بينما تعيش البلاد حالة من الاستعصاء السياسي الواضح، في ذروة ازمة مالية اقتصادية أطاحت بما تبقّى من مقومات حياة، هناك من يخرج ليشخصن أي طرح وينتقد أي فكرة لمجرّد عيشه في "عقدة المنصب" أو بالحري عقدة "الياس بو صعب" الذي نجح في المنصب.
فمنذ أيام خرج نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب بطرح امام الجمود لتحريك المياه الراكدة على صعيد ازمة الرئاسة، وطرح اجراء انتخابات نيابية مبكرة لكسر المراوحة لا سيما وان الحوار غير ممكن في هذه اللحظة ولا الانتخابات سالكة.
طرح من خلفية وطنية محض. أخذه بو صعب على عاتقه، من باب المصلحة الوطنية، لا الشخصية لنائب رئيس مجلس النواب.
لكن يبدو ان نائب رئيس الحكومة سابقا غسان حاصباني الذي يعيش عقدة "دولة الرئيس" والتي كانت القوات اللبنانية اذكى من ان ترشحه لنيابة رئاسة مجلس النواب في معركة خاسرة، على الرغم من طموحه للمنصب، لا ينفكّ يثبت في كلّ مناسبة انه يعيش "عقدة الياس بو صعب".
ف"دولة الرئيس" حاصباني، وهو بالمناسبة يشترط على الإعلاميين مناداته باللقب، يعمل في الكواليس الإعلامية ليلا نهارا على الهجوم على بو صعب معتقدا ان الحروب الإعلامية تغيّر في الأمر شيئا، أو ان من شأنها ان تعطيه حيثية كتلك التي صنعها لنفسه بو صعب.
مؤخرا خرج شخصيا لينتقد طرح بو صعب بانتخابات نيابية مبكرة. وبدلا من ان ينتقد بالسياسة وهو مباح ومفهوم، شخصن الطرح قائلا ان من طرحه أي بو صعب، هو اوّل من قد يسقط في انتخابات نيابية مبكرة.
لكن فات حاصباني امران اساسيان. الأوّل أن الأصوات التي حصل عليها بو صعب هي أصوات قاعدته الشعبية كشخص، حيث ان التيار صبّ أصواته كلّها للنائب السابق ادي معلوف. وبالتالي كلّ صوت ناله بو صعب يثبت حيثيته الوطنية والاورثوذكسية، وذلك فات حاصباني الذي قد لا ينال صوتا واحدا خارج القوات اللبنانية التي وجّهت بالتصويت له.
امّا الامر الثاني والاهم، فهو ان بو صعب عرض طرحه من باب المصلحة الوطنية، لا الشخصية. فهو مستعد حتّى ان يخسر منصبه النيابي على فرض انه قد لا ينجح كما يزعم حاصباني من اجل المصلحة الوطنية، فيما حاصباني يتخد مواقفه السياسية والوطنية من باب المصلحة الشخصية فقط وبخلفية شخصية عنوانها "المنصب".
وقد يفهم في هذا الإطار موقف القوات اللبنانية والقوى الوطنية الأخرى حيث انها لم تكرّر خطأ الاتيان بشخصية تتمسك بالمنصب والشخصنة، الى منصب نيابة رئاسة الحكومة، ولا رشحّته لنيابة رئاسة مجلس النواب.. ففي لحظة تاريخية صعبة يؤكد التفكير "بمن يسقط ومن ينجح" امرا واحدا وهو غياب الحسّ والوعي الوطني الكافي لدى "ex دولة الرئيس".
نسخ الرابط :