ليس خفياً فقدان الكيمياء بشكل شبه كلي بين رئيس التيار الوطني الجر النائب جبران باسيل وقائد الجيش العماد جوزاف عون، منذ سنوات ماضية، وتحديداً منذ العام 2019. كما ليس خفياً وجديداً ان يعمد باسيل الى "اطلاق النار" سياسياً على قائد الجيش، منذ طرح مسألة التعيينات في المراكز العسكرية وفي الاشهر الاخيرة بعد تنامي حظوظ العماد عون في التقدم بالسباق الرئاسي. غير ان المواقف الاخيرة التي اطلقها رئيس "التيار" في الآونة الاخيرة، اكتسبت اهمية خاصة في الحياة السياسية وفي وسائل الاعلام، فما السبب اذا كان جوهر المشكلة لا يزال نفسه؟.
في الواقع، يرى العديد من المواكبين للتطورات على الساحة اللبنانية، ان باسيل لجأ الى سياسة الاستراتيجية الدفاعية في الاسابيع الماضية بعد ان استشف ان المبادرة الفرنسية بدأت تصاب بالوهن، وان المبادرة القطرية تحاول اكتساب النشاط الزائد لفرض نفسها امام باقي الدول في اللجنة الخماسية، ومع الحديث الواسع عن تقدم راية العماد عون نحو بعبدا. ووفق هؤلاء، فقد وجد باسيل نفسه وكأنه امام معركة "فجر الرئاسة"، فكانت ردة فعله استعمال كل ما يملك لتدارك الموقف والحدّ من التقدم العوني، فاستعان بالجنرال العوني (اي عمه رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون) لشد الهمم والانتقال من منطقة الى اخرى لاطلاق مواقف منتقدة لقائد الجيش والاهم من ذلك، ان باسيل تطرق الى موضوع حساس جداً هو مسألة النزوح السوري، وغمز من قناة الدعم الدولي الذي يلقاه العماد عون ان في منصبه العسكري القيادي الحالي او في مسار الاستحقاق الرئاسي، فاعتبر ان الغرب راغب في ابقاء النازحين في لبنان ودمجهم في المجتمع اللبناني سيستفيد من وصول من يدعمه (اي قائد الجيش) الى سدة الرئاسة. ووفق ما يقوله المتابعون ايضاً، فإن باسيل رأى ان هذا الامر من شأنه ان "يغطي" على استهداف قائد المؤسسة العسكرية التي تتمتع بثقة الجميع، اذ ليس من السهل التعرض للجيش او قيادته من دون انتظار الرد القوي من الرأي العام اولاً، والشهود على ذلك كثيرة.
من هنا، كانت فكرة باسيل استعمال استراتيجية دفاعية مرتكزة الى معاناة اللبنانيين من النازحين السوريين لبناء اساس متين قادر على الوقوف في وجه "الهجمة الرئاسية لقائد الجيش"، وهو ما اعتبره بعض المحللين اشارة بالغة الوضوح الى التقدم الكبير الذي احرزه العماد عون في الفترة القليلة الماضية في السباق الرئاسي، وان تحرك باسيل واللجوء الى الرئيس عون تحديداً، هو الدليل الحسي على مدى اعتبار باسيل ان المؤشرات باتت جدية لصاحب الحظ الاوفر كـ"مرشح ثالث"، فاختار بالتالي تعزيز شبكة تحالفاته واتصالاته، وبادر الى القيام بجولات في اكثر من منطقة لبنانية ولقاء فعاليات سياسية وحزبية فيها، في رسالة مفادها انه قادر على ان يصبح عقبة اكبر كلما زادت نسبة حظوظ العماد عون، وهو امر يجب على الجميع اخذه في الاعتبار، خصوصاً وانه اثبت قدرته على فرض نفسه كرقم صعب من خلال جمعه عدداً كبيراً من النواب وتبني الوزير السابق جهاد ازعور ليقف في وجه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وهو امر ليس بالسهل غير انه تبيّن انه ليس مستحيلاً، ويظهر ان رئيس "التيار" قال لكمته بأن وجهته اساسية وضرورية ولا يمكن تخطيها في اي اتفاق او تسوية سيتم اعتمادها، وانه ليس كسواه من اللاعبين المحليين، ويجب بالتالي التعاطي معه من هذا المنطلق ووفق هذه المعطيات الجديدة، والا ستبقى الامور على حالها ما لم يتم التوافق الدولي على اسم واحد، وهو امر بعيد المنال على المدى المنظور.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :