الدكتور طلال حاطوم
ليست الغاية من هذه العجالة شرح مضامين ما اصبح يعرف اصطلاحاً بـ"وسائل التواصل الاجتماعي" على منصات فايسبوك وواتس آب وانستغرام ومنصة X وغيرها مما تحفل به الشبكة العنكبوتية، كما لا تهدف الى اطلاق النظريات الاعلامية وقواعد النشر والتعميم، التي يعرفها اولو العلم وبالتأكيد ليست موجهة الى الصحافيين الحقيقيين، ولا الى "مدعي الصحافة" الذين تعج بهم وسائل الاعلام، والاهم انها لا تدعي علم النفس التحليلي ولا تأخذ دور الاطباء.
ببساطة هي عرض لما استُجمع من نشر وبث وصور تم تداولها على منصات "التواصل الاجتماعي" من عامة الناس، وخصوصاً هؤلاء الذين تغويهم مصطلحات من مثل: "انه يعرف" و"واصل للمعلومات" و"كثير الاطلاع" وغيرها، مما يرضي الذاتية و"الانا" عند بعض الافراد بغض النظر عن صحة ودقة وصوابية ما ينشرون ومن دون التحقق من اصل الخبر والصورة او مصدرهما على الاقل، بل وحتى عن مكان وزمان الخبر وصورته. حيث لم تعد "المعرفة" مرتبطة بالتحقيق والبحث عنها في "كومة قش"، بل اصبح المهم هو عدد المتابعين واولئك الذين يحاولون الهرب من صاحب النشر ب"لايك" مصطنع لا يغني ولا يسمن من معلومة، ولا يعني جازماً الموافقة على الخبر ومضامينه او الصورة ومعانيها، لدرجة تصبح موضع تندر في الخفاء على صاحب النشر.
وهذا ما حوّل كثير من الناشرين على وسائل التواصل الاجتماعي الى شركاء في تعميم مصطلح "الاحباط" والوهم بنشر الكثير من الصور التي يفترض ان الواحدة منها توازي مقالاً مكتوباً من الف كلمة، خصوصاً انها لا تتخطى فقط حاجزي الزمان والمكان، بل تتجاوز الى اختراق حاجز اللغة.
وللاسف هذه الصور بمعظمها المنقولة على عجل بحجة "السبق" تحتل المساحة الاكبر من "ذاكرة" الهاتف او جهاز الكومبيوتر او "اللاب توب"...، وهذه الصور، بغالبيتها ايضاً، ناهيك عن قيمتها المعرفيّة المعدومة، وفقدانها اصول وقواعد نشر الصور من حيث الهدف الوظيفي والاخباري او الجمالي، تكون في احيان كثيرة مسروقة من مواقع اخرى، وفي احيان اخرى تعبر عن مشهد في مكان اخر في الكوكب وفي زمان غير هذا الزمان، واقله، لا تراعي خصوصية لطفل، ولا ترحم مشاهد، وحتى لا ترحم تكاليف الاشتراك الانترنت... عند الطرف الاخر.
فتصبح الصورة اداة تلاعب بالعقول والعواطف وتشبه الكتابة المسطحة او المنحنية التي لا تحمل محتوى ولا توصل رسالة.
ولا بد من السؤال: هل تكرار الصور من اكثر من "خبير" على "المواقع" هو دليل صحتها ومصداقيتها؟ ام ان الامر يكون بالاستعجال؟ وكسب "الاولوية" والباقي على النوايا والخبايا وهمة المستلم؟
كثيرة هي الصورة المغرضة التي تبثها وسائل ومواقع معروفة الاتجاه ومتبين مرجعيتها، وهي تهدف الى ضرب الروح المعنوية عند الطرف الاخر، وبث الرعب في قلبه والخوف من الاتي، على ما يقول المثل "ما خلوا مخبّر"، والذين يتبحرون في العلم يعرفون معنى المثل!
من هنا ضرورة الانتباه الى ما ينشر وما يجب ان يحظر نشره من اجل عدم المشاركة في عملية الاحباط المقصود.
نسخ الرابط :