افتتاحية صحيفة الأخبار:
وقائع مناورة إسرائيلية جديدة: مستعدّون للتفاوض حول غزة الآن
رسالة حزب الله: ثأرنا خارج حسابات جبهة الإسناد
ثمة بعد نفسي لا يمكن تجاهله لدى مقاربة سلوكيات العدو وقادته. ليس صحيحاً أن في إسرائيل من احتجّ على العدوان ضد اليمن ولبنان وإيران. وحتى من يعارضون حكومة بنيامين نتنياهو، لا يتحدثون عن وقف العدوان، وجلّ ما يطالبون به هو السير في صفقة لإعادة أسرى العدو لدى المقاومة في غزة، على أن يلي ذلك تغيير للسلطة في الكيان، حتى إذا ما تسلموا الحكم عادوا إلى الحرب. وكل من في الكيان، سواء في مقاعد الحكم أو المعارضة، لا ينطقون بكلام يُفهم منه أن إسرائيل قررت مغادرة مربع القتلة، أو أنها مستعدة لتسوية فعلية مع الفلسطينيين.يعرف نتنياهو هذه الحقيقة. كما يعرف طبيعة معارضيه، وهو أكثرهم خبرة بالموقف الغربي، ولا سيما الأميركي، من إسرائيل. لذلك، لا يلقي بالاً لكل الانتقادات، ولن يسير في طريق لا يخطّه بنفسه. وهو عندما أمر بعمليتي الاغتيال في بيروت وطهران، تصرّف وكأنه يفعل ذلك في غزة نفسها، وحتى قصف اليمن لا يختلف بالنسبة إليه عن قصف الشجاعية أو بيت حانون.
في لحظة واحدة، تباهى العدو بإنجازات أمنية - استخباراتية كبيرة، من إرسال مقاتلاته في رحلة طويلة لقصف منشآت مدنية في اليمن، إلى تنفيذ عملية اغتيال دقيقة في طهران للقائد الشهيد إسماعيل هنية. وبينهما، أغار طيرانه على مبنى سكني في الضاحية الجنوبية لاغتيال القائد العسكري لجبهة الإسناد اللبنانية الشهيد فؤاد شكر. وفوق ذلك، وجد أنها اللحظة المناسبة لأن يعلن جيشه أنه تثبّت، الآن، من نجاح عملية اغتيال رئيس أركان كتائب القسام المجاهد محمد الضيف.
والمسرح لا يتعطل بالنسبة إلى نتنياهو. لذلك عمد أمس إلى مجموعة خطوات ذات بعدين سياسي وعسكري. وبحسب ما علمت «الأخبار» فإن الفصل الجديد من المسرحية شمل الآتي:
أولاً: فجأة، رنّت الهواتف في عواصم الدول المعنية بالمفاوضات حول غزة لإبلاغها بأن إسرائيل، اليوم، أكثر جهوزية للدخول في صفقة حول غزة، قائلاً للوسطاء: آتوني بالطرف الآخر لأحاوره حول الصفقة!
ثانياً: طلب من حلفائه الغربيين، الأميركيين والبريطانيين وغيرهم، إبلاغ لبنان بأنه مستعد فوراً للدخول في مفاوضات من أجل تسوية النقاط الحدودية العالقة، شرط أن يتم الأمر في سياق اتفاق سياسي - أمني لوضع ترتيبات جديدة في جنوب لبنان.
ثالثاً: طلب من المنظمات الدولية العاملة في الحقل الإنساني تحديث طلباتها بشأن إدخال مساعدات إلى قطاع غزة. لكنه كرّر «سؤاله الكيدي» عن هوية الجهة الفلسطينية التي ستتولى تسلّم المساعدات وتوزيعها على الناس.
وبحسب المتابعين، فإن العدو يقترح، في الشق الفلسطيني، أن يصار إلى تعديل جميع الأوراق السابقة، وإطلاق «نقاش مكثف» حول اتفاق يقوم على توافق مسبق على إدارة جديدة لقطاع غزة، تكون هي المسؤولة عن التزام حماس بعدم العودة إلى حمل السلاح، بعد أن تضمن إطلاق الأسرى مقابل عدد كبير من المعتقلين الفلسطينيين، لكن وفق قوائم يختار الاحتلال معظم الأسماء فيها. إضافة إلى كونه يعتقد بأن حماس ليست في وضع يسمح لها بفرض الشروط، فيما هو قادر على المطالبة بإطالة المرحلة الانتقالية، بما يسمح لقواته بالتحرك في القطاع عندما تجد حاجة إلى ذلك.
وفي ملف لبنان، سلّم العدو بأن حزب الله سيكون له رده على اغتيال القائد شكر، لكنه يريد من الوسطاء «تنبيه» حزب الله إلى أن الرد لا يجب أن يكون من النوع الذي يفرض عليه الرد من جديد. أي إنه يطلب، بالضبط، عكس ما قاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمس في خطاب تشييع القائد شكر. وقد بادر وسطاء ممن يقفون دوماً إلى جانب العدو إلى الحديث مع المسؤولين في لبنان، عن «إمكانية قيام حزب الله برد عاقل» يسمح بالانتقال فوراً إلى مفاوضات لعقد صفقة تقود إلى وقف لإطلاق النار على جبهة لبنان.
وإذا كان العدو لا يملك ملفاً يحمله وسطاء إلى إيران، ويرى في نفسه طرفاً قادراً على «معالجة ملف الحوثيين في وقت لاحق»، فإن تركيز العدو على جبهتي لبنان وغزة، ينطلق من أنه يرى في استمرار جبهة لبنان عنصراً بات يتجاوز الإسناد لغزة. وينقل أحد المتابعين عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن حزب الله في لبنان، «يسعى من خلال استمرار القتال، إلى تشجيع قيادة حماس في غزة على مواصلة القتال، وليس العكس».
ماذا في المقابل؟
صحيح أن السيد نصرالله كان واضحاً وحاسماً في خطابه أمس، لكن ما لم يقله قائد المقاومة في بيانه، وصل على شكل رسائل مباشرة إلى كل من يهمّه الأمر. ولمزيد من الشرح، يقول معنيون إنه أراد تثبيت نقاط النزاع الجديدة مع العدو، وفق منطق يقول بالآتي:
أولاً: إن حزب الله الذي يعرف إيران جيداً، يدرك بأنها سترد بقسوة على جريمة اغتيال القائد هنية في طهران. لا بل إن نصرالله قال ما هو أكثر من ذلك، عندما قدّم توصيفاً لحجم الأذى الذي تسببت به عملية الاغتيال للحكومة الإيرانية، لينطلق من فهمه للأمر عند تقديره لطبيعة الرد الإيراني المحتوم. وهو في هذا الباب لم يكن محللاً أو مراقباً، لكنه كان يتحدث واثقاً عن فعل له من يقرره ومن ينفّذه.
ثانياً: جدّد السيد نصرالله التمسك بجبهة الإسناد اللبنانية، وأشار إلى أن العمل قد يحتمل تعديلات في الآليات المتّبعة. لكنه كان واضحاً في أن المقاومة تفصل، بصورة قاطعة، بين حسابها المفتوح مع إسرائيل رداً على اغتيال القائد شكر وآخرين من قادة المقاومة، وجبهة الإسناد التي يبقى مصيرها رهن استمرار العدوان على غزة.
ثالثاً: قدّم السيد نصرالله التزاماً قاطعاً بأن الرد على الاغتيال، سيكون متناسباً مع الحدث نفسه، مقدّماً مواصفات وعناوين، وهي تسمح لأي مراقب بتوقع رد يثير غضب العدو أكثر مما يريحه. وهو أمر يقود إلى احتمال كبير لاندلاع مواجهة، قد يُطلق عليها «أيام قتالية» أو ما هو أكثر، علماً أن لدى المقاومة، مؤشرات ميدانية إلى ان العدو يستعد لهذا الاحتمال بقوة.
وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن مواقف نصرالله أمس اتخذت بعداً جديداً، يجعل ملف لبنان مع العدو منفصلاً في قسم كبير منه عن ملف غزة مع العدو. بمعنى أن أي فرصة لإعلان اتفاق على وقف النار في غزة الآن أو غداً أو في أي وقت قريب، سينسحب ذلك على جبهة الإسناد. لكن أي اتفاق حول غزة لن يكون كابحاً أو مانعاً لتنفيذ حزب الله رده على اغتيال شكر، ولو تسبّب ذلك بحرب منفصلة بين لبنان والعدو.
وما جرى تداوله خلال الساعات القليلة الماضية ركّز على أن حزب الله، لم يعد يجد نفعاً في كل الاتصالات السياسية الجارية الآن، وهو غير مستعدّ على الإطلاق للدخول في أي حوار أو تفاوض حول الحدود البرية أو غيرها من الترتيبات على الأرض، قبل حصول أمرين متلازمين، الأول يتعلق بتوقف العدوان على غزة، والثاني تحقق الثأر وتدفيع العدو ثمن جرائمه، عبر عقاب مباشر، يردعه عن تكرار ما قام به. وحتى حصول ذلك، من غير المجدي أن يعاود الوسطاء، من داخل لبنان أو خارجه، السعي لإقناع حزب الله بأي خطوة سياسية أو ميدانية مختلفة. وهو ما يعطي المعنى الدقيق لرسالة حزب الله إلى جميع الموفدين: لا كلام خارج الميدان!
وفي ما خصّ الميدان، صار واضحاً لقيادة المقاومة في لبنان أن الرد على الاغتيال، وعلى ما سبقه أو يليه من عمليات مشابهة، لا يمكن أن يكون عادياً على الإطلاق، وتحسب المقاومة حساباتها على هذا الأساس، بما في ذلك، محاولة العدو رفع سقف المواجهة نحو حرب شاملة. وعندها، فإن التماثل سيكون حاضراً، لأن ما لم يدركه العدو أولاً، والوسطاء ثانياً، والمراقبون ثالثاً، أن المقاومة في لبنان لا تريد منح العدو أي صورة انتصار مهما كانت النتيجة.
***********************
افتتاحية صحيفة البناء:
تشييع مليوني عابر للمذاهب لهنية في طهران… وتأكيد إيراني على الرد الرادع
نصرالله في تشييع شكر: ننتقل من جبهات إسناد إلى المعركة الكبرى المفتوحة
الردّ آتٍ وسيبكي الذين فرحوا بالاغتيالات… وسيعرفون أي خطوط حمر تجاوزوا
أعلن بنيامين نتنياهو عبر تجاوزه الخطوط الحمراء التي ترسمها معادلات الردع لتجنب الذهاب الى الحرب الكبرى، أنه عاجز عن تحمل حرب الاستنزاف التي خاضتها المقاومة خلال عشرة شهور بكفاءة عالية أفشلت فيها أهداف الكيان وجيشه من حربه المفتوحة على غزة قتلاً وتدميراً ومحاولة إخضاع للمقاومة، فبقيت المقاومة وزادت قوة وفعالية وبقي الأسرى بين أيديها وفشلت محاولات السيطرة المحكمة على غزة، بينما نجحت جبهة لبنان بخلق مشكلة استراتيجية مثّلها المهجرون من مستوطنات الشمال وما يمثله ذلك من تحد لمزاعم التفوّق العسكريّ لجيش الاحتلال العاجز عن حمايتهم، وقالت جبهة اليمن المتشاركة مع المقاومة العراقية إن منع السفن الذاهبة إلى موانئ الكيان يفرض حضوره بقوة لحد إغلاق ميناء إيلات (أم الرشراش)، وإن القوة الأميركية البريطانية ومعها الغارات الإسرائيلية التي استهدفت المنشآت المدنية في الحديدة، دون مستوى القدرة على فتح الممرات المائية أمام هذه السفن بصفتها الشريان الحيوي للاقتصاد في الكيان.
خاطر نتنياهو بنقل المواجهة من مرحلة إلى مرحلة، فقتل قائداً للمقاومة في ضاحية بيروت الجنوبية مستهدفاً مبنى سكنياً وقتل عدداً من المدنيين، وقتل القائد السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية خلال حلوله ضيفاً على الجمهورية الإسلامية في إيران بمناسبة دستورية هي تنصيب رئيسها المنتخب.
خرجت إيران بموكب تشييع مليوني مهيب وراء جثمان القائد الشهيد إسماعيل هنية وخرج قادة إيران يتقدمهم المرشد الإمام علي الخامنئي، في رسالة للوحدة عابرة للمذاهب، موجّهة ضربة قاسية لكل مشاريع الفتن، وقالت القيادة الإيرانية إن من واجبها الثأر لدماء هنية لأن شرفها وكرامتها وسيادتها قد اعتُدي عليها جميعها، وإن الرد سيكون قاسياً ومؤلماً لكيان الاحتلال.
في بيروت تحدّث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في تشييع القيادي الكبير في المقاومة فؤاد شكر، فأعلن الانتقال من مرحلة جبهات الإسناد إلى مرحلة المعركة الكبرى المفتوحة على كل الاحتمالات، لأن ما جرى كبير وكبير جداً، يقلب المعادلات، وعلى الذين خرقوا الخطوط الحمر أن يعرفوا أي خطوط حمر تجاوزوا، وعلى الذين فرحوا وضحكوا أن يستعدّوا لبكاء كثير ينتظرهم بعد ردّ أكيد من المقاومة، وهو رد جدي وليس رمزياً، كما حاول بعض الوسطاء أن يقول للمقاومة، والردّ قد يكون جماعياً من قوى محور المقاومة وقد يكون متفرقاً، فالكلمة الآن للميدان.
وختم السيد نصرالله بالقول «المقاومة في فلسطين لن تستسلم، وهذا موقف حماس بعد شهادة القائد هنية، ولا استسلام في كلّ جبهات المقاومة. ومن يريد تجنيب المنطقة ما هو أسوأ وأكبر عليه إلزام «إسرائيل» بوقف العدوان على غزّة. ولو قتلتم ودمرتم وذهبتم لأبعد الحدود بمعزلٍ عن ردّنا لن يكون هناك حل سوى بوقف العدوان على غزّة»، وأضاف: «ستعود جبهة الإسناد اللبنانية إلى ما كانت عليه من صباح الغد (اليوم). وهذا لا علاقة له بالرد على استشهاد السيد فؤاد، أمّا ردّنا فمحسوم على الاعتداء على الضاحية واستشهاد السيد محسن والمدنيين، وعلى العدوّ ومَن خلفه أن ينتظر ردنا الآتي حتمًا إن شاء الله لا نقاش في هذا ولا جدل. وبيننا وبينكم الأيام والليالي والميدان».
وأكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله خلال كلمة له في مراسم تشييع القائد الجهادي الكبير الشهيد السيّد فؤاد شكر (السيّد محسن) في مجمع سيّد الشهداء أنّ «العدوّ الصهيوني أعطى عنوانًا لعدوانه على الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، واعتدى على منطقة مدنية وقتل مدنيين بينهم نساء وأطفال واستهدف قائدًا كبيرًا في المقاومة، مدّعيًا أنّه ردُّ فعل على ما حصل في مجدل شمس»، ولفت إلى أنّ «هذا ليس ردَّ فعل بل هذا ادعاءٌ وتضليل وهو جزء من الحرب ومن المعركة القائمة».
وقال السيد نصر الله: «نحن ندفع ثمن إسنادنا لغزّة، وهذا ليس أول ثمن فقد ارتقى لنا مئات الشهداء من بينهم قادة، ونحن نتقبل ثمن استشهاد السيد محسن ومَن معه وندفعه، لأننا دخلنا هذه المعركة من موقع الإيمان وبكل معاييرها، وجميعنا في لبنان تعاونَّا وتساعدنا وحملنا دماءنا على أكفّنا ولن نُفاجأ بأي ثمن ندفعه في هذه المعركة المفتوحة في كلّ الجبهات».
ولفت الى أن «العدوّ يتصور أن يقتل الشهيد هنية على أرض إيران وأن تسكت؟»، وقال: خطاب الإمام الخامنئي في شهادة القائد هنية كان أشدّ من خطابه حين اعتُدي على القنصلية في دمشق لأنه لم يُعتدَ على سيادتهم فحسب، بل مُسَّ بأمنهم القومي وهيبتهم وبشرفهم أيضًا».
وتوجّه السيد نصر الله لمجتمع الكيان بالقول: اضحكوا قليلًا وستبكون كثيرًا لأنكم لم تعلموا أي خطوطٍ حمرٍ تجاوزتم وإلى أين مضيتم وذهبتم، مؤكدًا أنّنا «نحن في كلّ جبهات الإسناد دخلنا في مرحلة جديدة، وعلى العدوّ أن ينتظر ثأر الشرفاء في المنطقة».
ولمن يراهن على ضعف المقاومة، قال السيد نصر الله: «حماس استُشهد مؤسسها وارتقى العديد من قادتها ويراهن العدوّ اليوم على شهادة القائد الضيف، ولكن خطها البياني تصاعديّ وكذلك الجهاد الإسلامي وحزب الله لأننا جماعات مؤمنة بالله وننتمي لعقيدة تزوّدنا بعزيمة وقدرة هائلة على تحمل الصعاب». وقال السيد نصر الله: «آلمنا استشهاد السيد فؤاد، ولكن ذلك لن يمسّ بعزيمتنا بل سيزيد من إصرارنا وثباتنا ويجعلنا نتمسك أكثر بصوابية الخيار الذي اتّخذناه»، قائلًا: «السيد محسن كان يأتي إلى مجمع سيد الشهداء ويشارككم ويقف معكم ويرفع يده معكم بتلبية الإمام الحسين «ما تركتُك يا حسين»، وتوجّه السيد نصر الله إلى السيد محسن بالقول: «أنتَ أديت الأمانة ووصلت إلى الحسين (ع)، ونحن معك على العهد».
وطمأن السيد نصر الله بيئة المقاومة وجمهورها بالقول: «حين يستشهد أحد قادتنا نحن نسارع لملء المكان بتلامذة هذا القائد المستعدّين لإكمال دربه»، لافتًا إلى أنّ «السيد محسن في إحدى الجلسات رغم صلابته المعروف بها حين يتحدّث عن الشهداء يبكي، كان يتمنى الشهادة وهي أمنية قادتنا، وآن الأوان لأن يلتحق برفاقه الأوائل. وأغلب الاستشهاديين ربّاهم السيد محسن وكان صديقهم وهو ضمن النواة الأساسيّة لحزب الله». وكشف السيد نصر الله أنَّ «قائد فريق حزب الله الذي ذهب إلى البوسنة هو السيد محسن عندما ذهب لنصرة المظلومين المستضعفين إلى جانب إخوانه الشهيد أبي طالب والشهيد علاء البوسنة ثمّ عاد بعدها إلى لبنان».
وقال: «المقاومة في فلسطين لن تستسلم. وهذا موقف حماس بعد شهادة القائد هنية، ولا استسلام في كلّ جبهات المقاومة. ومن يريد تجنيب المنطقة ما هو أسوأ وأكبر عليه إلزام «إسرائيل» بوقف العدوان على غزّة. ولو قتلتم ودمّرتم وذهبتم لأبعد الحدود بمعزلٍ عن ردّنا لن يكون هناك حل سوى بوقف العدوان على غزّة»، وأضاف: «ستعود جبهة الإسناد اللبنانيّة إلى ما كانت عليه من صباح الغد، وهذا لا علاقة له بالردّ على استشهاد السيد فؤاد، أمّا ردّنا فمحسوم على الاعتداء على الضاحية واستشهاد السيد محسن والمدنيين، وعلى العدوّ ومن خلفه أن ينتظر ردّنا الآتي حتمًا إن شاء الله لا نقاش في هذا ولا جدل. وبيننا وبينكم الأيام والليالي والميدان».
وتوجّه الى جمهور المقاومة «جبهة المقاومة تقاتل بغضب وعقل وبشجاعة وحكمة، وتملك القدرة، ونحن الذين نمشي ونختار، وقد اخترنا الرد، وعلى العدوّ أن ينتظر، والقرار في يد الميدان ونبحث عن ردٍ حقيقي ومدروسٍ جدًا وليس عن ردٍ شكلي».
ولفت خبراء في الشؤون العسكرية والاستراتيجية للبناء الى ان السيد نصرالله حمل مجموعة رسائل بأكثر من اتجاه أولها الحسم أن رد إيران على اغتيال القائد هنية ورد المقاومة في لبنان على اغتيال القائد فؤاد شكر حتميّ وثانياً أن الرد قريب وثالثاً رفع درجة التصعيد وبالتالي طبيعة الأهداف التي سيضربها في «إسرائيل» ستكون هامة وحساسة واستراتيجية وموجعة للعدو ولو أدّت الى رد إسرائيلي مقابل وتوسيع الحرب». وأخفى السيد نصرالله وفق الخبراء في طيات كلامه ايحاء بأن الحزب وجبهة المقاومة جاهزون للحرب الشاملة وقد تنزلق المنطقة إليها طارحاً فرصة أخيرة للأميركيين لانقاذ الموقف وتجنيب المنطقة الاشتعال من خلال الضغط الجدي لوقف الحرب في غزة. وألمح السيد نصرالله وفق الخبراء الى ان الرد قد يكون جماعياً من جبهات عدة وفي التوقيت نفسه. ويرجح الخبراء أن يشمل بنك الاهداف القواعد العسكرية والاستخبارية في شمال فلسطين المحتلة ومطارات ومصانع أسلحة وصواريخ في تل أبيب وموانئ في حيفا وشخصيات أمنية وعسكرية إسرائيلية رفيعة». وحذر الخبراء من ان بعد رد حزب الله وإيران ومحور المقاومة سنكون امام مرحلة جديدة وخطيرة وكل الاحتمالات قائمة من ضمنها توسيع الحرب. والأمر متوقف ومرهون أولاً على طبيعة رد محور المقاومة وعلى قدرة «إسرائيل» على ابتلاع الرد ام الذهاب الى الرد والرد المقابل ما سيأخذ المنطقة الى الحرب الشاملة.
وكان جمهور المقاومة تداعى الى قاعة مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية لبيروت لوداع الشهيد فؤاد شكر.
وبعد كلام السيد نصرالله رفع كيان الاحتلال درجة الاستنفار وأعلن رئيس الوزراء في كيان الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتانياهو أن «إسرائيل» في «مستوى عالٍ جداً» من الاستعداد لأي سيناريو سواء «دفاعي او هجومي»، بعدما تلقت تهديدات بالردّ على مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية والقيادي في حزب الله اللبناني فؤاد شكر.
بدوره، زعم المتحدث العسكري لجيش الاحتلال الإسرائيلي بأن: «جيشنا في ذروة الاستعداد جواً وبراً وبحراً ومستعدّ لكل السيناريوهات، وذلك إثر التهديدات بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي في حركة حماس إسماعيل هنية والقيادي في حزب الله فؤاد شكر».
وقال: «لا تغييرات في تعليمات الجبهة الداخليّة حتى الآن، والجيش في جاهزيّة عالية دفاعاً وهجوماً».
كما دعا مجلس الأمن القومي الإسرائيلي حاملي الجنسية الإسرائيلية إلى توخي الحذر الشديد عند السفر إلى الخارج، وقال إن إيران أو حليفتيها حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية «حماس» وحزب الله قد تستهدف مؤسسات إسرائيلية أو يهودية خارج البلاد.
وأفاد موقع «واللا» الإسرائيلي، بأنّ «الجيش الإسرائيلي ألغى إجازات الجنود بالوحدات القتالية ضمن حالة التأهب لردّ محتمل من إيران وحزب الله».
ومساء أمس، أعلنت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، عن «إطلاق عشرات الصواريخ باتجاه الجليل الغربي شمال البلاد لأول مرة منذ اغتيال فؤاد شكر».
ولفتت مصادر مطلعة على موقف المقاومة لـ»البناء» الى ان هذه دفعة أولى على الحساب المفتوح مع العدو وسيشهد ضربات أكثر إيلاماً للعدو.
أكد قائد حركة «أنصار الله» عبد الملك بدرالدين الحوثي، أن «جريمة العدوان على الضاحية الجنوبية واستهداف فؤاد شكر كانت عدواناً واضحاً وتصعيداً خطيراً».
وكانت المقاومة أطلقت عشرات من صواريخ الكاتيوشا على مستوطنة «متسوفا» ردًا على اعتداء العدو على بلدة شمع واستشهاد عدد من المدنيّين فيها.
ولفت الحوثي إلى أن موقف محور القدس والجهاد والمقاومة واضح، ولا بدّ من الردّ عسكرياً على الجرائم الخطيرة والتصعيد الإسرائيلي الكبير. واعتبر أن مستوى التصعيد والإجرام مرتبط بزيارة المجرم بنيامين نتنياهو لأميركا، وتزامن مع تحرّكات أميركية في الخليج والبحر الأبيض المتوسط.
**************************
افتتاحية صحيفة النهار
“الحزب” و”المحور”… الردّ حتمي والتوقيت فقط؟
#لبنان المأزوم كان أمس على أعصابه منتظراً الإشارات إلى الردّ على إسرائيل، ولكن أحداً، الا نادرين، لم يتذكر عيد الجيش اللبناني رمز سيادة الدولة وشرفها وهيبتها.
إذا كان السيد نصرالله لم يعطِ أي إشارة واضحة لتوقيت ردّ الحزب على اغتيال إسرائيل للرجل العسكري الأول فيه فؤاد شكر واعتدائها على الضاحية الجنوبية لبيروت، ربما على سبيل إبقاء ورقة المفاجأة وإبقاء إسرائيل على ذروة التوتر والاستنفار في يده، فإنه كان في المقابل شديد الوضوح في توعّده إسرائيل بـ”الرد الآتي حتما”.
وهو موقف كان منتظراً ومتوقعاً ومن شأنه أن يزيد توهّج اللحظة السياسية والحربية، ليس بين الحزب وإسرائيل بما يضع لبنان في عين العاصفة فقط، وإنما أيضاً على مستوى المنطقة كلاً بعدما حصل “التلازم” وزادت إسرائيل بنفسها “ربط الساحات” على “محور الممانعة” عندما شنّت هجمات الاغتيال المتزامنة دفعة واحدة على الضاحية الجنوبية وطهران باغتيالها فؤاد شكر وإسماعيل هنية بفاصل ساعات قليلة.
ولا تحتاج صورة الموقف في المنطقة وسط تشييع كل من القائد العسكري للحزب في الضاحية وزعيم #حركة “ح” في طهران إلى مزيد من الترقب لمعرفة أن الردّ المنسق بين ساحات المحور الممانع قد يكون أُنجز أو في طريقه للاستكمال والمسألة مسألة وقت قد لا يطول لتبيُّن طبيعة الردّ الذي وصفه نصرالله بأنه “حتمي وحقيقي وليس شكلياً”، فيما يبقى حجمه وطبيعة الأهداف التي سيستهدفها النقطة المحورية لاستقراء ما إذا كان سيستتبع تداعيات تقود إلى إشعال حرب واسعة.
وتبدّت صورة العدّ العكسي لهذا الواقع مع الأنباء عن نشر الولايات المتحدة الأميركية ما لا يقل عن 12 سفينة حربية في الشرق الأوسط، بما في ذلك حاملة الطائرات “يو إس إس تيودور روزفلت”، وفرق هجوم برمائية وأكثر من 4000 من مشاة البحرية والبحارة، في أعقاب عمليتي الاغتيال. كما أن وكالة الصحافة الفرنسية أوردت أن الخيار الأكثر ترجيحاً هو الهجوم على إسرائيل من العراق واليمن وسوريا، وأن “الحزب” قد يشن هجوماً منفرداً بعد هجوم الفصائل.
“ردّنا آتٍ”
واعتبر نصر الله في الكلمة التي ألقاها في تشييع شكر إن “العدو استهدف مبنىً مليئاً بالمدنيين في حارة حريك خلال اغتياله الشهيد فؤاد شكر وما حصل في الضاحية هو عدوان وليس فقط عملية اغتيال”. وقال: “إننا ندفع ثمن إسنادنا #غزة ودعمنا القضية الفلسطينية وهذا ليس جديداً ونحن نتقبل هذا الثمن وندفعه ودخلنا هذه المعركة إيماناً بأخلاقيتها وأحقيتها وأهميتها ولم نُفاجأ ولن نُفاجأ بأي ثمن يمكن أن ندفعه في هذه المعركة ونحن أمام معركة كبرى تجاوزت فيها الأمور مسألة جبهات إسناد”.
وأكد “أننا في معركة مفتوحة في كل الجبهات وقد دخلت في مرحلة جديدة”، وسأل: “هل يتصورون أن يقتلوا القائد إسماعيل هنية في طهران وتسكت إيران”؟
وتوجّه للإسرائيليين قائلًا لهم: “ستبكون كثيراً لأنكم لا تعلمون أي خطوط حمراء تجاوزتم”. وشدّد على أن “الضغط على الجبهات كي تستسلم المقاومة في غزة لن يجدي نفعاً وهي لن تستسلم”. وأعلن أنه “منذ صباح الغد (اليوم) سنعود إلى العمل بشكل طبيعي ضمن جبهة إسناد غزة وهذا لا علاقة له بالرد على اغتيال السيد فؤاد”. وقال: “القرار الآن في يد الميدان وظروفه وفرصه ونبحث عن ردّ حقيقي ومدروس جداً وليس عن ردّ شكلي”. وختم نصرالله خطابه قائلًا: “على العدو ومن يقف خلفه أن ينتظرا ردنا الآتي حتماً إن شاء الله وبيننا وبينكم الأيام والليالي والميدان”.
وكشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية أن إسرائيل نقلت رسالة إلى “الحزب” عبر ديبلوماسيين غربيين تفيد أن استهداف المدنيين الإسرائيليين بشكل واسع سيؤدي إلى حرب شاملة. وقالت الصحيفة إن الرسالة الموجّهة إلى “الحزب” أشارت إلى أن إسرائيل تستهدف القادة والمقاتلين في الحزب بدلاً من البنية التحتية، والتوقّع كان أن “الحزب” يجب أن يستهدف فقط العسكريين الإسرائيليين. وذكرت الصحيفة أن “الحزب والحرس الثوري قد يؤخران الرد من أجل الاستعداد بشكل شامل”. وأشارت إلى أن “إسرائيل تستعد لرد محتمل مشترك بين “الحزب” والحرس الثوري الإيراني”.
يُشار في السياق الميداني إلى أنه بعد هدوء نسبي دام ليومين بعد استهداف القيادي في “الحزب” فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية، أغار سلاح الجو الإسرائيلي على بلدتي كفركلا وشمع. وأفيد عن وقوع أربعة قتلى من التابعية السورية وخمسة جرحى من اللبنانيين في شمع.
التحرك الديبلوماسي
في غضون ذلك، تصاعدت وتيرة المساعي الخارجية لتفادي التصعيد. وفي هذا السياق زار بيروت وزير الخارجية البريطانية ديفيد لامي ووزير الدفاع جون هيلي وجالا على المسؤولين اللبنانيين مبديين قلقهما من احتمال تدهور الأوضاع في المنطقة، وشدّدا على ضرورة وقف اطلاق النار في غزة. ونقلا إهتمام بلدهما بوجوب الوصول الى التهدئة ووقف لإطلاق النار في غزة ولبنان”، لافتين إلى “أن أي سوء تقدير لهذا التصعيد قد يؤدي الى توسيع رقعة الحرب في المنطقة”.
كما أن السفير المصري علاء موسى زار رئيسي المجلس النيابي والحكومة ناقلاً “موقف مصر الثابت والرافض لأي اعتداء على لبنان، والوقوف إلى جانبه دوماً، فالتصعيد ال#اسرائيلي هو الذي يقود إلى العنف ونؤكد مرة أخرى أن سياسة الاغتيالات لن يكون لها إلا نتائج سيّئة على الجميع وعلى المنطقة”. ولفت إلى أن “مصر حذّرت اكثر من مرة بأن استمرار الحرب في غزة سوف يؤدي إلى تصعيد على مختلف الجبهات وهو ما يحدث حالياً، وبالتالي نؤكد مرة أخرى أن الحل هو بوقف اطلاق النار في غزة. الجبهة في لبنان مهمة للغاية لكنها عارض لمرض رئيسي ألا وهو الوضع في غزة”. أضاف: “مرة اخرى نؤكد دعمنا للبنان ووقوفنا إلى جانبه ونسعى خلال الفترة المقبلة إلى التهدئة وتجنّب فتح جبهة أكبر وأوسع وامتداد الصراع إلى نقاط أخرى وستكون في هذه الحالة وبالاً وخسائر ليس فقط على لبنان بل على كل المنطقة”.
أما في التحركات الداخلية، فبرز لقاء وفد من “#نواب المعارضة” ضم النواب #ميشال معوض، #جورج عقيص، #مارك ضو، #ميشال الدويهي، #أديب عبد المسيح، والوزير السابق #آلان حكيم مع الرئيس ميقاتي في اطار تشديد المعارضة على ضرورة تنفيذ #القرار 1701.
وأعلن ضو باسم الوفد “لا نرضى أن يكون لبنان ساحة لتصفية الحسابات لأحد وعرضة للمخاطر من أجل خدمة أي اهداف إقليمية أو رد أي اعتبار لاي قوى إقليمية، ما يهمنا هو الشعب اللبناني والمؤسسات، وبالتالي كل الشعب اللبناني من دون استثناء هو بحاجة اليوم لأن يتوحّد خلف دولته وحكومته ومجلس نوابه ومؤسساته الشرعية خاصة الجيش وكل المؤسسات المنتخبة والشرعية والتي باستطاعتها أن تتحدث بكل ما لديها من قوة وقدرة مع المجتمعين الدولي واللبناني، لأن أقوى دفاع وردع لدينا في لبنان هي وحدة الشعب خلف قرار مشترك”.
وقال: “كان لدينا عدداً من الملاحظات على تصريحات بعض الوزراء التي لا تعكس لا وحدة #مجلس الوزراء ووجهة نظره، ولا وحدة الدولة اللبنانية، خاصة في ما يتعلق بالقرار الأساسي الرقم 1701، لأن لا مخرج لأحد من الأحداث والقتال الذي نشهده اليوم، إلا عبر تطبيق هذا القرار”.
*****************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
اغتيال شكر يطوي صفحة «الرعيل الأول» من قادة «الحزب»
«مجموعة العشرة» المؤسسة… والقادة العسكريون قضوا على الجبهات أو اغتيالاً
بيروت: نذير رضا
يغلق اغتيال القيادي العسكري البارز في «الحزب» فؤاد شكر، صفحة قيادات «الرعيل الأول» المؤسس للحزب في بدايات الثمانينات من القرن الماضي، والذين قضوا بأكملهم في معارك عسكرية أو نتيجة اغتيالات، فيما يعد شكر المشترك بين مجموعتين؛ الأولى هي «مجموعة الـ82» التي خرجت من مسجد في منطقة الأوزاعي إثر اجتياح إسرائيل لبيروت في 1982، وتتألف من عشرة أشخاص، كان شكر آخرهم، والثانية هي مجموعة القادة العسكريين الذين تناوبوا على قيادة الجناح العسكري منذ الثمانينات، وكان شكر أولهم في تلك المهمة.
و«مجموعة الـ82» المعروفة بهذا الاسم في أوساط الحزب، هي عبارة عن عشرة أشخاص اجتمعوا في بدايات الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982، في جامع من منطقة الأوزاعي بجنوب بيروت. كان هؤلاء، حسب ما يقول مواكبون للحزب، من الملتزمين دينياً والمتأثرين بثورة الخميني الإسلامية في إيران. قرروا مقاومة الاجتياح الإسرائيلي للبنان بدءاً من بيروت ومعركة خلدة (مدخل العاصمة الجنوبي)، ثم انتقلوا إلى القتال في الجنوب.
مجموعة الرعيل الأول
وتألفت تلك المجموعة من: حسن شكر، عاصي زين الدين، سمير مطوط، محمود يوسف، محمد حسونة، فؤاد شكر، أسعد برو، محمد نعمة يوسف، جعفر المولى، وأحمد شمص.
ويتحدر معظمهم من البقاع في شرق لبنان، وكانوا يسكنون منطقة الأوزاعي، وهي منطقة فقيرة ومهمشة. والمفارقة أن جميع هؤلاء قتلوا في الثمانينات، خلال مرحلة الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان، ولم يبقَ منهم إلا شكر الذي اغتالته إسرائيل الثلاثاء.
تلك المجموعة المتحدرة من الأوزاعي، التقت مع مجموعات أخرى كانت موجودة في قلب الضاحية الجنوبية، خرج منها قائدان للجناح العسكري للحزب هما: عماد مغنية ومصطفى بدر الدين وآخرون. ويقول العارفون بهذه التجربة إن الحزب «لم يكن يعمل وفق هيكلية تنظيمية واضحة، بل كان عبارة عن خلايا، تتقاطع وتنسق فيما بينها ومع قوى أخرى تقاتل إسرائيل في الجنوب»، والتقت كل المجموعات في الجنوب خلال فترة الاجتياح الإسرائيلي، وتبلورت لاحقاً بدءاً من عام 1985 ضمن هيكلية عسكرية منظمة وواضحة، وتتلقى تدريبات من «الحرس الثوري» الإيراني، وكان شكر من أوائل الذين تولوا قيادة الجسم العسكري المركزي في الحزب، بدءاً من 1985 وحتى عام 1992.
آخر ثلاثة ظهروا في صورة مع نصرالله وسليماني
وشكر، الوحيد الذي بقي من المجموعة الأولى، هو آخر ثلاثة أيضاً يُنسب لهم تنظيم وتطوير الجسم العسكري في «الحزب»، وتدريب المقاتلين وتسليحهم ورفدهم بالأسلحة الدقيقة والمتطورة. وهم ثلاثة ظهروا في صورة واحدة لم يُعرف تاريخها، إلى جانب نصرالله، والقائد السابق لـ«فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني الجنرال سليماني الذي اغتالته طائرات أميركية في مطلع عام 2020 في بغداد. كانت الصورة المتداولة في السابق إثر اغتيال سليماني، تظهر شكر يتوسط عماد مغنية ومصطفى بدر الدين بوجه مظلل، قبل أن يُكشف عن وجهه في الصورة التي بثها «الإعلام الحربي» بعد اغتياله.
وقضت القيادات المركزية الثلاثة اغتيالاً في عمليات تُنسب إلى إسرائيل. فقد تعرض مغنية لاغتيال بانفجار سيارته في دمشق في فبراير (شباط) 2008، فيما تعرض بدر الدين لاغتيال بصاروخ أصاب مركزاً عسكرياً للحزب بريف دمشق في مايو (أيار) 2016، وتضاربت المعلومات حول هوية المنفذ بين المعارضة السورية التي سارعت إلى تبني العملية، وتقديرات لدى الحزب بأن إسرائيل تقف وراء الهجوم. أما شكر فاغتالته غارة إسرائيلية، الثلاثاء الماضي، استهدفت منزلاً يشغله في حارة حريك بضاحية بيروت الجنوبية.
تعليق العمليات في الجنوب
لم يعلن «الحزب» عن أي عملية عسكرية ضد المواقع الإسرائيلية طوال 48 ساعة، بدأت منذ مساء الثلاثاء، في مؤشر واضح على تعليق النشاط العسكري العائد إلى احتمالين؛ أولهما الشغور في سدة القيادة العسكرية المركزية في الحزب، إثر اغتيال قائدها فؤاد شكر، حسبما يقول خبراء، وثانيهما استعدادات الحزب للرد على الاغتيال الذي حصل في عمق الضاحية الجنوبية لبيروت التي كانت بعيدة عن أي استهداف إسرائيلي.
ولم تختبر الجبهة الجنوبية منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تعليقاً للقتال انطلاقاً من جنوب لبنان، إلا في الهدنة المعلنة في قطاع غزة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وليومين في عيد الفطر، ويومين آخرين في عيد الأضحى، وهما هدنتان كانتا غير معلنتين، أتاحتا للسكان في جنوب لبنان بزيارة قراهم الحدودية لثلاث ساعات صباحاً في كل عيد.
ومنذ السادسة من مساء الثلاثاء، وحتى بعد ظهر الخميس، لم يتبنّ «الحزب» أي عملية عسكرية، رغم أن الجيش الإسرائيلي نفذ، الخميس، غارة استهدفت بلدة كفركلا، كما تحدثت وسائل إعلام لبنانية عن تحليق مكثف للمسيرات الإسرائيلية في الجنوب، وعن تحليق لطائرات حربية إسرائيلية في البقاع (شرق لبنان). وإلى جانب تعليق النشاط العسكري، لم تصدر تصريحات بارزة عن قيادات «الحزب» منذ اغتيال شكر، كذلك لم يصدر أي موقف في بيان نعيه، وتُرك الأمر لأمين عام الحزب نصرالله.
ويرى خبراء مواكبون لعمل «الحزب» أن تعليق التصريحات بانتظار إعلان نصرالله، ينسحب على الجبهة العسكرية القائمة في جنوب لبنان، بالنظر إلى أن الحزب «يتخذ قراراته بعد مشاورات ويترك الإعلان عنها في أحداث مشابهة لأمينه العام». ويذكر هؤلاء بأن الحزب «تعامل مع الاغتيالات الثلاثة بنفس المعيار»، في إشارة إلى التعامل مع اغتيال مغنية وبدر الدين وشكر. ويشير هؤلاء إلى أن الحزب «يترك المواقف لنصرالله الذي يعلنها بعد حصيلة محادثات داخلية في مجلس الشورى»، وأن تلك المواقف «تحدد مدى التصعيد والرد، أو الانتقال لمرحلة جديدة من العمليات العسكرية».
وتتسع التقديرات للحديث عن الشغور في سدة الحزب في هذه المرحلة، مما يؤدي إلى تجميد الأعمال العسكرية، وهي فرضية تتضارب المعلومات بشأنها. ففي حين تشير تقديرات إلى أن العمليات العسكرية تتجمد بعد رحيل قائد المعركة، بانتظار ملء الشغور بالموقع، لا يجزم آخرون من المواكبين لحركة الحزب بهذه الفرضية، ويذكّرون بأن الحزب لم يعلق نشاطه العسكري في سوريا بعد اغتيال مصطفى بدر الدين في عام 2016، وكانت وحدات الحزب تعمل بشكل متواصل من دون تأثير. وتقول مصادر مطلعة على دينامية عمل الحزب إن «تعيين البدائل لا يأخذ وقتاً، وخصوصاً في فترات الحروب»، وأن هناك شخصيات تتولى المهام في حال تأخر التعيين، مثل نائب المسؤول وقادرة الصف الأول في «المجلس الجهادي».
***************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
غموض بنّاء يُخفي ردًّا إستثنائيًا بالنمط والنتائج
بـ»غموض بنّاء» غلّف السيد نصرالله مواقفه، متوعداً بردّ كبير على اسرائيل، من دون ان يحدّد الزمان والمكان، على رغم تعداده الجبهات التي يمكن ان ينطلق منها هذا الردّ او الردود، سواء على اغتيال معاونه الجهادي فؤاد شكر (السيد محسن) او رئيس المكتب السياسي لحركة «ح» اسماعيل هنية، وخاطب الاسرائيليين قائلاً: «تضحكون الآن قليلاً ولكنكم ستبكون طويلاً». وأوحى انّ ما بعد اغتيال شكر وهنية لن يكون كما قبلهما، على مستوى المواجهة مع العدو الأسرائيلي عبر جبهات محور المقاومة. وفي هذه الاجواء، لفت مستشار الأمن القومي الأميركي، جاك سوليفان الى أنّ الولايات المتحدة «تراقب من كثب الأحداث في الشرق الأوسط وخطر التصعيد نحو حرب إقليمية قائم الآن»، وقال: «من السابق لأوانه تحديد التأثير الذي قد يخلّفه موت رئيس المكتب السياسي لحركة «ح» إسماعيل هنية، وعلينا المشاركة في جهود لمنع حرب أوسع من خلال الردع والديبلوماسية وخفض التصعيد».
دخلت الحرب في المنطقة مرحلة جديدة من المواجهة يمكن وصفها حالياً بأنّها أصبحت شبيهة بلعبة الـping pong، وسط مشهد ضبابي ينذر بتصعيد متدحرج وخطير إذا ما التزمت أطراف المواجهة سقوف عدم الانجرار إلى حرب كبرى.
وقال مصدر سياسي بارز لـ«الجمهورية»، انّ كلمة السيد نصرالله «وضعت النقاط على حروف الردّ، بتأكيده انّه سيكون حتمياً ومدروساً، لكنها أخرجته من السياق الطبيعي للعمليات التي انطلقت منذ عشرة اشهر». واضاف المصدر، انّ «الحكمة ظهرت في خطاب السيد الذي قال انّه يبحث عن الهدف، ما يعني انّه لن يكون اعتباطياً ومتسرّعاً إنما نوعياً، وما يعني ايضاً أنّ المواجهة دخلت المرحلة الثانية، اما المرحلة الثالثة فتتوقف على خروج الردّ والردّ على الردّ عن قواعد اللعبة الجديدة».
ولم يستبعد المصدر ان يكون الردّ مشتركاً ومتزامناً، لأنّ المرحلة الجديدة تستدعي انتقالاً في العمليات العسكرية إلى مستوى التطور، خصوصاً لجهة التجرؤ على استهداف بيروت وضاحيتها الجنوبية، علماً انّ «الحزب» سبق وابلغ الى الوسطاء انّ استهداف بيروت سيغيّر المعادلات، وهذا الأمر في حدّ ذاته يُخرج المواجهة عن مسارها من خلال البدء باستخدام نمط جديد من العمليات.
ورأى المصدر انّ «لا احد يملك صورة واضحة عمّا ستؤول اليه الأمور، ولكن هناك سيناريوهات وضعها كل فريق تصل إلى عمليات التأهّب القصوى». لكن المصدر استبعد ان تتدحرج الأمور سريعاً إلى حرب واسعة لأنّ اللاعبين الأساسيين لا يريدونها.
قشرة سميكة
والى ذلك، لاحظت اوساط متابعة انّ السيد نصرالله احتفظ بأوراق الردّ طي الكتمان، مكتفياً بالتأكيد انّه سيحصل حتماً من دون أن يقدّم اي إضافة تروي غليل العدو الاسرائيلي الذي كان يترقّب الخطاب لمحاولة معرفة مسار الردّ وطبيعته.
واشارت هذه الاوساط الى انّ السيد نصرالله ترك كل ما يتعلق بالردّ من حيث المكان والزمان والهدف والوسيلة، مغلّفاً بقشرة سميكة من الغموض المقصود الذي من شأنه ان يفاقم حيرة قيادة قوات الاحتلال الاسرائيلي وإرباكها في مرحلة الانتظار الثقيل للضربة المحسومة. ورجحت الاوساط أن يأتي ردّ الحزب ومحور المقاومة بين حدّين: تجاوز سقوف المرحلة السابقة في اتجاه تصعيدي وتصاعدي من جهة، ومحاولة تفادي الحرب الشاملة من جهة أخرى، مع الاستعداد التام لخوضها اذا فرضها سلوك نتنياهو.
الحرب الاميركية ـ الإسرائيلية
وكان السيد نصرالله قال خلال تشييع شكر إنّ «العدو استهدف مبنى مليئاً بالمدنيين في حارة حريك خلال اغتياله الشهيد فؤاد شكر. وما حصل في الضاحية هو عدوان وليس فقط عملية اغتيال». وأشار إلى أنّ «العدو سوّق قبل أيام من عدوانه أنّ ما سيفعله هو ردّ فعل، ونحن لا نقبل بهذا التقييم والتوصيف على الإطلاق. وما جرى هو جزء من الحرب الإسرائيلية ـ الأميركية على منطقتنا»، مضيفًا: «العدو يقوم بأكبر تضليل وتزوير عبر اتهام شهيدنا بأنّه قاتل أطفال مجدل شمس». وقال: «هذا ليس ردّة فعل على ما حصل في مجدل شمس بل هذا ادعاءٌ وتضليلٌ، وهو جزء من الحرب ومن المعركة، ولقد نفينا مسؤوليتنا عمّا جرى ونملك جرأة وشجاعة الاعتراف لو كان ذلك خطأ منا، فتحقيقنا الداخلي يؤكّد ألّا علاقة لنا بما جرى في مجدل شمس، والعدو نصّب نفسه مدّعياً عاماً وقاضياً وجلاداً». واضاف: «إسرائيل لا يمكنها أن تسلّم بالفرضية التي تقول بأنّ سبب ما جرى في مجدل شمس هو صاروخ اعتراضي إسرائيلي، واتهامنا بما جرى في مجدل شمس ظالم ومرفوض ويهدف إلى تبرئة جيش العدو مما جرى، والهدف من اتهام المقاومة هو الفتنة الطائفية». ولفت إلى أنّه «بفضل الوعي والمواقف الحازمة من قيادات طائفة الموحّدين الدروز الكريمة تم وأد الفتنة وتعطيلها». وقال: «إننا ندفع ثمن إسنادنا غزة ودعمنا القضية الفلسطينية وهذا ليس جديداً ونحن نتقبل هذا الثمن وندفعه ودخلنا هذه المعركة إيماناً بأخلاقيتها وأحقيتها وأهميتها»، وتابع: «لم نُفاجأ ولن نُفاجأ بأي ثمن يمكن أن ندفعه في هذه المعركة. ونحن أمام معركة كبرى تجاوزت فيها الأمور مسألة جبهات إسناد». وقال: «نحن في معركة مفتوحة في كل الجبهات وقد دخلت في مرحلة جديدة»، وسأل: «هل يتصورون أن يقتلوا القائد إسماعيل هنية في طهران وتسكت إيران»؟
وتوجّه الى الإسرائيليين قائلًا لهم: «ستضحكون قليلاً وستبكون كثيراً لأنكم لا تعلمون أي خطوط حمراء تجاوزتم». وطمأن «جمهور المقاومة الى أننا نسارع إلى ملء أي فراغ يحصل باستشهاد قائد من قادتنا، ولدينا جيل قيادي ممتاز». وشدّد على أنّ «الضغط على الجبهات كي تستسلم المقاومة في غزة لن يجدي نفعاً وهي لن تستسلم».
واضاف: «إذا كان أحد مهتماً بأن لا تذهب المنطقة إلى ما هو أسوأ فعليه الضغط لإنهاء الحرب على غزة، ولن يكون هناك حل من دون وقف العدوان على غزة».
وأعلن أنّه «منذ صباح الغد (اليوم) سنعود إلى العمل في شكل طبيعي ضمن جبهة إسناد غزة، وهذا لا علاقة له بالردّ على اغتيال السيد فؤاد». وأكّد: «القرار الآن في يد الميدان وظروفه وفرصه ونبحث عن ردّ حقيقي ومدروس جداً وليس عن ردّ شكلي». وختم: «على العدو ومن يقف خلفه أن ينتظرا ردّنا الآتي حتماً إن شاء الله وبيننا وبينكم الأيام والليالي والميدان».
اسرائيل تحتسب للردّ
وعلّقت وسائل إعلام إسرائيلية، على خطاب نصرالله، معتبرةً انّه «يبقينا في حالة توتر». وأضافت أنّ «السيد يقول إنّ الحزب سيعاود تنفيذ العمليات، وهذا يعني أننا سنرى في الشمال ما رأيناه منذ 10 أشهر». وقالت إنّ المسؤولين في إسرائيل يقدّرون أنّ «الردّ آتٍ من لبنان»، متسائلةً: «كيف ستكون النتيجة؟».
وفي السياق، ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية «انّ الخيار الأكثر ترجيحًا هو الهجوم على إسرائيل من العراق واليمن وسوريا، وانّ «الحزب» قد يشنّ هجوماً منفرداً بعد هجوم الفصائل.
ومع استمرار التوتر شديداً على طول خط الحدود الجنوبية وسط استمرار الاعتداءات الاسرائيلية تعيش اسرائيل حال استنفار بعد اغتيال شكر وهنية. وقد اتخذت سلسلة من الإجراءات الاحترازية في الداخل الاسرائيلي، واصدرت الاوامر بإخلاء القواعد غير القتالية في الشمال على مسافة 40 كيلومتراً من خط السياج.
وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»: «بسبب التوترات في الشمال، وبناءً لتوجيهات الجبهة الداخلية، تمّ إيقاف العمل داخل مصنع في عكا لوجود خزانات تحتوي على غاز الأمونيا بداخله، كما صدرت تعليمات للمصانع الأخرى التي تستخدم مواد خطرة بتفريغ وإخلاء خزانات الغاز». فيما قالت هيئة البث الإسرائيلية: «ان إسرائيل تستعد لانتقام مشترك ينطلق من الأراضي الإيرانية واللبنانية وربما من اليمن». فيما قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»: إنّ إسرائيل تستعد لردّ مُحتمل مشترك بين الحزب والحرس الثوري الإيراني. وقد يؤخّران الردّ من أجل الاستعداد بشكل شامل».
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية: انّ 3 شركات طيران كبيرة في الولايات المتحدة وبريطانيا ألغت رحلاتها إلى إسرائيل. كما اعلنت شركتا «لوفتهانزا» الألمانية و«فلاي دبي» الاماراتية تعليق رحلاتهما إلى إسرائيل امس. وقال رئيس بلدية حيفا: «في أيام القتال نتوقع إطلاق 4000 صاروخ يومياً. وهذا دمار كبير».
وذكر موقع «واللا» العبري: «انّ الجيش الإسرائيلي ألغى إجازات الجنود في الوحدات القتالية ضمن حالة التأهب لردّ محتمل من إيران و»الحزب». كذلك ومن ضمن اجراءات التحسّب للردّ، ذكرت القناة 12 الإسرائيلية: «أنّ رئيس الشاباك طلب من رئيس حكومة العدو والوزراء تخفيف التنقل والزيارات، وأوعز بالحصول مسبقاً على موافقته لكل جولة يقوم بها نتنياهو أو الوزراء، وطلب تشديد الحراسة عليهم».
وفي هذه الاثناء دعا مجلس الأمن القومي الإسرائيلي في بيان وزعه مكتب رئيس الوزراء، حاملي الجنسية الإسرائيلية إلى «توخّي الحذر الشديد عند السفر إلى الخارج». وقال «إنّ إيران أو حليفتيها “حركة ح ” وجماعة «الحزب» اللبنانية قد تستهدف مؤسسات إسرائيلية أو يهودية خارج البلاد»
وفي طهران، اعلن رئيس هيئة الأركان الإيرانية: «انّ الردّ حتميّ، ويجب اتخاذ إجراءات متعددة والكيان الصهيوني سيندم على فعلته». فيما نقلت وكالة «رويترز» عن مصادر قولها «انّ إيران وحلفاءها في المنطقة يجتمعون في طهران لمناقشة استراتيجية الردّ على إسرائيل».
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت لإذاعة الجيش الإسرائيلي، إنّ «اغتيال رئيس أركان «الحزب» فؤاد شكر، هو أمر جيد ومفيد»، متسائلا «عمّا يمكن أن يمثل الاغتيال أي تغيير يُذكر في معادلة الحرب بين إسرائيل وبين الحزب؟». وأكّد أنّه «لن يغيّر شيئاً من تلك المعادلة»، مضيفاً أنّ «فؤاد شكر لم يكن هدفاً واقعياً منذ اللحظة الأولى»، داعياً إلى «وقف الحرب في قطاع غزة والاستمرار بالمفاوضات لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين من حركة ح».
حراك ديبلوماسي
وعلى صعيد المساعي الديبلوماسية الخارجية لمنع نشوب الحرب، زار وزيرا الخارجية والدفاع البريطانيان ديفيد لامي وجون هيلي لبنان امس، وجالا على كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب وقائد الجيش العماد جوزف عون.
وقالت مصادر ديبلوماسية وسياسية واكبت حركة الوزيرين البريطانيين لـ«الجمهورية»، انّهما كانا واضحين في شرح المخاطر المترتبة على ما يجري في المنطقة وما بلغته اجواء التحدّي والعمليات العسكرية مما لا يمكن لجمه إن بقيت الأطراف كافة متمسكة بالمواقف والسقوف العالية.
وحسب هذه المصادر، شدّد الوزيران باسم حكومة بلادهما على «ضرورة ممارسة الضغوط على «الحزب» والفصائل التي انتهكت القرارات الدولية في الجنوب لمنع تفجّر الوضع وإبقاء ردات الفعل ضمن قواعد الاشتباك المعتمدة والتي حالت حتى اليوم دون الانفجار الكبير في المنطقة، وعبّرا عن «قلقهما من أن يؤدي سوء حسابات الأطراف كافة الى جرّ المنطقة الى مزيد من التصعيد».
وقالت المصادر نفسها، انّه وبمعزل عن خصوصيات المواقف اللبنانية، فقد عبّر المسؤولون اللبنانيون عن رفضهم للتهديدات الاسرائيلية، وشّددوا على ضرورة ان يمارس المجتمع الدولي الضغوط الضرورية لمنع إسرائيل من التمادي في ارتكاباتها الإجرامية في غزة ووقف إطلاق النار لتهدأ بقية الجبهات.
وشدّد الوزيران على اهمية «منع اي عمل عسكري متهور يقود الى تفجير الوضع»، واعتبرا انّ «ما يجري غير مقبول وخصوصاً انّ معظم المبادرات الدولية والأممية انهارت واحدة بعد اخرى ولم يتوصل احد الى ترتيب وقف للنار وخصوصاً قرار مجلس الأمن الأخير الذي صدر في 10 حزيران الماضي بالاستناد الى صيغة تبنّت مبادرة الرئيس جو بايدن. فردّ الجانب اللبناني أنّ من رفض المبادرة والقرار هي اسرائيل وليس لبنان الذي يشدّد على أهمية وقف النار في غزة والالتزام الكامل بالقرار 1701 من الجانبين اللبناني والاسرائيلي، وانّ لبنان جاهز لكل الترتيبات المطلوبة».
لا يريد الحرب
وعلمت «الجمهورية» انّ الوزيرين البريطانيين ابديا تخوفهما من اندلاع حرب شاملة في المنطقة، واكّدا انّ بلادهما مستعدة لبذل ما امكنها للحؤول دون نشوبها.
واكّد بري خلال اللقاء «أنّ لبنان لا يريد الحرب، لكنه في الوقت نفسه مستعد للدفاع عن نفسه، وأنّه على مدى أشهر كانت مساعيه وجهوده مع كافة الدول المهتمة بلبنان، الوصول للظروف التي تسمح بتطبيق القرار الأممي 1701 الذي التزم به منذ اليوم الأول لإقراره، والذي نرى الفرصة لتطبيقه بوقف دائم للعدوان على قطاع غزة أو من خلال هدنة لأسابيع». وأشار الى «أنّ الغطرسة الاسرائيلية الأخيرة برفضها لكل الطروحات والإمعان في سياسة خرق قواعد الإشتباك والإغتيالات تجرّ المنطقة نحو مخاطر لا تحمد عقباها».
ومن جهته الوفد الوزاري البريطاني اكّد «إهتمام بلاده بوجوب الوصول الى التهدئة ووقف لإطلاق النار في غزة ولبنان»، مبدياً «قلقاً بالغاً من التصعيد الأخير»، لافتاً الى «أنّ اي سوء تقدير لهذا التصعيد قد يؤدي الى توسيع رقعة الحرب في المنطقة».
من جهته، الرئيس ميقاتي اعتبر «انّ إيفاد رئيس الحكومة البريطانية كير ستامر وزيري الخارجية والدفاع الى لبنان في هذه الظروف رسالة دعم يقدّرها لبنان»، وشدّد على «انّ اسرائيل إنتهكت السيادة اللبنانية واعتدت على ارضنا مخالفة القوانين الدولية وتعتدي يومياً على المدنيين بشكل سافر». وقال: «إنّ الحل لن يكون الّا سياسياً عبر تطبيق القرارات الدولية بما فيها القرار 1701»، داعياً بريطانيا والمجتمع الدولي الى» الضغط على اسرائيل لوقف عدوانها».
ومن جهته دعا لامي «جميع الاطراف الى احترام القرار الدولي الرقم 1701 وتطبيقه بكل بنوده ومندرجاته»، فيما اشاد هيلي بـ«الشراكة القائمة بين الجيشين اللبناني والبريطاني»، ودعا الى «معالجة كل النزاعات بالحوار والاساليب الديبلوماسية، لأنّ العنف ستكون عواقبه وخيمة على الجميع».
وعلمت «الجمهورية» انّ ميقاتي سيلتقي اليوم سفراء الدول الدائمة العضوية وغير الدائمة العضوية في مجلس الامن، مطالباً حكومات هذه الدول والمجتمع الدولي عموماً بلجم اسرائيل لكي توقف اعتداءاتها على لبنان وقطاع غزة والزامها بتطبيق القرارات الدولية، ولاسيما منها القرار 1701.
حراك ديبلوماسي
وفيما كان للسفيرة الأميركية ليزا جونسون ونظيرها الفرنسي هيرفي ماغرو بعض الزيارت لعدد من المسؤولين والقيادات السياسية، جال السفير المصري علاء موسى على بري وميقاتي وبوحبيب، واكّد «دعم مصر للبنان في الظروف التي يمرّ فيها، ورفضها أي إعتداء عليه والتأكيد على أهمية التهدئة، لأنّ توسّع دائرة النزاع والمواجهات يأتي بعواقب وخيمة على لبنان وعلى المنطقة بأسرها». واكّد «موقف مصر الذي يحذّر من اللجوء الى الإغتيالات السياسية وعواقب هذا النهج الذي سيُدخلنا الى حلقة مفرغة، وهو منحى في منتهى الخطورة،». وختم: «لا سبيل الى التهدئة في أي جبهة من الجبهات الّا بوقف اطلاق النار في غزة ووقف المعاناة التي يتعرّض لها شعبنا في فلسطين».
مجزرة جديدة
في غضون ذلك، لم يكتفِ العدو الاسرائيلي بما ارتكبه في الضاحية الجنوبية لبيروت بحق المدنيين، فقد واصل قصف المدنيين في جنوب لبنان ومن دون ان تردّ المقاومة بأي عملية عسكرية منذ الامس، حيث استهدفت غارة اسرائيلية منزلاً في اطراف بلدة شمع في المنطقة الواقعة بين بلدتي طير حرفا ومجدل زون، اصابت منزلاً تقطنه عائلة سورية، ما ادّى الى مقتل 4 من افرداها وهم الام وثلاثة من اولادها، واصابة آخرين بجروح بينهم 4 لبنانيين في منزل مقابل للمنزل المستهدف. وفي حصيلة أولية لغارة شمع، صدر عن وزارة الصحة العامة البيان التالي: «تفيد الوزارة أنّه في حصيلة أولية لغارة العدو الإسرائيلي على بلدة شمع، سقط 4 شهداء وجُرح خمسة أشخاص، وسط توقعات بارتفاع الحصيلة حيث تعمل فرق الاسعاف على رفع اشلاء من المكان الذي إستهدفته الغارة».
واغار الطيران الحربي الاسرائيلي على بلدة كفركلا . واستهدفت دبابة ميركافا بقذيفتين صباحاً جنوب بلدة الخيام. فيما أطلق الجيش الاسرائيلي صباحاً نيران رشاشاته الثقيلة في اتجاه الأحراج المتاخمة لبلدات رامية وعيتا الشعب وبيت ليف في القطاع الغربي.
الى ذلك، حلّق الطيران الحربي الاسرائيلي نهاراً على علو متوسط في اجواء قرى وبلدات القطاع الغربي الحدودية وصولاً الى اجواء مدينة صور. ثم خرق جدار الصوت بعد الظهرعلى دفعتين فوق منطقتي النبطية واقليم التفاح محدثاً دوياً قوياً.
وفي تطور لاحق، أطلقت المقاومة صواريخ دفاع جوي في اتجاه الطائرات الاسرائيلية التي خرقت جدار الصوت. في وقت سُجّل قصف مدفعي إستهدف اطراف بلدة زبقين ومنطقة وادي حسن عند اطراف طير حرفا ومجدل زون.
************************
افتتاحية صحيفة اللواء
نصر الله يفصل بين عمليات الاسناد.. و«الردّ الحتمي» على اغتيال شكر وقصف الضاحية
الوفد البريطاني لتجنُّب استهداف المدنيين ولبنان يطالبه بالضغط على إسرائيل.. والحزب يستأنف إطلاق الصواريخ
مع إنهاء الحرب العدوانية الإسرائيلية على قطاع غزة اليوم 300، بقي أوار الحرب على توجهه، مع بروز متغيرات بالغة التميُّز لجهة طبيعية المواجهة في مرحلة ما بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «ح» اسماعيل هنية و«القيادي الجهادي الكبير» في الحزب فؤاد شكر (السيد محسن)، وفقاً لما اعلنه السيد نصرالله.
شيعت ايران الشهيد هنية، وشيع الحزب الشهيد شكر، وانقشعت أجواء المواجهة عن مسار قديم – جديد بين اسرائيل ومحور الممانعة.
فبعد انتهاء مراسم التشييع استأنفت المقاومة الاسلامية في الجنوب عملياتها الاسنادية للمقاومة في قطاع غزة، بصرف النظر عن دخول الحرب المرحلة الثالثة ام لا، مع سحب الجيش الاسرائيلي بعضاً من وحداته القتالية من جبهة غزة الى الحدود الشمالية مع لبنان.
وقالت هيئة البث الاسلامية بعد 48 ساعة من الهدوء في الشمال، اطلق الحزب عشرات الصواريخ نحو اسرائيل (حوالي 60 صاروخاً).
وفي السياق، ذكرت صحيفة (يديعوت احرنوت): ان اسرائيل نقلت الى الحزب رسالة، عبر دبلوماسيين غربيين تفيد ان استهداف المدنيين الاسرائيليين بشكل واسع سيؤدي الى حرب شاملة، وكشفت ان قيادة الجبهة الداخلية اوعزت الى المصانع في شمال اسرائيل التي لديها مواد خطيرة بإفراغها او تقليص الكميات كإجراء وقائي.
اما الرد على اغتيال القياديين الكبيرين في محور المقاومة، فهو ينتظر «الهدف الحقيقي» المتلازم مع طبيعة العدوان على مقر اقامة هنية في طهران، وقصف الضاحية الجنوبية، واستهداف احد ابرز القيادات العسكرية في الحزب(السيد محسن).
يعني ذلك ان المحور ليس على عجلة من امره، والرد آتٍ، لا محالة وفقا لما اعلنه السيد نصر الله في كلمة تأبينية للشهيد فؤاد شكر.
وفي اشارة واضحة الى ان جهات «المحور» لا ترغب باشعال الشرق الاوسط بحرب واسعة، قال السيد نصر الله: اذا كان الغرب لا يريد ألا تتدحرج الامور في المنطقة الى الأسوأ عليه الضغط على اسرائيل لوقف العدوان على غزة.
وتوجه السيد نصر الله الى من اسماهم «بالفرحانين» و«المنفوضين» بالاغتيالات قائلاً: اضحكوا قليلا وستبكون كثيرا، فقد دخلت مرحلة جديدة في كل جبهات الاسناد «ولم تعرفوا اي خطوط حمر قد تجاوزتم».
وقال: ان المعركة مع اسرائيل دخلت مرحلة جديدة، وعلى العدو ومن خلفه ان ينتظر ردنا الآتي حتما، فبيننا وبينكم الايام والليالي والميدان.
الموقف من إسرائيل
وقال رئيس وزراء اسرائيل ان جيشه مستعد لأي سيناريو دفاعاً او هجوماً و«سنحمّل مرتكب اي عمل عدواني ضدنا كائناً من كان ثمناً باهظاً جداً.
ودعا مجلس الأمن القومي الاسرائيلي حاملي الجنسية الاسرائيلية الى توخي الحذر الشديد عند السفر الى الخارج، متخوفا من ان تستهدف «حركة ح» او ايران او الحزب مؤسسات يهودية او اسرائيلية خارج اسرائيل.
الحركة الدبلوماسية
دبلوماسياً، كان البارز وصول وزيري الخارجية والدفاع البريطانيين، ديفيد لامي وجون هيلي، واللذين استهلا جولتهما بقصر بسترس، ومن هناك ابديا قلقهما من احتمال تدهور الاوضاع في المنطقة، مشددين على ضرورة وقف اطلاق النار في غزة، وحذر لامي من ان يؤدي سوء حسابات الاطراف كافة الى جرّ المنطقة الى مزيد من التصعيد.
ومن مقر الخارجية، انطلق الوزيران البريطانيان الى عين التينة، حيث اجتمعا الى الرئيس نبيه بري واكد الوزيران اهتمام بريطانيا بوجوب الوصول الى التهدئة ووقف اطلاق النار في غزة ولبنان، وتخوف الوفد من ان يؤدي سوء تقدير التصعيد الى توسيع رقعة الحرب في المنطقة.
وقال بري للوفد البريطاني: ان الغطرسة الاسرائيلية الاخيرة برفض كل الطروحات والامعان في سياسة خرق الاشتباك والاغتيالات تجر المنطقة نحو مخاطر لا تحمد عقباها.
ووصف الرئيس نجيب ميقاتي ارسال وزيري الخارجية والدفاع الى بيروت في هذه الظروف رسالة دعم يقدرها لبنان. واشار الى ان اسرائيل انتهكت السيادة اللبنانية والحل لا يكون الا سياسياً عبر تطبيق القرارات الدولية بما فيها القرار 1701.
وسط ذلك، تقدمت وزارة الخارجية بشكوى أمام مجلس الأمن الدولي وأمام الأمين العام للأمم المتحدة عبر بعثتها الدائمة في نيويورك، طالبت بموجبها الدول الأعضاء في مجلس الأمن «إدانة الاعتداءات الإسرائيلية السيبرانية على لبنان والتي تشكل خطراً جدياً على خدمات الطيران المدني فيه، وتهدد أمن وسلامة شبكات الاتصال والأجهزة والتطبيقات والبيانات الإلكترونية في المنشآت والمرافق الحيوية اللبنانية».
وسط هذه الاجواء، لا تزال حركة الطيران تتأثر بالغاء الشركات رحلاتها الى بيروت، طلبت أستراليا من مواطنيها في لبنان المغادرة على الفور، قائلة إن هناك خطرًا حقيقيًا من تصاعد حدة التوتر على نحو خطير بين إسرائيل وجماعة الحزب المسلحة.
من جهتها،نصحت فرنسا مواطنيها بعدم السفر إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية ولبنان، وسط مخاوف من تصعيد حاد في الشرق الأوسط.
