افتتاحية صحيفة الأخبار:
المقاومة تخاطب العالم من خلف العدوّ: لكم أن تتجنبوا حرباً لا يقتصر مسرحها على الكيان فقط
ليس خبراً جديداً، أن تنشر أي وسيلة إعلامية عالمية أن إسرائيل ستشنّ حرباً على لبنان. لكنّ الأمر يصبح لافتاً عندما تسرّب قناة مثل «سي أن أن» خبراً بأن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أبلغ أحد نظرائه العرب بأن إسرائيل تنوي الهجوم على لبنان. طبيعة التسريب والشخصية المنسوب الخبر إليها تضعان الأمر في سياق متناسق مع موجة التهويل الجديدة التي أطلقها قادة العدو، بالتعاون مع الولايات المتحدة وجهات غربية، لمطالبة حزب الله بوقف جبهة الإسناد.وبمعزل عن «التقييم المهني» للجهات المعنية في المقاومة الإسلامية حول احتمالية الحرب الواسعة من عدمها، وجدت قيادة المقاومة ضرورة المباشرة في خطة من شقين، يتعلق الأول برفع مستوى الجاهزية العسكرية وإخراج خطط الحرب الكبرى من الأدراج ووضع أخرى جديدة ربطاً بمجريات الأشهر الثمانية الماضية، والثاني يتعلق بحملة الدبلوماسية العامة التي يقودها الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، والتي كان خطاب أول من أمس أحد أشكالها، لجهة لفت انتباه العالم كله، وليس إسرائيل فقط، إلى أن قرار الحرب الشاملة مع لبنان يعني الذهاب إلى وضع لن يكون مطابقاً لتصوّر العدو وحماته.
وإذا كان جمهور المقاومة في لبنان وفلسطين والمنطقة وجد في خطاب نصرالله جواباً شافياً حول استعدادات المقاومة، فإن الجمهور في دولة الاحتلال يتصرف أصلاً على أساس أن ما ذاقه قسم من سكان شمال فلسطين المحتلة، سيتحول إلى طبق يومي لكل مستوطني الكيان، علماً أن القيادتين السياسية والعسكرية تعرفان أن المواجهة الشاملة مع المقاومة تحتاج إلى قوة كبيرة من جانب إسرائيل حتى تدّعي القدرة على تحقيق الهدف من الحرب، وهذا يعني أن إسرائيل، إن قرّرت الدخول في هذه المواجهة، فستكون أمام خيار إلزامي بالخضوع لقواعد اشتباك جديدة غير تلك القائمة حالياً، وهذا بحدّ ذاته عنصر المفاجأة الجديد، إذ تؤكد المقاومة في لبنان، بشكل علني، أن طريقة خوضها الحرب الشاملة لن تشبه أي معركة سبق أن خاضتها مع إسرائيل، وهذا يعني أن ما يبقى في الميدان هو اختبار القوة!
لكنّ خطاب نصرالله لم يكن موجّهاً إلى قادة ومستوطني العدو فقط، ولا إلى قواعد المقاومة فحسب، بل أيضاً إلى جميع اللاعبين الإقليميين والدوليين الذين يدعمون إسرائيل عسكرياً ومادياً وسياسياً. وقد صارح نصرالله «هذا العالم» بأن المواجهة الشاملة ستصيبه أيضاً، كون أدوات القتال من جانب المقاومة ستعمل في كل الأمكنة التي يستفيد منها العدو. وعندما قال إن البحر الأبيض المتوسط سيكون مُحرّماً على قوات الاحتلال وداعميها، فهو يعني أن على كل الدول المشاطئة للبحر الأبيض المتوسط أن تتصرف على أساس أنها معنيّة بالحرب. وحتى في إشارته إلى قبرص، فهو لم يكن يهدف فقط إلى ثني مسؤولي الجزيرة عن السير في برنامج تعاون خاص مع قوات الاحتلال، بل إلى التوضيح لهم، صراحة، بأنهم مسؤولون عن كل ما يجري على أرضهم، وأن المقاومة ليست معنيّة بالكلام الأخرق عن أن هناك قواعد تُعدّ أراضيَ أجنبية، مثل بعض القواعد البريطانية. وكل الرسائل التوضيحية التي وصلت من الجانب القبرصي إلى بيروت، أمس، لم تجب على السؤال المركزي: هل تعي قبرص خطورة معنى أن تتحول أراضيها إلى قواعد عمل لقوات الاحتلال؟
إذا كان القبارصة يفهمون الأمر، ويتحجّجون بعجزهم عن تغيير المعادلات، فهذا لا يعفيهم من المسؤولية. وهم يعرفون في تجربة الممر الإنساني البحري في غزة أن كل ما عرضوه من أفكار، أُطيح به تماماً عندما قرّرت الولايات المتحدة أن تدير المشروع وحدها وعبر جيشها، وليس في مقدور القبارصة الكذب على أنفسهم واللبنانيين وأيّ أحد آخر، بأن استخدام الأميركيين (والإسرائيليين) لمرفأ لارنكا كقاعدة انطلاق لبرنامج المساعدات، إنما تمّ وفق الخطة الأميركية – الإسرائيلية، واقتصر نصيب الجزيرة وأهلها على تشغيل عدد من سائقي الشاحنات التي تقرّر أن تنقل المساعدات بين السفن والرصيف البحري والشاطئ.لا يمكن للقبارصة نفي النشاط العسكري للعدو، ولا نفي اجتماعات التنسيق الأمني مع الغرب في الجزيرة، ولا قبولهم تجيير بريطانيا قواعدها لإسرائيل
الأمر الآخر الذي لا يمكن للقبارصة التهرّب من مسؤوليتهم عنه، هو أنهم يعرفون جيداً أن وفود الاستخبارات العسكرية الأميركية والبريطانية والفرنسية والإسرائيلية عقدت وتعقد سلسلة كبيرة من الاجتماعات في قبرص لتنسيق التعاون في ما بينها. وهذا التعاون لا يتعلق بأمن أوروبا، بل بتوفير الدعم الأمني والاستخباراتي لجيش الاحتلال في معركته ضد المقاومة في غزة ولبنان، إضافة إلى توفير مظلة دفاع جوية سبق أن استُخدمت في وجه الرد الإيراني على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق.
عملياً، تشكّل قبرص بوابة أوروبا بالنسبة إلى المقاومة في لبنان وفي فلسطين أيضاً، ومسؤولية الجزيرة هي مسؤولية الأوروبيين قبل أي أحد آخر. وإذا كانت القارة العجوز تئنّ من كلفة حرب أوكرانيا ونتائجها، فهي تعرف أنها ستئنّ أكثر مع مشاركتها في الحرب على غزة، لكن سيكون أنينها مختلفاً إن هي تورّطت أكثر في الحرب الإسرائيلية على لبنان. وهذا ما جعل خطاب نصرالله بشأن البحر المتوسط وقبرص يلقى الصدى الخاص عند الأوروبيين والأميركيين الذين أخذوا عبرة أولى من المواجهة البحرية، من خلال ما يجري في البحر الأحمر، ويعرفون جيداً أن الأسلحة الموجودة بيد المقاومة في لبنان، والمخصّصة للقتال في البحار، مختلفة كثيراً عما هو موجود في اليمن، فكيف ستكون الصورة لو تورّطوا في الحرب إلى جانب إسرائيل؟ علماً أن نصرالله نفسه سبق أن حذّر الأميركيين، منذ خطابه الأول بعد «طوفان الأقصى»، من أن المقاومة أعدّت العدّة للأساطيل الأميركية، مذكّراً إياهم بما واجهته قوات البحرية الأميركية في لبنان مطلع ثمانينيات القرن الماضي، يوم كانت المقاومة الإسلامية لا تزال حديثة الولادة.
طبول الحرب تُقرع أساساً، ولا حاجة أن يتكهّن أحد لأحد بما قد يحصل. لكن ما يُفترض بالعدو ورعاته إدراكه هو أن المعركة، إن وقعت، سيكون لها مشهد مختلف عما يجري في غزة. وإذا كان العدو يهدّدنا بدمار وموت كما يجري في غزة، فعليه أن يعرف أننا سنبدأ معركتنا معه بمشاهد لم يسبق له أن تخيّلها. وبقية الصورة متروكة – على ما يقول السيد – للميدان وأهله!
***************************
افتتاحية صحيفة البناء:
حملة إعلامية أميركية وغربية وعربية لتسويق خيار الحرب الإسرائيلية على لبنان
قادة جيش الاحتلال يقولون إن الاستعداد للحرب لا يعني إمكانية خوضها مع غزة
قبرص تستجيب لتحذير نصرالله: لن نمنح أي تسهيلات لأي دولة لخوض حرب
في وقت واحد بدا أن قراراً صدر من غرفة عمليات إعلامية ببدء حملة مكثفة وموسعة تقول إن الحرب الاسرائيلية على لبنان آتية حكماً، وإن وحدات إسرائيلية سوف يتم نقلها إلى الشمال لهذه الغاية. ونقلت قناة «سي ان ان» عن وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن أنه أبلغ أحد الوزراء العرب بأن قادة الكيان حزموا أمرهم بعمل عسكري كبير في لبنان، كما شهدت فضائيات غربية وعربية برامج سياسية تروّج لفرضية الحرب وتتحدث عن حتميتها، وتطوّع كثيرون ممن يحملون لقب محلل سياسي واستراتيجي للقول إن الحرب حسم أمرها وإن الأميركيين لن يدعوا كيان الاحتلال وحيداً في هذه الحرب التي يحتمل انضمام إيران إليها.
المقاومة غادرت منطقة نقاش الاحتمالات حول فرضية الحرب، وتموضعت في مكان واضح، إذا أراد الكيان ومن خلفه أميركا الذهاب الى الحرب فنحن جاهزون لها، وقد أكملنا الاستعداد لكل الاحتمالات، براً وبحراً وجواً، والمفاجآت التي سوف تحملها الحرب في حال وقوعها سوف تؤكد أن المقاومة لم تتحدث بلغة الواثق من النصر إلا بناء على حسابات دقيقة. وجدّد متابعون لموقف المقاومة التذكير بما تضمنه خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أول أمس، لجهة قراءة عناصر التفكك والتآكل في وضعية الكيان الداخلية والخارجية، السياسية والعسكرية، مقابل اقتدار المقاومة ومعنوياتها وإنجازاتها خلال شهور الحرب في كل الجبهات، وكل ذلك ليس إلا غيضاً من فيض ما سوف يظهر إذا وقعت الحرب الكبرى.
بالتوازي نقلت وسائل إعلام الكيان تقارير ومعلومات منسوبة لقادة الجيش والعسكريين، عن مواصلة الاستعدادات اللازمة لعمل عسكري في لبنان رداً على ما تشهده الجبهة من تصعيد وتطورات، ونسبت اليهم القول بأن الاستعدادات لا تعني أن الحرب قد اتخذ قرارها، خصوصاً أن خوضها يستدعي انتظار انتهاء الحرب في غزة أو قراراً بحجم التخلي عن مواصلة الحرب في غزة، وهذا سوف تكون له تداعيات خطيرة.
من جهة أخرى تفاعل موقف السيد نصرالله التحذيري للحكومة القبرصية من خطورة منح تسهيلات لجيش الاحتلال تتيح استخدام المطارات والقواعد القبرصية في حال شن عدوان على لبنان، وبعد تصريحات ومواقف لبنانية مناوئة للمقاومة اعتبرت تحذير نصرالله سبباً لتصعيد أوروبي ضد لبنان، سارعت الحكومة القبرصية إلى الاستجابة لتحذير السيد نصرالله وأعلنت أنها لن تسمح باستخدام أراضيها وأجوائها لأي عمل حربي، وأنه «لن يتم منح أي دولة الإذن بإجراء عمليات عسكرية عبر قبرص».
لا يزال خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يتصدر واجهة المشهد لما حمله من مواقف ومعادلات ومعلومات كشف عنها للمرة الأولى تتعلق بقدرات وإمكانات المقاومة والتي شكلت معادلات ردع جديدة برية وجوية وبحرية أحدثت صدمة كبيرة في المستويات العسكرية والأمنية والسياسية في كيان الاحتلال وأصابت جبهته الداخلية بشكل مباشر، في ظل مواقف وردود فعل إسرائيلية متعددة عكست إرباكاً وقلقاً كبيرين لجهة التعامل مع المعادلات التي كشفها السيد نصرالله في خطابه الأخير، رأى فيه خبراء ومحللون بأنه أعلى درجة في الردع الاستراتيجي لـ»إسرائيل». ولفت الخبراء لـ»البناء» الى أن خطاب السيد نصرالله بمثابة إعلان مباشر للاستعداد للحرب الشاملة، أي أن حزب الله وبالتزامن مع انخراطه بجبهة إسناد غزة وردع الجيش الإسرائيلي في الجنوب، استغل انشغال جيش الاحتلال بالقتال خلال أشهر الحرب التسعة الماضية لإكمال استعداداته على كافة الصعد للحرب الشاملة. كما استثمر السيد نصرالله على نقاط ضعف العدو ليرفع درجة الردع، لا سيما خوف الجبهة الداخلية الإسرائيلية من حزب الله في لبنان، الذي يشكل خطراً استراتيجياً على «إسرائيل» وفق ما يقول جنرالات إسرائيليون. وأوضح الخبراء أن معادلات السيد نصرالله زادت في مأزق «إسرائيل» وضيّقت الخيارات أمام نتنياهو ولم يعد أمامه سوى استكمال التفاوض مع حركة حماس للتوصل الى اتفاق لوقف إطلاق النار، لأن رهانه على عدوان شامل على لبنان بتغيير الواقع الميداني والسياسي في الحرب على غزة بجرّ المنطقة الى مواجهة شاملة، هو رهان فاشل.
وواصلت المقاومة عملياتها النوعية ضد مواقع وتجمعات الاحتلال الإسرائيلي في شمال فلسطين المحتلة، وردّت على الاغتيال الذي نفّذه العدو «الإسرائيلي» في بلدة دير كيفا باستهداف ثكنة «زرعيت» بعشرات صواريخ الكاتيوشا. وفي تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة، تجمعًا لجنود العدوّ داخل موقع السماقة بالأسلحة المناسبة، كما استهدفوا موقع رويسات العلم بالرشاشات الثقيلة محققين إصابات مباشرة. كما استهدفت موقع زبدين في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، وموقع الناقورة البحري بقذائف المدفعية محققين إصابة مباشرة.
وكانت مسيّرة إسرائيلية أغارت بأربعة صواريخ مستهدفة سيارة في بلدة دير كيفا، ما أدى الى استشهاد عباس إبراهيم حمزة حمادة من بلدة الشهابية الجنوبية الذي نعاه حزب الله. واستهدفت غارة إسرائيلية سيارة في بلدة حومين الفوقا ما أدّى الى استشهاد نجل الشيخ محمد جمعه عمار جمعه.
الى ذلك، لاقى تحذير السيد نصرالله للحكومة القبرصية من مغبة السماح باستخدام العدو الإسرائيلي أراضيها وقواعدها ومطاراتها لضرب لبنان، ردود فعل وتوتر دبلوماسيّ بين لبنان وقبرص، لكن مصادر مطلعة أوضحت لـ»البناء» أن كلام السيد نصرالله كان مجرد تحذير مسبق لدفع الحكومة القبرصية لمعالجة الأمر وعدم التورط بفتح أراضيها ومجالها الجوي ومطاراتها للعدو في أي حرب مقبلة ضد لبنان. وبالتالي السيد نصرالله لم يهدّد بضرب قبرص، بل إن أي مكان قد يستخدمه العدو الإسرائيلي لضرب لبنان سيكون هدفاً للمقاومة في الحرب المقبلة على لبنان.
وأجرى وزير الخارجية عبدالله بوحبيب اتصالاً بوزير الخارجية القبرصي وأعرب له عن تعويل لبنان الدائم على الدور الإيجابي الذي تلعبه قبرص في دعم الاستقرار في المنطقة. من جهته أكد الوزير القبرصي مضمون البيان الصادر عن رئيس جمهورية قبرص من أن بلاده تأمل أن تكون جزءاً من الحل وليس جزءاً من المشكلة. وشدّد على أن قبرص ليست بوارد التورط بأي شكل من الأشكال في الحرب الدائرة في المنطقة. كما أوضح أن قرار إقفال السفارة القبرصية ابوابها ليوم واحد كان محدداً مسبقاً لأسباب إدارية تتعلق بنظام التأشيرات وهي ستعاود العمل كالمعتاد بدءاً من الغد (اليوم). وأكد الوزيران على عمق علاقات الصداقة التي تربط البلدين وأهمية تعزيز التعاون الثنائي بينهما لما فيه مصلحة الشعبين.
ولفتت أوساط دبلوماسية أوروبية لـ»البناء» إلى أن تصريح الرئيس القبرصي والتواصل الدبلوماسي اللبناني – القبرصي أزال الغموض والالتباس الذي أثير بعد خطاب السيد نصرالله، موضحة أن قبرص ليست جزءاً من الصراع الدائر ومن مصلحتها الحفاظ على الاستقرار في المنطقة لا سيما البحر المتوسط، وأشارت الى أن دولة منضمة الى الاتحاد الأوروبي لكنها ليست عضواً في حلف الناتو وبالتالي غير مرتبطة بمعاهدة دفاع مشترك جماعية كانت أو ثنائية.
وأعلنت سفارة جمهورية قبرص في بيان، أن القنصلية لن تستقبل أي طلبات تأشيرة أو تصديقات ليوم واحد فقط، في 20 حزيران 2024. ولفتت السفارة القبرصية، الى أنه يمكن تسلّم جوازات السفر والتصديقات من خلال إظهار الإيصال الصادر عن القنصلية عند تقديم طلب التأشيرة.
بدورها أكدت وزارة الخارجية اللبنانية في بيان أن «العلاقات اللبنانية – القبرصية تستند إلى تاريخ حافل من التعاون الدبلوماسي وأن التواصل والتشاور الثنائي قائم وبوتيرة مستمرة ودائمة على أعلى المستويات بين البلدين بهدف التباحث في القضايا ذات المصالح المشتركة».
من جانبه، اكد المتحدث باسم الحكومة القبرصية بأنه لن يتم منح أي دولة الإذن بإجراء عمليات عسكرية عبر قبرص. وأوضح المتحدث باسم الحكومة القبرصية في تصريح، بأن «علاقات جمهورية قبرص مع لبنان ممتازة، وكل مفاوضات ستتمّ على المستوى الدبلوماسي». وأكد بأن «قبرص ليست منخرطة ولن تشارك في أي صراعات حربية».
في المواقف، أكَّد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أن «التيار» يعمل على إبعاد الحرب عن لبنان وتحييده عنها، وأنه عندما نتكلم عن الحرب نقصد «إسرائيل» لأنها هي من تتوعد وتهدد»، قائلاً: «إذا وقعت الحرب لسنا شعباً يستسلم فلا ننسى ماذا فعلت بنا «إسرائيل» وبكل لبنان وبجسور كسروان ولا خيار لدينا كتيار ولبنان أين سنقف دفاعاً عن وطننا، بغض النظر عن موقفنا مما فعله حزب الله لجهة فتح الحرب في الجنوب». وشدَّد باسيل خلال عشاء نظمته لجنة المرأة في هيئة قضاء كسروان على «أنّ السبب في هذه الأوضاع الأمنية ليس وجود حزب الله في لبنان بل وجود «إسرائيل» التي زُرعت رغمًا عن اللبنانيين والفلسطينيين في الأرض التي ولد فيها المسيح وهي تفعل ما هو عكس تعاليمه، وهي التي تنفذ اجتياحات متعددة قبل أن يتشكل حزب الله كردة فعل».
في المقابل، اتهم حزب «القوات اللبنانية»، «التيار الوطني الحر» بأنه «يواصل قلب الوقائع المتّصلة بالاستحقاق الرّئاسي، سعيًا إلى صفقة جديدة مع الثّنائي الشّيعي».
************************
افتتاحية صحيفة النهار
تهديد نصرالله لقبرص يرتدّ على “اللادولة” الساكتة
سدّد الهجوم التهديدي الذي شنّه السيد نصرالله في خطابه الأخير ضد قبرص، ضربة قاسية، ليس للعلاقات الراسخة المميزة اللبنانية مع إحدى اقرب وأوثق الدول المجاورة للبنان، بل لـ”اللادولة” اللبنانية التي بدت في أشدّ حالات إنكشافها وإحراجها وإرباكها الى حدود “تعذر” بل استحالة صدور بيان إدانة او إستنكار أو تبرؤ رسمي من هجوم نصرالله عن أي مسؤول لبناني رسمي.
غاب الرد الرسمي العلني طوال ساعات، فيما كان يتفاعل التهديد لقبرص “بأننا سنتعاطى معها على أنها جزء من الحرب إذا أقدمت على فتح مطاراتها لإسرائيل” كما حذر نصرالله، إلى أن تم توزيع نبأ اتصال وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب بنظيره القبرصي كونستانستينوس كومبوس، فيما افادت معلومات عن اتصال صباحي كان أجراه رئيس حكومة تصريف الأعمال #نجيب ميقاتي بالرئيس القبرصي واتفقا على “معالجة الموضوع بهدوء ومن دون ضجيج إعلامي وعدم تضخيم الموضوع”.
ولكن عدم صدور رد فعل رسمي علني، رسم معالم انكشاف متجدد للحكومة والدولة والديبلوماسية اللبنانية لكون تداعيات التهديد بدأت تلامس ردود فعل لم تتبلور تماماً بعد، لكنها تنذر بتداعيات ديبلوماسية أولاً وأمنية ثانياً، علماً أن هذه القضية لن تقف حدودها عند قبرص بل ستتمدد إلى الاتحاد الأوروبي كلاً، خصوصاً وأن الرد القبرصي على تهديدات نصرالله كان قاطعاً لجهة نفي الحكومة القبرصية بأنه لن يتم منح أي دولة الاذن بإجراء عمليات عسكرية عبر قبرص. وما بدا لافتاً في الترددات السلبية لهذا التطور أن “اللادولة” لم تغب فقط عن اهتزاز خطير يهدد علاقات لبنان الوثيقة بدولة لها هذا الموقع الجغرافي والاستراتيجي الحيوي للغاية بالنسبة إلى لبنان، بل “اختفت” أيضاً لجهة التعامل مع جوانب شديدة الخطورة تناولها السيد نصرالله في خطابه لجهة حديثه عن الحرب والاستعدادات لها وكأن لا دولة في لبنان معنية بكل ما أطلقه من مواقف.
واقتصر تعامل الحكومة مع تهديد نصرالله بمحاولات الاحتواء الشكلية إذ أجرى الوزير بوحبيب اتصالاً بوزير الخارجية القبرصي “وأعرب له عن تعويل لبنان الدائم على الدور الإيجابي الذي تلعبه قبرص في دعم الاستقرار في المنطقة”. وأُفيد أن الوزير القبرصي أكد مضمون البيان الصادر عن رئيس جمهورية قبرص أول من أمس من أن “بلاده تأمل في أن تكون جزءاً من الحل وليس جزءاً من المشكلة”، وشدد على “أن قبرص ليست في وارد التورط بأي شكل في الحرب الدائرة في المنطقة”، كما أوضح أن قرار اقفال السفارة القبرصية أبوابها أمس ليوم واحد كان محدداً مسبقا لأسباب ادارية تتعلق بنظام التأشيرات وهي ستعاود العمل كالمعتاد بدءاً من اليوم.
وبعد المعلومات التي فسرت إقفال سفارة قبرص في لبنان أمس أبوابها كرد فعل على كلام نصرالله، أعلنت السفارة القبرصية في بيان أن القنصلية لن تستقبل أي طلبات تأشيرة أو تصديقات ليوم واحد فقط، في 20 حزيران (يونيو) 2024.
كما أصدرت #وزارة الخارجية بياناً شددت فيه على “أن العلاقات اللبنانية – القبرصية تستند إلى تاريخ حافل من التعاون الديبلوماسي وأن التواصل والتشاور الثنائي قائم وبوتيرة مستمرة ودائمة على أعلى المستويات بين البلدين بهدف التباحث في القضايا ذات المصالح المشتركة”.
ولكن تقارير إعلامية أفادت أن #بريطانيا وأميركا وإسرائيل بالتعاون مع قبرص تجري مسحاً شاملاً للبنانيين في الجزيرة “وسيتم التعامل مع مرتبطين بـ”الحزب” في قبرص كإرهابيين”. كذلك أشارت إلى معلومات توافرت عن نية “الحزب” استهداف مصالح بريطانية وأميركية وإسرائيلية في قبرص منذ شهرين.
ردود داخلية
وأثار هجوم نصرالله على قبرص ردوداً داخلية سلبية كان أبرزها لرئيس #الحزب التقدمي الاشتراكي السابق #وليد جنبلاط الذي كتب عبر منصة “إكس”: “في أيام الحرب الباردة توصّل الفرقاء من الجانبين إلى مفهوم التدمير الذاتي المشترك Mutual Assured Destructionأي استحالة الفوز لأي فريق فقط نهاية البشرية. ملاحظة، قبرص كانت ملجأً للبنانيين على مدى عقود أيام المحن”.
بدوره أكد النائب في كتلة “الجمهورية القوية “غسان حاصباني أن تهديد نصرالله لقبرص “ليس فقط مُحرجاً بل هو خطير جداً، لأن هذا “الحزب” كان سابقاً هدّد دول الخليج الشقيقة وأدخل لبنان في عزلة وهو اليوم يوسّع هذا التهديد ليشمل عبر قبرص تهديد الاتحاد الاوروبي لأنها عضو فيه. وهذا يشكل خطراً على لبنان كدولة ويضعه في عزلة عن العالم”.
واصدرت “مجموعة من الناشطين السياسيين” المعارضين البيان رقم 1 “على أن تتبعه في الايام المقبلة بيانات أخرى اعتبرت فيه “أن ما قام به “الحزب” يُضرّ بمصالح لبنان واللبنانيين ضارباً عرض الحائط الدستور عندما هدّد دولة شقيقة يعتبرها العالم البوابة الشرقية لأوروبا والنافذة الوحيدة نحو الغرب”، وشددت على “أن في لبنان خياراً لبنانياً يرفض سلوك “الحزب” شكلاً ومضموناً. وحرصاً على مصالح وعلاقات لبنان نُطالب الحكومة ومجلس النواب رئاسة وهيئة عامة بالخروج من دائرة الإستقالة عن دورهم والتحرّك بشكل سريع وفعّال رفضاً لما قاله نصرالله ودفاعاً عن مصالح ملايين اللبنانيين”.
وساطة بريطانية
اما في ما يتصل بالوضع المتفجر في الجنوب، فاعلن المكتب الإعلامي للرئيس ميقاتي مساء أمس أنه تلقى اتصالاً من وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون أبدى فيه الأخير استعداد بلاده للقيام بأي اتصالات ومساعٍ لتخفيف حدة التوتر في جنوب لبنان وتثبيت الهدوء والأمن والاستقرار.
وأفادت محطة “سي أن أن” الأميركية أن إسرائيل أبلغت واشنطن استعدادها لتوغل بري وهجوم جوي على لبنان، ونقلت عن مسؤول أميركي رفيع قوله، إن احتمال حرب بين إسرائيل و”الحزب” يتزايد مع تلاشي فرص التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل و”حركة ح”.
وفي زيارتها الأولى لمقرّ قوّة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (#اليونيفيل) في الناقورة، التقت المنسّقة الخاصّة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت رئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام الجنرال أرولدو لاثارو وقوّات حفظ السلام التابعة لليونيفيل المنتشرة في جنوب لبنان. وقالت: “تهدف جهودنا المشتركة إلى استعادة الاستقرار على طول الخط الأزرق بعد مرور أكثر من ثمانية أشهر من التبادل الكثيف الذي أدّى إلى تعطيل حياة عشرات الآلاف على كلا الجانبين. من الضروري لجميع الأطراف وقف تبادل اطلاق النار والالتزام بحلول مستدامة تتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 1701”. وأشادت بقيادة اليونيفيل وتفاني حفظة السلام التابعين لها، المتواجدين دائماً على الأرض ويواصلون دوريّاتهم في منطقة جنوب نهر الليطاني رغم الظروف الصعبة والخطيرة.
أما على الصعيد الميداني، فأغارت مسيّرة إسرائيلية بأربعة صواريخ مستهدفة سيارة في بلدة دير كيفا، متسببة بسقوط قتيل هو عباس إبراهيم حمزة حمادة من بلدة الشهابية الجنوبية الذي نعاه “الحزب”. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه استهدف قائد عمليات منطقة جويا في “الحزب” فضل إبراهيم بغارة. واستهدفت غارة إسرائيلية أخرى سيارة في بلدة حومين الفوقا متسببة بسقوط قتيل أيضاً أُفيد انه نجل الشيخ محمد جمعة عمار جمعة. واستهدفت غارة أخرى سيارة على طريق حناويه في قضاء صور، وادّت الى إصابتين.
في المقابل، أعلن “الحزب” أنه قصف ثكنة زرعيت بعشرات صواريخ الكاتيوشا واستهدف موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا وموقع زبدين في مزارع شبعا وموقع الناقورة البحري.
***************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
لبنان يتحرك لاحتواء تداعيات تهديد نصر الله لقبرص
تحذيرات من انعكاساته على العلاقة بين البلدين… وإقفال السفارة في بيروت يوماً واحداً
بيروت: كارولين عاكوم
سارع لبنان إلى محاولة تبديد الأجواء السلبية التي خلفتها تهديدات السيد نصر الله لقبرص، عبر اتصالات أجريت مع الجانب القبرصي تولاها وزير الخارجية عبد الله بو حبيب الذي أجرى اتصالات بنظيره في نيقوسيا كونستانتينوس كومبوس، ناقلاً عنه تشديده أن بلاده «ليست بوارد التورط في الحرب الدائرة في المنطقة».
وفي حين لم يعلن عن موقف مباشر من قِبل المسؤولين اللبنانيين حيال تهديدات نصر الله، قال مصدر رسمي لبناني لـ«الشرق الأوسط» إن السلطات القبرصية كانت «متفهمة»، مؤكداً أن لا تداعيات سلبية لما حصل على العلاقات الثنائية، بينما قالت الخارجية اللبنانية في بيان، إن بوحبيب أجرى اتصالاً بوزير الخارجية القبرصي وأعرب له عن تعويل لبنان الدائم على الدور الإيجابي الذي تلعبه قبرص في دعم الاستقرار في المنطقة.
من جهته، أكد الوزير القبرصي مضمون البيان الصادر عن رئيس جمهورية قبرص، الأربعاء، «من أن بلاده تأمل أن تكون جزءاً من الحل وليس جزءاً من المشكلة»، مشدداً على «أن قبرص ليست بوارد التورط بأي شكل من الأشكال في الحرب الدائرة في المنطقة». وأكد الوزيران «على عمق علاقات الصداقة التي تربط البلدين وأهمية تعزيز التعاون الثنائي بينهما لما فيه مصلحة الشعبين».
وكان نصر الله قد حذّر قبرص بعدما تحدث عن معلومات تلقاها الحزب تفيد بأن إسرائيل التي تجري سنوياً مناورات في الجزيرة الصغيرة الواقعة في البحر الأبيض المتوسط والعضو في الاتحاد الأوروبي والقريبة جغرافياً من لبنان وإسرائيل، قد تستخدم المطارات والقواعد القبرصية لمهاجمة لبنان، في حال استهداف «الحزب» للمطارات الإسرائيلية.
وقال: «يجب أن تحذر الحكومة القبرصية أن فتح المطارات والقواعد القبرصية للعدو الإسرائيلي لاستهداف لبنان يعني أن الحكومة القبرصية أصبحت جزءاً من الحرب وستتعامل معها المقاومة على أنها جزء من الحرب».
ورد الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس على التهديدات، مؤكداً أن «جمهورية قبرص ليست متورطة بأي شكل من الأشكال في هذه الحرب». وشدد على أن قبرص «جزء من الحل وليست المشكلة»، مؤكداً أن بلاده لعبت دوراً «اعترف به العالم العربي والمجتمع الدولي بأسره» في فتح ممر بحري يسمح بإيصال المساعدات الإنسانية من قبرص إلى غزة.
وجاءت مواقف نصر الله غداة إعلان الجيش الإسرائيلي «الموافقة» على خطط عملياتية لهجوم في لبنان، وتوعّد وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الثلاثاء، بالقضاء على الحزب في حال اندلاع «حرب شاملة»، على وقع استمرار التصعيد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية منذ أكثر من ثمانية أشهر.
إقفال السفارة القبرصية… يوماً واحداً
وهذا التهديد الذي ترافق مع تصعيد في لهجة نصر الله، لاقى رفضاً واسعاً في لبنان، حيث اتخذت السفارة القبرصية قراراً مفاجئاً بإقفال أبوابها من دون سابق إندار، ما اعتبره البعض ردة فعل على تهديد نصر الله، لتعود السفارة وتقول إنها «لن تستقبل أي طلبات تأشيرة أو تصديقات ليوم واحد فقط، في 20 يونيو (حزيران) 2024».
وفي الاتصال بين وزيري خارجية البلدين، أوضح الوزير القبرصي «أن قرار إقفال السفارة القبرصية أبوابها يوماً واحداً كان محدداً مسبقا لأسباب إدارية تتعلق بنظام التأشيرات، وهي ستعاود العمل كالمعتاد بدءاً من الغد».
خلفية تهديد نصر الله… وتداعياته
ويؤكد رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري- أنيجما» رياض قهوجي، أن مسألة التدريبات الإسرائيلية في قبرص ليست جديدة وبالتالي ما قاله نصر الله يأتي في سياق «التحذيرات الاستباقية» في غياب أي دليل اليوم يفيد بشن تل أبيب هجوماً على لبنان من قبرص. ويقول لـ«الشرق الأوسط» «يدّعي نصر الله أن إسرائيل تتحضر في حال نشوب حرب كبيرة وخرق (الحزب) الدفاعات الإسرائيلية واستهداف القواعد الجوية الإسرائيلية، لشن غارات على لبنان من قواعد عسكرية في قبرص»، مضيفاً: «لكن حتى الآن ليس هناك أي دليل على ذلك، إضافة إلى أن التدريبات الإسرائيلية مع قبرص تحصل بشكل دائم وهي وليست جديدة»، معبّراً عن اعتقاده أن «تهديدات نصر الله هي تهديدات غير مباشرة للقواعد البريطانية الموجودة في قبرص والتي تقوم بقصف الحوثيين في اليمن».
من جهته، يعتبر مدير معهد «الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر أن كلام نصر الله هو خطف للقرار اللبناني وتعدٍ على علاقات لبنان مع الدول، وهو يناقض موقف الدولة اللبنانية وتاريخ العلاقات الطويل مع قبرص. ويرى أن تأكيد وزير الخارجية على العلاقة مع قبرص غير كاف في غياب أي موقف واضح للدولة اللبنانية حيال ما حصل. ويقول لـ «الشرق الأوسط «قبرص استقبلت اللبنانيين خلال الحرب الأهلية من طلاب وعائلات ورجال أعمال وهي كانت النافذة إلى العالم بالنسبة اليهم، بحيث لجأوا إليها للاحتماء من الحرب وأخذت شركات لبنانية مقار لها في قبرص في ظل الأزمات التي يواجهها لبنان وكان آخرها الأزمة المصرفية». من هنا، يحذّر نادر من تداعيات هذا الموقف، لا سيما أن قبرص هي جزء من الاتحاد الأوروبي الذي قد يلجأ بدوره إلى اتخاذ خطوات في هذا الإطار.
رفض لبناني لتهديد نصر الله
وفي رد منه على كلام نصر الله، كتب رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط عبر منصة «إكس» مذكّراً بأن قبرص «كانت ملجأً للبنانيين على مدى عقود أيام المحن».
من جهته، وصف عضو كتلة حزب «القوات اللبنانية» غسان حاصباني تهديد نصر الله لقبرص بـ«الخطير جداً»، وقال: «بعدما كان سابقاً (الحزب) هدّد دول الخليج الشقيقة وأدخل لبنان في عزلة ها هو اليوم يوسّع هذا التهديد ليشمل عبر قبرص تهديد الاتحاد الأوروبي لأنها عضو فيه.»
واعتبر رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل أن «خطاب نصر الله استكمال لمسلسل استخدام الجنوب وربطه بصراعات وغايات لا علاقة لها بلبنان»، وقال عضو كتلة «الكتائب»، النائب إلياس حنكش: «قبرص كانت الملجأ واستقبلت كل اللبنانيين، لكن نصر الله مصرّ ألا يترك لنا صاحباً والتهديد لأوروبا يضع لبنان في عزلة تامة».
*******************
افتتاحية صحيفة اللواء
احتواء الأزمة مع قبرص.. وبلينكن يكشف عن قرار بـ«توغّل إسرائيلي» في الجنوب
رسالة جنبلاطية لبرِّي.. وصدمة في مجلس النواب: 1000 دولار كلفة النازح السوري بالسنة
سعت الدبلوماسية لمعالجة تحذير الحزب لقبرص على خلفية معلومات من أنها ستستخدم اسرائيل مطاراتها وموانئها للحرب على لبنان، في حال حدوثها، ونجحت الى حد ما في وقف التداعيات، بعدما أكد الرئيس القبرصي ان بلاده جزء من الحل، وليست جزءًا من المشكلة.
لكن الحرب الميدانية بين الحزب واسرائيل لم تتوقف، فإسرائيل تابعت سياسة اغتيال قيادات المقاومة وعناصرها عبر المسيَّرات من الجو، والحزب صعّد من ردّه على أية عملية تجري، بالقصف الصاروخي، وعبر المسيَّرات الانقضاضية للمواقع العسكرية، وبعشرات الصواريخ الموجهة والدقيقة، الأمر الذي جعل قوات الاحتلال تخلي عدداً من المستوطنات في الشمال.
إلى ذلك كشفت مصادر وزارية ان لبنان الرسمي استوعب الإشكال الذي سببه تهديد السيد نصرالله باستهداف للجزيرة في حال استمرت الحكومة القبرصية بتقديم تسهيلات لوجستية وسمحت لإسرائيل باستخدام مطاراتها لضرب لبنان.
وقالت المصادر ان اكثر من اتصال جرى على مستويات عالية،شملت الرئيس القبرصي ورئيس الحكومة ووزير الخارجية، تم خلالها التأكيد على حرص المسؤولين اللبنانيين على العلاقات الجيدة مع قبرص، وعدم علاقة الدولة اللبنانية بتصريح نصرالله، لا من قريب ولا من بعيد، لان لبنان يحفظ لقبرص حكومة وشعبا، وقوفها الى جانب لبنان باستمرار، لاسيما خلال الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة التي تعرض لها، وكانت تقف الى جانب لبنان على الدوام، وتؤمن كل مستلزمات تخزين المساعدات ونقلها الى لبنان .
وشددت المصادر على ان الجانب القبرصي تفهَّم موقف الحكومة اللبنانية، واكد حرصه على استمرار العلاقات الجيدة التي تربط البلدين والشعبين على كل المستويات.
وأجرى وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب اتصالاً هاتفياً بنظيره القبرصي كونستاتينوس كومبوس لاعادة تأكيد موقف لبنان الذي ينظر بايجابية للدور القبرصي، ودور الجزيرة في دعم الاستقرار الاقليمي.
وصدر عن وزارة الخارجية بيان جاء فيه:«يهم وزارة الخارجية والمغتربين التأكيد مجدداً ان العلاقات اللبنانية- القبرصية تستند إلى تاريخ حافل من التعاون الدبلوماسي، وأن التواصل والتشاور الثنائي قائم وبوتيرة مستمرة ودائمة على اعلى المستويات بين البلدين بهدف التباحث في القضايا ذات المصالح المشتركة».
وقال المتحدث باسم الحكومة القبرصية انه «لا اساس لأي ادعاء عن تورط قبرص عبر بنيتها التحتية في حال اي مواجهة تتعلق بلبنان».
السفارة والتأشيرات: ليس بعيدا، وبعد معلومات صحافية سرت عن اقفال سفارة قبرص في لبنان ابوابها كرد فعل على كلام السيد نصرالله امس، أعلنت سفارة جمهورية قبرص في بيان، أن القنصلية لن تستقبل أي طلبات تأشيرة أو تصديقات ليوم واحد فقط، في 20 حزيران 2024. ولفتت السفارة القبرصية، الى انه يمكن استلام جوازات السفر والتصديقات من خلال إظهار الإيصال الصادر عن القنصلية عند تقديم طلب التأشيرة.
وسجل موقف تضامني للاتحاد الاوروبي مع الجزيرة التي هي عضو فيه، وقال المتحدث باسم الشؤون الخارجية في الاتحاد: قبرص دولة عضو في الاتحاد، وأي تهديد ضدها نعتبره تحديداً للاتحاد ككل.
بين كاميرون وبلينكن
وفيما تلقى الرئيس نجيب ميقاتي اتصالا هاتفيا من وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، ابلغه عن استعداده لمنع تدهور الوضع في الجنوب، حضرت الاستعدادات الاسرائيلية لحرب على لبنان، في جولة وزير الخارجية الاميركي انطوني بلينكن الاخيرة، مع نظرائه من عرب واسرائيليين.
ووفقا لما نقل عن بلينكن أنه ابلغ احد نظرائه العرب ان اسرائيل عازمة على التوغل في لبنان في حرب خاطفة، رداً على ما سمعه من أن الحزب أبلغ الوسطاء العرب والاجانب انه لن يوقف عمليات المساندة قبل وقف الحرب في غزة.
إلًّا أن الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيري قال: لا نريد رؤية أي توسعة للحرب في الشمال، ونتابع بجدية التوتر بين الحزب واسرائيل.
وأعلنت الخارجية الاميركية: اوضحنا للاسرائيليين رغبتنا في حل دبلوماسي للصراع الحالي، ولا نريد رؤية تصعيد على حدود اسرائيل ولبنان.
كما اشارت الى ان «التوصل لاتفاق لوقف اطلاق للنار بغزة، سيسهم في خفض التصعيد على الحدود اللبنانية- الاسرائيلية».
رسالة جنبلاطية لبري
نيابياً، نقل وفد اللقاء الديمقراطي، برئاسة النائب تيمور جنبلاط الى الرئيس نبيه بري رسالة من النائب وليد جنبلاط مفادها ان اللقاء مستمر بالتحرك حول الملف الرئاسي، على الرغم من أن الجولة الاولى من اللقاءات لم تُفضِ الى أية نتيجة.
واعلن النائب السابق غازي العريضي باسم اللقاء ان وجهات النظر كانت متفقة، مشيرا الى التسهيلات التي قدمها رئيس المجلس، سواء للجنة الخماسية او الموفدين الدوليين، موضحاً: سنكمل تحركنا مجدداً، على الأقل للوصول الى اتفاقات تؤدي الى إنهاء الشغور الرئاسي، كما كان يحدث دائماً.
التقرير المستند
نيابياً، استعمت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب من مدير البنك الدولي في لبنان جان كريستوف كاريه، على الأرقام التي تضمنها التقرير الذي اعده البنك حول الاعباء المالية المترتبة على النزوح السوري في لبنان.
وقال رئيس اللجنة النائب فادي علامة «ان التقرير، وكما ورد وتمت مناقشته، يقسم الى قسمين يتعلقان بالشق المالي والاقتصادي. على الصعيد المالي يظهر التقرير أن عبء الحرب في سوريا والتي أدت الى نزوح باتجاه لبنان كان أن أدى ذلك الى انخفاض النمو في الناتج المحلي الى 3 % في العام، وذلك في الفترة الواقعة ما بين 2011 الى 2017 . وأن الكلفة هي حوالى 31 مليار في السنوات السبع الأولى من الحرب أي بمعدل 5 مليار دولار يتحمله لبنان بسبب الحرب التي نتج عنها النزوح».
اضاف:«إن كلفة استضافة لبنان للنازحين السوريين حوالي الـ1000 دولار للشخص الواحد في السنة. واذا قارنا بيننا وبين الأردن، فإن الكلفة أعلى قليلاً بسبب الوضع الاقتصادي وطريقة التعاطي مع ملف النزوح المختلفة».
واشار علامة الى «أن لدينا في العام حوالى المليار ونصف المليار في السنة، وهي كلفة استضافة زائدة على لبنان ليتمكن من تغطيتها .لذلك فإنه نتيجة الحرب ونتيجة النزوح أدى ذلك الى انخفاض الاستثمار في لبنان حوالى 20% بين2011و2017 كما أن الاستيراد قد تأثر نزولاً حوالى 35% بحسب الدراسة والصادرات حوالي 45% وهذه أرقام كبيرة، فضلاً عن تأثر رأس المال سلباً والتسبب بشح الاستثمارات والايداعات حوالى 20%».
غارات وردّ على الاغتيالات
ميدانياً، شنت ليل أمس طائرات العدو غارات على بلدات طلوسة وحولا وميس الجبل وسهل الخيام.
واستهدف الحزب موقع الناقورة البحري بقذائف المدفعية واصابه اصابة مباشرة، كما قصفت المقاومة الاسلامية ثكنة زرعيت بعشرات صواريخ الكاتيوشا.
*********************
افتتاحية صحيفة الديار
«رسائل» نصرالله تربك الأوروبيين… وقبرص تناى بنفسها عن «إسرائيل»؟
نصائح لـ«إسرائيل» بتأجيل الحرب لسنوات: الحياة في شمال فلسطين ستصبح معدومة – ابراهيم ناصرالدين
في اسرائيل تخبط، وهلع، وقلق من ان يتحول الكيان الى مكان غير قبل للعيش بعد 72 ساعة من حرب محتملة مع الحزب، اما في لبنان وبعيدا عن «نعيق» البعض في الداخل والخارج المصابين «بعقدة نصرالله» والذين انبروا مع بعض الاعلام المشبوه لتحريف مقاصده بعدما حذر قبرص من مغبة المشاركة في الاعتداء على السيادة اللبنانية في اي حرب اسرائيلية مقبلة، فان كلام الامين العام للحزب وجد صداه في المكان الصحيح، ووصلت الرسالة الى اسرائيل وقبرص معا، وكذلك الاتحاد الاوروبي الذي وان اعلن وقوفه وراء قبرص للدفاع عنها، فانه شعر بحراجة الوضع وخطورته، وتحركت الديبلوماسية «المربكة» في السر والعلن بالامس لمحاولة تخفيف حدة التوتر،الذي ثبت انه سيكون اكثر شمولا وخطورة هذه المرة اذا ما اندلعت الحرب.
فخرج الرئيس القبرصي بموقف علني حيد فيه بلاده عن اي مواجهة محتملة بعدما تحدث الاعلام الاسرائيلي عن قلق جدي في الجزيرة اثر تهديدات السيد نصرالله، حيث كانت كلماته المختارة بعناية بمثابة «الصاعقة» التي ضربت «شهر عسل» العلاقة بين قبرص واسرائيل بعدما فتحت الاولى اراضيها واجوائها لمناورات علنية وسرية للجيش الاسرائيلي لمحاكات هجوم شامل على الاراضي اللبنانية.
ماذا بعد توضيحات قبرص؟
لكن ووفقا لمصادر مطلعة، فان التاكيدات القبرصية المتلاحقة خلال الساعات الماضية عن عدم تحويل هذه المناورات الى افعال حربية مباشرة ضد لبنان، قوبلت من قبل المعنيين بالتاكيد ان كلام نصرالله واضح ولا يقبل التأويل، لا احد يريد محاسبة قبرص على استضافتها للمناورات الاسرائيلية، ولكن من حق المقاومة ان تتعامل مع اي اعتداء ينطلق من الاراضي القبرصية في المستقبل على انه اجراء عدواني يستاهل الرد المناسب. ووفقا لمصادر ديبلوماسية، فان ناى الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس، ببلاده عن «جنون» اسرائيل، عبر التاكيد أن بلاده لا تشارك بأي شكل من الأشكال في أيّ أعمال عدائية، وأنها «جزء من الحل وليست جزءاً من المشكلة»، جاء بعد اتصالات مكثفة بعيدا عن الاضواء شاركت فيها اكثر من دولة معنية بملف التصعيد في المنطقة.
«الرسالة» الى من؟
ولفتت مصادر مقربة من الحزب الى ان الضجة المفتعلة من قبل البعض في الداخل والخارج تبقى مجرد «ترهات» والعاب صبيانية خارج التاريخ والجغرافيا، لان من يعنيهم الامر وصلتهم «الرسالة» وردوا عليها في السر والعلن، وكان الجواب واضحا من قبل المقاومة، بان التهديد كان واضحا ويشترط لاعتبار قبرص جزءاً من الحرب ان تنخرط في المشاركة مباشرةً بالاعتداء على لبنان، وهو أقل ما تستوجبه مقتضيات الدفاع عن النفس وعن لبنان.
التعاون القبرصي – الاسرائيلي
وتجدر الاشارة الى ان التعاون العسكري بين الطرفين قائم منذ سنوات، ومع ذلك، لم يجد السيد نصر الله ما يستوجب تهديداً مباشراً لقبرص، ونفي الرئيس القبرصي صحة المعلومات، جيد لكنه سيكون موضع اختبار اذا ما وقعت الحرب وعندها للمقاومة حق التصرف.
علما ان الحزب يملك معلومات تفصيلية بشأن تاريخ طويل من التعاون العسكري بين الطرفين، تخلله عدد من المناورات، أبرزها مناورة «مركبات النار»، التي جرت بين أيّار وحزيران2022 . المناورة التي وصفها الإسرائيليون، في حينه بأنها الأكبر في تاريخ «إسرائيل»، وشاركت فيها قوات من الفرقة «الـ98»، والتي تضم لواء الكوماندوس في «جيش» الاحتلال، كما شارك سلاح الجو الإسرائيلي في المناورة مشاركةً فعّالة. لان اسرائيل ترى في قبرص نسخة مطابقة للتضاريس اللبنانية، ولهذا جرت مناورة «شمس زرقاء»عام 2023، وآخر المناورات جرت في نيسان الماضي لمحاكاة هجوم على ايران ايضا؟!
العلاقة لم تهتز ولم تقع!
اذا العلاقة بين قبرص ولبنان لم تهتز ولم تقع،»والرسالة» وصلت الى حيث يجب ان تصل. هذه خلاصة اليوم التالي لكلام السيد نصرالله، حيث اكدت وزارة الخارجية اهمية وتاريخ العلاقات اعقبه اتصال من وزير الخارجية عبدالله بوحبيب بنظيره القبرصي كونستانتينوس كومبوس وأعرب له عن تعويل لبنان الدائم على الدور الإيجابي الذي تلعبه قبرص في دعم الاستقرار في المنطقة. من جهته أكد الوزير القبرصي مضمون البيان الصادر عن رئيس جمهورية قبرص من ان بلاده تأمل ان تكون جزءاً من الحل وليس جزءا من المشكلة. وشدد ان قبرص ليست بوارد التورط بأي شكل من الأشكال في الحرب الدائرة في المنطقة. كما أوضح ان قرار اقفال السفارة القبرصية ابوابها ليوم واحد كان محدداً مسبقا لأسباب ادارية تتعلق بنظام التأشيرات وهي ستعاود العمل كالمعتاد بدءا من اليوم.
الاتحاد الاوروبي يدخل على «الخط»
وفي هذا السياق، اعلن الاتحاد الأوروبي، انه يعمل مع الأطراف الإقليمية لمنع حرب بين إسرائيل والحزب واكد على انه سيساعد الجيش اللبناني في المحافظة على السلام جنوب البلاد، كما تلقى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي إتصالا من وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون جرى خلاله البحث بتطورات الوضع في الجنوب والمنطقة،وقد أبدى كاميرون استعداد بلاده للقيام باي اتصالات ومساع لتخفيف حدة التوتر في جنوب لبنان وتثبيت الهدوء والامن والاستقرار.
الحرب بعد سنوات؟
في هذا الوقت، سادت اجواء من التخبط في الداخل الاسرائيلي على خلفية احتمال نشوب حرب في الشمال، وبرزت مواقف «عقلانية» تدعو الى استبعاد الحرب لسنوات لان الجيش غير جاهز لمواجهة الحزب، برزت مواقف يمينة متطرفة، اعادت التذكير بضرورة التفكير باستيطان جنوب لبنان كجزء من «دولة» اسرائيل الكبرى، فيما اندلع نقاش مثير حول قدرة الحزب على ضرب قطاع الطاقة التي ستجعل من كيان العدو منطقة غير قابلة للعيش.
اسرائيل مهددة!
وعلى عكس المتداول لبنانيا، كشف الاعلام الاسرائيلي بان المبعوث الاميركي عاموس هوكشتاين حذر خلال زيارته الاخيرة لاسرائيل تكرارا من ان اي مغامرة حربية محدودة او كبيرة في لبنان ستعني اقحام ايران في المواجهة والتسبب بحرب اقليمية واسعة. وهذا يؤكد المعلومات التي اكدت ان هوكشتاين لم ينقل تهديدات الى بيروت انما عرض صورة قاتمة لتدحرج الامور ما لم يحصل خفض للتوتر بانتظار الوصول الى وقف للنار في غزة.
لماذا لا تريد واشنطن الحرب؟
وفي صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية اعتبر عاموس هرئيل ان اللاعب الحاسم هو الولايات المتحدة، واليوم يحاول الأميركيون إطفاء النار التي اشتعلت بصورة كبيرة على الحدود بين إسرائيل ولبنان. ويتعلق قلق الإدارة الأميركية الفوري بإمكانية اشتعال حرب بين إسرائيل والحزب تؤدي إلى دمار كبير في الدولتين. ولكن ثمة موضوع أوسع، وهو أن الأمر الأخير الذي يريده الرئيس الأميركي هو الوصول إلى الانتخابات في أميركا في تشرين الثاني (الرئيس هناك أصلاً متخلف في الاستطلاعات عن المرشح الجمهوري دونالد ترامب)، والشرق يشتعل بحرب إقليمية تشمل إيران أيضاً وتزيد أسعار الوقود للسائقين الأميركيين.
استعدادت اسرائيلية للتوغل بريا
في هذا الوقت، روجت محطة «سي ان ان» الاميركية لمعلومات مفادها أن إسرائيل أبلغت واشنطن استعدادها لتوغل بري وهجوم جوي على لبنان، ونقلت عن مسؤول أميركي رفيع قوله إن احتمال حرب بين إسرائيل والحزب يتزايد مع تلاشي فرص التوصل لاتفاق بين إسرائيل و”حركة ح”. لكنها روجت عن مسؤولين أميركيين أن إسرائيل أبلغت واشنطن مخاوفها من تعرض القبة الحديدية لهجمات واسعة النطاق من الحزب.
تهديدات «للردع» لا للحرب
في المقابل، اكدت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن حديث إسرائيل عن الحرب مع الحزب هو محاولة جديدة لردعه، لا لشن هجوم واسع. ولفتت الى أن التحذيرات من حرب شاملة، هي بالتأكيد محاولة جديدة للردع، على الأقل لأن الطرفين يعرفان الطبيعة المدمرة لما تنطوي عليه الحرب الشاملة. ووفقا للصحيفة، فإن ترسانة الحزب من الأسلحة قد تؤدي إلى تدمير عشرات بل مئات المناطق في حيفا وحولها وفي الشمال. وبرايها فانه بناء على رد فعل السكان، فستكون هناك إصابات بالمئات بينهم وتهديد للبنى التحتية، خاصة أن الحزب لديه حوالي 400 صاروخ موجه.
النسخة الثانية من الهزيمة
اسرائيليا، عقد رئيس الاركان هارتسي هاليفي اجتماعا امنيا وعسكريا طارئا في الشمال لدراسة تداعيات مسيرة «الهدهد» التي اطلقها الحزب، وحاول رفع معنويات المستوطنين من خلال التاكيد ان الجيش الاسرائيلي سيرد بشكل مناسب على الحزب باسلحة متطورة لا يدركها «العدو». لكن صحيفة «هآرتس» حذرت من الاقتراب من النسخة الثانية من الهزيمة، وقالت ان تهديدها سيكون أكبر حتى من 7 تشرين الأول. واشارت الى انه لن يكون للسيد نصر الله ساعة مناسبة أكثر من هذه. فنظرية خيوط العنكبوت تحققت بالكامل. إسرائيل في ذروة ضعفها. الجنود يموتون بالمجان، والمخطوفون يضحى بهم. والجيش من ناحيته فقد الاتصال مع الواقع.
ترجيحات متناقضة
من جهته، رجح الرئيس السابق للمكتب الإسرائيلي لمكافحة الإرهاب نيتزان نورييل، ان تشهد الاسابيع القليلة عملية إسرائيلية في لبنان وستستمر أشهرا، وأشار نورييل، إلى أن «العملية البرية للجيش الإسرائيلي سيكون هدفها دفع الحزب إلى شمال نهر الليطاني، على مسافة نحو 30 كيلومترا من الحدود، وأضاف أن «العملية ستترافق مع غارات جوية عبر الأراضي اللبنانية ليظهر لهم الثمن الذي سيدفعونه». في المقابل، أشارت المسؤولة السابقة في استخبارات الجيش الإسرائيلي ساريت زيهافي، إلى أن اسرائيل مهتمّة بوقف إطلاق النار أكثر من الحرب وخصوصا إذا واجهت حملة متعدّدة الجبهات تديرها إيران.
الحزب يريد الحرب؟
واذا كان البعض قد اهتم بالتشويش على موقف السيد نصرالله، فان في اسرائيل من توقف ليس عند تهديد قبرص بل عند خروج مطارات إسرائيل من الخدمة في أي حرب مقبلة، واحتياجها إلى مطارات الاصدقاء في المنطقة. اما معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، فقد استعرض خيارات إسرائيل الآن في مواجهة الحزب، واشار الى أن الافتراض السائد بأن الحزب غير معني بتصعيد كبير، ويسعى لوقف إطلاق النار، يبدو في غير مكانه، لان قدر “حركة ح” في الصمود، والتدهور الشامل للمكانة الإستراتيجية الإسرائيلية زادا من ثقة محور المقاومة، ومن استعداده للمخاطرة بمواجهة شاملة. ولهذا حذر المعهد من الانسياق وراء رغبات الجمهور، وقال انه من الضروري أن نمارس سياسة منضبطة ومدروسة.
«العتمة» في اسرائيل
في المقابل، حذر مدير عام شركة إدارة الكهرباء الحكومية الإسرائيلية شاؤول غولدشتاين، من أن السيد نصرالله يمكنه بسهولة إسقاط شبكة الكهرباء الإسرائيلية، وخلال مؤتمر ينظمه معهد الأمن القومي الإسرائيلي في مدينة سديروت، قال «نحن في وضع سيئ ولسنا مستعدين لحرب حقيقية، ولنفترض أن صاروخًا أصاب قطاع الكهرباء وانقطع التيار الكهربائي لمدة ساعة، ثلاث ساعات، 24 ساعة أو أكثر. فماذا يحدث لإسرائيل في مثل هذه الحالة»؟… خلاصة القول برايه، أنه بعد 72 ساعة لا يمكنك العيش في إسرائيل. لذلك نصح غولدشتاين بتأجيل الحرب مع الحزب لمدة عام أو خمس سنوات أو عقد من الزمن، وعندها وضعنا سيكون أفضل.
توقعات ثير الذعر
من جهتها انتقدت شركة الكهرباء الإسرائيلية، عبر منصة «إكس»، تصريحات غولدشتاين وقالت انه تصريح غير مسؤول ومنفصل عن الواقع ويثير الذعر بين الجمهور.من جهته حاول وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين، وقف هلع الاسرائيليين، وقال إن إسرائيل أنفقت مليارات الشواكل لضمان إمدادات الطاقة المنتظمة. واعتبر كوهين، في مقطع مصور بثته هيئة البث الرسمية، أن احتمال حدوث سيناريو انقطاع التيار الكهربائي لعدة أيام منخفض للغاية. وهدد بأنه «إذا كان التيار الكهربائي سينقطع في إسرائيل لساعات، فسينقطع لأشهر في لبنان».
لا حل لمسيرات الحزب
بدورها، سلطت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، الضوء على مسيّرات الحزب وما تشكّله من خطر على أمن إسرائيل، وخصوصاً من ناحية قدرتها على تجاوز أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلي من دون اكتشافها. وقالت الصحيفة الأميركية انه على مدى سنوات، كانت المواجهة تقتصر على مخزون الصواريخ الضخم للحزب ونظام القبة الحديدية المضاد للصواريخ، إلا أنّ هذه المعادلة تغيّرت بعدما نشر الحزب سلاح المسيّرات لتجاوز حجر الزاوية في استراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي. وقالت ان هذه الطائرات تتميز في كونها عالية السرعة وتحلّق على ارتفاع منخفض لجمع المعلومات الاستخبارية وإسقاط المتفجرات.
الصدمة في اسرائيل
وفي تناولها لفيديو «الهدهد» الذي نشره الحزب أشارت «واشنطن بوست» إلى أنّ إسرائيل أصيبت بصدمة مما رصدته المسيّرة من منشآت ومواقع حساسة ومما أظهره الفيديو من قدرات عسكرية متطورة يمتلكها الحزب. وقالت انه يمكن لطائرات الحزب أن تعمل بشكل مستقل عن إشارات الراديو، إذ يمكن للبعض منها أن يطير بسرعة تصل إلى 125 ميلاً في الساعة، ويمكنها الطيران على ارتفاع منخفض على الأرض، والمناورة حول الجبال وفي الأخاديد على طول الحدود، والتسلل عبر النقاط العمياء في شبكة الكشف الإسرائيلية.
الاستيطان في لبنان؟!
وفي خبر، برسم كل من يشكك في لبنان بصوابية خيارات المقاومة، نشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية مقالين تناولا بالتحليل ما دار في مؤتمر نظمته حركة يمينية متطرفة عبر الإنترنت الاثنين الماضي، يدعو إلى إقامة مستوطنات بمنطقة جنوب لبنان. وشارك بضع مئات من الأشخاص مؤتمرا حول هذا الموضوع عبر الإنترنت -من تنظيم حركة «أوري تسافون» (أيقظوا الشمال)- والذي تضمن ندوة بعنوان «نماذج ناجحة للاستيطان» من الماضي ودروس لجنوب لبنان.
اوهام قد تتحول لواقع؟
ولفتت الصحيفة الى ان معظم الإسرائيليين يكتمون الضحكة عندما تُعرض عليهم فكرة الانتقال إلى المناطق التي تحتلها إسرائيل جنوب لبنان، كما أنهم «يشعرون بالذعر من الجدية التي يناقش بها بعض الوزراء وضباط الجيش والحاخامات إعادة توطين اليهود في قطاع غزة». لكن قادة اليمين المتطرف في إسرائيل الذين يحتكرون قدرا كبيرا من السلطة السياسية في الوقت الراهن بدوا واضحين جدا بشأن نواياهم وخططهم الداعمة لتوسيع حدود إسرائيل إلى مناطق جديدة، رغم أنهم لا يستطيعون حتى حماية المدنيين في منازلهم، على حد تعبير الصحيفة التي خلصت إلى القول أن المتطرفين المتدينين والقوميين أثبتوا بالفعل أن أوهام اليوم هي سياسة إسرائيل في الغد، وستصبح في اليوم التالي هي الواقع؟!
***********************
افتتاحية صحيفة الشرق
طوفان الأقصى يستنزف إسرائيل وقبرص تنفي التعاون معها
واصلت المقاومة الفلسطينية عملياتها ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي في أكثر من محور في قطاع غزة، أبرزها استهداف 4 دبابات وآليتين للاحتلال والإجهاز على عدد من الجنود من المسافة صفر، في حين أقر جيش الاحتلال بإصابة 6 جنود خلال الساعات الـ24 الماضية.
فقد أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري ل”حركة ح” أنها استهدفت دبابتي ميركافا إسرائيليتين بقذائف الياسين في مخيم الشابورة جنوبي رفح.
وأضافت أن طاقمي الدبابتين فرا داخل أزقة المخيم بعد الاستهداف، وأنها لاحقتهم، وأجهزت على عدد منهم من المسافة صفر.
وتابعت القسام أنه “استكمالا للكمين المركّب في مخيم الشابورة استهدفنا آليتين صهيونيتين من نوع إيتان بقذائف الياسين 105”.
وأضافت “رصدنا هبوط الطيران المروحي لإجلاء الجنود القتلى والجرحى في الكمين الذي استهدفنا فيه 4 آليات صهيونية”.
وقالت كتائب القسام أيضا إنها استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي وآلياتها في حي تل السلطان برفح بقذائف الهاون، كما بثت مقطع فيديو يوثق استهداف عناصرها القوات الإسرائيلية المتوغلة في تل السلطان.
من جهتها، قالت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي إنها استهدفت دبابة إسرائيلية من نوع ميركافا ودمرت دبابة أخرى بعبوة شديدة الانفجار في حي الشابورة برفح. ولاحقا، أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى ما وصفته بـ”حدث صعب” في مخيم الشابورة.
وبثت سرايا القدس -في وقت سابق- مشاهد قالت إنها لقصف مستوطنات غلاف غزة برشقة صاروخية.
وأعلنت في بيانات عدة مسؤوليتها عن قصف تجمع للجنود بمحيط مسجد سعد شرق حي الزيتون في مدينة غزة بقذائف الهاون.
كما قالت إنها قصفت غرف القيادة والسيطرة على خط الإمداد في محور نتساريم جنوب مدينة غزة بوابل من قذائف الهاون.
في المقابل، أقر الجيش الاسرائيلي بأن 6 جنود أصيبوا خلال الساعات الـ24 الماضية في معارك غزة.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن الأربعاء أن عدد قتلاه منذ بداية الحرب بلغ 662 ضابطا وجنديا، أما عدد الجرحى فوصل إلى 3866 عسكريا منذ بداية الحرب، بينهم 582 جروحهم خطيرة، ولا يزال 239 عسكريا يخضعون للعلاج إثر إصابتهم في معارك غزة.
نفي قبرصي
توازيا نقلت صحيفة “قبرص ميل” الناطقة بالإنكليزية تصريحات المتحدث، الذي أضاف: “قبرص ليست متورطة ولن تتورط في أي حرب أو صراعات، وبالتالي فإن التصريحات التي أدلى بها زعيم الحزب لا تتوافق مع الواقع”.
كما كرر ما قاله الرئيس نيكوس خريستودوليديس الأربعاء، إذ قال إن قبرص “جزء من الحل وليست جزءا من المشكلة”، وأصر على أن الجزيرة “ركيزة للسلام والاستقرار في المنطقة”، مضيفا أيضا أن علاقاتها مع لبنان “ممتازة”.
وأضاف المتحدث أن الحكومة لن تسمح لأي دولة بتنفيذ عمليات عسكرية على الجزيرة، لكنه أشار إلى “خصوصية” وجود القواعد البريطانية في قبرص، التي قال إنها “تتمتع بوضع مختلف”.
احتواء
في السياق، أجرى بوحبيب اتصالا بوزير الخارجية القبرصي وأعرب له عن تعويل لبنان الدائم على الدور الإيجابي الذي تلعبه قبرص في دعم الاستقرار في المنطقة. من جهته أكد الوزير القبرصي مضمون البيان الصادر عن رئيس جمهورية قبرص يوم أمس من ان بلاده تأمل ان تكون جزءاً من الحل وليس جزأءً من المشكلة. وشدد ان قبرص ليست في وارد التورط بأي شكل من الأشكال في الحرب الدائرة في المنطقة. كما أوضح ان قرار اقفال السفارة القبرصية ابوابها ليوم واحد كان محدداً مسبقا لأسباب ادارية تتعلق بنظام التأشيرات وهي ستعاود العمل كالمعتاد بدءا من الغد. ختاماً أكد الوزيران على عمق علاقات الصداقة التي تربط البلدين واهمية تعزيز التعاون الثنائي بينهما لما فيه مصلحة الشعبين.
السفارة والتأشيرات
ليس بعيدا، وبعد معلومات صحافية سرت عن اقفال سفارة قبرص في لبنان ابوابها كرد فعل على كلام السيد نصرالله امس، أعلنت سفارة جمهورية قبرص في بيان، أن القنصلية لن تستقبل أي طلبات تأشيرة أو تصديقات ليوم واحد فقط، في 20 حزيران 2024. ولفتت السفارة القبرصية، الى انه يمكن استلام جوازات السفر والتصديقات من خلال إظهار الإيصال الصادر عن القنصلية عند تقديم طلب التأشيرة.
بيان الخارجية
ولاحقا، صدر عن وزارة الخارجية بيان جاء فيه “يهم وزارة الخارجية والمغتربين التأكيد مجدداً ان العلاقات اللبنانية- القبرصية تستند إلى تاريخ حافل من التعاون الديبلوماسي وان التواصل والتشاور الثنائي قائم وبوتيرة مستمرة ودائمة على اعلى المستويات بين البلدين بهدف التباحث في القضايا ذات المصالح المشتركة”.
لا اذونات
من جانبه، اكد المتحدث باسم الحكومة القبرصية بأنه لن يتم منح أي دولة الإذن بإجراء عمليات عسكرية عبر قبرص. واوضح المتحدث باسم الحكومة القبرصية في تصريح، بأن “علاقات جمهورية قبرص مع لبنان ممتازة، وكل مفاوضات ستتم على المستوى الديبلوماسي”. واكد بأن “قبرص ليست منخرطة ولن تشارك في أي صراعات حربية”.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :