في الوقت الذي يحاول فيه #لبنان الصمود بوجه التحدّيات المحليّة والإقليميّة في آنٍ، لم يسلم #مطار بيروت، وهو المرفق الأساسي، الذي ما يزال لبنان يتّكئ عليه لاجتياز محنته الاقتصادية، من التكّهنات والتحليلات بل الإشاعات في الفترة الأخيرة، والتي كان آخرها تخزين "حزب الله" كميّاتٍ من الأسلحة والصواريخ والمتفجّرات الإيرانية في داخله، ممّا قد يجعله هدفاً عسكرياً إسرائيلياً في أيّة حرب محتملة.
وعلى الرغم من ذلك، ما يزال مطار بيروت يشهد حركة ناشطة للوافدين، إذ كشف رئيس نقابة أصحاب مكاتب السفر والسياحة جان عبود عن أن "معدل عدد المسافرين الذي يصلون إلى مطار رفيق الحريري الدولي يوميّاً هو بحدود 14 ألف وافد". وتوقّع أنه "في حال بقيت الحركة على ما هي عليه أن يكون موسم صيف 2024 شبيهاً بموسم الصيف الماضي".
وأكّد أنه "حتى تاريخ اليوم يصل إلى مطار بيروت ما بين 85 و90 طائرة يومياً، تتعدّى نسبة إشغالها الـ96%"، لافتاً إلى أن "الميدل إيست وشركات أخرى تضع رحلات إضافية لاستيعاب الطلب في وجهات عديدة".
وإذ كشف عن أن "الحجوزات في تموز وآب لا تزال في وتيرة تصاعدية، لا سيما أن هذين الشهرين يشكّلان ذروة موسم الصيف"، رأى أن "نتائج حزيران الماضي كانت إيجابية حيث تعدّى عدد الوافدين خلال هذا الشهر الـ420 ألف وافد"، معتبراً أن "هذا عدد لا يستهان به، وهو قريبٌ إلى حدّ ما من المستويات المسجّلة في العام الماضي".
وقال عبود: "في حال نجحت التهدئة في المنطقة، والتي يتمّ الحديث عنها الآن، فسيكون موسم الصيف في هذا العام أفضل من العام السابق".
ولفت إلى أن "أكثر الوجهات التي يأتي منها المسافرون إلى لبنان من غير الوجهات الأساسية في الدول الخليجية، مثل دبي والرياض وغيرها، والتي تم وضع رحلات إضافية، هي مدريد وباريس ولندن وإلمانيا، حيث يستخدم الآتون من أميركا هذه المطارات للانتقال إلى لبنان".
لكن كلّ ما ذُكر سابقاً لم يبعد عن مطار بيروت المزيد من التكهّنات، حيث عاد الحديث أخيراً عن هذا المرفق الحيويّ المهمّ، هذه المرّة، من باب فتح المملكة العربية #السعودية مجالها الجوي أمام الطيران المدني السوري، في ظلّ تأثيرات محتملة لهذا القرار على حركة الطيران في مطار بيروت. وكانت "النهار" نقلت في "أسرار الآلهة" عن وزير سابق قوله إنّ فتح الرياض مجالها الجوي أمام الطيران المدني السوريّ سيؤثر سلباً على حركة مطار بيروت، لأنّ الخطوة ستتبعها خطوات لاحقة في غير عاصمة عربيّة.
وفق معلومات "النهار"، فإنّ فتح المجال الجوي السعودي أمام رحلات الطيران المدني السوري أثار بعض المخاوف من كون القرار باباً باتجاه تأثيرات سلبيّة كبيرة على حركة المسافرين عبر مطار بيروت، إذ سينتقل عدد كبير من المسافرين الذين كانوا يستخدمون مطار بيروت إلى استخدام المطارات السوريّة بشكل أساسيّ، ممّا قد يتسبّب بدوره بانخفاض حادّ في حركة المسافرين وحجم الرحلات الجوية التي تمرّ عبر بيروت.
بناءً على ما تقدّم، فإنّ من الممكن أن تتأثّر بشكل خاص شركات الطيران التي كانت تعتمد بشكل كبير على مرور الرحلات عبر بيروت، ممّا قد يؤدّي إلى تقليص العروض الجويّة، وربما إلى ارتفاع أسعار التذاكر نتيجة للطلب المنخفض. ووفق هذا السيناريو، يمكن أن يكون لهذا التأثير عواقب اقتصادية واسعة النطاق على القطاع السياحيّ والاقتصاد الوطنيّ بشكل عام في لبنان.
يُذكر أن الخطوط الجوية السورية استأنفت رحلاتها الجوية المنتظمة إلى السعودية للمرة الأولى منذ أكثر من 12 عاماً، ووصلت إحدى طائراتها إلى مطار الرياض في 10 تموز.
قرار بعودة الطيران العربي إلى الأجواء السورية
بعد أكثر من عقد على العزلة، سيعود الطيران العربي للتحليق فوق #سوريا، إذ أعلنت المنظمة العربية للطيران المدني استئناف الرحلات الجوية ضمن المجال الجوي السوري.
بدورها، دعت المؤسّسة العامة للطيران المدني، التابعة لوزارة النقل السورية، شركات الطيران العربية للعمل عبر الأجواء والمطارات السورية، مشيرة إلى موافقة البحرين على تنفيذ رحلات بين دمشق والمنامة.
وفي تصريحات للمدير العام للمؤسّسة، باسم منصور، أكّد "منح موافقة من قبل سلطة الطيران المدني في البحرين لتنفيذ رحلات بين دمشق والمنامة، بعد إنهاء التحضيرات والتجهيزات الخاصة بالتشغيل لدى الخطوط الجوية السورية، الجهة التي تمت الموافقة لها التشغيل".
وتعليقاً على مشاركة سوريا في اجتماعات المنظمة العربية للطيران المدني، في العاصمة المغربية الرباط، في 3 تموز الجاري، شدّد منصور على أن عودة سوريا بعد 12 عاماً من الانقطاع لشغل مقعدها "تؤمّن التواصل الكامل مع المنظمات العربية والدولية التي تندرج ضمن هذا الإطار، بما فيها المنظمة الدولية للطيران المدني، ومقرّها الفرعي في القاهرة، والرئيسي في كندا، بالإضافة إلى التواصل مع كلّ سلطات الطيران المدني في البلاد العربية".
هل ستؤثّر عودة الطيران العربي إلى أجواء سوريا على مطار بيروت؟
يعتمد المسافرون السوريون المقيمون في عدد من الدول، منذ سنوات، مطار بيروت بشكل أساسي لمغادرة سوريا والعودة إليها، نظراً إلى عدم تسيير رحلات من دول إقاماتهم إلى المطارات السورية. وبقيت بيروت الخيار الأفضل لهم لقربها وقلّة التقييدات، إذ يمكن الوصول إلى مطار بيروت خلال ساعتين من الانطلاق من دمشق.
من المبكر الحديث عن التأثيرات
المدير العام للطيران المدني في مطار بيروت، فادي الحسن، يجزم لـ"النهار" بأنّه من المبكر جداً الحديث عن أيّ تأثير محتمل لعودة الطيران العربي إلى أجواء سوريا على مطار بيروت. ويقول: "نعم هناك عدد لا يُستهان به من الركّاب السوريين المسافرين عبر مطار بيروت، ولكنّ عودة الطيران العربي إلى أجواء سوريا لا تعني أبداً انخفاض عدد الرحلات أو الركّاب".
واستناداً إلى أرقام المسافرين، يؤكّد الحسن أنّه "بشكل عام، معظم القادمين إلى لبنان هم من المغتربين اللبنانيين، يليهم العراقيون والسوريون، ثمّ المصريون والسيّاح الأوروبيّون. عند استئناف تلك الرحلات يمكننا الحديث عن تأثيرها".
تأثير جانبيّ وثانويّ
النائب السابق علي درويش قال لـ"النهار": "أعتقد أن هذا القرار سينعكس بالتدريج إيجاباً على لبنان. تاريخياً، هناك علاقات تحكم لبنان وسوريا، على الرّغم من كلّ الظروف. والأكيد أنّه يُناسب لبنان اقتصادياً على المدى المتوسّط والطويل أن تنتعش الحركة الاقتصادية في سوريا لأسباب عدّة، منها التداخل الاقتصادي بين البلدين، والأهمّ أن المواطن السوري سيتشجّع للعودة إلى بلده، وهذا أمر أساسي واستراتيجي".
يشير درويس إلى أنّ حركة مطار بيروت قد تتأثّر، لكنّه يؤكّد أنّ التأثير سيكون جانبيّاً وثانويّاً مقارنة بما سيجلبه القرار من استقرار في سوريا، ممّا ينعكس على واقعنا، خصوصاً في موضوع النزوح الذي أخذ الحيّز الأكبر من اهتمام الحكومة وأولي اهتماماً كبيراً في الفترة الأخيرة.
ويختم درويش بأنّ "الانفتاح على سوريا يُفيد لبنان، ويؤمّن له الاستقرار، بسبب الملفات الاقتصادية المتداخلة. وفي الحديث عن الاستقرار، إذا سارت الأمور باتّجاه إعادة الإعمار وبحث قانون قيصر، فستكون عوامل تساهم في استقرار منطقة الشرق الأوسط. وكما يعلم الجميع، لبنان أول من يدفع ثمن الخضّات والصراعات فيها".
سوريا المأزومة تؤذي لبنان
الخبير العسكري العميد الركن المتقاعد نزار عبد القادر يقول لـ"النهار" إنّ "عودة حركة الطيران ستكون لصالح العرب ولصالح لبنان تحديداً، وأنا هنا أتكلّم بطريقة عقلانيّة. فسوريا الممزقة والضعيفة والمعزولة ليست من مصلحة لبنان".
يضيف: "ما يؤثر سلباً على لبنان هو الوضع المتردّي في سوريا، والحصار العربي والدولي المفروض على النظام فيها. ويتابع: "بقدر ما يتم الضغط على سوريا، فإن تنفيس الاحتقان يتحقق عندنا، لأنّنا الحدود الأضعف، والدليل مشكلة النازحين".
يختم عبد القادر حديثة لـ"النهار" بالقول "أعتقد أن نتائج القرار، إيجابيّة كانت أم سلبيّة، لا تتوقف على مرفق واحد هو مطار بيروت، بل هناك أوتوسترادات مفتوحة من التعامل بين البلدين. واليوم، سوريا هي الحاجز القائم بيننا وبين العراق مثلاً، ونحن بحاجة إلى حريّة مرور مع الدول العربية، وأيّ حصار يضرّ باقتصاد لبنان واستقراره. سوريا المأزومة المجاورة للبنان جغرافياً تؤذي لبنان".
نسخ الرابط :