المعارضة في السراي
سياسياً، استقبل الرئيس ميقاتي وفدا من نواب المعارضة، ضم النواب: ميشال معوض، جورج عقيص، مارك ضو، ميشال الدويهي، اديب عبد المسيح، لجهة اعتبار ان قوة لبنان بالالتفاف حول الشرعية المتمثلة بالحكومة ومجلس النواب، واعتبر ضو ان اي «اعتداء على اي شبر من الاراضي اللبنانية هو اعتداء علينا جميعاً»، وقال: ناقشنا كيفية تطبيق القرار 1701 لجهة التجهيز وتعزيز قدرات الجيش».
وفي الاطار الرئاسي، اعرب البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي عن خوفه على المؤسسات الدستورية، قائلاً في لقاء تلفزيوني مساء امس: لم افهم حتى اليوم سبب غياب رئيس للجمهورية ومخالفة الدستور المستمرة، وكيف تقبلون ان يستمر البلد من دون رئيس، متسائلاً اين الميثاقية بالممارسة في مجلس النواب والوزراء.
الوضع الميداني
ميدانياً، دوت ليل امس سفارات الانذار في مستعمرات الشمال، بعد سلسلة استهدافات اسرائيلية للقرى والبلدات اللبنانية.. فقد استهدفت غارة اسرائيلية معادية منزلا في المنطقة الواقعة بين شمع وطيرحرفا وأدى الى سقوط 3 شهداء و5 جرحى، معظمهم من السوريين.. كما استهدف الطيران الاسرائيلي كفركلا وبيت ليف والخيام ورامية.
واعلن الحزب اطلاق عشرات صواريخ الكاتيوشا على مستوطنة متسوفا.
************************
افتتاحية صحيفة الديار
نصرالله يتوعد برد حتمي وجدّي: اضحكوا قليلاً وستبكون كثيراً
قواعد الاشتباك جنوبا تدخل اليوم مرحلة جديدة كماً ونوعاً – ابراهيم ناصرالدين
ما قبل الجريمتين الغادرتين في طهران والضاحية الجنوبية ليس كما بعده، المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي لم تعد جبهات إسناد بل معركة كبرى مفتوحة ساحاتها قطاع غزة وجنوب لبنان واليمن والعراق وإيران، والرد الحتمي الجدي قادم لا محالة. هكذا وضع السيد نصرالله القواعد الجديدة للمواجهة، رافضا الضغوط الخارجية الداعية «لعقلنة» الرد، وبات واضحا ان الحزب لن يسمح بان تكون الكلمة الاخيرة في هذه الحرب لأسرائيل، ولن يسمح لها بان تغير قواعد الردع في المنطقة ولبنان، وتبقى احتمالات الذهاب الى الحرب الشاملة رهنا بسلوك دولة الاحتلال التي تقف منذ ليلة امس على «رجل واحدة» بانتظار الترجمة العملية لكلمات نصرالله التي طالما وعد ونفذ بحسب معلقين اسرائيليين، اقروا بعد الخطاب بان اسرائيل دخلت في حالة من التوتر، والشلل، ونقلت وسائل اعلام عن مسؤولين اسرائيليين تقديرهم بأن «الردّ آتٍ من لبنان»، واقروا بانهم لا يعرفون ماهيتها؟
استنفار «ورسائل»؟
وفي هذا السياق، وفيما ارتكب الطيران الاسرائيلي مساء امس مجرزة جديدة في بلدة شمع سقط ضحيتها 4 شهداء سوريين و5 جرحى لبنانيين،دخلت الجبهة الداخلية الاسرائيلية بعد كلمة السيد نصرالله في حالة استنفار، حيث صدرت التعليمات والارشادات للاسرائيليين بالدخول في حالة من الاستعداد للأسوأ، وهو ما اثار ارباكا وقلقا في المدن الاسرائيلية.وكشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، ايضا أن إسرائيل نقلت رسالة إلى الحزب عبر دبلوماسيين غربيين تفيد بأن استهداف المدنيين الإسرائيليين بشكل واسع سيؤدي إلى حرب شاملة. وذكرت الصحيفة أن الحزب والحرس الثوري قد يؤخران الرد من أجل الاستعداد بشكل شامل. وأشارت إلى أن «إسرائيل تستعد لرد محتمل مشترك بين الحزب والحرس الثوري الإيراني.
رفع الجهوزية
من جهة أخرى، أفادت هيئة البث الإسرائيلية، بأن منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية على جهوزية عالية لاعتراض أي تهديد من لبنان فيما تحلّق مقاتلات من سلاح الجو في أجواء البلاد. وكشفت الهيئة عن أن قيادة الجبهة الداخلية أوعزت إلى المصانع في شمال إسرائيل التي لديها مواد خطرة بإفراغها أو تقليص الكميات التي لديها كإجراء وقائي.
الرد حقيقي لا شكلي
وكان السيد نصر الله، توعد بـ»رد حقيقي وليس شكليا» على اغتيال الشهيد شكر، معتبرا أن المواجهة مع إسرائيل لم تعد «جبهات إسناد بل معركة كبرى مفتوحة»، وقال نصر الله خلال مراسم تشييع الشهيد فؤاد شكر ان المواجهة مع إسرائيل لم تعد جبهات إسناد بل معركة كبرى مفتوحة ساحاتها قطاع غزة وجنوب لبنان واليمن والعراق وإيران، أضاف متوعدا: على العدو ومن هم خلفه انتظار ردنا الآتي حتما ولا نقاش ولا جدل في ذلك، وبيننا الأيام والليالي والميدان. وتابع: نبحث عن رد حقيقي وليس شكليا كما يروج، بل هو رد مدروس جدا.وتوجه للاسرائليين بالقول» اضحكوا قليلا وستبكون كثيرا»..
واد الفتنة…
وتجاوز «الخطوط الحمراء»
ولفت السيد نصرالله ما حصل في الضاحية هو عدوان وليس فقط عملية اغتيال، ولفت الى ان ما حصل ليس ردة فعل على ما حصل في مجدل شمس بل هذا ادعاءٌ وتضليل وهو جزء من الحرب ومن المعركة، ولقد نفينا مسؤوليتنا عما جرى ونملك جرأة وشجاعة الاعتراف لو كان ذلك خطأ منا، فتحقيقنا الداخلي يؤكد ألا علاقة لنا بما جرى في مجدل شمس والعدو نصب نفسه مدعياً عاماً وقاضياً وجلاداً. كما لفت إلى أنه «بفضل الوعي والمواقف الحازمة من قيادات طائفة الموحدين الدروز الكريمة تم وأد الفتنة وتعطيلها»، وشكر القيادات السياسية والروحية الدرزية على موقفها. السيد نصر الله قال «إننا ندفع ثمن إسنادنا غزة ودعمنا القضية الفلسطينية وهذا ليس جديداً ونحن نتقبل هذا الثمن وندفعه ..وأكد أن «نحن في معركة مفتوحة في كل الجبهات وقد دخلت في مرحلة جديدة»، وسأل: «هل يتصورون أن يقتلوا القائد إسماعيل هنية في طهران وتسكت إيران»؟كما توجه للإسرائيليين قائلًا لهم: «ستبكون كثيراً لأنكم لا تعلمون أي خطوط حمراء تجاوزتم».
ماهي «رسائل» نصرالله؟
وفي هذا السياق، لفتت مصادر مطلعة «للديار» الى ان السيد نصرالله كان حاسما في مسألة الرد، لكنه كان ايضا حاسما في عدم الرغبة في خروج الامور عن السيطرة والذهاب الى حرب واسعة، ولهذا تحدث عن خوض المعركة بعقلانية وشجاعة. لكن ما هو ثابت ان قوله بان الرد حتمي وحقيقي وليس شكليا وان الميدان سيتكلم، فهذا يعني ان الهدف قد تم تحديده وموعد التنفيذ يبقى في جعبة القيادة العسكرية الجهادية للمقاومة بعد ان تم تعيين مسؤول عام جديد بديلا عن الشهيد فؤاد شكر، والذي تسلم مهامه بعد ساعات قليلة من الاستشهاد…اما الرسالة الابرز فكانت لكل ما حاول من الدبلوماسيين الغربيين تحديد شكل الرد، فكانت «الرسالة» واضحة بانه لا مساومة على حق الرد على اسرائيل التي ستنال عقابها على كسر قواعد الاشتباك التي لن تقبل المقاومة بان يتم تعديلها بمعزل عما ستؤل اليه الامور في جبهة غزة. واذا كان السيد نصرالله لم يعط عنوانا جديدا للمرحلة الجديدة، لكنها ستكون مختلفة كما ونوعا عن طبيعة جبهة الاسناد التي سيتطور عملها تصاعديا وستكون الساعات المقبلة شاهدة على التطور النوعي كما ونوعا.
البعد النفسي للخطاب؟
وبراي تلك الاوساط، فان ما يوازي الموقف الحاسم للرد عسكريا وربما امنيا هو البعد النفسي للخطاب ليس فقط رفعا لمعنويات جمهور تاثر بعمليتي اغتيال الشهيدين هنية وشكر، وانما في دفع الاسرائيليين الى مساءلة قيادتهم التي اتخذت القرار بعمليتي القتل، بالسؤال عن الجدوى منها، في حال كان الثمن باهظا داخل اسرائيل، وهو حتى الان كبير جدا لجهة الشلل العام السائد هناك وحالة الاستنفار في المدن الكبرى والمستوطنات بانتظار ردودد الفعل من كافة الجبهات. اما اذا حصل رد فعل كبير ومؤثر عندها سيكون الغضب كبير لدى الجمهور الاسرائيلي حيال الحسابات الخاطئة للقيادتين العسكرية والسياسية اللتين نقلتا الحرب الى الجبهة الداخلية.
تهديدات نتانياهو
في المقابل، اكد رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو بان إسرائيل على مستوى عال جدا من الاستعداد لأي سيناريو سواء في «الدفاع أو الهجوم»، وأضاف خلال حديث مع قادة قيادة الجبهة الداخلية بالجيش: سنفرض ثمنا باهظا للغاية لأي عمل «عدواني» ضدنا من أي ساحة، وفق ما نقلت عنه إذاعة الجيش الإسرائيلي. وكشفت القناة «الـ 12» العبرية عن اتصال هاتفي بين نتانياهو وبايدن مساء امس.
كيف سيكون الرد؟
وفيما تحدثت وكالة «رويترز» عن حصول اجتماع بين مسؤولين إيرانيين مع ممثلين عن الحزب وحركة ح، والجهاد الاسلامي، وانصار الله،في طهران، للتنسيق بسيناريوهات الردّ المحتملة على إسرائيل، توقعت مصادر دبلوماسية غربية ان يكون رد إيران والحزب منسّقاً مع بقية مكونات المقاومة ولفتت الى ان اولى نتائج التصعيد الأخير ستكون تعميق التنسيق التكتيكي بين إيران والحزب و»أنصار الله» وفصائل الحشد الشعبي العراقي وحركتي ح والجهاد الإسلامي»، ولفتت الى انه سيكون هذا هو المشهد الجديد من الآن فصاعداً. ولفتت تلك الاوساط الى ان إيران والحزب لا يرغبان بالانجرار للعبة نتانياهو أو منحه الفرصة التي يحتاجها لجرّ الولايات المتحدة الأميركية الى الحرب، ولهذا من المرجح ان يحاولان الرد لكن مع تجنّب الحرب وفي الوقت نفسه ردع إسرائيل بقوة عن مواصلة شنّ ضربات موجّهة، ولهذا لن يصعدوا الى درجة المواجهة الشاملة.
حالة الذعر
ونقلاً عن محافل رفيعة جدًا بالمؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة، كشف مراسل الشؤون العسكريّة في صحيفة «هآرتس» النقاب عن أنّ جيش الاحتلال يستعِّد لهجومٍ إيرانيٍّ من عدّة جبهاتٍ، مُشيرًا إلى أنّ التقديرات تُشير إلى أنّ “حركة ح” ستعمل على تنفيذ عمليات مقاومةٍ من الضفّة الغربيّة المُحتلّة، وأنْ تقوم بإطلاق الصواريخ إلى مركز الكيان، أمّا فيما يتعلّق بردّ الحزب، فأوضحت المصادر أنّ هناك خلافًا لدى الجهات ذات الصلة بالجيش حول الردّ، فالقسم الأول يؤمن بأنّ الردّ سيكون محصورًا، فيما يؤكّد القسم الثاني أنّ الحزب سيُوجِّه صواريخه لضرب المنشآت المدنيّة.
جدوى الاغتيالات؟
من جهتها، اعتبرت صحيفة «اسرائيل هيوم» انه من السابق لأوانه القول إذا ما حققت التصفيتان كل أهدافهما؛ فالهدف ليس الرد فقط. في عملية من هذا النوع، يريد المرء ويحتاج التأثير في سلوك الطرف الآخر وتغييره، أو على الأقل خلق ظروف تسمح بتغيير الواقع. ولفتت الى ان رد الحزب المنسق مع إيران سيصمم كيف سيكون وجه المعركة. فالتدهور إلى حرب قد يحصل في ضربة دقيقة لموقع حساس في وسط البلاد أو عقب نتيجة مأساوية شاذة أخرى. الرد المحدود قد يجلب فرصة لإنهاء الحرب ولتسوية في الشمال. لهذا الغرض، بات المطلوب زعامة اسرائيلية تحدد استراتيجية متعددة الجبهات في نظرة بعيدة المدى. وخلصت الى القول» علينا أن نتذكر بأن أي أعمال تكتيكية، مهما كانت ناجحة، ربما تضيع هباء دون غاية استراتيجية تعرف كيف تستغلها وتستخلص أقصى ما فيها».
استدراج واشنطن للحرب!
وفي سياق متصل، رات «هآرتس» ان خطر الانزلاق في حرب شاملة بات حقيقياً أكثر من أي وقت مضى، ولفتت الى ان إسرائيل تبدو امام معضلة، فهي لا تريد حربا شاملة، ومن الواضح أن سياستها في الشمال لا تنجح في ردع الحزب، ورغبتها في خوض حرب أكثر كثافة لبضعة أيام على أمل أن تضغط على بيروت وطهران، غير مضمونة لان المشكلة تبقى في أنه يصعب السيطرة على شدة اللهب، ما سيصعب التوصل إلى التهدئة بعد ذلك. وبرايها ثمة سؤال أساسي سيؤثر على الأحداث لاحقاً، يتعلق بموقف الولايات المتحدة التي لا تعرف ما الذي تريده إسرائيل ؟ فهل يفكر نتنياهو في جر الإدارة الأميركية لمعركة مباشرة ضد إيران على خلفية التصعيد الإقليمي، حتى قبل انتخابات الرئاسة الأميركية في تشرين الثاني؟
الحزب التحدي الاكبر لاسرائيل
من جهتها أشارت صحيفة «فورين بوليسي» الأميركية، ان الحزب يشكل اكبر تحد لاسرائيل، واعتبرت انه إذا اتسع نطاق الصراع، فإن ترسانة الحزب الصاروخية الضخمة وقواته العسكرية المخضرمة ستشكل تهديداً كبيراً لإسرائيل، ومن المرجح أن يكون الاضطراب أكبر بكثير مما شهدته إسرائيل منذ عقود، حتى بما في ذلك هجوم 7 تشرين أول الماضي. وبراي الصحيفة فان الحزب هو أحد أكثر الجماعات غير الحكومية تسليحاً في العالم، ويشكل تهديداً جوياً أكثر خطورة على إسرائيل من حركة ح، ويمتلك ترسانة أكبر كثيراً تتراوح بين 120 ألفاً و200 ألف صاروخ وقذيفة، كما يمتلك صواريخ باليستية قصيرة ومتوسطة المدى الأكثر فتكاً والأكثر خطورة وهي صواريخ فاتح 110. وإضافةً إلى ترسانة الصواريخ والقذائف الهائلة هذه، «يمتلك الحزب بعضاً من أكثر المقاتلين مهارةً في الشرق الأوسط».
الضغوط الغربية
وفيما بعث وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن عبر قطر رسالة إلى إيران والحزب بعدم الرد على إغتيال هنية، وشكر ،جال وزير الخارجية البريطانية ديفيد لامي ووزير الدفاع جون هيلي على المسؤولين اللبنانيين. اولى محطاتهما المحلية كانت في قصر بسترس حيث استقبلهما وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بوحبيب، حيث أعرب وزير الخارجية البريطاني عن شكوكه في امكان التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار في غزة، واعرب عن قلقه من أن يؤدي سوء حسابات الأطراف كافة الى جرّ المنطقة لمزيد من التصعيد. وفي مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، التقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الوزيرين. وجدد بري التأكيد «أن لبنان لا يريد الحرب ، لكنه في نفس الوقت مستعد للدفاع عن نفسه.بعدها، زار الوفد السراي حيث التقى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي.
لا اجوبة «انتظروا نصرالله»…
ووفقا لمصادر مطلعة، فان الوفد البريطاني الذي جال على المسؤولين اللبنانيين خرج خالي الوفاض وقيل له في القصر الحكومي والخارجية صراحة لا نملك اجوبة «انتظروا كلمة نصرالله» كما ننتظرها. وكانت السفيرة الاميركية طلبت نقل «رسالة» الى الحزب بان يكون الرد متناسبا «ومعقول» ولم تتردد في التهديد بان بلادها لا يمكنها التكهن والسيطرة على رد الفعل الاسرائيلي اذا كان رد الحزب واسع وغير محدود. لكنها وفقا للمصادر عينها لم تتلق اي اجابة على «رسالتها» وقيل لها صراحة ان «الكرة» في ملعب اسرائيل التي تتحمل مسؤولية التصعيد ولن يقبل الحزب بالمساومة على حجم الرد.
شكوى دبلوماسية
دبلوماسيا، تقدمت وزارة الخارجية بشكوى أمام مجلس الأمن الدولي وأمام الأمين العام للأمم المتحدة عبر بعثتها الدائمة في نيويورك، طالبت بموجبها الدول الأعضاء في مجلس الأمن «إدانة الاعتداءات الإسرائيلية السيبرانية ، وهي بصدد تقديم شكوى إلى مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة، بشأن عدوان إسرائيل الأخير على ضاحية بيروت الجنوبية.
دعوات للمغادرة
وفيما لا تزال حركة الطيران تتاثر بالغاء الشركات رحلاتها الى بيروت، طلبت أستراليا من مواطنيها في لبنان المغادرة على الفور، قائلة إن هناك خطرًا حقيقيًا من تصاعد حدة التوتر على نحو خطير بين إسرائيل وجماعة الحزب المسلحة. من جهتها ، نصحت فرنسا مواطنيها بعدم السفر إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية ولبنان، وسط مخاوف من تصعيد حاد في الشرق الأوسط. كما دعت الهند رعاياها الى مغادرة لبنان.
***************************
افتتاحية صحيفة الشرق
بري: لبنان لا يريد الحرب ولكنه مستعد للدفاع عن نفسه
وزيرا خارجية ودفاع بريطانيا جالا على المسؤولين: لتطبيق الـ1701
وصل امس الى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت وزير الخارجية البريطانية ديفيد لامي ووزير الدفاع جون هيلي.
واولى محطاتهما المحلية كانت في قصر بسترس حيث استقبلهما وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بوحبيب، بحضور الوفد المرافق والسفير البريطاني لدى لبنان هاميش كويل.
ثمّن بوحبيب زيارة الوفد البريطاني، لا سيما أنها تأتي في خضم التطورات الأخيرة الخطيرة التي شهدها لبنان والمنطقة، واستمرار اسرائيل في عدوانها. وشدد على أهمية التطبيق الكامل للقرار 1701 باعتباره المفتاح الأساس لعودة الهدوء الى جنوب لبنان. كما حذّر من خطر الانزلاق الى حرب شاملة في حال لم تقم الدول المؤثرة القريبة والصديقة لاسرائيل بالضغط عليها لخفض التصعيد ولجمها عن اللجوء الى الخيار العسكري غير المسؤول.
وأبدى الوزيران البريطانيان قلقهما من احتمال تدهور الأوضاع في المنطقة، وشددا على ضرورة وقف اطلاق النار في غزة. فيما أعرب وزير الخارجية البريطاني عن شكوكه في امكان التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار في غزة، وعن قلقه من أن يؤدي سوء حسابات الأطراف كافة الى جرّ المنطقة لمزيد من التصعيد.
ومن الخارجية الى مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، حيث استقبل رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الوزيرين لامي وهيلي والوفد المرافق والمستشارين الكبار في وزارتي الخارجية والدفاع البريطانيتين، في حضور السفير كاول وسفير لبنان لدى المملكة المتحدة رامي مرتضى والمستشار الإعلامي للرئيس نبيه بري علي حمدان.
وجدد بري التأكيد «أن لبنان لا يريد الحرب ، لكنه في نفس الوقت مستعد للدفاع عن نفسه، وأنه على مدى أشهر كانت مساعيه وجهوده مع كافة الدول المهتمة بلبنان، الوصول للظروف التي تسمح بتطبيق القرار الأممي 1701 الذي التزم به لبنان منذ اليوم الأول لإقراره، والذي نرى الفرصة لتطبيقه بوقف دائم للعدوان على قطاع غزة أو من خلال هدنة لأسابيع».
وأشار رئيس المجلس الى «أن الغطرسة الاسرائيلية الأخيرة برفضها لكل الطروحات والامعان في سياسة خرق قواعد الإشتباك والإغتيالات تجر المنطقة نحو مخاطر لا تحمد عقباها» .
وتم البحث في الأوضاع العامة والمستجدات السياسية والميدانية في لبنان والمنطقة على ضوء مواصلة إسرائيل لعدوانها على لبنان وقطاع غزة.
وأكد الوفد الوزاري البريطاني، في خلال اللقاء، «إهتمام بلاده على وجوب الوصول الى التهدئة ووقف لإطلاق النار في غزة ولبنان»، مبديا «قلقا بالغا من التصعيد الأخير»، لافتا الى «أن اي سوء تقدير لهذا التصعيد قد يؤدي الى توسيع رقعة الحرب في المنطقة». وشكر الرئيس بري للمملكة المتحدة إهتمامها ومساعدتها للجيش.
السراي: بعدها، زارا السراي حيث التقيا رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي.
شارك في اللقاء السفير البريطاتي والوفد المرافق، وعن الجانب اللبناني السفير مرتضى والمستشارون الوزير السابق نقولا نحاس، السفير بطرس عساكر وزياد ميقاتي.
في خلال اللقاء شكر رئيس الحكومة لبريطانيا وقوفها الدائم الى جانب لبنان ودعمه على الصعد كافة. واعتبر «ان ايفاد رئيس الحكومة البريطانية كير ستامر وزيرا الخارجية والدفاع الى لبنان في هذه الظروف رسالة دعم يقدرها لبنان، مشيرا ان كان بحث مع نظيره البريطاني يوم السبت الفائت في فرنسا الوضع في لبنان والمنطقة.
وشدد رئيس الحكومة على «ان اسرائيل إنتهكت السيادة اللبنانية واعتدت على ارضنا مخالفة القوانين الدولية وتعتدي يوميا على المدنيين بشكل سافر.
وقال: «إن الحل لن يكون الا سياسيا عبر تطبيق القرارات الدولية بما فيها القرار 1701، داعيا بريطانيا والمجتمع الدولي الى الضغط على اسرائيل لوقف عدوانها».
من جهته، دعا وزير الخارجية البريطاني جميع الاطراف الى احترام القرار الدولي الرقم 1701 وتطبيقه بكل بنوده ومندرجاته، فيما اشاد وزير الدفاع جون هيلي بالشركة القائمة بين الجيشين اللبناني والبريطاني. ودعا الى معالجة كل النزاعات بالحوار والاساليب الديبلوماسية، لأن العنف ستكون عواقبه وخيمة على الجميع».
وزار الوفد البريطاني قائد الجيش العماد جوزيف عون في اليرزة.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :