افتتاحيات الصحف المحلية ليوم الثلاثاء 29 كانون اول 2020

افتتاحيات الصحف المحلية ليوم الثلاثاء 29 كانون اول 2020

 

Telegram

 

افتتاحية صحيفة البناء:

 

اهتمام أميركيّ "إسرائيليّ" بكلام السيّد نصرالله: العقاب سيطال الجميع والصواريخ تضاعفت الملف الحكوميّ في عطلة حتى مطلع العام... بين أزمة الثقة وانتظار بايدن السفير السوريّ: لتنسيق حكوميّ لتسريع العودة في ظل الوضع الاقتصاديّ

 

 لا يزال الكلام الذي قاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله محور الاهتمام الداخلي والخارجي، ففي الأصداء الخارجيّة برز التركيز الذي أولته الصحافة الأميركية و"الإسرائيلية" على ما قاله السيد نصرالله، خصوصاً في ما أشارت إليه الواشنطن بوست إلى المكانة الخاصة لقائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني الذي اغتالته القوات الأميركية بأمر رئاسي علني قبل عام، لدى نصرالله، وما يعنيه التزامه بالعقاب الذي يجب أن يطال كل المتورّطين، في إشارة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، بينما تولت الواشنطن بوست مع الجيروزاليم بوست وعدد من المواقع الإعلامية في كيان الاحتلال تناول ما كشفه السيد نصرالله عن مضاعفة مخزون المقاومة من الصواريخ الدقيقة خلال عام الاغتيال الذي شهد كثافة في الغارات "الإسرائيليّة" التي استهدفت منع مراكمة الصواريخ الدقيقة لدى حزب الله، وقالت الجيروزاليم بوست أن هذا كافٍ للقول بالفشل الذريع للجهود "الإسرائيلية" ودعوة لوقف التباهي بإنجازات على الورق.


في الشأن الداخليّ، كان كلام السيد نصرالله عن الشأن الحكومي موضع تحليل القيادات السياسية والإعلاميين، حيث اعتبر التعثر الحكوميّ نتاج أزمة داخلية نافياً الأسباب الخارجية التي يتم تداولها إعلامياً وسياسياً، خصوصاً لجهة الربط بين المسار الحكومي والانتقال الرئاسي الأميركي، ما أفقد كلام المبعوث الأمميّ يان كوبيتش قيمته عن انتظار لبنانيّ لتسلّم الرئيس الأميركيّ المنتخب جو بايدن، وأصاب ما قاله النائب السابق وليد جنبلاط بالاتجاه ذاته، فكل التحليلات عن الربط تنطلق من اعتبار الفيتو الأميركي على تمثيل حزب الله في الحكومة سبباً للتأخير بانتظار زوال هذا الفيتو مع وصول بايدن إلى البيت الأبيض، ليحسم السيد نصرالله العلاقة الإيجابية مع الرئيس المكلّف سعد الحريري، ويربط الأزمة الحكومية مستعيداً ما وصفه الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري بأزمة الثقة بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بينما شكل كلام جنبلاط عن وجه آخر للربط عنوانه تريّث حزب الله ومن خلفه إيران بتسهيل تشكيل الحكومة بانتظار المفاوضات مع إدارة بايدن، فكان للسيد نصرالله رده المفصل حوله ضمناً، من خلال استعراض تاريخ الرفض الإيراني لأي تفاوض على الملفات الإقليمية وحصر مفاوضاتها بالملف النووي، بينما كان هذا مطلب الأميركيين دائماً. وقالت مصادر متابعة للملف الحكومي في تعقيب على كلام السيد نصرالله، إذا كان الربط وارداً من الزاوية الأميركية فيجب أن يظهر على ضفة حلفاء أميركا، وما دام السيد نصرالله قد نفى هذا الاعتبار في خلفية موقف الرئيس الحريري، وبالتالي ثقته بعدم وجود فيتو يترجمه الحريري على تمثيل حزب الله، فهذا يعني أن الاعتبار الداخلي قد يكون أشد تعقيداً مما يتوقعه الكثيرون، خصوصاً مع الاشتباك الناجم عن أزمة الثقة حول الثلث المعطل الذي يكفي لمنع تشكيل الحكومة، طالما لا يطمئن رئيس الجمهورية لحكومة لا توفر هذا الثلث، ولا يقبل رئيس الحكومة العمل في حكومة قابلة للتعطيل بهذا الثلث.


في مطلع العام ستظهر مرة أخرى محاولات تحريك المسار الحكومي، كما تقول المصادر المتابعة، وسيظهر مجدداً حجم الترابط مع الانتقال الرئاسي الأميركي، أو حجم التأثر بأزمة الثقة وربما اجتماع العاملين معاً.


في تداعيات إحراق مخيّم النازحين السوريين في الشمال تواصلت التحقيقات والملاحقات الأمنية والقضائية، وتحدّث السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي عن قيام الأجهزة الأمنية بعدد من التوقيفات، داعياً في الوقت نفسه إلى تنسيق حكومي لبناني سوري لتسريع عودة النازحين في ظل الوضع الاقتصادي اللبناني الذي يزداد صعوبة، بينما الحكومة السورية مستعدّة لتوفير الحد الأدنى اللازم لضمان أمن وكرامة النازحين العائدين.


ولم يسجَّل يوم أمس، أي اتصال أو لقاء على خط تأليف الحكومة بسبب عطلة الأعياد المجيدة وسفر الرئيس المكلف سعد الحريري إلى الإمارات لقضاء عطلة العيد مع عائلته قبل أن يعود الى بيروت خلال أيام.


ولفتت مصادر مطلعة على الملف الحكومي لـ"البناء" إلى أن "الاتصالات مجمّدة لعودة الرئيس المكلف الى بيروت"، متوقعة "استمرار الجمود الحكومي حتى مطلع السنة الجديدة على أن يستأنف الرئيس سعد الحريري اتصالاته مع رئيس الجمهورية ميشال عون لتذليل العقد المتبقية أمام ولادة الحكومة".


وفيما أفيد أن مطلع العام سيشهد تحركاً فرنسياً على خطي بعبدا - بيت الوسط للدخول في تفاصيل الخلاف على بعض الحقائب، علمت "البناء" أن "البطريرك الماروني مار بشارة الراعي سيعود الى واجهة الوساطة مجدداً عبر إيفاد ممثلين عنه الى كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة فور عودته من الخارج، وذلك للدفع بالملف الحكومي الى الامام"، فيما لفتت مصادر "البناء" الى "تنسيق يجري بين التحرك الفرنسي ووساطة الراعي لهدف واحد هو الضغط على رئيس الجمهورية للتنازل عن بعض الشروط مقابل أن يُلاقيه الحريري في وسط الطريق".


إلا أن أوساطاً مطّلعة على الوضع الإقليمي والدولي لفتت لـ"البناء" الى أن "لا حكومة قبل انتقال آمن وسلس للسلطة في الولايات المتحدة، فطالما الرئيس ترامب موجود في البيت الأبيض سيبقى التدخل والتعطيل الأميركي للحكومة في لبنان سيد الموقف"، موضحة أن "الحريري يدرك ذلك وما حركته وطروحاته الأخيرة الا بالونات اختبار ومناورات لتمرير الوقت وإبعاد كأس الاتهام عنه بتعطيل التأليف بانتظار جلاء المشهد الاميركي".


ونقلت أوساط عين التينة عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري لـ"البناء" امتعاضه مما آلت اليه الأوضاع لا سيما على الصعيد الحكومي، إذ كان يفضل ولادة الحكومة كعيديّة في الأعياد علها تثلج قلوب اللبنانيين وتبدأ بمعالجة الأزمات ووقف الانهيار"، مشيرة الى أن الرئيس بري لطالما ردّد أننا بحاجة الى حكومة بأسرع وقت لأن الوضع لم يعُد يُحتمل وهو قام بكل ما عليه لتسهيل ولادتها إلا أن كل المساعي اصطدمت بحائط مسدود حتى الآن".


وبرزت انتقادات وجّهها الرئيس نجيب ميقاتي لرئيس الجمهورية، في حديث لقناة "ال بي سي"، بقوله إن "تصرف فخامة الرئيس عون يوحي وكأنه جزء من فريق سياسي وليس حَكَما أو كأنه لا يزال رئيساً للتيار الوطني الحر"، وأضاف ميقاتي: "لا أنصح الحريري بالاعتذار عن تأليف الحكومة والرئيس عون عليه ان يعرف أنه يستطيع ردّ القرارات وعلينا الانتهاء من سياسة التعطيل".


في موازاة ذلكن أمل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بأن "تستطيع فرنسا بما تملك بأن تفتح الأبواب، في حال تشكّلت حكومة مقبولة، للتفاوض مع البنك الدولي والمؤسسات الدوليّة لنباشر بعملية الإصلاح".


وحمّل جنبلاط مسؤولية عدم بتّ الملف الحكومي، للرئيس عون والحريري وحزب الله، "ولا ننسى أن التيار الوطني الحر فريق أساسي". ورأى جنبلاط أن "القوة المركزيّة في لبنان، يعني إيران متمثّلة بحزب الله تنتظر استلام الرئيس المنتخب الجديد جو بايدن لتتفاوض إيران معه، على الملف اللبناني، الصواريخ، العراق، سورية، اليمن، هم مرتاحون في وقتهم".


وكان لافتاً قول جنبلاط بأن تفجير المرفأ سيكشف تورط مقرّبين من مسؤولين سياسيين كبار.


وفي سياق ذلك، أفيد أن قاضي التحقيق في جريمة المرفأ فادي صوان يُعدّ ردّاً على طلب تنحّيه، بناء على دعوى الارتياب المشروع الذي قدمها النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر، كما أفادت المعلومات أن صوان ليس في وارد التنحّي وأن نقابة المحامين أعدّت أيضاً ردّاً سترفض فيه طلب كفّ يد صوان. فيما قالت مصادر "البناء" إن صوان يلقى الدعم من جهات سياسية وقضائية وحقوقية عدة اضافة الى أهالي ضحايا المرفأ ومجموعات الحراك المدني مقابل اعتراض المجلس النيابي وتيار المستقبل ورؤساء الحكومات السابقين وفريق 8 آذار ما يعني أن المواجهة السياسية - القضائية ستحتدم مطلع العام المقبل، حيث ينتظر المجلس النيابي رد صوان على رسالته وقرار محكمة التمييز التي ستبتّ بالقضية بعد أن يصلها رد صوان". وعلمت "البناء" أن صوان لم يبلور قراره حتى الساعة وهو لا يزال يدرس ملفه ليتخذ القرار النهائي.
في غضون ذلك، طغى الخطر الصحي على الاهتمامات الرسمية والشعبية، في ظل ارتفاع غير مسبوق في عدد الإصابات بوباء كورونا لا سيما مع تسجيل حالات من السلالة الجديدة، ما دفع برئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم راجي لدعوة الحكومة الى وقف الرحلات من لندن لـ5 أو 7 أيّام، وأشار الى أن هناك فوضى في ضبط الإجراءات الخاصّة بكورونا من قبل وزارتَي الصحة والداخليّة.


وأعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 1594 إصابة جديدة بفيروس كورونا ليرتفع العدد التراكميّ للإصابات منذ بدء انتشار الوباء في شباط الفائت إلى 172820.


كما سجل لبنان 15 حالة وفاة ليرتفع العدد التراكمي للوفيات إلى 1409.


وأثار موضوع اعتماد لبنان اللقاح التباساً بعدما نُقل عن رئيس الجمهورية أنه لن يأخذ اللقاح، ما دفع بمكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية الى التوضيح بأن "رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سوف يتلقى اللقاح ضد الكورونا، وذلك خلافاً لما نشر اليوم في وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي".


وكان وزير الصحة حمد حسن بحث مع رئيس الجمهورية في بعبدا الإجراءات المتعلقة بتوقيع اتفاق مع شركة "فايزر" للحصول على لقاحات ضد وباء "كورونا". وأعلن حسن، بعد اللقاء، انه "بتوجيه ودعم من فخامة الرئيس، السلطة الصحية أخذت القرار المناسب بتغطية المجتمع اللبناني بلقاح "فايزر" وأخذنا الاذن بالتفاوض لإمكان إدخال بعض التعديلات على العقد". وقال: "الخطوة التي قمنا بها اليوم يجب ان تكون موضع ثقة لأنها مبنية على معطيات طبية موثوقة، وقمنا بحجز ما يقارب مليوني جرعة لقاح وهي تكفي لـ 20 % من اللبنانيين المقيمين على الأراضي اللبنانية".


إلا أن مراجع طبّية معنية عن كثب بملف كورونا على الصعيد العالمي حذرت من "استخدام اللقاح نظراً لتداعياته السلبية على صحة الإنسان على المدى البعيد"، مشيرة لـ"البناء" الى أن "التجارب العلمية حتى الآن لم تثبت صحة وفعالية اللقاح".


ووضعت المراجع جملة تساؤلات تشكيكية: أولاً ما هي المدة الزمنية للمناعة التي يؤمنها هذا اللقاح؟
ثانياً: هل المريض الذي يأخذ اللقاح ينقل الفيروس إلى الآخرين؟
ثالثاً: هل المريض الذي يأخذ اللقاح يستمرّ في نقل العدوى للآخرين؟
رابعاً: ما هي الانعكاسات السلبية لهذا اللقاح؟ وهل دُرِس اللقاح لمدة زمنية كافية لمعرفة كامل انعكاساته السلبية؟ ولماذا لم يُسَجل هذا اللقاح فعلياً بعد في F.D.A (وكالة الأدوية الأميركية) وجرى تسجيله تحت عنوان E.U.A أي تم ترخيصه "حالة طارئة" أي لم تكتمل دراسته بعد؟ وهناك أسئلة كثيرة في علم اللقاحات لم تتوفر إجابات عليها حتى من صانعي هذا اللقاح أنفسهم؟ لا سيما أن عامل الوقت والتجربة فقط كفيلان بالإجابة عن هذه الأسئلة خاصة في علم اللقاحات كما في جميع الأدوية؟


وتوقفت المراجع عند تعرّض أحد الأطباء لانعكاسات سلبية بعد أخذه لهذا اللقاح؟ فضلاً عن وفاة 6 أشخاص آخرين في الولايات المتحدة بعد أخذ هذا اللقاح؟ واتهمت المراجع شركات الأدوية العالمية الكبرى بتسويق هذا اللقاح وفرضه عبر منظمة الصحة العالمية لتحقق أرباحاً مالية ضخمة. موضحة أن لبنان مجبر على استخدام اللقاح تجنباً لعقوبات ومقاطعة منظمة الصحة على غرار العقوبات المالية والاقتصادية والعسكرية.


وفي أوّل ردّ على إقرار قانون رفع السرية المصرفية، رحّب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بهذا القرار "لأنّ هذا القانون ضروري، وشدّدنا عليه لأننا كنا نريد أن يحصل تدقيق جنائي لكن لا نريد ان نخالف القانون، ومصرف لبنان سيسلّم، بعد أن سلّم حساباته الخاصة، حسابات الآخرين الموجودة لدى المصرف، من حسابات تخصّ القطاع العام والدولة، وايضاً حسابات المصارف تبعاً لطلب المدققين".


وأضاف سلامة، في مقابلة مع "فرانس 24": "امّا عدد السنوات التي ينوون العودة اليها فهذا يحدده العقد الذي ستوقعه وزارة المالية مع مؤسسات التدقيق. ففي العقد الماضي كانت المدة محصورة بخمس سنوات الى الوراء. ونحن منفتحون طالما هناك غطاء قانوني لعدد السنوات الذي يطلب منا".


وشدّد سلامة على عدم وجود نيّة لدى المصرف لعرقلة التدقيق الجنائي "والدليل اننا سلّمنا حساباتنا، وكان همنا أن تكون هناك تغطية قانونية، وتبيّن اننا على حق لأن مجلس النواب شعر ايضاً انه يجب ان يقرّ قانوناً، إذ لم نكن نضع حججاً انما قلنا إننا لا نريد ان نخالف القانون".


وبانتظار سريان الاتفاق الذي عقد بين لبنان والعراق لاستيراد المحروقات، بدأت مؤشرات أزمة محروقات تلوح في الافق، مع بدء عدد كبير من محطات الوقود برفع خراطيمها لنفاد مادة البنزين وذلك مع اقتراب طرح خطة الحكومة لترشيد الدعم. وتحدثت مصادر اعلامية عن 4 بواخر نفط ترسو منذ أيام على الشاطئ اللبناني بانتظار فتح اعتماداتها من قبل مصرف لبنان وتفريغ حمولتها لصالح بعض الشركات، علماً ان عدداً من محطات البنزين بدأت ترفع خراطيمها بسبب نفاذ مخزونها.
 

********************************************************************

 افتتاحية صحيفة الأخبار:

 

الاموال "المهرّبة": الدستور لا يسمح بالاسترداد؟

 

لطالما كان استرداد الأموال المهرّبة بعد 17 تشرين الأول 2019 مطلباً شعبياً لمحاسبة المسؤولين عن تسريع انهيار الاقتصاد والعملة معاً، وللكشف عمّن فرض قيوداً غير محقة على أموال المودعين وأجاز حرية تحويل وتحريك أموال المحظيين والسياسيين وأصحاب المليارات. هذا المطلب بات قانوناً تقدّم به نواب التيار الوطني الحر، وينتظر اليوم مناقشته في اللجان المشتركة لإعادة التصويت عليه. ثمة ثغرات تحتاج الى تعديلات حتى لا تتناقض مع القوانين الموجودة. على أن السؤال الأبرز هو الآتي: هل يقف الدستور اللبناني الحامي للاقتصاد الحر والملكية الخاصة عائقاً أمام تطبيق هذا القانون؟


مرّ أسبوع على تحويل الهيئة العامة لمجلس النواب اقتراح القانون المعجل المكرر لاسترداد الأموال المحوّلة الى الخارج بعد 17/10/2019، الى اللجان المشتركة. القانون المقدّم من التيار الوطني الحرّ، يمثّل ضرورة لمعرفة وجهة الملايين التي أُخرجت من البلد، ولا سيما منها ودائع المساهمين ومديري المصارف والمسؤولين الذين استخدموا نفوذهم ووظيفتهم لتهريب أموالهم وأموال الذين يدورون في فلكهم. الاستنسابية حصلت في فترة إقفال المصارف والفترة التي تلتها، وفي وقت فُرضت تدابير تعسّفية على باقي المودعين. خلال جلسة مجلس النواب الأخيرة، أُسقطت صفة العجلة عن القانون بعد طلب إدخال تعديلات عليه، وسلك طريقه الى اللجان حيث من المفترض أن يُردّ بعد دراسته خلال مهلة 15 يوماً. ولكن لأن الإحالة تمت في فترة الأعياد، ستؤجل الجلسة الى بداية العام الجديد.


الاقتراح يسعى عملياً إلى معالجة مشكلة أسهمت في تعميق وتسريع الانهيار وتدهور سعر صرف الليرة بسرعة كبيرة. فوفق تصريح سابق لرئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، فإن 5.7 مليارات دولار خرجت من المصارف خلال أول شهرين من العام، فيما قدرت قيمة الخسائر المتراكمة حتى شهر نيسان بـ7 مليارات. قبيل ذلك، أي في الشهرين الأخيرين من العام 2019 لغاية 14/1/2020، أُخرج نحو مليارين و300 مليون دولار. حصل ذلك رغم القيود المشددة على إمكانية السحب بالدولار، وفي ظل معارضة سياسية واسعة لإقرار قانون الكابيتال كونترول الذي كان من الممكن أن يوقف هذا الاستنزاف. لهذا السبب نفسه، "إقرار قانون استرداد الأموال المحوّلة استنسابياً مهم جداً ويمثّل ضرورة لمعرفة لمصلحة من نُفّذت هذه العمليات، خصوصاً مع وقوف غالبية الوزراء والنواب بوجه وضع القيود على التحويلات والسحوبات النقدية، ولأنه أحد وجوه الحل لأزمة كبار المودعين"، يقول الخبير الاقتصادي دان قزي، مضيفاً أن هذا القانون يصبح "ضرورة قصوى لأن إخراج الأموال حصل بالتزامن مع إقفال المصارف؛ أدعو إلى تشكيل لوبي للضغط حتى إقرار القانون، علّه يساعد في استرجاع هذه الأموال، ولأنه سيساعد حتماً في رسم خارطة سياسية حول المسؤولين الذين استخدموا نفوذهم لتهريب ودائعهم وحول المصارف التي أسهمت في إتمام هذه العمليات وقبضت عمولة بلغت في بعض الأوقات 10% من قيمة المبلغ المهرّب". إشارة هنا الى أن القانون لا يشمل جميع المودعين، بل ينص في مادته الأولى على "إلزام جميع مساهمي المصارف من الأشخاص الطبيعيين والمعنويين وأصحاب الحقوق الاقتصادية الحائزين على ما لا يقل عن 5% من رساميل المصارف، كما محامو المصارف والمدراء التنفيذيون فيها، وجميع الأشخاص الذين قاموا أو يقومون بخدمة عامة وتقاضوا مالاً عاماً بصفتهم تلك، بإعادة جميع الأموال النقدية والمحافظ المالية المحولة منهم الى خارج لبنان بعد تاريخ 17/10/2019 والتي يفوق مجموع قيمها ما يوازي مبلغ 50 ألف دولار أميركي خلال مهلة أقصاها ثلاثون يوماً، اعتباراً من تاريخ نفاذ هذا القانون". وعلل الاقتراح موجبات وجوده بالوضع الاستثنائي "وفي ضوء أزمة السيولة المتفاقمة لدى المصارف، ولا سيما في العملات الأجنبية والمخاطر التي تهدد الودائع فيها والضوابط التي تمارسها المصارف على التصرّف بالودائع تلك"، فيما حددت المادة الثانية دائرة المعنيين وهم الأشخاص "الذين استغلوا نفوذهم أو الأسرار التي اطلعوا عليها بمعرض وظائفهم أو سلطتهم لإجراء التحاويل وبصورة استنسابية بصورة مخالفة لتعاميم مصرف لبنان أو تراخيصه أو الذين قاموا بتحويل الأموال في أوقات الإقفال الرسمي أو القسري للمصارف". ورغم نصّ المادة الثالثة على أن الامتناع عن إعادة الأموال النقدية والمحافظ المالية يجعل من عمليات التحاويل التي جرت كلها حاصلة بأموال تم استحواذها بصورة غير مشروعة عملاً بأحكام قانون العقوبات اللبناني وقانون الإثراء غير المشروع والقانون الرقم 44/2015 المتعلق بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، فإنه يترك آليات التنفيذ والمراسيم التطبيقية بيد مجلس الوزراء بناءً على اقتراح كل من وزيريّ المالية والعدل، وبعد استطلاع رأي مصرف لبنان. افتقاد الاقتراح للمراسيم التطبيقية كفيل بإسقاط القانون وجعله غير قابل للتطبيق إلا بعد سنوات على ما يقول أحد الاقتصاديين، إضافة الى بعض الثغرات، كعدم الإتيان على ذكر السرية المصرفية ولا احتمال التنسيق مع الخارج لضمان استرداد الأموال المحولة الى خارج لبنان.


النائب جورج عقيص، وخلال مداخلته عند طرح اقتراح القانون على التصويت في الهيئة العامة، أشار الى أن هذا القانون لم يحدد الأشخاص المستفيدين وما هو مطلوب منهم. لذلك يجب وضع نص جديد اقترح أن يرسل الى اللجان لقراءته مع كل قوانين مكافحة الفساد وتبييض الأموال". ووفق ما يقوله عقيص لـ"الأخبار"، فإنه مع إقرار القانون ويطلب إحالته الى اللجنة الفرعية برئاسة النائب ابراهيم كنعان التي تدرس اقتراح قانون خاص للأعمال المتأتية عن أعمال الفساد، وقد قاربت على إنهاء عملها. هكذا تتم قراءة هذا الاقتراح بالتوازي مع القوانين الأخرى، ولأنه يفترض أن يكون ضمن هذه الرزمة وبالتآلف معها". ويلفت النائب الزحلي الى أن "جرم الاطلاع على المعلومات بالاستفادة من الوظيفة وارد في القانون 44/2015 وله عقوبة، وهو ما يجعل الآلية الموحدة مطلباً رئيسياً حتى لا يحصل تضارب بين النصين والعقوبتين".


ثمة مشكلة أخرى يتحدث عنها آخرون، تتعلق بالفقرة (و) من الدستور، التي تتعلق بالنظام الاقتصادي الحر الذي يكفل المبادرة الفردية والملكية الخاصة، وبالتالي لا قدرة لأن يكون تحويل الأموال بمثابة جرم، خصوصاً أنه لم يصدر أي قانون في تلك الفترة يضع قيود على التحويلات والسحوبات بالعملات الأجنبية. في الإطار نفسه، يرى عقيص أن "التركيز يجب أن يكون على عدم الاصطدام بمبادئ قانونية عامة، مثل عدم رجعية القوانين، أي استحالة تطبيق عقوبات بمفاعيل رجعية".


لكن ما جدوى هذا الاقتراح ما دام القانون 44/2015 يشمل هؤلاء، ولماذا لا يتم تطبيقه عليهم؟ "السؤال الذي يفترض أن يكون موضع نقاش هو هل أن القانون 44 يكفي لاستعادة هذه الأموال المحولة بعد الثورة، أم أننا بحاجة إلى نص عقابي آخر؟ إذا كان الجواب نعم، فهذا يعني أن الاقتراح ذو فائدة ويجب أن نجهد لإقراره بعد وضع بعض التعديلات عليه. إشارة الى أن هيئة التحقيق الخاصة هي الوحيدة القادرة على تقصي وتعقب حركة الأموال ورفع السرية المصرفية، وعملها منصوص عليه في قانون مكافحة تبييض الأموال، ولكن العقوبة غير محددة، وبالتالي نحتاج إلى نص يحدد العقوبة من دون التضارب مع القانون السابق". أما ترك اقتراح القانون المقدم من التيار الوطني الحر من دون تحديد أي آليات ومراسيم تطبيقية، فيحمل في طياته "بذور فشل وعدم تطبيق". هناك عدة أمثلة في هذا السياق، أبرزها قانون حق الوصول الى المعلومات الذي أقرّ في العام 2017 ولم تصدر مراسيمه التطبيقية سوى منذ بضعة أشهر. ووفق التجارب، فإن هذه المراسيم إما تُعطل، وفي حال إقرار هذا القانون، هناك من السياسيين والنافذين من سيلهث لتعطيله مستغلاً هذه الثغرة، وإما لا تُقرّ المراسيم إلا بعد سنوات.


للنائب إبراهيم كنعان رؤية أخرى؛ فآليات التنفيذ تحتاج الى مراسيم تضعها الحكومة وأخرى تخضع لمسؤولية مصرف لبنان، ولأن الاقتراح أصلاً مقدم بصفة معجل مكرر. أهمية هذا القانون، وفق كنعان، أنه يدخل تحويل الأموال بعد تاريخ 17 تشرين في سياق الملاحقة، وذلك ما لا ينص عليه القانون 44، لأن العمليات لا تدخل ضمن نطاق تبييض الأموال. هذا الاقتراح لا يناقض قانون النقد والتسليف، بل يعمد الى تعديله، أما ورود القانون 44/2015 ضمن الاقتراح، فيفتح باب الملاحقة المحلية والدولية المسموح به ضمن عمليات غسل الأموال. لكن تعميم مصرف لبنان ينص هو الآخر، كالمادة الثالثة من الاقتراح، على اعتبار المصارف الرافضة لإعادة نسبة معينة من رأسمالها مخالفة للقوانين المذكورة ومنها القانون 44؟ "التعميم غير ملزم ولا يعدّ بمثابة مخالفة، يفترض إعداد قانون حتى تصبح تلك العمليات مخالفة قانونية وتخضع لعقوبات صارمة". ويشير كنعان الى أن هناك نظرية تقول بعدم إمكانية سنّ قوانين تتعارض أمام المجلس الدستوري. ولكن المفارقة هنا أن "المصلحة العليا المذكورة في الأسباب الموجبة لاقتراح القانون، ومنها إفلاس الدولة والظروف المالية، تجعل الظرف استثنائياً".


ويعطي مثالاً على ذلك انهيار بنك إنترا في العام 1969. حينها تم إصدار قانون ووضعت قيود استثنائية على الودائع مخالفة لقانون النقد والتسليف، لكن تمّ تطبيقها لأنها حملت طابعاً استثنائياً. من ناحية أخرى، قانون الكابيتال كونترول يتعارض هو الآخر مع الاقتصاد الحر، ولكن موجبات تطبيقه في لحظة بهذه الحساسية تبرر ضرورة وجوده، فيما الفقرة الدستورية الضامنة للاقتصاد الحر عامة وغير محددة بموضوع التحاويل غير أنه يستنتج منها ضمان حرية تحرك الرساميل من دون أن تذكر الحالات الخاصة، كالإفلاس والتعثر المالي، التي يقدرها المجلس النيابي والمجلس الدستوري في حال جرى الطعن في القانون. الأمر نفسه، على ما يلفت كنعان، حصل عند إقرار الموازنة من دون حسابات مالية، والتي ردّ الدستوري الطعن فيها لأن "المصلحة العليا فوق كل اعتبار".


في مادته الخامسة، يشمل اقتراح القانون كلاً من "زوج الأشخاص الطبيعيين المشار اليهم في المادة الأولى وفروعهم القاصرين"، فيما تقول المادة الرابعة بعدم استفادة الأموال النقدية والمحافظ المالية المستردة من أي إجراءات تحفيزية معمول بها بمقتضى تعاميم مصرف لبنان. وفي وقت يقترب الاحتياطي في مصرف لبنان من النفاد وتستفحل أزمة السيولة في المصارف، يفترض أن يجري إقرار هذا القانون بعد إدخال التعديلات اللازمة عليه، على وجه السرعة، تماماً كما التحقيق الجنائي، علماً بأن حركة تحويل الأموال لم تتوقف حتى الساعة، بل باتت تجري باحترافية عالية، بحيث انتقل البعض الى تهريب أمواله تحت ستار الدعم، وبحجة استيراد القمح عبر تقديم فواتير وهمية... وبمساعدة من سبق لهم أن أسهموا وساعدوا في تهريب المليارات عقب اندلاع انتفاضة 17 تشرين الأول 2019.

 

*********************************************************************

افتتاحية صحيفة الديار:

 

"توبيخ" فرنسي قاس لسياسيي لبنان ولا "ضوء اخضر" من بايدن لباريس "كباش" حزب الله ــ السعودية "دون قفازات" : الحريري اكثر تشددا حكوميا ؟ صوان لن يتنحى والتحقيق الفرنسي لا يتضمن صورا للاقمارالاصطناعية !

 

 اجازة الاعياد سياسيا مستمرة، الدولة والمسؤولون في اجازة اختيارية، لا اتصالات حكومية، ولا علاجات اقتصادية،الثقة المفقودة بين الجميع على حالها، ويصعب ترميمها داخليا، وسط قلق من ازدياد الامور تعقيدا مع خروج "الكباش" السعودي مع حزب الله الى العلن حيث باتت المواجهة دون "قفازات"، فيما لا ضمانات بحلحلة خارجية مرتقبة بعد استلام ادارة الرئيس جو بايدن مقاليد السلطة، وذلك بشهادة الفرنسيين الذين لم يحصلوا حتى الان على "ضوء اخضر" اميركي بتحريك الملف اللبناني بعيدا عن ازمات المنطقة،وقد ترجم الاستياء الفرنسي بكلام قاس ومهين على لسان رئيس الدبلوماسية الفرنسية جان ايف لودريان بحق المسؤولين اللبنانيين، الذين يتمتعون بعطلة تاركين البلاد تغرق في ازماتها... "كورونيا" اللقاح على الطريق، وسط تفلت اجتماعي يزيد المخاوف من انهيار صحي، فيما لا تزال تحقيقات المرفا معلقة وسط معلومات عن رفض المحقق العدلي فادي صوان التنحي عن الملف، ويرتقب وصول تقرير المحققين الفرنسيين حول التفجير منتصف الشهر المقبل، ولكنه لن يتضمن صور الاقمار الاصطناعية التي طالب بها لبنان، وهو امر يطرح اكثر من علامة استفهام!


وفي هذا السياق، لا مؤشرات في المدى المنظور بان "الولادة" الحكومية ستكون مطلع العام الجديد، لان دخول الرئيس الاميركي جو بايدن الى البيت الابيض لا يعني حكما ان الرئيس المكلف سعد الحريري سيدخل في اليوم التالي الى القصر الحكومي، فالغموض لا يزال السمة الرئيسية لسياسية الادارة الاميركية الجديدة، كما ان موقع لبنان على جدول الاولويات ليس مطمئنا، واعـادة ترتيب المنطقة لن ينطلق من الساحة اللبنانية التي تكون ملحقة وليست مستقلة عن الملفات الاخرى، ووفقا لاوساط دبلوماسية، لم يحصل الفرنسيون من خلال اتصالاتهم مع المسؤولين في الادارة الاميركية الجديدة على اي مؤشر واضح يوحي بتلزيمهم السير بحـل الملف اللبناني بمعزل عن ازمات المنطقة، وهذا الامر يقلق باريس، ولا يبعث على الارتياح، لان شيئا لا يوحي بكسر الجمود مع عودة الحريري الى بيروت من اجازته الخارجية.


لودريان : انهم "سفلة"
وفي هذا الاطار، اصيب الفرنسيون بخيبة امل كبيرة بعد الاعلان الرسمي في لبنان عن عطلة سياسية بمناسبة الاعياد، "المسؤولون في عطلة"، يا لهم من "سفلة"، كلمات قالها وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان لاحد اصدقائه اللبنانيين العاملين على خطة التسويق للمبادرة الفرنسية، ووفقا لتلك الشخصية البارزة، لم يتمكن الوزير الفرنسي من الحفاظ على دبلوماسيته المفترضة في معـرض وصفه لغياب المسؤولين اللبنانيين عن السمع في فترة الاعياد، واختيار بعضهم الخروج في اجازة عائلية فيما البلاد تغرق في الازمات، لافتا الى انه كان قد توافق مـع الرئيس ايمانويل ماكرون على الاستمرار في تزخيم الاتصالات في فترة الاعياد وعدم تجميد الملف اللـبناني لانـه لا يحتمل، لكن المفاجأة كانت ان الجميع في لبنان بدا غير معني بمتابعة الجهود، وفضل الجميع انتظار مطلع العام المقبل، دون ان يفهم الفرنسيون ما الذي يمكن ان يتغير...!


وفي هذا الاطار، نعى الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيش الوضع اللبناني موبخا المسؤولين اللبنانيين، وقال عبر حسابه على تويتر: الوضعان الاقتصادي والمالي إضافة الى النظام المصرفي في حال من الفوضى، السلم الاجتماعي بدأ بالانهيار، الأحداث الأمنية باشرت الارتفاع، الهيكل اللبناني يهتزّ، أما القادة السياسيون فينتظرون بايدن. لكن، هذا لبنان، وليس الولايات المتحدة.


"رسالة" نصرالله
وفي سياق متصل، كانت "رسالة" الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله واضحة في اطلالته الاعلامية الاخيرة، لكل المعنيين بالملف اللبناني، وقال صراحة لا تربطوا ملف الحكومة بادارة الرئيس الاميركي الجديد جو بايدن لان ايران ليست في وارد المساومة على اي ملف في المنطقة، بما فيها الساحة اللبنانية، ووفقا لمصادر مطلعة،ما قبل رحيل ترامب ايرانيا هو كما بعده، واي تحول منتظر لن يكون من طرف محور المقاومة وانما من واشنطن، وهذا يعني بوضوح ان اي محاولة من البعض للتذاكي والعمل على كسب الوقت لفرض تنازلات من حزب الله وحلفائه هي تضييع للوقت، والجهد، لان لا تسوية ستكون في مصلحة هذا المحور غير المستعد لتقديم اي تنازلات تتناقض مع الوقائع السياسية والامنية في لبنان.


الحريري اكثر تشددا؟
وسواء كان سفر الرئيس الحريري الى الامارات، وربما السعودية، لعقد لقاءات سياسية او لقضاء فترة الاعياد، فإن التوقعات بأن يعود اكثر تشددا على المستوى الحكومي، خصوصا لجهة تمثيل حزب الله، بعدما بات "الكباش" بين الحزب والمملكة دون "قفازات"، بعدما كشف السيد حسن نصرالله عن طلب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من الرئيس الاميركي دونالد ترامب، اغتياله، مبديا استعداده لتمويل اي حرب تنتج عن تلك الخطوة... وهذا مؤشر اضافي يعزز القناعة لدى الكثيرين بان المرحلة المقبلة لن تكون اقل صعوبة عما هي عليه اليوم، في ظل قرار سعودي حاسم بخوض معركة مفتوحة دون ضوابط مع حزب الله، وهذا ما يضيق هامش المناورة عند الرئيس المكلف.


من جهتها، تؤكد اوساط تيار المستقبل ان الثقة مفقودة بين القائم باعمال رئاسة الجمهورية، جبران باسيل، والرئيس المكلف ومن يظن ان الحريري "يناور" سيكتشف بعد عوته قراءته الخاطئة، فهو لن يتراجع عن شروطه الاساسية لتشكيل حكومة انقاذ وعلى بعبدا ان تتجاوب ولا تراهن على اعتذار الرئيس المكلف لانه لان ذلك غير وارد راهنا لانه يعتقد ان الامور ستكون اكثر سوءا.


توزيع المسؤوليات!
من جهته وزع النائب السابق وليد جنبلاط مسؤولية عدم بت الملف الحكومي لثلاثة اطراف وقال: "محلياً، أحمّل مسوؤلية ذلك للرئيس عون والحريري وحزب الله، ولا ننسى أن التيار الوطني الحر فريق أساسي... ورأى جنبلاط أن "القوة المركزية في لبنان، يعني إيران متمثّلة بحزب الله تنتظر إستلام الرئيس المنتخب الجديد جو بايدن لتتفاوض إيران معه، على الملف اللبناني، الصواريخ، العراق، سوريا، اليمن، هم مرتاحون في وقتـهم.


"الخطوط الحمراء"
وتتزامن هذه التطورات مع تصاعد حدة التوتر في المنطقة، بعدما حذرت إيران امس من تجاوز خطوط حمر متعلقة بأمنها في الخليج بعد تقارير صحافية عن تحركات لغواصة إسرائيلية باتجاه المنطقة، وشددت على أنها ستدافع عن نفسها ضد أي مغامرة قد تقدم عليها إدارة دونالد ترامب في أيامها الأخيرة.وكانت البحرية الاميركية، اعلنت الأسبوع الماضي، أن غواصة نووية أبحرت في مضيق هرمز، في خطوة اعتبرت عرضا للقوة مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لاغتيال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني بضربة جوية اميركية في العراق..تزامنا، نقلت تقارير صحافية أجنبية عن وسائل إعلام إسرائيلية، أنباء عن عبور غواصة إسرائيلية قناة السويس في طريقها الى الخليج أيضا، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية سعيد خطيب زاده ردا على سؤال بشأن هذه التقارير: يدرك الجميع ما يعنيه الخليج الفارسي بالنسبة لإيران. وأضاف: يدرك الجميع سياسات الجمهورية الإسلامية في إيران في مجال الأمن والدفاع الوطني، ويعرفون جيدا الى أي حد سيكون الخطر مرتفعا في حال أرادوا تجاوز الخطوط الحمر لإيران..وقال زاده: بعثنا عبر قنوات مختلفة برسائل للحكومة الاميركية ولأصدقائنا في المنطقة، حتى لا يندفع النظام الاميركي الحالي نحو مغامرة جديدة في المنطقة في أيامه الأخيرة في البيت الأبيض.


توتر بين بعبدا- بكركي؟
وفي سياق متصل، لم يغير اعتذار رئيس الجمهورية ميشال عون عن المشاركة في قداس الميلاد من موقف البطريرك الراعي الرافض لتبني دعوة البعض باستقالة الرئيس، ووفقا لاوساط مقربة من بكركي، لا تبدو العلاقة على خير مايرام بين الطرفين، لكن هذا لا يعني ان "الجرة" قد انكسرت، وسيحصل تواصل بعد فترة الاعياد لتبريد الاجواء، ولاعادة وصل ما انقطع. في المقابل لا تبدو بعبدا في وارد الخصومة مع المرجعية المارونية العليا، لكنها كانت تامل بالحصول على دعم واضح وصريح وغير ملتبس حيال الازمة الحكومية من بكركي، فالراعي حمل الرئيس المكلف مسؤولية التأخير بالقدر نفسه مع الرئيس عون، وهذا ظلم، وتحامل غير مقبول، خصوصا ان شرح الرئيس، وكذلك الوزير جبران باسيل كان مستفيضا حيال حماية حقوق المسيحيين وعدم تكريس قواعد عرفية جديدة تقضي على ما تبقى من صلاحيات الرئاسة الاولى وتعيد المسيحيين سنوات الى الوراء. "والكرة" الان في "ملعب" الحريري الوحيد القادر على استعادة ثقة الرئيس عون من خلال التعاون معه باعتباره شريكا في التأليف، وعندها يمكن القول ان العقبات الداخلية ستذلل سريعا.


صوان لن يتنحى
قضائيا، لا تزال التحقيقات في انفجار المرفأ في "اجازة" مرشحة ان تطول الى مدة غير محددة بانتظار قرار محكمة التمييز الجزائية في دعوى الارتياب المرفوعة بحق القاضي فادي صوان، مع العلم ان مدة العشرة ايام المنصوص عنها للبت في الملف قد انقضت، لكن الاجتهادات المتعلقة بحصول التبليغات الى اكثر من جهة معنية بالملف، تمنح الجهات القضائية المزيد من الوقت قبل حسم ابقاء الملف بين يدي صوان من عدمه.ووفقا للمعلومات،اعد المحقق العدلي ردا على طلب تنحيته، وهو ليس في وارد التنحي، كما سترفض نقابة المحامين طلب كف يده.


التحقيق الفرنسي؟
ووفقا لاوساط مطلعة على القضية ينتظر المحقق العدلي انتهاء الفرنسيين من اعداد ملف التحقيقات الخاص بهم في الجريمة، ومن المنتظر ان يتسلمه في منتصف الشهر المقبل، حيث تجري التنقيحات الاخيرة عليه، باشراف خبراء سبق وشاركوا بتفجيرات مماثلة في فرنسا تسببت بها نيترات الامونيوم وعندها سيكون لدى القاضي تصورا ميدانيا، وعلميا، متكاملا حيال نوعية التفجير، وكمية المواد المنفجرة،فيما ستبقى كيفية التفجير مبهمة وفيها الكثير من الترجيحات، خصوصا ان التقرير المفترض لن يتضمن "مدبئيا" صور الاقمار الاصطناعية التي سبق وطالب بها المسؤولين اللبنانيين!


كورونا وسباق"اللقاحات"
في هذا الوقت، يحافظ عداد فيروس "كورونا" على معدلاته المرتفعة، مع تراجع ملحوظ في الاسرة المتوفرة في المستشفيات، وقد سجلت وزارة الصحة 1594 اصابة جديدة، كما تم تسجيل 15 حالة وفاة. وفيما نفى رئيس الجمهورية ميشال عون ما نشر عن رفضه تلقي اللقاح، يوقع لبنان في الايام المقبلة عقدا مع شركة فايزر للقاحات، واعلن وزير الصحة حمد حسن بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون انه "بتوجيه ودعم من فخامة الرئيس، السلطة الصحية اخذت القرار المناسب بتغطية المجتمع اللبناني بلقاح "فايزر" واخذنا الاذن بالتفاوض لامكان ادخال بعض التعديلات على العقد". وقال: "الخطوة التي قمنا بها يجب ان تكون موضع ثقة لانها مبنية على معطيات طبية موثوقة، وقمنا بحجز ما يقارب مليوني جرعة لقاح وهي تكفي لـ 20 % من اللبنانيين المقيمين على الاراضي اللبنانية،من جهته، أكد رئيس "اللجنة الوطنية للأمراض السارية والمعدية" والاختصاصي في الأمراض الجرثومية عبد الرحمن البزري أن "بعد توقيع الاتفاقية، سيصل اللقاح بين 7 و15 شباط الى بيروت، وسيشمل مليون و50 ألف مواطن"، آملاً "وصول لقاحات أخرى غير الفايزر، الا ان انتهاء عملية التلقيح تحتاج الى اشهر.


"ثورة" بريطانية؟
وفيما يجري السباق عالميا على تسويق اللقاحات،اشارت الصحف البريطانية الى ان لقاح "أكسفورد أسترازينكا" الذي ستجري الموافقة عليه خلال أيام سيغير قواعد اللعبة في مكافحة وباء كورونا، ويتميزاللقاح المنتظر بسعره الزهيد وسهولة تخزينه، بما يسمح بحملات تطعيم أوسع خلال وقت أقصر.ويبلغ ثمن الجرعة الواحدة من لقاح "أكسفورد أسترازينكا" 2 جنيه إسترليني (2.7 دولار)، في حين يبلغ ثمن جرعة لقاح "موديرنا " بين 32 و37 دولارا، ويبلغ ثمن جرعة فايزر بايونتك بين 15 و20 دولارا، ويحتاج لقاح فايزر بايونتك إلى حفظه في ثلاجات عند درجة حرارة 70 تحت الصفر، ويمكن نقله 4 مرات فقط في سلسلة التبريد قبل الشروع في استخدامه، بينما يمكن تخزين لقاح "أكسفورد أسترازينكا" بين 2- 8 درجات مئوية.

 

*************************************************************************

افتتاحية صحيفة النهار:

 

الصراع يتمدد لاسقاط التشكيلة .. والمبادرة الفرنسية؟

 

من أسبوع الميلاد الى أسبوع نهاية السنة 2020 ورأس السنة 2021 يتمدد الجمود السياسي الداخلي مطلقا الإشارة الأشد سلبية حيال مصير لبنان المحكوم بواقع سلطوي وسياسي داخلي واقليمي يجعله اقرب الى رهينة تنازع البقاء. انتفت منذ أيام أي حركة سياسية داخلية، وباتت ازمة تأليف الحكومة تنذر بصراع سياسي مفتوح لا تقف حدوده عند المعالم المعروفة للخلاف بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري حول التشكيلة التي قدمها الحريري، بل ان ما يتسرب في الأيام الأخيرة عن خلفيات فشل المحاولة الأخيرة ينذر فعلا بمرحلة فراغ حكومي طويلة لن تكون حكومة تصريف الاعمال قادرة ابدا على إيفاء متطلباتها الكارثية.


واذا كانت معظم المؤشرات والمواقف والتسريبات التي واكبت انفجار الخلاف بين قصر بعبدا وبيت الوسط حول مشروع التشكيلة الحكومية الكاملة ذهبت في اتجاه واحد تقريبا هو وجود خلفيات لتأخير الولادة الحكومية الى ما بعد تسلم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن سلطاته في العشرين من كانون الثاني المقبل، فان هذا البعد على واقعيته يمثل وجها واحدا من دوافع الازمة. وتكشف مصادر سياسية بارزة ومعنية بمأزق الاستحقاق الحكومي لـ"النهار" ان معظم البعثات الديبلوماسية في بيروت باتت من خلال متابعتها الدقيقة الدؤوبة للازمة الحكومية على ادراك ويقين ان ثمة معركة سياسية حادة يخوضها فريق العهد مدعوما بحليفه "حزب الله " لتشكيل الحكومة التي تلائم أهدافهما الطويلة المدى للسنتين المتبقيتين من ولاية الرئيس عون، وتاليا فان معركة اسقاط تشكيلة الحريري التي قدمها الى عون في اللقاء الثالث عشر بينهما لم ولن تتوقف اذا استمر الحريري متمسكا بها او بالمعايير التي اتبعها في وضع هذه التشكيلة.


وتضيف المصادر نفسها ان الأيام التي فصلت بين انفجار الخلاف على التشكيلة بين الرئيسين عون والحريري ومغادرة الحريري البلاد لتمضية عطلة رأس السنة في الخارج، شهدت الكثير من الاتصالات وراء الكواليس وتبلغت عبرها مراجع سياسية ودينية واوساط ديبلوماسية ان الصراع تجاوز البعد الحصري لتأليف الحكومة وان العهد لن يقبل اطلاقا بتشكيلة يعتبرها صنيعة قرار احادي للحريري بالتنسيق مع الفرنسيين من دون المشاركة الفعالة بكل تفصيل فيها للعهد. ولكن الامر لا يقف هنا بل ان العهد لم يعد يقبل ابدا بمعيار تأليف الحكومة كما وضع الحريري تشكيلته أي بمبدأ التسمية من دون مشاورة القوى السياسية كافة والحصول على توافقات واسعة وغطاء سياسي واسع للحكومة بما يعني تاليا نسف كل أسس التشكيلة الحريرية ومن خلالها المبادئ الجوهرية للمبادرة الفرنسية.


يضاف الى ذلك عامل خطير آخر يتمثل في ان العهد وفريقه السياسي ودوماً مدعوماً بـ"حزب الله " لم ولن يتنازل ابدا عن الثلث المعطل في الحكومة خلافا لما سبق للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ان اعلنه من قصر بعبدا لدى قيامه بمبادرته للتوفيق بين الرئيسين عون والحريري قبل عيد الميلاد وهي المبادرة التي أطاحتها حرب الشروط الخفية والعلنية للعهد. وتخشى المصادر البارزة نفسها ان تكون المرحلة الطالعة بعد رأس السنة اشد قسوة بتداعياتها على الواقع الداخلي خصوصا اذا صحت المؤشرات التي تنبئ بان ايران تقف بدورها وراء فرملة تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة وترهنها من خلال "حزب الله " وحلفائه لتلمس الاستعدادات الأولى للإدارة الأميركية الجديدة في ملف التفاوض الأميركي الإيراني.


وفي سياق مماثل أفادت بعض التقارير نقلا عن أوساط معارضة بوجود محاولات حثيثة ومستمرة لدى قسم من السلطة الحاكمة لعرقلة تأليف الحكومة وان آخر ما قام به هذا الفريق هو اقتراح توسيع التشكيلة الحكومية من 18 وزيرا كما وضعها الحريري الى 30 وزيرا بحجة توسيع التمثيل ولكي يكون لكل حقيبة وزارية وزير مع انشاء وزارات لمكافحة الفساد والإصلاح والتصميم. وأشارت هذه التقارير الى انه يجري حض بعض الأقليات الطائفية على المطالبة بحكومة ثلاثينية بداعي تأمين مشاركة أوسع.


كوبيتش:هذا لبنان !
في أي حال، لم يكن الموقف الذي عبر عنه الممثل الخاص للامين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش امس عاكسا صورة كارثية عن الواقع اللبناني بعيدا عن هذه الخلفيات والمعطيات اذ غرد كاتبا على صفحته عبر "تويتر": الوضعان الاقتصادي والمالي بالإضافة الى النظام المصرفي حال من الفوضى، السلم الاجتماعي بدأ بالانهيار، الاحداث الأمنية باشرت الارتفاع، الهيكل اللبناني يهتز، اما القادة اللبنانيون فينتظرون بايدن! لكن هذا لبنان وليس الولايات المتحدة الأميركية".


ومع غياب كل التحركات وخمود المحركات السياسية في كل الاتجاهات بدا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط كأنه لا يزال يعول على المبادرة الفرنسية لفتح باب المخارج. وقال "عمليا لا زلنا حتى اللحظة في الأفق المسدود لسبب بسيط من قوى سياسية ونحن من القوى السياسية لكن كم نملك من التأثير على التيار الوطني الحر او حزب الله او سعد الحريري وتيار المستقبل؟ لا شيء. حوصرنا في الدائرة المذهبية الصغيرة وقالوا لنا تفضلوا بيطلعلكن وزارتي الخارجية والزراعة". وحمل جنبلاط المسؤولية محليا في عدم تشكيل الحكومة "لهذه القوى ، عون والحريري وحزب الله " ولكنه لفت أيضا الى ان القوة المركزية في لبنان يعني ايران متمثلة بحزب الله تنتظر استلام الرئيس المنتخب جو بايدن لتتفاوض معه. هم مرتاحون في وقتهم وفي الأثناء نرى كيف يستفيدون من الفراغ في لبنان".


كورونا: التخبط
وسط هذه المناخات السياسية القاتمة لم يكن غريبا ان تتفاقم الى حدود واسعة حال التخبط التي تطبع الإدارة الحكومية والرسمية للانتشار الوبائي لفيروس كورونا الآخذ في الاتساع على نحو بالغ الخطورة خصوصا مع مواسم الأعياد والتفلت الهائل الذي يطبع سلوكيات المواطنين حيال إجراءات الحماية المفروضة. واذا كان موضوع اللقاحات طغى امس على الواجهة الإعلامية فان ذلك لا يعني ان توقيع العقد بين وزارة الصحة اللبنانية وشركة "فايزر" الأميركية سينجو بدوره من التعقيدات الإدارية والمالية اللبنانية، ولا يضمن كذلك ان ينضم لبنان الى نادي الدول التي ستصل اليها اللقاحات بالسرعة المرجوة على رغم الجهود المشهودة لوزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال حسن حمد في هذا المجال. وقد اعلن امس الوزير حمد عقب اجتماعه مع الرئيس عون في قصر بعبدا انطلاق الإجراءات المتعلقة بتوقيع اتفاق مع شركة "فايزر" للحصول على اللقاح ضد كورونا مؤكدا ان السلطة الصحية اتخذت القرار المناسب بتغطية المجتمع اللبناني بلقاح فايزر وأخذنا الاذن بالتفاوض لإمكان ادخال بعض التعديلات على العقد. وأوضح "اننا حجزنا ما يقارب مليوني جرعة لقاح تكفي لـ20 في المئة من اللبنانيين المقيمين على الأراضي اللبنانية ". وأوضح مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية ان الرئيس عون سوف يتلقى اللقاح ضد كورونا خلافا لما نشر امس في وسائل اعلام ووسائل تواصل اجتماعي. وفي المقابل انتقد رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي عدم توقيف الرحلات الجوية بين لبنان وبريطانيا وشدد على وجوب توقفها لخمسة او سبعة أيام ولفت الى ان هناك فوضى في ضبط الإجراءات الخاصة بكورونا من جانب وزارتي الصحة والداخلية.
 

************************************************************************

افتتاحية صحيفة الجمهورية:

 

المنطقة في غليان.. ولبنان مُربك.. والإقتصاديون مرعوبون.. والحكّام معطّلون!

 

لبنان يعاني الإنكسار الكامل؛ الشلل هو العنوان، والسياسة بشكل عام خاوية تماماً وفي انحدار مريع، بحيث لم يعد لها أيّ معنى، وعدّادات "كورونا" لم تعد قادرة على اللحاق بعدد الاصابات بهذا الوباء، وخزّانات الأزمة طافحة بالتعقيدات الاقتصادية والمالية والاجتماعية المتفاقمة وصارت على حافة الانفجار الاجتماعي الرهيب، والسيناريوهات المخيفة تلوح في الأفق وتُنذر باحتمالات سوداء ربطاً بالتطوّرات المتسارعة في المنطقة. أمّا العقل السياسي الذي يفترض أن يتدبّر أمر البلد بحكمة ومسؤوليّة، فهو إمّا مثقوب، وإمّا مَنخور بسوس مصالحه وشهواته على حساب وطن وشعب بكامله، وإمّا مهاجر في إجازة مفتوحة لا سقف زمنياً لها!


