أكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن الحزب غير معنيّ بأيّ نقاش في الوقت الحالي بشأن المطالب الإسرائيلية في ما يتعلق بجبهة الجنوب، مشيراً إلى أن «موقفنا واضح: مع وقف الحرب على غزة تتوقف الجبهة تلقائياً في لبنان». غير ذلك، «لسنا مستعجلين لأن نطمئن أحداً أو نخيف أحداً، ولا لتحضير إجابات عمّا يمكن أن يُطرح لاحقاً». وشدّد قاسم على أن حزب الله «ليس جزءاً من النقاش الجاري للوصول إلى وقف لإطلاق النار في غزة». وفي ما يأتي نصّ اللقاء:
كيف تستعدّون لـ«اليوم التالي» لبنانياً في حال توقف العدوان على غزة؟
زارنا موفدون كثرٌ وهوّلوا، مباشرة وبشكل غير مباشر، بأن إسرائيل قد توسّع اعتداءاتها على لبنان إذا لم يحسم موضوع عودة مستوطني الشمال في ظل استمرار العدوان على غزة. جوابنا، في السرّ والعلن، كان واضحاً: أوقفوا الحرب في غزة تتوقّف تلقائياً هنا، لأن جبهة لبنان انطلقت لمساندة غزة كعنوان رئيس. مع وقف العدوان، لا تعود هناك حاجة إلى هذا الشكل من المساندة العسكرية. لذلك، لا نناقش مع أحد في خطوات الوصول الى وقف إطلاق النار في غزة لأن هذا شأن فلسطيني بحت، لسنا جزءاً منه. أما هنا، فلا يوجد ما يتطلب أن نناقش مع أحد وضع جنوب لبنان بعد وقف العدوان. موضوع الجنوب له آلياته وما يمكن أن ينجم عنه من مواقف وخطوات لن نستبقها أو نتوقعها.
استقبلتم وفداً من جهاز المخابرات الألماني أخيراً؟
نعم، حصل لقاء مع وفد برئاسة نائب رئيس المخابرات الألماني، وكانت جولة نقاش أبدى فيها كل طرف رؤيته للتطورات المرتبطة بالعدوان على غزة وانعكاسه على لبنان. واقتصر اللقاء على تبادل الآراء.
هناك مطالب إسرائيلية تتعلق بترتيبات معيّنة على الجبهة الجنوبية.
بإمكان الإسرائيلي أن يقول ما يريد، ونحن نقول أيضاً ما نريد، ولن يحدث إلا ما نقتنع به. لن نناقش أيّ أمر يرتبط بجبهة الجنوب قبل الوقف الكامل للعدوان. لسنا مأزومين ولا نشعر بأننا بحاجة إلى تحضير إجابات عمّا قد يطرح لاحقاً، كما أننا لسنا مستعجلين لأن نطمئن أحداً أو نخيف أحداً. نقوم بما نراه مصلحة بلدنا، وليس هناك ما نسعى إليه. بعد وقف العدوان، عندما تُطرح أسئلة ومعطيات ستكون لنا إجاباتنا.
لكنْ هناك تهديدات بالحرب في حال عدم الاستجابة لهذه المطالب؟
منذ البداية، كنا واضحين بأن التهويل لن يوقف مساندتنا لغزة ولن يؤدي إلى أيّ تراجع في موقفنا. ونحن جاهزون للردّ على أيّ عدوان إسرائيلي مهما كان واسعاً بما هو أوسع وأشدّ إيلاماً. ما هو مفروغ منه أن التهديد بالحرب وتوسعة العدوان لا يغيّران من قناعاتنا تجاه بلدنا وتجاه القضية الفلسطينية.
ما هو تقييمكم لـ«طوفان الأقصى» بعد أربعة شهر وما تخلّلها من أحداث وحرب إبادة وخسائر؟
«طوفان الأقصى» كان قراراً فلسطينياً اتخذته حركة حماس، وتميّز بضخامته وتأثيره الزلزالي على الكيان الإسرائيلي. لم نطلب ولا نطلب أن يكون لدينا علم به، ولا يغيّر ذلك شيئاً من تأييدنا له. من الخطأ مناقشة الطوفان من زاوية حرب الإبادة التي شنّها العدوان الإسرائيلي المدعوم أميركياً وآثارها الوحشية، بل ينبغي الدفاع بقوة عنه وعن التداعيات التي ألحقها بالعدوّ، مع رفضنا لحرب الإبادة وللدعم الأميركي والغربي لها.
بإمكان الإسرائيلي أن يقول ما يريد، ونقول ما نريد، ولن يحدث إلا ما نقتنع به
من المؤكد أن المنطقة ستكون في المستقبل القريب غير ما كانت عليه قبل 7 أكتوبر. سنكون أمام مقاومة فلسطينية منتصرة بعدم تحقيق الأهداف الإسرائيلية، بما يؤسّس عليه مستقبلاً، رغم الدمار والخسائر التي تتطلّب جهوداً كبيرة لمعالجتها. وفي المقابل، سنكون أمام كيان إسرائيلي انكشف ضعفه وأنه غير قادر على البقاء لأيام من دون دعم أميركي وغربي في كل المجالات. وهذا مؤشر على أن مدى استمرارية الكيان ليس طويلاً. أما في ما يتعلق بمحور المقاومة، وحزب الله جزء منه، فقد أثبتت هذه المعركة صدقية مواقفه المؤيدة للقضية الفلسطينية، وأظهر فعالية مهمة في المساندة، وكان الحزب بأدائه محلّ تقدير حتى أوساط لبنانية معترضة على أصل مقاومته. وقد أظهر جهوزية قادرة على ردع إسرائيل، وحقق انتصاراً بدعمه غزة وأدائه الميداني، وأثبت أن مقاومته تتكامل مع دوره السياسي من دون أيّ تعارض أو تداخل. وفي النتائج على صعيد المنطقة، ستكون أميركا أقلّ جاذبية وسيضعف تأثير حربها الناعمة، وسنشهد حركات ومنظمات وجمعيات تطالب بإعادة النظر في مواقف عدد من الدول العربية والإسلامية تجاه القضية الفلسطينية ومستقبل المنطقة. بالخلاصة، ساهم «طوفان الأقصى» في إعلاء شأن قضية فلسطين، وحقق خطوات مهمة نحو تحريرها في مقابل ضعف أميركي وإسرائيلي عن مزيد من التأثير في شعوبنا.
كيف «يقرّش» الانتصار في غزة في ظلّ الخسائر؟ ألم يضعف موقع المقاومة؟
دعنا لا نستبق اليوم التالي في غزة وموقع حماس والمقاومة. ليس مهماً الشكل السياسي الذي توافق عليه المقاومة لإنهاء الحرب، المهمّ أنها حاضرة ومستمرة ويمكنها أن تحقق في المستقبل ما لم تحققه.
السعي إلى الاستفزاز في ملف الرئاسة يؤدي إلى مزيد من التعطيل
سجّل تحرك لسفراء دول «الخماسية» أخيراً حول الملف الرئاسي.
الملف الرئاسي لا يزال معقداً، إذ لم يحدث تغيّر في مواقف أيٍّ من الأطراف الداخلية، فيما لا يملك أيٌّ من الأطراف الخارجية القدرة على جمع 65 نائباً لانتخاب رئيس للجمهورية. نأمل أن تساعد التحركات الأخيرة على فتح الباب. لا توجد عقبة لعدم انتخاب الرئيس إذا توافرت ظروف الانتخابات، ونحن حاضرون إذا حصل اتفاق للذهاب غداً إلى جلسة الانتخاب. لا تأثير للحرب على هذا الملف، ولسنا مسؤولين عن تأخير انتخاب الرئيس لأننا نؤيد مرشحاً معيناً، فلو كان الآخرون قادرين على الاتفاق على مرشح لذهبوا لانتخابه. السبب في عدم الانتخاب هو تباعد الآراء، ما يتطلّب نقاشاً وحواراً لا التمترس وراء الرغبة في الاستفزاز لأن الاستفزاز يؤدّي إلى مزيد من التعطيل.
نسخ الرابط :