ليلى عماشا
بين مشهد ارتجاف يديه في يوم الوعد الصادق -2- وكلامه بالأمس، يشكّل نتنياهو الصورة الأصدق والأدقّ عن الكيان الصهـــيونـ.ـي: في ذلك المشهد حمل الورقة ليكذّب الخسائر ويهدّد، فباحت رجفة يديه بما يخفي، وبكلام الأمس أراد سرد "إنجازاته" فما بدا منها سوى إفلاسه حد حثّ بعض المكوّنات اللبنانية على السعي معه لتحرير لبنان من حـ.ـزب الله.. هذا الكلام نفسه توجّه به قبل عام إلى أهل غزّة، داعيًا إيّاهم إلى التحرّر من حمـ.ـاس. وإن غصنا في الذاكرة أكثر، لتذكرنا أنّه أيضًا كلام الأميركي وهو يحـ.ـتلّ العراق. وإن بحثنا بعد وجدنا أنّ الأميركي، والصـ.ـهاينة حكمًا، يقتـ.ـلون ويحـ.ـتلّون ويهجرّون وينهبون بهـ.ـدف "التحرير". تحرير البلاد من أهلها! هو المشهد الأميركي المتكرّر، نراه اليوم بأداء ركيك من نتنياهو، وخاتمته حتمًا لن تكون كما أراد لها المخرج!
إذًا، يريد الـ.ـعـ.ـدوّ تحرير لبنان من حـ.ـزب الله. تأخذنا الفكرة بحدّ ذاتها إلى سنوات من محاولات عزل الحـ.ـزب وتغريبه في لبنان، والشواهد المحلية على ذلك، كما العربية والغربية كثيرة. حاول الـ.ـعـ.ـدو "تحرير لبنان من حـ.ـزب الله" بالإعلام عبر حملات منظّمة استخدمت كلّ الوسائل الممكنة من تضليل وتنميط وتغريب وعزل، وبالاقتصاد عبر حصار طال وأدّى مع عوامل أخرى له فيها ألف يد أيضًا إلى أزمة معيشية خانقة، والآن مع اندلاع المعركة العسـ.ـكر ية ومع استخدام كامل الوحشية وأنماط الإبادة، يكرّر الغرب كلّه على لسان نتنياهو كلمة "تحرير"، كأنّها الكلمة المفتاحية التي تأخذ الباحثين إلى سلسلة من المعاني التي ليس أقلّها عد وان وإبادة وتدمير وتهجير. وفيما بدا أن خيبته العسـ.ـكر ية الكبرى في الميدان ليست أخفّ وطأة منها في بقية الميادين، يخطب نتنياهو معدّدًا ما يفترض أنّها إنجازات: من اغتيال القادة إلى قصـ.ـف الجنوب والبقاع والضاحية، والمبتدىء في علم العسـ.ـكر يدرك أن في أرض المعركة تلك الضربات ــ على قسوتها ــ ليست بإنجازات عسـ.ـكر ية ولا تشير إلى أي نجاح ميداني، بل على العكس هي مؤشّر عجز على أرض معركة يحاول الـ.ـعـ.ـدو التعويض عنه باستخدام التكنولوجيا للقتـ.ـل عن بعد، وللتدمير بهـ.ـدف التدمير. وكلّ ادعاءاته حول استهدافات مسّت أو تمسّ بترسانة حـ.ـزب الله الصـ.ـاروخية سقطت بفعل استمرارية هذه الضربات: لقد كذّبت الصليات المستمرة، بغض النظر عن مداها ونوعها، الـ.ـعـ.ـدو في كلّ مرة ادعى فيها أنّه استهـ.ـدف منصّة إطلاق أو مخزن سـلـاح..
يخاطب نتنياهو اللبنانيين، ويحدّث بعضاً منهم عن ضرورة التحرّر من حـ.ـزب الله. بل ويحرّضهم بشكل مباشر على ارتكاب ما يعجز عنه. ولا شك أن مشهد اللبنانيين وهم يحتضنون أهلهم من الجنوب والبقاع والضاحية، قد هاله، وذلك رغم الضخ الإعلامي التحريضي الهائل ضدّهم طوال سنين. يحاول إشعال فتنة عجز عنها معلّمه، ودفع بعض اللبنانيين إلى قتال المـ.ـقاومة من الداخل، وفي ذلك إقرار تام بأنّه ومع كلّ ترسانته الأميركية عاجز تمامًا. أيّ افلاس هو ذا! ما دام يعدّد إنجازاته المزعومة، ويدّعي هزيمة حـ.ـزب الله، لمَ لا يتمّم مهمة "التحرير" هذه إذًا، ويؤدي إلى أميركا خدمة عجز عنها غيره، حتى ممّن يطالبهم اليوم بأداء دور فيها؟!
الجواب في الميدان. كتبه هناك بالدم وبالطلقات رجال الله، حيث لقنّوا ويلقنون نخبة قوات الـ.ـعـ.ـدو الهزيمة المرّة، اشتباك بعد اشتباك. الجواب مكتوب عند الحدود في قرى جبل عاملة: حيث الكمائن والقلوب المذخّرة بالعشق وبالغضب، وحيث أسياد النّزال يصنعون النـــصـر بنداء لبيك يا نـ.ـصر الله.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :