لم يكن مفاجئاً ان يعلن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، دعم ترشيح رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، فهو عينه الثاني كما وصفه اثناء اعلان تبني اسم العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية في الاستحقاق الرئاسي السابق، فقال: عون عيني الاولى وفرنجية الثانية، اي انه المرشح الذي سيخلف عون عند انتهاء ولايته الرئاسية.
وجاء دعم حزب الله لفرنجية كمرشح طبيعي، بعد تسميته من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو عكس الانتخابات الرئاسية السابقة، حيث سمّى السيد نصرالله عون، وبري لم يدعمه، وكانت المبادرة من حزب الله الذي ابلغ مؤسس "التيار الوطني الحر" بانه مرشحه لانتخابات رئاسة الجمهورية، وهو غير مرتبط "بتفاهم مارمخايل" بين "التيار الوطني الحر" وحزب الله، الذي لم يرد فيه اي بند يتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية، ولا برئاسة مجلس النواب، ولا بتسمية رئيس الحكومة.
وهذا ما حصل فعلا، اذ ان كل من الطرفين، سار وراء قناعاته في كل استحقاق، ومنها عدم انتخاب "تكتل لبنان القوي" لبري رئيساً لمجلس النواب في الدورة الاخيرة، وتسمية نجيب ميقاتي رئيساً للحكومة، او حضور جلسات الحكومة المستقيلة التي تصرّف الاعمال، اذ اراد السيد نصرالله ان يوضح للوطني الحر ورئيسه ومحازبيه وانصاره، ان التفاهم لا يلزم اي طرف بخيارات سياسية، لانهما ليسا حزباً واحداً، وان كل فريق يعمل بقناعاته.
من هنا، فان دعم حزب الله لترشيح فرنجية، وضع انتخابات رئاسة الجمهورية على السكة المنافسة مع الفريق الذي ايّد ترشيح النائب ميشال معوض، وبذلك تكون جلسات الانتخاب الاولى بغالبية الثلثين مؤمنة، والغيَ معها خروج فريق "الورقة البيضاء" من القاعة وانتفاء وجود النصاب، لتكون المعركة الانتخابية على من يؤمّن اصوات النصف زائدا واحداً لمرشحه (65 صوتاً)، وهو ما اعلنه نائب "حركة أمل" علي حسن خليل قبل فترة، وتسقط دعوة الفريق الذي يسمي نفسه "سيادياً"، للفريق الآخر عن اعلان اسم مرشحه وقد فعل، ويسقط معه ايضا الكلام الذي يهدد بمقاطعة جلسات مجلس النواب اذا كان حزب الله وحلفاؤه سيؤمنون وصول فرنجية الى رئاسة الجمهورية، وهذا ما اعلنه رئيس حزب "الكتائب" سامي الجميل، وتبعه رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، وبعض النواب.
ومع تسمية بري لفرنجية ودعم حزب الله له، فان الكرة باتت في ملعب "الفريق السيادي، في تأمين النصاب الدستوري لجلسة الانتخاب 12، اذا دعا اليها رئيس مجلس النواب، واذا تم تعطيلها فان "السحر سينقلب على الساحر"، وفق وصف مصدر نيابي في "كتلة الوفاء للمقاومة"، اذ في المعارك الانتخابية يحاول كل طرف ان يجمع الاوراق للفوز، وهو ما سيحاوله الفريق الذي ايدّ فرنجية، كما كان يعمل المؤيدون لمعوض، وقد حاولوا استمالة نواب من "التغييريين"، وهذا امر مشروع وديموقراطي في اي انتخابات، حيث ان المرحلة المقبلة هي لجمع اكبر عدد من النواب عند كل فريق لفوز مرشحه.
وما اعلنه السيد نصرالله في دعم ترشيح فرنجية كان رسالة لجبران باسيل، بان وقت المناورات وكسب الوقت لا يعمل لمصلحته، وهو لم يخرج من حلبة الصراع على رئاسة الجمهورية ، بل من هو في الخط السياسي الذي يجمعه مع فرنجية، الذي قال بعد انتخاب العماد عون في نهاية العام 2016، ان "خطنا السياسي ربح”، وهذا ما كان يأمله السيد نصرالله، عندما جمع باسيل وفرنجية قبل نحو عام بان يسمع من رئيس "تكتل لبنان القوي" تأييداً لفرنجية ما دام غير مرشح، وليس لديه حظوظ او ظروف تمكنه من الوصول الى القصر الجمهوري، حيث امتنع عن تأييد فرنجية، محاولاً قطع الطريق عليه ولم يخف ذلك، بانه مرشح دائم ومحتمل لرئاسة الجمهورية.
حسم اسم فرنجية كمرشح للثنائي "امل" و حزب الله، بحيث ألغيا "الورقة البيضاء"، وأمّنا النصاب في جلسات الانتخاب، واحرجا باسيل ووضعا الفريق الذي سيعطل جلسات الانتخاب، اي "القوات اللبنانية" و"الكتائب" في مواجهة مع بكركي، التي لا يهمها اسم المرشح، بل عدم الشغور في رئاسة الجمهورية.
هذا الوضع المستجد سيغير من قواعد اللعبة الانتخابية، التي نزعها السيد نصرالله من الخارج، وفك ارتباط الانتخاب بالتطورات الاقليمية والدولية، فاعادها الى الحضن اللبناني، وفق قراءة سياسية لما تضمنته كلمة السيد نصرالله، الذي "لبنن" الاستحقاق الرئاسي، واكد ن رئيس الجمهورية يُصنع في لبنان، سواء بالمنافسة او بالتوافق والحوار، واذا لم يحصل ذلك، فان الشغور الرئاسي سيطول، وهذا يُدخل لبنان في مزيد من الازمات والفوضى التي يريدها المشروع الاميركي للبنان، وهو لن يتمكن من ذلك.
ان دعوة السيد نصرالله الى الانتخابات الرئاسية، اقفلت الباب امام اي تدخل خارجي، ووضعت الكتل النيابية امام مسؤولياتها، ليسجل ان الرئيس انتخب في لبنان.
فاختيار فرنجية مرشحاً لرئاسة الجمهورية من الثنائي "امل" و حزب الله، لن يلقى الترحيب من قبل "الفريق السيادي" الذي يدعم معوض، وقد يعقد ذلك الوضع اكثر، ليتقدم طرح المرشح الثالث او الوسطي، وهنا تبرز اسماء متداولة، يتقدمها اسم قائد الجيش العماد جوزف عون والوزير ناجي البستاني والعميد جورج خوري وصلاح حنين وزياد بارود وجهاد ازعور الخ... حيث يسعى رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، الى خرق الجدار الرئاسي، عبر الخروج من الاسماء "المستفزة"، او مرشح يحصل عليه خلاف او انقسام، وهنا يلتقي جنبلاط مع دعوة بري للحوار والتوافق، ولا يعارض حزب الله الذي كل ما يريده من رئاسة الجمهورية وجود شخص لا يغدر بالمقاومة، وهو ما يراه بفرنجية.
نسخ الرابط :