افتتاحية صحيفة الأخبار:
كارثة المرفأ تتكرّر: المهزلة!
كارثة جديدة حلّت في المرفأ أمس. مهما قيل فيها، فهي لا تعبّر سوى عن عجز كامل للسلطة. أن يحصل حريق ضخم في المرفأ بعد شهر من انفجار 4 آب، الذي تلته إجراءات استثنائية لمنع حصول أي حادثة جديدة، يعني ببساطة أن الدولة قد تحللت بالكامل. ليست المشكلة في مسؤولية هذا الجهاز أو ذاك. صحيح أن الجيش، بوصفه المسؤول عن منطقة المرفأ هو المسؤول المباشر عن الحادثة، إلا أن ذلك لا يلغي أن الترقيع لم يعد يجدي نفعاً. هي مشكلة نظام ومؤسسات بلغ فيها الهريان حداً لم يعد ينفع معه الترقيع
مع كل كارثة صار بديهياً الاستعداد للتي تليها. قدر يعيشه سكان لبنان الذين لا يزالون يراهنون على سلطة أفقرتهم وأذلّتهم وقتلتهم وشرّدتهم. بالكاد بدأ الناس بتخطي جريمة 4 آب، حتى أنعش حريق 10 أيلول ذاكرة مآسيهم مجدداً. هلع وقلق من تكرار المأساة، لم تُبدّده التطمينات التي تأتي ممن سبق أن طمأن أن لا مواد خطرة في المرفأ.
ما حصل يؤكد أن انفجار 4 آب الذي أدى إلى مقتل نحو 200 شخص وجرح الآلاف، لم يكن كافياً لتغيير النهج. لا القوى السياسية ولا القوى الأمنية ولا القضاء ولا الإدارة اتعظت. طريقة العمل هي نفسها والاستهتار بأرواح الناس هو نفسه. صار جلياً أن الإهمال والفساد الذي انفجر مرة قادر على الانفجار ألف مرة، ما دامت السلطة هي نفسها، إن كانت سياسية أو أمنية أو قضائية أو إدارية أو مالية أو نقدية، وما دامت التحقيقات في الانفجار تلتف على المسؤوليات السياسية. لم يعد ينفع تأليف لجان التحقيق أو تحميل المسؤولية لفلان أو علان. صار جلياً أن العطب بنيوي. وصار جلياً أن الترقيع يزيد من شدة الضرر. النظام كله معطّل، وكذلك المؤسسات. لا الصلاحيات واضحة، ولا المسؤوليات، ولا آليات اتخاذ القرار، ولا سبل التواصل بين المؤسسات. ثمة منظومة مهترئة تماماً، ولا مجال لإصلاحها. بحسب التجربة، ليس أحدٌ في الجمهورية قادراً على التعهد بأن ما يحصل لن يتكرر. انفجار المرفأ نموذجاً. كل الاستنفار الذي تلاه لم يحل دون عودة النار إلى قلب المرفأ. وما لم يحصل تغيير جذري يعيد ترتيب السلطة، لا أحد يضمن أن لا تأكل النار كل شيء. للمرة الثانية في غضون أقل من 40 يوماً، ينجو الجزء الشرقي من المرفأ (محطة الحاويات) الذي يمر عبره أكثر من 70 في المئة من أعمال الاستيراد والتصدير. لكن الصدفة وحدها تنجيه، لا الإدارة والأمن ولا القضاء ولا السلطة السياسية.
منذ 4 آب، حوّل الجيش المرفأ إلى منطقة عسكرية، يمنع الدخول والخروج إلا بإذنه؛ إجراءات مشدّدة تسبق السماح بدخول أي كان، حتى لو كان مسؤولاً، ثم يتبين أن ورشة لحام تهدف إلى إجراء أعمال تصليح في منطقة السوق الحرة، قد انطلقت.
الجيش نفسه خرج، منذ نحو أسبوعين، على اللبنانيين ببيان ليؤكد أنه "خلال الفترة الممتدة ما بين 14 و22 آب تم الكشف على 25 مستوعباً يحتوي كل منها على مادة حمض الهيدريك. كما تم اكتشاف 54 مستوعباً تحتوي على مواد أخرى (لم يحددها)، قد يشكل تسربها من المستوعبات خطراً". طمأن الجيش حينها إلى أنه "تمت معالجة تلك المواد بوسائل علمية وطرق آمنة، وتجري متابعة هذه الأعمال بالتنسيق مع الإدارات المعنية العاملة ضمن المرفأ". أوحى الجيش في بيانه أن الأمور تحت السيطرة. وفي 10 أيلول تبيّن أنها لم تكن كذلك. فاجأ الحريق الجميع، خاصة أولئك الذين لم يكن انفجار 4 آب كافياً لهم ليدركوا خطورة تخزين مواد قابلة للاشتعال من دون عملية حفظ علمية وآمنة، ومن دون إجراءات بديهية تمنع تكرار المصيبة.
بشكل أدق، بدا الجيش الذي يعطيه قانون الطوارئ مسؤولية الحفاظ على الأمن في بيروت، عاجزاً عن السيطرة على كيلومترين مربعين في المرفأ. وهذا يتطلب أولاً إقالة الضباط المسؤولين، وقبل انتظار نتيجة التحقيق الذي كلف المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات الشرطة العسكرية ومخابرات الجيش والأجهزة الأمنية والجمارك والدفاع المدني وفوج إطفاء بيروت بإجرائه لمعرفة أسباب الحريق.
بحسب المعلومات التي اطلعت عليها "الأخبار"، فإن ورشة الحدادة الخاصة بـ أ. خ. اعتادت العمل في المرفأ بسبب تعاقد عدد من مستأجري الباحات في السوق الحرة معها. وقد دخل عمالها أمس للقيام بأعمال قصّ حديد وتلحيم بناءً على طلب ج. ح. الذي يستأجر باحة من إدارة المرفأ في منطقة السوق الحرة، حيث بنى عدداً من العنابر التي يؤجّر مساحات فيها للشركات. الهدف من ورشة الحديد، على ما تردد، كان إزالة العوارض الحديدية التي سقطت على البضائع من جرّاء انفجار المرفأ، تمهيداً لإخراجها. بدأت الأعمال بالاستعانة بمعدات تنتج شرارات نارية. وتبيّن أنها كانت تجري فوق براميل زيت ومئات الإطارات ومواد التجميل السريعة الاشتعال. كل تلك المواد الخطرة لم تسترع اهتمام أحد؛ لا من أعطى الإذن بالعمل ولا من حصل عليه. هكذا ببساطة، انطلقت الأعمال من دون الاتعاظ من كارثة المرفأ. فلا أزيحت المواد الخطرة ولا اتخذت إجراءات وقائية، كالاستعانة بمهندس للإشراف على الورشة أو الاستعانة بفوج الإطفاء لمواجهة أي حالة طارئة.
من شرارة اندلع حريق استمر لساعات طويلة، وأدى إلى تكون سحب سوداء في سماء في بيروت، كما أدى إلى هرب عدد كبير من القاطنين من المناطق المحيطة خوفاً من انفجار جديد. ومع إطفاء الحريق في ساعة متأخرة من ليل أمس، كان قد قضى على كل المواد الموجودة في العنابر الرقم 15 و16 و17، والتي تحتوي على بضائع بقيمة 4.4 ملايين دولار، وتشمل: إطارات السيارات، مواد التنظيف، مواد تجميل وعطور، مواد غذائية، مشروبات كحولية، آلات صناعية ومواد طبية، وأخرى كيميائية (هيدروكسيد الصوديوم) تستعمل في الصناعات الغذائية وفي صناعة الأدوية وأدوات التنظيف...
الحريق استدعى اجتماعاً طارئاً للمجلس الأعلى للدفاع، دعا إليه رئيس الجمهورية ميشال عون. وبعد كلمتين لكل من عون والرئيس حسان دياب، أكدا فيهما ضرورة الإسراع في كشف المسؤولين عن الحريق ومحاسبتهم، توالى الوزراء المعنيون وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية على شرح واقع المرفأ، من دون التطرق بالتفصيل إلى ما جرى أمس، لكن مع الحديث عن الإجراءات الواجب اتخاذها لمنع تكراره، فضلاً عن تدابير مستقبلية وتعليمات عامة لتنظيم العمل في المرفأ في إطار المحافظة على السلامة العامة. كما طلب الى الأجهزة المعنية وإدارة المرفأ الكشف على محتويات العنابر والمستوعبات الموجودة في المرفأ حالياً والتدقيق فيها، للتأكد من طبيعة المواد الموجودة في داخلها ومدى خطورتها، خاصة بعد الشك في أن لا تكون البضائع الموجودة هي نفسها المحددة في المانفستو الجمركي.
وقد عرض رئيس المرفأ باسم القيسي تقريراً أشار فيه إلى أن الحريق اندلع في المنطقة الحرة في المرفأ على أرض مستأجرة من شركة bcc logistics. وكان عمال يقومون بصيانة للسقف وتلحيمه في أماكن عديدة، وتساقطت شرارات التلحيم على مستودعات فيها مواد غذائية وزيوت ودواليب ومواد تجميل سريعة الالتهاب. وأشار إلى أن الزيوت عائدة للصليب الاحمر الدولي واليونيفيل. وتبين أن الإهمال ناتج عن عدم اتخاذ صاحب المستودع الاحتياطات اللازمة، ولم يطلب الحصول على إذن بعملية التلحيم.
ونوقشت الإجراءات الواجب فرضها على المستودعات التي تحوي مواد خطرة، وأيضاً جرى نقاش مطول في الاجراءات الكفيلة بمنع أي حادثة خطرة مماثلة. واقتُرح إنشاء جهاز أمن مرافئ. كما تبين وجود 49 مستوعباً تحتوي على مواد قابلة للاشتعال ستجري اليوم معالجة وضعها مع أصحابها أو تلفها. أما المستوعبات غير الخطرة فسيطلب الى أصحابها تسلمها ومعالجة وضعها.
واقترح عون تأليف لجنة برئاسة الوزير ميشال نجار وعضوية ممثلين عن الاجهزة الامنية في المرفأ ومن إدارته من أجل وضع تنظيم جديد للعمل داخل المرفأ وتحديد المسؤوليات، أي وضع آلية تنظيمية. ومن ضمن المقترحات إنشاء جهاز أمن المرافئ.
من جهة أخرى، تم التطرق في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع الى موضوع السجون. وأشار وزير الداخلية إلى أن نسبة الاكتظاظ هي 200 في المئة، وهناك خشية من تفشّي وباء كورونا، ما يهدد بكارثة اجتماعية، لكن حتى الآن لا إصابات. ومن الاقتراحات التي طرحت، إقامة مستشفى ميداني أو إضافة أجنحة أو تخصيص غرف في المستشفيات لهؤلاء.
***************************************************
افتتاحية صحيفة البناء:
ترامب "يبشر" بانضمام السعوديّة للتطبيع… والجامعة العربيّة تسقط مشروع قرار إدانة الإمارات حريق المرفأ: مخاوف تخريب لتحفيز التحقيق الدوليّ... ومجلس الدفاع يقرّر مكتباً للأمن/ إبراهيم وإيميه لغرفة إنعاش تمنع الفشل الحكوميّ... وتداعيات العقوبات تحكم المشهد
في المنطقة موعد قريب لتوقيع الاتفاقية بين كيان الاحتلال ودولة الإمارات برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي تحادث هاتفياً مع الملك السعودي، ليخرج "مبشراً" بأن السعودية لن تتأخر عن الالتحاق بمسيرة التطبيع، بينما الجامعة العربية تسقط مشروع القرار المقدم من ممثل فلسطين لإدانة التطبيع الإماراتي.
في لبنان حريق جديد في مرفأ بيروت شغل العاصمة واللبنانيين وأعاد الهلع الذي تولد من ذكريات يوم التفجير، بينما في الذاكرة استحضار للاغتيالات التي رافقت مسعى فرض تشكيل المحكمة الدولية، وتساؤل عما إذا كان التحقيق الدولي يستدعي تكرار الحرائق، ما يعني إبقاء فرضيّة الحريق المدبّر كما التفجير المدبّر على الطاولة، ولو كانت أدلة الإثبات صعبة كما هو الحال مع كل عمل مخابراتي محترف وعالي الدقة، لكن التوقيت والسياق السياسي سيبقي الفرضية على الطاولة، خصوصاً عندما يظهر أن لبنان تحت المجهر الأميركي رغم الانشغال الانتخابي الذي يجري ملء أيامه بضغوط تستهدف لبنان، مرة بتعليق الاتفاق حول الترسيم البحري طلباً لمزيد من التنازلات، ومرة بعقوبات ضاغطة لتزخيم هذا الطلب.
مجلس الدفاع الأعلى الذي انعقد لبحث الحريق بطلب من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مستهجناً الحريق الكبير في المرفأ، واضعاً فرضية التخريب كأحد الاحتمالات، قرر تشكيل مكتب لأمن المرفأ على شكل مكتب أمن المطار، منعاً للفوضى في الصلاحيات بين الأجهزة والهيئات الإدارية المعنية بالمرفأ.
سياسياً، دخل الملف الحكومي في غرفة الإنعاش مع مصاعب يعرفها المعنيون بالملف الحكومي رغم عدم اعترافهم بها، تعكسها حال الغموض وانقطاع الاتصالات كتعبير عن المأزق، مع تسريبات إعلامية تنقل مناخات تتحدث عن حكومة أمر واقع بعددها وتشكيلتها وتوزيع الحقائب فيها، وتضع فرضيتي قبولها من رئيس الجمهورية ونيلها الثقة على قاعدة عدم التعطيل وترك الحكومة تخوض معركة إثبات أهليتها في إدارة الملفات التي يعتقد ممثلو الكتل النيابية أنّها تحتاج لشراكة وطنيّة جامعة وإدارة سياسية بامتياز، وتصف دعوات إبعاد السياسة عن الحكومة والوزراء بالهرطقة التي تخفي نيات حكومة لون واحد مموّهة باسم الاختصاصيين، بمثل التوصيفات التي أطلقها الذين قاموا بتسمية الرئيس المكلف كمرشح توافقي لتشكيل حكومة جامعة بدلاً من الحكومة التي قالوا عنها إنها حكومة لون واحد مموّهة باسم التكنوقراط.
غرفة الإنعاش الحكومية انعقدت في باريس، في لقاء ضم مدير المخابرات الفرنسية السفير السابق برنار إيميه، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وسط تكتم من الطرفين حول النتائج. وقد نقل اللواء إبراهيم حصيلة المشاورات لرئيس الجمهورية فور عودته، ونقلت مصادر متابعة تفاؤلاً رئاسياً بالتوصل قريباً لتشكيلة حكومة ترضي الجميع، لكن المصادر قالت إن الوضع زاد تعقيداً في ظل العقوبات الأميركية التي طالت فريق الثامن من آذار، الذي وجد نفسه معنياً من باب الاحتياط بدرس خيار البقاء خارج الحكومة إذا كان المطلوب ترويضه وإخضاعه لدفتر الشروط الأميركي، ولتتحمّل الحكومة مسؤولية مواجهة التحديات من ترسيم الحدود إلى الأزمات المالية، وسيكون عندها الخيار هو مراقبة عمل الحكومة ومحاسبتها سواء في المجلس النيابي أو في الشارع إذا اقتضى الأمر.
حريق المرفأ
فيما كانت الأنظار منصبّة على قرار العقوبات المالية الأميركية على الوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس وتداعياته المحتملة على الساحة السياسيّة الداخلية لا سيما ملف تأليف الحكومة، خطف الحريق الكبير الذي اندلع في مرفأ بيروت الأضواء السياسية والإعلامية والشعبية، حيث كانت عدسات الكاميرات تنقل الوقائع الميدانية لتطور الحريق مباشرة على الهواء لترسم علامات استفهام حول الأسباب الحقيقية للحادث والأهداف والجهات المستفيدة منه واحتمال أن يكون حادثاً عرضياً ناتجاً عن خطأ تقني أم مفتعلاً كما قال رئيس الجمهورية ميشال عون أمس. وفي مطلق الأحوال فإن ذلك لا يلغي مسؤولية الجهات المختصة المسؤولة عن إدارة وأمن المرفأ وتقصيرها وإهمالها في هذا الحادث وغيره.
ولم ينفض مرفأ بيروت عنه غبار تفجير الرابع من آب الماضي، حتى اندلع حريق كبير في مستودع للزيوت والإطارات في السوق الحرة في مرفأ بيروت، بقيت أسبابه مجهولة في الساعات الأولى مع مخاوف عمال المرفأ والمواطنين في المناطق القريبة من حدوث انفجار قبل أن يعلن وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال ميشال نجار أن "المعلومات الأولية تفيد بأن أحدهم كان يقوم بورشة تصليح مستخدماً "صاروخ" ما أدّى الى تطاير شرارة واندلاع الحريق". ولفت نجار الى أن "الحريق اندلع في مستودع بعيد عن العنبر رقم 12".
وفيما أفيد أن سبب الحريق حصل بعدما طلبت إحدى شركات الإطارات من إدارة المرفأ سحب بضاعة تعود لها موجودة في المرفأ قبل حصول تفجير 4 آب فحضر عمال تلحيم لتخليص البضاعة من أحد العنابر فقاموا بقص أحد الحواجز الحديدة بصاروخ التلحيم ما أدى الى تطاير شرارة نار الى هذه المواد واشتعالها، وتساءلت مصادر مراقبة كيف يسمح لعمال صيانة وتلحيم الدخول الى المرفأ والقيام بأعمال تلحيم وتخليص بضاعة من داخل عنابر مهدّمة من دون رقابة أمنيّة وإدارية وفنية والتأكد من عدم وجود مواد قابلة للاشتعال قريبة من مكان التلحيم؟
بدوره، أعلن المدير العام لمرفأ بيروت باسم القيسي أنّ الحريق حصل في السوق الحرة في مبنى إحدى الشركات التي تستورد زيت القلي وامتدّ الى الإطارات المطاطية التي تسببت بالدخان الأسود الكثيف.
وتابع النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات من مكتبه الحادث، وطلب من الأجهزة الأمنية كافة إجراء تحقيقات بالسرعة القصوى لكشف ملابسات الحريق.
كما طلبت وزيرة العدل ماري كلود نجم من عويدات إجراء تحقيق فوري ومعمّق نظراً لدقة الموضوع وخطورته، والمتابعة المباشرة والانتقال الى المرفأ لإجراء ما يلزم لجلاء واقع الحال تمهيداً لترتيب المسؤوليات وإجراء الملاحقات اللازمة.
وفور نشوب الحريق هرعت وحدات من الجيش اللبناني وعناصر الدفاع المدني وأفواج إطفاء بيروت والضاحية الجنوبية وعملوا على إخماد الحريق. لكن النيران اشتدت بعد الظهر وامتدت لتلتهم كل الإطارات الموجودة في مكان الحريق في المرفأ وتطايرت الإطارات المشتعلة في الهواء بفعل قوة الحريق، وارتفعت سحب الدخان الأسود بشكل كبير في سماء بيروت، وطلبت القوى الامنية من المواطنين والإعلاميين الابتعاد من مسرح الحادثة بعد تطور الحريق وما يشكله من خطر على المنتشرين في محيط المرفأ. ويذكر أن الجيش قام منذ حوالي الأسبوع بنقل حوالي 4 أطنان من نيترات الأمونيوم كانت مخزنة في المرفأ وعمل على تفجيرها في أحد المناطق الجبلية، ما يدعو للتساؤل أي كارثة كانت حلت ببيروت لو بقيت هذه المواد الخطيرة في المرفأ وحصل حريق الأمس؟ ومن يضمن عدم وجود مواد خطيرة في المرفأ حتى الساعة وحصول حرائق أخرى ما دام إهمال المسؤولين عن المرفأ مستمراً؟
وبحسب مصادر ميدانية فقد سُمعت أصوات إنفجارات صغيرة في مكان الحريق وعن وجود أدوات كهربائية ومواد غذائية في المستودع. وأعلن الصليب الأحمر الدولي أن المستودع الذي احترق في مرفأ بيروت يحتوي على آلاف الطرود الغذائية و500 ألف ليتر من الزيوت.
كما أفادت المعلومات عن وجود مواد ملتهبة سريعة الاشتعال كالمطاط والزيوت ما استدعى تعاملاً استثنائياً مع الوضع من قبل أفواج الإطفاء من خلال زيادة مادة الرغوة الى المياه ما يكون طبقة عازلة من أجل منع الاوكسيجين عن النيران، وبالتالي المساعدة في عمليات إخماد الحريق.
انتشرت صورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي للبضاعة المكدّسة في المستودع الذي احترق وتظهر الصورة توضيب كميات كبيرة من إطارات السيارات وأمامها "كراتين" لم تُعرف المواد الموجودة بداخلها. وظهرت أن الأغراض موضبة بشكل فوضويّ، ما ساهم بانتشار الحريق بسرعة كبيرة. كما أظهرت وجود كيمات كبيرة من الملفات التابعة لجهاز الجمارك مصفوفة بالقرب من الإطارات في المستودع.
وقبيل حلول المساء تمكنت عناصر الدفاع المدني وفوج الإطفاء وطوافات الجيش من تطويق الحريق بشكل كامل بعد محاصرة بقعة النار.
مجلس الدفاع الأعلى
وعقب اندلاع الحريق دعا الرئيس عون المجلس الاعلى للدفاع للانعقاد في قصر بعبدا بحضور رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب والوزراء المختصين وقادة الاجهزة الامنية والعسكرية والقضائية. وأكد الرئيس عون في مستهل الاجتماع أنه "لم يعد مقبولاً حصول أخطاء اياً يكن نوعها تؤدي الى هكذا حريق خصوصاً بعد الكارثة التي تسبب بها الحريق الأول". ورأى أن "حريق اليوم قد يكون عملاً تخريبياً مقصوداً او نتيجة خطأ تقني او جهل او إهمال، وفي كل الأحوال تجب معرفة السبب بأسرع وقت ومحاسبة المسبّبين". وشدد عون على أن "العمل اليوم يجب أن ينصبّ على درس الإجراءات الفعالة لضمان عدم تكرار ما حصل".
وطلب المجلس من الأجهزة المعنية وإدارة المرفأ التدقيق والكشف على محتويات العنابر والمستوعبات الموجودة في المرفأ حالياً.
وعرض المجلس مسألة البضائع والمواد الموجودة في المستودعات في المرافئ والمطار، لا سيما الخطرة منها، والتي يتوجب تلفها او التخلص منها وفقاً للأنظمة والقوانين المرعية الإجراء، تفادياً لأي حوادث كارثيّة قد تحصل من جراء خزنها.
وقرّر المجلس بحسب المعلومات إنشاء مكتب أمن المرفأ لتوحيد الجهود الأمنيّة تحت أمرة واحدة شبيهة بأمن المطار، فيما دعت مصادر سياسيّة الى أن يتسلم الجيش إدارة المرفأ.
وإذ رأى البعض أن الحريق مفتعل للعبث بمسرح جريمة تفجير بيروت وطمس بعض الأدلة وبعض ملفات الجمارك المهمة، رأى البعض الآخر أنه خطوة أخرى لاستكمال القضاء على مرفأ بيروت، لكن المعلومات وفق التحقيقات الأولية تستبعد فرضية العمل المدبّر، مشيرة الى أن أجهزة التحقيق الأمنية والقضائية اللبنانية والدولية انتهت من مسح المرفأ وأخذ العينات والأدلة الجنائية الخاصة واللازمة بتفجير المرفأ وبالتالي لا مصلحة لأحد بإحداث حريق لإخفاء أدلة معينة.
تحقيقات تفجير المرفأ
وكان المحقق العدلي القاضي فادي صوان أنهى استماعه الى إفادتي وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال ميشال نجار والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا كشاهدين في جريمة انفجار المرفأ على أن يستمع خلال أيام الى افادة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي كان موجوداً في باريس.
وأفادت المعلومات أن وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال طلبت أمس، من هيئة التفتيش القضائي التحقيق مع مَن يلزم بشأن التسريبات المتواصلة للتحقيقات في ملف انفجار المرفأ لجلاء واقع حال التسريب وترتيب النتائج.
لا تقدّم حكومياً
لم يسجل الملف الحكومي تقدماً قبيل أيام من انتهاء المهلة الفرنسية وسط تضارب في المعلومات بين أجواء ايجابية تتحدث عن شبه اتفاق بين الرئيس عون والرئيس المكلف على بعض النقاط الأساسية لتأليف الحكومة تترجم بزيارة لأديب خلال أيام لعرض تشكيلته الأولى على رئيس الجمهورية، وبين أجواء سلبية تتحدث عن تصلب في الموقف لدى عون وأديب فضلاً عن تمسك الثنائي أمل وحزب الله بحقيبة المال من الحصة الشيعية ما سيدفع الرئيس المكلف الى الاعتذار، حيث نقل عنه أنه جدّي في الاعتذار.
وأشارت معلومات "البناء" الى تدخل فاعل لرؤساء الحكومات السابقين مع الرئيس المكلف في عملية التأليف الى جانب ضغط فرنسي كبير على السياسيين اللبنانيين.
انشغال رئيس الجمهورية بمتابعة مستجدات حريق المرفأ وترؤسه اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، دفع بالرئيس المكلف إلى تعديل موعد زيارته التي كانت مقررة الى بعبدا بعد ظهر أمس، بحسب معلومات "البناء" لاطلاع رئيس الجمهورية على شبه تشكيلة وضعها للحكومة تتضمن مجموعة من الأسماء، وتوقعت المصادر أن يتوجه أديب غداً السبت الى بعبدا للقاء رئيس الجمهورية لاطلاعه على التشكيلة؛ وفي حال وافق عون ستعلن مراسيم التأليف نهار الأحد أو الاثنين على أبعد تقدير، أما إذا طلب إدخال تعديلات ورفضها أديب فربما ننتقل الى جولة مفاوضات تأليف جديدة أو اعتذار الرئيس المكلف. وأحد الاحتمالات التي يتم تداولها في الكواليس والمستبعدة حتى الآن هي أن يوقع عون مرسوم تأليف الحكومة بلا مشاركة الأحزاب، لكن معلومات "البناء" تتحدث عن أجواء ايجابية وعن تسوية حكومية يجري طبخها في مطبخ التأليف من 22 أو 24 وزيراً ولكل وزير حقيبة كما يريد عون وإرضاء الرئيس نبيه بري بأن تبقى وزارة المالية مع حركة أمل مع تردد لإسم طلال فيصل سلمان غير المنتمي الى جهة حزبية ومن أصحاب الكفاءات وقريب من المجتمع المدني. ونُقل عن الرئيس بري استعداده لطرح مجموعة أسماء للمالية على الرئيس المكلف على أن يختار من بينها مَن يشاء. لكن في حال إعطاء المالية لحركة أمل ستتجه الطوائف والأحزاب الأخرى إلى التمسك بالحقائب السياديّة الأخرى كالخارجية والداخلية والدفاع ما سيزيد الأمور تعقيداً لكون الرئيس المكلف بحسب معلومات "البناء" مصراً على اختيار وزراء للوزارت السيادية والأساسية والحساسة والمختصة تحديداً ببرنامج الإصلاح وبدعم فرنسيّ قويّ.
وكان اللواء عباس إبراهيم أنهى في باريس مهمة كلفه بها رئيس الجمهورية بلقاء خلية الازمة في قصر الاليزيه المكلفة الملف اللبناني. وعقد ابراهيم في يوم واحد سلسلة لقاءات لا سيما مع السفيرين برنار ايمييه وايمانويل بون تتعلق بمسار المبادرة الفرنسية من مختلف وجوهها لا سيما الشق المتعلق بتشكيل الحكومة. وفور عودته زار إبراهيم رئيس الجمهورية واطلعه على نتائج مباحثاته مع ايميه والفريق المكلف متابعة المبادرة الفرنسية، لا سيما ما وصله مسار تشكيل الحكومة. ونقل ابراهيم الى الرئيس عون اهتمام فرنسا بمتابعة ما اتفق عليه خلال زيارة ماكرون خصوصًا لجهة الإسراع في تشكيل الحكومة التي يجب ان تضم اختصاصيين في مجالاتهم لا يلقون معارضة من ممثلي الأحزاب.
ولفتت مصادر "البناء" الى أن الحكومة ستولد في وقت قريب لوجود ضغط فرنسي كبير على جميع القوى السياسية مرفق بالتهديد بسيف العقوبات وما يعزز ذلك ما نقل عن مصدر رئاسي فرنسي بأن الرئيس امانويل ماكرون يتابع عن كثب جهود تشكيل حكومة جديدة في لبنان.
تهديد فرنسيّ بالعقوبات
وكشف المصدر الرئاسي الفرنسي أن "العقوبات على مسؤولين لبنانيين غير مستبعدة ولن تبدأ إذا حصل تقدم بتشكيل الحكومة"، وأشار إلى تاريخ المؤتمر الدولي حول لبنان في تشرين الاول مرتبط بتشكيل حكومة لبنانية.
وأكد المصدر أن المعلومات الإعلامية عن إلغاء زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان في كانون الاول غير صحيحة.
وتوقفت مصادر سياسية متابعة عند ربط المصدر الرئاسي الفرنسي العقوبات بمدى التقدم بعملية تأليف الحكومة، ما يؤكد بحسب ما قالت المصادر لـ"البناء" أن "العقوبات الأخيرة هي سياسية ومرتبطة بالموضوع الحكومي وتؤشر الى تنسيق أميركي فرنسي وتوزيع أدوار لفرض مطالب أميركية في الحكومة منها تقليص نفوذ حزب الله وحلفائه في الحكومة". مضيفة أن "الأميركيين ومن خلال هذه العقوبات يمهدون للفرنسيين لإكمال الضغط على القوى السياسية اللبنانية لفرض التسوية الفرنسية على الجميع، لأن الفرنسيين الذين أتوا الى لبنان تحت ستار رعاية التسوية ومساعدة لبنان وإعمار المناطق المنكوبة بعد تفجير المرفأ وتعاطفهم مع اللبنانيين، لا يستطيعون فرض عقوبات على لبنان أو تبني العقوبات الاميركية"، وكان لافتاً غياب أي موقف فرنسي من العقوبات الأميركية!
وتشير معلومات من واشنطن أن حزمة عقوبات جديدة ستعلن خلال أيام تطال مجموعة شخصيات سياسية لبنانية من حلفاء حزب الله ومن محسوبين على الولايات المتحدة بتهم الفساد وعرف منهم بحسب معلومات "البناء" مدير مكتب الرئيس سعد الحريري السابق وابن عمته نادر الحريري.
إسقاط مسيَّرة إسرائيليّة
على صعيد آخر، أعلن الجيش اللبناني في بيان إسقاط طائرة مسيّرة إسرائيلية، بعد دخولها الأجواء اللبنانية
فوق بلدة عيتا الشعب. وأوضح البيان أن الطائرة "أسقطها عناصر أحد مراكز الجيش، على مسافة تبعد 200 متر، من الخط الأزرق، داخل الأراضي اللبنانية".
ولاحقاً أعلن جيش الاحتلال سقوط طائرة مسيرة تابعة له في جنوب لبنان، مشيراً الى أن لا خشية من تسرب معلومات أمنية منها.
****************************************************
افتتاحية صحيفة النهار
المرفأ لعنة مشبوهة… والتأليف في مأزق
اذا كان الانفجار شكل العلامة القاطعة على ثبوت فشل الدولة، فان الحريق شكل الحكم القاطع على انحلال بقايا قدراتها ووظائفها وأجهزتها كافة في إدارة المرافق العامة. في اقل الاحتمالات وابسطها وقبل التوغل في أخطرها شكل حريق المنطقة الحرة في مرفأ بيروت امس بعد شهر وستة أيام فقط من الانفجار المزلزل في المرفأ تطورا خياليا كاد يستحيل على اللبنانيين ان يصدقوا مجرياته فيما هم لا يزالون تحت صدمة التداعيات المرعبة لانفجار 4 آب. بعد شهر وستة أيام فقط كاد الرعب الذي اجتاح بيروت امس يتجاوز ذاك الذي اصابهم في الزلزال الأول على رغم مرور حريق البارحة من دون التسبب باي ضحايا ولا بأضرار في الممتلكات خارج اطار مكان الحريق. ذلك ان الذعر الذي انتاب الناس تحت وطأة التجربة المرعبة الأولى بدا مبررا بالكامل وسط التساؤلات والشكوك والريبة المتسعة على أوسع نطاق عما يمكنه ان يتصور دولة في العالم يجري فيها ما يجري في لبنان ولا تزال الطبقة الحاكمة قابعة فوق كراسيها تبحث في جنس المحاصصات السلطوية والوزارية وبقايا البقايا من المؤسسات، والمرافق تنهار تباعا تحت حكمها. هذا الذي جرى في مرفأ بيروت امس مع حريق واسع بدأ في مستودع للزيوت والإطارات ومن ثم اتسع ليجتاح بنيرانه المنطقة الحرة في المرفأ وتسبب دخانه الكثيف مدى اكثر من سبع ساعات بتلويث بيئي وصحي خطير لأجواء العاصمة وضواحيها، يتجاوز الوصف الفضائحي الى التصنيف الجنائي أيا تكن الأسباب التي أدت الى اندلاع الحريق. منطقة المرفأ التي حلت عليها لعنة الشؤم في 4 آب المنصرم شهدت مذذاك تدفقا عالميا بانوراميا غير مسبوق للمساعدات والسفن والبعثات والجنود والبوارج وحتى الزعماء كالرئيس ايمانويل ماكرون والموفدين الديبلوماسيين الرفيعي المستوى من دول كثيرة. هذه البقعة كان يجب ان تتحول بفعل الكارثة الى احدى اكثر البقع في العالم إحاطة بالامن الحديد في داخلها وخارجها سواء بسواء. فاي تفسير اذن لاندلاع حريق جديد بهذه الضخامة امس وسط ترداد المعزوفة التبريرية إياها التي ترددت بعد انفجار العنبر رقم 12 بعمليات تلحيم غالبا ما تجد من يتلقفها ويطلقها عبر الاعلام لذر الرماد في العيون وربما تمويه الحقيقة وحرقها في مرفأ بيروت ؟ أهو انعدام الكفاءة لدى كل الأجهزة ام التهاون إياه في المراقبة والتشدد ام انه التواطؤ الاجرامي وافتعال الحرائق والانفجارات لدفع لبنان قدما نحو حريق وطني شمولي لا احد يدري ماذا سيبقى من لبنان بعده ؟ اطلق الحريق امس العنان على أوسع مدى امام افدح التفسيرات المسكونة بالريبة والشبهات حتى في السلطة او متورطين في الانفجار الأول ومنها انه افتعل لدفن إثباتات تتصل بذاك الانفجار او لمآرب أخرى لا تقل خطورة، فيما بدت الأجهزة الأمنية كما القضاء امام ارباك هائل اين منه الساعات السبع على الأقل التي كابدت فيها فرق الإطفاء والدفاع المدني وطوافات الجيش بعناء شديد السيطرة على الحريق. ولم يكن ينقص هذه الموجة الواسعة من الشكوك سوى كشف الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني جورج كتانة لـ”النهار” مساء امس ان الحريق اندلع في مستودع خاص باللجنة الدولية للصليب الأحمر حيث كانت تخزن مساعدات. وقد فاقم ذلك الريبة حيال أسباب الحريق ودوافعه بعدما كانت تصريحات عدة لمعنيين عزت الحريق الى عملية تلحيم قطع حديد باستخدام آلة “الشاليمون” كانت تجري قرب مستودع للزيوت والإطارات.
وعقد اجتماع استثنائي للمجلس الأعلى للدفاع برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي اعتبر انه لم يعد مقبولا حصول أخطاء تؤدي الى هكذا حريق لافتا الى انه قد يكون عملا تخريبيا مقصودا او نتيجة خطأ تقني او جهل او اهمال وفي كل الأحوال يجب معرفة السبب بأسرع وقت ومحاسبة المسببين . كما شدد رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب على الإسراع في التحقيق لتحديد المسؤوليات . وأشارت المعلومات إلى ان سبب الحريق كان التلحيم وعدم اتخاذ صاحب المستودع الاحتياطات اللازمة وعدم حصوله على اذن بالعملية. واتخذت الإجراءات التي تكفل معالجة أوضاع المستوعبات ومنع تكرار الحادث.
اعتذار؟
وحجب حريق مرفأ بيروت امس التطورات المتصلة بعملية تأليف الحكومة علما ان أي تطور علني بارز لم يسجل في الساعات الثماني والأربعين الماضية. ولكن المعلومات المتوافرة لـ”النهار ” أفادت بان تهديد الرئيس المكلف مصطفى أديب بالاعتذار مع انتهاء المهلة المعطاة لتأليف الحكومة هو جدي علما ان المهلة تراوح بين السبت كما يراها البعض والثلثاء كما يراها بعض اخر. ووفق المعلومات فان رؤساء الحكومات السابقين نصحوا أديب بالتريث في طرح تشكيلته الحكومية لعدم استفزاز الثنائي الشيعي عقب العقوبات الأميركية الأخيرة ولم يعد واضحا الى متى يمكن الاستمرار في هذه المراوحة. لذلك اما تمدد المهلة المعطاة للرئيس المكلف بتدخل فرنسي وبنصحه بالانفتاح على رأي الأحزاب في اختيار الأسماء والا يمكن حصول حال مواجهة تطيح ولادة الحكومة الجديدة.
ولفت في هذا السياق ايفاد رئيس الجمهورية المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم الى باريس حيث التقى السفير برنار ايمييه والفريق المكلف متابعة المبادرة الفرنسية في لبنان ومسار تأليف الحكومة . واطلع ابرهيم بعد ظهر امس الرئيس عون على نتائج زيارته لباريس وأفيد رسميا انه نقل اليه اهتمام فرنسا بمتابعة ما اتفق عليه خلال زيارة الرئيس ايمانويل ماكرون خصوصا لجهة الإسراع في تشكيل الحكومة التي يجب ان تضم اختصاصيين في مجالاتهم لا يلقون معارضة من ممثلي الأحزاب. وفهم ان زيارة ابرهيم لم تأت بنتائج مريحة في ظل محاولة لاقناع الثنائي الشيعي بالتخلي عن حقيبة المال علما ان هذا الامر ليس واردا للثنائي.
*****************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
مهمة ابراهيم فشلت… ورسالة باريس لعون: “نفّذ ثم اعترض”
عهد “الهولوكوست”
لم تعد كل مفردات المعاجم وقواميس اللغة تسعف في اقتباس وصف ينصف مجموعة مجرمة حاكمة، تفوقت بالأمس على نفسها فأذهلت العالم بعجائب قدرتها على التنكيل باللبنانيين وعاصمتهم. من ظنّ لوهلة بعد انفجار الرابع من آب أنّ جعبة السلطة خلت من المفاجآت القاتلة الهدامة، أتاه العاشر من أيلول ليؤكد يقيناً أنّ مخزونها لم ينفد بعد و”عنابرها” لا تزال تفيض موتاً وتدميراً وتكسيراً وحرقاً وقهراً وعهراً. لبنان لم يمر عليه في أحلك أزمنته وعهوده، أسوأ من زمانه هذا وعهده هذا، كل مصائب الدنيا حلت فوق رؤوس اللبنانيين تحت حكم العهد القائم… عهد باتت تتنازعه الألقاب في توصيف نهاية اللبنانيين المرّة بين يديه، من “أبوكاليبس” التفليسة والجوع والعوز، إلى “هيروشيما” المرفأ وما خلفه عصفها الكيماوي من خراب ودمار في بيروت، حتى جاءت محرقة المرفأ المتجددة أمس ليستحق تحت وهج لهيبها لقب عهد “الهولوكست” اختصاراً لكل معموديات النار التي يعايشها اللبنانيون في ظله، حيث لم يبق أخضر ولا يابس إلا واحترق، ولا قلوب ولا أمال إلا وأضحت مجرد رماد منثور فوق الأنقاض.
وعلى دارج عادة السلطة، هبّ المسؤولون أمس لا لتحمّل مسؤولياتهم بل للتنصل منها فتطايرت التصريحات وأبيات التواشيح على قافية “لا أعلم” ليكون مسك الختام كما دوماً على طاولة المجلس الأعلى للدفاع بمواقف منددة وصارمة في الدعوة إلى تشكيل اللجان وتحديد المسؤوليات! وعلى ذلك، بدا مستغرباً قرار تشكيل لجنة مؤلفة من وزير الأشغال والمسؤولين في المرفأ للتحقيق بأسباب حريق هم أنفسهم يتربعون على رأس قائمة المتهمين بالتسبب به نتيجة الإهمال والتسيّب، سيما أنه وأمام حريق كالذي حصل أمس في نقطة معينة لا تزال تعتبر بمثابة ساحة جريمة (بعد انفجار 4 آب) ومن المفترض أنها تقع مباشرةً بعهدة السلطة وتحت طوق محكم تفرضه القوى العسكرية والأمنية، لكان أول ما اتَّخذته أي دولة تحترم نفسها ومواطنيها من قرارات هو إقالة المسؤولين المباشرين عن أمن المرفأ وسلامته وإحالتهم إلى التحقيق لا تعيينهم ضمن إطار لجنة تحقيق من المفترض أنها ستتولى التحقيق بإهمالهم وتقاعسهم عن تحمل مسؤولياتهم. واستباقاً لنتائج التحقيق، بدأت التسريبات الرسمية من اجتماع مجلس الدفاع في قصر بعبدا تضع اللائمة على أحد عمال الصيانة لاستخدامه “منشاراً كهربائياً” تطايرت نيرانه باتجاه مستوعبات وحاويات زيوت وإلى جانبها إطارات مطاطية، فحصل ما حصل من حريق هائل تفشت سموم دخانه الأسود في سماء ييروت وصدور أبنائها… وليس في هذا التبرير، أكثر من نسخة منقحة مستعادة من قضية تحميل السلطة عامل صيانة سوري مسؤولية انفجار العنبر 12 نتيجة استخدامه معدات تلحيم أدت شراراتها إلى هدم العاصمة وبيوتها فوق رؤوس قاطنيها.
لكن الأخطر إذا صدقت المعلومات الأولية، فثمة مؤشرات تدل على أنّ أيادي جرمية ملطخة بالدم والنهب والفساد تقف وراء افتعال حريق المرفأ أمس لطمس معالم وحقائق متصلة بالمسؤوليات المباشرة وغير المباشرة عن عمليات السرقة والهدر في مرفأ بيروت على مر عقود وعقود، وما زاد منسوب الشك بصحة هذه المعطيات تلك الصور التي تناقلها صحافيون استقصائيون وتوثق تجميع مستندات رسمية قرب مكان الحريق عشية اشتعاله، وصولاً إلى تأكيد رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط ليلاً أنّ أهل السلطة “خافوا من محقق جريء صاحب ضمير أو من موظف نزيه فأحرقوا الأدلة”، جازماً في المقابل بأنّ “هذه السلطة لن تفلت من العقاب ولو بعد حين”.
في الغضون، وبينما تكاد بيروت تتفحّم تحت شرارات أهل الحكم، لا يزال البعض منهم يكابر ويناور طمعاً بحقيبة بالزائد أو اختصاصي بالناقص في تشكيلة مصطفى أديب المرتقبة، ما استدعى بحسب مصادر موثوق بها لـ”نداء الوطن” إيفاد المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم شخصياً إلى باريس بصفته موفداً رئاسياً في محاولة لتدوير زوايا الشروط الفرنسية الصارمة في مسألة تأليف “حكومة مهمات إصلاحية” وفق قواعد محددة سلفاً والتزامات وتعهدات بالتسهيل وعدم العرقلة قطعت للرئيس إيمانويل ماكرون إبان زيارته بيروت، موضحةً أنّ “رئيس الجمهورية ميشال عون ورغم أن دوائره حاولت خلال الساعات الأخيرة التنصل من الصفة الرئاسية لمهمة ابراهيم، إنما في واقع الأمر كان يهدف من دفع المدير العام للأمن العام لزيارة باريس، إلى الالتفاف على الرئيس المكلف مصطفى أديب ومحاولة “كسر عناده” سواءً في مسألة شكل الحكومة أو في حجمها وحقائبها، عن طريق التواصل المباشر مع المسؤولين الفرنسيين في خلية الأزمة المعنية بالملف الحكومي اللبناني على أمل باستصدار “فرمان” ملحق بالمبادرة الفرنسية يتيح تليين موقف أديب قبل انقضاء فترة السماح الممنوحة لتأليف الحكومة الاثنين المقبل، أو أقله السعي إلى تمديد مهلة التأليف ريثما يصار إلى التوصل لاتفاق بين الأفرقاء السياسيين على صيغة التشكيلة الحكومية العتيدة”.
غير أنّ الرياح جرت على ما يبدو بما لا تشتهي مراكب الرئاسة الأولى، في ظل ما نقلته المصادر عن “فشل مهمة ابراهيم في باريس ليعود خالي الوفاض إلى قصر بعبدا برسالة فرنسية حازمة بدت وكأنها تقول للرئيس عون “نفذ ثم اعترض” فلا مجال للتراجع عن التعهدات المقطوعة أو إدخال أي تعديل على جوهر المبادرة المتفق على بنودها مع الرئيس الفرنسي شخصياً في بيروت”، لافتةً في هذا السياق إلى أنّ “جواب باريس أتى ليجدد التأكيد على وجوب احترام مهلة الـ15 يوماً للتأليف وضرورة الالتزام بتشكيل حكومة إنقاذية متخصصة غير خاضعة لأي تسييس أو محسوبيات في تركيبتها وحقائبها، لكي تستطيع نيل ثقة المجتمع الدولي وتعبّد الطريق أمام عقد مؤتمر دعم جديد لحشد المساعدات للبنان”.
*****************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
باريس تتحرّك على خط التأليف.. وحريق الــمرفأ ينكأ الجروح
كأنه مكتوب على اللبنانيين العيش بقلق على وجودهم ومصيرهم، فنكبة المرفأ التي لم يُظهر التحقيق بعد كيفية وقوع الانفجار الذي دمّر نصف العاصمة على رغم الوعود التي قطعتها السلطة بكشف ملابسات هذه الجريمة في 5 أيام، عادت لتطلّ برأسها مجدداً في حريق غامض أسَر قلوب اللبنانيين وزادهم يأساً وإحباطاً من سلطة مهملة وفاشلة، ولكن زادهم اقتناعاً بضرورة الذهاب إلى تحقيق دولي يكشف الحقائق ويضع حداً لهذا الإهمال المتمادي من جهة، كما الذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة تعيد إنتاج سلطة جديدة قادرة على تطمين الشعب اللبناني الى حاضره ومستقبله من جهة ثانية.
حرفَ حريق المرفأ أمس الأنظار عن الموضوع الأبرز، وهو تأليف الحكومة الجديدة الذي دخل في العد العكسي للمهلة المحددة فرنسيّاً، في ظل الكلام عن تشكيلة متوقع أن ينجزها الرئيس المكلف مصطفى أديب في نهاية هذا الأسبوع ويرفعها إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي كلّف المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم زيارة باريس لِحلحلة بعض العقد في حوار مباشر لا تلفونياً، في دليل الى انّ العقد الموجودة كثيرة ومعقدة وشائكة ولا تحل سوى بالتواصل المباشر.
وعلمت “الجمهورية” أنّ زيارة ابراهيم لفرنسا اقتصرت على اجتماع بينه وبين مدير المخابرات الفرنسية برنارد ايمييه، حيث تم تنسيق العمل الامني بين لبنان وفرنسا، وقد أتى الحديث على الحكومة عرضاً فسمع منه انّ مَسار المبادرة الفرنسية لا يزال موجوداً وبزخم كبير وانّ هناك حضّاً فرنسياً على الاسراع في تشكيل الحكومة وإيجاد مخارج للنقاط العالقة.
لكن مصادر متابعة لملف التشكيل أبدَت مخاوفها من أن يتأخر التأليف عن الفترة المُعطاة كون هناك عوامل جديدة دخلت في هذا الملف، ولا سيما منها العقوبات الاخيرة على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، وإذا ما سار الى حلحلة هذه الامور خلال عطلة نهاية الاسبوع فإنه يتوقع ان يزور الرئيس المكلف القصر الجمهوري مطلع الاسبوع المقبل لإطلاع رئيس الجمهورية على مسودة أولية لصيغة الحكومة.
عقوبات غير مستبعة
ونقلت قناة “العربية” عن مصدر رئاسي فرنسي قوله إنّ باريس تتابع عن كثب جهود تشكيل حكومة جديدة في لبنان، مضيفاً “أنّ العقوبات الفرنسية على مسؤولين لبنانيين غير مستبعدة، لكننا لن نبدأ بها إذا تقدمت المحادثات لتشكيل حكومة”.
ونفى المصدر ما ذكرته وسائل إعلام لبنانية عن إلغاء زيارة ماكرون للبنان في مطلع كانون الاول المقبل، مؤكداً “أنها أخبار غير صحيحة”.
العقد
ولاحظت مصادر مطّلعة انّ هناك سباقاً مع الوقت على مستوى معالجة العقَد التي تعوق تأليف الحكومة، على رغم انّ العقوبات نجحت بدورها في التغطية على عملية التشكيل وطرحت سيناريوهات متشائمة عن تصعيد مُحتمل رداً على هذه العقوبات يؤدي إلى التصلُّب في الشروط ويُرحِّل التأليف إلى ما بعد المهل المحددة في رسالة اعتراضية على التصعيد في هذا التوقيت بالذات، فيما هناك مَن رأى خلاف ذلك تماماً، أي أن تؤدي العقوبات إلى تسريع التأليف منعاً لإدخال البلد في دوامة الفراغ التي لا يحتملها، وهو بأمسّ الحاجة لتأليف سريع يطلق ورشة إصلاحية تضع لبنان على سكة التعافي الفعلية.
وما تسرّب من معلومات حتى الآن، على رغم التكتم الشديد للرئيس المكلّف حرصاً على استبعاد مزيد من العراقيل ووضع العصي في الدواليب، يفيد انّ أديب متمسّك بحكومة جديدة كليّاً ومتجانسة ومؤلفة من وزراء اختصاصيين تعطي سِيَرهم الذاتية الثقة للبنانيين من أجل منح الحكومة العتيدة الفرصة للقيام بالدور المطلوب منها.
ولكن أبرز العقد التي ما زال الحديث عنها يدور في الكواليس تكمن في 4 أساسية:
ـ العقدة الأولى، تتمثّل بالمداورة الشاملة في ظل تمسُّك الثنائي الشيعي بوزارة المال، وتذرُّع أحد مكونات السلطة بحقه في الاحتفاظ بوزارات معينة في حال عدم الالتزام بشمولية المداورة.
ـ العقدة الثانية، تتعلق بإصرار بعض القوى على حق تسمية وزراء اختصاصيين وإلّا لن تمنح هذه الكتل الثقة للحكومة، وذلك منعاً لتكريس سابقة أن يختار الرئيس المكلف فريق عمله من دون العودة إلى التوازنات السياسية التي أفرزتها الانتخابات.
ـ العقدة الثالثة، تتمثّل في إصرار رئاسة الجمهورية على المشاركة في اختيار الوزراء انطلاقاً من الدستور الذي ينص على توقيع رئيس الجمهورية، الذي لن يوقِّع مراسيم حكومة لا يشارك في هندستها.
ـ العقدة الرابعة، تتعلّق بحجم الحكومة بين من يريدها 14 وزيراً، وبين من يتمسك بأن تتكوّن من 24.
ولكن من يحسم كل هذه العقد؟ وما الرسالة التي سيحملها اللواء إبراهيم في طريق عودته من باريس؟ وهل هذه الرسالة ستكون كافية لتسريع آليات التأليف، خصوصاً انّ العاصمة الفرنسية تعتبر انّ الحكومة العتيدة استثنائية شكلاً ومضموناً، في اعتبار انّ مهمتها إنقاذية بامتياز منعاً لانهيار لبنان، وبعد الإنقاذ يمكن العودة إلى الطرق الكلاسيكية في التأليف، ولكن ما يصح في الأوقات الاستثنائية لا ينسحب على الظروف الطبيعية، وبالتالي يجب الإسراع في إزالة كل العوائق والذهاب سريعاً إلى تأليف الحكومة ونيلها الثقة لتباشر عملها اليوم قبل الغد.
“الثنائي” الى تشدد
في غضون ذلك أبلغت اوساط سياسية قريبة من فريق 8 آذار، الى “الجمهورية”، انها تتوقع أن تترك العقوبات الأميركية في حق الوزيرين خليل وفنيانوس تأثيرات مباشرة على ملف تشكيل الحكومة.
ولفتت هذه الاوساط الى انّ فريق 8 آذار، ولا سيما منه “الثنائي الشيعي”، سيكون أكثر تشدداً في مقاربة المعايير التي ستُعتمد في تشكيل الحكومة بعد الرسالة الأميركية التي استهدفته في عقر داره السياسي، لأنّ أيّ تساهل او تهاون على مستوى تلك المعايير قد يفسّر نوعاً من الضعف أو التراجع امام الضغط الأميركي. وبالتالي، فإنّ ما كان ممكناً قبل الدفعة الجديدة من العقوبات يبدو أنه أصبح صعباً بعدها.
وأشارت الاوساط نفسها الى انّ ما لم يخسره “الثنائي الشيعي” في السابق لن يقبل على الارجح بالتنازل عنه الآن، معتبرة انه “لا يجوز أن يحاول الرئيس المكلف في هذا التوقيت ووسط الظروف المستجدة فرض تشكيلة أمر واقع”.
“التيار”: لن نشارك
وفي تطور لافت برز إثر العقوبات الاميركية على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، اعلنت مصادر “التيار الوطني الحر” أنه لن يشارك في الحكومة، وذلك بعدما كان يطالب بالمداورة في توزيع الحقائب الوزارية. وهو يعتبر انّ الرعاية الفرنسية والتزام الرئيس ماكرون بمساعدة لبنان “يشكّلان فرصة لتحقيق الاصلاحات التي عجزنا عن تحقيقها، واذا كان ذلك ممكناً من خلال حكومة مصطفى اديب فنحن نسهّل وندعم ونبقى بإرادتنا خارج الحكومة. وفي النهاية كل إصلاح هو مكسب للبنان، وبالتالي للتيار الوطني الحر”.
مجلس الدفاع
في غضون ذلك استدعى الحريق الهائل في المرفأ امس انعقاد المجلس الاعلى للدفاع مساء في القصر الجمهوري برئاسة عون.
وفي معلومات لـ”الجمهورية” أنه بعد كلمة كل من عون ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب في مستهلّ الاجتماع، توالى قادة الاجهزة الامنية على الكلام وعرض تقارير أولية أعدّوها لخلاصة أسباب حريق المرفأ واقتراحات المعالجة. وقدّم رئيس المرفأ بضعة مقترحات لمعالجة الاوضاع مؤكداً انّ الحريق حصل في ارض مستأجرة ضمن الارض الحرة من شركة BCC Logistics، وقد حصلت عملية الصيانة لسقف أحد الكونتينرات الموجود في هذه الارض، فتطاير وابِل من شرارات التلحيم داخل المستودع وأتت الشرارات على البضائع الموجودة فيه، وهي مواد غذائية تابعة للصليب الاحمر، وزيوت لقوات “اليونيفل”، وادوات تجميل. فحصل اشتعال كبير، وقد أدّت المواد الموجودة داخل هذه البضائع الى اشتداد الحريق وتمدده بمقدار كبير غير قابل للاطفاء بسهولة. كذلك تبيّن انّ هناك إهمالاً على يد من أجرى الصيانة، وتم الاتفاق على ان تتولى الشرطة العسكرية التحقيق في هذا الحريق.
وتطرق المجتمعون الى وجود كونتينرات تحتوي مواد خطيرة حيث كان هناك إجماع على ضرورة إجراء كشوفات على هذه البضائع وتقديم اقتراحات للتخلص منها، حيث تبيّن انّ هناك 49 كونتينراً عليها ملابسات وتحتوي مواد قابلة للاشتعال، مع ضرورة ايجاد حل سريع لها بعد التواصل مع مالكيها ومنهم من تخلّف عن أخذ هذه البضائع ومنهم من أعلم انه لم يعد يريدها فتقرّر إتلافها، وهي مستوعبات تخزّن مواد تحتوي “اسيد” و”اسيد فوسفوريك” وبطاريات وبنزين.
وعما اذا كانت الشركة التي تولت اعمال الصيانة والتلحيم قد حصلت على إذن مسبق؟ أجاب “رئيس الارض” انها “ملك الـBCC Logistics، ولا يفترض ان تحصل على إذن”. وهنا تطرق النقاش الى الفوضى العارمة في المرفأ وادارته، فانهالت المقترحات حول ما يمكن فعله. وطلب رئيس الجمهورية تشكيل لجنة من وزير الاشغال وممثلين عن الاجهزة الامنية الموجودة في المرفأ وادارة المرفأ، لإعداد آلية جديدة تنظّم العمل فيه وتعتمد تنظيماً جديداً له تتحدد فيه المسؤوليات من كل الاطراف المعنية، حتى لا يتكرر ما حصل. ومن ضمن الاقتراحات قدّم رئيس حكومة تصريف الاعمال اقتراحاً بتشكيل جهاز امن خاص بالمرفأ تماماً كما في المطار.
وقد طلب من اللجنة وضع تصور لتنظيم وضبط عمل المرفأ ورفعه بسرعة. وأكد دياب ضرورة معالجة الكونتينرات الخطيرة والاولوية لتلك التي تحتوي على مواد قابلة للاشتعال. وقد أخذ الحديث عن الكونترات والبضائع الموجودة فيها حيزاً كبيراً من النقاش، وخصوصاً الكشف على كل هذه البضائع ضمن آلية يتم فيها فحص الموجودات بموجب “سكانر”.
اما الموضوع الآخر الذي تم تطرّق اليه المجلس فيتعلق بالمساجين، حيث اثار وزير الخارجية آلية الاكتظاظ بالسجون، والتي اصبحت 200 %، مبدياً مخاوفه من أنّ إصابة سجين بكورونا ستؤدي الى كارثة وانتشار المرض بسهولة داخل السجن، وطلب من باب الاحتياط اتخاذ إجراءات من بينها اضافة اجنحة او اقامة مستشفيات ميدانية في باحات السجون الكبرى. ولكن وزير الصحة حمد حسن لم يكن حاضراً الاجتماع، فتأجّل البحث وطلب رئيس الجمهورية وضع اقتراحات خطية ودرسها مع وزير الصحة لوضعها موضع التنفيذ.
وكان عون قال في مستهل الاجتماع: “لم يعد مقبولاً حصول أخطاء، أيّاً يكن نوعها، تتسبّب بحرائق كهذه، خصوصاً بعد الكارثة التي تسبب بها الحريق الأول في 4 آب الماضي”. وأضاف: “حريق المرفأ قد يكون عملاً مقصوداً أو نتيجة خطأ تقني او جهل او اهمال، وفي كل الحالات يجب معرفة السبب في أسرع وقت ومحاسبة المسببين وتحميلهم المسؤولية اللازمة”.
ثم تحدث دياب، فقال: “ما حصل في المرفأ، ومهما كانت أسبابه، هو بمثابة طعنة جديدة للبنانيين جميعاً، واستهتار كبير وإهانة للدولة والمجتمع”، وأضاف: “يجب الإسراع في التحقيقات لتحديد المسؤوليات”.
الى ذلك، أعلن الرئيس المدير العام لإدارة واستثمار مرفأ بيروت باسم القيسي انه “سيُصدر اليوم تعميماً الى جميع التجار والمستوردين يطلب منهم عدم استيراد او تخزين اي مواد او بضائع قابلة للاشتعال وتشكّل خطراً على السلامة العامة من دون إذن مسبق من كل الجهات المختصة، وذلك لتسهيل عملية التفريغ والتخزين في المرفأ حفاظاً على السلامة العامة”.
تأجيل الانتخابات الفرعية
من جهة ثانية قرّر عون ودياب، بعد التشاور، إرجاء إجراء الانتخابات الفرعية في 6 دوائر انتخابية صغرى الى ما بعد 1/1/2021، وذلك لأسباب عدة هي:
– الأضرار التي لحقت بالأحياء السكنية في الاشرفية والرميل والمدور والصيفي واعتبارها مناطق منكوبة، ما يعوق إجراء الانتخابات في هذه الدائرة حيث الشغور فيها.
– التعبئة العامة المعتمدة نتيجة وباء “كورونا”، والاختلاط الذي يمكن ان يحصل في الدوائر الانتخابية.
– غالبية المدارس التي ستُستعمل كمركز اقتراع أُصيبت بأضرار بفعل الانفجار، ما يحول دون استعمالها لهذه الغاية.
الى هذه الأسباب، ذُكر أنّ هيئة التشريع والاستشارات اعتبرت أنّ “اعلان حالة الطوارئ في بيروت قد ينتج منها تدابير منع تجوُّل للاشخاص والسيارات، الامر الذي يمكن أن يُعطّل اجراء الانتخابات، فيما لو اضطرت السلطات المختصة الى اعلان منع التجول لأي سبب”. كذلك اعتبرت هيئة التشريع أنّ “ثمة استحالة او شبه استحالة لإجراء العملية الانتخابية”. وانتهت الى القول إنّ “مجلس الوزراء يُمكنه اتخاذ القرار بتأجيل موعد الانتخابات الفرعية الى موعد يُحدّد لاحقاً، حيث أنّ الحكومة في حالة تصريف الاعمال ويتعذّر اجتماع مجلس الوزراء”.
لذلك، وافق عون ودياب استثنائياً، على التريّث بإجراء الانتخابات الفرعية الى ما بعد 1/1/2021، على أن يُعرض الموضوع لاحقاً على مجلس الوزراء على سبيل التسوية.
صندوق النقد
من جهة ثانية، كشف صندوق النقد الدولي انه طالب السلطات اللبنانية، خلال مباحثاته معها، بمراجعة محاسبية ومالية للميزانية العمومية للبنك المركزي للمساعدة في تقييم أصوله ومطلوباته.
وقال المتحدث باسم صندوق النقد الدولي جيري رايس إنّ مثل هذه المراجعة ستساعد أيضاً في تقييم نتائج تمويل البنك المركزي للعمليات الحكومية و”هندسته المالية” وتأثيرها على الاموال، وهي عناصر رئيسية لفهم الخسائر السابقة.
وقال رايس في إفادة صحفية دورية إنّ وزير المالية اللبناني وقّع مؤخراً عقد إجراء تدقيق مالي وجنائي للبنك المركزي.
مساعدات
على خطّ المساعدات، يصل إلى بيروت ثالث جسر جوي إنساني للاتحاد الأوروبي، وهو من الأكبر، يوم السبت 12 الجاري، وينضَم إلى الرحلة من ميونخ إلى بيروت المفوض الأوروبي لإدارة الأزمات يانيز لينارتشيتش.
وتتضمن الشحنة مساعدات أساسية، من بينها سيارات إسعاف، ومعدات حماية شخصية، وأدوية وأجهزة اتصالات. ويتولى الاتحاد الأوروبي تغطية تكلفة هذا الجسر الجوي الإنساني، علماً بأنّ الشحنة قدمتها وكالة التعاون البرتغالية ومنظمة أورينتالفر غير الحكومية الألمانية. وستلبّي المسلتزمات الاحتياجات الإنسانية للسكان المعوزين بعد تفجير مرفأ بيروت ونتيجة تفشي جائحة كورونا.
كورونا
على صعيد الأزمة الصحية، يواصل عداد فيروس “كورونا” تسجيل معدّلات مرتفعة محلّياً. وأعلنت وزارة الصحة العامة، أمس في تقريرها اليومي، تسجيل 7 وفيات و560 اصابة جديدة. كذلك اعلنت “استكمال نتائج فحوص PCR لرحلات وصلت إلى بيروت وأجريت في المطار في 8/9/2020، إضافة إلى الدفعة الأولى من فحوصات لرحلات وصلت إلى بيروت في 9/9/2020، وأظهرت النتائج وجود 7 حالات إيجابية”.
وفي هذا السياق، أصدر محافظ الجنوب منصور ضو قراراً قضى بإقفال مبنى ادارة المالية في سرايا صيدا الحكومية، بعدما أبلغت موظفة تعمل في مكتب مراقبة الضرائب في الطابق الارضي من المبنى، الادارة المعنية عن إصابتها بالفيروس. وتابعت المحافظات والأقضية إعلان الحالات المصابة في نطاقها، مع متابعتها واتخاذ الإجراءات اللازمة، خصوصاً لجهة الحجر الالزامي للمصابين وإغلاق الأحياء والمناطق التي تشهد انتشاراً واسعاً للفيروس.
وخلال تفقّد وزير الصحة العامة حمد حسن المستشفى الميداني الايطالي في الجامعة اللبنانية في الحدت، في حضور السفيرة الايطالية في لبنان نيكوليتا بومباردييري، قال: “إنّ كل السيناريوهات التي رسمت، والتي كانت بالاجمال غير ايجابية بالنسبة الى “كورونا”، تخطّيناها، ولكن هذا لا يعني أننا في خارج دائرة الخطر، وعدد الاصابات في لبنان بالنسبة الى عدد السكان يجب ان يكون أقل من الذي نشهده حالياً”.
وأشار حسن الى أنّ “انفجار المرفأ وتداعياته ومشاركة الاهالي من كل المناطق في عمليات البحث والانقاذ، قد خَلط الاوراق والحسابات وأضاع جزئياً استراتيجية الاهداف التي كانت موضوعة بالطرق المحددة”، معتبراً “أننا بتعاون الجميع سنتمكن من ضبط الاصابات يومياً، لنصل الى حَد ان نتعامل معها ضمن الامكانيات المتاحة لوزارة الصحة”.
*****************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
حريق في مرفأ بيروت يشعل الغضب ضد إهمال السلطة
اندلع في مخزن للبضائع بعيداً عن موقع الانفجار… والجيش تعرف إلى العامل المسؤول
بيروت: نذير رضا
جدد الحريق الذي اندلع أمس في مرفأ بيروت، غضب اللبنانيين من إهمال السلطة، ومخاوفهم من أن يشوش الحريق على التحقيقات التي يجريها القضاء العدلي في لبنان في تفجير المرفأ في الشهر الماضي، وهو ما نفاه مسؤولون بالنظر إلى أن موقع الحريق بعيد عن نقطة التفجير في 4 أغسطس (آب) الماضي.
ودعا الرئيس اللبناني ميشال عون إلى اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع مساء أمس بعد الحريق الضخم الذي وقع أمس في أحد مستودعات مرفأ بيروت تصاعدت منه سحب دخان سوداء عملاقة، ما أثار الرعب في صفوف اللبنانيين بعد أكثر من خمسة أسابيع من الانفجار المروع، الذي حوّل بيروت إلى مدينة منكوبة.
وقال الجيش اللبناني إن الحريق اندلع في مستودع للزيوت والإطارات في السوق الحرة في المرفأ، فيما قال مدير عام المرفأ بالتكليف باسم القيسي إن الحريق وقع في مبنى توجد فيه براميل زيوت للقلي ودواليب كاوتشوك تابعة لشركة مستوردة. وأوضح أن الحريق «بدأ في براميل الزيت نتيجة الحرارة أو خطأ آخر».
وأكد وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال ميشال نجار أن «حريق المرفأ بات تحت السيطرة وسيكون هناك تحقيق بعد إخماد النيران والمعلومات الأولية تفيد بأن أحد العمال كان يقوم بورشة تصليح، مستخدما صاروخا ما أدى إلى تطاير شرارة واندلاع الحريق». وأوضح نجار أن «الحريق اندلع في مستودع بعيد عن العنبر رقم 12 وعلينا الانتظار لإجراء دراسة شاملة حول ما جرى وحول مدى توفر معايير السلامة العامة».
ونقلت وكالة «الصحافة الفرنسية» عن «هيثم» أحد العاملين في المستودع حيث اندلع الحريق «كنا نعمل وفجأة بدأوا يصرخون، اخرجوا من الشركة»، مضيفاً أن «أعمال تلحيم كانت قائمة… واندلعت النيران، لا نعرف ماذا حصل». وتابع «تركنا كل شيء وبدأنا نركض، تذكرنا الانفجار. لم أعد أعلم هل أتصل بعائلتي أو إخوتي الذين يعملون في المرفأ».
واتخذت وحدات الجيش إجراءات مشددة في محيط مرفأ بيروت، إذ تم تحويل السير لإبعاد المواطنين عن المنطقة تحسبا وتسهيلا لمرور فرق المساعدة. واستقدم الجيش الطوافات العسكرية للمساعدة في إخماد النيران.
واتسعت رقعة الدخان الأسود في سماء العاصمة، وساهم الهواء في امتداد الحريق في المرفأ، في حين كثفت طوافات الجيش ورجال الإطفاء والدفاع المدني عمليات إطفاء الحريق الكبير من داخل المستوعبات منعا لاتساعه.
وطلب محافظ بيروت القاضي مروان عبود من المواطنين عدم التوجه إلى محيط مرفأ بيروت حفاظا على سلامتهم، ولعدم إعاقة عمل رجال الإطفاء. كما تم إجلاء العمال من المرفأ. وأفاد الصليب الأحمر اللبناني عن حالة اختناق واحدة.
وأثار اندلاع الحريق مخاوف من أن يكون مفتعلاً ليطال الأدلة الجنائية في مسرح انفجار المرفأ. لكن رئيس لجنة الأشغال العامة والنقل في البرلمان اللبناني النائب نزيه نجم رفض تلك المخاوف، ودعا إلى عدم الخلط بين موقع الحريق أمس وبين ساحة الانفجار. وقال نجم لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش تعرف إلى المتسبب بالحريق وهو عامل حدادة كان يقص الحديد قرب موقع الحريق، والنيابة العامة التمييزية تتابع الملف بجدية، وقال: «أنا أوجد الآن في غرفة العمليات، وتجري متابعة الأمور بجدية ومسؤولية كبيرين».
وأوضح نجم أن ما جرى هو «حريق في مخزن يحتوي على بضاعة لتجار ومستوردين لبنانيين، نتيجة خطأ فني، وهو بعيد عن ساحة التفجير والمكان الذي وقع فيه انفجار المرفأ في 4 أغسطس، وأدى الخطأ إلى حريق في المستودعات»، داعياً إلى عدم تضخيم الحدث «لأن موقع الحريق بعيد عن موقع التفجير، والجيش يقوم بالتحقيقات».
وكشف الحريق عن إهمال السلطات. وسأل رئيس حزب الكتائب النائب المستقيل سامي الجميّل: «كيف يمكن أن يندلع حريق جديد رغم وجود كافة الأجهزة الأمنية والقضائية في مسرح جريمة مرفأ بيروت؟ مريب ما يحدث هناك في ظل منظومة إهمال وفساد واستغباء ساقطة بكل المعايير». وجدّد الجميل مطالبته الأمم المتحدة بوضع يدها على التحقيقات «خصوصاً بعد حريق اليوم (أمس)».
وقال النائب المستقيل إلياس حنكش لـ«الشرق الأوسط» إن ما جرى «هو أسوأ صورة عن الإهمال واللامبالاة التي تمارسها السلطة»، مشيراً إلى أن الحريق التهم بضاعة الناس في مستودعات المستوردين فيما أركان السلطة «يتناتشون الحصص الوزارية». وقال حنكش لـ«الشرق الأوسط»: «يجسد مشهد الحريق مظهر تفكك الدولة وقلة المسؤولية بأبهى حللها، كما يبرز قلة الإدراك والاستخفاف»، متسائلاً: «كل الأجهزة موجودة في المرفأ، فكيف اندلع الحريق؟ ولماذا لم يتم احتواؤه بسرعة؟»
ويُعدّ هذا الحريق الثاني منذ الثلاثاء الماضي في المرفأ. وقالت قيادة الجيش حينها إن الحريق الأول شبّ في الردميات المختلطة بنفايات وبقايا اخشاب وإطارات غير صالحة.
وتحرك القضاء اللبناني فوراً لمواكبة الحريق، إذ طلبت وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم من النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات «إجراء تحقيق فوري ومعمق نظراً لدقة الموضوع وخطورته، والمتابعة المباشرة والانتقال إلى المرفأ لإجراء ما يلزم لجلاء واقع الحال تمهيدا لترتيب المسؤوليات وإجراء الملاحقات اللازمة».
وأصدر النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان عويدات قرارا قضى «بتسطير استنابات إلى كافة الأجهزة الأمنية من مخابرات الجيش والأمن العام وأمن الدولة وشعبة المعلومات والجمارك والدفاع المدني وفوج إطفاء بيروت لإجراء التحقيقات اللازمة والاستقصاءات والتحريات لمعرفة أسباب الحريق المفاجئ الحاصل في مرفأ بيروت»، وإبلاغه شخصيا بالسرعة القصوى عن النتائج، و«ذلك نظرا لخطورة الوضع على أمن المواطن والسلامة العامة، وكشفا لجميع الملابسات وكل ما يتعلق بالأضرار أو عدمه بمسرح الجريمة وبيان كل ما من شأنه إنارة التحقيق».
*****************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
حريق المرفأ يلتهم التحقيق.. والفساد ينجو من النار!
ماكرون على تفاؤله وعقبتان في الواجهة.. والنيران تحرق الحصص الغذائية والزيوت
النار امامكم.. حريق هائل، وساعات طويلة في مرفأ بيروت.. ووراء النار، وألسنة اللهب السوداء والملتهبة، يبحث الفساد عن ملاذ آمن؟
فيا اهل العاصمة أين المفر: الطبقة السياسية تحرق التحقيق، وربما تحرق الحكومة، لتنجو من عقوبات أميركية أو دولية او من استحقاق سحب القرار من ايدي هؤلاء الذين يعبثون في الأرض..
المشهد، يجعل المراقب ان يستعيد مشهد نيرون، وهو يحرق روما.. فماذا يحصل في هذا البلد؟!
من المساعدات المصروفة في غير ما جاءت من اجله، الى المساعدات المسروقة، واللعب بالكهرباء والاتصالات والغذاء والدواء وكل شيء الى مكابرة الطبقة الفاسدة، القابضة على مقدرات البلاد والعباد.. وكأن ما يجري، ليس على مرأى من المسؤولين كباراً كانوا أم صغاراً.. وكأنه في بلد آخر، وفي عاصمة غير بيروت..
وهكذا اتجهت الانظار الى المرفأ ظهراً مع الانفجار، الى قصر بعبدا مساءً، ولم يزر بعد الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الدكتور مصطفى اديب رئيس الجمهورية بعد حدوث تعقد في مسألة توزيع الحقائب.
ولم يسجل اي تقدم بعد، بعد عودة المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم من فرنسا امس، في مهمة مستعجلة، استمرت ساعات قليلة التقى خلالها خلية الازمة في قصر الاليزيه المكلفة الملف اللبناني. وعقد ابراهيم في يوم واحد سلسلة لقاءات لاسيما مع السفيرين برنار ايمييه وايمانويل بون، تتعلق بمسار المبادرة الفرنسية من مختلف وجوهها، لاسيما الشق المتعلق بتشكيل الحكومة. ونفت اوساط بعبدا ان يكون ابراهيم ذهب موفداً من الرئيس عون.
وفورعودته عصراً من باريس، زار اللواء ابراهيم رئيس الجمهورية واطلعه على نتائج مباحثاته مع السفير برنار ايمييه والفريق المكلف متابعة المبادرة الفرنسية، لاسيما مسار تشكيل الحكومة.
«ونقل ابراهيم الى الرئيس عون اهتمام فرنسا بمتابعة ما اتفق عليه خلال زيارة ماكرون، خصوصًا لجهة الاسراع في تشكيل الحكومة التي يجب ان تضم اختصاصيين في مجالاتهم لا يلقون معارضة من ممثلي الاحزاب».
وحسب المعلومات المتوافرة، فإن باريس ملتزمة بالمهلة التي تم الاتفاق عليها مع المسؤولين والقيادات اللبنانية التي التقاها الرئيس ايمانويل ماكرون، وهو ابلغ بعض القيادات العربية انه متفائل بتوصل مبادرته الىالطريق المرسومة لها.
وعليه، تتحدث المعلومات ان اللواء ابراهيم لم يحمل معه، بعودته موافقة فرنسية على اقتراح يتعلق بعدم احداث تعديل في توزيع عدد من الحقائب السيادية والاساسية كالمال والخارجية والداخلية والطاقة والصحة والاتصالات.
واعادت المصادر الدبلوماسية الفرنسية من الاليزيه التأكيد على ان باريس ملتزمة بالتصور المتفق عليه قبل مغادرة ماكرون، وان كلفه عدم الالتزام بهذا الاتفاق ستكون باهظة على لبنان واللبنانيين، في ظل الاختناق الاقتصادي الحاصل.
وقالت مصادر مطلعة ان اللواء ابراهيم لمس ممن التقاهم حرصا على، استمرار المبادرة الفرنسية كما هو متفق عليها لجهة تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن. وعلمت اللواء ان ما من موفد فرنسي سيزور بيروت في الوقت الحالي، لكن المتابعة الفرنسية مستمرة.
وحكوميا لم يسجل اي جديد على الإطلاق في الملف الحكومي فلا المداورة محسومة ولا عدد الاخصائيين او المسيسين في الحكومة لكن التوجه هو حكومة مصغرة بإنتظار الاتفاق على ماهية التمثيل في هذا الوقت ما من زيارة مقررة لرئيس الحكومة المكلف الى قصر بعبدا الذي يجري مشاوراته بعيدا عن الاضواء. وفهم ان مهام الحكومة وحدها محددة كما شكلها دون الأسماء وتوزيع الحقائب ولا بد من انتظار بعض الوقت.
وفي السياق، ربطت مصادر سياسية بين مهمة ابراهيم في باريس والعقوبات الاميركية على الوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، أن الرئيس عون، وبعد تصلّب الرئيس برّي في التمسك بوزارة الماليّة، أوفد المدير العام للأمن العام إلى العاصمة الفرنسية، وذلك كي يسمع الموقف الفرنسي من المستجدات، ونقله إلى كل من عون وبري وحزب الله، وحسب المصادر ذاتها أنه في حال التخلّف عن الإيفاء بوعد تشكيل حكومة إصلاحية فاعلة، فإن الطّبقة السياسية ستكون أمام مأزق حقيقي، وثمة تلويح بالعودة الى الشارع.
وفي سياق محلي، حددت المصادر المتابعة لعملية تشكيل الحكومة الجديدة عقدتين اساسيتين تعيقان تسريع ولادتها، الاولى: مطالبة الرئيس عون بحصته الوزارية وتسمية وزرائها, والثانية إصرار الثنائي الشيعي على الاحتفاظ بوزارة المال من حصتهما الوزارية، وهذا ما يتعارض أساسا مع المبادرة الفرنسية وما تعهد بخصوصه جميع الاطراف امام الرئيس الفرنسي ماكرون، ويناقض ما اعلنه هؤلاء الاطراف بعد الاستشارات النيابية مع الرئيس المكلف مصطفى اديب بانهم لم يطرحوا اي شروط او مطالب محددة في تشكيلة الحكومة العتيدة.
واعترفت هذه المصادر بتباطؤ مسار تشكيل الحكومة بفعل العقوبات الاميركية على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، الا انها اشارت إلى وجود رغبة واضحة لدى الرئيس بري بفصل هذه العقوبات عن مسار تشكيل الحكومة، لانه لا بديل عن استكمال المساعي والاتصالات على كل المستويات لتسريع عملية التشكيل تفاديا لمخاطر وتداعيات سلبية لا يمكن التكهن بنتائجها واضرارها على كل المستويات ولاسيما في العلاقات مع فرنسا والعالم كله.
وكشفت المصادر ان الرئيس المكلف كان ينوي زيارة الرئيس عون في بعبدا أمس الخميس للانتقال إلى خطوة متقدمة بتشكيل الحكومة، الا ان بقاء المواقف على حالها، ادى الى تأجيل هذا اللقاء حتى نهاية الاسبوع الحالي لاتاحة المجال امام مزيد من التشاور لتجاوز هاتين العقدتين العالقتين، مشددة على ان الوقت المعطى لتشكيل الحكومة العتيدة بدأ بالنفاذ ومجال التشدد بالشروط والمطالب أصبح محدودا ويضغط على الرئيس المكلف لاتخاذ موقف نهائي مما يحصل في خاتمة المطاف.
وبالرغم من نفي مصادر بعبدا ان يكون المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم قد زار باريس موفدا من الرئيس عون، الا انه اطلعه على فحوى لقاءاته مع المسؤولين الفرنسيين واصرارهم على تسريع خطى تشكيل الحكومة الجديدة بالتفاهم بين جميع الاطراف تحت سقف المبادرة الفرنسية للمساعدة في حل الأزمة المتعددة الاوجه التي يواجهها لبنان حاليا.
وفي جانب آخر علمت «اللواء» أن رئيس لجنة المال النيابية النائب إبراهيم كنعان الذي التقى رئيس الجمهورية مؤخرا كان حريصا على اظهار اهمية المبادرة الفرنسية ووجوب تأمين ظروف نجاحها لانها تشكل فرصة مؤاتية ومهمة لانقاذ لبنان وليتسنى التحضير لمواكبة هذه الخطوات لاسيما ما يتعلق منها بالقوانين المطلوبة في المجلس النيابي بأرقام موحدة ورؤية مراقبة لمفاوضات المرتقبة مع البنك الدولي.
صندوق النقد
وعلى الرغم من كل ذلك، أعرب صندوق النقد الدولي عن استعداده «لمضاعفة الجهود» من أجل مساعدة لبنان في ظل أزمته الاقتصادية.
وقال المتحدث باسم الصندوق جيري رايس أثناء إحاطة صحافية، «نحن مستعدون للتعاون مع الحكومة الجديدة». واضاف «حالما يتم تشكيلها، وسبق لكريستالينا جورجيفا (مديرة الصندوق) أن عبّرت عن الأمر حديثاً، سنكون مستعدين لمضاعفة جهودنا لمساعدة لبنان والشعب اللبناني على تجاوز الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهونها».
وأشار إلى أنّ الصندوق لا يزال حالياً على تواصل مع السلطات اللبنانية بشأن بعض المسائل التقنية. وتابع «ولقد قدّمنا دعماً تقنياً في مجالات من شأنها المساعدة في التصدي مجددا لبعض التحديات عقب الحدث المريع في المرفأ».
وبشأن التدقيق بحسابات مصرف لبنان التي أعلنها وزير المال اللبناني غازي وزني الأربعاء، رحّب جيري رايس بالإعلان، لافتاً إلى أنّ ذلك يتيح تقييم موجودات والتزامات هذه المؤسسة المالية. وقال إنّ «التدقيق يسمح ايضاً بتقييم أثر تمويل العمليات العامة من قبل المصرف المركزي». وختم «إنّها جزء مهم لتقييم الخسائر السابقة التي تعدّ جزءاً من حسابات المصرف المركزي».
مجلس الدفاع الاعلى
وعند السابعة من مساءامس، بعد ست ساعات على اندلاع حريق في مرفأ بيروت، عقد مجلس الدفاع الاعلى اجتماعاً برئاسة الرئيس عون، وبدعوة منه، حضره الرئيس حسان دياب، والوزراء المعنيون في حكومة تصريف الاعمال، وقائد الجيش العماد جوزيف عون وقادة الاجهزة الامنية، ومدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، والموظفون المدنيون المعنيون بالمرفأ والجمارك، فضلا عن عدد من المستشارين (راجع ص 2).
وفي مستهل اجتماع المجلس الاعلى قال الرئيس عون: العمل اليوم يجب ان يصب في درس الاجراءات الفعالة لضمان عدم تكرار ما حصل.
واكد حريق اليوم قد يكون عملاً تخريبياً مقصوداً او نتيجة خطأ تقني او جهل او اهمل، وفي كل الاحوال يجب معرفة السبب بأسرع وقت ومحاسبة المسببين.
وعلمت «اللواء» أنه بعد مداخلة الرئيسين عون ودياب تحدث رئيس المرفأ باسم القيسي فقدم مقترحات لمعالجةوضع المرفأثم عرض تقريراً اشار فيه الى ان الحريق قام في المنطقة الحرة في المرفأ على ارض مستأجرة من شركة bcc logistics.
وكان عمال يقومون بصيانة وتلحيم للسقف في اماكن عدة وتساقطت شرارات التلحيم على مستودعات فيها مواد غذائية وزيوت ودواليب ومواد تجميل سريعة الالتهاب. والزيوت عائدة للصليب الاحمر الدولي واليونيفيل كما مواد غذائية تابعة للصليب الأحمر وتبين ان الاهمال ناتج عن عدم اتخاذ صاحب المستودع الاحتياطات اللازمة ولم يطلب الحصول على اذن بعملية التلحيم. وعلم ان التحقيق العسكري تتولاه الشرطة العسكرية بهدف متابعته حتى النهاية.
وخلال الااجتماع نوقشت الاجراءات الواجب فرضها على المستودعات التي تحوي مواد خطرة وضرورة اجراء كشوفات على المستودعات.
كما جرى نقاش مطول وقدما مقترحات مختلفة لاجراءات كفيلة بمنع اي حادثة خطرة مماثلة. كما اقترح تشكيل جهاز امن مرافئ. وكان حديث عن تكرار موضوع التلحيم. وكان تأكيد على اصدار تعميم من المرفأ ليستلم اصحاب المستودعات نقل اي مواد خطيرة. وكشفت معلومات عن وجود ٤٩ مستوعباً فيها مواد قابلة للاشتعال سيتم معالجة وضعها مع اصحابها او تلفها. اما المستوعبات غير الخطرة فسيطلب الى اصحابها تسلمها.
واقترحت فكرة تلف المواد الخطرة التي امتنع اصحابها حتى الان عن تسلمها.
واقترح الرئيس عون تشكيل لجنة برئاسة الوزير ميشال نجار وعضوية ممثلين عن الاجهزة الامنية في المرفأ ومن ادارته من اجل وضع تنظيم جديد للعمل داخل المرفأ وتحديد المسؤوليات، اي وضع الية تنظيمية كي لا تضيع المسؤوليات. ومن ضمن المقترحات انشاء جهاز امن المرافئ على غرار جهاز امن المطار.
وطلب الرئيس عون التشدد بأمن المرافئ لاسيما وان عملية التلحيم اجريت من دون اخذ الاحتياطات اللازمة. وكان كلام عن مواد خطرة من الأسيد وضرورة تلفها وشدد دياب على معالجة المستوعبات التي تضم مواد قابلة للأحتراق. واقترح وجود الية ال scanner. وطلب التشدد في امن المرفأ وان تتحلى الأجهزة بالوعي عند القيام بأي عمل يتصل بالتلحيم او غير ذلك.
وتم التطرق ايصاً في اجتماع المجلس الاعلى للدفاع الى موضوع المساجين، واشار وزير الداخلية الى ان نسبة الاكتظاظ هي ٢٠٠ بالمئة وهناك خشية من تفشي وباء كورونا مما يهدد بكارثة اجتماعية لكن حتى الإن لا اصابات.ومن الاقتراحات التي طرحت اقامة مستشفى ميداني في السجون او اضافة اجنحة او تخصيص غرف في المستشفيات لهؤلاء.
طلب الرئيس عون وضع اقتراحات خطية لدرسها مع وزير الصحة الذي لم يكن حاضراً في اجتماع المجلس الاعلى وذلك لوضع الأمكانات موضع التنفيذ.
الانفجار
وكان حريق ضخم اندلع امس الخميس في أحد مستودعات مرفأ بيروت، حيث تخزن اللجنة الدولية للصليب الأحمر مساعدات إنسانية، ما أثار الرعب بين اللبنانيين بعد أكثر من خمسة أسابيع من الانفجار المروّع الذي حوّل بيروت مدينة منكوبة.
تحدّث وزير الاشغال ميشال نجار بأن «أحدهم كان يقوم بورشة تصليح، مستخدماً صاروخاً ما أدى الى تطاير شرارة واندلاع الحريق». ورغم مرور ست ساعات تقريباً على بدء جهود الإطفاء، لم يتم إخماد النيران بالكامل.
وتمكن مواطنون مقيمون في ضواحي بيروت من رؤية سحب كبيرة لدخان أسود تنبعث من المرفأ وتغطي سماء بيروت. واندلع الحريق، وفق ما أفاد الجيش اللبناني، في مستودع للزيوت والإطارات في السوق الحرة في المرفأ. وما لبث أن تمدّد إلى مستودعات مجاورة تُخزّن فيها بضائع مستوردة. وكانت هذه المستودعات قد تضرّرت بشدة جراء انفجار المرفأ في 4 آب.
وأوضح مدير عام المرفأ بالتكليف باسم القيسي، أنّ المستودع حيث اندلعت النيران يعود لشركة خاصة تعنى بشحن البضائع وتخزينها. وقال إنه «بدأ في براميل الزيت نتيجة الحرارة أو خطأ ثان» مضيفاً «من المبكر أن نعرف».
ومساء، أعلن المدير الإقليمي للجنة الدولية للصليب الأحمر في الشرق الأوسط والأدنى فابريزو كاربوني في تغريدة أن «المستودع حيث اندلعت النيران تخزّن فيه اللجنة.. الآلاف من الحصص الغذائية ونصف مليون ليتر من الزيت». وأضاف «حجم الضرر لم يُحدّد بعد وقد تتأثر عملياتنا الانسانية بشكل كبير». وتعمل فرق الدفاع المدني وفوج الإطفاء بمشاركة مروحيات الجيش على إخماد الحريق منذ ساعات. إلا أن ذلك لم يحل دون تمدّد الحريق الى مستودعين آخرين على الأقل، يضم أحدهما أجهزة كهربائية منزلية.
وقال مدير العمليات في الدفاع المدني جورج أبو موسى إن «البضائع الموجودة وكميتها ونوعيتها تحول» دون القدرة على اخماد النيران بسرعة.
ورجّح عون في مستهل اجتماع المجلس الأعلى للدفاع في القصر الرئاسي، أن يكون الحريق «عملاً تخريبياً مقصوداً أو نتيجة خطأ تقني أو جهل أو إهمال».
واعلن الجيش اللبناني في بيان له: اندلاع حريق في مستودع للزيوت والاطارات في السوق الحرة في مرفأ بيروت، وبدأت عمليات اطفاء الحريق، وستشارك طوافات الجيش في اخماده.
واعلن المدير العام لادارة واستثمار مرفأ بيروت باسم القيسي انه سيصدر اليوم تعميماً الى جميع التجار والمستوردين يطلب منهم عدم استيراد او تخزين اي مواد او بضائع قابلة للاشتعال، وتشكل خطرا على السلامة العامة دون اذن مسبق.
وبعد وقت قصير من اندلاع الحريق، قال هيثم وهو أحد العمال في المستودع الأول الذي التهمته النيران لوكالة «فرانس برس»، «كنا نعمل وفجأة بدأوا يصرخون، أخرجوا من الشركة»، مضيفاً أن «أعمال تلحيم كانت قائمة.. واندلعت النيران، لا نعرف ماذا حصل».
وتابع «تركنا كل شيء وبدأنا نركض، تذكرنا الانفجار. لم أعد أعلم هل أتصل بعائلتي أو أخوتي الذين يعملون في المرفأ».
وأثار الحريق حالة من الهلع في بيروت التي ما زالت تلملم جراحها بعد الانفجار المهول الذي أوقع أكثر من 190 قتيلاً وأصاب أكثر من 6500 بجروح، عدا عن تشريد نحو 300 ألف شخص من منازلهم.
وقالت هالا التي كانت قد استأنفت امس عملها في حي مار مخايل المحاذي للمرفأ في تغريدة «كان اليوم هو أول يوم عمل لي في المكتب.. بعد إصلاحه بالكامل. بينما كنت جالسة، نظرت عبر النافذة إلى يميني لأرى دخاناً أسود ضخماً. بدأ جسدي يرتجف دون أن أتمكن من السيطرة على نفسي وملأت الدموع عيني». وتابعت «اللعنة عليهم (بسبب) صدماتنا التي لا تنتهي».
وأبدت الرئاسة الفرنسية «استعدادها للاستجابة للاحتياجات إذا لزم الأمر» مؤكدة أنّها «تتابع الوضع من قرب». وغرّدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين «يحزنني أن أرى حريقاً يجتاح مرفأ بيروت مرة أخرى» مبدية تعاطفها «مع الشعب اللبناني الذي سبق وعانى من انفجار مدمر الشهر الماضي».
وأثار اندلاع الحريق امس شكوكاً لدى سياسيين وحقوقيين، خصوصاً أنه الثاني هذا الأسبوع، بعد حريق الثلاثاء اندلع وفق الجيش في الردميات المختلطة بنفايات وبقايا أخشاب وإطارات غير صالحة. وأعادت الباحثة في منظمة العفو الدولية ديالا حيدر تغريد بيان الجيش الخميس، وسألت «حبّذا لو أخبرتمونا سبب الحريق في مرفأ مدمر وموضوع تحت عهدتكم».
وسأل رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، الذي قدّم استقالته من البرلمان إثر الانفجار «كيف يمكن أن يندلع حريق جديد رغم وجود كافة الأجهزة الأمنية والقضائية في مسرح جريمة مرفأ بيروت؟». وطالب «الأمم المتحدة بوضع يدها على التحقيقات».
تحقيق الانفجار
على صعيد التحقيق، استمع المحقق العدلي القاضي فادي صوان الى مدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا كشاهد.
ووفقا لما سرّب قدم اللواء صليبا شرحاً تفصيلياً لمعطياته والاجراءات التي اتخذت، بما في ذلك رفع كتاب الى المجلس الاعلي للدفاع واعلامه بما يحصل، لا سيما بعد اشارة النيابة العامة التمييزية.
22437
صحياً، سجلت وزارة الصحة 560 اصابة بفايروس Covid-9, مع سبع وفيات، ليرتفع عدد الحالات المثبتة مخبرياً الى 22437.
*****************************************
افتتاحية صحيفة الديار
نيران المرفأ تلتهم بقايا هيبة «الدولة» الفاشلة… «الحريق» اهمال او متعمد؟
«كرة» التعثر الحكومي في «ملعب» باريس: تغير نهج التأليف او لا حكومة
ثقة بري بالفرنسيين «تهتز»… «واستياء» من موقف عون حيال «العقوبات»
ابراهيم ناصرالدين
ساعات حاسمة امام المبادرة الفرنسية قبل انتهاء مهلة تشكيل الحكومة مطلع الاسبوع المقبل، وعود فرنسية «بالتسهيل» حملها مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم من باريس تحتاج الى ترجمة عملية تنعكس تغييرا في اداء الرئيس المكلف مصطفى اديب الذي يصر على تجاهل القوى السياسية في مشاورات التأليف «الجامدة»، فاذا حصل التغيير المأمول في ادارته عملية التشكيل المحاطة بمواكبة فرنسية لصيقة، ستذهب الامور نحو الحلحلة، اما اذا ما استمر الحال على ما هو عليه تذهب البلاد نحو الاسئلة الصعبة والمجهول في ظل شكوك و«ريبة» في «عين التينة» من الموقف الفرنسي غير «البريء» من «دم» العقوبات…
حريق المرفأ… مفتعل او اهمال؟
وفي الانتظار، عاد المرفأ الى واجهة الاحداث من جديد من «بوابة» الحريق الهائل الذي اندلع على بعد 700متر من العنبر رقم 12الذي انفجر في الرابع من آب،وهذا الحريق هو الثاني خلال 48 ساعة، ما يطرح الكثير من الاسئلة وعلامات الاستفهام المثيرة «للريبة» حول هذا الفلتان الفاضح في هذا المرفق العام الذي يفترض ان يكون مسرحا «للجريمة» وهو تحت رقابة امنية مشددة، فاذا كان الحريق مفتعل فتلك مصيبة كبيرة، فهل من يستهدف مرفأ بيروت لاخراجه من الخدمة بعدما اعيد تشغيله بنسبة مئة بالمئة بسرعة قياسية، على غير ما كان متوقعا؟ ومن هي تلك الجهات؟ وهل ثمة من يريد اخفاء ادلة ما على صلة بتحقيقات الانفجار؟ وكيف يمكن العبث بمنطقة تعد مسرحا للجريمة دون اشراف دقيق؟ اما اذا كان مجرد اهمال، فالمصيبة اكبر لانها تفضح مجددا اهتراء منظومة سياسية، وامنية، وادارية،لا تنفك تعطي الخارج المعطيات الموجبة لزيادة «دوز» الوصاية الدولية،وتزيد من حالة انعدام الثقة المفقودة لدى المواطنين الذين لا يزالون يلملمون آثار تفجير «نيترات الامونيوم»… فكيف لم يتعلم المسؤولين عن ادارة المرفأ من درس التفجير الاخير؟ وكيف لا يزال التعامل مع المواد المخزنة بهذا الاستهتار «المريب»؟ وفي الخلاصة لن تعرف الحقيقة في بلد كل شيء فيه وجهة نظر قابلة للنقاش، وتتساوى فيها المعارضة مع السلطة في فسادها…
«ارتياب» في بعبدا
هذه الاسئلة وضعت على طاولة المجلس الاعلى للدفاع الذي قرر الذهاب بعيدا في التحقيقات، حيث لم يستبعد رئيس الجمهورية ميشال عون في مستهل الاجتماع اي فرضية مطالبا نتائج سريعة في التحقيقات التي يتولاها المدعي العام التمييزي غسان عويدات وهي منفصلة عن تحقيق تفجير الرابع من آب، واعتبر عون انه لم يعد مقبولا حصول اخطاء ممثالة بعدما كل ما حصل، ووفقا لاوساط مطلعة تعتقد الرئاسة ان ثمة تواطؤ مفضوح لدى اكثر من جهة لتسديد «الضربات» الموجعة الى العهد، وثمة ارتياب كبير في بعبدا حيال الاحداث الممنهجة والتخريبة التي لا يمكن ان تكون مجرد مصادفات…
وفي نهاية جلسته طلب المجلس الأعلى للدفاع من الأجهزة المعنية وإدارة المرفأ التدقيق والكشف على محتويات العنابر والمستوعبات الموجودة في المرفأ حالياً، كما تم عرض مسألة البضائع والمواد الموجودة في المستودعات في المرافئ والمطار لا سيما الخطرة منها والتي يتوجب تلفها او التخلص منها وفقاً للأنظمة والقوانين المرعية الاجراء تفادياً لأي حوادث كارثية قد تحصل من جراء خزنها.
اجراءات «وقائية» متاخرة…
وفيما ساد «الذهول» الاجهزة الامنية المعنية بالاشراف على المرفأ، وفي انتظار النتائج العملية للتحقيقات، جاء اعلان وزير الاشغال في حكومة تصريف الأعمال ميشال نجار بأن الحريق سببه قيام احدهم بورشة تصليح مستخدماً صاروخ ما ادى الى تطاير شرارة واندلاع الحريق، ليزيد من «السخط» لدى المواطنين حيال هذا الفلتان السائد على المرفأ وقلة المسؤولية في التعامل مع مواد شديدة الاشتعال والمخزنة في عنبر واحد…
وفي تحرك متأخر، يطرح الكثير علامات الاستفهام، أعلن الرئيس المدير العام لادارة واستثمار مرفأ بيروت بالتكليف باسم القيسي في بيان، انه «سيصدر اليوم، تعميما الى جميع التجار والمستوردين يطلب منهم عدم استيراد او تخزين اي مواد او بضائع قابلة للاشتعال وتشكل خطرا على السلامة العامة، دون إذن مسبق من كل الجهات المختصة،وفيما باشرت الشرطة العسكرية تحقيقاتها،اعلن الجيش اللبناني ان الحريق شب في مستودع للزيوت والاطارات في السوق الحرة، وتابع النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات مجريات التحقيق حول الحريق.
اين اصبحت التحقيقات؟
وفي تحقيقات انفجار الرابع من آب، استمع المحقق العدلي القاضي فادي صوان على مدار نصف ساعة الى وزير الاشغال في حكومة تصريف الاعمال ميشال نجار، ووفقا للمعلومات اكد الوزير انه عرف بوجود «نيترات الامونيوم» من رئيس مجلس الدفاع الاعلى اللواء محمود الاسمر قبل 24 ساعة من حصول الانفجار، وبعد احالة الامر الى ادارة استثمار المرفأ صباح الرابع من آب وقع الانفجار بعد الظهر… كما استمع صوان الى المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا كشاهد في جريمة الإنفجار وهو سيستمع يوم الاثنين المقبل الى مدير العام الامن العام اللواء عباس ابراهيم بصفته شاهدا ايضا. وقد افيد ان وزيرة العدل في حكومة تصريف الاعمال طلبت من هيئة التفتيش القضائي التحقيق مع من يلزم بشأن التسريبات المتواصلة للتحقيقات في ملف الانفجار. وفي سياق متصل تعرض المدير العام للجمارك بدري ضاهر لوعكة صحية، تقدم على اثرها محاميه جورج خوري بطلب إلى النيابة العامة التمييزية لتكليف طبيب الجيش بمعاينته في سجن الريحانية، وبعد قبول القاضي غسان عويدات جاء الرفض من المحقق العجلي القاضي فادي صوان…
هل تغيرت مقاربة باريس الحكومية؟
على الخط الحكومي، اطلع المدير العام للامن العام اللواء اللواء عباس ابراهيم رئيس الجمهورية ميشال عون على نتائج زيارته «الخاطفة» الى باريس حيث التقى السفيرين برنار ايمييه وايمانويل بون وبحث معهما المبادرة الفرنسية، وعلم في هذا السياق، ان الفرنسيين مصرون على استكمال مبادرتهم الحكومية وخطة الانقاذ الاصلاحية بعيدا عن «الانزال» الاميركي المفاجىء على «شاطىء» العقوبات السياسية التي استهدفت حليفي حزب الله، رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ويعتقد الفرنسيون ان المصلحة المشتركة تقتضي تجاوز المحاولة الاميركية «لفرملة» المحاولة الانقاذية، خصوصا ان ايمييه كان حاسما لجهة عدم وجود تنسيق مع واشنطن حول توقيت صدور هذه العقوبات التي قد تتبعها اجراءت اخرى في الايام المقبلة في ظل اصرار الاميركيين على الفصل بينها وبين مسار الخطة الفرنسية.
والنصيحة الفرنسية المكررة في هذا الاطار تكمن في ضرورة تقطيع الوقت باقل الاضرار الممكنة الى ما بعد الانتخابات الاميركية حيث يأمل الفرنسيون عودة الديموقراطيين الى البيت الابيض ما يعزز احتمالات التفاهم مع واشنطن.
ملاحظات عون حول اديب
وعلى الرغم من نفي اللواء ابراهيم، قيامه بزيارة باريس «كموفد رئاسي»، فهو حمل ملاحظات الرئيس عون على «الادارة الغامضة» للتاليف التي يقوم بها الرئيس المكلف مصطفى اديب، محملا اياه مسؤولية الابطاء في «الولادة» الحكومية في ظل اصراره على عدم التشاور مع القوى السياسية الوزانة في البرلمان، ما قد يسبب في اطالة «الاخذ والرد» حيال الحقائب والاسماء، مذكرا بان رئيس الجمهورية ليس مجرد معقب معاملات وتوقيعه ليس على «بياض»، وثمة توازنات واقعية يجب مراعاتها في اي عملية تشكيل.
وعود فرنسية بالتسهيل؟
وقد حمل اللواء ابراهيم اجوبة فرنسية واضحة تتحدث عن تفهم فرنسي لهذه الملاحظات، مذكرة بان الرئيس ايمانويل ماكرون انطلق في مبادرته من خلال «الواقعية» السياسية التي املت عليه الجلوس مع كل المكونات اللبنانية بما فيها حزب الله، والموقف الفرنسي واضح لجهة تشكيل حكومة من الاختصاصيين غير الاستفزازيين، لا يلقون معارضة من ممثلي الاحزاب الممثلة في البرلمان، وقد وعد ايمييه بتكثيف الاتصالات مع اديب لتوسيع هامش مشاوراته تسهيلا لولادة الحكومة.
رهان فرنسي على الوقت
ووفقا لهذه المعطيات، من المرتقب ان تشهد الساعات المقبلة تزخيما للاتصالات السياسية، بهدف استيلاد الحكومة مطلع الاسبوع المقبل، وفيما لا يزال «الارتياب» قائما حول الموقف الفرنسي من اسناد وزارة المال الى الشيعة، وسط غموض واضح في الموقف حيث يراهن الفرنسيون على الوقت مع استمرار تسريب المعلومات حول اعتكاف مرتقب للرئيس المكلف،وقد تبلغت باريس وجود رغبة حقيقية لدى القوى الرئيسية في انجاح المبادرة الفرنسية،لا سيما «الثنائي الشيعي» الذي لا يزال يبدي انفتاحا على التعاون لكن ضمن الثوابت التي تم الاتفاق عليها مع الرئيس ايمانويل ماكرون.
«الكرة في معلب» الفرنسيين؟
وفي هذا السياق، تؤكد مصادر سياسية بارزة، ان «الثنائي الشيعي» لا يزال عند موقفه في الاسراع بتشكيل الحكومة، لان الاستقرار يشكل اولوية مطلقة لديه، والاجوبة العملية مطلوبة من الفرنسيين في هذه اللحظات الحرجة، وهم معنيون بالرد على الاميركيين اذا ما كانت خطوتهم الاخيرة تشكل «اطلاق نار» على مبادرتهم، وهذا يجب ان ينعكس في كيفية ادارة الرئيس المكلف لعملية التشكيل،والفرنسيون قادرون على احداث نقلة نوعية في هذا السياق لان التنسيق بينهم وبين اديب شبه يومي، واذا استمر في «ادارة ظهره» للقوى السياسية يعني «مش ماشي الحال»، ولن «يمشي»، واذا لم يستمع اديب الى نصائح الرئيس عون فسيتحمل وحده مسؤولية المراوحة القائمة حاليا، مع العلم ان التمسك بوزارة المال سابق للعقوبات الاميركية ولا يعتبر موقفا متشددا من «الثنائي الشيعي»، والمطلوب الان مرونة وتغيير في نهج عملية التأليف، وهو امر ستتضح معالمه في الساعات القليلة المقبلة، والمطلوب من الفرنسيين افعالا لا اقوال، والترجمة العملية ستكون في اللقاء المقبل بين عون واديب، وعندها ستتضح معالم المرحلة المقبلة، فاذا تغير النهج في التشكيل تصبح «الولادة» ممكنة في المهلة المحددة، واذا تمسك الرئيس المكلف بموقفه، فيعني ذلك بوضوح ان الفرنسيين يقولون شيئا ويضمرون شيئا آخر.
شكوك بري بالفرنسيين
وفي المقابل، تشير اوساط سياسية بارزة الى ان رئيس مجلس النواب نبيه بري لديه شكوك عميقة حيال الموقف الفرنسي، ووفقا لمعلوماته فان الادارة الفرنسية كانت على دراية بالعقوبات الاميركية وتوقيتها، ولم تتخذ اي اجراء لتجميدها او تاجيلها مع العلم ان مسار التاليف لم يكن قد وصل بعد الى افق مسدود والتفاوض ضمن المهلة المتفق عليها، وهو سئل امام زواره حول التراخي الفرنسي حيال هذا الاجراء «المستفز» ذو الدلالات السياسية الواضحة؟
…واستياء من موقف عون؟
وفي السياق نفسه، تشير المعلومات الى ان «عين التينة» مستاءة ايضا من موقف بعبدا «الضعيف» ازاء العقوبات الاميركية، ورات في اقدام الرئيس عون على مطالبة وزارة الخارجية باستيضاح الاميركيين حول خلفياتها، اجراء لا يرتقي الى مصاف الحدث، و«حرتقة» داخلية في غير مكانه، فالامر ليس مسألة ادارية تتعلق بالفساد كما يقول الاميركيين، ليطالب عون بالادلة، ولا يحتاج الامر الى تدقيق قضائي، فالموقف سياسي بامتياز، ويحتاج في المقابل الى موقف سياسي على المستوى نفسه، وهو ما لم تقدم عليه الرئاسة الاولى.
وفي تبريرها لموقف عون، تشير مصادرمطلعة الى وجود قلق لدى الرئاسة الاولى من عقوبات مفترضة في الاسابيع المقبلة تطال التيار الوطني الحر، والمقربين من الرئيس، وثمة محاولة لعدم افتعال تصعيد مع الاميركيين في هذا التوقيت، كما ان مسألة مكافحة الفساد «بضاعة ربيحة» في هذا التوقيت خصوصا ان عون سبق واشار في مقابلته الاخيرة الى وجود فساد في وزارة المال.
تأجيل الانتخابات الفرعية
في غضون ذلك، تقرر بعد التشاور بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، إرجاء اجراء الانتخابات الفرعية في ست دوائر انتخابية صغرى الى ما بعد 1/1/2021، وقد عللت الاسباب بالاضرار التي لحقت بالاحياء السكنية في الاشرفية والرميل والمدور والصيفي واعتبارها مناطق منكوبة، ما يعيق اجراء الانتخابات في هذه الدائرة حيث الشغور فيها، والتعبئة العامة نتيجة «كورونا، وقد ايدت هيئة التشريع والاستشارات القرار واعتبرت ان اعلان حالة الطوارئ في بيروت قد ينتج عنها تدابير منع تجول للاشخاص والسيارات، الامر الذي يمكن ان يعطل اجراء الانتخابات فيما لو اضطرت السلطات المختصة الى اعلان منع التجول لاي سبب، ولذلك ثمة استحالة او شبه استحالة لاجراء العملية الانتخابية.
*****************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
حريق المرفأ…إهمال أم تعمّد لإخفاء أدلة؟
فيما لاتزال بيروت تُلملم جراحها بعد مرور أكثر من أربعين يوماً على إنفجار المرفأ وما خلّفه من دمار بالاملاك العامة والخاصة وسقوط اكثر من 190 قتيلاً والاف الجرحى، إندلع امس حريق كبير في منطقة السوق الحرة في مرفأ بيروت، حيث اشارت المعلومات انه شبّ في مستودع يدعى «بي سي سي» يحوي رواسب زيوت واطارات، وذلك بعد ايام على حريق اخر، فسبّب حالات هلع في نفوس سكان المناطق المُحيطة الذين تركوا منازلهم وهرعوا نحو الاحياء البعيدة عن المرفأ خوفاً من إنفجار شبيه بإنفجار الرابع من اب الذي حدث بعد اشتعال سلسلة حرائق في احد العنابر.
وتصاعدت أعمدة دخان سوداء لتغطي أنحاء واسعة من العاصمة وتناثرت مواد متفحمة على مساحة بعيدة من مكان حدوث الحريق ورصدت بكاميرات المواطنين في منطقة السوديكو لا بل ابعد من ذلك.
وهُرعت الى المرفأ سيارات الاطفاء والدفاع المدني من عدد من المناطق لإخماد الحريق الذي توسّعت رقعته ما سبّب بحالات إختناق وضيق تنفّس لبعض المواطنين. كما إستقدم الدفاع المدني رافعة الى مكان الحريق للعمل على اخماد النيران «من فوق» بشكل يُسرّع عملية الاطفاء وسط مؤازرة من طوافات الجيش.
كما ساهمت سيارات تابعة لاتحاد بلديات الضاحية الجنوبية في اطفاء الحريق في اطار دعوة البلديات القادرة على المساعدة.
وطلب من المواطنين عدم الاقتراب من النوافذ او اية الواح زجاجية في المناطق المتاخمة للحريق الضخم، في حين تم قطع كل الطرق المؤدية إلى المرفأ لا سيما جسر الرينغ، كما تم تحويل السير من القاعدة البحرية باتجاه تقاطع برج الغزال، وقطع وتحويل السير عند محلة الكرنتينا وتقاطع الصيفي باتجاه برج الغزال.
وتابع مدير مرفأ بيروت باسم القيسي تطورات الحريق من غرفة العمليات مع محافظ بيروت القاضي مروان عبود الى جانب ضباط من قيادة الجيش.
واصدرت قيادة الجيش بياناً جاء فيه «اندلاع حريق في مستودع للزيوت والاطارات في السوق الحرة في مرفأ بيروت وبدأت عمليات اطفاء الحريق وستشارك طوافات الجيش في اخماده».
واوضحت المديرية العامة لقوى الأمن عبر «تويتر» «ان عناصر قوى الامن الداخلي عمدت إلى ابعاد الفضوليين الذين تجمّعوا بالقرب من مكان الحريق في مرفأ بيروت»، وطلبت من الجميع عدم التوجه إلى جسر شارل حلو والمنطقة المحيطة به حفاظاً على سلامتهم».
بدوره، طلب محافظ بيروت القاضي مروان عبود من المواطنين عدم التوجه الى محيط مرفأ بيروت حفاظاً على سلامتهم ولعدم إعاقة عمل رجال الاطفاء الذين يكافحون نيران الحريق المندلع.»
وأكد المدير العام للدفاع المدني العميد ريمون خطار «ان اكثر من 16 آلية تابعة للدفاع المدني تعمل على اخماد الحريق المندلع في مرفأ بيروت، بالاضافة الى آليات تابعة لفوج الاطفاء، الى جانب عناصر من الجيش اللبناني وطوافة تابعة للقوات الجوية».
بدوره، قال الأمين العام للصليب الأحمر جورج كتانة في تصريح «ان الحريق في المنطقة الحرة في مرفأ بيروت ليس مفتعلاً»، وقال «حتى الساعة نقلنا حالة واحدة فقط تعاني من ضيق في النفس ولا داعي للهلع».
وطمأن كتانة أن «الحريق لن يؤدي الى أي انفجار وما هو مشتعل خردوات ولا اصابات في المكان والجيش يسيطر على الوضع في المكان».
قضائياً، تابع النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات من مكتبه، وبعد تسطيره لاستنابات قضائية، حول الحريق الحاصل في مرفأ بيروت. كلّف خبراء في الدفاع المدني وإطفائية بيروت تحديد سبب الحريق، على أن يتّخذ الإجراء اللازم إنطلاقا من مسؤوليته القانونية الحصرية برئاسة الضابطة العدلية. وهو باشر بذلك فور اتصال القوى الأمنية به.
وقد استمرت عمليات اخماد النيران في المرفأ حتى ساعة متأخرة من مساء امس بمشاركة فرق الاطفاء والدفاع المدني وطوافات الجيش الذين بذلوا جهوداً كبيرة في عمليات اخماد الحريق.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :