افتتاحية صحيفة البناء :
"القومي" يحفظ لسليماني وإيران دورهما في الانتصارات ويقف مع سورية بوجه عودة الإرهاب نصرالله: الرد إيرانيّ... ولولا الصواريخ لما أقاموا حساباً للبنان.. . وسليمانيّ يحبس أنفاسهم لبنان وكورونا: عودة للإقفال... والحكومة: الراعي لتعاون الرئيسين وجنبلاط لاعتذار الحريري
حبس مزدوج للأنفاس يسيطر على المنطقة، وخطر الانزلاق نحو الهاوية قائم. فمن جهة قلق وحذر من خطوة حمقاء يُقدِم عليها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تذهب بالمنطقة نحو التفجير، ليقلب الطاولة ويقطع طريق البيت الأبيض على الرئيس المنتخَب جو بايدن، ومن جهة موازية هناك مناخٌ من التوتر تعيشه المنطقة مع حلول الذكرى السنوية الأولى لاغتيال القائد الإيرانيّ في الحرس الثوريّ الجنرال قاسم سليماني.
بمناسبة الذكرى أصدر الحزب السوري القومي الإجتماعي بياناً أشاد فيه بدور سليماني وإيران في صناعة الانتصارات، بينما أكد في بيان آخر وقوفه مع سورية بوجه عودة الإرهاب.
وبمناسبة الذكرى السنويّة تحدّث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، فردّ بالتفصيل على كل الذين روّجوا للكلام المزوّر المنسوب لقائد القوة الجوفضائية في الحرس الثوري وصوّروه انتهاكاً للسيادة بتحويل كلامه عن لبنان كجبهة أماميّة بوجه الاحتلال الى جبهة إيران الأماميّة لمواجهة "إسرائيل". وندّد السيد نصرالله بهذه الصحوة السيادية المفتعلة للذين يستسهلون الاحتلال ويصعب عليهم الاحتكام للمصلحة الوطنية، قائلاً إن صواريخ المقاومة الإيرانية أتت من إيران، لكن لدعم المقاومة لتحرير أرض لبنان والدفاع عن لبنان، ولولا هذه الصواريخ التي جلبها القائد سليماني لما أقام أحد حساباً للبنان ولا لكان بالمستطاع الدفاع عن نفطه وغازه. وعن الذكرى قال نصرالله إن محور المقاومة نجح باستيعاب واحتواء الصدمة، وإن سليماني وهو شهيد يحبس أنفاسهم اليوم، مضيفاً أن الرد على اغتيال سليماني سيكون إيرانياً، وكل ما يُقال عن طلب إيران من حلفائها القيام بالردّ بدلاً منها جهل وسخافة وتزوير.
بالتوازي لبنان أمام ملفين معاً، ملف الحكومة وملف كورونا، فعن التطور الكارثيّ لوباء كورونا، تحدث وزير الصحة حمد حسن عن دعوة للإقفال العام مجدداً، بانتظار اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، لإقرار خطة المواجهة، وردّ الوزير على كلام رئيس المجلس الاقتصادي الإجتماعي شارل عربيد ودعوته للإقفال بقوله، "أكلنا الضرب" بسبب الضغط الذي مارسه القطاع الخاص للحؤول دون الإقفال في الأعياد، والآن وقد مرّت الأعياد وتمّ التفشي يطلبون الإقفال، وحمّل حسن المستشفيات الخاصة التي لم تنضمّ لخطة مواجهة كورونا مسؤولية نقص القدرة على المواجهة.
في الملف الحكومي مزيد من الوقت الضائع، وسط دعوة للبطريرك بشارة الراعي، بالتفاهم بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، وترفّعهما عن المحاصصة والمصالح والضغوط الداخلية والخارجية، ودعوة مقابلة للنائب السابق وليد جنبلاط لإعتذار الحريري على قاعدة ترك "حلف الممانعة يتحمّل المسؤولية"، "فليس لنا تأثير في القرار".
يُخيّم الجمود التام على الملف الحكومي، فالاتصالات التي توقفت منذ عيد الميلاد، تنتظر عودة الرئيس المكلف سعد الحريري من الخارج، وإحياء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للمبادرة الفرنسية في ضوء المعلومات التي اشارت الى أن وفداً من مجلس الشيوخ الفرنسي سيزور لبنان يوم الخميس المقبل للبحث في التطورات والمستجدات المتعلقة بتأليف الحكومة وفي محاولة لتقريب وجهات النظر بين المعنيين على خط التأليف.
الى ذلك يخصص الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله خطاباً في الأيام المقبلة للملف اللبناني، حيث سيتناول بالتفصيل ملف الحكومة والتحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، كما سيتحدث عن ملف جمعية القرض الحسن التي تعرّضت للاختراق مؤخراً، خاصة بعد إعلان السيد نصر الله أن هناك قنوات تلفزيونية تلقت مئات آلاف الدولارات لإعداد تقارير عن الجمعية.
في موازاة ذلك، لا يزال تيار المستقبل على موقفه من مسار الأمور، حيث تؤكد مصادره لـ"البناء" ان الرئيس المكلف قدم كل ما عنده والمشكلة هي في البيت الداخلي لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مشيرة الى ان الرئيس الحريري قدم تشكيلة حكومية انطلاقاً من تحمله المسؤولية بضرورة الإسراع في التأليف، لكن سرعان ما رفضت هذه التشكيلة من المقرّبين من بعبدا الذين يُصرّون على الثلث المعطل، واذ رأت ان البعض بدأ يتحدث عن تباين حول عدد الوزراء، لفتت الى ان هذا الكلام يعني محاولة جديدة لعودة الامور الى نقطة الصفر لا سيما ان اتفاقاً حصل بين الرئيس عون والرئيس الحريري على حكومة من 18 وزيراً، مشددة على ان ما يهم الحريري تشكيل حكومة من اختصاصيين قادرة على القيام بالإصلاحات والتفاوض مع صندوق النقد والمجتمع الدولي بهدف الحصول على المساعدات.
ورأى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أنّ الحكومة لن تتشكل إلا من خلال لقاء رئيس الجمهورية والرئيس المكلف واتفاقهما على تشكيل حكومة مميزة باستقلالية حقيقية، وتوازن ديمقراطي وتعددي، وبوزراء من ذوي الكفاءة العالية في اختصاصهم وإدراك وطني بالشأن العام. فلا يفيد تبادل الاتهامات بين المسؤولين والسياسيين حول من تقع عليه مسؤولية عرقلة تشكيلها. وشدّد الراعي على أنّ تبادل الاتهامات لا يفيد حول مَن تقع عليه مسؤولية عرقلة تشكيل الحكومة.
واعتبر أن رئيس الجمهورية والرئيس المكلف قادران على تشكيل حكومة إذا باعدا عنهما الأثقال والضغوط وتعاليا عن الحصص والحقائب والمصالح وعطلا التدخلات الداخلية والخارجية المتنوعة. وأشار الراعي الى أن الإنقاذ لا يحصل من دون مخاطرة وكل المخاطر تهون أمام خطر الانهيار الكامل.
وأكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ان وسائل الإعلام زوّرت وحرّفت تصريح قائد سلاح الجو في الحرس الثوري الإيراني، معلناً أن "ايران تدعم بالسلاح والصواريخ ونحن جبهة أماميّة وغزة كذلك".
وخلال الذكرى السنوية الأولى لمقتل القائدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، اعتبر نصرالله ان كل الدعم الإيراني غير مشروط مشدداً على ان المقاومة هي التي تحمي لبنان وتحافظ على حقوق وسيادة لبنان، داعياً الجميع للاعتراف بذلك.
وقال: "لا يمكن أن نساوي بين مَن دعمنا بالموقف والمال والسلاح وبين مَن تآمر على لبنان عام 1982 ودعم العدو الاسرائيلي خلال سنوات الاحتلال ووقف في حرب تموز ليطلب من الاسرائيليين ألا يوقفوا الحرب قبل سحق المقاومة".
ولفت نصرالله الى أنه إذا وجد أمل أن تأتي الأموال إلى لبنان فهو بسبب الغاز والنفط، معتبراً ان هذه الثروات ستحفظ بسبب بركات المقاومة وصواريخها التي أرسلتها إيران وسورية.
وفي سياق منفصل، قال: "هناك قلق في منطقة الخليج والإسرائيليون رفعوا الاحتياط والمنطقة في حالة توتر شديد وأي حادث لا نعرف الى اين يمكن أن يجر المنطقة". وقال نصرالله ان "من يراهن أن بالقتل وتفخيخ السيارات سيمس بأمننا هو واهم". وأعلن نصرالله ان محور المقاومة استطاع أن يستوعب الضربة الكبيرة، قائلا: "نعترف أن الخسارة كبيرة جداً".
وعن إيران، أكد انها ليست ضعيفة، وعندما تريد أن تردّ عسكرياً وأمنياً ستردّ.
وتزامناً مع اطلالة السيد نصر الله حلقت نحو 20 طائرة حربية واستطلاع إسرائيلية معادية في الأجواء اللبنانية، خصوصاً فوق بيروت وعكار والضنية وكسروان، الشوف وبيروت والمناطق الجنوبية والضاحية.
وقبيل كلمة السيد حسن نصرالله رصد موقف رسمي من قصر بعبدا بعبارات دبلوماسية حملت دلالات سياسية في توقيتها ومضمونها جرى وضعها في خانة الردّ على إيران، فقد غرّد رئيس الجمهورية ميشال عون عبر حسابه على تويتر قائلاً: "لا شريك للبنانيين في حفظ استقلال وطنهم وسيادته على حدوده وأرضه وحرية قراره". لكن سرعان ما رد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان على الرئيس عون بطريقة غير مباشرة فشدّد على ان "لا سيادة من دون صواريخ قاسم سليماني، وعلى الرغم من أننا تنازلنا كثيراً وفي كل المراحل من أجل مصلحة لبنان، إلا أن هناك مَن يريد لبنان مجرد عميل لعوكر ومستعمرة لتل أبيب وبرميل نفط مجيّر لهذا وذاك، وهذا لن يمر أبداً في لبنان، ومع ذلك لن تمر مشاريع الحرب الأهلية وقنابل الفيدرالية ولعبة الشوارع المفخخة بالزعاف الأميركي".
وفي الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد الجنرال سليماني والمهندس وعدد من مرافقيهم، اكد الحزب السوري القومي الاجتماعي، انه يحفظ للشهيدين سليماني والمهندس، دورهما الأساسي والمحوري والريادي في الحرب ضدّ الإرهاب، وفي هزيمة مشروع الإرهاب على أرض الرافدين. ويحفظ الحزب، للجنرال سليماني بما يمثل، دوره ومواقفه إلى جانب سورية في حربها ضدّ الإرهاب، ودعماً للمقاومة في لبنان وفلسطين. واعتبر أنّ تاريخ الثالث من كانون الثاني 2020، أحدث تحوّلاً في مسار المواجهة، ورسم قواعد اشتباك صراعية جديدة بين محور المقاومة ومحور العدوان الداعم للعدو الصهيوني وقوى الإرهاب، وأولى الإشارات في هذا الخصوص، كان الردّ على اغتيال القائدين بقصف القواعد الأميركية في العراق، وهو ردّ غير مسبوق، وضع أعتى قوة عالمية عظمى في حالة من الإرباك والعجز، وجعل منها هدفاً مباشراً في أيّ مواجهة.
ورأى عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي معن حمية من ناحية أخرى أنّ قيام قوات الاحتلال التركيّ والمجموعات الإرهابيّة بقصف قرى وبلدات سورية في ريف الحسكة الشمالي، هو عدوان موصوف، واستكمال لمخطط ترويع أبناء هذه البلدات وتهجيرهم، وحلقات هذا المخطط بدأت بقطع المياه عن مدينة الحسكة وممارسة كلّ أشكال العدوان ضدّ أبناء المحافظة. ولفت عميد الإعلام إلى أنّ حلقات العدوان الإرهابي مترابطة، وهي منسّقة بين الاحتلال التركي والعدو الصهيوني والمجموعات الإرهابيّة، وهذا ما يثبته تزامن العمليات العدوانية الإرهابية على مناطق في ريف الحسكة وفي ريف دمشق والهجوم الإرهابي الذي استهدف حافلة على الطريق بين دير الزور وتدمر.
وغرّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على حسابه عبر تويتر قائلاً: في تصريحي السابق للأنباء قلت إن إيران تنتظر أن تحاور الإدارة الأميركية الجديدة، وإن حكومة اختصاصيين نوع من البدعة فقامت القيامة. اما اليوم ورياح المواجهة تهبّ من كل مكان، أليس من الأفضل أن يتحمل فريق الممانعة مسؤولية البلاد مع شركائه ولماذا التورط في المشاركة حيث لا قرار لنا بشيء؟
الى ذلك ينعقد المجلس الأعلى للدفاع الأسبوع الطالع للبحث في توصية اللجنة الوزارية المعنية بملف كورونا، التي تجتمع اليوم، حول القرار النهائي بشأن الإقفال التام بعد الارتفاع الكبير في عدد الإصابات بفيروس كورونا خاصة أن المستشفيات وصلت قدرتها الاستيعابية الى الحد الأقصى وتقييم الوضع الامني العام في البلد خلال فترة الأعياد، فضلاً عن ملف مفاوضات الترسيم غير المباشرة بين لبنان والعدو الإسرائيلي والخروقات الاسرائيلية للأجواء اللبنانية.
وأكدت مستشارة رئيس الحكومة حسّان دياب للشؤون الطبية بترا خوري أن "الإقفال سيكون أقله ثلاثة اسابيع والإجراءات مشددة". ولفتت خوري إلى أن "نسبة إشغال الأسرّة في العناية الفائقة وصلت الى 90 في المئة والوضع كارثي، وفيما تردّد أن الإقفال سيتم بعد عيد الميلاد عند الطوائف الأرمنية، دعا رئيس كتلة النواب الأرمن أمين عام حزب الطاشناق النائب هاكوب بقرادونيان الحكومة إلى عدم التذرع بعيد الميلاد لدى الطائفة الأرمنية وطالب بالإغلاق التام الفوري لأن حياة الناس اهم بكثير من الأعياد والاحتفالات والمحاصصة الطائفية، وأضاف أن ولادة المسيح هي رمز الحياة ولا بد أن نعيش لكي نشهد على هذه الولادة ورمزيّتها.
وسجل عداد كورونا أمس رقماً كارثياً جديداً، حيث أعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 2870 إصابة جديدة و10 حالات وفاة ليرتفع العدد الإجمالي للمصابين منذ شباط الماضي الى 189279 إصابة و1486 حالة وفاة.
*********************************************************************
افتتاحية صحيفة الديار :
فوضى أم صدفةٌ؟ ما السبيل للسيطرة على الوضع اللبناني ؟ الليرة ضحية الواقع السياسي "كورونا" يُهدّد لبنان ويلجم الانفجار الاجتماعي... والإجراءات الوقائية لا ترتقي الى المطلوب
فوضى أو صدفة؟ سؤال يُطرح عن الواقع اللبناني الذي يتخبّط في سلسلة من الأحداث أقلّ ما يُقال فيها أنها خرجت عن سيطرة المعنيين. الصدفة تعني عدم القدرة على التنبؤ بحيث تأتي من خارج السياق العام ومن دون سابق تصميم أو تصور في حين أن الفوضى تعني غياب الإنتظام بمعناه العام... قد يظنّ البعض أن الفوضى هي نتاج عدد من الظواهر التي لا يُمكن تنبؤها إلا أن علماء الفيزياء أثبتوا أن الفوضى هي نتاج ظواهر يُمكن التنبؤ بها نظريا (حتمية) بدقّة في أغلب الأحيان وما يجعلها مُعقدّة هي الديناميكية الخاصة التي تتطوّر بشكل سريع يجعل التعقيد قسِيَ مع مرور الوقت.
الفوضى بمفهومنا العصري ظهرت في ستينات القرن الماضي مع ظهور الحواسيب مع مُحاكاة تطوّر الأنظمة القطعية الحساسة للظروف الأولية وهو ما أظهر إلى العلن تعقيدات تطوّر الفوضى حيث أن التطور يتمّ بشكل مُختلف تمامًا إذا غيّرنا الحالة السابقة ولو بطريقة مُتناهية الصغر. بمعنى أوضح، أي تعديل بسيط في الحالة الأوّلية للنظام يُغيّر تطوّره تماما مع مرور الوقت ومرد ذلك إلى عملية التسارع الحاصلة في التسلسل المنطقي للحوادث.
وأمّا حالة الواقع اللبناني فقد يرجع إلى أن الهزات والفوضى ترجمة لما آلت إليه الأمور مع غياب تخطيط وإستشراف مُستقبلي لما قدّ تؤول إليه الأمور لا سيما، وكما أوردنا سابقا، أن أي تعديل بسيط في الحالة الأوّلية للنظام يُغيّر تطوّره تماما مع مرور الوقت. وهنا نطرح السؤال إذا ما كانت القوى السياسية واعية لمدى خطورة غياب الإستشراف والتخطيط في حياة الدول؟ فالتطورات الإقليمية والدوّلية تُظهر إلى العلن تحويلاً واضحاً للصراعات الإقليمية التي تُحيط بلبنان حيث تحوّلت مثلا هذه الصراعات من صراعات عربية - إسرائيلية إلى صراعات عربية - تركية - فارسية في ظل وجود دول ضعيفة تُحيط بالدولة العبرية مع عامل مُشترك فيما بينها وهو الضعف العام أمام اقتصادات الأمم الكبرى وهو ما يترجم جلياً في تقلبات العملة الوطنية وهشاشتها.
لبنان لم يكن على مستوى التحدّيات الداخلية من ناحية تأمين حياة كريمة لمواطنيه، ولا الخارجية من ناحية منع التدخلّ الخارجي في أموره الداخلية. وقد تجلى ذلك في فقدان السيطرة التي تُرجمت بالرفض الشعبي الذي إندلع في تشرين الأول 2019 وإمتدّ على طول العام 2020. ويُمكن أيضاً رؤية هذه الترجمة على الصعيد السياسي في عدم قدرة المعنيين تأليفَ حكومة في وقت يُعاني فيه المواطن بشكلٍ حاد إن على الصعيد الإقتصادي أو المالي أو النقدي أو الصحي. وهذا ما يعرف بالشلل التام الاضطراري.
إن هذا الأمر، بنظري، هو نتيجة طبيعية لمقدمة غياب التخطيط الذي لا مفر من أن يؤدي إلى تعديل في الحالة الأساسية للنظام اللبناني (السياسي والإقتصادي) وصولا إلى حالة الفوضى التي إستفحلت في العام 2020 مع بروز مخلفات كل هذه الإخفاقات في صورة أزمات وفي آن واحد. وبالتالي لا بد أن تخرج الفوضى "المُتعمّدة" عن سيطرة الحكام.
بالتحديد، كورونا تستفحل بين المواطنين! من السهل رمي المسؤولية على الشعب والقول إنه مُستهتر، إلا أن الواقع هو أن الحكومة هي من تتحمّل هذه المسؤولية مع غياب التشدّد في الإجراءات الوقائية. أوليس من المفترض، كما يقول أفلاطون، أن تقوم النخبة بإدارة أمور عامة الشعب الذين يعجزون عادة عن إدارة أمورهم؟ ويبقى الحلّ الأسهل هو قرار الإقفال التامّ الذي سيؤدّي إلى الضرب من جديد بآخر أعمدة الإقتصاد ليزيد من فقر الشعب الذي أصبح أسير الهاوية.
قرار الإقفال المنوي أخذه في الأيام القادمة يعكس غياب التخطيط، فالمعنيون يعتقدون أنه يتوجّب علينا إقفال البلد إلى حين وصول لِقاح كورونا وكأن هذا الأخير سيحّل مشاكل لبنان الصحية ومن خلفها الإقتصادية والمالية والنقدية. ومن جديد تظهر إنعدام الرؤيا وقلة الخبرة وعدم التخطيط والانتظام... فعلى الرغم من الحديث عن فعالية عالية للِقاح كورونا، إلا أن الشروط التي تفرضها الشركات المُنتجة للِقاحات وعلى رأسها شرط "رفع المسؤولية عن الشركة في حال كان هناك تداعيات سلبية للِقاح" هو إعتراف مباشر من هذه الشركات أن فعّالية اللِقاح ما زالت موضوع درس. هذا الشرط هو ما يؤخّر توقيع عقود شراء اللِقاحات مع الشركات وبالتالي فإن المسؤولين يعتمدون على مقولة "يسوانا ما يسوى الدول الكبيرة" أو مقولة "مناعة القطيع".
بعض الدراسات التي يُمكن إيجادها على الإنترنت تتوقّع موجة كبيرة في العام 2021 وموجة أخرى في العام 2022. هذا الأمر يعني أنه علينا أن نتعايش مع الوباء من خلال التشدّد في فرض الإجراءات الإحترازية (الكمّامات والتباعد الإجتماعي وغيرها) وترك الماكينة الإقتصادية تعمل بالحدّ الأدنى على الأقل رأفة بما بقي من معيشة اللبنانيين إلا أللهم إذا كان الإقفال هو طريقة للجم الإنفجار الشعبي القادم.
على الصعيد الإقتصادي، التلكؤ في أخذ الإجراءات من قبل حكومة تصريف الأعمال يجعلها مسؤولة (أقلّه أخلاقيا) تجاه الشعب اللبناني. بعض الإجراءات التي تدخل ضمن نطاق تصريف الأعمال يُمكن القيام بها وهي تُخفّف الأزمة على المواطن اللبناني. من هذه الخطوات يُمــكن ذكر خفض الإنفاق العام حيث يُمكن خفـضه أســوة بما يحصل في جميع المؤسسات الخاصة التي سبقت الدولة في التخطيط والتحوط للمخاطر المرتقبة منها والطارئة، يضاف إلى ذلك ترشيد الدعم المُقدّم من قبل مصرف لبنان، والتشدّد في الرقابة على جشع التجار ومنع الفوترة بالدولار الأميركي، ومنع التهريب للسلع والبضـائع المدعومة من قبل مصرف لبنان، وتنسيق عمل البلديات لوضع أملاك عامة بتصرّف مزارعين أو صناعيين قادرين على الإستثمار وإنتاج قسم من الإستهلاك المُسـتورد.
في خضم هذه الصور القاتمة يراهن البعض على الملف النفطي الذي قدّ ينشل لبنان من أزمته المالية والإقتصادية، إلا أن هذا الأمر وكما قلناه من أكثر من خمس سنوات، لا يُمكن أن يحصل لأن الشركات لن تبدأ إستخراج الغاز فيما التهديد الإسرائيلي موجود في كل لحظة أضف إلى ذلك الضغوطات الدولية التي تُمارس على الشركات. عمليا وحتى بفرضية البدء بالتنقيب اليوم، فهناك فترة تمتد لأكثر من خمس سنوات في أحسن الأحوال للبدء بإسـتخراج الغاز. وعملية الإستشكاف التي طـالت البــلوك رقم 4 وصلت إلى نتيجة أن لا كميات كبيرة من الغاز، إلا أن التقرير التقني لم يتمّ نشره وبالتالي هناك فرضية أن يكون هناك ضغوطات على شركة توتال على هذا الصعيد.
على الصعيد المالي، تُشير أرقام وزارة المال المعروضة على بوابتها الإلكترونية أن العجز في الموازنة بلغ حتى الشهر الثامن من العام المُنصرم 3821 مليار ليرة لبنانية أي 29% من إجمالي الإنفاق. وبالتالي هناك إلزامية وقف هذا العجز خصوصا أن الدوّلة توقفت عن دفع سنداتها وهو ما يفرض خفض الإنفاق 3821 مليار ليرة أو زيادة الإيرادات (التشدّد في الرقابة على التجار مثلا). هذا الأمر يجب أن يتزامن مع وضع مسودة موازنة للعام 2021 تأخذ بعين الإعتبار الواقع المالي الحالي والخطوات الواجب إتخاذها لتأمين الإستقرار الإقتصادي.
على الصعيد النقدي، يبقى طبع العملة بهدف سدّ عجز موازنة الدولة وتلبية المودعين سببا رئيسيا في التضخمّ. هذا الأمر، مع ممارسات التجار خصوصًا في ما يخص الأسعار والقبض نقدًا، يؤدّي إلى ضرب قيمة الليرة اللبنانية من خلال تفقير الشعب لأن العملة تعكس ثروة البلد. فلبنان يعيش زيادة في إلتزاماته المالية (أي المطلوبات) وإنخفاض في المداخيل (تهرب ضريبي نتيجة القبض نقدا وتراجع النشاط الإقتصادي) وبالتالي أي زيادة بطبع العملة هو تخفيض لقيمتها ودخول من جديد في الحلقة المفرغة!
من هذا المُنطلق نرى أن الإجراءات المُتخذة لا ترتقي إلى المستوى المطلوب خصوصا في ما يخصّ مافيات العمّلة التي تلعب أسوأ دور في سعر صرف الليرة مُقابل الدولار الأميركي ناهيك عن الضرب المتواصل على القطاع المصرفي الذي نقل الإقتصاد من إقتصاد سوق إلى إقتصاد نقدي أضحى فيه الجميع خاسرا.
يبقى القول أن غياب الإجراءات لتصحيح المسار يأخذ لبنان إلى ما يُسمّى بالفوضى المُتعمّدة حيث لا سيطرة محلّية عليها بل السيطرة موجودة خارج الحدود وبالتحديد في بعض عواصم القرار. الخروج من الأزمة يبدأ بأخذ الإجراءات التصحيحة المطلوبة فهي تُشكّل الباب الوحيد لإستعادة السيطرة على هذه الفوضى.
*********************************************************************
افتتاحية صحيفة الأخبار :
نصرالله في ذكرى سليماني والمهندس: القصاص العادل مسؤوليّة كل حرّ
بوصفه قائداً أممياً، أحيا السيد حسن نصر الله ذكرى استشهاد قائد فيلق القدس قاسم سليماني. وطمأن إلى أن محور المقاومة خرج أقوى من هذه المحنة. كما توعّد بالقصاص للفاعلين. وكرر التأكيد أن الخروج الأميركي من المنطقة هو أحد تداعيات هذه العملية. وقال إن العملية فرضت معادلات عسكرية وأمنية جديدة، ولذلك تشهد المنطقة استنفاراً كبيراً، مؤكداً أن إيران عندما تريد أن ترد، فهي تقرر كيف وأين ومتى
في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، اختصر الأمين العام لحزب الله تداعيات الاغتيال بثلاث نقاط:
التأكيد أن العملية وضعت القوات الأميركية على خط الخروج من العراق ومن المنطقة.
التأكيد أن القصاص العادل سيكون مصير منفذي الاغتيال، بعدما حددهم الإمام الخامنئي بشكل دقيق. وهو إذ أشار إلى أن القصاص سيكون من مسؤولية إيران بالنسبة إلى سليماني، ومن مسؤولية العراق بالنسبة إلى المهندس، أكد أنه أيضاً من مسؤولية كل شريف وحر.
التأكيد أن الاغتيال زاد من عزم محور المقاومة على أولوية الوقوف إلى جانب فلسطين والشعب الفلسطيني ودعمه بكل ما أمكن.
وقال نصر الله إن محور المقاومة سيكمل هذا المسار، على أن يراعي كل طرف مصالحه الوطنية، مشيراً إلى أن هذا المحور يقاد بدقة ومسؤولية وليس كما يتصوره البعض، ولولا ذلك لما تحققت هذه الانتصارات.
وعاد نصر الله بالتاريخ إلى الاجتياح الإسرائيلي، مشيراً إلى أن لبنان "معنيّ بالاعتراف وبشكر وتقدير من وقف إلى جانبه منذ اليوم الأول. ومن الطبيعي أن نحيي هذه المناسبة، وأن نسمّي بعض شوارعنا وساحاتنا ومحمياتنا باسم الشهيد قاسم سليماني والشهيد أبو مهدي المهندس. ومن الوفاء أن لا نساوي بين العدو والصديق، أو بالحد الأدنى من خذلك وتخلى عنك ولم يمد لك يد المساعدة ولو بكلمة، وبين من وقف إلى جانبك". أضاف: "نحن في لبنان لا يمكن أن نساوي بين من دعمنا في الموقف والسلاح والمال واستشهد معنا وأعاننا لتحرير أرضنا وأسرانا، وبين من تعامل ودعم العدو الإسرائيلي خلال كل سنوات الاحتلال، وصولاً إلى حرب تموز، التي طلب فيها من العدو أن لا يوقف الحرب قبل سحق المقاومة. وفي فلسطين أيضاً، لا يمكن أن نساوي بين من دعم فلسطين وبين من ساهم في حصار الفلسطينيين، كما لا يمكن المساواة بين من كان شريكاً في الحرب الكونية على سوريا ومن وقف إلى جانبها ودعمها بالمال والسلاح واستشهد على أرضها. ولا يمكن للشعب العراقي أن يساوي بين من احتل أرضه ودمر العراق ودعم كل الجماعات التكفيرية والإرهابية، وبين من وقف إلى جانب العراقيين ليساعدهم على التخلص من داعش ومن خطر الجماعات التكفيرية".
وخلص نصر الله إلى أن "الوفاء من شروط النصر. ولذلك، ونتيجة قوة حضور الحادثة من اليوم الأول إلى اليوم في الوجدان والمشاعر وفي المعادلات الأمنية والسياسية، يوجد قلق كبير في المنطقة. فالإسرائيليون رفعوا نسبة الاستنفار والاحتياط في جيشهم بسبب الذكرى السنوية لاستشهاد سليماني والمهندس. والأميركيون يتصرفون بقلق وخوف، فيما الإيرانيون يفترضون أن ترامب قد يحضّر لشيء ما قبل مغادرته في 20 كانون. وبالنتيجة المنطقة كلها مستنفرة بفضل هذه الحادثة".
وأوضح أنه "عندما تقرر إيران أن ترد على الاغتيال عسكرياً فهي التي سترد كما فعلت في عين الأسد وعندما تريد أن ترد أمنياً فهي تقرر أن ترد". واعتبر أنها لو أرادت أن ترد عسكرياً على اغتيال العالم الإيراني فخري زادة بعملية أمنية، لفعلت منذ اللحظات الأولى. وقال إن إيران لا تطلب من أصدقائها وحلفائها أن يردوا نيابة عنها، وإذا هم بادروا فهذا شأنهم. لكن إيران ليست ضعيفة، وعندما تريد أن ترد فهي تقرر كيف وأين ومتى. ونصح نصر الله الخصوم بعدم المقارنة بين إيران وأصدقائهم الإقليميين الذين يقول عنهم ترامب إنهم يملكون المال وهم يدفعون لأميركا لتدافع عنهم. ولهذا هم بحاجة إلى أميركا ومرتزقتها، ولكن إيران قوية وهي قادرة على الدفاع عن نفسها.
وطمأن إلى أنه بالرغم من الخسارة الكبيرة، "إلا أن محور المقاومة استطاع أن يستوعب هذه الضربة، وخاب ظنهم بأن يؤدي هذا الاغتيال إلى انهيار المحور. نحن بحسب ثقافتنا وانتمائنا وتاريخنا، نعرف كيف نحوّل التهديدات إلى فرص وكيف نحوّل الدم المسفوك ظلماً إلى دافع قوي للاستمرار والثبات والصمود والإحساس أكثر بالمسؤولية. ولذلك أقول للأميركيين والإسرائيليين ولكل من هو في محورهم والذين يقتلون ويتآمرون على اغتيال قادتنا وعلمائنا وشعوبنا ونسائنا ورجالنا، عندما تقتلون قادتنا نزداد عناداً وتمسّكاً بالحق، ولذلك دعا من يراهن على العقوبات والاغتيالات إلى الخروج من الوهم".
وانطلاقاً من التضحيات التي قدمها سليماني، قال نصر الله: "نحن اليوم نقدم الحاج قاسم سليماني بطلاً عالمياً وأممياً، بوصفه عنواناً عالمياً للتضحية والفداء والإخلاص والوفاء والدفاع عن المستضعفين، بغضّ النظر إلى أي دين أو هوية انتموا". واعتبر أنه لا يضخم ولا يصنع أسطورة، مؤكداً أن كل ما كشف عن شخصيته وجهاده وإنجازاته هو وكل إخوانه في كل الساحات هو قليل، لكن سيتم الكشف عن المزيد لاحقاً.
وفيما أشار نصر الله إلى أنه سيخصص الإطلالة المقبلة (الخميس أو الجمعة) للحديث عن الملف اللبناني، ختم حديثه بـ"نصيحة لمن يراهنون على العقوبات ولوائح الإرهاب"، أشار فيها إلى أن "هذه الإجراءات لا تقدّم ولا تؤخر، لكن هدفها نفسي وهي جزء من المعركة لإخضاعنا". أضاف: "لسنا محاصرين، بل أعداؤنا هم المحاصرون ويخوضون معركة خائبة لن تؤدي إلى أي نتيجة".
**********************************************************************
افتتاحية صحيفة اللواء :
الإقفال يقطع الطريق على الحراك.. وتوتر بين الحزب والتيار خلافات داخل لجنة الكورونا حول إجراءات التسكير.. وتوقيف العشرات بعد "ليلة الرعب"
في أول يوم عمل، وحدها المدارس الرسمية والخاصة، ستبقى مقفلة، المصارف تعود إلى العمل، علي وقع متغيرات ومفاجآت، المؤسسات التي لم تقفل بعد، تعود وسط قلق، من أن يؤدي الإقفال، الذي تلوّح به اللجنة الوزارية المختصة بإجراءات الكورونا، إلى اقفال أبوابها، ما دام القرار اتخذ بأن الصحة تتقدّم على الاقتصاد.
وتجتمع لجنة الكورونا اليوم للبحث في قرار الاقفال من عدمه، وسط معارضة وزيري الصحة في حكومة تصريف الأعمال، حمد حسن، ووزير الداخلية محمّد فهمي الذهاب بعيداً، في ظل تشدّد من مستشارة رئيس الحكومة بترا خوري، ونقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون وفريق طبي آخر..
ويصر وزير الصحة على اقفال اسبوعين فقط، وإذا لزم الأمر، يعاد الاقفال لفترة جديدة.. معتبراً ان اللقاح، يمكن ان يصل قبل نصف شباط.
وقال حسن، ان معيار الاقفال، يتعلق بتحقيق الغاية، باعتبار ان الخطوة وسيلة، ولا غاية، منتقداً عدم التشدّد.
واعتبر ان دور الأجهزة الأمنية، يتعلق بتقديم الضوابط، لبناء الخطوة الاقفالية عليها.. وشدّد على عدم المس بهيبة الدولة..
وبدا انه معارض لاقفال طويل، انطلاقاً من أن العمل، والقوت ضروريان للمواطنين..
وطالب بتوفير أسرّة، واتخاذ إجراءات أمنية تجعل المواطن يلتزم بإجراءات الوقاية الصحية..
وبدءاً من هذا الأسبوع، تقفل حضانات الأطفال، وطوال أيامه، كخطوة تحسبية من الإصابة، بفايروس كورونا، بقرار من وزير الصحة.
سياسياً، توقعت مصادر سياسية عودة الحرارة التدريجية للحركة السياسية مع عودة الرئيس المكلف سعد الحريري الى بيروت خلال الساعات المقبلة بعد انتهاء زيارته العائلية في الخارج، حيث من المرتقب ان تعاود الاتصالات ولو بشكل غير مباشر لمعاودة اللقاءات الثنائية بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون لإعادة تحريك ملف تشكيل الحكومة بزخم اقوى من السابق لتسريع ولادة الحكومة العتيدة. الا ان المصادر السياسية استبعدت حصول اي لقاء بين الرئيسين عون والحريري، مالم يتم التمهيد له باتصالات مسبقة لتجاوز نقاط الخلاف السابقة والتوصل الى تقريب وجهات النظر قدر الامكان، لكي تتوافر مقومات نجاح اللقاء وتسريع ولادة الحكومة الجديدة. وتعتبر المصادر ان مبادرة البطريرك الماروني بشارة الراعي لم تسقط نهائيا وان كانت تعثرت بفعل فشل اللقاء الاخير بين عون والحريري وهو اللقاء الذي حصل بجهود وتشجيع من البطريرك الراعي، وقد تعاود وساطة الاخير الذي لم يترك مناسبة دينية الا وتناول فيها الدعوة لتسريع عملية التشكيل، داعيا فيها رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف لتجاوز خلافاتهما والاسراع بتشكيل الحكومة العتيدة لان البلد لم يعد يحتمل البقاء بلا حكومة جديدة حتى اليوم. واستدركت المصادر السياسية القول انه ليس من السهولة بمكان تجاوز خلافات اللقاء الأخير بين عون والحريري بعدما تبين ان الكلمة الفصل في كل ما يتم التفاهم عليه بينهما الى رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران الذي يمعن في افشال ما يتم الاتفاق عليه بين عون والحريري علانية ومن دون قفازات، في حين تزيد حدة التصعيد الاقليمي والدولي بين ايران وإسرائيل والولايات المتحدة من صعوبة التحركات والوساطات لإخراج موضوع تشكيل الحكومة الجديدة من براثن التصعيد الحاصل وابعاده عن محاولات توظيف هذا الملف في الصفقات المحتملة. اضافة لذلك لاحظت المصادر برودة لافتة في حركة المعايدة المعهودة بين كبار المسؤولين خلافا لما كان يحصل سابقا وهو ما يعبر عن حدة الخلافات السياسية بينهم وتأثير ذلك على صعوبة إعادة تحريك ملف تشكيل الحكومة، توقعت أن تعاود حركة الاتصالات مع المسؤولين الفرنسيين المكلفين بمتابعة تنفيذ المبادرة الفرنسية مع المسؤولين اللبنانيين، لاسيما وإن حركة اتصالات بعيدة عن الاضواء سجلت مؤخرا واقتصرت على تبادل التهاني بعيدي الميلاد ورأس السنة.
وبالإنتظار، علمت "اللواء" أن لا دعوة لاجتماع المجلس الأعلى للدفاع من أجل البحث في الأقفال العام وعدة مواضيع ذات طابع أمني، وليس معروفا ما إذا كان هناك من اجتماع ام يستعاض بقرارات لجنة كورونا فقط. وقالت مصادر مطلعة لـ"اللواء" أن الاجتماع قد ينعقد قريبا من أجل البحث في عدة مواضيع امنية.
حكوميا لا مؤشرات جديدة وفق المصادر ولن يتظهر شيء قبل الاجتماع المرتقب بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف. وافيد ان العقد الحكومية لا تزال على حالها بإنتظار ما قد بحمله هذا الاجتماع مع العلم انه يفترض أن تتبلور مساع جديدة على الخط الحكومي في حال وجدت.
وجددت أوساط بعبدا اعتبار ان المدخل إلى تأليف الحكومة التزام: الميثاق والدستور والمعايير الواحدة، وبالتالي المضي في التدقيق الجنائي.
وبعد حركة البطريرك الماروني بشارة الراعي التي لم تؤدِ إلى نتيجة فعلية لتحريك المياه الحكومية الراكدة بسبب تصلب المواقف من التشكيلة، ثمة كلام عن تحرك فرنسي جديد بإتجاه لبنان، عبر زيارة وفد من مجلس الشيوخ الفرنسي الى بيروت يوم غدٍ الأربعاء مبدئياً، لإجراء محادثات مع المسؤولين اللبنانيين والمرجعيات السياسية والدينية، للتأكيد مجدداً على استمرار المبادرة الفرنسية للحل واستمرار الدعم في كل المجالات، شرط ان يعي المسؤولون مسؤولياتهم ويتحملوا عبء معالجة الازمة.
وتردد ان الوفد الفرنسي يحمل القلق من التصعيد الاميركي - الايراني في الشرق الاوسط ومن إرتداداته على لبنان، بعد الكلام عن إحتمال لجوء الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب قبيل إنتهاء ولايته إلى توجيه ضربة عسكرية ضد ايران، وتضطرمعها طهران الى الرد، فتدخل اسرائيل على خط التوتر للهروب من مشكلاتها الداخلية ما يوسع نطاق التوتر العسكري، ما يدفع الرئيس المنتخب جو بايدن الى معالجة نتائج هذه المعركة بسرعة لتحقيق مشروعه بعودة المفاوضات مع ايران حول برنامجها النووي والصاروخي، ما يعني إنشغاله عن باقي ملفات المنطقة، ومنها الوضع اللبناني الذي قد تتأخر معالجته الى شباط او آذار، إذا صحّت تقديرات بعض القوى السياسية ومنها نواب ومسؤولين في تيار المستقبل، والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الله والتيار الوطني الحر، بان تاخير تشكيل الحكومة يعود في معظمه لأسباب خارجية، وباقي المشكلات المتعلقة بتأليف الحكومة شكلية ويمكن حلّها بسرعة.
الحرس.. والتوتر
وحظيت تصريحات قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني اللواء أمير علي حاجي زادة بإنقسام داخلي، وتوضيحات وتفسيرات من رئيس الجمهورية إلى الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، وغيرهما. فالرئيس ميشال عون عرّد: "لا شريك للبنانيين في حفظ استقلال وطنهم وسيادته على حدوده وأرضه وحرية قراره".
وردّ السيّد نصر الله: انه إذا كان هناك أمل بأموال ستأتي إلى لبنان، فهو بسبب الغاز والنفط، وهذه الثروات ستحفظ بفضل بركات المقاومة، والصواريخ التي زودتها بها سوريا وإيران.
وجاء في موقف للتيار الوطني الحر، عبر اللجنة المركزية للاعلام فيه انه مع حق اللبنانيين في الدفاع عن سيادتهم وأرضهم وثرواتهم في مواجهة اي اعتداء، من جانب اسرائيل او غيرها، ولكن التيار يعتبر التيار ان اللبنانيين معنيون بالحفاظ على حرية لبنان وقراره وسيادته واستقلاله، وان المقاومة التي يمارسها اللبنانيون دفاعاً عن ارضهم، يجب ان تخدم دائماً هذه الأهداف دون سواها.
واللافت، حدوث أوّل اشتباك "تويتري" ظاهر، بقوة، على خلفية ما نسب إلى حاجي زادة، بين أنصار التيار الوطني الحر وحزب الله اتسم بالعنف والحدة.
ليلة رعب
والأخطر، حالة القلق التي عاشها اللبنانيون ليلة رأس السنة، جراء إطلاق النار الكثيف احتفالاً بنهاية عام 2020، وهي ظاهرة تتكرر في كل مناسبة لتظهر حجم انتشار السلاح الفردي والمتفلت دون أي ضوابط.
وأفادت وسائل إعلام محلية عن سقوط رصاص طائش على أسطح مبانٍ سكنية جراء إطلاق نار كثيف وقذائف صاروخية في الهواء، في بيروت، الضاحية الجنوبية، وطرابلس شمالاً، وفي محافظة بعلبك والهرمل ما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى.
وفي سياق متصل، توفيت السورية ح.ع.ج.إثر إصابتها برصاصة طائشة اخترقت رأسها داخل مخيم الطيبة للنازحين السوريين منتصف ليل أمس، إحتفالا برأس السنة الجديدة.
كما أصيب طفل في الشويفات وشخص في طرابلس نتيجة الرصاص الطائش أيضاً.
وأعلنت قوى الأمن الداخلي، انه امام هذه الآفة الخطيرة التي تُهدّد أمن المجتمع، أوقفت القوى الأمنية، 34 شخصاً، اقدموا على إطلاق النار في مناطق لبنانية مختلفة، ونشرت القوى جدولاً بأسماء مطلق النار، وتبين أن بينهم فلسطيني واحد، والباقين من الجنسية اللبنانية، ومن مختلف المناطق اللبنانية.
انفجار القصير
امنياً، سقط 10 جرحى بانفجار مستودع للمحروقات في بلدة القصير، نقل منهم 7 للمستشفى، وعولج 3 في مكان الحادث، وأعلن رئيس الصليب الأحمر الدولي جورج كتانة عن شخص مفقود.
وقال مصدر عسكري لبناني ان الانفجارات حصلت داخل الاراضي السورية، بعيداً عن حاجز الجيش اللبناني، في مستودعات لشخص من آل عبيد.
طرابلس.. العودة إلى الحراك
وبانتظار.. توصل مجموعات الحراك إلى قرار بالعودة إلى الشارع، نظمت مجموعة واسعة، من أبناء طرابلس مسيرة شعبية تحت عنوان "طفح الكيل" انطلقت من ساحة التل باتجاه شارع المئتين فشارع عزمي ومن ثم عادت الى ساحة التل، وخلال المسيرة تم رفع اليافطات المطالبة بالانتخابات المبكرة وباسقاط السلطة الفاسدة فضلاً عن الاعلام اللبنانية كما وطالب المحتجون جميع السياسيين اما بالرحيل أو بمساعدة الرئيس سعد الحريري تشكيل حكومة اختصاصيين يكون من شأنها اعادة الثقة للخارج بهدف مساعدة لبنان وانقاذه وان في اللحظة الأخيرة.
وواكبت المسيرة عناصر من الجيش اللبناني الذين سار عدد منهم بجانب المسيرة أو هم تبعوها بآلياتهم العسكرية، وحاول الجيش منع توجه المجموعة الى ساحة النور لعدم الاحتكاك بالمحتجين المتواجدين فيها، خصوصاً بعد الحادثة التي وقعت ليل السبت الماضي وسقط خلالها جريح اثر تعرضه لضربة سكين.
وقبل اختتام المسيرة توجه عدد من المحتجين الى بيوت النواب مرددين الهتافات الداعية الى اسقاطهم.
189278 إصابة
صحياً، أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 2870 إصابة جديدة بفايروس كورونا، و10 حالات وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد إلى 189278 إصابة مثبتة مخبرياً.
***********************************************************************
افتتاحية صحيفة النهار :
استعراض إيراني إستفزازي… والأفق الحكومي مقفل
لم تنفع مساحيق التجميل التي شاءها الأمين العام لـ"#حزب الله " السيد #حسن نصرالله تخفيفا لغلواء العرض الاستفزازي التي استباحت عبره طهران الساحة الدعائية والإعلامية والديبلوماسية ال#لبنانية في الساعات الثماني والأربعين الماضية تعويضا عن عدم انتقامها لقائد "لواء القدس" في الحرس الثوري الإيراني #قاسم سليماني في الذكرى السنوية الأولى لاغتياله على يد القوات الأميركية في مطار بغداد. فاذا كان صحيحا ان اجتزاء حصل لتصريحات قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني #علي حاجي زاده، فلماذا انتظرت #ايران اكثر من يوم كامل موعد كلمة السيد نصرالله لتصحح الاجتزاء؟ ثم كيف يكون هناك اجتزاء ورئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون الحليف الأول والاكبر لـ"حزب الله " لم يحتمل التجاهل والصمت الطويل على الاستفزاز والانتهاك الوقح للسيادة اللبنانية واضطر الى الرد ولو بشكل ضمني ومقتضب وخجول على الجنرال الإيراني؟
في أي حال فان ما بدأه علي حاجي زادة بتأكيده ان لبنان كما غزة هما ساحة الصواريخ الإيرانية وتاليا تباهيه ضمنا بانهما متراس النفوذ الإيراني الأساسي وساحة التهديد الجاهز لإسرائيل والولايات المتحدة، أكمله السيد نصرالله نفسه بنبرة استعلائية سواء في تبريره الفوري لاستعانة حزبه بالترسانة الإيرانية اواعتباره "المقاومة" المدعومة من ايران حامية لبنان الحصرية، مع الزعم بانها مقاومة مستقلة تماما، او في تبنيه تصريحات زادة نفسها ولو اتهم وسائل إعلامية بتحريفها. ومع ان لبنان بدا في مطلع السنة الجديدة غارقا من جهة في أسوأ تداعيات الكارثة الوبائية مع استفحال بالغ الخطورة للتفشي الوبائي لفيروس #كورونا، ومن جهة أخرى في التخبط السياسي المخيف امام ازمة انسداد مسار تاليف الحكومة الجديدة، فان الاستفزاز الإيراني اخترق المشهد بقوة لكونه رسم علامات قلقة حيال التوظيف الإيراني للكوارث اللبنانية واستغلال واقع السلطة المستسلم لنفوذ "حزب الله " في محاولات ايران استخدام لبنان ساحة لتطيير الرسائل نحو اعدائها وخصومها. ولكن تصوير الحرس الثوري الإيراني للبنان ساحة استهداف صاروخية دفاعية عن ايران نفسها احدث ارتدادات سياسية لبنانية حادة وأشعل عاصفة استنكارات دفعت الكثير من الأصوات الى التساؤل عما سيكون عليه موقف رئيس الجمهورية من هذا الانتهاك السافر لسيادة لبنان. وظهر امس مرر الرئيس عون تغريدة على "توتير" شكلت ردا خجولا مقتضبا على التصريحات الإيرانية اكد فيها ان "لا شريك للبنانيين في حفظ استقلال وطنهم وسيادته على حدوده وأرضه وحرية قراره ". كما لوحظ انه عقب عاصفة الردود والمواقف المستنكرة للتصريحات الإيرانية ومطالبة رئيس الجمهورية باتخاذ موقف منها اصدر " التيار الوطني الحر" بدوره بيانا حمل فيه العصا من وسطها اذ تحدث من جهة عن "حق اللبنانيين في الدفاع عن سيادتهم وارضهم في مواجهة إسرائيل او غيرها" ولفت في المقابل الى انه "لا يجوز ان يكون دعم مقاومة اللبنانيين مشروطا بالتنازل عن السيادة الوطنية والانغماس في ما لا شأن لهم به". واذا كان بعض الردود على تصريحات زادة كرد النائب المستقيل مروان حمادة ذهب الى حدود القول انه حان الوقت للمواجهة مع "حزب الله" وعدم ترك لبنان رهينة في يد ايران، فان المظاهر التي عممها الحزب في ذكرى اغتيال سليماني اتخذت طابع التعبئة الدعائية الواسعة مع رفع صور عملاقة لسليماني في انحاء عدة من الضاحية وعلى طريق المطار وفي الجنوب والبقاع الشمالي. ولم يقف الامر عند كلمة نصرالله في الرد على منتقدي كلام زادة بل ان المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان انبرى بدوره الى مهاجمة المنتقدين والتباهي بان "صواريخ قاسم سليماني وقدرات طهران التسليحية للمقاومة هي التي حسمت معارك التحرير والنصر وان لا سيادة من دون صواريخ سليماني".
الأفق الحكومي
ولم تغب دلالات البصمات الإيرانية في عرقلة مسار #تأليف الحكومة الجديدة عن هذا التطور اذ تفرد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى الربط بينهما مذكرا بان ايران تنتظر ان تحاور الإدارة الأميركية الجديدة وتساءل "أليس من الأفضل ان يتحمل فريق الممانعة مسؤولية البلاد مع شركائه ولماذا التورط في المشاركة حيث لا قرار لنا في شيء ؟".
في كل حال بدا مسار تاليف الحكومة الجديدة في مطالع السنة الجديدة كأنه توقف تماما عند المربع الأول وسط جمود وشلل غير مسبوقين في الحركة السياسية الداخلية وتراجع الرهانات الى اقصى الحدود على أي وساطات بما فيها المبادرة الفرنسية لاعادة بث الحركة في مسار تشكيل الحكومة. وأفادت معلومات "النهار"ان سفر الحريري الى الخارج كان حصرا لهدف تمضية عطلة رأس السنة الجديدة مع عائلته ولم يرتبط باي جولات سياسية في الخارج خلافا لما أشيع. وتشير هذه المعلومات الى انه يرتقب إعادة تحريك عجلة الاتصالات والتحركات المتصلة بالاستحقاق الحكومي المجمد غداة عيد الميلاد لدى الطوائف الأرمنية وبعد ان يكون الحريري قد عاد الى بيروت خلال الساعات الأربع والعشرين المقبلة. ومع ذلك فان المعطيات المتوافرة لا تشير الى أي حلحلة وشيكة في واقع التعقيدات القائمة امام تشكيلة الحريري اذ يبدو ان ساعة التأليف لم تحن بعد وحين تضاء الإشارات الخضراء للتشكيل ربما لا تبقى التشكيلة التي أعدها الحريري وانجزها وعرضها على رئيس الجمهورية عقدة كأداء كما تقول أوساط مطلعة.
*******************************************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية :
التأليف يتعثّر بمصالح شخصية وفئوية وكورونا يفرض الاقفال
تبدأ السنة الجديدة على غرار ما انتهى عليه العام المنصرم الذي حمّلها كل الملفات العالقة، بدءاً من الحكومة العالق تشكيلها بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، وصولاً إلى الأزمة المالية المعقدّة والمتشعبة والمتطورة فصولاً، وما بينهما غياب الحلول المطلوبة والقلق الشعبي على الحاضر والمستقبل والمصير. فصحيح أنّ سنة جديدة قد بدأت، ولكن الملفات العالقة كلها قديمة، ولا مؤشرات الى حلول لها في المدى المنظور، بل كل التوقعات تشير الى انّ المراوحة ستبقى سيّدة الموقف حتى إشعار آخر، وستبقى الآمال معلّقة على حلحلة وتنازلات متبادلة بين عون والحريري، او على وساطة سيستأنفها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، او على زيارة سيقوم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للبنان، او على دخول الرئيس الاميركي المنتخب جو بايدن إلى البيت الأبيض. ولكن، شتان ما بين الآمال، وبين واقع الحال على أرض الواقع، حيث يواصل التدهور تدحرجه من السيئ إلى الأسوأ. ومن المتوقع ان تستعيد الحركة السياسية زخمها هذا الأسبوع، بعد عطلة طويلة نسبياً امتدت منذ ما قبل عيد الميلاد إلى اليوم، وفيما التبريد إبّانها كان سّيد الموقف، غير انّ التسخين عاد ليطلّ من بابين: باب تصريح أحد قادة الحرس الثوري الإيراني، الذي أثار عاصفة من الردود السياسية، اضطر معها رئيس الجمهورية إلى الدخول على خطها، وباب وباء كورونا الذي سجّل في الأسابيع الأخيرة عدد إصابات قياسياً، يتجّه معه لبنان إلى الإقفال مجدداً، وحيث سيتصدّر الملف الصحي الاهتمام السياسي والشعبي. وفي موازاة كل ذلك، يتواصل التصعيد الأميركي-الإيراني، سواء عن طريق المواقف والتصريحات المتقابلة، او من خلال التقارير التي تتحدث عن احتمالات الحرب، قبل مغادرة الرئيس الاميركي دونالد ترامب البيت الأبيض، الأمر الذي يُبقي المنطقة في حالة حبس أنفاس حتى 20 من الشهر الحالي، وذلك على رغم من انّ أكثر من مصدر ديبلوماسي غربي يستبعد ضربة أميركية لطهران في الأيام القليلة المقبلة.
مع انتهاء عطلة الأعياد، يسود ترقّب لعودة الحريري الى بيروت، أملاً في أن تدور مجدداً محركات التأليف الحكومي بعدما انطفأت كلياً عقب زيارته الأخيرة لعون عشية عيد الميلاد والتي انتهت الى فشل ذريع.
والمستهجن، انّه لم تظهر خلال الساعات الماضية اي إشارة الى احتمال كسر الجمود السياسي، وإعطاء قوة دفع لعملية التشكيل المتوقفة، علماً انّ الظروف القاسية والخطرة التي يمرّ فيها لبنان كانت تستوجب من المعنيين استمرار السعي الى اختراق الحائط المسدود، حتى خلال عطلة الأعياد، لتعويض بعضاً من الوقت الثمين الذي ضاع حتى الآن، خصوصاً انّ عوامل الانهيار والانحدار المستمرة في التفاقم لا تعترف اصلاً بعطلة او إجازة.
وفيما لا يزال البعض يصرّ على ربط تشكيل الحكومة بإنجاز التسليم والتسلّم بين ترامب المنتهية ولايته والرئيس المنتخب جو بايدن، اعتبرت اوساط مواكبة للملف الحكومي، انّ هذا الربط هو مفتعل وبات أقرب إلى شماعة يُعلّق عليها التأخير غير المبرر، في حين انّ الأسباب الحقيقية للتأخير المتمادي ترتبط بحسابات ومصالح شخصية وفئوية. واستغربت هذه الاوساط بقاء الحريري في أعلى الشجرة التي تسلّقها، وهو الذي يعرف انّ معالجة العِقَد الحكومية تتطلب اكبر مقدار ممكن من الواقعية والمرونة. كذلك استغربت تحجيم رئيس الجمهورية دوره الى حدود التفاوض على نسبة من الوزراء وثلث معطّل، بينما ينبغي أن يكون رئيساً فوق الجميع وليس واحداً من الجميع يطالب بحصة وزارية.
في انتظار الحريري
وفي رواية أُخرى، لم ترصد الاوساط السياسية اي حراك يقود الى احياء البحث في الملف الحكومي، وهي تنتظر عودة الحريري المتوقعة في الساعات المقبلة، ان لم يكن قد عاد فجر اليوم، لإستئناف البحث في التشكيلة الحكومية. وكل ذلك تترقبه الاوساط السياسية على خلفية الحديث عن انّ الكل ينتظر الكل. فالحريري ينتظر ملاحظات جدّية على التشكيلة التي اقترحها ولم يقدم على اي خطوة تعطلّها بعد، فيما تردّد اوساط القصر الجمهوري انّ عون ينتظر ردّ الحريري على ملاحظاته.
إحياء "العشرينية"
ولفتت المصادر، الى انّه لم يُسجّل طوال فترة عطلتي الميلاد ورأس السنة اي حراك في شأن الاستحقاق الحكومي، باستثناء اللقاء الذي شهده القصر الجمهوري بين عون ورئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني" النائب طلال ارسلان قبيل عيد الميلاد، الذي احيا الحديث عن حكومة عشرينية بدلاً من صيغة الـ 18 والـ "6×6×6"، والتي تمّ الربط في ما بينها ومنطق وحدة المعايير التي عطّلت الصيغة التي طرحها الحريري منذ لقاء 9 كانون الاول، لمجرد الحديث عن المكون الدرزي الثاني، الذي تجاهلته تشكيلة الحريري، ربطاً بالمعايير التي عطّلت عملية توزيع الحقائب بين القوى السياسية والحزبية، وعُدّت خروجاً فاضحاً على المبادرة الفرنسية.
والى هذه المعطيات التي لم يتبين بعد ما ستكون نتائجها، تبقى الخطوات المقبلة المرتبطة بهذا الملف مجرد افكار، ليس هناك من يتبناها حتى هذه اللحظة.
في غضون ذلك، تناول البطريرك الراعي الاستحقاق الحكومي في عظة الاحد، فقال: "في ضوء رسالة قداسة البابا فرنسيس الداعية إلى ثقافة السلام، نعتبر أنّ الحكومة لن تتشكَّل إلّا من خلال لقاء رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف واتفاقهما على تشكيل حكومة مميزة باستقلالية حقيقية، وتوازن ديمقراطي وتعدّدي، وبوزراء ذوي كفاية عالية في اختصاصهم وإدراك وطني بالشأن العام". وأضاف: "إنّ رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف قادران على اتخاذ هذا القرار المسؤول والشجاع، إذا أبعدا عنهما الأثقال والضغوط، وتعاليا على الحصص والحقائب، وعطّلا التدخّلات الداخلية والخارجية المتنوعة، ووضعا نصب أعينهما مصلحة لبنان فقط".
رداً على الحرس الثوري
في هذه الاثناء، لاقى كلام قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني (الباسدران)، علي حاجي زادة السبت الماضي، بعض ردود الفعل اللبنانية المعارضة، حيث قال السبت في حوار مع قناة "المنار"، إنّ "كل ما تمتلكه غزة ولبنان من قدرات صاروخية، تمّ بدعم إيران، وهما الخط الأمامي للمواجهة".
واضاف زادة: "نحن نعلّم جبهة المقاومة على صناعة صنّارة الصيد، بدلاً من تقديم السمك، ولبنان وغزة يمتلكان تكنولوجيا صناعة الصواريخ"، لافتاً إلى أنّ "قدرات محور المقاومة لم تعد كما كانت قبل عشر سنوات، واليوم يطلق الفلسطينيون الصواريخ بدلاً من رمي الحجارة". وأشار إلى أنّ "هناك تقاطعاً للنيران في سماء إسرائيل، بين سوريا، ولبنان، وفلسطين"، مؤكّداً أنّ "الفلسطينيين يمتلكون اليوم تكنولوجيا صناعة الصواريخ الدقيقة". وأضاف مهدداً: "لدينا أمر عام من المرشد، علي خامنئي، بتسوية حيفا وتل أبيب بالأرض، في حال ارتكبت أي حماقة ضدّ إيران، وعملنا طيلة السنوات الماضية لنكون قادرين على ذلك"، مشيراً إلى أنّ طهران تدعم "أي طرف يقف في مواجهة إسرائيل".
عون و"التيار" يردّان
وردّ رئيس الجمهورية ميشال عون عبر "تويتر" على حاجي زادة، فقال: "لا شريك للبنانيين في حفظ استقلال وطنهم وسيادته على حدوده وأرضه وحرية قراره". كذلك ردّ "التيار الوطني الحر" عبر اللجنة المركزية للاعلام، فقال: "حق اللبنانيين في الدفاع عن سيادتهم وأرضهم وثرواتهم في مواجهة أي اعتداء، من جانب إسرائيل او غيرها". واعتبر أنّ "اللبنانيين معنيون بالحفاظ على حرّية لبنان وقراره وسيادته واستقلاله، وأنّ المقاومة التي يمارسها اللبنانيون دفاعاً عن أرضهم، يجب أن تخدم دائماً هذه الأهداف دون سواها، وأنّ أي دعم يتلقونه لا يجوز أن يكون مشروطاً بالتنازل عن السيادة الوطنية أو بالانغماس في ما لا شأن لهم به".
جعجع لـ"لجمهورية"
ومن جهته، قال رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع، إنّ "حلف حزب رئيس الجمهورية مع "حزب الله" هو من اوصل البلاد الى ما وصلت اليه، والحل هو في انتخابات نيابية مبكرة تبدّل الأكثرية النيابية".
وقال جعجع في حوار مع "الجمهورية"، انّ أمنيته القصوى، "ان يستفيق ويجد كتلاً نيابية مستقيلة من مجلس النواب مع "القوات"، للذهاب الى انتخابات مبكرة. مؤكّداً "أنّ "القوات" لن تحمل السلاح مجدداً الّا في حالة واحدة، اذا انهار الجيش وقوى الامن الداخلي". وأكّد جعجع "انّ الصواريخ التي يمتلكها "حزب الله" هي صواريخ ايرانية، وموجودة لخدمة مشروع ايراني. بدليل التصريح الذي سمعناه على لسان قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الايراني، اي "شهد شاهد من اهلهم". انما الذي استغربته شخصياً من كلامه، قوله انّه مستعد لمساعدة كل من يعمل لمواجهة اسرائيل! والسؤال، لماذا يريدون مساعدة الجميع في مواجهة اسرائيل، ولماذا لا يواجهونها هم وبالمباشر، اي لماذا لا يواجه الحرس الثوري اسرائيل بالمباشر، خصوصاً اذا كان يملك صواريخ دقيقة يوزعها على غزة وعلى "حزب الله" في لبنان او على مجموعات في سوريا، وخصوصاً اذا كانوا يمتلكون صواريخ كبيرة ودقيقة كفاية؟ وبالتالي، نرى في هذه النقطة انّ هناك استعمالاً للبلدان المحيطة بإسرائيل في الوقت الذي يجعل ايران بمنأى عن كل ما يجري".
ورداً على قول السيد نصرالله "إنّ إيران وسوريا هما أهم داعم للمقاومة في لبنان"، قال جعجع: "صحيح، وأكبر دليل الوضع الذي يعيشه اللبنانيون اليوم في لبنان".
نصرالله يردّ
في إطار الردّ على بيان "التيار الوطني الحرّ"، أشار الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله خلال كلمته مساء أمس الاحد، إلى أنّ "كل الدعم الإيراني للمقاومة هو غير مشروط وبلا شروط".
وقال: "يوم أمس وسائل اعلام لبنانية قامت بتحريف كلام المسؤول الايراني حاجي زادة"، لافِتًا إلى أنّه "في لبنان هناك من يمتهن التزوير وتحريف الأحاديث". وأضاف: "صحيح نحن في لبنان جبهة أمامية وغزة ايضاً جبهة امامية، وحاجي زادة لم يقل إننا جبهة أمامية لإيران بل جبهة أمامية لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي".
استنفار اسرائيلي
الى ذلك، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأنّ قوات الجيش أعلنت مستوطنة المطلة المحاذية للحدود مع لبنان منطقة عسكرية مغلقة. وأشارت إلى أنّ "الجيش منع التحرك في محاذاة الحدود مع لبنان، وذلك عقب مراسم الذكرى السنوية لاغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني وتسجيل تظاهرات وتجمعات على طول السياج".
وذكر موقع "واللا" الإسرائيلي، أنّ "الجيش طلب من المدنيين مغادرة المناطق القريبة من المطلة، وشمل الأمر المستوطنين القادمين من خارج المنطقة". وأضاف: "الجيش أبلغ المستوطنين بأنّ المنطقة مغلقة، وتمركزت الدبابات في مواقع قريبة من المنطقة".
من جهتها، قالت القناة "13 الإسرائيلية"، إنّ "الاحتفالات والموسيقى في الذكرى السنوية لاغتيال سليماني في الجانب اللبناني من الحدود، بمحاذاة السياج تقلق جداً بلدات خط المواجهة".
وتحدثت صحيفة "جيروزاليم بوست" في وقت سابق، عن أنّ "الجيش يستعد لهجوم إيراني محتمل على أهداف إسرائيلية انطلاقاً من اليمن أو العراق، وذلك مع مرور عام على اغتيال سليماني والقيادي في الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس". وأكّدت وسائل الإعلام الإسرائيلية السبت الماضي، أنّ "الجيش الإسرائيلي في حالة استنفار قصوى".
كورونا والإقفال
على الصعيد الصحي، وفي ضوء تفاقم تفشي كورونا خلال عطلة الاعياد، تتجّه البلاد الى فترة جديدة من الاقفال العام لمحاصرة هذا الوباء، اوصت بها الجهات المعنية، ويتركز النقاش حول مدة هذا الاقفال وتحديد ساعة الصفر المتوقعة بدءاً من صباح الخميس المقبل .
وفي هذا الاطار، كشفت مصادر مطلعة لـ "الجمهورية"، انّ الدعوة الى اجتماع المجلس الاعلى للدفاع لم تصدر بعد، وسط اعتقاد البعض انّه قد لا يكون ضرورياً للبحث في الاغلاق وسلسلة الإجراءات التي يمكن اتخاذها. ولفتت المصادر، الى انّ هناك من يعتقد انّ الاغلاق يمكن ان يتقرّر في اجتماع اللجنة الوزارية المكلّفة متابعة ملف كورونا ومعها اعضاء اللجنة الطبية التي ستحدّد الخطوات التي سيشرف على تطبيقها الجيش اللبناني الذي يشرف في الوقت نفسه على تنفيذ حال التعبئة العامة التي تمّ تمديدها حتى نهاية آذار المقبل بمرسوم صدر قبل نهاية السنة الماضية. اما بقية الخطوات فستكون في عهدة وزارة الداخلية التي عليها ترجمة القرارات المتخذة في اللجنة الوزارية وملاحقة المراحل التنفيذية بالتعاون والتنسيق بين الاجهزة الامنية الاخرى.
ولفتت المصادر، الى انّ الاغلاق قد لا يكون شاملاً، ولن يعتمد خطة الارقام المفردة والمزدوجة للسيارات الخصوصية، وان ليس في قدرة البلد تحمّل اقفال بعض القطاعات الاقتصادية والصناعية، ولا سيما منها قطاع الصناعات الغذائية على انواعها، وتلك الخاصة بمواد التنظيف والتطهير التي ضاعفت من طاقتها لمواجهة آثار انتشار الكورونا.
وانعكاساً للأجواء التي واكبت النقاش حول سلسلة من الافكار المتناقضة نتيجة عدم التفاهم على صيغة واحدة، غرّد وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن مساء امس عبر "تويتر" فقال: "بورصة المطالبة بالإقفال بلّشت مزايدة، ومين يقول أكتر، وكأنو منهم من هالناس اللي مقهورة ومخنوقة وبدها تعيش، ونسوا عملتهم ونتائجها بكفّي بقى...".
الإصابات الجديدة
وأعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي عن الاصابات أمس، عن تسجيل 2870 إصابة جديدة (2870 محلية و0 وافدة) ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 189278. كذلك تمّ تسجيل 10حالات وفاة، ليرتفع العدد الإجمالي للوفيات الى 1486 حالة.
وبحسب الجدول الذي نشرته وزارة الصحة، سجّل قضاء زغرتا أعلى نسبة بإصابات كورونا، حيث بلغت فيه 57 اصابة وهي في المرتبة الأولى، ويأتي قضاء جبيل في المرتبة الثانية بـ 44 إصابة، ومنطقة الحازمية (قضاء بعبدا) 44 إصابة، لتأتي منطقة الحدث (قضاء بعبدا) في المرتبة الثالثة، والتي سجّلت 43 إصابة.
انفجار في الهرمل
من جهة ثانية، اصيب 10 أشخاص على الأقل بجروح مساء امس نتيجة انفجار في مستودعات لتخزين قوارير الغاز في بلدة القصر منطقة الهرمل المتاخمة للحدود مع سوريا. وذلك حسب الصليب الاحمر اللبناني.
********************************************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن :
مصادر صحية: لو طُبّقت "التوصيات" لما وصلنا إلى هنا إقفال بلا "استثناءات": 3 أسابيع حداً أدنى
حتى أصحاب مدرسة "لا داعي للهلع" أصبحوا يرتعدون هلعاً وخوفاً جراء بلوغ تفشي الوباء مستويات قياسية تنذر بسيناريوات مرعبة صحياً واستشفائياً، ومن كان من هؤلاء يجتهد، عن جهل أو عمد، للتنظير في عدم الحاجة إلى إيقاف رحلات الوافدين من دول مصنفة موبوءة مع بدايات انتشار الفيروس، أضحى هو نفسه اليوم يزاحم المنظّرين لفكرة تحمّل المواطنين والوافدين مسؤولية التفشي الوبائي في لبنان. وها هما، حسان دياب الذي أعلن ذات يوم انتصار حكومته على "كورونا"، ووزير الصحة حمد حسن الذي "دبك" يومها احتفاءً بهذا الانتصار، يعودان اليوم للاجتماع إلى طاولة "الهزيمة النكراء" لبحث سبل مواجهة الوباء بعدما بات يحصد آلاف المصابين يومياً، وسط اهتزاز ركائز الصمود الاستشفائية والتمريضية وتناقص أعداد الأسرّة المخصصة لاستقبال ومعالجة الحالات المصابة في المستشفيات.
ووصفت مصادر حكومية الاجتماع الذي سيعقد في السراي الحكومي بأنه "على قدر كبير من الأهمية"، وأفادت "نداء الوطن" بأنّ اللجنة الوزارية المعنية بمتابعة تطورات "كورونا" ستناقش خلاله "توصية رفعتها اللجنة الفنية إثر اجتماع دام لأربع ساعات يوم السبت"، وتقضي هذه التوصية "بضرورة الإقفال التام بلا أي استثناءات لفترة تراوح بين ثلاثة أسابيع كحد أدنى وستة أسابيع كحد أقصى، لأنّ منظمة الصحة العالمية تعتبر أنّ الإقفال لأسبوعين لا يأتي بالنتائج المرجوة".
وإذ أعادت المصادر الحكومية سبب ارتفاع الاصابات إلى "عدم التزام المواطنين بالإجراءات الوقائية، بالإضافة الى مخالطة الوافدين للمقيمين من دون احترام موجبات الحجر الذاتي"، رأت في الوقت نفسه أنّ "زيادة عدد فحوصات PCR كان عاملاً مهماً أيضاً في إظهار الارتفاع الحاد بأعداد الحالات المصابة بالفيروس"، مشيرةً إلى أنّ "في التوصية أيضاً تشديداً على وجوب عدم منح إستثناءات في الاقفال التام على غرار المرات السابقة، بل أن يكون إقفالاً تاماً مع حظر شامل للتجول يبدأ عند الرابعة من عصر كل يوم". أما عن حركة المطار فلا توصية بإقفاله بل بخفض عدد الرحلات اليومية وإجراء فحوص PCR إلزامية في حرم المطار لجميع الوافدين بلا استثناء.
وفي حين تنصّ التوصية على محورية دور وزارة الداخلية في فرض الإجراءات التنفيذية خلال فترة الإقفال وتغريم المخالفين بحزم، تتحدث في المقابل مصادر صحية بحسرة عن "الوقت الضائع الذي لم تحسن الحكومة اغتنامه خلال الفترات السابقة"، وقالت لـ"نداء الوطن": "لو طُبقت الاجراءات والتوصيات التي نادينا بها منذ عدة أشهر لما كنا وصلنا إلى هنا، فسبق أن صدرت توصيات ممتازة سابقاً عن اللجنة الفنية ولكن لم يؤخذ بها، بل اتخذت اللجنة الوزارية قرارات مغايرة ولم تُحسن حتى تطبيقها"، وأضافت: "للأسف، المعنيون يتعاطون مع مكافحة الوباء من منطلق شعبوي ومناطقي، ويهولون في الإعلام لكنهم على أرض الواقع لا يحسنون إدارة الملف".
وذكّرت المصادر بأنّ "الخبراء الصحيين لطالما طالبوا مراراً وتكراراً بتجهيز المستشفيات وزيادة عدد الأسرّة فيها، لكن التجاوب من المسؤولين كان خجولاً جداً، بينما لم تُحسن وزارة الصحة استخدام مبلغ الـ50 مليون دولار المقدّم من البنك الدولي لهذا الغرض، إنما ركزت عملها على القطاع العام مقابل تهميش المستشفيات الخاصة، حتى أصبحنا اليوم أمام إقفال العشرات من هذه المستشفيات أبوابها في وجه مصابي "كورونا"، أولاً لأنّ الدولة لا تدفع لها مستحقاتها وثانياً لعدم وجود تعرفة موحدة متفق عليها بين وزارة الصحة والمستشفيات".
وعشية دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون المجلس الأعلى للدفاع للانعقاد هذا الأسبوع بغية إقرار توصيات اللجنة الوزارية في مواجهة تفشي الوباء، حذرت المصادر الصحية من أنّ "الوضع الوبائي يخرج بشكل متسارع عن السيطرة ولم يعد بالإمكان التصدي له بمجرد توصيات لا تجد طريقها إلى التنفيذ"، مشددةً في هذا المجال على ضرورة "الانتقال من النظري إلى التطبيق العملي بحزم للإجراءات الاحترازية الواجب تنفيذها خلال الإقفال العام وبعده"، مع التأكيد على "وجوب إيجاد حل لمسألة القطاع الاستشفائي وإصدار قانون إذا لزم الأمر لفرض استقبال المصابين بـ"الكورونا" في كل المستشفيات، علماً أنّ هناك نواباً لا يرون داعياً للتشريع بهذا الخصوص، على اعتبار أنه في ظل حالة التعبئة العامة الراهنة يحق للجيش أو مجلس الدفاع إلزام كل المستشفيات بتخصيص أقسام لديها لمعالجة مصابي "كورونا"، كما أنّ وزارة الصحة بالتوازي مع إيلاء القطاع الاستشفائي الخاص الاهتمام اللازم لتعزيز قدراته في مواجهة الوباء، عليها أن تتبع أسلوباً حازماً في مقابل أي تنصّل من هذه المسؤولية، كإقدام الوزارة على تخفيض تصنيف المستشفيات المتمنّعة وغير المتعاونة".
***********************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق :
لبنان في وادٍ… ورئيس الجمهورية في وادٍ آخر
افتتح عام 2021 اولى ورقات روزنامته لبنانيا، بكارثة صحّية من العيار الثقيل. ما حذّر منه اهل الاختصاص في مجال الطبابة والاستشفاء، وتنبيهاتُهم المتكررة من ان الاستهتارَ الشعبي بكورونا وخطره، معطوفا الى غياب الدولة عن مراقبة حسن التقيد باجراءات الوقاية والسلامة اليوم، وتقصيرها قبل ذلك في فرض تطبيق تدابير الاقفال العام على الارض، سيقود البلاد حتما الى السيناريو الايطالي حيث لن يجد المريض المصاب بالفيروس، سريرا في مستشفى… وصلنا اليه اليوم. وها نحن الآن نحصد النتائج المفجعة لخلطة الموت، وقوامُها التقصير الرسمي والتفلّت الاجتماعي (الذي تفاقم في فترة الاعياد): ظهر المستشفيات انكسر، غرف العناية الفائقة ممتلئة ولا قدرة لاستقبال اي مصاب اضافي، هرجٌ ومرج في المختبرات مع إقبال مهول على اجراء فحوص "بي سي آر"، فيما عداد الاصابات في ارتفاع مطّرد ينبئ بالاسوأ… ولتكتمل فصول فيلم "الرعب"، تنزل المصيبة هذه في بلد "دون رأس"، لا حكومة حقيقية فيه، في انتظار تبلور مسار المفاوضات الاميركية - الايرانية بعيد تسلّم الرئيس الاميركي الجديد جو بايدن مقاليد الحكم في واشنطن! كما انها تحلّ على وطن خزينتُه فارغة وشعبه مسروق منهوب وجائع… فهل ستتمكن الفاجعة الصحية التي انفجرت بأفظع مظاهرها، من إخراج المنظومة السياسية من زواريب صراعاتها الشخصية والفئوية وتردعها عن تناتشها جبنة الحصص والحقائب، فتتألف حكومة طوارئ اليوم قبل الغد، تقود عملية انقاذ البلاد من ازمتها الصحية والمالية في آن؟ أم ان حسابات اهل الحكم وكيدياتهم ستبقى أقوى، ولو لم يبق ناسٌ او بلدٌ يحكمونه؟
اثنين الحسم
امام هول المشهد الوبائي وانزلاق لبنان سريعا، بعد عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة، نحو كارثة غير مسبوقة، وامام خروج كورونا واصاباته عن السيطرة، رفعت الجهات المعنية، الطبية والصحية، الصوت، مطالبة الدولة بالتحرك سريعا، لمنع رقعة الازمة من التوسّع أكثر. وعليه، اجتمعت اول امس، اللجنة الفنية المكلفة متابعة ملف كورونا، لمواكبة آخر الارقام والتطورات خصوصا ما يتعلق بالمستشفيات وقدرتها الاستيعابية وتحديدا في العناية الفائقة. ورفعت توصية بالاقفال التام الى اللجنة الوزارية التي ستجتمع برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب اليوم الإثنين لاتخاذ القرار النهائي في هذا الشأن. وقد تردد، في معلومات غير مؤكدة، ان قد لا تكون هناك حاجة لاجتماع المجلس الأعلى للدفاع للبت في هذا الموضوع.
من 3 الى 6 أسابيع؟
وليس بعيدا، افيد ان أبرز توصيات لجنة متابعة التدابير الوقائية لفيروس كورونا الإقفال من 3 إلى 6 أسابيع مع منع تجوّل تامّ على أن يتمّ استثناء الصيدليات وأماكن الطعام ومن ثمّ إقفال جزئي وفق المناطق التي ترتفع فيها الإصابات. ومن التوصيات التي رفعت أيضاً تقليص عدد الطائرات والوافدين في المطار كما حصل مع إعادة فتحه بعد الإقفال الأول وإعادة فرض الـ pcr على المطار لجميع الوافدين مع الحجر الالزامي بالإضافة إلى دعم المتضرّرين من الإقفال.
لا حكومة قريباً
سياسيا، جمود ثقيل يهيمن على الساحة الحكومية، ولا اتصالات بين بعبدا وبيت الوسط، ربما في انتظار عودة الرئيس المكلف سعد الحريري من الخارج. غير ان المواقف القليلة التي سجلت في الساعات الماضية اوحت بأن العقد على حالها. وفي السياق، قال نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش "لا نية لدى الحريري بالتخلي عن وزارة الداخلية وفي ظلّ المعطيات الحالية لا أعتقد أنّه سيتمّ قريباً تأليف الحكومة"، واضاف "نتوقع عودة الحريري إلى لبنان في بداية الأسبوع وهو لن يتوقف عن إقناع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بوجهة نظره بتأليف حكومة من 18 وزيراً مستقلاً".
الخط الأمامي الإيراني!
وفيما بات كثيرون ممّن تحركوا على الخط الحكومي، وأبرزهم البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، مقتنعين بأن ثمة دورا اقليميا سلبيا يعرقل التشكيل، اطلق الحرس الثوري الايراني في هذه المناسبة، موقفا مدوّيا، شارحا وبكلمات قليلة، النظرةَ الايرانية (وتاليا نظرة حزب الله) الى لبنان: ففي بيروت لا دور للدولة وللشرعية ولا كلمة لها في قرار الحرب والسلم، لبنان مجرّد صندوق بريد بتصرف الجمهورية الايرانية… فقد أكد قائد سلاح الجو في الحرس الثوري الإيراني أمير علي حاجي زاده أن "كل الصواريخ الموجودة في غزة ولبنان تمت بدعم إيراني"، مؤكداً أنها الخط الأمامي الايراني لمواجهة إسرائيل. وقال زادة، في مقابلة مع وكالة "تسنيم" التابعة للحرس الثوري، إن "المفاوضات حول قدراتنا الصاروخية خط أحمر"، مضيفا: "لم يجبرنا أحد على تحديد مدى 2000 كيلومتر لصواريخنا".
عاصفة ردود
ولاقى الموقف الايراني العدواني عاصفة ردود سياسية في لبنان رفضا لجعل البلد رهينة الصراع الاقليمي والدولي وجبهة متقدمة للمحور الايراني عبر حزب الله وصورايخه.
حتى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لم يستطع بلع الكلام الايراني، ولكن رده جاء خجولا للغاية فأكد ان "لا شريك للبنانيين في حفظ استقلال وطنهم وسيادته على حدوده وأرضه وحرية قراره".
الرصاص الطائش
الى ذلك، فرض السلاح المتفلّت، وتداعياته الخطيرة على صورة لبنان الدولة، أكان سياسيا واستراتيجيا، أو أمنيا، نفسَه من جديد على قائمة الاهتمامات المحلية، بعد ليلة رأس السنة. ففي تحدّ واضح للاجهزة الرسمية التي منعت اطلاق النار ابتهاجا، سجلت خروق فاضحة لهذا القرار متسببا بسقوط قتلى وجرحى، وتضرر ثلاث طائرات للميدل ايست في المطار.
وامس اعلنت قوى الامن الداخلي توقيف 34 من مطلقي النار لا سيما المتهم بإطلاق النار في محيط المطار.
***********************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط :
لبنان يترقب قراراً بالإقفال العام تحذيرات من وضع صحي "كارثي"
تتجه الأنظار، اليوم (الاثنين)، في لبنان، إلى القرار الذي ستتخذه الحكومة لجهة التشدد في إجراءات الوقاية من وباء "كورونا"، بعد ارتفاع الأعداد إلى مستوى غير مسبوق، في وقت استمرت المطالبات بالإقفال العام من المعنيين في القطاع الطبي، محذرين من المرحلة المقبلة التي من المتوقَّع أن تشهد تزايداً إضافيّاً في عدد المصابين.
وفيما كانت لجنة الصحة النيابية، اقترحت الإقفال لمدة ثلاثة أسابيع للحد من ارتفاع الإصابات بـ"كورونا" وإعطاء فرصة للقطاع الطبي، تشير المعلومات إلى أن التوجُّه هو لاتخاذ قرار بالإقفال بدءاً من يوم الخميس المقبل، وتحديداً بعد عيد الميلاد لدى الطوائف الأرمنية، ويستمر الإغلاق لمدة ثلاثة أسابيع. ووصفت مستشارة رئيس حكومة تصريف الأعمال بترا خوري الوضع الصحي في لبنان بالكارثي، وقالت في حديث إذاعي: "إن موعد الإقفال لم يُحدّد بعد، أما بالنسبة للمدة المحددة، فأقلها ثلاثة أسابيع، مع التشديد بالاستثناءات، بعدما وصلت نسبة الإشغال في العناية الفائقة في المستشفيات إلى تسعين في المائة"، مؤكدة: "نعمل كي يتحضر الطاقم الطبي للمواجهة الجديدة، لأن المشكلة في عدم وجود الأسرَّة في المستشفيات".
كذلك جدّد نقيب الأطباء شرف أبو شرف مطالبته بـ"الإقفال العام؛ إذ لم يعد هناك أسرَّة فارغة في المستشفيات، ولا في العناية الفائقة، لاستقبال المرضى، والأعداد تتزايد بسرعة كبيرة لا يتحملها البلد"، مؤكداً أنه "لا حل مرحليّاً حتى وصول اللقاح، ويصبح هناك علاج لـ(كورونا)، إلا بالإقفال العام، والتزام الإجراءات الوقائية".
بدوره، قال رئيس دائرة الأمراض الجرثومية في مستشفى رفيق الحريري الجامعي، الدكتور بيار أبي حنا، لـ"الوكالة الوطنية للإعلام": "نحن في وضع صعب؛ فهناك مرضى يجدون بصعوبة أسرَّة في المستشفيات، وآخرون ينتظرون دورهم في الطوارئ، والمستشفيات تركز على المصابين الصغار في السن". وعن الإقفال، رأى أبي حنا أنه "يساعد ويخفف الاحتكاك بين الناس، وبالتالي يخفف عدد الإصابات، وإن كانت نتيجته لا تظهر إلا بعد أسابيع عدة، لكن ليس لدينا خيار آخر حتى نسيطر على الوضع، لأننا إذا استمررنا في الوضع الحالي الصعب، فحتماً سنخرج عن السيطرة".
وعن لقاح "فايزر" الذي ستعتمده الحكومة، وسبق أن أعلن وزير الصحة عن حجز مليونين منه، قال أبي حنا: "هناك الكثير من الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تحذر من فعالية لقاح (كورونا)"، مؤكداً أن "الدراسات أثبتت أن لقاح (فايزر) فعّال وليس له عوارض مهمة، والملايين في دول العالم بدأوا بتلقيه، ولم يُسجّل حتى الآن أي عوارض مهمة، وهو أملنا في القضاء على وباء (كورونا)".
بدوره، أوضح رئيس اللجنة الوطنية للأمراض السارية والجرثومية في لبنان، عبد الرحمن البزري، في حديث تلفزيوني، أن النتائج الكارثية لاحتفالات ليلة رأس السنة ستكون لها عواقب على القطاع الصحي والاستشفائي، مشيراً إلى أن الأمور من المفترض أن تظهر خلال فترة أسبوع أو أسبوعين، واليوم العاشر سيكون مهمّاً جداً على هذا الصعيد.
وفي حين أشار البزري إلى أن الإصابات في هذا الأسبوع قد تكون مرتفعة، رأى أن السيناريو اللبناني قد يكون أسوأ من أي سيناريو آخر، خصوصاً أن الكارثة جاءت في وقت يعاني فيه لبنان من مشكلة كبيرة على المستوى الاقتصادي.
وأوضح البزري أن المهم هو الهدف من الإغلاق التام؛ إذا اتخذ القرار، موضحاً: "التحدي الحقيقي هو ماذا سنفعل بعد الإغلاق"، ومتوقعاً أن تفشل الدولة اللبنانية على هذا الصعيد.
نسخ الرابط :