أعلنت دولة الإمارات قبل عدة أشهر عن تطبيع لعلاقاتها السياسية والاقتصادية مع دولة الإحتلال الصهيوني التي تطورت على مدى أعوام خلف الستار وأكدت العاصمة الإماراتية أبو ظبي عن عزمها توقيع العديد من اتفاقيات تعاون في مجالات عدة مع تل أبيب. ولقد شهدت الأعوام الأخيرة بشكل خاص ما هو أشبه بالسباق بين بعض الدول الخليجية، وفي مقدمتها الإمارات، من أجل تطبيع علاقاتها بطرق رسمية وعلنية مع إسرائيل التي تحكمها سلطة يمينية هي الأعنف في تاريخها. وخلال الأسابيع القليلة الماضية لم تحتكر الإمارات وسيلة إلا وقامت بالاستعانة لإثبات صهينتها، وتقديم طقوس الطاعة للإسرائيلين. ولم تكتف الإمارات بمساومتها على الأرض الفلسطينية المحتلة، والحج إلى القدس المحتلة، بل دخلت في اليهودية بشكل مباشر ونقلت طقوسها إلى أبو ظبي، فأقامت احتفالات يهودية وقامت بإنشاء حائط “مبكى”، وشاركت الاسرائيلين الذين فتحت أبوابها لهم وأوصدتها أمام العرب.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من التقارير الاخبارية، أن السلطات الإماراتية أقامت احتفال لما يسمى عيد “الحانوكا” اليهودي أمام برج “خليفة” في دبي. ولفتت تلك التقارير إلى أن برج “خليفة” أضاء مساء الخميس الماضي احتفالا بأول ليلة خاصة جدا من الـ”حانوكا” في الإمارات، في حدث هو الأول من نوعه منذ توقيع اتفاق إبراهام”. وفي هذا السياق، نقلت صحيفة “الجيروسالم بوست”، عن المطرب اليهودي “يشاي لابيدوت”، إن الحدث يمثل التاريخ اليهودي، وذلك خلال حفل له قرب البرج تم خلاله إضاءة شموع وعرض ضوئي على أطول ناطحة سحاب في العالم. ونظم الحفل الحاخام اليهودي “ليفي دوتشمان” الموجود في الإمارات، والذي كان ينظم احتفالات “حانوكا” في دبي خلال السنوات الست الماضية.
وعلى صعيد متصل، زعم الحاخام “دوتشمان” أثناء حديثه لوسائل الاعلام يوم الأربعاء الماضي إن الرسالة وراء اقامة احتفال “حانوكا” في دولة الإمارات هي نشر النور على الظلام، وقال: “إنني أرى الإمارات على أنها ألمع ضوء في هذه المنطقة”. وأضاف “دوتشمان”، أن الجالية اليهودية ستحتفل بعيد حانوكا بفعاليات في دبي وأبوظبي من أجل إشراك المجتمع في الإمارات بشكل أوسع. وإضافة إلى “يشاي لابيدوت” من المقرر أيضا أن يقيم “موشيه لوك” و”حاييم إسرائيل” و”رولي ديكمان” حفلات “حانوكا” في عدة مناطق بالإمارات .
و”حانوكا” هو عيد الأنوار عند اليهود، وهي مناسبة سنوية يحتفلون بها في الخامس والعشرين من شهر “كيسليف” وفق التقويم العبري الموافق للسابع من شهر ديسمبر من كل عام ميلادي. ويتم الاحتفال بهذا العيد إحياء لذكرى تدشين “الهيكل الثاني” في القدس سنة 164 قبل الميلاد، وذكرى إعادة حرية العبادة للشعب اليهودي. ومن أهم عادات هذا العيد وتقاليده إشعال الشموع في الشمعدان الثُمانيّ (حانوكياه) بعد غروب الشمس، بحيث يتم في ليلة العيد الأولى إشعال شمعة واحدة تضاف إليها شمعة واحدة كل ليلة، حتى الليلة الثامنة التي يتم فيها إشعال الشموع الثماني جميعا.
وعلى هذا المنوال، كشفت العديد من المصادر الاخبارية، أن إشعال إمارة دبي الشمعدان الخاص بعید الأنوار الیھودي المُسمى “حانوكا” الذي صادف یوم الخمیس الماضي أمام برج “خليفة”، أثار استهجاماً واسعاً في الشارعين العربي والاسلامي. حيث غردت من صحفية المنار اللبنانية على موقع “تويتر” وقالت: “يبدو أنه على الإمارات نقل برج خليفة إلى تل أبيب، أو افتتاح فرع آخر له هناك! خاب المطبّعون”. وفي تغريدة أخرى قالت صحيفة “العالم”: “من ثمار التطبيع، برج خليفة أصبح مرتعاً للإسرائيليين الذين يقومون بطقوسهم داخله وكأنه مكان تابع لهم.” وتلاقي خطوات الإمارات المتلاحقة والمتسارعة في الهرولة نحو مزيد من التطبيع رفضاً من الشارع الإماراتي وبعض المثقفين الإماراتييين، الذين شكلوا الرابطة الإماراتية لرفض التطبيع.
ونشرت الرابطة الإماراتية تصريحاً لعضوها “أحمد الشيبة” النعيمي يقول فيه: “العلاقة مع الصهاينة تجاوزت خيانة تطبيع العلاقات إلى مساندة الاحتلال والتنكر للحقوق العربية والإسلامية “. وفي تغريدة له عبر “توتير” قال “حمد النعيمي” الإعلامي الإماراتي: “الأسوأ في التطبيع الإماراتي هو إرغام الجميع في المشاركة في جريمة التطبيع. المؤسسات الحكومية والتجارية واتفاقات رياضية وإعلامية وثقافية ومجتمعية وأكاديمية وصحية وفي مجال الفنون والاتصالات والطيران”. ورغم حملات التضييق والقمع، عبّر الكثير من أبناء الشعب الإماراتي عن سخطهم من هذه الخطوة معتبرين أنها يوم أسود في تاريخ الشعب الإماراتي المشرق تجاه القضية الفلسطينية، وهو ما عبر عنه عدد من النشطاء الإماراتيين في الخارج، فجاء تصريح للناشط الإماراتي “محمد الشامسي” يقول فيها “باسم شعب #الإمارات المسلم… نرفض رفضا باتا قاطعا أبديا الاحتفال مع العدو الصهيوني”. ودعا الناشط والكاتب الإماراتي المعارض “أحمد الشيبة النعيمي” الإماراتيين على أرض الدولة وخارجها إلى استنكار الاحتفال مع الاحتلال الإسرائيلي باعتباره فعلاً شنيعاً وخيانة، مذكرا بأننا محاسبون أمام الله على قول الحق وعن ما يحدث من تدنيس لسمعة وطننا.
وفي سياق متصل، تداول نشطاء عبر موقع التواصل الاجتماعي، يوم الأربعاء الماضي الموافق الـ9 ديسمبر 2020، مقطع فيديو يظهر افتتاح أول “حائط مبكى” في الإمارات. ووفق النشطاء الذين نشروه عبر حساباتهم وصفحاتهم فقد تمت بالقرب منه أول صلاة مشتركة بين الإماراتيين والإسرائيليين، عبارة عن ركعة إسلامية و 3 هزات رأس من الديانة اليهودية. واتهم النشطاء العرب والفلسطينيون حكام الإمارات بتخطي مرحلة التطبيع عبر السياسات والسلوكيات الأخيرة والتي شهدت تجاوزاً لكل الخطوط الحمراء وصل إلى مراحل متقدمة من التطابق ويرى مراقبون سياسيون ان العلاقة التي اقامتها الامارات مع الاحتلال الاسرائيلي هي اكبر من مستوى ان تكون مجرد عملية تطبيع بل هي فاقت ذلك الى مستوى التحالف ضد العرب والمسلمين والقضية الفلسطينية.
وفي الختام يمكننا القول إنه مع الشهرة العالمية المسجلة لبرج “خليفة” الشهير، ينجح الإسرائيليون، بأعيادهم، وتراثهم، وهياكلهم، والترويج لمزاعم تاريخية، قد تُنشئ أجيالاً عربية، وإسلامية، تُؤمن أن الحق التاريخي في فلسطين، ليس سوى مزاعم فلسطينية، والمسجد الأقصى، مكانه الصحيح “هيكل سليمان”. ونصب الشمعدان أو شمعدان الهيكل، ليس مجرد احتفال عابر، وإنما دلالة يهودية، على حقهم في بناء هيكلهم المزعوم، وعاصمتهم القدس المحتلة.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :