لا توجد دراسة وطنية شاملة حول انتشار المخدرات، وصعوبة ضبط أعداد المتعاطين مع وجود فئة لا تفصح عن تعاطيها ولا ترغب في العلاج، تعطي ملاحقة الأعراض الناجمة عن التعاطي والجرائم المتّصلة بها مثل النشل والسرقة والاحتيال صورة عن تفشّي التعاطي في الآونة الأخيرة. ولم تعد أي منطقة في لبنان بمنأى عن “لعنة” المخدرات، فـ”الانتشار أينما كان، ويزداد في المناطق المكتظة والفقيرة. هناك قرى في الجنوب، مثلاً، تشهد للمرة الأولى وفاة شباب من جرعات زائدة”، بحسب مسؤول دائرة مكافحة المخدرات في الهيئة الصحية الإسلامية علي جابر، معدّداً أنواع المخدرات الأكثر انتشاراً.
وهي: “القنّب الهندي المعروف بالحشيشة كونه يُزرَع محليّاً، والأفيونة المعروفة بالهيرويين، والكريستال ميث، كما انتشرت السيلفيا بشكل واسع أخيراً نظراً إلى توافرها في السوق بأسعار متدنّية”. أما أعمار المتعاطين فـ”فتبدأ من سن الـ 11 إلى 68 عاماً، وتتركز لدى الشباب بين 15 و20 عاماً”. وتشير وزارة الشؤون الاجتماعية، انطلاقاً من نزلاء مراكز التأهيل السّبعة المتعاقدة معها، إلى أنّ 70% من هؤلاء تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عاماً، فيما 13% فقط دون 18 عاماً و17% فوق الـ 40، وهم يتوزعون بين 89.5% ذكوراً والبقية من الإناث.
ويتبيّن ارتفاع نسب التعاطي أيضاً من تزايد عدد طالبي العلاج على لوائح الانتظار وعدم قدرة المستشفيات ومراكز التأهيل على الاستجابة، إذ “ينتظر المدمن حوالي 20 يوماً ليجد سريراً لسحب السموم من جسمه، وهي عملية تستمر بين أسبوع وعشرة أيام، لأن القدرة الاستيعابية في المستشفى لا تتعدى الـ 55 شخصاً، 10 منهم فقط للعلاج من الإدمان والباقي للأمراض النفسية”، كما يقول مدير مستشفى “دار الشفاء التخصّصي” علي مؤذن. وتشير سليمان أيضاً إلى “طول لوائح الانتظار في مراكزنا في بيروت وطرابلس وبعلبك بشكل غير متوقع. فبعدما كان بين 5 و10 فقط ينتظرون دورهم قبل الأزمة، تضم اللوائح اليوم حوالي المئة”.
تراجع عدد الموقوفين بتهم تتعلّق بالمخدرات، وفق الأرقام التي حصلت عليها الهيئة الصحيّة الإسلامية من مكتب مكافحة المخدرات في قوى الأمن الداخلي، من 3041 موقوفاً عام 2019 إلى 1041 موقوفاً عام 2022. وهذا “أمر سيئ لأنه لم يأتِ نتيجة تراجع النشاط، بل تراجع ضبط التجار والمروّجين والمتعاطين الذين تضاعف عددهم بعد انتشار جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية، والشلل الذي أصاب مؤسسات الدولة، واكتظاظ السجون، وتعطل القضاء”، برأي مسؤول دائرة مكافحة المخدرات في الهيئة علي جابر. ويشرح كيف تطوّرت التوقيفات منذ عام 2012 عندما “بدأنا نشهد تحركاً أمنياً لضبط عمليات تجارة المخدرات”، وبلغت آنذاك 2865 موقوفاً. ظلّت ترتفع أعداد الموقوفين لتبلغ ذروتها 4709 عام 2016 “مع تحسن في الأداء الأمني وانحسار الأعمال العسكرية في سوريا”، لتتراجع بعدها تدريجياً.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :