الذكاء الاصطناعي لن يحسم الحرب مع حزب الله ..واستعادة المقاومة زمام المبادرة ميدانيا وصاروخيا أعاد تكريس معادلة الرعب
خاص "icon news"
• نسيم بو سمرا
لم يمر على تاريخ البشرية منذ صعود النازية في منتصف القرن العشرين وحتى التسعينات من القرن العشرين، تاريخ انتهاء الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الاميركية، هذا الكم من الاجرام بحق البشرية، بواسطة المجازر والابادات الجماعية وتهجير الشعوب، ومستوى الدمار غير المسبوق نتيجة استخدام اسلحة متطورة ومحرمة دوليا كتلك المستخدمة في غزة ولبنان، وهي بالمناسبة أسلحة اميركية الصنع لا اسرائيلية، ويكفي في هذا الاطار ذكر التحولات المجتمعية المدمرة التي حفرت عميقا في وجدان شعوب منطقتنا، التي أحدثها تنظيم داعش منذ ان أنشأه الغرب بمهمة وحيدة تقوم على تقسيم الدول المحيطة باسرائيل بهدف اضعافها، لتسهيل تنفيذ مشروع جهنمي سمي "الشرق الاوسط الجديد"، مرورا بالربيع العربي وصولا الى الحرب على غزة ومن ثم لبنان، الذي تنفذه اسرائيل بدعم اميركي واطلسي، وهذا الكيان المسخ في منطقتنا هو الوجه الآخر للتنظيمات التكفيرية، ولكن بلباس دولة.
إن استعادة المقاومة زمام المبادرة ميدانيا وصاروخيا بعد الضربات القاسية التي تلقتها من العدو الاسرائيلي نتيجة اغتيال معظم قيادات الصف الاول وعلى رأسهم الشهيد السيد حسن نصرالله وبعده نائبه السيد هاشم صفي الدين وما بينمهما من اغتيال قيادات ميدانية في قوة الرضوان والقوة الجوية والصاروخية، كما محاولات العدو الفاشلة بضرب الانفاق ومخازن الصواريخ الباليستية، وكذلك سعيه الى قطع طرق الامداد من سوريا، وبعد نجاح المقاومة باعادة تنظيم صفوفها واستعادة القدرة والسيطرة لديها، أعاد تكريس معادلة الرعب بين لبنان والعدو الطامع به.
غير ان الاهم في هذا الاطار هو الجانب الاستراتيجي لهذه الحرب التي تعتبر مصيرية لا فقط للمقاومة بل هي وجودية للبنان، ولذلك لا تقاس النجاحات الاخيرة التكتيكية بما يدمره العدو من أبنية مدنية ولا بعدد المجازر التي يرتكبها بحق اللبنانيين، بعد تمكن المقاومة الاسلامية من استنزافه لمدة أحد عشر شهرا، بل بما حدده هو من أهداف معلنة (الاهداف غير المعلنة تقاس نتائجها على المدى البعيد)، وهو حدد هدفين معلنين وهدف غير معلن:
١. اعادة المستوطنين، (كانوا امس ١٢٠ الف. اليوم دقوا ب ٢٠٠ الف.)
٢. ابعاد المقاومة لما بعد الليطاني، وهي ما تزال عند الحافة الامامية وكل ما تطلقه، تطلقه من هتلك المنطقة.
٣. وهو الهدف الأهم وغير المعلن: نزع السلاح الاستراتيجي للمقاومة، ولم يتمكن العدو من الوصول حتى الآن الى مستودع واحد من الاف المستودعات المنتشرة بين الجنوب والبقاع.
وما القصف المكثف الذي يستهدف المدنيين، سوى ردة فعل هستيرية على تمكن حزب الله من استيعاب الضربات الاخيرة المتتالية والوصول الى قياداته، وعلى الرغم من تلك الضربات القوية استمر بالمعركة بنفس الزخم والقوة، لا بل تصاعد عدد صواريخه كما ونوعا واهدافا، ما أفشل خطط العدو بالانقضاض على الحزب واسقاطه بالضربة القاضية، اذ انه وعلى الرغم من أهمية القادة الشهداء، لم يتمكن العدو من احداث فراغ في قيادة المقاومة، وتم استبدال هؤلاء الشهداء بقيادات بديلة، ستكمل من حيث انتهى عمل قادتها؛
فطالما العزيمة متوفرة والايمان بالله والقضية موجود، والثبات على القناعات متوفر، والسير على النهج والعقيدة مستمر، لن تستطيع التكنولوجيا التي يتفوق فيها العدو ولا إجرامه ولا دعم حليفته في الجرائم المرتكبة في حق الغزاويين واللبنانيين، من كسر ايديولوجيا المقاومة في لبنان؛
أما رد المقاومة الذي نشهدها على المراكز العسكرية الحساسة في المدن والمستوطنات الاسرائيلية بدءا من نهاريا مرورا بصفد وطبريا و حيفا، وصولا الى تل أبيب وأبرز عملية تكشف حجم قوة حزب الله ودقة معلوماته وبراعته، فهي نجاحه في ادخال طائرة مسيرة من نافذة غرفة نوم رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو وانفجارها في الغرفة، فضلا عن عملية استهداف طائرتين مسيرتين لفرقة الاحتياط للواء غولاني واصابة حوالي مئة جندي بين قتيل وجريح اثناء تناولهم طعام العشاء، وهي عمليات يبدو انها ما زالت في بداياتها، لتصح نظرية الشهيد نصرالله "ما بعد بعد حيفا"، والأتي أعظم لأن دماء شهدائنا ليست رخيصة، ولن تذهب هدرا.
نحن شعب الفنيق، الشعب الذي لا يموت لأنه يبعث حيا من رماده في كل مرة.
ولكن رغم كل الأخطار المحدقة بلبنان والآلام التي نشعر بها جراء استشهاد وجرح أخوة لنا في المواطنية والانسانية، والدمار الكبير الذي يحدثه العدو بصواريخه الحاقدة والغادرة ضد المدنيين؛ يبقى الامل بغد أفضل، لأننا شعب الفنيق الذي يتخذ من طائر الفنيق شعارا له، وسننهض مجددا من الرماد أقوى؛ سننتصر ونحلق عاليا بفخر وعزة وإباء.
بالمحصلة، وحدتنا الوطنية وحدها، يمكن ان تحبط مخططات هذا العدو الارهابي، وتفشل أهدافه بالسيطرة على لبنان وضرب النموذج الحضاري بتفاعل الاديان فيه؛ فهو عدو المسيحيين منذ فجر التاريخ، قبل ان يكون عدو الحزب والطوائف الاخرى، وبالتالي هو عدو جميع اللبنانيين اليوم، والذي يقرأ تاريخ جبل عامل منذ آلاف السنين، ويطلع على الحرب التي دارت بين اله الفنيقيين "إيل" اله الخير، واله الشر "يهوه"، ويعرف بطولات شعبه الملحمية في وجه هذا العدو، يصبح واثقآ من حتمية النصر للبنان.
نم قرير العين في عليائك يا سيد، لان أبناءك المقا و.مين يسطرون الملاحم البطولية على ارض الجنوب بوجه فرق النخبة في جيش العدو الذي ما زال منذ أسبوع على بدء توغله البري يتخبط في عدة كيلومترات من الحدود ويسقط له عشرات القتلى والجرحى في كمائن يستخدمها الصيادون عادة للحيوانات البرية؛
شعبك يا سيد مطمئن اليوم الى قوة الر.ضوان التي تتصدى ببسالة لذاك الجيش الارهابي، الذي بسبب تقهقره في الميدان، يستقوي على المدنيين العزل في قراهم ومدنهم و بيوتهم، فيدمرها بحقد صواريخه على رؤوس قاطنيها من اولاد ونساء وشيوخ.
وتبقى الكلمة للميدان، لكسر شوكة المشروع الشيطاني التل-مودي للبنان.
*باحث وصحافي
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :