افتتاحية صحيفة البناء:
نتنياهو يشتري الوقت بقبول الحوار بعد دخول الكيان حالة شلل تام… على شفا حرب أهلية معادلة «أوهن من بيت العنكبوت» تواكب اشتعال الشارع في آخر محاولة قبل الرحيل ميقاتي يدفع الضرر الأعلى بالضرر الأدنى: وأد الفتنة أعلى مرتبة من صلاحية التوقيت
كل العيون شخصت نحو فلسطين المحتلة تتابع عن كثب على مدار الساعة مشهد الكيان «الأقوى والأكثر ديمقراطية» في المنطقة، وهو يظهر في أشدّ لحظاته ضعفاً وأكثرها بعداً عن الديمقراطية، كما هتف مئات آلاف المتظاهرين يطالبون باستقالة الديكتاتور وفقاً للوصف الذي أطلقوه على رئيس حكومتهم بنيامين نتنياهو. وقد بدا الكيان خلال يومين وهو يحتضر، ويتقدّم بخطى ثابتة نحو حرب أهلية، بعدما سيطر الشلل التام على كل مرافق الحياة، من إغلاق المطار والموانئ الى الإضراب العام في المؤسسات العامة والخاصة، وتمرّد ضباط الاحتياط عن الالتحاق بالخدمة، وإقفال المدن الكبرى بمئات آلاف المتظاهرين، وقد اختزل الصراع العميق حول الهوية والخيارات الاستراتيجية ومستقبل الأزمة الوجودية، ما سُمّي بالانقسام حول التعديلات التي يريد من خلالها نتنياهو حليفيه ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش إلغاء استقلال المؤسسة القضائية كمرجعية موازية للحكومة، بما يضمن وقف ملاحقتهم القضائية بجرائم مالية وعنصرية، ويضمن اتخاذ قرارات ورسم سياسات لا تلقى قبول الجيش ويشكل القضاء ضابط الإيقاع في منعها، تهدد بأخذ الكيان الى مواجهة خطر انفجار كبير مع الفلسطينيين وفي المنطقة، في ظل تراجع في القوة يخيم على قراءة القيادات العسكرية، وتراجع في الحضور الأميركي وضمور في مسار التطبيع، وصعود في قوة محور المقاومة وتهديداته وتصاعد في المقاومة الفلسطينية وخروجها عن السيطرة.
«أوهن من بيت العنكبوت» معادلة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في توصيف الكيان منذ تحرير الجنوب عام 2000 حضرت كابوساً على الرأي العام في الكيان الذي رأى أشد عناصر ضعفه حضوراً وهو يستعيد هذه المعادلة، وبدا أن الشارع الذي لا يريد منح نتيناهو وبن غفير وسموتريتش شيكاً على بياض، يخشى إضافة لمخاطر التورط في حروب غير محسوبة، سواء انطلاقاً مما يجري في الضفة، وما قد يجري مع غزة أو لبنان أو سورية أو إيران، من تأثيرات إطلاق يد نتنياهو وحليفيه على الحريات الشخصية والسياسية، مع الطابع الديني المتعصب والمتطرف للجماعات المسيطرة على الحكومة، خصوصاً بالنسبة للشارع العلماني والليبرالي، بينما دب الذعر في أوساط رجال الأعمال إضافة للقلق من انفلات الوضع الأمني من تراجع دور القضاء كضامن ضروري للاستثمار، ووفقاً لخبراء في شؤون الكيان، يتشكل ائتلاف الشارع الغاضب من تحالف الذين يخوضون حروبهم الأخيرة مع حكومة نتنياهو حليفيه قبل قرار الرحيل، الذي يشكل بديلاً وحيداً للفشل في إعادة ضبط نتنياهو وحكومته عند حدود التوازن الذي يفرضه دور القضاء والجيش.
لبنانياً، أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي التراجع عن قرار الإبقاء على التوقيت الشتوي خلال شهر رمضان، فرصة لتنفيس الاحتقان الذي قسم اللبنانيين بصورة مريعة ومرعبة خلال اليومين الماضيين، حيث افتقدت كل التحليلات والمواقف التي تدعي حسابات لاطائفية الى تظهير أي تفاعل من خارج طائفتها يمنحها صفة الوطنية، بحيث كان على الرئيس ميقاتي، كما تقول مصادر مقربة منه، أن يدفع الضرر الأعلى بالضرر الأدنى، فيرتضي التنازل عن صلاحياته الإجرائية في مسألة التوقيت، ويلجأ إلى مجلس الوزراء لتغطية هذا التنازل، وهو كان بالأصل في قراره قد لحظ العودة إلى مجلس الوزراء، لكنه لم يعد إليه لتثبيت الإقرار بل للتراجع عنه، لأنه وضع يده على خطر فتنة لا بدّ من وأدها، واعتبار ذلك أعلى مرتبة من التمسك بصلاحية التوقيت، رغم اغتصاب مرجعيات سياسية وروحية لهذه الصلاحية بصورة مستغربة، فأعلن كل منها توقيتاً، بدا معه لبنان للأسف يعمل بتوقيتين إسلامي ومسيحي، لا صيفي وشتوي.
وسحب مجلس الوزراء فتيل التوتر الطائفي الذي طبع الأيام القلية الماضية، بالعودة عن قرار تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي، وقرّر العودة الى التوقيت الصيفي ابتداءً من ليل الأربعاء الخميس. وذلك في جلسة استثنائية عقدها المجلس ببند وحيد هو بند التوقيت.
وقد تمكنت الوساطات والاتصالات التي قاد جزءاً منها رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط في تجنيب لبنان الشر الطائفي المستطير، وقد علمت «البناء» أن «ردود الفعل على قرار وزاري لم تقتصر على حزب أو فريق سياسي بل شملت مختلف القوى المسيحية التي زايدت على بعضها البعض واتخذت الردود منحى طائفياً، وكادت أن تشتعل البلاد، ما دفع برئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى الاستجابة للوساطات وإخماد نار الفتنة التي يريد البعض جرّ البلد إليها من حيث يدري أو لا يدري، وعرض الموضوع على مجلس الوزراء لأخذ القرار المناسب لكي يتحمل الجميع مسؤولياته ولكي لا يتحمّلها الرئيس ميقاتي وحده». وعلمت «البناء» أن كل وزير أدلى بدلوه في إبداء رأيه تجاه هذا الملف، وكان نقاشاً بناءً ولو أنه اتسم بالحدية، لكن أغلب الوزراء شدّدوا على ضرورة العودة عن القرار لأسباب وطنية ولإنقاذ البلد من مصالح ومطامع واستغلال البعض لأهداف سياسية».
وكان لموقف جنبلاط الذي وجه انتقادات الى ميقاتي وأرسل له النائب هادي أبو الحسن موفداً لعرض وساطة لإنهاء الأزمة قبل تفاقمها وانعكاسها على الشارع المشتعل أصلاً، دور أساسي في تراجع ميقاتي وفق معلومات «البناء» وكذلك موقف البطريركية المارونية الذي شكل عاملاً حاسماً بقرار ميقاتي الذي جمع مجلس الوزراء ليكون قراره المخرج المناسب للتراجع.
وإذ اعتبرت أوساط حزبية مسيحية لـ»البناء» أن «الفيديو المسرب عن حديث رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي واتخاذهما قرار تأجيل التوقيت الصيفي أثار استفزاز شريحة واسعة من اللبنانيين وظهر جلياً الاستفراد بالحكم وتجاهل موقع رئاسة الجمهورية وإمعان بضرب الشراكة الوطنية وكأن لا رئاسة جمهورية ولا رئيس، فضلاً عن أنه مخالف للقانون ويضرّ بمصلحة لبنان وتواصله مع الخارج»، في المقابل تتهم مصادر في كتلة التنمية والتحرير رئيس التيار الوطني الحر ورئيس القوات سمير جعجع باستغلال الفيديو لشدّ العصب الطائفي للتوظيف السياسي وتعزيز تموضعهم في الملف الرئاسي، مشيرة لـ»البناء» الى أن «الخطابات التي أعقبت نشر الفيديو تؤكد استمرار سياسة تقسيم البلد والدعوات الى الفدرلة والطلاق مع المكونات الأخرى في البلد والتي جاهرت بها قيادات حزبية عدة تحت عنوان اللامركزية الموسعة التي تشكل انقلاباً على اتفاق الطائف». وتمنت المصادر لو يتفق المسيحيون على انتخاب رئيس للجمهورية كما اتفقوا على رفض قرار الحكومة.
وكان ميقاتي أطلق سلسلة مواقف بعد جلسة مجلس الوزراء، مشيراً الى أن «المشكلة ليست ساعة شتوية او صيفية تمّ تمديد العمل بها لأقل من شهر انما المشكلة الفراغ في الموقع الأول في الجمهورية، ومن موقعي كرئيس للحكومة لا أتحمل اي مسؤولية عن هذا الفراغ بل تتحمله القيادات السياسية والروحية المعنية وبالدرجة الأولى الكتل النيابية كافة تلك التي فضّت النصاب خلال 11 جلسة انتخاب سابقًا، وتلك التي تعهدت بعدم تأمينه في جلسات لاحقة من دون أن تتفق على مرشح يواجه مرشح الفريق الآخر».
وقال ميقاتي: «أمام هذا الاستعصاء، وأمام الدفع لجعل رئاسة الحكومة المسؤول الأول عما آلت اليه البلاد، قررت دعوة مجلس الوزراء اليوم لعرض ما سبق وورد في مذكرتي تاريخ 23 الحالي، بوجوب عرض الموضوع على مجلس الوزراء، وكان نقاش هادئ، حيث أبدى كل وزير رأيه وقرّر المجلس الإبقاء على قرار مجلس الوزراء رقم 5 تاريخ 20-8-1998 باعتماد توقيت صيفي وشتوي من دون اي تعديل في الوقت الحاضر، ويبدأ التوقيت الجديد منتصف ليل الأربعاء – الخميس المقبل، لأننا اضطررنا ان نأخذ فترة 48 ساعة لمعالجة بعض الأمور التقنية بموجب المذكرة السابقة، فأعطينا وقتاً لإعادة تعديلها».
ولفت ميقاتي إلى أننا «اليوم حللنا مشكلة واحدة لمواجهة الضخّ الطائفي وإسكاته، لكنني أضع الجميع امام مسؤولياتهم الوطنية في حماية السلم الأهلي والاقتصاد الوطني وعمل المرافق العامة. من هنا أدعو الجميع لانتخاب رئيس جديد للبلاد وتأليف حكومة جديدة من دون إبطاء. لقد تحمّلت ما ناءت تحته الجبال من اتهامات وأضاليل وافتراءات، وصمدت وعانيت بصمت غير اني اليوم أضع الجميع أمام مسؤولياتهم. وختم: ليتحمل الجميع مسؤولياتهم في الخروج مما يعانيه اللبنانيون. فالمسؤولية مشتركة ولا يمكن، ومن غير العدل أن تلقى على عاتق شخص أو مؤسسة ويقف الآخرون متفرجين او مزايدين. اللهم اشهد أني عملت ما في وسعي فلا تكلفني ما لا طاقة لي به. اللهم اشهد اني قد بلغت. اللهم اشهد اني قد بلغت».
وترك قرار مجلس الوزراء ارتياحاً لدى الأطراف المسيحية السياسية والروحية، فاعتبر جعجع أن «قرار الحكومة اليوم… فضيلة».
وأبدى البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي خلال اتصال هاتفي أجراه مع ميقاتي، «ارتياحه للقرار الذي صدر عن جلسة مجلس الوزراء في شأن العودة إلى التوقيت الصيفي». وأكد الراعي أن «لبنان يحتاج في هذه المرحلة الدقيقة إلى المزيد من القرارات الحكيمة التي توحّد اللبنانيين وتبعد كل أشكال الانقسام بينهم». وشددا على «ضرورة تجاوز أي اختلاف في وجهات النظر بروح وطنية جامعة، بعيداً من كل معيار طائفي أو فئوي». وجددا تأكيد «عدم إعطاء موضوع التوقيت الصيفي أي بعد طائفي أو فئوي». كما توافقا على أن «المدخل الأساسي لانتظام عمل المؤسسات الدستورية هو انتخاب رئيس للجمهورية». ودعوا «كل القوى المعنية بهذا الاستحقاق إلى مضاعفة جهودها لإتمامه في أسرع ما يمكن».
في المقابل وجّه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان نداء إلى «البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي والاخوة المسيحيين» ابرز ما جاء فيه»… لبنان ينتظركم، وإخراج البلد من كارثة التعطيل السياسي وسرطان القطيعة ينتظركم، وأم الكوارث بطريقها إلينا بل باتت بيننا، والتسوية الرئاسية المقبولة وطنياً تنتظركم، والقطيعة قطع للبنان، والتقسيم تفجير، والطائفية تدمير، والرؤوس الحامية أسوأ خطر على لبنان وشراكته الوطنية، والإصرار على «نحن وأنتم» هدم لآخر حجارة هذا البلد المطوّق بسكاكين العالم، فالعجل العجل لأن لبنان يقوم بوحدته الإسلامية المسيحية وشراكته الوطنية وإلا اشتعلت نار المذابح، وخيانة لبنان خيانة للرب ولشعب هذا البلد المنهك، فتداركوا لأن اللعبة الدولية وأوكار السفارات وسواتر مفوضية اللاجئين وجماعة الخرائط باتوا بالعلن، ولبنان على مفترق أخطر طريق على الإطلاق، ولا ينجينا من هذه الفتنة الصماء العمياء إلا تسوية رئاسية وطنية وتضامن وطني واسع بحجم إنقاذ لبنان، والخطر كل الخطر يكمن ببعض الرؤوس الحامية التي تعتقد أن مزيداً من القطيعة السياسية ومنع التسوية الرئاسية يعني تمزيق لبنان على طريقة الكانتونات، رغم أن ذلك يضع لبنان بقلب الخراب. حمى الله لبنان من فتنة أهله لأن نار الخراب تلوح بالأفق».
