كشف وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، الأحد، عن مقترح طرحته طهران بشأن تسوية الخلافات بين النظام السوري وتركيا خلال الاجتماع الأخير الذي عقده مع نظرائه من أنقرة ودمشق وموسكو، مشيراً في مقابلة مع صحيفة "الوفاق" الإيرانية، الى ان المقترح يقوم على "أن تتعهد تركيا أولاً بإخراج قواتها العسكرية من سوريا، وثانياً أن تتعهد سوريا (النظام السوري) بوضع قواتها على الحدود لمنع أي تعرض للأراضي التركية. وتكون كل من إيران وروسيا ضامنتين لاتفاق الطرفين"، مؤكداً أن "السلطات السورية أكدت لنا أنها تتمتع بالجاهزية الكاملة للحفاظ على أمن الحدود السورية-التركية من داخل الأراضي السورية". فماذا في خلفيات كلام عبداللهيان؟
المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يؤكد لـ"المركزية" ان ثمة اتفاقا أميركيا – ايرانيا، على ضبط النفوذ وتوزيعه في المناطق التي تتواجد فيها ايران، وبالتالي هذا التوزيع يدخل ضمن الاتفاقية التي تمّ توقيعها بين الحكومة الايرانية والولايات المتحدة الاميركية على ضبط التواجد العسكري الاميركي في العراق، وكان حاضراً آنذاك قاسم سليماني، لذلك لا تستطيع ايران وميليشياتها ان تشاكس الولايات المتحدة في هذه المنطقة بحكم وجود الاتفاقية بينهما. وبالتالي، فإن مشهد إطلاق الصواريخ والتهديد يحصل في المنطقة الخضراء وبخاصة أربيل، هي رسائل موجهة من قبل الميليشيات الشيعية. إذاً، الخطورة تكمن في الاتفاق الذي رعته قطر بين الولايات المتحدة وايران، والذي تجسّد بـ5+5+6، حيث تقوم ايران بخطف مواطنيها من حاملي الجنسيات وتبادلهم للحصول على أموال. هذا الاتفاق تم تنفيذه أول من أمس وجرى تبادل الاسرى. لكن ما الذي يتضمنه هذا الاتفاق؟ الأموال التي أعطيت لايران وتم الإفراج عنها من العراق وكوريا الجنوبية تبلغ 6 مليارات دولار، اخترعتها الولايات المتحدة تحت حجة مساعدة ايران اقتصاديا ولأسباب انسانية، إنما في الواقع هذا الأمر غير صحيح، وستصل هذه الأموال الى المصارف القطرية ومنها إلى ايران. هناك اتفاق كبير ضمن هذا الاتفاق، هو ان واشنطن تواجه طهران على ضبط النفوذ في المنطقة ككل، وبالاعتراف بهذا النفوذ من العراق حتى لبنان. ويشمل الاتفاق العديد من البنود التي لم يُصرَّح عنها، لكن يومياً نكتشف بنداً تلو الآخر، البند الأول بخصوص تخصيب اليورانيوم المفاعلات النووية الايرانية والتي قالت ايران بأنها لن تزيد من سرعة التخصيب، وهذا ضمن الاتفاق، والثاني تخفيف ارسال مسيرات إلى روسيا لضرب اوكرانيا، وهي تنكر. والثالث بانه سمح لايران زيادة انتاج النفط، والتي كانت معاقبة عليها وكانت تساوي نحو 400 طن سنوياً، وتحولت الى مليون و800 طن وهذه ستشكل منافسة لروسيا، لأن الاميركيين يعتبرون أن على الايراني سحب يده من اليد الروسية كي تتم محاصرة روسيا".
ويؤكد العزي ان "هناك الكثير من الاتفاقات التي لم يُعلَن عنها وسنكتشفها لاحقاً، ومن ضمنها، المنطقة الاقتصادية التي تُعتبر من حدود العراق حتى منطقة درعا والسويداء، وهذا يعني ان هذه المنطقة ستُسحب منها الميليشيات و"قسد" وقد شاهدنا كيف ضربت "قسد في هذه المنطقة، إرضاء للرئيس التركي رجب طيب اردوغان، وبالتالي فإن تحميل المنطقة نوعا جديدا من خلال تعزيز التواجد الاميركي فيها وإقامة منطقة عازلة، ليس للميليشيات والنظام أي سيطرة عليه، من هنا نرى مشاكل دير الزور والانسحابات السريعة التي قامت بها الميليشيات الموالية لايران من هذه المنطقة وتراجعت. نسمع انها عملية فصل طهران عن بيروت من خلال معاقبة او فصل هذا الحدّ، ومن هنا جاء نوري المالكي الضليع بتركيبة هذا الهلال ليقول "إذا تمّ الفصل فهذا يعني إنهاء النظام السوري". إذاً الاتفاق تمّ على قاعدة فصل هذه المناطق وتحجيم النظام السوري وهذا لا يعني تحجيم ايران، ولكن كما يبدو هناك توافق بين ما يحصل مع الاميركيين والايرانيين، ان "هذا ملعبكم" و"هذا ملعبنا" وكل يلعب في ملعبه بالطرق المسموحة له، وإذا استطاع ان يُقنع جمهوره فيمكن ان يروّج لفكرته في المنطقة الأخرى. إذاً المنطقة التي ستكون "المنطقة المفيدة" هي سوريا الساحل والمناطق المتواجدة فيها سوريا وحزب الله والنظام الروسي. الاتراك لن ينسحبوا طالما لم تُحل القضية الكردية. إذاً حتى اليوم في العراق سحب الأكراد المعادون لايران وبالتالي قد يكون هناك تدخل وبغطاء اميركي ومن الحكومة الايرانية لضرب هذه المجموعات الكردية المضادة للنظام الايراني والتي تتخذ من جبال السليمانية والمناطق الاخرى معاقل لها وتضايق الولايات المتحدة".
ويتابع العزي: "هناك إعادة ضبط نفوذ وهذا الامر سوف نراه في سوريا من خلال تحرك السويداء الذي لم يأتِ من عدم، وتحرك درعا، وهذا يعني انه سيتم كف يد ايران وميليشياتها عن الجنوب السوري وبالتالي هذه "المنطقة الاقتصادية" ستزود بإمكانات عالية من خلال البناء والاقتصاد، والتي تشكل ثلثي مساحة سوريا ولكن سكانها يشكلون ثلث السوريين. إذا نحن أمام إعادة ضبط العلاقات وتنفيذها بطريقة مختلفة وهذا لا يبتعد عن لبنان. وما شهدناه في لبنان وتحديدا في مخيم عين الحلوة هو لإعادة ضبط الساحات تحت المسمى الاميركي الذي يُعلَن ويُروَّج له بأن هناك منطقة حرّة في لبنان تمتد إلى 120 كلم2 وهي منطقة الزهراني. وإذا رسمنا هذه المنطقة تقريباً نجد أنه ينتزع من يد حزب الله او الوجود الايراني الكثير من المناطق التي تعوّل عليها كجزين والبقاع الغربي. لذلك الصراع هو ان من يسيطر على صيدا يسيطر على عين الحلوة فتنتقل العودة بدلاً من 120 كلم2 الى 90 كلم2، تصبح المنطقة الحرة في منطقة الساحل اي عند الجيّة، وهذا يعني السيطرة على ساحل الشوف وصولاً الى جزين وصيدا والبقاع الغربي، اي اتساع منطقة النفوذ. إذاً الايراني يتعهّد بأن يكون حامياً لهذا النفوذ، يساعد على إبرام اتفاقية ستُقرّ لاحقاً بين ترسيم الحدود البرية اللبنانية والاسرائيلية، منطقة النفوذ وما شاهدناه قبل فترة ترسيم الحدود البحرية والسماح بالتنقيب، هذه الشركات التي تمّ تشكيلها وقدومها الى لبنان لم تأتِ لمجرد أنها وقّعت اتفاقات ما لم تكن قد حصلت على ضمانات فعلية من الولايات المتحدة واسرائيل وايران بحمايتها، وبالتالي هذا يعني ترسيم الحدود وإبقاء النفوذ الايراني في هذه المنطقة لأن غير مطلوب تسليم سلاح حزب الله حالياً، وهذا يعني ضبط الحركة في مناطق النفوذ. الجيش اللبناني ينتشر في المناطق التي تمّ تحديدها من قبل الاميركيين. وهذا التوافق الذي يشير إليه عبداللهيان بطريقة او بأخرى، فهو يحاول الإعلان عن ضبط النفوذ الحقيقية لتواجد ايران في المناطق التي تحتلها، من هنا إذا رأينا في قمة العشرين كيف تمّ إبعاد العواصم التي تحتلها ايران عن الخارطة الاقتصادية من خلال ممرات المياه التي لم يعد لسوريا والعراق ولبنان أي دور قادم ولا حتى اليمن، في خطط الممرات القادمة من الهند ومرافئها نحو الخليج العربي وباتجاه اوروبا وافريقيا. إذاً، الكلام الواضح هو ضبط النفوذ وليس مقاتلة ايران".
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :