محرّكات التمديد مرّة ثانية لقائد الجيش العماد جوزف عون دارت مجدداً على المستويين النيابي عبر تكتل الجمهورية القوية ومشروع قانون معجّل مكرر يحصر التمديد به من دون سواه من قادة الأجهزة الأمنية، ما قد يعتبره البعض عطباً في المشروع قد يعرقل عبوره.
طلب التمديد لم يأتِ حصراً من نواب القوات اللبنانية بل تعداه إلى السفيرة الأميركية ليزا جونسون، التي فاتحت الرئيس نبيه بري بالموضوع في خلال اللقاء الأخير الذي جمعهما مطلع الأسبوع، كما طرحه أيضاً السفير السعودي وليد البخاري مع الرئيس نجيب ميقاتي الذي اجتمع إلى النواب السنّة أمس لهذه الغاية، كي يأتي موقفهم موحّداً من دون أي تسرّب في الإتجاه المعاكس.
موقف الرئيس نبيه بري جاء غامضاً هذه المرة لدى سؤاله عن التمديد، متذرّعاً بموقف حركة أمل وما إذا كانت تريد التمديد لقائد الجيش هذه المرة، وكأنه ليس على رأس هرم الحركة منذ تغييب الإمام موسى الصدر.
أما موقف تكتل لبنان القوي فهو معروف في هذا الخصوص "كلّو ولا يبقى جوزف عون على رأس المؤسسة العسكرية" تحت ذريعة أن التيار الوطني الحر يرفض التمديد بشكل عام ولا يخصص العماد جوزف عون به، ويفضّل التعيين أو الإسناد بالوكالة ولو كان مخالفاً للقانون والدستور، وفي هذا السياق ينشط جيشه الإلكتروني عبر مواقع التواصل الإجتماعي بكيل التهم بالفساد لعون، وبأن بقاءه على رأس الجيش يضرب دورات كثيرة فيها ما يكفي من الضباط الموارنة المستحقين للتعيين.
ولكن هل ينتقي التيار الحر ما يرتضيه تعييناً إن كان يناسبه، وما يرفضه إن كان يعرقل تطلعاته، ومنها بقاء العماد جوزف عون في المشهد الأمني والسياسي إلى حين تدقّ ساعة انتخاب رئيس للجمهورية؟
من المؤكد أن رئيس التيار جبران باسيل يريد إبعاد عون بأي طريقة، وحتى الساعة تسير سفينة التمديد بعكس ما تشتهي رياح باسيل الرئاسية، وهو الذي خرج حديثاً من عباءة اتفاق مار مخايل وفكّ كل ارتباط مع حزب الله بعد اغتيال إسرائيل أمينه العام السيد حسن نصرالله، وقدّم أوراق اعتماده للملكة العربية السعودية عبر قناة العربية، وللرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب من خلال التهنئة التي توجّه بها إليه.
الرافضون للتمديد ليسوا قلائل، فبالإضافة إلى الموقف الغامض للرئيس بري، يأتي موقف حزب الله من خلال الهجوم المبطّن وغير المباشر الذي شنّه أمينه العام الشيخ نعيم قاسم على الجيش ليصيب قائده، عندما طالب ببيان يوضح ما حصل في البترون من إنزال إسرائيلي "ينتهك السيادة اللبنانية" من دون التطرّق إلى المخطوف عماد أمهز أو إلى صلته بالحزب، ولا يمكن إغفال الحملة التي يشنها الإعلام الدائر في فلك حزب الله ضد قائد الجيش.
وفي معلومات خاصة لـ "ليبانون فايلز" أن "الظروف منذ شهر لم تكن جيّدة بسبب ما ينسجه بري وباسيل، وأن القائد عندما زار عين التينة لم يتطرّق إلى الموضوع مع رئيس المجلس لا من قريب ولا من بعيد، وأن البحث تناول الوضع الأمني الداخلي في ظلّ موجات النزوح من الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، وكيفية حفظ الأمن ومنع الفتنة، إلاّ أن الأوضاع قد تبدّلت في الآونة الأخيرة، وما يتم تداوله راهناً هو أن أجواء التمديد لقادة الأجهزة الأمنية سالكة إذ لا مفرّ من ذلك، ويبقى الإنتظار سيّد الموقف لمعرفة ما إذا كان التمديد سيحصل بالسرعة القصوى بسبب عامل الوقت الضاغط، بسبب عطلة الأعياد الشهر المقبل، وما إذا كان الرئيس بري سيتّخذ تدبيراً آخر، أم سيلجأ معارضو التمديد إلى التسويف والمماطلة".
وتقول مصادر نيابية قواتية لـ "ليبانون فايلز" إن "الفراغ على رأس المؤسسة العسكرية قاتل إنّ حصل، لا سيما في ظل غياب رئيس للجمهورية، معتبرة أن من الضروري يبقى العماد جوزف عون في موقعه لمواكبة عملية تطويع ألف وخمسمئة جندي تمهيداً للانتشار في الجنوب في سياق تطبيق القرار 1701". وقالت المصادر "إن لم يحصل التمديد فليتحمّل معطّلوه المسوؤلية من الرئيس بري ونزول".
أيّاً يكون التدبير الذي يشرّع التمديد، فإن الفراغ على رأس المؤسسة العسكرية في هذه الظروف، وعلى مسافة أسابيع أو أشهر قليلة من التوصّل إلى اتفاق ينهي الحرب، ويطلق عجلة تطبيق القرار 1701 مرفوض بكل المقاييس، في ظلّ عدم قدرة حكومة تصريف الأعمال على التعيين.
نسخ الرابط :