيروت في الساعات المقبلة.
وعلمت «الجمهورية» من مصادر مطلعة، انّ رئيس اللجنة الجنرال الاميركي جاسبير جيفيرز لم يدعُ بعد الى الاجتماع على رغم من حضور الأعضاء وجهوزيتهم، ومن بينهم العضو الفرنسي الجنرال غيوم بونشان واللبناني الجنرال إدغار لاوندس قائد قطاع جنوب الليطاني، فيما سّمت إسرائيل ممثلها في اللجنة وهو على استعداد لتلبية اي دعوة الى الاجتماع الذي سيُعقد في إحدى منشآت قيادة القوة الايطالية العاملة في اطار قوات «اليونيفيل» في منطقة الناقورة.
وأعلنت قيادة الجيش، في بيان امس الاول أنّه «ضمن إطار متابعة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، جالَ رئيس لجنة الإشراف الخماسية الجنرال الأميركي Major Gen. Jasper Jeffers، والجنرال الفرنسي Brigadier General Guillaume Ponchin، والعميد الركن إدغار لاوندس قائد قطاع جنوب الليطاني، بالطوافة فوق قطاع جنوب الليطاني للاطّلاع على الواقع الميداني». واشار البيان الى انّ اللجنة ستجتمع مطلع الأسبوع الجاري.
**********************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط:
ميقاتي يدعو للنأي بلبنان عن المستجدات السورية
اتصال تهنئة بـ«عدالة السماء» بين جنبلاط والحريري
دعا المسؤولون في لبنان إلى النأي بالبلاد عن تداعيات المستجدات في سوريا، فيما هنّأ معارضو النظام الشعب السوري بإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، مؤكدين على انتصار الحق على الباطل، وهم الذين في معظمهم لهم تجارب مريرة، وعانوا من سياسات هذا النظام ضد لبنان لسنوات طويلة.
وفي إطار متابعته للمستجدات في سوريا، شدّد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال اتصالات مع قادة الأجهزة الأمنية «على أولوية التشدد في ضبط الوضع الحدودي، والنأي بلبنان عن تداعيات المستجدات في سوريا».
كما دعا ميقاتي اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم إلى «التحلي بالحكمة، والابتعاد عن الانفعالات، خصوصاً في هذا الوقت الدقيق الذي يمر به وطننا».
وأجرى رئيس الحكومة أيضاً اتصالاً بالأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية، وطلب منه التواصل مع «الهيئة الوطنيّة للمفقودين والمخفيين قسراً في لبنان»، ومع لجنة معالجة قضية اللبنانيين المعتقلين في سوريا، داعياً لوضع «كل الإمكانات المتوافرة والتواصل مع الجهات المعنية في ضوء الإفراج عن مئات السجناء من السجون السورية».
في غضون ذلك، برزت المواقف اللبنانية المعارضة للنظام السوري، التي لطالما عانت من سياسة هذا النظام على لبنان، وهو الذي يتهمه بعض الأفرقاء باغتيال شخصيات وسياسيين معارضين له من كل الأطياف.
وهذا الأمر كان محور الاتصال الذي أجراه الرئيس السابق لـ«الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط برئيس الحكومة السابق سعد الحريري، مؤكداً له أن «عدالة السماء تحققت بالنسبة للرئيس الشهيد رفيق الحريري (والده) وسائر شهداء 14 مارس (آذار) بسقوط نظام بشار الأسد». وكان رد الرئيس الحريري: «الله يرحم والدك المعلم كمال جنبلاط».
وكان قد كتب جنبلاط عقب الإعلان عن سقوط النّظام السوري على حسابه على منصة «إكس»: «التحية للشعب السوري بعد طول انتظار».
وفي هذا الإطار، علّق رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل على سقوط النظام السوري، وكتب على حسابه على منصة «إكس»: «رفيقي الرئيس الشهيد، (رئيس الجمهورية الراحل بشير الجميل) أخي الحبيب الشهيد (الوزير السابق بيار الجميل)، رفاقي المقاومين الشهداء والأحياء، سقط الطاغية المجرم... وبقي لبنان... بقيت الكتائب... وأسماؤكم شامخة تنبض حرية، وسيادة واستقلالاً».
وفي بيان له، بارك «تيار المستقبل»، للشعب السوري انتصار الحق على الباطل، وإسقاط نظام بشار الأسد.
ودعا «المستقبل» اللبنانيين في هذه المرحلة الدقيقة إلى الحفاظ على الوحدة الوطنية، وحماية ما حققه الشعب السوري من أي مخططات لضرب الاستقرار من حوله.
أما النائب في «تيار المردة» طوني فرنجية، فكتب عبر حسابه على منصة «إكس»: «الأولويّة في سوريا هي لانتقال سلمي للسلطة، يرسّخ استقرار البلاد، يحمي ويعزّز مؤسسات الدولة، مع ضمان حقوق جميع أبنائها على تنوعّهم»، مضيفاً: «لطالما كان استقرار لبنان مرتبطاً بشكل وثيق باستقرار سوريا».
ورأى رئيس التيار «الوطني الحر» النائب جبران باسيل عبر حسابه على منصة «إكس» ما يحصل في سوريا أنه يخص الشعب السوري، «ونحن نأمل أن يكون لخير سوريا ولبنان، وأن يؤدي لعودة سريعة للنازحين السوريين إلى بلادهم، ولعلاقات إيجابية ومتوازنة مع لبنان تحفظ سيادة البلدين دون تدخل أي منهما بشؤون الآخر».
********************************************
افتتاحية صحيفة الشرق:
سوريا تفتح صفحة جديدة بعد سقوط نظام بشار الأسد
دفعت المعارضة السورية المسلحة بقوات إلى دمشق لتأمينها، وذلك بعد ساعات من إعلانها إسقاط نظام بشار الأسد، بينما تتواصل الاحتفالات في المدن السورية بهذا الحدث.
وقال المراسلون إن رتلا كبيرا من قوات إدارة العمليات العسكرية التابعة للمعارضة دخل العاصمة دمشق لتأمينها، مضيفا أن الرتل يضم قوات النخبة وقوات حفظ النظام و أن أوامر صدرت من القائد في إدارة العمليات أحمد الشرع (الجولاني) بتأمين كل المنشآت الحيوية وفرض الأمن في دمشق.
وجاء هذا التطور بينما وصل الجولاني إلى دمشق.
وفي كلمة له من ساحة الجامع الأموي بدمشق قال القائد بإدارة العمليات بالمعارضة السورية المسلحة أحمد الشرع — إن الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد نشر الطائفية، واليوم سوريا للسوريين جميعا.
وأضاف أن النصر الذي تحقق بإسقاط النظام هو “نصر لكل السوريين”.
وقال رئيس حكومة النظام محمد الجلالي، فجر الأحد، إنه مستعد “للتعاون” مع أي قيادة يختارها الشعب، ولأي إجراءات “تسليم” للسلطة، مع إعلان فصائل المعارضة البدء بدخول العاصمة. وأعلن الجلالي، في كلمة بثّها عبر حسابه على موقع فيسبوك: “هذا البلد يستطيع أن يكون دولة طبيعية، دولة تبني علاقات طيبة مع الجوار، ومع العالم(…). ولكن هذا الأمر متروك لأي قيادة يختارها الشعب السوري. ونحن مستعدون للتعاون معها بحيث نقدم لهم كل التسهيلات الممكنة”.
وكانت إدارة العمليات العسكرية أعلنت عن حظر تجول في العاصمة يبدأ من الرابعة عصر الأحد حتى الخامسة من فجر اليوم الاثنين.
ويأتي إعلان حظر التجول بينما تسعى المعارضة لبسط الأمن في دمشق عقب انهيار النظام وتفكك أجهزته الأمنية.
وتعهدت قيادة المعارضة بتأمين العاصمة والمدن الأخرى التي سيطرت عليها، وحذرت من المساس بالمؤسسات العامة والممتلكات الخاصة.
وبعد 10 أيام من بدء عملية “ردع العدوان” التي أطلقتها هيئة تحرير الشام وفصائل من الجيش الوطني باتجاه مدن حلب وحماة وحمص، نجح مقاتلو المعارضة في دخول دمشق بعد أن أطبقوا عليها من عدة جهات مما أدى لفرار الأسد وانهيار قواته.
وصباح امس، أعلنت إدارة العمليات العسكرية أن الأسد هرب، كما أعلنت أن “مدينة دمشق أصبحت حرة”، وذلك بعيد دخول مقاتليها العاصمة تتويجا لسلسلة من الانتصارات الخاطفة التي حققتها في الأيام الماضية.
وبينما كانت التقارير تفيد بفرار بشار الأسد على متن طائرة إلى وجهة غير معلومة، كان مقاتلو المعارضة يبثون بيانا عبر التلفزيون الرسمي يعلنون فيه انتصار الثورة وسقوط النظام.
كما دخل المقاتلون القصر الجمهوري ومنزل الأسد في حي المالكي الراقي.وكانت القوات الموالية للنظام السابق قد انسحبت من المواقع السيادية والأمنية في العاصمة والمواقع العسكرية الرئيسية في محيطها، في حين أكدت مواقع سورية توقف جميع الرحلات في مطار دمشق الدولي وإخلاءه من العاملين. وأفادت تقارير إعلامية بأن كثيرين من جنود الجيش السوري غادروا مواقعهم العسكرية وتركوا المقرات دون أي حماية. ومن أبرز المواقع التي أخليت مقرات الاستخبارات العسكرية ومبنى قيادة الأركان في ساحة الأمويين.
وشهدت الساحات الرئيسية في دمشق، بما فيها ساحتا الأمويين والعباسيين، احتفالات بانهيار نظام بشار الأسد.وارتفعت أصوات الرصاص في عموم العاصمة وعلى مداخلها وكافة محاورها احتفالا بإنهاء 61 عاما من حكم حزب البعث.
واحتضنت ساحة الأمويين في وسط دمشق جزءا من هذه الاحتفالات التي امتدت أيضا إلى محيط مبنى الإذاعة والتلفزيون بالتزامن مع فرار قوات الجيش والأمن من مقرات عدة أبرزها قيادة الأركان ووزارة الدفاع بالعاصمة.
وقال عدد من سكان دمشق إن الشوارع أخليت من عناصر القوات الحكومية وإن احتفالات تجري في الكثير من مناطق العاصمة ابتهاجا بسقوط النظام بعد أنباء عن مغادرة بشار الأسد.
وشهدت معظم المدن السورية الأخرى، بما فيها حماة وحلب وحمص التي سيطرت عليها المعارضة في الأيام القليلة الماضية، احتفالات مماثلة تخللها إسقاط تماثيل لبشار الأسد ووالده حافظ الأسد.
وامتدت الاحتفالات إلى عدد من مدن الساحل السوري ومنها اللاذقية التي كانت توصف بأنها معقل للنظام، وكذلك إلى مدن خاضعة لسيطرة ما يعرف بقوات سوريا الديمقراطية مثل الرقة.
وفي طريقهم إلى قلب العاصمة، حرر مقاتلو المعارضة آلاف المعتقلين من سجن صيدنايا العسكري بريف دمشق.
ولا يزال آلاف آخرون في 3 طوابق سفلية، ولم يتسن بعد الوصول إليهم، بحسب مراسل الجزيرة أدهم أبو الحسام.
وشهد سجن صدنايا العسكري في السنوات الماضية انتهاكات واسعة بحق معتقلي الرأي شملت التعذيب حتى الموت والإعدام، بحسب المعارضة السورية ومنظمات دولية.
وكانت المعارضة المسلحة حررت آلاف المعتقلين من سجون حلب وحماة وحمص.
وقبل دخولها الى دمشق بساعات أعلنت المعارضة سيطرتها على حمص.. ثم بدأت دخول الضواحي الجنوبية لدمشق وفر ألف جندي من جيش النظام إلى العراق واتجهت قوات المعارضة وبعد سيطرتها على محافظة القنيطرة (جنوب) نحو دمشق.
وإثر اشتباكات عنيفة خاضتها مع قوات النظام، سيطرت قوات المعارضة على منطقة داريا، جنوبي دمشق.
وأظهرت مشاهد متداولة على منصات التواصل الاجتماعي، جنودا تابعين لجيش النظام وهم يخلعون زيهم العسكري ويرتدون أزياء مدنية، تزامنا مع تقدم المعارضة نحو العاصمة. وعقب سقوط دمشق سيطرت على جبلة ومدينة اللاذقيةفي الساحل السوري معقل الاسد.
ترحيب دولي بسقوط الأسد وتشديد على احترام وحدة سوريا
توالت ردود الفعل العربية والدولية بعد إعلان المعارضة السورية المسلحة دخول العاصمة السورية دمشق فجر الأحد وسقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد الذي أعلن استقالته وغادر البلاد، حسب موسكو.
وشدد ملك الأردن عبد الله الثاني على ضرورة احترام “إرادة” السوريين، ويحض على تجنب “الفوضى”. كما أكد وقوف الأردن إلى جانب السوريين واحترام “إرادتهم”، داعيا لتجنب انجرار البلاد إلى “الفوضى”.
وأفاد الديوان الملكي في بيان بأن الملك قال أثناء اجتماع لمجلس الأمن القومي إن “الأردن يقف إلى جانب الأشقاء السوريين، ويحترم إرادتهم وخياراتهم”.
وأكد “ضرورة حماية أمن سوريا ومواطنيها ومنجزات شعبها، والعمل بشكل حثيث وسريع لفرض الاستقرار وتجنب أي صراع قد يؤدي إلى الفوضى”.
وأكدت وزارة الخارجية الإيرانية موقفها الثابت والجوهري في احترام وحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها.
وقالت إن “الشعب السوري هو من يحدد مصير بلاده بعيدا عن أي تدخلات تخريبية أو إملاءات أجنبية”.
وأعربت السعودية عن ارتياحها لما وصفتها بالخطوات الإيجابية التي تم اتخاذها لتأمين سلامة الشعب السوري، مؤكدة وقوفها بجانب الشعب السوري وخياراته في هذه المرحلة الحرجة.
ودعت -في بيان- المجتمع الدولي للوقوف بجانب سوريا دون التدخل في شؤونها الداخلية.
وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن الشعب السوري سيعيد رسم مستقبل بلده، وينبغي على المجتمع الدولي دعمه، وأكد ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة، ووحدة أراضي سوريا واحترام حقوق الاقليات ومساواتها وعدم التميز بحقها.
وقال المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون إن ما نراه في سوريا تطور دراماتيكي، معلنا تضامنه مع كل من عانى على مدى 14 عاما.
وأضاف بيدرسون من المهم أن ترسل ما سماها “سلطة الأمر الواقع” رسالة بأنها تريد أن تكون سوريا للجميع.
وأكد أنه من المهم لكل السوريين أن يوحدوا صفوفهم، ويضعوا الأساس لسوريا المستقبل، وحث جميع السوريين على منح الأولوية للحوار والوحدة واحترام حقوق الإنسان.
قالت مفوضة الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية إن “نهاية دكتاتورية بشار ألاسد تطور إيجابي طال انتظاره، ويظهر ضعف روسيا وإيران”.
ورحبت فرنسا بأنباء سقوط حكم الرئيس السوري بشار الأسد، ودعت إلى إنهاء القتال، وطالبت بانتقال سياسي سلمي في البلاد.
وقالت وزارة الخارجية في بيان “الآن هو وقت الوحدة في سوريا”.
من جهته، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن “دولة الهمجية سقطت أخيرا”.
وأعربت ألمانيا عن “ارتياحها الكبير” لسقوط حكم الأسد، محذرة في الوقت عينه من وصول “متشددين” إلى السلطة.
*******************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن:
هل انتهى الربيع العربي بالخريف السوري؟
لا يمكن اعتبار أن سقوط الرئيس السوري بشار الأسد هو سقوط لشخص كان على رأس النظام، بل سقوط لمنظومة حكمت سوريا منذ الرئيس الراحل حافظ الأسد، والد بشار، والذي نجح في انقلاب 1970، ثم أصبح رئيساً بعد استفتاء شعبي عام 1971، ومنذ ذلك التاريخ وعائلة الأسد، وأصل الاسم عائلة «الوحش» تحكم سوريا بالحديد والنار، متَّكئةً على «اتفاق» غير معلن مع إسرائيل على ضبط جبهة الجولان، وعلى اتفاق غير معلن مع الولايات المتحدة الأميركية على ضبط جبهة الجنوب، والتحكم بأداء منظمة التحرير الفلسطينية. هذان الاتفاقان غير المعلنين بين سوريا وإسرائيل من جهة، وسوريا والولايات المتحدة الأميركية من جهة ثانية، أتاحا للرئيس حافظ الأسد أن يحافظ على الاستقرار في سوريا وأن يمسِك بالورقتين اللبنانية والفلسطينية، كان ذلك في تحوُّل قوات الردع العربية إلى «قوات الردع السورية» بعدما سحبت الدول العربية المشاركة فيها، مجموعاتها، فخلت الساحة للرئيس حافظ الأسد ليتحكَّم بالساحة اللبنانية، بكل مفاصلها السياسية والعسكرية.
لم يقتصر التحكّم السوري على الجوانب السياسية والعسكرية، بل امتد إلى الجوانب الدبلوماسية، غادر السفراء العرب تباعاً بيروت، ومَن لم يغادِر بالترغيب، غادر بالترهيب، ولعلّ تفجير السفارة العراقية في بيروت الدليل الأسطع على أن الرئيس الأسد لم يكن يريد في بيروت أي تمثيل دبلوماسي، ولا سيما أيّ تمثيل عربي، كان وزراء الخارجية اللبنانيون يعانون هيمنة نظرائهم السوريين عليهم، وبدعة «تلازم المسارين السوري واللبناني» كانت «كلمة السر» بالنسبة إلى الدبلوماسية السورية حيال الدبلوماسية اللبنانية، ولعلّ أبرز وزراء الخارجية اللبنانيين الذين عانوا من هذه الهيمنة، وزير الخارجية الراحل فؤاد بطرس، وكان وزراء الخارجية السوريون المتعاقبون، من عبد الحليم خدام إلى فاروق الشرع إلى وليد المعلِّم، يحاولون دائماً فرض سطوتهم وسيطرتهم على نظرائهم اللبنانيين.
كان النظام السوري في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد يعرف كيف يجمِّع الأوراق بين يديه: الورقة اللبنانية والورقة الفلسطينية وورقة المنظمات الدولية المسلحة، من الجيش الأحمر الياباني إلى الحزب العمالي الكردي، وحتى المنظمات التي كانت منشقة عن منظماتها الأصلية كانت تجد في النظام السوري احتضاناً، من «أبو موسى» عند الفلسطينيين، إلى الجبهة الشعبية القيادة العامة، إلى غيرهم. كان حافظ الأسد مولعاً بتجميع الأوراق بين يديه ولذلك كانت معظم الأنظمة، العربية منها والأجنبية، تشعر أنها بحاجة إليه.
تراجعت سوريا كثيراً بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد وانتقال السلطة إلى نجله بشار، لم يكن طبيب الأسنان مؤهلاً لهذا الدور، لكن وفاة نجله باسل، وضعه في هذا الموقع، لكن شتَّان ما بين الأب الداهية والابن المبتدئ في السياسة.
تعاطى بشار الأسد بفوقية مفرِطة مع القادة اللبنانيين ولا سيما منهم الرئيس رفيق الحريري، فرض عليه التمديد بالقوة للرئيس إميل لحود، واتهمه بأنه يقف وراء القرار 1559، وهو القرار الذي تسبب في اغتيال الرئيس الحريري بقرار من سوريا وتخطيط وتنفيذ من «حزب الله».
اندلعت الثورة السورية، وعلى مدى ستة أشهر كانت لاعنفية، لكن النظام السوري استخدم العنف في قمعها، فدخل السلاح، وانتقلت الثورة إلى مكان آخر.
مقتل النظام السوري كان في تحوله إلى ساحة خلفية لـ «حزب الله» لتخزين أسلحته وذخائره، مستفيداً من موقعه الجغرافي كصلة وصل بين إيران ولبنان، عبر العراق والأراضي السورية، كان هذا الواقع الجغرافي لسوريا عنصر إقلاق لإسرائيل التي وجدت في النظام السوري «بؤرة» لا يمكن إبقاؤها كما هي. بُلِّغَت دمشق بالأمر فكان أسلوب الرئيس الأسد المماطلة وعدم حسم الموقف، إلى أن اتُّخِذ القرار بأنها ما اصطُلِح على تسميته «الحالة السورية الشاذة».
وكانت الساعة الصفر، تقاطعت مصالح أكثر من دولة على إنهاء هذه الحالة الشاذة:
تركيا أولاً، بغضِ طرْفٍ من روسيا، وإصرار من الولايات المتحدة الأميركية، وعدم ممانعة إيرانية التي آثرت الحفاظ على الملف النووي من القتال للحفاظ على النظام السوري.
وكان «حزب الله» خارجاً منهكاً من معركة الإسناد والمشاغلة ثم من معركة «أولي البأس»، فاستطاعت الفصائل المعارِضة المسلحة أن تتقاطع مع كل هذه المعطيات لتصل فجر الثامن من كانون الأول إلى تحقيق ما لم يكن بالإمكان تحقيقه: سقوط بشار الأسد. هذا السقوط لا يعني سقوط رئيس النظام فحسب بل سقوط النظام ككلّ، ومعه قد يسقط «حزب البعث» برمته، فكيف سيكون عليه الوضع بعد هذا السقوط المتلاحق الذي يأخذ طابع السقوط بالجملة؟
ما هو مؤكد أن سوريا جديدة على عتبة الولادة متحررة من أغلال كبلتها على مدى أربعة وخمسين عاماً، فهل تستفيد من تجارب وأخطاء مَن سبقها من دول في مسار الربيع العربي؟ وهل تكون سوريا الجديدة العامل الذي سيؤدي إلى إعادة الجمهورية الإيرانية الإسلامية إلى داخل حدود إيران، فيكون تصدير الثورة الإسلامية مشروعاً وُضع حدّاً له، بعد خمسة وأربعين عاماً من التجارب التي دمرت أكثر من بلدٍ عربي؟
المفارقة أمس أن القائد العسكري لهيئة تحرير الشام، أحمد الشرع المعروف بالجولاني وصل إلى دمشق وظهر في مقطع فيديو وهو يسجد.
في المقابل ، الأسد وصل إلى موسكو بعدما منحته روسيا وعائلته حق اللجوء لأسباب إنسانية.
*******************************************
افتتاحية الأنباء:
الشرق الأوسط عند منعطف كبير ودمشق أمام مرحلة انتقالية... شهداء لبنان وسورية ينتصرون على الطاغية
سقوط فرط صوتي. هكذا يمكن توصيف السقوط السريع والمفاجئ ربما لآخر وأعتى الطغاة في العالم الذي انتهت معه عقود من حكم آل الأسد الاستبدادي الإجرامي، وكان سبباً في كل ما عانته سورية ومعها لبنان لسنوات طويلة. فبشار الأسد الذي قتل مئات الألوف من الشعب السوري بالرصاص وبالبراميل المتفجرة، وشرّد وهجّر الملايين، وزجّ بالآلاف في سجون التعذيب، فعل في لبنان ما لم يفعله إحتلال مرّ عليه في التاريخ.
وقد باتت سورية اليوم حرة بعد إنهيار النظام وهروب رئيسه ورموزه، تعيش فرحة التحرّر والنصر الحقيقي. ولم تقتصر الفرحة على الشعب السوري، بل شاركهم فيها أحرار لبنان على إمتداد المناطق اللبنانية، لاسيما في المختارة أمام ضريح المعلم الشهيد كمال جنبلاط الذي اغتاله النظام المجرم عام ١٩٧٧، حيث شهدت مسيرات شعبية لا سيما من أبناء الشعب السوري الحر. وكان في استقبال بعضها السيدة داليا جنبلاط. ومساء زار رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب تيمور جنبلاط ضريح الشهيد كمال جنبلاط، على رأس مسيرة حاشدة، ترافقه زوجته ديانا، والسيدة داليا جنبلاط، وأعضاء كتلة اللقاء الديمقراطي، وأمين السر العام ظافر ناصر وقياديين وحزبيين.
وكان كتب تيمور جنبلاط على منصة X: بعد ٤٧ عاماً انتصرت الحرية. سقط السجن الكبير وانتصرت عذابات السوريين. سقطت رصاصات الغدر وانتصر كمال جنبلاط وشهداء لبنان وسوريا. اليوم قال شعب سوريا كلمته، فلتكن لحظة بناء سوريا الحرة الموحَّدة، سوريا الدولة العادلة الديمقراطية لكل أبنائها. والأمل أن تتحقق الحرية لكل طالبيها.
الرئيس وليد جنبلاط أجرى اتصالاً هاتفياً بالرئيس سعد الحريري مؤكداً له أن عدالة السماء تحققت بالنسبة للرئيس الشهيد رفيق الحريري وسائر شهداء 14 آذار بسقوط نظام بشار الأسد.
وكان جنبلاط كتب: اليوم سيكون للثأر، واليوم سيكون نهاية بشار الأسد. وسأل، كيف ستكون سوريا الجديدة، مشيراً الى أننا أمام منعطف كبير في تاريخ الشرق الأوسط. مؤكدا أن العدالة ستتحقق لرفيق الحريري وجميع شهداء 14 آذار. ولمئات آلاف ضحايا القمع، ولعشرات آلاف السجناء والمخفيين في السجون السورية.
وكان لافتا أمس استغلال إسرائيل التطورات السورية، إذ سارعت إلى احتلال منطقة جبل الشيخ عقب انسحاب جنود الجيش السوري وشرعت بإنشاء منطقة عازلة فيها. كما احتلت المنطقة المنزوعة السلاح قرب السياج الشائك في الجولان المحتل. وشنت طائراتها غارات على منطقة المزة في دمشق ومناطق متفرقة مستهدفة مخازن صواريخ استراتيجية تجنباً لوقوعها في أيدي المعارضة المسلحة حسب قولها.
مصادر مواكبة للتطورات لفتت في حديث مع جريدة الأنباء الإلكترونية إلى أن سورية تمر بمرحلة انتقالية قد تستغرق ما بين أربعة وستة أشهر، يتم بعدها التحضير لانتخاب رئيس للجمهورية، وربما يتم ذلك أواخر فصل الربيع أو مطلع فصل الصيف المقبل. وان تتم الدعوة إلى انتخابات تشريعية لتشكيل برلمان جديد يضع دستوراً جديداً لسورية.
وعن وضع القواعد الروسية الموجودة في سورية، توقعت المصادر أن تبقى كما هي في الوقت الحاضر، من دون استبعادها وجود تنسيق بين أركان المعارضة والقيادة الروسية في سورية وكذلك بالنسبة لتحالف الثورة مع تركيا. أما العلاقة مع الدول العربية فانها حتماً ستكون أفضل مما كانت عليه أيام حكم آل الأسد.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :