مواجهة قادمة بالمحافل الدولية بين الدكتور أحمد البوقري مع النظام اللبناني
سرقة أموال المودعين من المسؤول عنها ؟ ومن يضع حدّ لهذه الجريمة المتمادية؟!.
السيّد نجيب ميقاتي رئيس الحكومة اللبنانية، إن كان الشعب اللبناني عاجز أمامك وأمام حكومتك وزمرة وزرائك وأمام هذه السلطة الحاكمة، فقطعاً أنا لن أتردّد بقول الحق في وجهك ووجه السلطة الحاكمة.
فالأمر ينطبق أيضاً على كل من حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة وحاكم مصرف لبنان الحالي بالإنابة وسيم منصوري ورئيس مجلس إدارة بنك لبنان والمهجر سعد الأزهري، فالحساب قادم لا محالة.
أنا لا أملك الحق في التحدّث نيابة عن الشعب اللبناني، ولكن هنا أتحدّث عن حقّي المسروق من قبل الجمهورية اللبنانية، وحق والدي رحمه الله من إيداعات في المصارف اللبنانية التي طالما أتحفتنا بشعاراتها الرنّانة وزرع الثقة بالتعامل معها وكل ذلك تبيّن أنه خدعة منظّمة لاستقطاب الودائع ومن ثمّ الإستيلاء عليها والتنصّل بكل وقاحة من المسؤولية لإعادتها لأصحابها، والسارق أو الحرامي سواء كان فرد أو عصابة أو دولة للإستيلاء على أموال المودعين مهما بلغت ودائعهم لا يقوم به سوى عصابات الأشرار التي يبدو أنها تشكّلت في لبنان!!! ما أكتبه الأن هو فاتحة الكتاب، والقضاء اللبناني والغربي سيأخذ مجراه، فضلاً عن الإعلام، ولي كامل الحق في الدفاع عن حقوقي وأموالي واستردادها أمر مشروع ولا جدال في ذلك.
في أواخر عام 2019 استفاق عدد كبير من اللبنانيين، ومعهم مجموعة من المودعين العرب ليجدوا أن ودائعهم في البنوك اللبنانية، والتي تبلغ حوالي 120 مليار دولار قد تبخّر الجزء الأكبر منها بحيث لم تعد موجودة إلاّ وأصبحت عبارة عن أرقام فقط في سجلات المصارف مع عدم إمكانية الحصول عليها، وبحلول عام 2021 لم يبق في القطاع المصرفي من هذه الاموال اكثر من عشرين مليون دولار، ومنذ ذلك الوقت، وحتى اليوم والسؤال االذي يطرحه اللبنانيون، ومعهم شركائهم في المأساة المودعين العرب، والذي قام النظام المصرفي اللبناني في جزء كبير منه على موالهم، حيث استفاد لبنان من أزمات المنطقة منذ منتصف القرن الـ20، فكانت تأتي تحويلات مالية من دول الجوار وتستقر في المصارف. كيف حصل ذلك، وكيف تبدّلت الامور بسرعة؟
للإجابة على هذا السؤال لا بدّ من العودة أولاً إلى قانون النقد والتسليف اللبناني، والذي يمنع على المصرف المركزي إقراض الدولة، إلا ضمن سقف معيّن وضمن شروط محدّدة.
لكن الذي حدث أن الدولة اللبنانية تغطّت كل القوانين والضوابط وراحت تستدين من المصرف المركزي دون أي خطة إقتصادية او مالية تذكر وترافقت مع هدر وفساد مالي منقطع النظير أدّى إلى سرقة المال العام من قبل جميع أطراف السلطة الحاكمة على مرّ السنين إلى أن وصل الحال بلبنان إلى الإنهيار المالي والإفلاس التام، وبدل أن يتصرف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بمسؤولية وبحسب الصلاحيات المعطاة له، والتي تسمح له بوقف استدانة الدولة من المصرف المركزي، قام بتزويدها بالمزيد من الاموال، الى ان وصلت الامور الى مرحلة نفذ فيها الاحتياطي لدى مصرف لبنان، فكان ان لجاء رياض سلامة “الحاكم الرشيد والمسؤول” الى خطوة اكثر تعقيداً واكثر خطورة، وهي انه قام بعقد اتفاق مع المصارف الخاصة لاقراض الدولة من ايداعات المواطنين اللبنانيين وغير اللبنانيين، وذلك مقابل منافع مالية معينة، تعود بالفائدة على المصارف. وعندما بلغت الاستدانة حداً باتت تشكل فيه خطراً جدياً على الوضع المصرفي، نتيجة عدم قيام الدولة بسداد ما عليها من ديون للمصارف الخاصة، اقدمت تلك المصارف على تهريب اموالها الى الخارج، وتبعها في ذلك بعض كبار رجال السياسة وأصحاب النفوذ في لبنان، والذين استفادوا من قانون السرية المصرفية في تهريب أموالهم إلى الخارج، وكانت نتيجة ذلك أن البنوك لم تعد تعطي المودعين ما يطلبون من أموالهم، بل أصبحت تفرض عليهم سقفاً للسحوبات، وذلك خلافاً للقانون الذي يلزم المصارف على أن تكون جاهزة لاعطاء المودعين أموالهم غب الطلب وبالعملة التي تم إيداع هذه الاموال فيها.
هذا مع العلم ان أموال المودعين في لبنان مضمونة بموجب قانون ضمان الودائع، والذي تمّ إقراره بعد أزمة بنك (إنترا الشهيرة)، وهو يلزم مصرف لبنان بتسديد أموال المودعين لدى البنوك المتعثرة، ولكن الذي حدث مؤخراً فاق القانون في تداعياته، وفرض نوعاً آخر من التعامل، بحيث أصبح الخوف من انهيار القطاع المصرفي دفعة واحدة، وهو الذي يحكم قانون ضمان الودائع في ظل أزمة مالية كبرى يعيشها المصرف المركزي. من يتحمل مسؤولية ما جرى؟
هناك ثلاث اطراف تتحمل المسؤولية، والتي لا يمكن ان تعمل بمعزل عن بعضها البعض، وهي ” حاكم البنك المركزي ” والبنوك، ”والدولة اللبنانية ”، فالدولة اللبنانية ممثلة بالبنك المركزي من خلال مفوض الحكومة لدى مصرف لبنان، والذي تقع عليه مسؤولية ان يعرف كل ما يدور في مصرف لبنان. وان يقوم بابلاغ وزارة المال به. كما ان من مهامه ابلاغ الحاكم المركزي بكل ما تريده الدولة من مصرف لبنان. وهناك ايضاً المصارف التي تتحمل قسطاً كبيراً من مسؤولية الوضع الكارثي الذي وصل اليه المودعين، خاصة انها ساهمت في مساعدة بتهريب الأموال الى الخارج خلال فترة الإقفال والأزمة الحادّة، ومن هنا يمكن تفسير إصرار البعض من أهل السلطة وعلى رأسهم رئيس الحكومة اللبنانية ” نجيب ميقاتي ” على عدم محاسبة حاكم البنك المركزي، وذلك خوفاً من انكشاف أعمال مشبوهة قد تكشف أسماء كبيرة من المتورطين بها إلى جانب أمور أخرى.”
ولا يجب علينا أن ننسى التقرير الصادر عن المقرر الخاص بالأمم المتّحدة الذي اعتبر أن الأزمة المالية التي تعصف بلبنان وأدّت إلى ضياع الودائع وإفقار الشعب اللبناني هي من صنع الإنسان أي أنها مقصودة ومفتعلة، وهذا ما أكّد عليه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي اعتبر أن عملية احتيال شبيهة بسلسلة بونزي هي وراء الانهيار المالي في لبنان.
وإلى السلطة الحاكمة المتمثّلة بالحكومة اللبنانية أقول لكم أنتم لا تريدون إصلاحاً !! وأعلم ما أقول والشعب اللبناني كذلك، الأمور المالية تطلب دخول صندوق النقد الدولي، بل هي تتطلب محكمة دولية لإصدار احكام بتجميد أموال بعض الأسماء مما يعرفون أنفسهم، والتحقيق من أين لكم هذا.
د. احمد البوقري
رجل اعمال سعودي.
نسخ الرابط :