على صعيد آخر، حضر الملف اللبناني خلال الاتصال بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووليّ العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان الأحد الماضي الذي ناقش تعزيز تعاونهما في مجال الدفاع والطاقة، وجدّدا عزمهما على «العمل معاً» لمساعدة لبنان. وذكر الإليزيه أنّ الزعيمين عبّرا خلال اتّصال هاتفي عن قلق مشترك حيال الوضع في لبنان وكرّرا عزمهما على العمل معاً للمساعدة في إخراج البلاد من الأزمة العميقة التي تمرّ بها. وأوضح أنهما أشادا بـ»ديناميّة علاقتهما الثنائيّة» ولا سيّما لناحية «تعميق التعاون في مجالي الاقتصاد والثقافة». وأكدت الرئاسة الفرنسيّة أنّهما بحثا أيضاً في المجالات التي يمكن تعزيز هذا التعاون فيها، خصوصاً في ما يتعلّق بقضايا الدفاع والطاقة. من جهة ثانية، رحّب ماكرون بقرار السعوديّة وإيران استئناف علاقاتهما الدبلوماسيّة، مشدداً على «أهمّيته للاستقرار الإقليمي».
وتوجه جنبلاط نهاية الاسبوع الماضي الى باريس على رأس وفدٍ يضمّ نجله رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» تيمور جنبلاط والنائب وائل فاعور، وشدّد أمين سر «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن على أن «لا بد أن تجري عملية تدوير للزوايا للخروج بموقف ينقذ البلد لأنه الهم الأساسي اليوم». وأشار إلى أن «جنبلاط سيناقش في زيارته باريس الموضوع الرئاسي»، داعيًا إلى «مقاربة هذا الملف على قاعدة لا غالب ولا مغلوب»، لافتًا إلى أن «الطرح الفرنسي حول «المقايضة» بين رئاستَيْ الجمهورية والحكومة قد تراجع». ونفى «ما يُشاع عن توجه «الاشتراكي» لانتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية رئيسًا للجمهورية بسبب خياراته السياسية».
ولفتت مصادر مطلعة على الملف الرئاسي لـ»البناء» الى أن انعكاسات الانفراجات الإقليمية لا سيما على مثلث الرياض – طهران – دمشق سينعكس بطبيعة الحال على لبنان إيجاباً بنهاية المطاف، لا سيما بعد تصحيح العلاقات السعودية السورية وعودة العلاقات الدبلوماسية وبدء الزيارات المتبادلة على مستوى رفيع قد يصل الى الرئيس السوري بشار الأسد والأمير محمد بن سلمان، وعندها ستخلق معادلة إقليمية جديدة سيستفيد منها لبنان باتجاه تسوية سياسية تؤمن الاستقرار السياسي والأمني، وبالتالي الاقتصادي، لكن المصادر تُبدي مخاوفها من أن يطول أمد هذه التسوية ويدفع لبنان الثمن بمزيد من الانهيارات الى الارتطام الكبير، ما يستدعي من القيادات اللبنانية الى الإسراع في تأمين الحد الأدنى من التوافق على انتخاب رئيس من دون انتظار الخارج.
وشدّد عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق على «أننا نريد رئيساً يحمل مشروع توافق، ويريدون رئيساً مشروع فتنة بين اللبنانيين»، مضيفاً أن انتظار الخارج من أجل انتخاب الرئيس ليس سوى مضيعة للوقت في الزمن الصعب، مؤكداً أن قرار انتخاب الرئيس لن يكون إلاّ قراراً لبنانياً أولاً وثانياً وعاشراً.
وأشار الشيخ قاووق إلى أن المنطقة تدخل في مسارات وتحوّلات استراتيجية جديدة نتيجة التقارب مع سورية وإيران، وعلينا أن نواكب هذا التحوّل لكي لا نبقى خارج المسار، معتبراً ان «مصالح لبنان تقتضي أن يكون لبنان أول المبادرين لتحسين وتطوير العلاقات مع سورية».
ولفت كلام نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب الذي انتقد فيه النائب جبران باسيل، الى أن «رئيس مجلس النواب نبيه برّي يطلب ما يريد، ونحن نطلب ما نريد، لكن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي هو الذي اتخذ القرار، وميقاتي أخطأ لأنه لا يمكنه أن يعدّل مرسوماً بتعميم، ولكن لستُ موافقاً على ردّات الفعل غير المقبولة على القرار أيضاً».
ولفت بو صعب في حديث تلفزيوني الى أن «لديه اعتراضاً على طريقة كلام رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الأحد، وهو مستفزّ لشريحة من الناس، والخطأ لا يعالج بكلام من هذا النوع».
وأكد وزراء الزراعة في سورية ولبنان والأردن والعراق، «ضرورة تشكيل مجموعة عمل لخلق شراكات بين وزارات الزراعة في الدول الأربع مع المنظمات الدولية لإقامة مشاريع إقليمية مشتركة لمواجهة التغيرات المناخية وتحقيق الأمن الغذائي وإنشاء منصة لتبادل البيانات الإحصائية وتسهيل انسياب السلع الزراعية ومعالجة الصعوبات التي تواجه الترانزيت». كما أكد الوزراء في البيان الختامي الصادر عن الاجتماع الرباعي الذي عقد في دمشق على مدى يومين، «ضرورة إيجاد صيغة للتعاون والتنسيق والتكامل فى المجالات الزراعية والخدمات المرتبطة بها لتحقيق أفضل درجات التنسيق فى مجال الزراعة والغذاء بين الدول الأربع».
الى ذلك، استدى المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون الى جلسة استجواب الخميس بناءً على دعوى قدح وذمّ ا قامها ضدها الرئيس ميقاتي.
*****************************
افتتاحية صحيفة الأخبار:
البخاري يُطمئِن «حلفاءه» وليف تحذّر: عقوبات على المعرقلين
هناك عقوبات أميركية - أوروبية - عربية على المعرقلين». كانت هذه الرسالة المباشرة الوحيدة التي أبلغتها مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى باربارا ليف إلى المسؤولين اللبنانيين الذين التقتهم خلال زيارتها الأخيرة إلى بيروت.
باستثناء الحديث عن العقوبات، لم تعط المسؤولة الأميركية موقفاً واضحاً من الملف الرئاسي، ولم تدخل في أسماء محددة، مركزة على «الواقع المخيف الذي تعيشه البلاد في ظل مؤشرات على قرب الانهيار الكبير»، معبّرة عن استيائها من «حالة الإنكار الذي تعيشها الطبقة السياسية وعدم تعاملها مع الأزمة إن لجهة انتخاب رئيس للجمهورية أو القيام بالإصلاحات المطلوبة للخروج من الأزمة».
وقال مطلعون على الاجتماعات إن المسؤولة الأميركية «تمثل بلادها في خلية الأزمة الإقليمية - الدولية للملف اللبناني وحضرت الاجتماعات الخماسية التي عُقدت في باريس، لكنها لم تدخل في تفاصيل لها علاقة بأسماء مرشحين رئاسيين، بل اكتفت بالقول إن بلادها ستتعامل مع أي رئيس مُنتخب»، وكشفت عن «تبايُن في الموقف بين الإدارة الأميركية وبقية الدول الشريكة في مناقشة الأزمة اللبنانية، وتحديداً مع المملكة العربية السعودية».
وإلى جانب الرسالة التي نقلتها ليف في ما خصّ العقوبات، ثمّة رسالة ضمنية أخرى حملتها تمثّلت في عدم تضمن جدول زياراتها أي لقاء مع القوى المسيحية، علماً أن «رئاسة الجمهورية كانت أحد البنود التي تناولتها». واعتبرت أوساط سياسية أن «تعمّد ليف تغييب المسؤولين المسيحيين عن جدول زيارتها، بما في ذلك تجاهل البطريرك بشارة الراعي، حمل إهانة كبيرة للمكوّن المسيحي وفيه تهميش كبير، ومن المستغرب أن هذا التهميش لم يستفز أحداً من القوى المسيحية التي لم تعلّق على الأمر أو تدينه وكانت مشغولة بمعركة الساعة». وفسّرت الأوساط هذا الأمر على «أنه تحميل مسؤولية للقوى المسيحية للشغور الرئاسي وكأنهم هم الذين يعرقلون وحدهم هذا الاستحقاق»، متسائلة ما إذا كانت العقوبات التي لوّحت بها «ستطاول شخصيات مسيحية وحسب».
يوم الجمعة الماضي، استقبلت ليف في مقر السفارة الأميركية في عوكر النواب وضاح الصادق وإبراهيم منيمنة وعبد الرحمن البزري وبلال الحشيمي وفؤاد مخزومي. وقالت مصادر مشاركة إن اللقاء يعكس «إقرار ليف بالتنوّع السني وعدم اعتبار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ممثلاً لهم، خصوصاً أن الاجتماع ضم نواباً يتبنّون أفكاراً وتوجهاتٍ مختلفة». ولم يخرج اللقاء عن الصورة العامة لسائر اللقاءات التي عقدتها ليف مع المسؤولين اللبنانيين، إذ تحدّثت مع النواب الخمسة عن ثلاثة خطوطٍ عريضة: أولها الإسراع في إنجاز الاستحقاق الرئاسي، من دون أن تدخل في لعبة الأسماء إنما حصراً في المواصفات. وثانيها ضرورة عودة الانتظام إلى المؤسسات العامة، وثالثها إشارة إلى تقرير صندوق النقد الدولي الأخير والمخاوف التي أثارها حول وضع لبنان في حال الاستمرار بتأخّر تطبيق الإصلاحات. وطُلِبَ من النواب إعطاء آرائهم، فتناوبوا على الكلام، وكان هناك إجماع على أن «أحداً غير مرتاح لمشروع الصندوق في ظل حكومة غير شفافة في إظهار طبيعة حواراتها مع الصندوق»، وأن «الإصلاح غير ممكن قبل الإصلاح السياسي».
وبينما بلغَ التحريض الطائفي ذروته نهاية الأسبوع خلال «حرب الساعة»، تواصلَت حركة السفير السعودي في بيروت وليد البخاري الذي أوكِل مهمة «تطمين الحلفاء بأن الاتفاق الإيراني - السعودي لن يكون على حسابهم، وأن موقف الرياض لا يزال على حاله، وأنها لن تدخل في أي تسويات تفرض رئيساً على غير رغبة اللبنانيين، وتصر على رئيس سيادي إنقاذي بعيد من الفساد ولديه برنامج إنقاذي واضح». هذا الكلام العام كانَ فحوى حديث البخاري مع رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل، كما مع المسؤولين الروحيين الذي اجتمع بهم في منزل النائب فؤاد مخزومي.
وفي سياق آخر، عادَ أمس رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من باريس برفقة النائب تيمور جنبلاط والنائب وائل أبو فاعور. وعلمت «الأخبار» أن الهدف من الزيارة كانَ عقد لقاءٍ مع مدير الاستخبارات الخارجية في فرنسا برنار إيميه ومستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط باتريك دوريل. وأشارت مصادر مطلعة إلى أن الزيارة جرى الاتفاق عليها بين جنبلاط وإيميه، لأن الأخير لم يكن موجوداً في باريس خلال زيارة جنبلاط الماضية.
**************************
افتتاحية صحيفة النهار
مجلس الوزراء غطاء مثقوب للتراجع والانكشاف
حتما عكست قسمات الوجه المتجهم لرئيس حكومة تصريف الاعمال #نجيب ميقاتي خلال “الجلسة الطارئة” ل#مجلس الوزراء الذي استعصى عليه الانعقاد في أمور اشد “مصيرية” من فضيحة تهاوي “الوحدة الوطنية” المزعومة امام قرار ارجاء التوقيت الصيفي الملتبس والخاطئ، وبعدها لدى إعلانه قرار التراجع عنه، عمق اعتمال معارك الخسائر والمكاسب السياسية في هذا الموضوع الذي ضجت به البلاد لايام فيما تتصاعد تداعيات كوارث أخرى ستحل تباعا وبسرعة في واجهة المشهد الداخلي بعد طي صفحة “حرب التوقيتين”. ذلك ان الرئيس ميقاتي وان جسد الخاسر الأكبر في هذه العاصفة المجانية التي لم يكن ثمة ما يبررها اطلاقا اقله ظاهريا ومنطقيا، وما لم يكن خلف الاكمة ما وراءها من استدراجات وفق ما يتردد بكثافة في الكواليس، فان رئيس الحكومة لم يكن وحيدا في معترك التطوع لمواجهة خسائر وانكسارات، اذ ان كل ما يتصل بتفجير نقاط الانهاك والتفكك والانقسام الطائفي كان أيضا في كفة انهزام البلد كدولة لم تعد تجد فيه الاسرة الدولية سوى مكونات قبلية طائفية وطبقة سياسية كارثية. اعاد تراجع السلطة الحكومية برمتها امس، كما اقتضى المخرج الشكلي والدستوري والمعنوي عن قرار ارجاء التوقيت الصيفي، الواقع الداخلي الى مضمون اشد التقارير خطورة حيال ما بلغه واقع لبنان والذي صدر قبيل انفجار فضيحة التوقيتين على لسان بعثة صندوق النقد الدولي الى لبنان. وجاءت عاصفة التوقيت الصيفي بكل التباساتها المفتعلة لتحجب خطورة مضمون ذاك التقرير كما لتحجب تطورات اخرى جسيمة بعضها يتصل بالمراحل المتعاقبة للانهيارات المالية والمصرفية والاجتماعية وبعضها الاخر بتداعيات العجز القاتل عن انتخاب رئيس الجمهورية وثبوت “امحاء” لبنان من اجندات الدول المؤثرة حتى مع تصاعد حمى الرهانات عبثا على انفراج يأتي من الانفراج الإقليمي السعودي – الإيراني. لذا كان لا بد لاعادة ترميم على الطريقة اللبنانية بما لا يسمح باطاحة رئيس الحكومة الذي كان الجزء المتعلق بكلامه امس عن انتمائه الى المكون السني اشد وقعا داخليا على مستوى ابراز الحساسيات الطائفية الهائلة التي رمي المكون المسيحي بتهمة تفجيرها فيما كان “نداء” المفتي احمد قبلان الى المراجع المسيحية أسوأ تعبير اخر عن اعتمال التوظيف المذهبي لحجب مسؤوليات أساسية لمن يتحدث المفتي باسمهم… وبذلك تحولت الجلسة الحكومية، لحكومة تكابد عناء استجماع الشرعية المنهكة والمليئة بالثقوب، الى “حج خلاص” لمجمل المتورطين والمحرضين والموظفين لعاصفة كانت البلاد بغنى عنها تماما فاذا بها تكشف اخر منسوب الانكشاف “الوطني والوحدوي والسلطوي” سواء بسواء امام الرأي العام المحلي والدولي بشكل غير مسبوق وتثير التساؤل تاليا: أي فضيحة جديدة ستتبعها غدا او في قابل الأيام ؟!
التراجع والاصداء
اذن جرى احتواء ووضع حد قسري امس للضجة التي اثارها قرار تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي بتراجع مجلس الوزراء عنه. ففي جلسة استثنائية ببند وحيد هو بند التوقيت، قرر المجلس العودة الى التوقيت الصيفي ابتداء من ليل الاربعاء الخميس. وفي كلمة القاها بعد الجلسة، قال الرئيس ميقاتي: “لنكن واضحين ليست المشكلة ساعة شتوية او صيفية تم تمديد العمل بها لأقل من شهر انما المشكلة الفراغ في الموقع الاول في الجمهورية، ومن موقعي كرئيس للحكومة لا اتحمل اي مسؤولية عن هذا الفراغ بل تتحمله القيادات السياسية والروحية المعنية وبالدرجة الأولى الكتل النيابية كافة تلك التي فضّت النصاب خلال 11 جلسة انتخاب سابقًا، وتلك التي تعهدت بعدم تأمينه في جلسات لاحقة من دون ان تتفق على مرشح يواجه مرشح الفريق الآخر”. واعلن انه “امام هذا الاستعصاء، وامام الدفع لجعل رئاسة الحكومة المسؤول الاول عما آلت اليه البلاد، قررت دعوة مجلس الوزراء لعرض ما سبق وورد في مذكرتي تاريخ 23 الجاري، بوجوب عرض الموضوع على مجلس الوزراء، وكان نقاش هادىء، حيث أبدى كل وزير رأيه وقرر المجلس الابقاء على قرار مجلس الوزراء رقم 5 تاريخ 20-8-1998 باعتماد توقيت صيفي وشتوي من دون اي تعديل في الوقت الحاضر، ويبدأ التوقيت الجديد منتصف ليل الاربعاء- الخميس المقبل، لاننا اضطررنا ان نأخذ فترة 48 ساعة لمعالجة بعض الامور التقنية بموجب المذكرة السابقة ، فاعطينا وقتا لاعادة تعديلها”. وقال ميقاتي في موقف شخصي صرف “لقد تحملت ما ناءت تحته الجبال من اتهامات واضاليل وافتراءات، وصمدت وعانيت بصمت غير اني اليوم اضع الجميع امام مسؤولياتهم. ليتحمل الجميع مسؤولياتهم في الخروج مما يعانيه اللبنانيون ، فالمسؤولية مشتركة ولا يمكن ، ومن غير العدل أن تلقى على عاتق شخص أو مؤسسة ويقف الآخرون متفرجين او مزايدين. اللهم اشهد اني عملت ما في وسعي فلا تكلفني ما لا طاقة لي به . اللهم اشهد اني قد بلغت.”
وعلى الأثر اجرى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي اتصالا هاتفيا بالرئيس ميقاتي و”ابدى ارتياحه للقرار الذي صدر عن جلسة مجلس الوزراء في شأن العودة إلى التوقيت الصيفي”. وأكد الراعي أن “لبنان يحتاج في هذه المرحلة الدقيقة إلى المزيد من القرارات الحكيمة التي توحد اللبنانيين وتبعد كل أشكال الانقسام بينهم”. وشددا على “ضرورة تجاوز أي اختلاف في وجهات النظر بروح وطنية جامعة، بعيدا من كل معيار طائفي أو فئوي”. وجددا تأكيد “عدم إعطاء موضوع التوقيت الصيفي أي بعد طائفي أو فئوي”. كما توافقا على أن “المدخل الاساسي لانتظام عمل المؤسسات الدستورية هو انتخاب رئيس للجمهورية”. ودعوا “كل القوى المعنية بهذا الاستحقاق إلى مضاعفة جهودها لاتمامه في أسرع ما يمكن”.
وتعليقاً على قرار الحكومة بالعودة عن قرارها السابق بتأجيل العمل بالتوقيت الصيفي، غرّد رئيس حزب “القوات اللبنانية” #سمير جعجع : “قرار الحكومة اليوم فضيلة”.
على خط باريس
وفي الشأن الرئاسي تحديدا، عادت الأنظار الى معاينة حقيقة ما تحاول #فرنسا المضي في القيام به بعدما تكثفت المعطيات عن اصطدامها مجددا بعقبات غير قابلة للتذليل حيال الطرح التجريبي الذي حاولت تسويقه بتزكية معادلة تفضي الى القبول بانتخاب مرشح الثنائي الشيعي رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. وإذ تواترت المعلومات عن اتجاه باريس الى التراجع نهائيا عن ذاك الطرح، رصدت الأوساط الداخلية باهتمام ما اعلن في الساعات الماضية عن الاتصال الذي اجراه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان الأحد الماضي لجهة تناول الملف اللبناني بحيث “جددا عزمهما على العمل معا لمساعدة لبنان”. وذكر الإليزيه أنّ الزعيمين عبّرا خلال اتّصال هاتفي عن “قلق مشترك حيال الوضع في لبنان وكرّرا عزمهما على العمل معا للمساعدة في إخراج البلاد من الأزمة العميقة التي تمرّ بها”. ورحّب ماكرون بقرار السعوديّة وإيران استئناف علاقاتهما الديبلوماسيّة، مشددا على “أهمّيته للاستقرار الإقليمي”.
ونقلت مراسلة “النهار” رندة تقي الدين عن مصدر فرنسي رفيع وصفه الحديث بين ماكرون وبن سلمان حول لبنان وموضوع الفراغ الرئاسي بانه كان بناء جدا. وقال ان باريس ستستمر في العمل مع المملكة السعودية حول الملف الرئاسي اللبناني واذا اقتضت الحاجة لاحقا قد يزور المستشار الرئاسي الديبلوماسي باتريك دوريل السعودية للمزيد من التنسيق حول الموضوع علما انها ليست مبرمجة حاليا.
وتأمل فرنسا في ان عودة العلاقات بين السعودية وايران قد تعطي نتائج على الملف اللبناني علما ان الملف اليمني هو الاهم بالنسبة للسعودية. وتجدر الاشارة الى ان فرنسا تبحث عن حل للفراغ الرئاسي في لبنان وان اختيارها صيغة ترشيح سليمان فرنجية مع حكومة اصلاحية وضمانات من فرنجية بانه لن يعطل الحكومة الاصلاحية ولا يستخدم الثلث المعطل لا ينبثق من صداقة او انحياز لفرنجية بل لان الصيغ الاخرى مع مرشحين آخرين لم تنجح.
تزامن ذلك مع وجود رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط منذ نهاية الاسبوع الماضي في باريس على رأس وفدٍ يضمّ رئيس كتلة “اللقاء الديموقراطي” تيمور جنبلاط والنائب وائل فاعور ومعطيات تتحدث عن لقاءات ومشاورات يجريها الزعيم الجنبلاطي مع المسؤولين الفرنسيين الممسكين بملف لبنان حول الاستحقاق الرئاسي.علما ان جنبلاط لم يخف في احاديثه أخيرا دعمه لترشيح المسؤول البارز عن الشرق الأوسط وافريقيا في صندوق النقد الدولي الوزير السابق للمال جهاد ازعور.
وفي السياق الرئاسي إجتمع امس الرئيس ميقاتي مع السفيرة الفرنسية أن غريو في السرايا وأوضحت السفيرة انها بحثت الأوضاع الراهنة في البلد مع الرئيس ميقاتي “مثلما نقوم به بانتظام مع رئيس المجلس النيابي ومع كل الأطراف السياسية. واتفقنا بأن هناك حاجة ملحة للحوار ولحسن سير المؤسسات ولانتحاب رئيس للجمهورية ولتشكيل حكومة جديدة”. ولفتت الى “أن تدهور الأوضاع المعيشية للبنانيين تدعونا لأن نكون قادرين على الإستجابة لكل احتياجاتهم، واتفقنا بأن الاحوال باتت طارئة وملحة ويجب استعادة زمام المبادرة على أسس تستند الى الحوار البناء”.
********************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
باريس تستعجل “أي حلّ” لبناني… وماكرون يعتزم زيارة الرياض
الحكومة كسرت “فرمان” برّي: دولة الباطل “ساعة”!
بعد طول بحث وتمحيص في سبل إخراج نفسه من الورطة التي أوقعه بها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وإثر الاستعانة برئيسي الحكومة السابقين فؤاد السنيورة وتمام سلام، وبمعية مساعي رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، تلقف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي “تخريجة” مجلس الوزراء لحفظ ماء الوجه في شطب قراره الإبقاء على “التوقيت الشتوي” حتى نهاية نيسان المقبل، فأقرّ المجلس إعادة ضبط الساعة اللبنانية على التوقيت الصيفي العالمي… ولو بعد حين!
فبمزيد من الأسى والتحسّر، وبكثير من التلعثم والتأتأة، خرج ميقاتي من جلسة مجلس الوزراء ليؤكد بلسانه كسر “الفرمان” الموثّق بالصوت والصورة الذي كان بري قد أصدره وكلّفه تنفيذه، معلناً إقرار المجلس انطلاق التوقيت الصيفي الجديد ابتداءً من منتصف ليل الأربعاء- الخميس المقبل، على أساس الحاجة إلى فترة 48 ساعة إضافية “لمعالجة بعض الأمور التقنية” التي جرى تفعيلها بموجب المذكرة السابقة.
ورغم أنّ تداعيات ما حصل من تجاذب المكونات الوطنية عقارب الساعة اللبنانية أتت في سياق استكمال الصراع المرير والمتواصل بين المؤيدين لقيام ساعة “دولة الحق” والمستأثرين بساعة “دولة الباطل” وعقاربها المستحكمة والمتحكمة بمسار البلد ومصير أبنائه، غير أنّ ميقاتي أبى إلا أن يُلبس الموضوع لبوساً طائفياً ليداري خلفه الأبعاد السلطوية التسلطية الحقيقية خلف حقيقة النهج السائد في الحكم والقائم على سياسة “إيقاف الزمن” اللبناني ومنعه من التقدّم أي خطوة باتجاه استنهاض الدولة وإصلاح هيكلياتها البنيوية، فاعتبر أنّ “المشكلة ليست ساعة شتوية أو صيفية، إنما المشكلة هي الفراغ في الموقع الاول في الجمهورية، الذي تتحمله القيادات السياسية والروحية المعنية وبالدرجة الأولى الكتل النيابية كافة تلك التي فضّت النصاب خلال 11 جلسة انتخاب سابقًا، وتلك التي تعهدت بعدم تأمينه في جلسات لاحقة من دون ان تتفق على مرشح يواجه مرشح الفريق الآخر”.
تزامناً، لوحظ خلال الساعات الماضية إعادة تفعيل باريس قنوات اتصالها المباشر مع القيادة السعودية لاستعجال “أي حل” لبناني، بحسب تعبير أوساط متابعة للحراك الفرنسي، سيما في ضوء اتصال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والاتفاق معه على “العمل معاً” للمساعدة في إخراج لبنان من أزمته العميقة، مشيرةً إلى أنّ ماكرون يعتزم زيارة الرياض في وقت قريب لمحاولة التوصل مع القيادة السعودية إلى أرضية مشتركة حيال التصور المرتقب للحل اللبناني، خصوصاً في ضوء إعادة فتح قنوات التواصل المباشرة بين المملكة العربية السعودية وإيران.
وفي بيروت، لفت تحرك السفيرة الفرنسية آن غريو باتجاه المسؤولين للدفع باتجاه إقامة طاولة حوار تفضي إلى “انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة”، حسبما أعلنت من السراي الحكومي بعد لقائها ميقاتي، باعتبار أنّ “الاحوال باتت طارئة وملحة ويجب استعادة زمام المبادرة على أسس تستند الى الحوار البناء”.
أما على مستوى الموقف السعودي، فقد أكدت جولات السفير وليد البخاري على القيادات اللبنانية إثر عودته من اجتماع باريس التشاوري على عدم وجود أي تبدّل في توجهات المملكة العربية السعودية ونظرتها للحل اللبناني على أسسس “سيادية إصلاحية خارجة عن أي اصطفافات حزبية وفئوية”، وهذا ما جدد البخاري التشديد عليه سواءً بقوله من معراب أنّ “موقف المملكة ثابتٌ تجاه لبنان ولن يتغيّر، ودورها في اللجنة الخماسية يصبُّ في مصلحة لبنان وسيادته”، أو بتأكيده من الصيفي أمس على ثقة السعودية “بتطلعات الشعب اللبناني وإرادته في الخروج من الأزمات، لا سيما أنّ لبنان عودنا على مناعته تجاه الأزمات وقدرته على النهوض منها”.
*********************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
«الوزراء» اللبناني ينهي إشكالية «التوقيتين»… وميقاتي يلوّح بالاعتكاف
رئيس الحكومة رمى المسؤولية على «معطلي الانتخابات» والقيادات السياسية والروحية المعنية
أنهى مجلس الوزراء اللبناني الإشكالية التي نتجت عن القرار الحكومي بتمديد العمل بالتوقيت الشتوي حتى نهاية شهر رمضان، وما تلاها من اعتراضات مسيحية وتمرد على القرار، ما قسم البلاد إلى توقيتين مختلفين.
وقرر المجلس العودة إلى اعتماد التوقيت الصيفي بدءاً من ليل الأربعاء – الخميس، بعد اجتماع استثنائي عقده أمس (الاثنين) برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي أعلن عن القرار بعد الجلسة، رامياً كرة «مسؤولية البلاد في مرمى من يعطلون انتخابات الرئاسة والقيادات السياسية والروحية المعنية».
وكان لافتاً موقف ميقاتي الذي أتى بعد ساعات من لقائه رئيسي الحكومة السابقين فؤاد السنيورة وتمام سلام، حيث انتقد ردود الفعل الطائفية على القرار، ملوحاً في ختام كلمته بـ«الاعتكاف». وقال: «أسهل ما يمكن أن أقوم به هو الاعتكاف عن جمع مجلس الوزراء، وأصعب ما أقوم به هو الاستمرار في تحمّل المسؤولية… وقدرتي على التحمل قيد النفاد»، مضيفاً: «ليتحمل الجميع مسؤولياتهم… المسؤولية مشتركة ولا يمكن أن تلقى على عاتق شخص أو مؤسسة ويقف الآخرون متفرجين أو مزايدين… اللهم اشهد أني عملت ما في وسعي فلا تكلفني ما لا طاقة لي به».
وكان ميقاتي قد دعا مساء الأحد إلى جلسة للحكومة صباح الاثنين، وعلى جدول أعماله بندٌ وحيد يتعلق بموضوع التوقيت الشتوي والصيفي «في ضوء المستجدات الأخيرة الحاصلة في البلاد وتبعاتها على الصُعد كافة»، وذلك بعدما اتخذت الأمور منحى طائفياً وانقساماً مناطقياً إثر إعلان الأحزاب والمرجعيات الدينية المسيحية رفضها الالتزام بالقرار الحكومي وبدء العمل بالتوقيت الصيفي، وهو ما انعكس إرباكاً في حياة اللبنانيين.
وعقدت جلسة الحكومة أمس بحضور 16 وزيراً دخل معظمهم إلى السراي الحكومي من باب خلفي ولم يصدر عن أي منهم أي تعليق على الموضوع. وقال ميقاتي في كلمته: «منذ نهاية ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، وأنا أجاهد وأكافح مع ثلة من الوزراء والجيش والقوى الأمنية كافة والجنود المجهولين من الموظفين في الإدارات العامة للحفاظ على هيكل الدولة اللبنانية التي إذا ما انهارت يصبح صعباً جداً إعادة تكوينها… لم أكن يوماً من هواة التحدي والمناكفة… لم أكن يوماً من هواة التعدي على مقامات ومرجعيات دينية أو زمنية والتطاول عليها… لم أكن يوماً إلا صاحب رغبة وإرادة في الحفاظ على البلاد ومحاولة إخراجها من العتمة والعوز والعزلة». وأضاف: «للأسباب الآنفة كان قراري بالدعوة إلى عقد جلسات لمجلس الوزراء في الفترة الزمنية الماضية. كل القرارات التي اتخذت جاءت بدورها لتأمين سير المرافق العامة وللتخفيف عن الناس قدر الإمكان، في زمن عز فيه حس المسؤولية الجامعة عن بلد كان ولا يزال الأجمل والنموذج الأرقى في نظري ونظر كثير من اللبنانيين»، مضيفاً: «استمرار العمل بالتوقيت الشتوي حتى نهاية شهر رمضان الذي تشاورت بشأنه مع رئيس مجلس النواب، سبقته اجتماعات مكثفة على مدى أشهر بمشاركة وزراء ومعنيين».
وأكد أن «هذا القرار كان الهدف منه إراحة الصائمين خلال شهر رمضان لساعة من الزمن من دون أن يسبب ذلك أي ضرر لأي مكوّن لبناني آخر، علماً بأن هذا القرار اتخذ مراراً في السابق، لكن، فجأة، من خارج السياق الطبيعي والإداري البحت، اعتبر البعض القرار تحدياً له وأعطاه بعداً لم أكن أتصوره يوماً، لكني قطعاً لم أتخذ قراراً ذا بعد طائفي أو مذهبي». ورأى أن «قراراً كهذا لم يكن يستوجب كل هذه الردود الطائفية البغيضة التي دفعتني لأتساءل عن جدوى الاستمرار في تحمل المسؤولية عمن عجز عن تحملها بنفسه، وأقصد هنا النخبة السياسة التي اتفقت على كل رفض وسلبية لهذا المرشح أو ذاك لرئاسة الجمهورية، حتى عجزت عن وضع قائمة أسماء مرشحين للرئاسة للبدء بالعملية الانتخابية».
وأضاف: «لنكن واضحين، ليست المشكلة ساعة شتوية أو صيفية تم تمديد العمل بها لأقل من شهر، إنما المشكلة الفراغ في الموقع الأول في الجمهورية، ومن موقعي رئيساً للحكومة لا أتحمل أي مسؤولية عن هذا الفراغ، بل تتحمله القيادات السياسية والروحية المعنية، وبالدرجة الأولى الكتل النيابية كافة، تلك التي فضّت النصاب خلال 11 جلسة انتخاب سابقاً، وتلك التي تعهدت بعدم تأمينه في جلسات لاحقة من دون أن تتفق على مرشح يواجه مرشح الفريق الآخر». ولفت إلى أنه «أمام هذا الاستعصاء، وأمام الدفع لجعل رئاسة الحكومة المسؤول الأول عما آلت إليه البلاد»، دعا إلى جلسة الحكومة للبحث في القرار «وكان نقاش هادئ، حيث أبدى كل وزير رأيه، وقرر المجلس الإبقاء على قرار مجلس الوزراء المتخذ في العام 1998 باعتماد توقيت صيفي وشتوي من دون أي تعديل في الوقت الحاضر»، على أن يبدأ التوقيت الجديد منتصف ليل الأربعاء – الخميس المقبل «لأننا اضطررنا أن نأخذ فترة 48 لمعالجة بعض الأمور التقنية بموجب المذكرة السابقة، فأعطينا وقتاً لإعادة تعديلها».
وانطلاقاً من كل ما رافق هذا القرار ومن ثم التراجع عنه، قال ميقاتي: «اليوم حللنا مشكلة واحدة لمواجهة الضخ الطائفي وإسكاته، لكنني أضع الجميع أمام مسؤولياتهم الوطنية في حماية السلم الأهلي والاقتصاد الوطني وعمل المرافق العامة»، داعياً الجميع لانتخاب رئيس جديد للبلاد وتأليف حكومة جديدة من دون إبطاء.
وعبّر ميقاتي عن استيائه من الحملة التي طالته نتيجة القرار، قائلاً: «لقد تحملت ما ناءت به الجبال من اتهامات وأضاليل وافتراءات، وصمدت وعانيت بصمت غير أني اليوم أضع الجميع أمام مسؤولياتهم. إن كرة النار أصبحت جمرة حارقة، فإما نتحملها جميعاً، وإما نتوقف عن رمي التهم والألفاظ المشينة بحق بعضنا».
وفيما يعكس تلويحاً بالاعتكاف، قال: «أسهل ما يمكن أن أقوم به هو الاعتكاف عن جمع مجلس الوزراء، وأصعب ما أقوم به هو الاستمرار في تحمّل المسؤولية»، مضيفاً: «حقاً إنني أمثل جميع اللبنانيين، على اختلاف انتماءاتهم وطوائفهم، ولكنني أيضاً أمثّل مكوّناً وطنياً أساسياً في الحكم، وأعتز بذلك».
ورفض ميقاتي الحملات الطائفية، قائلاً: «كونوا على يقين أن الطائفة السنية ما كانت يوماً إلا وطنية بالمعنى الشمولي، وحافظت عبر التاريخ على وحدة البلاد والمؤسسات، وعملت، عبر نخبها وقياداتها، على صياغة مشاريع وطنية لا طائفية منذ الاستقلال، وتحملت اغتيال مفتيها ورؤساء حكوماتها ورجال دينها وسياسييها لأسباب وطنية بحتة وثمن ولائهم للبنان الواحد الموحد ولخطابهم الوطني اللاطائفي». وأكد: «رغم ذلك لم تخرج عن ثوابتها في العيش الواحد بين جميع اللبنانيين، بل كانت ولا تزال وستبقى أم الصبي التي تمارس الفعل الوطني اللاطائفي على الدوام. وهنا أقول للبنانيين جميعاً إن لكل إنسان قدرته على التحمّل، أما قدرتي فهي قيد النفاد».
وختم ميقاتي كلمته بالقول: «ليتحمل الجميع مسؤولياتهم في الخروج مما يعانيه اللبنانيون، فالمسؤولية مشتركة، ولا يمكن ومن غير العدل أن تلقى على عاتق شخص أو مؤسسة، ويقف الآخرون متفرجين أو مزايدين… اللهم اشهد أني عملت ما في وسعي فلا تكلفني ما لا طاقة لي به… اللهم اشهد أني قد بلغت».
تثمين «اشتراكي»
وثمن الحزب «التقدمي الاشتراكي» الذي شارك في مسعى لإنهاء الإشكالية، «التجاوب الحكومي».
وقدّر في بيان له «الموقف المسؤول» للرئيسين نبيه بري وميقاتي اللذين «بادرا إلى التلقف الإيجابي لمساعي رئيس الحزب وليد جنبلاط، ومعهما وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي وجميع المسؤولين المعنيين، وقد أثمر كل ذلك إنهاء الإشكالية التي حصلت حول تعديل التوقيت وما تلاها من تأجيج خطير للخطاب الطائفي».
وجدد الحزب دعوته إلى ضرورة الابتعاد عن كل شحن طائفي استفزازي، وعن ردات الفعل المتوترة، التي من شأنها الدفع بالبلاد أكثر إلى أتون الخطر، في ظل الأزمات الكبيرة الراهنة التي تستوجب المعالجات السريعة والحكيمة.
*********************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
لبنان يتجاوز قطوع الساعة.. باريس والرياض لضبط الرئاسة على التوافق
بعد العودة عن تأخير تقديم الساعة، والاعلان رسمياً عن بدء العمل بالتوقيت الصيفي اعتباراً من ليل الاربعاء الخميس، يمكن القول انّ لبنان تجاوز قطوعاً صعباً، ونجا من تداعيات شديدة الصعوبة ضَبَطته بين اصطفافات داخلية ينخرها العفن السياسي والطائفي. واذا كانت هذه العودة قد أعادت تنفيس الاحتقان، الّا انه يؤمل ألا يتم إدخال «معركة التوقيت» في بازار الربح والخسارة، وتتسابق بعض المكونات، على جاري عادتها مع كل محطة داخلية، الى نسب هذا الانجاز لها، ومحاولة تسييله سياسياً وشعبوياً.
ما من شك انّ هذه المعركة غير المسبوقة في أي مكان في العالم، على تقديم ساعة او تأخير ساعة، لم تؤكد فقط مدى الافلاس السياسي في هذا البلد، وتغطيته بمحاولة الاستثمار على أي أمر، أو اي تفصيل مهما كان تافهاً، إن كان يخدم المعركة السياسية لهذا الطرف او ذاك، بل اضافت الى تاريخنا محطة مُخجلة لا تنسى، وبالتأكيد لا نُحسد عليها، وأفرزت بالتالي حقيقة لا يمكن انكارها، تؤكد ان «الصراع على الساعة» قد أسقط الاقنعة الداخلية جميعها، وظهّر ما في بواطن النفوس، ليؤكد ان ما بين مكونات الصراع السياسي مِن فوارق وأحقاد وطائفيات ومذهبيات وكيديات وانقسامات باق في النفوس حتى قيام الساعة.
الأمر الواقع امّا وقد عادت الامور الى طبيعتها ووضع حدّ لهذه الملهاة، وانضبطت الساعة على التوقيت الصيفي، فليس على اللبنانيين سوى ان يعودوا الى واقعهم، ويستأنفوا صراع البقاء على الحياة في بلد لم يعد أحد يُجادل في أنه يسير بخطى ثابتة نحو دماره، وامّا مكونات السياسة فلم تخرج من وظيفتها التي تصدرتها منذ بداية الازمة، وعنوانها وجوهرها اللف والدوران حول الملف الرئاسي بالتوازي مع لفّ الحبل حول رقبة البلد، ودفعه عمداً وإصراراً خارج المسار الذي يمكن ان يلقى فيه فرصة نجاة.
خطى رئاسية متسارعة على انّ هذه التطورات التي تسارعت في الايام الاخيرة وما رافقها من صراخ وتوترات على أكثر من خط داخلي سياسي وطائفي، يبدو انها قاصرة عن مجاراة او اللحاق بالتطورات والحراكات المكثفة، والخطى الخارجية المتسارعة اكثر من أي وقت مضى على الخط الرئاسي يبدو انها سبقت الداخل، وقرّبت الملف الرئاسي اكثر من دائرة الحسم النهائي وانتخاب رئيس للجمهورية. واذا كانت بعض القراءات السياسية قد قرأت في الصخب السياسي الذي ساد في الثايام الاخيرة وتفاعل على حلبة تقديم او تأخير الساعة، صراخاً مفتعلاً، وغضباً كبيراً يخفي خوفاً أكبر من امور تجري في الخفاء بين الفرنسيين والسعوديين وبمباركة الاميركيين، قد تفرض وقائع رئاسية مغايرة لكل المنطق السيادي، فإنّ الاحاديث داخل الغرف الديبلوماسية متقاطعة جميعها على «ان ما يجري من مشاورات حول لبنان، وخصوصا بين الفرنسيين والسعوديين، ليس بالامر الشكلي، بل هو حراك في منتهى الجدية، لا يعبّر فقط عن موقف فرنسا والسعودية، بل هو محصّن ايضاً برغبة كلّ الدول الصديقة للبنان، في اعادة انتظام مؤسساته وسلطاته السياسية والدستورية، بما يؤسّس لإنعاشه اقتصاديا وماليا».
ووفقاً لما يقال في الغرف الديبلوماسية فإنّ «اصدقاء لبنان قد وضعوا ثقلهم بزخم اكبر هذه المرة، لمساعدة لبنان على إنجاز انتخاباته الرئاسية وتشكيل حكومة، وعلى ما بات واضحاً ربطاً بذلك، فإنّ فرصة انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان باتت ممكنة اكثر من السابق، وينبغي في هذا السياق ان يتمعّن اللبنانيّون بعمق في «الرسالة» التي يبعث بها الاتصال الاخير بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان. إضافة الى رصد الحراكات المرتبطة بالمستجدات الاخيرة في المنطقة، لا سيما ما يتعلق بالاتفاق السعودي الايراني».
ماكرون وبن سلمان وكان قد أعلن عن اتصال هاتفي جرى امس الاول الاحد، بين الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي، وكان لبنان في صلب المحادثات الهاتفية التي أجراها ماكرون وبن سلمان. وعلى ما أفاد قصر الايليزيه فـ»إنّ الزعيمين عبّرا خلال الاتّصال عن قلق مشترك حيال الوضع في لبنان وكرّرا عزمهما على العمل معاً للمساعدة في إخراج البلاد من الأزمة العميقة التي تمرّ بها». واللافت انّ هذا الاتصال سبقه اتصال بين وزير خارجية ايران حسين امير عبداللهيان، ووزير الخارجية السعودية فيصل بن فرحان، للتوافق على تسريع الخطى المندرجة في سياق الاتفاق بين البلدين.
التعجيل بالانتخاب الى ذلك، أكدت مصادر ديبلوماسية من العاصمة الفرنسية لـ»الجمهورية» انّ الجانبين الفرنسي والسعودي متّفقان على تمكين لبنان من تجاوز محنته، والتعجيل في انتخاب رئيس، كاشِفةً انّ ما حصل في الايام الأخيرة (سجال الساعة والخطاب الطائفي)، قد أثار مخاوف كبرى من ان ينزلق الوضع في لبنان الى واقع شديد الخطورة على كل المستويات، وباريس والرياض يعتبران انّ الضرورة مُلحّة لبلورة مخرج مشترك يُراعي المصلحة اللبنانية من كل جوانبها، وهما يعملان في هذا الاتجاه». ورداً على سؤال عما اذا كان في الافق لقاءات ومشاورات فرنسية سعودية وشيكة، لفتت المصادر الديبلوماسية الى ان ثمة خطوات قريبة جدا ستلي حتماً الاتصال بين الرئيس ماكرون وولي العهد بن سلمان، ليس بالضرورة ان يعقد اي لقاء في باريس، او في اي مكان آخر لإجراء مشاورات جديدة، خصوصاً انّ الجانبين يمكن القول انهما اصبحا في نقاشهما حول الملف الرئاسي في لبنان مراحل متقدمة جدا، والصورة باتت جلية امامهما، ومن هنا ليس مستبعداً ابداً، بل متوقع بقوة ان تتسارع التطورات في الايام القليلة المقبلة ويتبدّى مخرج مشترك سعودي فرنسي يتأسّس عليه توافق لبناني يُفضي سريعاً الى انتخاب رئيس للجمهورية والبدء بالخطوات التي يفترض أن تليه على صعيد إعادة تكوين السلطة والمؤسسات في لبنان».
غريو في السرايا وفي سياق متصل، برزت زيارة السفيرة الفرنسية آن غريو الى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، وأعلنت بعد اللقاء انها «بحثت الأوضاع الراهنة في البلد مع الرئيس ميقاتي مثلما نقوم به بانتظام مع رئيس المجلس النيابي ومع كل الأطراف السياسية. واتفقنا على أنّ هناك حاجة ملحة للحوار ولحسن سير المؤسسات ولانتحاب رئيس للجمهورية ولتشكيل حكومة جديدة». وقالت: «إنّ تدهور الأوضاع المعيشية للبنانيين يدعونا لأن نكون قادرين على الإستجابة لكل احتياجاتهم، واتفقنا على أن الاحوال باتت طارئة وملحة ويجب استعادة زمام المبادرة على أسس تستند الى الحوار البنّاء».
حراكات… وتغييب وقالت مصادر واسعة الإطلاع لـ»الجمهورية» انّ «الوقائع المتسارعة في الاقليم تؤشّر الى تحوّل حقيقي دَخلته المنطقة مع الاتفاق بين السعودية وايران، والملاحَظ في هذا السياق استعجال الجانبين السعودي والايراني على وضع هذا الاتفاق قيد التنفيذ الفوري، وهذا ما يؤكده الجانبان على كل المستويات». ولفتت المصادر الى انه في ما يعنينا نحن في لبنان، فمفاعيل هذا الاتفاق ستصل إلينا حتماً، والأهم ان يقرأ اللبنانيون هذا التحول، من السعودية وايران الى سائر المنطقة وصولاً الى اليمن وسوريا، فالصورة على وشك ان تشهد تبدلا جذريا، وبدأ التحوّل يسير وفق ما هو مرسوم له من «الارادة الكبرى» التي ترعاه وتحرّكه، وننصح اللبنانيين بأن يتحضّروا لأن يلاقوا هذا التحوّلات المستارعة في المنطقة بما يخدم حسم الملف الرئاسي والتعجيل بانتخاب رئيس جديد للجمهورية».
وتوقفت المصادر عند ما سمّتها ملاحظة شديدة الدلالة سجلت في المشهد الداخلي، تجَلّت في انّ زيارة مساعدة وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط باربرا ليف الى بيروت اقتصر فيها برنامج لقاءاتهاعلى مسؤولين لبنانيين محدودين، من دون ان تلتقي اي شخصية سياسية ممّن يصنّفون سياديين او تغييريين. اضافة الى تأكيدها على حاجة لبنان الى التعجيل بتوقيع برنامج تعاون مع صندوق النقد الدولي، والتعجيل بانتخاب رئيس للجمهورية، نائية بنفسها عن تسمية او تزكية اي مرشح سيادي كما يريده حلفاؤها في لبنان، او غير سيادي». الى ذلك، ووسط الجمود الداخلي في مربّع السلبية حيال الملف الرئاسي، برز تحرّك السفير السعودي في لبنان وليد البخاري في اليومين الاخيرين، حيث كان قد زار رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في معراب وحذّر من مغبّة عدم إجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان، لافتًا إلى أنّ الاتفاق السعودي – الإيراني تضمّن الرغبة المشتركة لدى الجانبين لحل الخلافات عبر التواصل والحوار بالطرق السلمية والأدوات الدبلوماسية، وقال إن موقف السعودية ثابت تجاه لبنان ولن يتغيّر، وبالتالي لن يشهد البلد انعكاساً سلبياً للاتفاق السعودي – الإيراني بل سيتأثر بشكل ايجابي. أمّا لجهة دور السعودية في اللجنة الخماسية، فهو معروف انّه يصبُّ في مصلحة لبنان وسيادته.
«تظبيط» الساعة وكان السجال على تقديم الساعة وتأخيرها قد حسم أمس، في مخرج انتهت اليه جلسة استثنائية لمجلس الوزراء في السرايا الحكومية، حيث تقررت خلالها العودة الى التوقيت الصيفي في لبنان اعتباراً من ليل الاربعاء – الخميس.
وقال الرئيس ميقاتي بعد الجلسة التي تناولت بندا وحيدا هو موضوع الساعة: «لم أكن يومًا من هواة التحدي والمناكفة، ولم أكن يومًا من هواة التعدي على مقامات ومرجعيات دينية او زمنية والتطاول عليها، ولم أكن يوماً الا صاحب رغبة وإرادة في الحفاظ على البلاد ومحاولة اخراجها من العتمة والعوز والعزلة، وللأسباب الآنفة كان قراري بالدعوة الى عقد جلسات لمجلس الوزراء في الفترة الزمنية الماضية وكل القرارات التي اتخذت جاءت بدورها لتأمين سير المرافق العامة وللتخفيف عن الناس قدر الامكان». اضاف: «لنكن واضحين ليست المشكلة ساعة شتوية او صيفية تمّ تمديد العمل بها لأقل من شهر انما المشكلة الفراغ في الموقع الاول في الجمهورية، ومن موقعي كرئيس للحكومة لا اتحمل اي مسؤولية عن هذا الفراغ بل تتحمله القيادات السياسية والروحية المعنية وبالدرجة الأولى الكتل النيابية كافة، تلك التي فَضّت النصاب خلال 11 جلسة انتخاب سابقًا، وتلك التي تعهدت بعدم تأمينه في جلسات لاحقة من دون ان تتفق على مرشح يواجه مرشح الفريق الآخر». وتابع: «أمام هذا الاستعصاء، وامام الدفع لجَعل رئاسة الحكومة المسؤول الاول عما آلت اليه البلاد، قررتُ دعوة مجلس الوزراء لعرض ما سبق وورد في مذكرتي تاريخ 23 الجاري، بوجوب عرض الموضوع على مجلس الوزراء، وكان نقاش هادىء حيث أبدى كل وزير رأيه وقرر المجلس الابقاء على قرار مجلس الوزراء رقم 5 تاريخ 20-8-1998 باعتماد توقيت صيفي وشتوي من دون اي تعديل في الوقت الحاضر، ويبدأ التوقيت الجديد منتصف ليل الاربعاء – الخميس المقبل، لأننا اضطررنا ان نأخذ فترة 48 ساعة لمعالجة بعض الامور التقنية بموجب المذكرة السابقة، فأعطينا وقتاً لإعادة تعديلها».
وقال: «اليوم حللنا مشكلة واحدة لمواجهة الضخ الطائفي وإسكاته، لكنني اضع الجميع امام مسؤولياتهم الوطنية في حماية السلم الأهلي والاقتصاد الوطني وعمل المرافق العامة. من هنا ادعو الجميع لانتخاب رئيس جديد للبلاد وتأليف حكومة جديدة من دون إبطاء. لقد تحمّلتُ ما ناءت تحته الجبال من اتهامات واضاليل وافتراءات، وصمدتُ وعانيت بصمت غير انّي اليوم اضع الجميع امام مسؤولياتهم». وختم: «ليتحمّل الجميع مسؤولياتهم في الخروج مما يعانيه اللبنانيون، فالمسؤولية مشتركة ولا يمكن ومن غير العدل أن تُلقى على عاتق شخص أو مؤسسة ويقف الآخرون متفرجين او مزايدين. اللهم اشهد انّي عملت ما في وسعي فلا تكلفني ما لا طاقة لي به. اللهم اشهد انّي قد بلّغت. اللهم اشهد انّي قد بلّغت».
الراعي مرتاح الى ذلك، أبدى البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي ارتياحه للقرار الذي صدر عن جلسة مجلس الوزراء بشأن العودة الى التوقيت الصيفي، مؤكداً ان لبنان يحتاج في هذه المرحلة الدقيقة الى المزيد من القرارات الحكيمة التي توحّد اللبنانيين وتُبعد كل اشكال الانقسام بينهم. جاء ذلك خلال الاتصال الهاتفي الذي اجراه مع الرئيس نجيب ميقاتي حيث كان تشديد منهما على ضرورة تجاوز اي اختلاف في وجهات النظر بروح وطنية جامعة بعيداً عن كل معيار طائفي او فئوي.
وجدّدا التأكيد على عدم اعطاء موضوع «التوقيت الصيفي» أي بُعد طائفي أو فئوي. كما توافقا على انّ المدخل الاساسي لانتظام عمل المؤسسات الدستورية هو انتخاب رئيس للجمهورية، داعيين كل القوى المعنية بهذا الاستحقاق الى مضاعفة جهودها لإتمامه بأسرع ما يمكن.
******************************
افتتاحية صحيفة اللواء
طي صفحة «الساعة».. وميقاتي أمام خيار الاعتكاف
قلق دولي وعربي من الانحدار الطائفي في لبنان.. والقضاء يستدعي عون إلى التحقيق
نجحت الجهود التي بذلت في عطلة نهاية الاسبوع، ليس فقط في نزع فتيل ما عُرف «بالتوقيت» الشتائي او الصيفي لا فرق في النتائج، فعادت الامور لتنتظم وقتياً، بل لجهة ثني الرئيس نجيب ميقاتي، الذي فوجئ بحجم الحملة التي استهدفته، واعادت البلاد الى اجواء الانقسام المقيت، لا سيما بعد العام 1988، عن العزوف عن متابعة ادارة الدولة، او الاعتكاف، وما يترتب على هذه الخطوة من نتائج بالغة الخطورة، لجهة انعكاساتها المباشرة على تسيير الحد الادنى من مصالح البلاد والعباد.
فتح لقاء رؤساء الحكومات: الرئيسان فؤاد السنيورة وتمام سلام مع الرئيس ميقاتي الطريق مجدداً امام جلسة لمجلس الوزراء عقدت ظهر امس ببند وحيد اعادة العمل بالتوقيت الصيفي، بدءاً من ليل الاربعاء – الخميس بعد اجراء الترتيبات المطلوبة، بعد انقضاء 48 ساعة على بدء العمل باستمرار التوقيت الشتوي.
ولكن مسألة ما بعد العاصفة لم تهدأ، فقد لوّح الرئيس ميقاتي أن الوضع الحالي لا يمكن ان يستمر، وان تلقى المسؤولية على الحكومة ورئيسها فقط، داعياً الجميع لتحمل المسؤولية وانتخاب الرئيس، رابطاً نزاعاً واضحاً لجهة رهن خياره بالاعتكاف بوقت، شدد حسب مصادره على انه لا يجوز ان يطول.
اعاد الرئيس ميقاتي الكرة الى القادة الروحيين والسياسيين المسيحيين، معتبراً ان المشكلة «ليست في ساعة شتوية او صيفية ثم بتمديد العمل بها لأقل من شهر، انما المشكلة الفراغ في رئاسة الجمهورية الذي تتحمله القيادات السياسية والروحية المعنية».
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان قرار مجلس الوزراء بشأن التوقيت الصيفي اخرج الملف من دائرة السجالات الطائفية ووضعه في اطاره اللازم بعدما أحدث بلبلة بين اللبنانيين وانعكس على مجمل القطاعات ولا سيما التربوية منها.
وأكدت هذه المصادر أن الزيارة الأخيرة لوفد صندوق النقد الدولي وما خرج عنها من انطباعات تستوجب التوقف عندها لاسيما في الإشارة إلى خطورة الوضع في لبنان ملاحظة ان أي تحرك رسمي حيال تحذير الصندوق لم يتظهر.
اما في الملف الرئاسي فإن المصادر نفسها تفيد بأنه لم يتقدم قيد انملة وليس مرشحا لأن يدخل في إطار النقاش الجدي في الوقت الراهن، لافتة إلى أن الأنظار تتجه إلى الخلوة الروحية في حريصا والتي يجمع فيها البطريرك الراعي النواب المسيحيين في إطار التلاقي كمرحلة أولى.
وتتابع الاوساط النيابية ما يجري على جبهة الاتصالات الفرنسية – السعودية، على هذا الصعيد، في ضوء الاتصال الذي اجراه الرئيس ايمانويل ماكرون بولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، لمتابعة التنسيق الحاصل في ما خص الوضع في لبنان، وحسب بيان الاليزيه، فالجانبان الفرنسي والسعودي اعربا عن قلقهما ازاء عدم انتخاب رئيس للجمهورية والوضع السائد في لبنان، مؤكدين ان بلديهما تعملان على المساعدة في اخراج البلد من الازمة العميقة التي تعاني منها، وسط معلومات عن توجه ماكرون لزيارة الرياض.
إذاً، انتهى الخلاف السجالي حول تأخير العمل بالتوقيت الصيفي بالتراجع عن القرار خلال جلسة سريعة وقصيرة لمجلس الوزراء غاب عنها سبعة وزراء من المقاطعين ووزير الزراعة عباس الحاج حسن الموجود في سوريا، واقتصرت على هذا البند فقط، على ان يُعمل بالتوقيت الصيفي بدءاً من منتصف الاربعاء الخميس المقبل، وردّ الرئيس ميقاتي بعد الجلسة سبب اتخاذ القرار الى إراحة الصائم خلال شهر رمضان فقط ساعة من الزمن من دون اي ضرر لأي مكوّن لبناني آخر، علما ان هذا القرار سبق وتم اتخاذه في السابق. وقال: ان استمرار العمل بالتوقيت الشتوي الذي تشاورت به مع الرئيس نبيه بري سبقته اجتماعات على مدى اشهر بمشاركة وزراء معنيين.
واكد انه لم يتخذ القرار بأي منطلق مذهبي او طائفي. وقال: ما كان قرار كهذا يستوجب كل هذه الردود الطائفية البغيضة. وكرر القول: ان المشكلة ليست في ساعة صيفية او ساعة شتوية بل في الفراغ الرئاسي، مضيفاً: ومن موقعي كرئيس للحكومة لا اتحمل مسؤولية هذا الفراغ بل تتحمله القيادات السياسية والروحية المعنية وبالدرجة الاولى الكتل النيابية كافة التي فضّت النصاب 11مرة خلال جلسات انتخاب الرئيس.
وحسب المعلومات عن الجلسة، كان النقاش هادئاً وادلى كل وزير برأيه ولكن كان اجماع على استنكار الاستنفار والانقسام الطائفي ولا سيما من وزراء ثنائي امل وحزب الله، لكن بعض الوزراء عاتب ميقاتي لانه لم يستشر الوزراء في مثل هذا القرار، فيما ايد الوزير امين سلام اعتماد التوقيت الصيفي. وجاء المخرج بعدم التصويت على القرار حتى لا يحصل انقسام بين الوزراء وصدر القرار بالاجماع بالعودة عن قرار تأجيل التوقيت الصيفي.
وعلمت «اللواء» ان المسعى الذي قام به عضو كتلة اللقاء الديموقراطي النائب هادي ابو الحسن بتكليف من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لمعالجة «ازمة» التوقيت الصيفي، اسفر عن مخرج تم التوافق عليه مع الرئيسين بري وميقاتي «بالعودة الى الاصول الدستورية، لأن مذكرة عن الامانة العامة لمجلس الوزراء لا تُعدّل ولا تلغي قراراً صادراً عن مجلس الوزراء، والتعديل يجب ان يكون عبر جلسة لمجلس الوزراء مهما كان القرار». وتم اقناع ميقاتي بالعودة عن القرار نظرا لإنعكاساته لا سيما على القطاع التربوي، لكن ميقاتي اصر على موقفه فصدر قرار وزير التربية باعتماد التوقيت الشتوي قبل ان تفلح الاتصالات في التراجع عن القرار. كما دخل اكثرمن طرف سياسي على خط حل الازمة لا سيما حزب الله، واقترح ان تتم دعوة الحكومة الى جلسة يصدر عنها قرار رسمي بالاجماع. وهذا ما حصل.
واوضح النائب ابو الحسن لـ«اللواء»: انه منذ نهار امس الاول وحتى منتصف الليل استمرت الاتصالات، وشملت جنبلاط الموجود في باريس، وصدر في هذه الاثناء قرار وزير التربية بخصوص دوام المدارس، والذي ساهم في دفع الامور نحو الحل في مجلس الوزراء، والذي يجب ان يكون مُلزماً لكل اللبنانيين.
اضاف: ومنذ الصباح (امس) كل الطرح في الاتصالات كان يقوم على العودة الى مجلس الوزراء لإصدار القرار المناسب بعد النقاش الوافي للموضوع من كل جوانبه.
وكان وزير التربية والتعليم العالي الدكتور عباس الحلبي قد تبلغ من الرئيس ميقاتي، أنه بصدد الدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء للبحث حصراً في موضوع التوقيت الصيفي، وبناء على ذلك ونظراً للإرباك الحاصل في القطاع التربوي الرسمي والخاص، يترك الوزير الحلبي للمسؤولين عن المدارس والمهنيات والجامعات الرسمية والخاصة، حرية اختيار وقت فتح مدارسهم ومؤسساتهم امس الاثنين، والعمل بالقرار الذي سوف يصدر عن مجلس الوزراء.
وبعد قرار مجلس الوزراء ابدى البطريرك الماروني بشارة الراعي ارتياحه للقرار في اتصال اجراه مع ميقاتي، مؤكداً ان لبنان يحتاج في هذه المرحلة الدقيقة الى مزيد من القرارات التي توحد اللبنانيين وكل اشكال الانقسام بينهم. كما اعلنت شركة «طيران الشرق الاوسط» في بيان، عن إعادة جدولة جميع الرحلات المغادرة من مطار رفيق الحريري الدولي وفق التوقيت الصيفي إبتداءً من منتصف ليل 29-30 آذار 2023.
وقدّر الحزب التقدمي الإشتراكي في بيان له، «الموقف المسؤول لرئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي اللذين بادرا إلى التلقف الإيجابي لمساعي رئيس الحزب وليد جنبلاط، ومعهما وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي وجميع المسؤولين المعنيين، وقد أثمر كل ذلك إنهاء الاشكالية التي حصلت حول تعديل التوقيت وما تلاها من تأجيج خطير للخطاب الطائفي».
وقال: وإزاء ذلك يجدد الحزب دعوته الى ضرورة الابتعاد عن كل شحن طائفي استفزازي وعن ردات الفعل المتوترة، التي من شأنها الدفع بالبلاد أكثر الى أتون الخطر في ظل الأزمات الكبيرة الراهنة التي تستوجب المعالجات السريعة والحكيمة.
وكان رئيس الحكومة والرئيسان السابقان فؤاد السنيورة وتمام سلام قد عقدوا اجتماعا مساء امس الاول، تم خلاله البحث في اخر المستجدات، «وتحديدا استعار الأجواء الطائفية في هذه اللحظة الوطنية المصيرية والخطيرة التي يعيشها لبنان والشعب اللبناني على مختلف المستويات».
وقد تمنى الرئيسان السنيورة وسلام على رئيس الحكومة «متابعة تصريف الاعمال الحكومية، ودعوة مجلس الوزراء في اقرب فرصة ممكنة لاتخاذ القرار المناسب في موضوع التوقيت ومعالجة الامور بما يراه مناسبا انطلاقا من مداولات مجلس الوزراء».
وعلّق ميقاتي، على ردود الفعل حول قرار تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي حتى انتهاء شهر رمضان، بالقول: أن الأمور وصلت إلى حد الاشمئزاز وليتحمل الجميع المسؤولية. وأعرب ميقاتي عن «أسفه للمنحى الطائفي الذي تتّخذه مسألة تأخير التوقيت الصيفي، والذي لا علاقة له بالموضوع». مضيفاً: يحز في نفسي أن يتخذ الامر هذا المنحى، ولكن ما إتُّخذ قد إتُّخِذ.
وتساءل: هل المطلوب هذه التعبئة الطائفية بدل الحرص الضروري على العيش الواحد، فيما كان يتوجّب تفعيل اجتماعات الطوارئ والاهتمام بمناقشة كيفية الخروج من المخاطر التي عبّر عنها صندوق النقد الدولي؟.
وكانت معلومات قد أفادت أن ميقاتي اجرى اتصالاً بالبطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، لشرح ملابسات مذكرة تأخير تقديم الساعة، لكن الراعي أصرّ على موقفه.
وفي السياق، اعلن وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى في بيان، ان ما تتداوله بعض وسائل الاعلام عن لسانه هو غير دقيق، والصحيح ان وزير الثقافة اجاب على سؤال تم توجيهه اليه عما اذا كان مجلس الوزراء ورئيسه قد توقفا عن اداء مهامهم، فكان جوابه بأن رئيس مجلس الوزراء ممتعض عن حق من ردّات الفعل على قراره بشان تأخير العمل بالتوقيت الصيفي، ويعتبر بأن هناك من يريد ان يشطر البلد طائفيا.
رئاسيات
وحول الاستحقاق الرئاسي، اجتمع ميقاتي مع السفيرة الفرنسية آن غريو، التي قالت بعد اللقاء: بحثت الأوضاع الراهنة في البلد مع الرئيس ميقاتي مثلما نقوم به بانتظام مع رئيس المجلس النيابي ومع كل الأطراف السياسية. واتفقنا بأن هناك حاجة ملحة للحوار ولحسن سير المؤسسات ولانتحاب رئيس للجمهورية ولتشكيل حكومة جديدة.
اصافت: أن تدهور الأوضاع المعيشية للبنانيين تدعونا لأن نكون قادرين على الإستجابة لكل احتياجاتهم، واتفقنا بأن الاحوال باتت طارئة وملحة ويجب استعادة زمام المبادرة على أسس تستند الى الحوار البناء.
وفي جديد المواقف من الاستحقاق الرئاسي، التقى رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل، في بيت الكتائب المركزي السّفير السعودي في لبنان وليد البخاري، يرافقه الملحق العسكري في السفارة فواز بن مساعد المطيري، وأفاد المكتب الإعلامي في الكتائب أن «اللقاء المطول تناول آخر المستجدات في المنطقة ولبنان، لا سيما الملف الرئاسي، حيث جرى تشديد على ضرورة انتخاب رئيس في أسرع وقت ممكن على أن يكون قادراً على مواكبة المرحلة التي يمر فيها لبنان وينكب على معالجة كل الملفات لإخراج البلد من أزماته وفك عزلته عن العالم.
وأعرب البخاري عن ثقته في «تطلعات الشعب اللبناني وإرادته في الخروج من الأزمات، لا سيما أن لبنان عودنا على مناعته تجاه الأزمات وقدرته على النهوض منها».
وكان البخاري قد شدد على أهميّة انتخاب رئيسٍ للجمهورية «يكون سيادياً وإنقاذياً وبعيداً عن الفساد السياسي والمالي». وفي تصريحٍ له، مساء الأحد، خلال افطار اقامه النائب فؤاد مخزومي حضره مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وشخصيات، رأى البخاري «أنه من الضروري أن يحمل الرئيس العتيد برنامجاً إنقاذياً واضحاً، وقال: يجب أيضاً تكليف رئيس حكومة يمتلك المواصفات التي يجب أن تكون في رئيس الجمهورية، وذلك من أجل تشكيل حكومة فاعلة وقادرة على إعادة بناء مؤسسات الدولة وإنتشال البلد من أزماته».
جنبلاط في فرنسا
الى ذلك، باشر رئيس الحزب التقدّمي الإشتراكي وليد جنبلاط لقاءاته في العاصمة الفرنسية باريس لمتابعة البحث بملف رئاسة الجمهوريّة.
ويزور جنبلاط باريس على رأس وفدٍ يضمّ نجله رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» تيمور جنبلاط والنائب وائل فاعور، ومن المقرر أن يعقد لقاءٍ مع مدير المخابرات الخارجية في فرنسا برنارد إيميه ومستشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لشؤون الشرق الأوسط باتريك دوريل.
وأشارت المعلومات إلى أنّ الوفد متسمكٌّ بموقفه الداعي لإنتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية، لا يُشكل تحدياً لأحد وينفذ برنامج الإصلاحات المطلوبة.
معالجات مؤجلة
معيشيا، وفي وقت ارجئت جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة امس، لبحث اوضاع موظفي القطاعين العام والخاص، وتردد ان الرئيس ميقاتي سيزور المملكة السعودية لغداء فريضة العمرة وقد تكون لقاءات مع بعض المسؤولين السعوديين، ويعود خلال يومين اوثلاثة ليدعو الى جلسة جديدة لمجلس الوزراء بدل الجلسة التي كانت مقررة امس.
ونفذ موظفو هيئة «أوجيرو» اعتصاما في منطقة بئر حسن مؤكدين استمرارهم في الاضراب. وكان المجلس التنفيذي للنقابة أعلن الجمعة الماضي، تمسّكه بمطلبه الأساس وهو «تحسين الرواتب وربطها بالدولار، وبتأمين الأموال اللازمة للقيام بأعمال الصيانة والتشغيل، لتعود هيئة «أوجيرو» إلى ما كانت عليه في خدمة الوطن والمواطن».
ووسط حالة الفراغ هذه والعجز عن المعالجات، بات لبنان مهدداً باتصالاته مع العالم الخارجي وفي الداخل، فقد اعتصم عمال وموظفو هيئة «أوجيرو» أمام مبنى الهيئة في منطقة بئر حسن، للمطالبة بتعديل رواتبهم ودولرتها، على وقع إضراب مفتوح بدأ قبل أيام.
كما قطع الموظفون طريق أوتوستراد المدينة الرياضية قبالة مبنى الهيئة، أي عند الطريق المؤدية من الكولا إلى المطار.
وأكد موظفو هيئة «أوجيرو»، انهم مستمرون في الاضراب.
وبرزت مخاوف من ان يؤدي الاضراب الى عزل لبنان عن العالم، علماً أن خدمة الإنترت في لبنان سجّلت تراجعاً ملحوظاً في الفترة الأخيرة بسبب ارتفاع كلفة تشغيل الشبكة وإصلاح الأعطال وتحديث الآلات.
الاضراب أدّى إلى خروج سنترالات عدة عن الخدمة بشكل شبه كامل، باستثناء ما تغذّى بالتيار الكهربائي الرسمي. هذا التوقّف يعني خروج 100 ألف مشترك بين أفراد ومؤسسات عن الشبكة، وعدم تمكّنهم من إجراء الاتصالات الهاتفيّة أو الاتصال عبر الإنترنت، فضلاً عن زيادة الضغوط على سنترالات أخرى. وما يزيد الوضع كارثيّة أن هذه المراكز ليست محصورة بعمل «أوجيرو».
قضائياً، استدعى «المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون الى جلسة إستجواب بعد غد الخميس بناءً على دعوى قدح وذمّ مقدمة من الرئيس ميقاتي».
*********************************
افتتاحية صحيفة الديار
عودة الحكومة الى التوقيت الصيفي تفكك «الصاعق الطائفي» ولا تلغيه
البخاري يعمم استراتيجية التريث وباريس تجمد المقايضة الرئاسية ولم تنسفها
قطاع الاتصالات على «شفير الهاوية»… «اسرائيل» تنتحر والعين على الحدود – ابراهيم ناصرالدين
عاد رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي عن قراره بشأن التوقيت الصيفي، تحت وطأة «نيران» الطائفية البغيضة التي اشعلت البلاد افتراضيا لساعات طويلة، نبشت خلالها القبور، وخرجت كل الموبقات المدفونة الى العلن دون خجل من فئة غير قليلة من الناس التي اثبتت انها اسوأ من زعمائها باشواط. لكن ماذا بعد؟ لا شيء يذكر في السياسة، البلد يغرق، وما تبقى من دولة مشلولة يهدد رئيس حكومتها بـ «الاعتكاف»، فيما المسؤولون ينتظرون «الترياق» من الخارج الذي لم يحرك ساكنا حتى الآن باتجاه ايجاد ارضية صالحة للبناء عليها للانطلاق من التسوية الرئاسية باتجاه رسم معالم حكومة العهد الجديد والاصلاحات المطلوبة للبدء بالخروج من النفق. ويمكن القول ان «التريث» هو عنوان المرحلة الحالية، اقله حتى انقضاء شهر الاختبار السعودي- الايراني الذي سيخضع لصيانة عبر وزيري خارجية البلدين في شهر رمضان. هذا ما اوحى به السفير السعودي الوليد البخاري الى كل من التقاهم في الايام القليلة الماضية، وهو تريث انعكس ايضا على فحوى الاتصال بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، حيث يتبين من التسريبات الدبلوماسية، ان باريس تراجعت «خطوة الى الوراء»، ولم تلغ مقترح المقايضة بين الرئاسة الاولى والثالثة، لكنها تمنح اتفاق بكين الوقت اللازم كي يتبلور اكثر، وتنتظر من اطراف «الخماسية» الدولية مقترحات ملموسة بات من الاسهل تسويقها مع طهران الآن، وقد لمست «ليونة» سعودية لم تصل بعد الى حد الانفتاح على وضع الملف اللبناني على «طاولة» البحث وانما باتت اللغة اقل حدة. وبراي السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو، المسألة هي مسألة وقت كي تصبح الامور اكثر وضوحا، مع الامل في الا يطول الانتظار طويلا، كما تمنت امام رئيس حكومة تصريف الاعمال بالامس.
سحب فتيل «التوتر»
بعد ساعات من الاحتقان الطائفي في البلاد، تم سحب «فتيل» التوقيت الصيفي من التداول منعا من استغلاله طائفياً ومذهبياً، فقررت الحكومة تطبيق التوقيت الصيفي بدءا من ليل الاربعاء الخميس. ووفقا لمصادر سياسية بارزة، كان تدخل الرئيسين فؤاد السنيورة وتمام سلام مؤثرا، لكن الحل خرج بعد اتصالات حثيثة ادارها حزب الله من وراء الكواليس بعد فشل محاولة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مع ميقاتي عبر النائب هادي ابو الحسن، ودخوله على خط الضغط على رئيس حكومة تصريف الاعمال باعلان وزير التربية عدم التزام المدارس بقراره. بعدها تم الاتفاق على عقد جلسة حكومية والعودة عن القرار لوأد فتنة مفتعلة في البلاد تركت الكثير من الندوب المقلقة جدا على الرغم من بقائها في العالم الافتراضي.
السنة «ام الصبي»
واوضح ميقاتي ان قرار الـ 48 ساعة هو «لإعطاء الوقت لإصلاح بعض الأمور»، ان المشكلة ليست في «الساعة» وانما في الفراغ الرئاسي داعيا «الجميع إلى انتخاب رئيس جديد للبلاد وتأليف حكومة جديدة من دون إبطاء» وأن يتحمّلوا مسؤولياتهم «في الخروج مما يعانيه اللبنانيون، فالمسؤولية مشتركة ولا يمكن ومن غير العدل أن تُلقى على عاتق شخص أو مؤسسة ويقف الآخرون متفرجين أو مزايدين، مؤكداً أنّ القرار لم يكن طائفياً. وقال إنّ «استمرار العمل بالتوقيت الشتوي حتى نهاية شهر رمضان الذي تشاورت بشأنه مع رئيس مجلس النواب سبقته اجتماعات مكثّفة على مدى أشهر بمشاركة وزراء ومعنيين»، مؤكداً أنّ «قرار تمديد العمل بالتوقيت الشتوي كان الهدف منه إراحة الصائمين خلال شهر رمضان لساعة من الزمن من دون أن يسبّب ذلك أي ضرر لأيّ مكوّن لبناني آخر، علماً أنّ هذا القرار اتُخذ مراراً في السابق. وقال أنّ «كرة النار أصبحت جمرة حارقة، فإما نتحمّلها جميعاً وإما نتوقف عن رمي التهم والألفاظ الشائنة ضد بعضنا بعضا. وأشار إلى أنّ «أسهل ما يمكن أن أقوم به هو الاعتكاف عن جمع مجلس الوزراء وأصعب ما أقوم به هو الاستمرار في تحمّل المسؤولية». وشدّد على أنّ «الطائفة السنية ما كانت يومًا إلا وطنية بالمعنى الشمولي وحافظت عبر التاريخ على وحدة البلاد والمؤسسات وعملت عبر نخبها وقياداتها على صياغة مشاريع وطنية لا طائفية منذ الاستقلال»، معتبراً أنّ «الطائفة السنية كانت ولا تزال وستبقى أمّ الصبي التي تمارس الفعل الوطني اللاطائفي على الدوام.
الراعي «مرتاح»!
وفي خطوة باتجاه تبريد الاجواء بعد اعلان بكركي رفضها لقرار التوقيت، ابدى البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي خلال اتصال هاتفي أجراه مع ميقاتي، «ارتياحه للقرار الذي صدر عن جلسة مجلس الوزراء في شأن العودة إلى التوقيت الصيفي، مؤكدا أن «لبنان يحتاج في هذه المرحلة الدقيقة إلى المزيد من القرارات الحكيمة التي توحد اللبنانيين وتبعد كل أشكال الانقسام بينهم». وجددا تأكيد «عدم إعطاء موضوع التوقيت الصيفي أي بعد طائفي أو فئوي!
تجميد الافكار الفرنسية
في هذا السياق، وضعت السفيرة الفرنسية آن غريو رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في اجواء الاتصالات الاقليمية والدولية التي تجريها باريس، وآخرها الاتصال بين ماكرون وابن سلمان. ووفقا لمصادر مطلعة، فان الدبلوماسية الفرنسية اوحت بان بلادها تترقب مفاعيل الاتفاق السعودي- الايراني كي تبني على «الشيء مقتضاه»، وهي جمدت طرح فكرة التسوية التي تقوم على مقايضة الرئاسة الاولى بالثالثة دون ان تلغي الفكرة من اساسها، بانتظار ما لدى الآخرين من افكار لاخراج البلاد من حالة الاستعصاء الراهنة. ولفتت غريو بعد اللقاء الى ضرورة الحاجة الملحة للحوار ولحسن سير المؤسسات ولانتحاب رئيس للجمهورية ولتشكيل حكومة جديدة. وقالت « إن تدهور الأوضاع المعيشية للبنانيين تدعونا لأن نكون قادرين على الاستجابة لكل احتياجاتهم».
ليونة سعودية لا ايجابية!
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جدد ووليّ العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان يوم الأحد عزمهما على «العمل معا» لمساعدة لبنان. وذكر الإليزيه أنّ الزعيمين عبّرا خلال اتّصال هاتفي عن قلق مشترك حيال الوضع في لبنان وكرّرا عزمهما على العمل معا للمساعدة في إخراج البلاد من الأزمة العميقة التي تمرّ بها. لكن وبحسب اوساط دبلوماسية، لم يلحظ الرئيس الفرنسي تغييرا جذريا في الموقف السعودي ازاء الازمة اللبنانية، بل لمس استعدادا اكبر للاستماع وتبادل الافكار لحل قد يأتي في وقت لاحق. واذا كان الجانب الفرنسي لم يعد طرح ترشيح رئيس تيار المردة على مسامع السعوديين بانتظار تبلور اكثر وضوحا لموقفهم، الا انهم لم يلمسوا سلبية مطلقة حتى الان، بل يمكن الحديث عن «ليونة» وانفتاح على تبادل الافكار وليس في تغيير الموقف حتى الان.
لا «فيتو» اميركي
ولا تزال فرنسا تراهن على امكان نجاح المقايضة،عندما تنضج ظروفها، على خلفية عدم وجود «فيتو» اميركي على المسألة بعدما تبلغت من واشنطن انه ليس لديها أي مرشح لرئاسة الجمهورية، وتترك انتخابه للبرلمان للتوافق على اسم يدفع باتجاه الوصول إلى تسوية لإخراج الاستحقاق الرئاسي من «عنق الزجاجة». ووفقا للمعلومات، فان المشاورات الثنائية بين باريس وواشنطن لم تنقطع، وما زالت قائمة بغية التوصل إلى موقف، او اقله تقريب وجهات النظر بينهما.
جنبلاط «وتدوير الزوايا»
في هذا الوقت، يحاول رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الموجود في باريس على رأس وفدٍ يضمّ نجله رئيس كتلة «اللقاء الديموقراطي» تيمور جنبلاط والنائب وائل فاعور، استمزاج راي الفرنسيين بحلول وسطية يعتبرها « تدوير للزوايا» للخروج بموقف جديد يمكن العمل على تسويقه عند السعوديين، وهو يريد اقناع باريس بالابتعاد عن تبني مرشح تحد، كي تتم بلورة صيغة جديدة تكون قاعدة انطلاق للحوار الداخلي بمظلة خارجية واسعة.
البخاري ومرحلة «التريث»
هذه المناخات عكسها ايضا السفير السعودي الوليد البخاري الذي التقى شخصيات سياسية ونيابية «معارضة» خلال الساعات والايام الماضية. ووفقا للمعلومات، كان واضحا بتعميم اجواء «التريث» راهنا بانتظار تبلور الامور اكثر خلال الفترة المقبلة على خلفية اتفاق بكين. وخرج من التقاه بقناعة واضحة بعدم وجود اي تغيير بالموقف السعودي حيال الملف الرئاسي، مع التركيز على حتمية استفادة لبنان من الاجواء الايجابية في المنطقة بعد الاتفاق مع طهران، وهو موقف حذر بانتظار مطالب محددة يتبادلها الطرفان في ساحات اخرى. وهو عبر عن ذلك بقوله ان الاتفاق السعودي – الإيراني تضمّن الرغبة المشتركة لدى الجانبين لحل الخلافات عبر التواصل والحوار بالطرق السلمية والأدوات الديبلوماسية، مؤكدا جهود المملكة المبذولة تهدف إلى تأمين شبكة أمان دولية لمواجهة التحديات والمخاطر، صوناً لمبدأ العيش المُشترك ورسالة لبنان في محيطه العربي والدولي.
لقاء ايراني – سعودي
وفي هذا السياق، وفي محادثة هاتفية هي الثانية خلال ايام، أعلنت وكالة الأنباء السعودية، أنّ وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، ونظيره الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، اتفقا على الاجتماع خلال شهر رمضان بموجب اتفاق لاستعادة العلاقات. ووفقا للوكالة، «تمّت خلال الاتصال مناقشة عددٍ من الموضوعات المشتركة، في ضوء الاتفاق الثلاثي الذي تم التوقيع عليه في جمهورية الصين الشعبية، كما اتفق الوزيران على عقد لقاء ثنائي بينهما خلال شهر رمضان الحالي.
بوصعب: باسيل مستفز
وفي موقف لافت، انتقد نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب مواقف رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، واشار الى ان «لديه اعتراض على طريقة كلامه يوم الأحد، وقال انه « مستفزّ لشريحة من الناس، والخطأ لا يعالج بكلام من هذا النوع «. وفي مسألة التوقيت، قال» ان برّي يطلب ما يريد ونحن نطلب ما نريد، لكن ميقاتي هو الذي اتخذ القرار ولست موافقاً على طلب بري لميقاتي بهذا الشكل، وميقاتي أخطأ لأنه لا يمكنه أن يعدّل مرسوماً بتعميم، ولكن لست موافقاً على ردّات الفعل غير المقبولة على القرار أيضاً.
انهيار «الانترنت»
معيشيا، وفي وقت ارجئت جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة امس لبحث اوضاع موظفي القطاعين العام والخاص، يقف قطاع الاتصالات على «شفير الهاوية» بسبب انقطاع العمل في العديد من السنترلات التابعة لاوجــيرو في ظل اضراب الموظفين. وقد نفذ موظفو «الهــيئة» اعتصاما في منطقة بئر حسن مؤكدين استمرارهم في الاضراب والتمسك بمطلب تحسين الرواتب وربطها بالدولار، وبتأمين الأموال اللازمة للقيام بأعمال الصيانة والتشغيل. في هذا الوقت توقفت الاتصالات وخدمة الإنترنت في عدد من المناطق التي أضحت في عزلة تامة.
وتوقّف العمل جزئياً أو كلياً في عدد من السنترالات المسؤولة عن الهاتف الثابت وتوفير خدمات الإنترنت، بسبب الأعطال التي طرأت عليها وغياب الصيانة، كما انسحب هذا الأمر على خدمة الإنترنت لدى شركتي الخلوي اللتين تتغذّيان من سنترالات وزارة الاتصالات. وتعطل الإنترنت عائد إلى أمرين أساسيين: الأول الأعطال التي طرأت على الشبكة وعدم إمكان إصلاحها نتيجة إضراب الموظفين، والثاني غياب التيار الكهربائي؛ لكون السنترالات تعمل على المولدات التي أصيب بعضها بأعطال ميكانيكية تعذّرت معالجتها، أو فقدان مادة المازوت لتشغيلها. وتتجه الامور الى الاسوأ، مع اعلان نقابة الموظفين في «أوجيرو» أنها «لن تعطل السنترالات، لكنها لن تبادر إلى تصليح الأعطال التي طرأت على 7 سنترالات باتت متوقفة عن العمل حتى مساء امــس.
عون الى التحقيق؟
قضائيا، استدعى «المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون الى جلسة إستجواب يوم الخميس بناءً على دعوى قدح وذمّ اقامها ضدها الرئيس ميقاتي».
اسرائيل تنتحر!
في هذا الوقت، لم تغب الانظار عن الحدود الجنوبية في ضوء اقتراب الازمة في «اسرائيل»
من «نقطة اللاعودة»، والقلق المتنامي من خطوة متهورة لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو للهروب الى الامام بخطوات «غادرة» على كافة الجبهات المتوترة اصلا. وقد وصفت صحيفة «يديعوت احرنوت» الموقف بانه الاكثر خطورة منذ نشأة الكيان الذي يستعد برايها لان يطلق «النار» على راسه. واشارت الى انه حين يكون الجيش في الأزمة الأكبر في تاريخه، وحين يشخص الأعداء ضعفاً، وفي وقت تكون فيه الساحة الشمالية معدة للاضطرابات، فلا توجد سابقة لتنحية وزير دفاع حذر من وضع الجيش في ضوء جملة تهديدات. لم يسبق أن تحدث وزير دفاع مباشرة إلى الجمهور عن إخطار استراتيجي وخطر ملموس في ضوء ضعف الردع الإسرائيلي. ثمة خليط فتاك لم يسبق له مثيل تقول الصحيفة: رغبة الأعداء في استغلال الفرصة؛ نصر الله، الذي جمع الثقة بالنفس؛ وضباط يتركون الخدمة الدائمة، ومرشحون للضابطية يرفضون الخروج إلى القاعدة العسكرية. لقد فهم وزير الدفاع أن كل الساحات تتكتل، وعليه، هذا الاختبار الأكبر لرئيس الأركان حديث العهد نسبياً، هرتسي هليفي، الذي يتصدى لواقع هو الآخر لا يؤمن بأنه ممكن. هو وحيد في المعركة. وبحسب تعبير الصحيفة» خامنئي، ونصر الله، والسنوار، ومحمد ضيف وآخرون يفركون أياديهم فرحاً، هم أيضاً لم يصدقوا أن القوة العظمى الأقوى في الشرق الأوسط ستطلق النار على ساقيها الاثنتين، بل وتتردد إذا كانت ستواصل لتطلق النار على رأسها أيضاً.
********************************
افتتاحية صحيفة الشرق
ميقاتي يعيد التوقيت الصيفي ويسكت الضخ الطائفي
عادت عقارب الساعة اللبنانية الى الدوران ضمن المنظومة العالمية، لكنّ عقارب السياسة اللبنانية ما زالت تلسع اللبنانيين كل لحظة. سحب مجلس الوزراء فتيل فتنة ثمة من اراد احداثها مع وقف التنفيذ لتمرير رسائله وصفقاته ولما مرّت اطفأ فتيلها. ويك اند عاصف ببث السموم الطائفية والمذهبية وما تيسر من ادواتهما قسّم اللبنانيين الغارقين في مركب الانهيار نفسه، غلبوا عصبياتهم على مصيرهم الاسود البائس القابعين فيه بفعل اداء منظومتهم السياسية وقد حرمتهم لقمة العيش. لكن لا عجب ما داموا هم، بأنفسهم اعادوا انتاجها لتكمل مسار نحرهم وتفرقتهم، وإن سلمت الجرة اليوم من يضمن سلامتها غدا، ما دام الشحن المقيت باقيا والفتنة نار تحت الرماد؟
الى التوقيت الصيفي
انتهت الضجة التي اثارها قرار تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي امس، بتراجع مجلس الوزراء عنه. ففي جلسة استثنائية ببند وحيد هو بند التوقيت، قرر المجلس العودة الى التوقيت الصيفي ابتداء من ليل الاربعاء الخميس.
بن سلمان وماكرون
على صعيد آخر، وفي الشأن الرئاسي تحديدا، لا جديد في الداخل. الا ان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقش ووليّ العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان الأحد تعزيز تعاونهما في مجال الدفاع والطاقة، وجدّدا عزمهما على «العمل معا» لمساعدة لبنان. وذكر الإليزيه أنّ الزعيمين عبّرا خلال اتّصال هاتفي عن قلق مشترك حيال الوضع في لبنان وكرّرا عزمهما على العمل معا للمساعدة في إخراج البلاد من الأزمة العميقة التي تمرّ بها. وأوضح أنهما أشادا بـ«ديناميّة علاقتهما الثنائيّة» ولا سيّما لناحية «تعميق التعاون في مجالي الاقتصاد والثقافة». وأكدت الرئاسة الفرنسيّة أنّهما بحثا أيضا في المجالات التي يمكن تعزيز هذا التعاون فيها، خصوصا في ما يتعلّق بقضايا الدفاع والطاقة. من جهة ثانية، رحّب ماكرون بقرار السعوديّة وإيران استئناف علاقاتهما الديبلوماسيّة، مشددا على «أهمّيته للاستقرار الإقليمي».
جنبلاط في فرنسا
في الاثناء، وفيما توجه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط نهاية الاسبوع الماضي الى باريس على رأس وفدٍ يضمّ نجله رئيس كتلة «اللقاء الديموقراطي» تيمور جنبلاط والنائب وائل فاعور، شدد أمين سر «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن على أن «لا بد ان تجري عملية تدوير للزوايا للخروج بموقف ينقذ البلد لأنه الهم الأساسي اليوم». وأشار إلى أن «جنبلاط سيناقش في زيارته باريس الموضوع الرئاسي»، داعيًا إلى «مقاربة هذا الملف على قاعدة لا غالب ولا مغلوب»، لافتًا إلى ان «الطرح الفرنسي حول «المقايضة» بين رئاستَيْ الجمهورية والحكومة قد تراجع». ونفى «ما يشاع عن توجه «الاشتراكي» لانتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية رئيسًا للجمهورية بسبب خياراته السياسية».
البخاري في الصيفي
الى ذلك، استقبل رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل في الصيفي اليوم السفير السعودي وليد البخاري الذي قال بعد اللقاء: «واثقون من إرادة وتطلعات الشعب اللبناني للخروج من الأزمات لا سيما وأن لبنان عوّدنا على مناعته تجاه الأزمات وقدرته على النهوض منها».
الى المسيحيين
الى ذلك، وجه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان نداء إلى «البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي والاخوة المسيحيين» ابرز ما جاء فيه» :الإصرار على «نحن وأنتم» هدم لآخر حجارة هذا البلد المطوّق بسكاكين العالم، فالعجل العجل لأن لبنان يقوم بوحدته الإسلامية المسيحية وشراكته الوطنية وإلا اشتعلت نار المذابح، وخيانة لبنان خيانة للرب ولشعب هذا البلد المنهك، فتداركوا لأن اللعبة الدولية وأوكار السفارات وسواتر مفوضية اللاجئين وجماعة الخرائط باتوا بالعلن، ولبنان على مفترق أخطر طريق على الإطلاق».
التحقيق مع عون
على صعيد آخر، افيد ان «المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان استدعى مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون الى جلسة إستجواب الخميس بناءً على دعوى قدح وذمّ اقامها ضدها الرئيس ميقاتي».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :