بعد اهتراء الإدارة العامة وتفكّكها إثر الأزمة الاقتصادية والمالية، وصل الدور إلى البلديات. أمس، قدّم رئيس بلدية الشويفات زياد حيدر استقالته، لتصبح إحدى أكبر وأغنى البلديات في لبنان من دون رأس، فيما باتت كل المنطقة الجنوبية لبيروت، الممتدة من الشويفات إلى دير قوبل وبشامون وصولاً إلى عرمون، من دون بلديات، بعد أن حُلّت جميعها.بعد التمديد الثاني للمجالس البلدية الذي ينتهي نهاية أيار المقبل، تُركت البلديات من دون تمويل، ما دفعها إلى الرسوم البلدية بين 30 و100 مرة بقرارات من المجالس المحلية، وبـ«غضّ نظر» من وزارة الداخلية من دون سند قانوني. السلطة السياسية تعامت تماماً عن الوضع المالي وتهاوي سعر صرف الليرة مقابل الدولار، وتركت السلطات المحلية فريسة للجمعيات والمشاريع الأجنبية من جهة، والفوضى من جهة أخرى.
أعوام الانهيار المالي والاقتصادي أوصلت الشويفات إلى الفوضى، وانعكست ترهّلاً على عمل البلدية. «منطقة خلدة فالتة أمنياً»، بحسب حيدر، و«أصحاب المحال يفاوضون الجباة على دفع الرسوم لعدم وجود قانون ملزم». وموظفو البلدية من شرطة وجباة، المولجون بتنفيذ القانون على المقيمين، يفتشون عن أعمال أخرى، إذ «لا يكفي الأجر الشهري الذي لا يزيد على 200 دولار بدل اشتراك كهرباء، في حين كان يبلغ 800 دولار قبل الأزمة، إضافة الى مساعدات اجتماعية شهرية»، يقول حيدر. ويضيف: «بسبب القيود القانونية المستجدّة، لم تعد البلدية قادرة على دفع المساعدات الاجتماعية لموظفيها لتمكينهم من تحمّل نفقات العيش الكريم».
الرسوم البلدية تضاعفت بين 30 و100 مرة بقرارات من المجالس المحلية
في المقابل، حاولت بعض البلديات، كالشويفات، تأمين مصادر دخل أخرى لتسيير أعمالها خلال سنوات الانهيار المستمر، فـ«رفعت دعاوى قضائية على مطار بيروت الذي يقع قسم منه على أراضي الشويفات لتحصيل رسومها المستحقّة وفقاً لسعر الدولار الحقيقي، لا السعر الرسمي الوهمي. وقد فازت البلدية بالدعاوى، وحصّلت واردات إضافية، لكنّ قانون الشراء العام، المُقر عام 2021، منعها من الاستفادة من أموالها وتسييلها لإقامة مشاريع للمنطقة، ولم توضح الدولة للبلديات كيفية العمل في ظل الظروف الطارئة».
قانون الشراء العام أخضع جميع عمليات الشراء العام في الدوائر الرسمية، من لوازم وأشغال وخدمات، لمبدأ المناقصة العمومية. وفي حال لم تتخطَّ فاتورة الشراء العام مبلغ 100 مليون ليرة، يتيح لها القانون «الشراء بالفاتورة». ولكنّ تدهور سعر الصرف جعل من المبلغ المتاح غير ذي قيمة بالنسبة إلى المشاريع البلدية، وأصبحت البلديات مضطرّة لإجراء مناقصات عمومية، يتطلّب إنجازها وقتاً طويلاً، للقيام بأعمال روتينية مثل إصلاح الطرقات الداخلية.
نسخ الرابط :