هي صورة من صنع الحكام، ولعلّها الصورة الأسوأ التي يظهر فيها لبنان على مرّ تاريخه، كوطن صار مخلّع الأسس، وكدولة عنوانها الافلاس الكامل، ولم تعد تحمل من معنى الدولة سوى الإسم. أمّا اللبنانيّون فمنسيّون على قارعة أزماتها المتتالية والمتشعبة، ومكتوب عليهم انتظار أن يأتي الفرج من عِلم الغيب. فيما الأفق مسدود فلا نوافذ مفتوحة على حلول، ولا أبواب مفتوحة على مخارج، وليس في نهاية النفق ما يؤشّر إلى شفاءٍ من هذا المرض العضال.


خطران
كورونيّاً، يبدو أنّ لبنان يُساق إلى تجربة مريرة جديدة مع الوباء، سواء بالنسخه الأولى لـ"كورونا" التي هزمت الإجراءات العشوائيّة للسلطة الحاكمة، وغباء المُستهترين بها، وتفشّت في الأرجاء اللبنانية بشكل مريع، أو بنسختها الثانية المتحوّرة التي تنذر مع هذا الوضع بشرور لا تحمد عقباها. وعلى ما تقول مصادر طبيّة لـ"الجمهوريّة" فإنّ ما قد ينتظر لبنان في هذا السياق، إن لم يتم تَداركه سريعاً بإجراءات استثنائيّة صارمة في حزمها وشدّتها وصرامتها، هو الكارثة الكبرى بعينها، وما أصابَ لبنان منذ تفشّي كورونا الأولى في شباط الماضي قد يشكّل نقطة في بحر ما هو آت".


وتؤكد المصادر "انّ الوضع مخيف جداً، فلقد كان لبنان امام خطر وبائي، فصار امام خطرين متفاعلين مع بعضعهما البعض. وبالتالي، على المواطن اللبناني أن يدرك ذلك، كما على الدولة أن تخرج من سطحية قراراتها وإجراءاتها السابقة، وتستفيد من فشلها، وتُسارع الى اتخاذ القرار الحاسم، وتقتدي بما اعتمد في العديد من الدول لِردّ هذا الخطر، حتى ولو اقتضى الأمر الإقفال التام للبلد، وبالقوة.


وكشفت المصادر أنّ الأعداد المتزايدة من الإصابات بوباء "كورونا"، والتي بدأت تتجاوز عتبة الـ2000 إصابة يومياً، تجعلنا نشعر بخوف شديد من أن نصل الى مرحلة يتجاوز فيها عدد الاصابات الـ5 آلاف حالة يوميّاً وربما أكثر، ذلك أنّ سرعة تفشّي الوباء في لبنان تعتبر من الأعلى من بين الدول المنكوبة بكورونا. والمسؤولية عن ذلك مشتركة يتقاسَمها استهتار المواطنين، وكذلك استخفاف السلطة وعدم قيامها بمسؤولياتها كما يجب منذ بداية هذه الأزمة.


ورداً على سؤال حول اللقاح المنتظر وصوله الى لبنان منتصف شباط المقبل، لفتت المصادر الى انّ مفعول هذا اللقاح - إذا وصل في الموعد المحدد - يمكن الحديث عنه بعد بدء اللقاحات. ولكن حتى ذلك الحين تفصلنا فترة تُقارِب الشهرين، وليس معنى ذلك ألّا تشدد السلطة من إجراءاتها، أو أن يستهتر المواطن وتزيد الاصابات، وأمام هذا الاستهتار نستقبل اللقاح وقد زاد عدد الحالات 100 إلف إصابة جديدة.


نار الاقتصاد والمال
في الجانب الآخر من الازمة، تلوح في الأفق الاقتصادي والمالي والاجتماعي سيناريوهات متعددة حول انهيارات محتملة مع بدء السنة الجديدة. وعلى ما يؤكد خبراء اقتصاديون لـ"الجمهورية"، فإنّهم مرعوبون من ممّا يلوح في الافق اللبناني من احتمالات خطيرة، فبداية السنة الجديدة قد تحمل معها فتائل اشتعالٍ خطير على المستوى الاقتصادي، بعدما سُدّ أفقه بالكامل جرّاء الصراعات السياسيّة وعدم وجود سلطة فعلية تبادر الى وقف الإنهيار.


واذا كان الحديث عن موضوع الدعم قد تراجع في الفترة الحالية، فإنّ هذا الأمر في رأي الخبراء سيُخضِع البلد في الفترة المقبلة الى وضع شديد الصعوبة، فيكون متأرجحاً بين نار التمسّك بالاحتياطي الالزامي لمصرف لبنان، ونار استمرار الدعم وما يترتّب على ذلك من استنزاف لهذا الاحتياط، ونار وَقف هذا الدعم وما قد يترتب على ذلك من آثار اجتماعية رهيبة يُخشى معها أن تؤدي الى فوضى شاملة وانفجار اجتماعي خطير.


وبحسب الخبراء لا حلول حتى الآن، خصوصاً أنّ مصرف لبنان قد حدد سقف قدرته على الاستمرار في هذا الدعم، وهذا يُلقي المسؤولية على السياسيين وتأخّرهم في تشكيل حكومة تستعيد ثقة المجتمع الدولي بلبنان، وتَشرع فوراً في تطبيق برنامج إنقاذي يستهل باستئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وإجراء الاصلاحات التي من شأنها أن تكافح الفساد الذي ما يزال مستشرياً في كل القطاعات، وتوقف الهدر القائم في مالية الدولة. وتلك هي الشروط الاساسية التي حددها المجتمع الدولي لتقديم مساعدات الى لبنان. لا نقول هنا انّ تأليف الحكومة قد يشكّل عصا سحرية لوقف الانهيار وإنهاء هذه الازمة، إنما هو قد يشكّل خطوة أولى في رحلة الـ1000 ميل في هذا الاتجاه.


وعلى الرغم من أنّ تشكيل الحكومة لا يشكل عامل الوَقف الفوري للانهيار الاقتصادي والمالي، بل يشكل عامل اطمئنان ونقطة انطلاق لوضع علاجات للأزمة، إلّا أنّ الخبراء الاقتصاديّين يعتبرون أنه في موازاة الشحّ في مخزون لبنان من العملة الاميركية الخضراء، ثمة خشية من أنّ تأخير الحكومة والتفاعلات السياسية التي تحيطه، قد ينسحب فلتاناً مريعاً في سعر الصرف، وهو ما تؤشّر إليه تحذيرات المؤسسات المالية الدولية، وكذلك بعض المعطيات الداخلية التي تفيد عن تحضيرات للعبة خطيرة بالدولار في السوق السوداء ترفع سعر الدولار الى مستويات خيالية.


كبّروا الحجر
الى ذلك، ورداً على سؤال عمّا إذا كان التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان وسائر مؤسسات الدولة وقطاعاتها يشكل عاملاً ايجابياً ومساعداً في وقف الازمة والانهيار؟ قالت مصادر اقتصادية: هذا الموضوع سياسي بامتياز، يبدو أنّهم كبّروا الحجر لكي لا يصيب. صحيح انّ التدقيق مطلوب في كل شيء، ويجب ان يحصل ويشمل كل الوزارات والمؤسسات ولا يستثني شيئاً، ولكنّه مطلوب بشفافيّة وصدقية، فهل هذا ممكن في لبنان؟ وفي ظل هذا الطاقم الحاكم المشكوك فيه؟


أضافت المصادر: بصرف النظر عن كل شيء، طالما أنّ الكلّ بات على إجماع بأنّ الشعب اللبناني فقد الثقة بدولته وحكامه، فإنّ كلّ ما يُحكى عن إجراءات لمكافحة الفساد، بما في ذلك قانون رفع السرية المصرفية وربطها بالتدقيق المالي الجنائي، لن يكون في أفضل الأحوال إلّا أدوات لتمرير صفقات سياسيّة، أقله إلى أن يثبت عكس ذلك، وبالتأكيد لن يثبت العكس.


الحكومة شلل
حكومياً، سلّة التأليف مَلأى بالتعقيدات ذاتها: الصراع على وزارتي الداخلية والعدل، الثلث المعطّل لرئيس الجمهورية وفريقه السياسي، تسمية الوزراء، إضافة الى كلّ العناصر الأخرى التي أوصَلت اللقاءات بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف الى حائط مسدود، وفي مقدّمها عدم ثقة الشريكين في التأليف ببعضهما البعض. أمّا سلّة الحلول والمخارج فتبدو فارغة بالكامل، ولا تلوح فيها أي بارقة أمل بانفراج حكومي قريب.


وبحسب معلومات "الجمهورية" فإنّ معظم القوى السياسيّة المعنية بملف التأليف او غير المعنية، باتت مُجمعة على أنّ الانسداد في النفق الحكومي بات كاملاً، والحوار بين عون والحريري لم يوصِل الى أي نتيجة، بل على العكس أظهَر الهوّة الواسعة التي تفصل بين نظرة كلّ منهما الى الحكومة الجديدة، وافترقا في آخر لقاء بينهما على خلاف كبير.


حكومة "الامر لي"
وعلى ما تؤكد مصادر سياسيّة واسعة الاطلاع لـ"الجمهورية"، فإنّ حجم الخلاف بين عون والحريري واتّساعه أصبح يؤكّد أنّ الوصول الى تفاهم بينهما على حكومة هو من سابع المستحيلات. وما أكدت عليه هذه المصادر يتقاطَع مع نظرة شديدة التشاؤم يُلقيها مسؤول كبير على ملف التأليف، حيث يقول لـ"الجمهورية": الحجج التي يتذرّع بها عون والحريري لا تحجب ما يُضمرانه، حيال حكومة يريدها كلّ منهما على قاعدة "الأمر لي" فيها.


وفي رأي المسؤول عينه انّ الجَو سوداوي، وحركة التأليف بشكل عام كانت في أحسن أحوالها عبثية بين عقليتين متصادمتين تسعى كل واحدة منهما الى كسر الأخرى. وقال: الحوار الذي حصل بين عون والحريري، والذي قد يحصل لاحقاً، ما هو إلّا مضيعة للوقت. وإنّ خلفيّة موقفيهما تبعث على التأكيد بأنّه لن يوصِل الى اي نتيجة مهما طال أمَده، وانّ أي جهد يُبذل في سبيل دفعهما الى اللقاء والتحاور في ظل هذا الخلاف الجوهري، هو جهد فارغ ولا طائل منه. ذلك أنّ أزمة الثقة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف هذه متجذّرة أصلاً، وأصعب من أن تُلحَم بسهولة، وتحتاج الى قدرات خارقة، لا بل إلى معجزة تغيّر ما في النفوس أولاً وقبل كلّ شيء. وتبعاً لذلك، فإنّ ثمة احتمالاً وحيداً لبلوغهما مَدار التفاهم، وهو أن تدفع بهما "قوّة قاهرة" إلى التفاهم وتُكرههما على تشكيل حكومة".


وبينما يتردّد في بعض الصالونات السياسية المعنية بملف التأليف عن زيارة محتملة لموفد بابوي الى بيروت في الفترة القريبة، كَتتمّة للنداء الذي أطلقه قداسة البابا فرنسيس قبل أيام، ودعا فيه "السياسيين اللبنانيين الى وضع مصالحهم الخاصة جانباً والتحرك سريعاً من أجل وضع بلدهم على طريق الإصلاح عبر خطوات تنفيذية عملية وسريعة"، علمت "الجمهورية" من مصادر موثوقة أنّ باريس ما زالت حاضرة بفعالية على الخط الحكومي، ولم تغيّر إصابة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بفيروس "كورونا" في أجندتها اللبنانية. حيث بقي مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل على خط التواصل الهاتفي مع لبنان حتى ما قبل عيد الميلاد، سعياً الى التقريب بين المختلفين، ولكن من دون أن يلقى التجاوب المطلوب معه، ولقد عبّر دوريل عن إحباطه لبعض الاصدقاء اللبنانيّين.


الى الربيع
ومع تزايد الحديث عن أنّ الملف الحكومي دخل الى جمود كلّي حتى 20 شهر كانون الثاني المقبل؛ موعد تسلّم الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن، لفتت في الساعات الماضية تغريدة للممثّل الخاص للامين العام للامم المتحدة يان كوبيتش، كتب فيها: "الوضعان الاقتصادي والمالي إضافة الى النظام المصرفي في حال من الفوضى، السلم الاجتماعي بدأ ينهار والأحداث الامنية باشرت الارتفاع، الهيكل اللبناني يهتزّ، أمّا القادة السياسيون فيبدو أنهم ينتظرون بايدن، ولكن هذا لبنان وليس الولايات المتحدة".


وسألت "الجمهوريّة" أحد كبار المسؤولين عن حقيقة انتظار بدء ولاية بايدن، فقال: واهِمٌ من يعتقد بتَغيّر الحال قبل ولاية بايدن أو بعد بَدء ولايته، الاميركيّون ليسوا عابئين بنا أو مُكترثين لنا. ومع الأسف هناك من هو مصرّ على الانتظار، فهل يعتقد أنّ الحكومة ستتشكّل بعد 20 كانون الثاني بقليل؟ أنا أخشى مع هذا الإنتظار أن لا حكومة من الآن وحتى شهرين على أقرب تقدير، لا بل حتى الربيع المقبل إن لم يكن حتى ما بعد الربيع.


وأعربَ عن تخوّفه من مرحلة صعبة في ظل المؤشرات الاقتصادية والمالية الخطيرة، وكذلك في ظل وضع مُحتقن في المنطقة واحتمالات تضعها على فوهة بركان، خصوصاً خلال ما تبقّى من أيام معدودة للرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض، وهي أيام محفوفة بمخاطر كبرى ومناخ حربي يهدد بإشعال المنطقة برمتها، بدءاً من ايران.


وخَلص المسؤول الكبير الى القول: لبنان ليس منعزلاً عن هذه المنطقة، وإذا وقع المحظور فالله وحده يعلم كيف سيكون حاله. من هنا، ليس علينا سوى أن نحذر. فترامب، على ما يبدو، يبحث عن الذريعة التي قد يستخدمها لفتح أبواب الجحيم مجدداً في الشرق الاوسط.


مأزق مجلس الكاثوليك
على صعيد آخر، لم تنجح المساعي التي بذلت حتى الآن في معالجة الأزمة التي تسبّبت بها التعيينات في المجلس الاعلى للروم الكاثوليك، والتي اشتُمَّ منها انها تمهّد الطريق لوصول شخصية استفزازية الى موقع نيابة رئاسة المجلس، وهو الموقع الذي يشغله حالياً النائب السابق ميشال فرعون.


وبعد انتفاضة نواب زحلة الكاثوليك، ورؤساء بلديات الطائفة في القضاء، بدأت تلوح في الأفق فكرة المطالبة بإلغاء المجلس الاعلى، واستبداله بمؤسسة كاثوليكية أكثر إنتاجية.


وفي السياق، عُلم أنّ النائب ميشال ضاهر باشَر اتصالات لاستمزاج الآراء في شأن إحداث هذا التغيير، خصوصاً انّ إجراء جردة على الانجازات التي نفّذها المجلس الاعلى منذ تأسيسه، تُظهِر بوضوح انها متواضعة جداً، في حين انّ الأضرار التي تسبّبت بها الصراعات على المواقع في المجلس أكبر وأوضح، خصوصاً لجهة بَث الخلافات والشرذمة بين أبناء الطائفة. ومن هنا، جاءت فكرة استبدال المجلس بمؤسسة جديدة بقيادة البطريرك يوسف العبسي، لا تتسبّب تركيبتها وطريقة عملها بالأضرار التي سبّبها المجلس الأعلى بصيغته الحالية.


وعلمت "الجمهورية" انّ الاتصالات ستتواصل في الايام المقبلة، لمعالجة ما قد يتحوّل أزمةً تُساهِم في شرذمة أبناء الطائفة، في حال الوصول الى موعد انتخابات المجلس في شباط المقبل، قبل حل الاشكالية القائمة.
 

*********************************************************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن:

 

"الورقة الحكومية": طهران تنتظر بايدن سيناريوات الانتقام لسليماني: "أرامكو 2"؟

 

أن يزجّ الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله بالمملكة العربية السعودية في دائرة ما وصفه بـ"العدوان الثلاثي" الذي أسفر عن اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري اللواء قاسم سليماني، وأن يركز تكراراً ومراراً على اتهام السعودية بالضلوع في تصفية سليماني عشية الذكرى السنوية الأولى لاغتياله في العراق، مسألة استوقفت العديد من المراقبين باعتبارها تفصيلاً لم يكن عابراً ولا اتهاماً عن عبث يمكن توجيهه على لسان نصرالله في خضمّ الترقّب السائد لنوع الرد الإيراني على عملية الاغتيال.


فكلام أمين عام "حزب الله" في "حوار العام" لمناسبة الذكرى السنوية لتصفية سليماني، سيكون له ما بعده في إطلالته المخصصة للمناسبة، حيث من المتوقع أن يرفع منسوب التهديد والوعيد برد انتقامي لدماء قائد فيلق القدس ضمن إطار "بنك أهداف" مثلّث الأضلاع يضمّ السعودية إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، وهو ما رأت فيه مصادر واسعة الاطلاع مؤشراً ينذر بوضع المصالح السعودية على رأس قائمة الاستهدافات الإيرانية في المرحلة المقبلة، لا سيما في ضوء ما كشفته عن وجود تقارير ديبلوماسية تتطرق إلى عدة سيناريوات محتملة في سياق الرد الإيراني على اغتيال سليماني، وأبرزها سيناريو "أرامكو 2".


وفي التفاصيل، أنّ التقارير التي تناقلتها دوائر ديبلوماسية بالاستناد إلى معطيات استخبارية، لم تستبعد أن تعود طهران إلى استهداف منشآت "أرامكو" النفطية في المملكة مجدداً، عبر ذراعها الحوثية في اليمن، وأوضحت المصادر في هذا المجال أنّ النظام الإيراني يقع تحت ضغط كبير يحتّم عليه توجيه أي ضربة متاحة تحفظ له ماء الوجه، رداً على اغتيال سليماني، وإلا فإنّ صورته كـ"قوة إقليمية عظمى" والتي حرص على تظهيرها وتكريسها على مرّ العقود الأخيرة، ستتشظى بشكل سيصعب ترميمه وستكون له انعكاسات وارتدادات بالغة الخطورة على هيبة النظام، خارجياً وداخلياً على حد سواء.


وبناءً عليه، ترجّح المعطيات الديبلوماسية ألّا تجرؤ طهران على استهداف مصالح أميركية مباشرة ولا إسرائيلية، في سياق ردها العسكري والأمني على الاغتيال، مذكرةً بأنّ العملية العسكرية التي أطلق عليها حينها اسم "عملية الشهيد سليماني" واستهدفت قاعدة "عين الأسد" الجوية الأميركية في العراق بصواريخ باليستية، كانت قد تمّت تحت ستار "مسرحي" قضى بتوجيه الإيرانيين إنذارات مبكرة إلى الأميركيين عبر عدة قنوات استخبارية قبيل تنفيذ العملية، إفساحاً في المجال أمام اتخاذ الاحتياطات اللازمة للحؤول دون سقوط قتلى وجرحى في صفوف الجنود المتمركزين في القاعدة الأميركية.


واليوم، ترى المصادر أنّ طهران أبعد ما يكون عن المخاطرة بـ"اللعب بالنار" مباشرةً مع الأميركيين والإسرائيليين، خصوصاً في ظل الغليان العسكري السائد في المنطقة في نهاية ولاية الرئيس دونالد ترامب، والتحسب لاحتمال توجيه ضربة أميركية - إسرائيلية مشتركة في العمق الإيراني، لكنّ النظام الإيراني لا يمكنه في الوقت عينه التحرّر من عبء الحرج الواقع تحت تأثيره بعد سلسلة الضربات الجوية المهينة التي يتعرض لها "الحرس الثوري" في المنطقة، سواءً في سوريا أو في العراق، وأقساها "الضربة القاصمة" التي أودت بسليماني، في حال عدم القيام بعملية انتقامية تعيد لطهران بعضاً من "توازن الرعب" الذي اهتزت ركائزه مع أعدائها.


وإذا كانت التقارير الديبلوماسية والاستخبارية لا تستبعد أي سيناريو محتمل في إطار الرد الإيراني على اغتيال سليماني، الا انّ الفرضيات الأكثر ترجيحاً في هذا السياق تركزت بشكل أساس على سيناريو استهداف منشآت النفط السعودية باعتبارها "الحلقة الأضعف" في المنطقة وتشكل نقطة تقاطع للمصالح الأميركية والغربية عموماً، بوصفها منطلقاً لإمدادات الطاقة العالمية. وفي الوقت عينه تستند أرجحية هذا السيناريو إلى إتاحته المجال أمام إيران للتنصّل من المسؤولية المباشرة عن هذا الاستهداف عبر التلطي خلف مجموعة الحوثي، كما حصل في استهداف أرامكو الأخير، بما يصعّب تالياً على الإدارة الأميركية الاستحواذ على غطاء من الكونغرس يتيح الرد العسكري على طهران نظراً لعدم تعرض المصالح الأميركية لاعتداء مباشر.


وكما في المنطقة كذلك في لبنان، فقد ثبت بالوجه "الشرعي" من بين سطور كلام الأمين العام لـ"حزب الله" عن الملف الحكومي، وبالوجه "الرعوي" إثر ما لمسه البطريرك الماروني بشارة الراعي لناحية كون هذا الملف أصبح رهينة مصالح دول خارجية، وبالوجه "الأممي" مع تغريدة الممثل الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، أنّ "ورقة" الحكومة اللبنانية انضمت إلى مروحة الأوراق العالقة في قبضة إيران بانتظار أن يحين أوان وضعها على طاولة التفاوض مع الإدارة الأميركية الجديدة.


وبدت لافتة للانتباه إشارة كوبيتش، بما يمثل على المستويين الدولي والأممي، إلى أنّ "القادة السياسيين ينتظرون بايدن"، بينما "النظام الاقتصادي والمالي المصرفي في حالة من الفوضى والسلام الاجتماعي يبدأ في الانهيار والحوادث الأمنية تتصاعد وصرح لبنان يهتز في أساساته". وفي السياق نفسه، جاء تشديد رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط جازماً أمس في معرض تشخيصه للمعضلة الحكومية بأنّ "القوة المركزية في لبنان، أي إيران المتمثلة بـ"حزب الله"، تنتظر استلام الرئيس المنتخب الجديد جو بايدن للتفاوض معه على الملف اللبناني وعلى الصواريخ والعراق وسوريا واليمن"، مشيراً إلى أنهم "مرتاحون في وقتهم وينتظرون التفاوض، ونرى كيف يستفيدون من الفراغ في لبنان. هم يركّبون أجهزة ATM في مناطقهم تُمكّن من سحب مبلغ يصل إلى 5000 دولار نقداً، بينما المواطن اللبناني العادي يذهب إلى المصارف ويتشرشح".
 

********************************************************************

افتتاحية صحيفة الشرق:

 

السياسة في الثلاجة والتشكيل في الـ"كوما"

 

 ليست عطلة الاعياد التي لولا موعدها السنوي الثابت لما شعر بها ابناء الوطن الممزق الجريح المنهوب لكثرة الضربات والنكسات التي اصابتهم وما زالت، هي السبب خلف الجمود السياسي المتحكم بالاوضاع لا سيما ملف تشكيل الحكومة الذي دخل في غيبوبة حتمية حتى ما بعد تسلم الادارة الاميركية الجديدة مفاتيح البيت الابيض، بل عدم توافر الرغبة اللبنانية الداخلية في فتح المسلك الحكومي المقطوع بمتاريس العراقيل المصطنعة والمتنقلة بين فريق وآخر.
وتؤكد اوساط سياسية معارضة وجود محاولات حثيثة ومستمرة من قبل قسم من فريق السلطة الحاكمة لعرقلة تشكيل الحكومة، موضحة ان آخر ابتكارات هذا الفريق اقتراح توسيع التشكيلة الحكومية الى ثلاثين وزيرا بحجة توسيع رقعة التمثيل وان يكون لكل وزارة وزيرا مع انشاء وزارة لمكافحة الفساد واخرى للاصلاح وثالثة للتصميم.وانه للغاية يحث بعض الطوائف والاقليات وقوى سياسية على المطالبة بحكومة من 30 وزيرا تتأمن لها المشاركة الواسعة والغطاء السياسي. كل ذلك تقول الاوساط ليس سوى مجرد محاولات لقطع الطريق على الولادة الحكومية قبل ان تتظهر السياسة الاميركية الجديدة.آنذاك، لكل حادث حديث.


جمود سياسي
والجمود السياسي على حلبة التشكيل الحكومي يُتوقع ان يستمر خصوصا بعد مغادرة الرئيس المكلف سعد الحريري بيروت لقضاء عطلة العيد مع عائلته قبل ان يعود الى بيروت. ووسط انعدام الاتصالات في شكل شبه تام بين المعنيين بالتأليف، لا تدل المواقف السياسية النادرة التي سجلت الى انفراج قريب بل على العكس.


الود مفقود
فقد قال نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش في حديث اذاعي ان "الود مفقود بين محيط رئيس الجمهورية والرئيس المكلف وبين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر"، معتبرا ان "الحريري وضع شروطاً يعتبرها اساسية لتشكيل حكومة انقاذ لكن بعبدا حتى الآن لم تتجاوب مع تلك الشروط التي يمكن ان تنجّح الحكومة". ولفت الى ان ثمن الاعتذار هو اسوأ بكثير من الاستمرار في المحاولة فالامور لا تحتمل اعادة تكليف شخصية جديدة واي حكومة من غير النوع الذي يطرحه الحريري لن تحوز على ثقة المجتمع الدولي.


جنبلاط والمسؤوليات
في الموازاة، حمل رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط في حوار مع فريق تحرير جريدة "الأنباء" الالكترونية، مسؤولية عدم بت الملف الحكومي، قال جنبلاط: "محلياً، أحمّل مسوؤلية لهذه القوى السياسية (عون والحريري وحزب الله)، ولا ننسى أن التيار الوطني الحر فريق أساسي..


الحزب ارهابي
وليس بعيدا، وفي وقت يُروَّج لكون عملية التأليف باتت مرتبطة بتسلم الرئيس الاميركي الجديد جو بادين مقاليد الحكم في واشنطن ما بعد منتصف كانون الثاني المقبل، قالت النّاطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية جيرالدين غريفيث، :حزب الله منظمة إرهابية مكرسة لتعزيز أجندة إيران الخبيثة في المنطقة وأنشطة حزب الله وإيران الإرهابية وغير المشروعة تهدد أمن واستقرار وسيادة سوريا والمنطقة لأنّ إيران لا تهتم بمصالح سوريا أو الشعب السوري.


لقاحات كورونا
في الغضون، قفز هم كورونا الآخذ في التفشي في شكل مخيف على الاراضي اللبنانية الى الواجهة. وفي السياق، استقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وزير الصحة حمد حسن وبحث معه في الاجراءات المتعلقة بتوقيع اتفاق مع شركة "فايزر" للحصول على لقاحات ضد وباء "كورونا". واعلن حسن، بعد اللقاء، انه "بتوجيه ودعم من فخامة الرئيس، السلطة الصحية اخذت القرار المناسب بتغطية المجتمع اللبناني بلقاح "فايزر" واخذنا الاذن بالتفاوض لامكان ادخال بعض التعديلات على العقد".
من جهته، أكد رئيس "اللجنة الوطنية للأمراض السارية والمعدية" والاختصاصي في الأمراض الجرثومية عبد الرحمن البزري أن "بعد توقيع الاتفاقية، سيصل اللقاح بين 7 و15 شباط الى بيروت، وسيشمل مليون و50 ألف مواطن"، آملاً "وصول لقاحات أخرى غير الفايزر، الا ان انتهاء عملية التلقيح تحتاج الى اشهر".

*********************************************************************

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط:

 

لبنان يعيش على هاجس {عودة الاغتيالات} و{الفوضى الأمنية}

 

 في ظل الفراغ الذي تعكسه غياب السلطة التنفيذية الفاعلة في لبنان مع "حكومة تصريف أعمال" ورئيس حكومة مكلّف، والأوضاع الاقتصادية - الاجتماعية الصعبة التي يعيشها المواطنون، تبرز بين فترة وأخرى معلومات عن اغتيالات محتملة أو فوضى أمنية قد تحصل، الأمر الذي بات هاجسا لكثير من اللبنانيين. وكان آخر تلك المعلومات ما نُقل عن آخر اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع قبل أسابيع عن تحذيرات من اغتيالات، فيما نقل تلفزيون لبنان الرسمي معلومات أمس عن سباق بين عودة التحركات الشعبية ومساعي تشكيل الحكومة، قبل 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، مع ترجيح أن يتحول الوضع إلى فوضى أمنية تفتح الباب أمام تدخل المجتمع الدولي في خطوة تواكبها الإدارة الأميركية الجديدة، بما يحول دون حصول صراع، أقله في الجنوب اللبناني على الحدود مع إسرائيل.


ومع تأكيد مصادر وزارية أن الوضع الذي نقله القادة الأمنيون إلى رئيس الجمهورية في اجتماع المجلس الأعلى الأخير لم يتغيّر و{التحذيرات لا تزال قائمة}، تضع مصادر معنية بالملف المعلومات في إطار {المزايدات بين الأجهزة (الأمنية)}، وتؤكد لـ"الشرق الأوسط" أنه ليس لدى مخابرات الجيش أي معلومات في هذا الإطار بتاتاً، وأن {الوضع تحت السيطرة وما يحصل، أو قد يحصل، لا يزال ينحصر ضمن الأحداث العادية التي تشهدها الساحة اللبنانية من وقت إلى آخر}.


وتقول المصادر الوزارية لـ"الشرق الأوسط" إن هذه القضية لا تزال موضع متابعة بين الرئيس ميشال عون والقادة الأمنيين خلال اجتماعاته الدورية معهم و{لا شيء جديداً منذ الاجتماع الأخير للمجلس الأعلى} الذي تحدث خلاله قادة الأجهزة الأمنية عن خوف من اغتيالات. وتضيف: "لكن حتى الساعة لا شيء جديداً وملموساً، وإنما هناك مخاوف لدى الأجهزة الأمنية التي تقوم بالخطط الاستباقية بناء على المعطيات التي أعلنت في ذلك الاجتماع ولا تزال قائمة". وفيما تلفت المصادر إلى حادثة مقتل الشاب جو بجاني في منطقة الكحالة في قضاء عاليه، بسلاح كاتم للصوت أمام منزله قبل أيام، تقول "إنه حتى الساعة لم يتبين إذا كانت الجريمة مرتبطة بخطة معينة أو هي جزء من مخاوف الأجهزة أو مجرد حادث فردي بحيث أن التحقيقات لم تصل إلى نتيجة حتى الآن".


أما في الإطار العام، فترى المصادر أنه {لا شكّ أن هناك مخاوف من حوادث أمنية في كل لحظة، لا سيما وان لبنان مفتوح، والحدود مع سوريا ليست ممسوكة 100 في المائة وفيها ثغرات تسمح بالتسلسل وافتعال أحداث أمنية}.


في المقابل، قال وزير الداخلية السابق زياد بارود إنه {لا يمكن الدخول في تكهنات في الموضوع الأمني، وهذا هو دور الأجهزة الأمنية التي تقوم بواجبها}، لكنه رأى أن موقع لبنان الجغرافي {يضعه في عين العاصفة ويجعله عرضة لأي حوادث أمنية، إن عند الحدود الجنوبية مع إسرائيل، أو لجهة الحدود غير المنضبطة مع سوريا والمفتوحة على منطقة غير مستقرة، هذا إضافة إلى الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها لبنان والتي تشكّل أرضية لأي استغلال أمني}. ويوضح بارود لـ "الشرق الأوسط": "المشكلة الأكبر تكمن في عدم الاستقرار السياسي الذي ينسحب بشكل دائم على الوضع الأمني بحيث أنه إذا وُجد الاستقرار السياسي فمن الممكن السيطرة على أي حدث أمني أو حتى منع حدوثه من الأساس. لكن الواقع السياسي اليوم في ظل حكومة تصريف أعمال والأزمات المتراكمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية تشكل مجتمعة محفزات لمن يريد أن يصطاد في الماء العكر واللعب على الوتر الأمني}.


وفيما لا ينفي بارود أن بعض الأفرقاء السياسيين يستغلون الأمن لأهداف سياسة، وهو ما سبق أن حصل مراراً في لبنان، يعتبر استحضار الوضع الأمني والتهويل به بين فترة وأخرى، يندرج ضمن خانتين، الأولى، أن ذلك يصدر من فئات ولا سيما من سياسيين أو إعلاميين من {باب التكهنات والتحليل من دون امتلاكهم للمعلومة الدقيقة ما ينعكس إرباكاً وخوفاً في المجتمع اللبناني}، أما الثانية فهي أن تصدر هذه المواقف من {فئة قد تملك المعلومة الصحيحة إنما تختار هي توقيت الإعلان عنها لأسباب أيضاً مرتبطة بأهداف سياسية، وهو ما يؤكد مقولة أن الأمن سياسي".
 

 

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram