افتتاحية صحيفة الأخبار : اليرزة وبعبدا: حسابات السياسة والأمن على خطّ الرئاسيات
قد يكون تعيين مدير للمخابرات أمراً عادياً في أي جيش. في لبنان كل ما يتعلق بقيادة الجيش يصبح له منحى آخر، وحسابات سياسية تتقاطع أيضاً مع بدء السنة الخامسة من عهد رئيس الجمهورية. لذا تصبح لأي خطوة عسكرية مدلولات تتعلّق بالرئاسيات
نهاية الأسبوع الأول من كانون الأول المقبل، تنتهي ولاية مدير المخابرات في الجيش العميد طوني منصور. وفي الوقت نفسه، يبدأ العميد طوني قهوجي مهامّه مديراً جديداً للمخابرات، وهو "المدير" الثاني الذي يُعَيّن في عهد قائد الجيش العماد جوزف عون، وفي عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. أمام قهوجي سنَتان، مبدئياً، في المديرية، قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية وانتخاب رئيس جديد، الذي عادة يختار قائداً جديداً للجيش، علماً أن أمام عون أيضاً مهلة ثلاث سنوات وشهرين قبل أن تنتهي سنوات خدمته، والأخير يختار فريقه بدءاً من مدير المخابرات، أو يُبقي الأخير في موقعه بحسب الظروف. وأمام قهوجي سبع سنوات في الخدمة الفعلية، إما مديراً للمخابرات أو في أي منصب آخر يتناسب مع تطورات المرحلة. في الأيام الأولى، أمامه أسماء عدة لملء عدد كبير من المراكز، التي يفترض إجراء تعيينات فيها، على أن يتشاور فيها مع قائد الجيش، لقيادة فريق يتناسب معه، ومع التراتبية المستجدّة بعد اختياره من دورة 1994.
رسمياً، طُويت أسئلة مثل لماذا رُفض التمديد لمنصور، ولماذا اختير قهوجي لا المرشحون الآخرون، بصرف النظر عن كفاءة كلّ منهم، وعما إذا كانت سنّه تؤهله لتولي هذا المنصب، علماً أن تعيين عمداء لهذا المنصب لم يكن معمولاً به قبل الطائف، بل كان يتولاه ضباط برتب أدنى (جوني عبدو وغابي لحود كانا ملازمين حين تولى كل منهما المديرية). لكن تفاعلات الاختيار ورفض التمديد ستبقى قائمة في السنتين المقبلتين على الأقل، نظراً إلى طبيعة المرحلة المقبلة التي تعني عملياً بداية العدّ العكسي لانتخابات الرئاسة أو الفراغ الرئاسي الذي بات عادة لبنانية. لأن التبعات السياسية هي أولاً وآخراً محور كل ما جرى قبل أسابيع وسيبقى قائماً.
رهان خاطئ على ذبذبة في الجيش
من غير المُجدي القول بأن التحالف قد فُكّ بين قيادة الجيش ومديرية المخابرات، بمجرد عدم التمديد لمنصور. في الجيش تراتبية ورأس هرم واحد، هو قائد الجيش، بصرف النظر عمّن هو ومن هو فريقه الخاص، وهل يتمتع بإدارة حسنة وكفاءة أم لا. صحيح أن خيار قائد الجيش هو التمديد لمنصور، لكنه هو من وضع لائحة أسماء مرشحي خلافته وفق تراتبيات ومعايير معيّنة، ولم يكن ممكناً اختيار أي ضابط من غير اللائحة، حتى لو اقتضى الأمر التشاور مع رئيس الجمهورية. ومن يعرف تركيبة مديرية المخابرات يعرف أيضاً أن هامش حرية مديرها كبير، ولكنّه أيضاً يقف عند حدود العلاقة مع القيادة والتوقيع الأخير الذي يملكه قائد الجيش. ومن يعرف قهوجي يعرف أيضاً مدى أهليّته وكفاءته وانضباطه وخبرته التقنية في المديرية في ظل أكثر من مدير، وسيكون مخطئاً أيضاً من يراهن على أنه سيشكل حالة منفصلة عن قيادة الجيش، ولأنه أيضاً ابن المؤسسة والمديرية ويعرف تماماً كل ما أحاط بها في السنوات الأخيرة. واختيار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون له، وعلاقته به، ليسا نقطة ضعف بل العكس تماماً، وستعكس الأشهر المقبلة ذلك.
ثانياً، لم يكن اختيار منصور قبل أربع سنوات لمديرية المخابرات، مفاجئاً لا لعارفيه ولا لضباط رافقوه منذ التسعينيات ولا للعاملين معه في المديرية. هو ليس ابن المؤسسة بالمعنى الفعلي فحسب، إنما أيضاً ابن المديرية التي قضى فيها معظم سنوات خدمته، مع أسلافه العمداء جورج خوري وإدمون فاضل وكميل ضاهر. وهو هنا يلتقي مع اختلاف المهام والرتب وسنوات الخبرة والأقدمية، مع قهوجي. ومنصور الذي قضى منذ التسعينيات خدمة لا شائبة فيها، اختاره قائد الجيش بالتوافق التام مع رئيس الجمهورية وخلافاً لرغبة كثر من المحيطين بالأخير، من عائلته ومن خارجها الذين كانوا يريدون مديراً أكثر طواعية، وأقل التصاقاً وتضامناً مع قائد الجيش. وهنا يكمن أحد أسباب رفض التمديد ليس لأسباب قانونية أو مبدئية يتمسك بها رئيس الجمهورية، الذي مدّد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ولرئيس مكتب المعلومات في الأمن العام العميد منح صوايا.
تشكل مديرية المخابرات عادة الذراع السياسية لأي رئيس للجمهورية، وهي تمكّنت مع قيادة الجيش من أن تشكل مظلة حماية له، ليس قبل الحرب، بل بعدها، وفي ظل الوجود السوري (رغم تغيّر طبيعة مهامها) وصولاً إلى المرحلة التي تلت خروج الجيش السوري. حين انتُخب عون رئيساً، بعد مرحلة فراغ رئاسي، كان هدفه الأول تطبيق رغبته المزمنة بالإطاحة بقائد الجيش العماد جان قهوجي الذي كانت مُدّدت ولايته، وكان يشكل منافسة رئاسية قوية له، مثله مثل مدير المخابرات إدمون فاضل الذي كانت العين الأميركية ساهرة عليه. جاهر عون مرات عدة برفضه التمديد لقهوجي وبرغبته باختيار قائد للجيش ومدير مخابرات مقرّبين منه. طرح العميد شامل روكز لدى بعض الأوساط العونية، وليس التيار في حد ذاته، قبل أن يحال الأخير على التقاعد، قبل انتخاب عون. لكن التيار كقيادة لم يكن مؤيداً، كما لم يكن مؤيداً لاختيار جوزف عون ومنصور. في هذه النقطة، فضّل رئيس الجمهورية مصلحة المؤسسة، باختيار ضابطين يعرفهما ويعرف خبرتهما وعملهما جيداً منذ أن كان قائداً للجيش. إصرار عون قوبل بتدخل سياسي لدى التيار لعدم عرقلة التعيينات، وبدأت مرحلة جديدة من محاولات تنسيق رافقتها تدريجاً حملة تطويق داخلية، سواء من داخل القصر الجمهوري أو عبر وزارة الدفاع، مع سعي مستشارين أمنيين ووزراء أو رئاسة التيار، إلى فرض إيقاع جديد، مواربة من غير المرور بقيادة الجيش أو مديرية المخابرات. هذا التدخل ظل خجولاً في البدايات. لأن الحاجة إلى الاستقرار وإعطاء صورة ناصعة للعهد في أول شهور حكمه ظلت طاغية، تصاحبها فرحة جوٍّ عونيّ عسكريّ ما، باستعادة النفوذ من بعبدا إلى اليرزة، للمرة الأولى منذ التسعينيات.
كان حضور رئيس الجمهورية قوياً في اليرزة، يحضر مناسبات ويطل في زيارات يستعيد فيها دوره قائداً أعلى للقوات المسلحة. قمة التنسيق كانت معركة فجر الجرود، وملف مكافة الإرهاب. هذا الإنجاز الحقيقي للعهد، وقد قدّمته له قيادة الجيش ومديرية المخابرات، حين أتى إلى مقر العمليات معلناً بدء المعركة. هذا الإنجاز الذي تعتدّ به المؤسسة العسكرية، لم يكن معزولاً عن مسار وضعته مديرية المخابرات منذ أربع سنوات لمحاربة التنظيمات الإرهابية. أي لقاء مع المديرية كان يبدأ وينتهي بملف الإرهاب والموقوفين والشبكات المفكّكة. وسجلّ المديرية بشأن الإنجاز، يعني عملياً على الأرض وليس على الورق، أن هناك جهداً عسكرياً ومخابراتياً، وعلى أساسه يكمن تعزيز مواردها وخبراتها. هنا يدخل الدور الأميركي. الجيش يفنّد الدعم الأميركي منذ الاستقلال إلى اليوم، ما خلا مرحلة الوجود السوري، حيث تراجع كمساعدات وهبات، لكن ظلت الروابط قائمة. بعد عام 2005، ارتفع مستوى التنسيق، من مساعدات عينية ودورات تدريب وأسلحة، واتخذ أهمية كبرى، بعد الحرب في سوريا وتصاعد العمليات الإرهابية ومع معركة الجرود وبعدها لتفكيك خلايا وتبادل معلومات. وما تقرّره الإدارة الأميركية بشقَّيها السياسي والعسكري، يصل إلى الجيش عينياً، بحسب المتطلبات والحاجات، لدى الأجهزة والفروع من دون استثناء، وكلها بمعرفة السلطات السياسية كافة التي توافق عليها، (ويخطئ من يعتقد أن حزب الله لا يعرف كل ذلك)، وإن كانت أحياناً تعطي موافقة عامة من دون الدخول في تفاصيل التفاصيل. كذلك الأمر بالنسبة إلى كل ما يُنفذ من أعمال على الحدود مع سوريا. كل شيء يمر عبر موافقة السلطات الرسمية ومعرفة القيادة العسكرية "وحدها" بكل ما يجري ويرتبط مباشرة بغرفة العمليات، بعد مروره بغرفة عمليات الأفواج المكلّفة مسك الحدود. هذا يعني أن هذا التنسيق كان وسيبقى، ما لم تتخذ السلطات السياسية قراراً في اتجاه آخر، وهو هنا لا يتعلق بأدوار وأشخاص، بل بدورات وهبات ومساعدات ساهمت في تعزيز خبرات الجيش أمنياً وعسكرياً واستخباراتياً. وهذا يؤدي بطبيعة الحال إلى شبك علاقات أميركية مع الجيش، والمخابرات جزء أساسي منه. لمّح الأميركيون إلى خيار بقاء مدير المخابرات في منصبه، الذي صودف أيضاً مع العقوبات الأميركية على رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، ما استنفر العصبيات وجعل رفض التمديد أمراً طبيعياً أيضاً. من دون أن يعني ذلك أن التنسيق الأميركي لن يكون على المستوى نفسه مع المدير الجديد. من الوهم اعتبار غير ذلك.
من فجر الجرود إلى قبرشمون والتظاهرات
لم يدم شهر العسل بين القصر الجمهوري والتيار الوطني والجيش. في الظاهر الانفصال وقع في 17 تشرين الأول، مع بدء التظاهرات وإحجام الجيش عن الضرب بقوة، وإن استخدمها أحياناً لتفريق التظاهرات ومنع قطع الطرق. أما الحقيقة فهي أنه بدأ قبل ذلك، منذ الانتخابات النيابية وقبل حادثة قبرشمون وبعدها حين كثر الكلام في الكواليس عن انتقاد قائد الجيش وأدائه وعن ضرورة تغيير مدير المخابرات وطرح أسماء لخلافته. هناك فرق بين أن تكون المخابرات أو الجيش أداة رئيس الجمهورية أو أن يكونا أداة حزبه وتياره. رئيس الجمهورية في أحيان كثيرة كان يميز بين الأمرين، لأنه خارج من رحم هذه المؤسسة. لكن أحيانا كانت الغلبة لفريقه السياسي، الذي أراد تعزيز وجوده داخل الجيش كما داخل الوزارات والإدارات التي تولاها. ورغم أن ذلك لم ينجح حين تولّى وزراء له وزارة الدفاع، لا بالعكس زادت العلاقة سوءاً، بقيت محاولات تذكية التوتر عبر طلبات محددة.
قد يكون أحد المنعطفات الأساسية في عمل المديرية أنها صبّت جهدها على الشق الأمني، مقدمة إياه على الشق السياسي. خطأ من؟ الواضح كان منذ اللحظة الأولى أن القصر الجمهوري يُبدي ارتياحاً أكثر لتسليم الأمن العام الشق السياسي - الأمني. لم يكن سراً أن اللواء عباس إبراهيم برع في استخدام إمكانات وُضعت بين يديه محلياً ودولياً، وكان المرجع الذي يوكل إليه رئيس الجمهورية معالجة ملفات داخلية وخارجية، علماً أن هذا الدور كان من مهمة مدير المخابرات في العهود السابقة. تجربتا جورج خوري وإدمون فاضل، كأحدث تجربتين، بارزتان في هذا المجال. أقام الأول، متفوقاً على قائد الجيش آنذاك ميشال سليمان، والثاني ولا سيما بعد التمديد له مرتين، بالتنسيق مع قائد الجيش جان قهوجي، شبكة علاقات سياسية محلية واسعة وإقليمية ودولية، وبالأخص أميركياً. ولعبا فيها أدواراً ولا سيما في مفاصل أساسية من نهر البارد إلى 7 أيار إلى اتفاق الدوحة وانتخاب الرئيس ميشال سليمان، ومن ثم الفراغ الرئاسي وعرسال وغيرها من محطات أساسية أمنية وسياسية. هذا لم يتح لمديرية المخابرات في العهد الحالي. لم يدخل الجيش في مقاربات سياسية حتى في أمور تتعلق به، كمثل الإشكالات التي وقعت مع الرئيس نبيه بري حول مرسوم ما سمي "ضباط دورة عون"، الأمر الذي استلزم وقتاً لحلها.
الرئاسيات وراء كل مفترق
عديدة هي أسباب الالتباس في العلاقة بين اليرزة وبعبدا. أولاً، لأن الدور أعطي للأمن العام؛ وثانياً، لأن المديرية تعاملت مع الشق الأمني بوصفه أولوية، مع التذكير بأنه منذ أربع سنوات، لم يتمكن الجيش من التقاط أنفاسه بفعل توالي الأحداث والمهمات؛ وثالثاً لأن شبح الرئاسيات أيضاً ظل يتحكم بالعلاقة منذ اللحظة الأولى بين القصر واليرزة. وهنا لبّ المشكلة.
اعتاد الموارنة الذين يصلون إلى مراكز الفئة الأولى أن يصبحوا مرشحين لرئاسة الجمهورية. وتجربة قادة الجيش مع القصر الجمهوري هي التجربة الأكثر حضوراً، منذ ميشال عون أولاً، وثانياً مروراً بالرئيسين إميل لحود وميشال سليمان. العماد جان قهوجي كان مرشحاً للرئاسة، وقد يكون الفراغ الرئاسي لعب أيضاً دوراً في تزكيته. كان لدى الرئيس ميشال عون منذ اللحظة الأولى مرشح أول ونهائي ولا يرضى عنه أي بديل حتى لو جاء من قلب البيت. وهذا يعني أن أي محاولة تعويم اليرزة في السنتين الأخيرتين ليست مستحبّة. لكن العقوبات الأميركية قلبت أيضاً كل الموازين. وإن كان من المبكر الحكم على نتائجها النهائية، إلا أنها في لحظة حساسة، فرملت اندفاعة رئيس التيار. إحالة مدير المخابرات على التقاعد، قانونية وطبيعية، علماً أنه سبقتها حملات سياسية من جانب واحد ضده، لكنها أيضاً تحمل رسالة واضحة. وهذا لا يعني أن الذين يزكون أميركياً خيار قائد الجيش مرشحاً رئاسياً، تراجعوا. هناك معلومات تقول العكس. ورغم أن قائد الجيش يقول إنه ليس مرشحاً، هناك مستشارون رئاسيون سابقون يتهيأون ويضعون الأفكار لمواكبة قائد الجيش بخلفية إعداده سياسياً. وهذا يعني أن معركة الرئاسة فُتحت مبكراً، وقد نكون نشهد حالياً أول خطوة لوضع الانتخابات الرئاسية على الطريق بين اليرزة وبعبدا. ومعركة الترشيحات المبكرة ليست انتقاصاً من موقع رئيس الجمهورية الذي ولّت أيام التنافس عليه حصراً بين مرشحين من اليرزة، لتصبح المنافسة مفتوحة بين مجموعة مرشحين دخلوا السباق الرئاسي باكراً.
*********************************************************
افتتاحية صحيفة النهار
مواجهتان ساخنتان في المجلس والتأليف إلى الرف!
يبدو من المجريات الداخلية الطارئة التي برزت في الساعات الأخيرة ان استحقاق #تأليف الحكومة الجديدة صار او دفع به واقعيا في المرتبة الخلفية، فيما جرى تقديم أولويات أخرى عليه تشوبها صفات “مريبة” ولا تحمل طابع “البراءة” لجهة إشاحة الأنظار والاهتمامات عن تعطيل تأليف الحكومة. ذلك انه فيما تتصاعد تارة تلميحات ومؤشرات تبلغ مرات حدود التهديدات المبطنة بتعويم ضمني او سافر ل#حكومة تصريف الاعمال، وطورا تهديدات أخرى بإبقاء ازمة تأليف الحكومة مفتوحة بلا افق زمني، كانها لعبة عض على الأصابع، فيما هي استباحة كاملة للبنان وما تبقى من مقومات وجوده، برزت امس معالم انتقال معارك سياسية جديدة الى محراب #مجلس النواب بما يصرف الاهتمامات طوال هذا الأسبوع عن الاستحقاق الحكومي الام، الى واقعات ومعارك ومواجهات سيكون المجلس مسرحا لها. والحال انه فيما كانت الأنظار تتجه الى جلسة #اللجان النيابية المشتركة التي ستعقد اليوم للنظر في مشاريع واقتراحات قوانين تتعلق بقانون الانتخاب وسط تصاعد انقسام نيابي وسياسي عريض حول توقيت اثارة وطرح هذا الملف ومضامين بعض الاقتراحات المثيرة لخلافات عميقة ولا سيما منها اقتراح القانون المطروح من كتلة التنمية والتحرير، برزت فجأة معالم واقعة نيابية وسياسية ومالية جديدة سيكون موعدها أيضا في نهاية الأسبوع الحالي. المفاجأة الجديدة تمثلت في رمي رئيس الجمهورية ميشال عون بكرة “النكسة” العائدة الى فشل التجربة الأولى للتدقيق الجنائي في حسابات #مصرف لبنان من مرمى السلطة التنفيذية الحاكمة الى مرمى مجلس النواب في خطوة يصعب التكهن مسبقا بنتائجها، وذلك من خلال توجيه الرئيس عون رسالة الى مجلس النواب بواسطة رئيسه حول موضوع #التدقيق الجنائي في مصرف لبنان، ومسارعة رئيس المجلس نبيه بري الى ملاقاتها بتحديد موعد لجلسة خاصة بها الجمعة المقبل في قصر الاونيسكو. وبذلك يكون المجلس على موعد مع مواجهتين حاميتين على الأرجح اليوم والجمعة باعتبار ان ملف قانون الانتخاب يثير انقسامات حادة معروفة ستتكشف بقوة في جلسة اللجان اليوم فيما لا يستبعد ان تشهد المجلس الجمعة المخصصة لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية واتخاذ الموقف او القرار في شانها حماوة مماثلة على خلفية التباينات من الوقائع التي رافقت ملف التدقيق المالي الجنائي.
وقد وجه الرئيس عون رسالته عارضا فيها بالتفصيل، ومن وجهة نظر الرئاسة وموقفها من كل الجهات المعنية بالتدقيق الجنائي، المراحل التي قطعها إقرار التدقيق المحاسبي الجنائي في مصرف لبنان منذ 24 آذار الماضي والقرارات التي اتخذها مجلس الوزراء وصولا الى إبرام العقد مع شركة “الفاريز ومارسال” وابرز العراقيل التي حالت دون مباشرة الشركة مهمتها لا سيما منها ما يتعلق بموضوع السرية المصرفية “وتمنع مصرف لبنان عن تسليم المستندات والمعلومات المطلوبة على رغم الحماية القانونية التي توافرت لهذا التسليم”. واعتبر عون ان ما حدث “يشكل انتكاسة خطيرة لمنطق الدولة ومصالح الشعب اللبناني الذي يعاني من أزمات نقدية واقتصادية واجتماعية خانقة وموروثة ومتفاقمة “. ودعا تاليا النواب الى “التعاون مع السلطة الإجرائية من اجل تمكين الدولة من إجراء التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان وانسحاب هذا التدقيق بمعاييره الدولية على سائر مرافق الدولة العامة … لئلا يصبح لبنان في عداد الدول المارقة او الفاشلة في نظر المجتمع الدولي”. وإذ طلب مناقشة هذه الرسالة في مجلس النواب وفقا للأصول لفت الى “ضرورة التعاون مع السلطة الإجرائية التي لا يحول تصريف الاعمال دون اتخاذها القرارات الملائمة عند الضرورة العاجلة”.
…والمواجهة الانتخابية
اما المواجهة التي يرجح ان تشهدها جلسة اللجان النيابية المشتركة اليوم حول ملف قانون الانتخاب فتكتسب جانبا من الخطورة لجهة اثارتها أجواء طائفية في ظل المعارضة الشرسة لكل من “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” لما وصف في أوساطهما بقانون الدائرة الواحدة المهدد للتمثيل النيابي المسيحي الذي تطرحه كتلة التنمية والتحرير برئاسة الرئيس بري ناهيك عن المعارضة لتوقيت طرح هذا الملف على مشرحة التشريع وسط الظروف الكارثية التي تجتازها البلاد.
وتوقعت أوساط نيابية مواجهة حامية اليوم كان من مؤشراتها اتخاذ كتلة القوات اللبنانية قرارا بحضور الجلسة لخوض معركة رفض تغيير قانون الانتخاب الحالي بالتنسيق مع كتلة لبنان القوي للمرة الأولى منذ انفراط عقد تفاهم معراب بين الفريقين المسيحيين الأكبرين. ولم تخف الأوساط حذرها من تطييف المواجهة في ظل ما تثيره التباينات حول القانون من أجواء متوترة وإصرار التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية على سحب قانوني الانتخاب وإنشاء مجلس الشيوخ من التداول حاليا. وعلى رغم قرار المشاركة في الجلسة ذهب رئيس حزب “القوات” سمير جعجع امس الى اعتبار ما يحصل في خصوص قانون الانتخاب “مؤامرة كبرى ” وسأل “باي منطق يطرح قانون الانتخاب بعد ثلاث سنوات لا اكثر من إقرار القانون الحالي وفي ظل الانقسام السياسي الحاد ؟”.واذ تحدث عن “تقاطع وليس تحالفا” مع التيار الوطني الحر في رفض طرح قانون الانتخاب اليوم جدد حملته العنيفة على الأكثرية الحالية وحملها تبعة “الجريمة التي حصلت في التدقيق الجنائي”، كما مسؤولية التدهور منذ 17 تشرين الأول 2019 حتى اليوم وقال “رئيس الجمهورية والأكثرية النيابية عايشين على غير كوكب وغايبين عن الوعي تماما “.
وبدوره اعلن “تكتل لبنان القوي” مساء برئاسة النائب جبران باسيل انه “لن يفرط بنضال السنوات الطويلة التي أوصلتنا الى قانون انتخاب يصحح التمثيل النيابي واي بحث آخر في هذا الامر لن يكون مقبولا من جهتنا الا من ضمن حل متكامل لتطوير النظام وتعديل الدستور بإقامة الدولة المدنية بكل مندرجاتها “.
ابرهيم ووفد أميركي
في سياق آخر أفادت معلومات امس ان المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم استقبل وفدا من الخارجية الأميركية لم تحدد أسماء أعضائه وذلك بعد كلام برز في بيروت عقب عودة ابرهيم من زيارته الأخيرة لواشنطن عن عقوبات في حقه. وذكرت المعلومات ان البحث بين ابرهيم والوفد تناول ملفات عدة من بينها مكافحة الإرهاب ومتابعة موضوع الاسرى الاميركيين. وزارت السفيرة الأميركية دوروثي شيا أيضا اللواء ابرهيم فيما تردد انه كان تلقى اتصالات من واشنطن .
*********************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
الراعي في بعبدا اليوم… وجعجع لإحباط “مؤامرة” قانون الانتخاب
برّي يقبل تحدّي “التدقيق”: فلندخل “مغاور” التيار الوطني!
متسلحاً بصلاحياته الدستورية، إقتحم رئيس الجمهورية ميشال عون “حصن” رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس ووجّه “بارودة” التدقيق الجنائي إلى رئاسة المجلس، طالباً تلاوة نصّ رسالته تحت قبة الهيئة العامة، فكان لعون ما أراد في الشكل مع مسارعة بري إلى تحديد بعد غد الجمعة موعداً لتلاوة ومناقشة الرسالة… أما في الجوهر، فعاجل رئيس المجلس رئيس الجمهورية بقلب فوهة “البارودة” ووجّهها إلى رأس “التيار الوطني الحر” عبر تقديم كتلة “التنمية والتحرير” اقتراح قانون، ينصّ على أن يشمل عقد التدقيق الجنائي “كل الوزارات والإدارات العامة وليس فقط المصرف المركزي”.
يعلم بري جيداً أنّ عون قرر فتح نيران حرب “التدقيق” في وجهه وهو “قبِل التحدي”، حسبما عبّرت مصادر قريبة من عين التينة لـ”نداء الوطن”، وأضافت: “إذا كانت رسالة رئيس الجمهورية تختزن غمزاً من قناة مسؤولية رئيس المجلس النيابي عن تطيير التدقيق الجنائي، فإنّ الرد الأولي عليها أتى ليقول: “فلندخل “مغاور” التيار الوطني الحر في الوزارات والإدارات بدءاً من “الكهرباء” ولنرَ حينها من سيطيّر التدقيق”.
وإذ رجحت أن يحيل بري اقتراح قانون شمولية التدقيق الذي قدمته كتلته إلى اللجان المشتركة لتسريع خطواته التشريعية، ختمت بالقول: “فليبحث رئيس الجمهورية عن الأسباب الفعلية التي أدت إلى انسحاب شركة “ألفاريز” بدل استسهال طريق التّهم الشعبوية، خصوصاً وأنّ اللبنانيين شهدوا على الملأ سجال “البيت العوني الواحد” حول قانونية إعطاء المستندات من عدمه للشركة”.
أما على الضفة المقابلة، فتتهم مصادر عونية بري بأنه “يحاول الهروب إلى الأمام عبر إثارة قانون الانتخاب لطمس معالم جريمة إجهاض التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان”، مؤكدةً أنّ “مناورة بري هذه لن تمر وستبقى الأولوية للتدقيق الجنائي الذي يحمّل “وزير ماليته” غازي وزني مسؤولية كبرى في عرقلته، ومن هنا جاءت رسالة رئيس الجمهورية إلى المجلس النيابي لإعادة الأمور إلى نصابها القانوني ووضع المجلس أمام مسؤولياته”.
في الغضون، وبينما علمت “نداء الوطن” أنّ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي سيزور اليوم قصر بعبدا حيث سيكون “المضمون السياسي” لعظته الأخيرة محور بحث ونقاش مع رئيس الجمهورية، من المتوقع بالتزامن أن يحتدم التشنج الطائفي في المجلس النيابي على خلفية ملف قانون الانتخاب الذي يلاقي طرحه من جانب بري معارضة مسيحية وازنة في المجلس.
وفي هذا المجال، لفت عشية انعقاد الجلسة التي دعا إليها بري لمناقشة اقتراحات القوانين الانتخابية، وضع رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع درس قانون الانتخاب في ظل الظروف المأساوية التي يمر بها الشعب اللبناني في خانة “المؤامرة”، مؤكداً مشاركة تكتل “الجمهورية القوية” في الجلسة، في إشارة إلى الاستعداد لإحباط هذه المؤامرة تحت سقف البرلمان.
وفي حين رأى أنّ “الجميع متواطئ مع الجميع لعدم حصول التدقيق الجنائي”، حمّل جعجع “الحكومة الحالية المكوّنة من الأكثرية النيابية مسؤولية فشل التدقيق الجنائي”، وتوجّه إلى الأكثرية الحاكمة مشدداً على وجوب أن تبادر إلى تشكيل الحكومة، “وإذا كانت لا تريد تشكيلها ولا أن تستقيل، فتكون هذه الأكثرية مرتكبة لأكبر جريمة بحق الشعب وستحاسبها عليها الأجيال المقبلة”.
*********************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
لبنان: مناقشة مشروع قانون جديد للانتخاب تثير مخاوف المسيحيين
معارضته تدفع إلى تقارب ظرفي بين «القوات» و«الوطني الحر»
بيروت: محمد شقير
يدخل لبنان في اشتباك سياسي من نوع آخر يعكس ارتفاع منسوب الاحتقان المذهبي والطائفي على خلفية الانقسام الحاد حول مشروع قانون الانتخاب الجديد مع معاودة اللجان النيابية المشتركة مناقشته في اجتماعها اليوم وعلى جدول أعمالها المشروع المقدّم من كتلة رئيس البرلمان نبيه بري النيابية، الذي ينص على جعل لبنان دائرة انتخابية واحدة مع اعتماد النظام النسبي، والذي يلقى معارضة مسيحية يقودها «الثنائي المسيحي» («التيار الوطني الحر» و«حزب القوات اللبنانية»)، فيما بادرت بعض الكتل النيابية إلى التقدُّم بمشاريع انتخابية، واستعدت أخرى لطرح مشاريع يمكن أن تؤدي إلى إعادة خلط الأوراق.
ويأتي الاشتباك السياسي حول قانون الانتخاب الجديد لينضم إلى اشتباك سياسي آخر مردّه إلى اصطدام المشاورات بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة سعد الحريري بحائط مسدود ينذر بتمديد أزمة التأليف من دون أن تلوح في الأفق بوادر انفراج باقتراب ولادتها، رغم أن هموم اللبنانيين لا تلتفت إلى ما ستتوصل إليه اللجان المشتركة حول قانون الانتخاب؛ لأن ما يهمها إخراج البلد من التأزّم بعد أن أصبح أكثر من 60 في المائة منهم يعيشون تحت خطر الفقر.
ومع أن اللبنانيين لا يبالون بانعقاد اللجان النيابية ولا بمواكبة استئناف الجلسات النيابية في ضوء الغياب الملحوظ للكتل النيابية ولدورها في الضغط لتسريع ولادة الحكومة بصفتها من الأولويات، فإن إدراج «قانون الانتخاب» على جدول أعمال اللجان سيزيد من ارتفاع منسوب التوتر الطائفي والمذهبي، والذي كان وراء الاصطفاف الظرفي والمؤقت القائم الآن بين الضدّين في الشارع المسيحي؛ أي «التيار الوطني» و«القوات»، اللذين يتعاملان مع مشروع الرئيس بري الانتخابي – كما تقول مصادر مسيحية – على أنه إلغائي لضرب صحة التمثيل المسيحي من خلال شل قدرته على التأثير بذريعة أنه يؤدي إلى تذويب الصوت المسيحي من قبل أكثرية إسلامية.
وتلفت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الثنائي الشيعي» بقوتيه «حزب الله» و«حركة أمل» بدأ يتحسّب منذ الآن للمتغيّرات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وتؤكد أن طرحه قانون انتخاب يقوم على جعل لبنان دائرة انتخابية واحدة يهدف إلى السيطرة على القرار السياسي عبر المجيء ببرلمان جديد تكون له اليد الطولى في وضع اليد على البلد.
وتعدّ المصادر نفسها أن الاصطفاف الظرفي بين «الثنائي المسيحي» لن يفتح الباب أمام إعادة تعويم «إعلان معراب» الذي كان وقّعه رئيس حزب «القوات» سمير جعجع مع العماد عون قبل انتخابه رئيساً للجمهورية، وتعزو الأمر إلى خلافاتهما الاستراتيجية وصولاً إلى التباين في نظرتيهما إلى مستقبل لبنان، من دون تغييب الطموحات الرئاسية لكل من جعجع ورئيس «التيار الوطني» النائب جبران باسيل. ناهيك بأن «القوات» – كما تقول المصادر – «ليست في وارد الدخول في حلف مع باسيل الذي تتهمه برعايته المباشرة للانقلاب على (إعلان معراب)، ولا مع عون، وبالتالي فهي تتموضع في الضفة السياسية الأخرى المناوئة لهما»، وتعزو الأمر إلى أن «التيار الوطني» إلى تراجع في الشارع المسيحي بعد أن تعذّر على «العهد القوي» تحقيق ما التزم به وشكّل الغطاء السياسي لـ«حزب الله» وسلاحه.
كما أن «القوات» تنظر إلى مشروع بري الانتخابي من زاوية أنه يطيح صحة التمثيل المسيحي ويتيح لـ«حزب الله» – بحسب المصادر المسيحية – «تشديد قبضته على القرار السياسي اعتقاداً منه بأنه بذلك يفرض وصايته على البلد». كما أن هذه المصادر تعدّ أن تمرير هذا المشروع «يعني إخضاع لبنان إلى نظام أحادي من جهة؛ وإلى تطويق دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي لحياد لبنان الإيجابي، وإدخاله بصورة رسمية في (محور الممانعة) بقيادة إيران، إضافة إلى أنه يلغي الشراكة المسيحية – الإسلامية باعتماد نظام انتخابي يقوم على الديمقراطية العددية».
وفي المقابل؛ تسأل المصادر نفسها عن دور «حزب الله» و«ما إذا كان سيقرر في نهاية المطاف التناغم كلياً مع مشروع الرئيس بري، وبالتالي وقوفه في وجه ما يشبه الإجماع المسيحي الرافض هذا المشروع والمتمسك بالقانون الحالي باعتبار أنه يؤمّن صحة التمثيل المسيحي ويقطع الطريق على الإخلال بالتوازن الطائفي».
وترى أن لبنان «سيتأثر بالتحوّلات السياسية التي أخذت تجتاح المنطقة»، وتوضح في المقابل أن «موقف المسيحيين في معارضتهم القانون لا ينطلق من الرهانات على الخارج بمقدار ما يتوخّون منه الحفاظ على الوجود المسيحي من خلال حقه المشروع في الشراكة إلى جانب المسلمين».
وتسأل المصادر عمّا إذا كان «حزب الله» الذي لا يزال يُبدي تكيُّفاً في مناقشته مشاريع قانون الانتخاب «سيضطر في نهاية المطاف إلى مراعاة موقف حليفه عون وتياره السياسي برئاسة باسيل، أم إنه يتحسّب لاحتمال تبدل موقف الأخير الذي يدفعه إلى التموضع تحت عباءة قانون بري الانتخابي»، وتقول إن «تحييد لبنان كخطوة وقائية عن التحوّلات في المنطقة لن يتحقق إلا بالحفاظ على صحة التمثيل المسيحي وعدم التعامل مع المسيحيين على أنهم الحلقة الأضعف في التركيبة السياسية، ما يضطرهم للتطرف في طروحاتهم تحت عنوان مطالبتهم باللامركزية الإدارية الموسّعة».
وعليه؛ فإن الانصراف للبحث في «قانون الانتخاب» قبل سنة ونصف من موعد إجراء الانتخابات النيابية لانتخاب برلمان جديد يوكل إليه انتخاب رئيس جمهورية جديد خلفاً للحالي الرئيس عون، «لن يقدّم أو يؤخّر في إخراج البلد من التأزّم الذي يحاصره ويهدّده بالزوال».
لذلك؛ فإن تعذُّر إجراء انتخابات نيابية فرعية لملء الشغور باستقالة 8 نواب من البرلمان الحالي، يمكن أن يتمدد باتجاه الحيلولة دون إجراء الانتخابات النيابية العامة، وبذلك يستعيد لبنان مرارة التجربة التي مددت للبرلمان المنتخب عام 1976 بسبب اندلاع الحرب الأهلية، وأتاحت له انتخاب 5 رؤساء جمهورية هم: إلياس سركيس، وبشير الجميل، (اغتيل قبل تسلّمه مهامه الدستورية)، وأمين الجميل، ورينيه معوّض (اغتيل بعد بدء ممارسته مهامه الرئاسية)، وإلياس الهراوي، إضافة إلى أنه كان وراء إقرار «اتفاق الطائف».
*********************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
الحريري: إنتظار ولا اعتذار… ومخاوف من تأخّر التأليف الى شباط
عاد التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان ليتصدّر واجهة الاهتمام الداخلي ويجعل ملف التأليف الحكومي في آخر سلّم الاولويات، على رغم حاجة البلاد الملحّة لحكومة تنتشلها من الانهيارالذي تعيشه على كل المستويات، فتلقّفَ رئيس مجلس النواب نبيه بري رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى المجلس النيابي أمس لـ”التعاون مع السلطة الاجرائية من أجل تمكين الدولة من إجراء التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان، وانسحاب هذا التدقيق بمعاييره الدولية كافة، على سائر مرافق الدولة العامة تحقيقاً للاصلاح المطلوب وبرامج المساعدات التي يحتاج اليها لبنان في وضعه الراهن والخانق”، ودعا المجلس الى جلسة تعقد الثانية بعد ظهر بعد غد الجمعة في قصر الاونيسكو لمناقشة مضمون هذه الرسالة الرئاسية “لاتخاذ الموقف أو الاجراء او القرار المناسب”.
وكان عون قد وجّه أمس رسالة الى مجلس النواب بواسطة رئيسه بري، دعا فيها النواب الى “التعاون مع السلطة الاجرائية من اجل تمكين الدولة من إجراء التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان، وانسحاب هذا التدقيق بمعاييره الدولية كافة، على سائر مرافق الدولة العامة تحقيقاً للاصلاح المطلوب وبرامج المساعدات التي يحتاج إليها لبنان في وضعه الراهن والخانق، وكي لا يصبح لبنان، لا سمح الله، في عداد الدول المارِقة أو الفاشلة في نظر المجتمع الدولي، مع خطورة التداعيات الناجمة عن سقوط الدولة اللبنانية في محظور عدم التمكّن من المكاشفة والمساءلة والمحاسبة، بعد تحديد مكامن الهدر والفساد الماليين اللذين قضيا على الاموال الخاصة والاموال العامة معاً”. وطلب مناقشة هذه الرسالة في مجلس النواب “وفقاً للأصول واتخاذ الموقف او الاجراء او القرار في شأنها”، لافتاً الى “ضرورة التعاون مع السلطة الاجرائية التي لا يحول تصريف الاعمال دون اتخاذها القرارات الملائمة عند الضرورة العاجلة”.
وعرضَ عون “المراحل التي قطعها إقرار التدقيق المحاسبي الجنائي منذ 24 آذار الماضي، والقرارات التي اتخذها مجلس الوزراء في هذا الصدد، وصولاً الى التعاقد مع شركة “ألفاريز ومارسال” للقيام بمهمة التدقيق الجنائي تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء. وأبرَزَ العراقيل التي برزت والتي حالت دون مباشرة الشركة لمهمتها، لا سيما موضوع السرية المصرفية والتمنّع عن تسليم المستندات والمعلومات المطلوبة على رغم من الحماية القانونية التي توافرت لهذا التسليم، وصولاً الى حدّ طلب الشركة إنهاء العقد في 20/11/2020″. واعتبر انّ “ما حدث يشكّل انتكاسة خطيرة لمنطق الدولة ومصالح الشعب اللبناني، الذي يعاني أزمات نقدية واقتصادية واجتماعية ومعيشية خانقة وموروثة ومتناسلة ومتفاقمة، ومنها على الأخصّ جائحة “كورونا” وانفجار مرفأ بيروت”.
التأليف في الانتظار
من جهة ثانية، وعلى صعيد ملف التأليف الحكومي، علمت “الجمهورية” من مصادر متابعة انّ الحكومة العتيدة دخلت غرفة الانتظار، وبات من المبكر الحديث عن أي ولادة قريبة لها بعدما هُدر التوقيت الذي كان يمكن ان تُشَكّل في خلاله، اي قبل اكثر من اسبوعين. واكدت المصادر انّ الكلام عن انّ الرئيس المكلف سعد الحريري سيعتذر بسبب تهديد اميركي له بعقوبات هو كلام غير دقيق، وتمّ تَناقله فقط عبر وسائل الاعلام، لكنّ الحقيقة هي انّ قرار عدم اعتذار الحريري هو قرار خاص به، فهو لم يرشّح نفسه حتى يعتذر وكان يعلم تماماً انّ طريقه ليس مفروشاً بالورود، وإنما هو طريق وَعِر وليس سهلاً، وهذا القرار اتخذه بملء إرادته، وهو ينتظر حالياً تَبدّل الظروف المؤاتية ليعاود استئناف التفاوض في شأن تشكيل الحكومة.
ولَمّحت المصادر الى “انّ الحريري فرمَلَ عمله وخطواته بعدما برز كلام أميركي واضح بأنّ الاميركيين لا يريدون “حزب الله” في الحكومة، وهو يعلم جيداً أن لا حكومة يمكن ان تشكّل من دون “حزب الله”.
أمّا في شأن التفاوض مع رئيس الجمهورية في ملف التأليف، فلا يزال عون ينتظر أن يأتيه الحريري بـ”معايير ستاندرد” تنطبق على جميع الأفرقاء السياسييين الذين سيمثّلون في الحكومة. واستبعدت المصادر حدوث خرق في تأليف الحكومة في ظل الاجواء القائمة حالياً، مُبدية تخوّفها من ان يطول عمر التأليف ويمتد الى ما بعد شباط المقبل.
لا اتصال ولا وسيط
الى ذلك لم يحصل أمس اي اتصال او اجتماع حول الشأن الحكومي، وساد صمت رهيب في القصر الجمهوري و”بيت الوسط”، ولم يسجّل أي نشاط لوسيط بينهما منذ اللقاء الأخير بين عون والحريري قبل 9 ايام تقريباً، كذلك بالنسبة الى مَن اعتادوا نقل المواقف والرسائل المتبادلة.
وعن زيارة الحريري المحتملة لعون نَفت مصادر بعبدا علمها بوجود موعد محدّد سلفاً لهذه الزيارة، ولفتت الى انّ اي لقاء لم يعقده عون مع الحريري بناء على موعد سابق، إذ اعتاد الأخير في غالبية اللقاءات التي عقدها حتى الآن مع رئيس الجمهورية طَلبَ الموعد وهو في الطريق الى القصر الجمهوري.
الثنائي الشيعي
وأبلغت مصادر الثنائي الشيعي الى “الجمهورية” انّ “آلية وضع أسماء الوزراء هي العقدة الاساسية التي لا تزال تؤخّر الاتفاق على تشكيل الحكومة”، وأكدت انّه “من غير المقبول ان يختار الرئيس المكلف وحده اسماء الوزراء، أيّاً تكن طوائفهم، لأنّ مثل هذا الأمر ينطوي على تعديل جذري في قواعد المشاركة، ويشكّل سابقة قد يتسلّح بها البعض في المستقبل لتحويل الاستثناء قاعدة”.
وأوضحت المصادر “انّ قوى 8 آذار أبدت مرونة واسعة تمثّلت في اقتراحها أن تضع لائحة من مجموعة اسماء مرشحة للتوزير، على أن يختار الرئيس سعد الحريري من بينها، وهذا موقف يعكس تبدّلاً في المقاربة مقارنة مع ما كان يحصل في السابق، حيث كنا نكتفي بإبلاغ الرئيس المكلف أسماء وزرائنا من دون أن يكون له حق في تعديلها”.
ونفت المصادر ما رُوّج قبل أيام من انّ الحريري اقترح اسماء على “الثنائي الشيعي” الذي وافق عليها، مؤكدة “انّ أصل هذه القاعدة مرفوض”.
خليل لـ”الجمهورية”
في غضون ذلك، قال المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، النائب علي حسن خليل لـ”الجمهورية”، رداً على سؤال عمّا آل اليه ملف تشكيل الحكومة “انّ التواصل مقطوع ولا أحد يتكلم مع أحد، وأسباب هذا الانقطاع مجهولة”. وعن ارتباط ولادة الحكومة بالظروف الاقليمية والدولية؟ أشار خليل الى “اننا في لبنان أسهَل ما علينا هو تكبير الحجر وربط الامور بالخارج، وتعقيدات التأليف يمكن ان تحلّ داخلياً”.
من جهة أخرى قال خليل: “تقدمنا باقتراح قانون إخضاع الادارات والمؤسسات العامة للتدقيق الجنائي، ونحن حريصون على إقراره في أسرع وقت ممكن لإنجاز التدقيق الجنائي في كل مؤسسات الدولة. ومن خلال هذه الخطوة أكدنا اننا على جهوزية تامة لِحلّ كل العراقيل التي تحول دون إتمام مهمة التدقيق، وسنسهّل الامور الى اقصى الحدود. وفي النهاية الكرة في ملعب السلطة التنفيذية، فإمّا إعادة التواصل مع شركة “ألفاريز اند مارسال” وإمّا اتخاذ قرار باعتماد شركة أخرى”.
واكد خليل “انّ الكلام عن توتّر في العلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب لا صحة له على الاطلاق، والرسالة التي وجّهها الرئيس عون هي حق دستوري، وفور تلقّيها قام الرئيس بري بواجباته ودعا فوراً الى جلسة عامة لمناقشتها، ولم ينتظر حتى مهلة الـ3 أيام، المنصوص عليها في الدستور”. ولفت خليل الى “انّ كتلة التنمية والتحرير تحرّكت قبل الرسالة، وطلبت تأمين كل الظروف القانونية المؤاتية لإجراء التدقيق، وقدمت الاقتراح حتى قبل وصول الرسالة”.
إبراهيم والأميركيين
على صعيد آخر، وفي خطوة خاطفة غايتها إتمام مهمة لم يرِد المعنيّون إنجازها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بسبب كورونا، بعدما تسرّبت معلومات عن طلب عدد من اعضاء الكونغرس فَرض عقوبات على المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، زار وفد رفيع من وزارة الخارجية الاميركية لبنان واجتمع مع ابراهيم بعيداً من الاضواء وسط تَكتّم عن مضمون اللقاء وهوية الاشخاص الذين شاركوا فيه.
وفي معلومات لـ”الجمهورية” أنّ الوفد شرح لإبراهيم آلية العمل في الولايات المتحدة، وخصوصاً على مستوى فصل السلطات، ولا سيما منها السلطة التشريعية التي لها أطر عمل مختلفة ومنفصلة تماماً. وأكد الوفد لإبراهيم انّ الامور لن تذهب الى اي مكان آخر، وأنّ العمل والتعاون بين السلطات الاميركية المعنية وبينه سيُستكمل في ملفات التفاوض وعودة المفقودين الاسرى والوساطة التي يقوم بها اللواء ابراهيم في هذا الاطار، بالاضافة الى التعاون الامني المستمر.
كورونا
على الصعيد الكوروني، أعلنت وزارة الصحة العامّة، في تقريرها اليومي أمس حول مستجدات كورونا، عن تسجيل 1188 إصابة جديدة (1169 محلية و19 وافدة)، ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 118664. كذلك تم تسجيل 23 حالة وفاة جديدة، وبذلك يصبح العدد الإجمالي للوفيات 934″.
وأعلن وزير الصحة حمد حسن، في مؤتمر صحافي، عن “اتفاق مع شركة “فايزر” في شأن وصول اللقاح في الربع الأول من السنة المقبلة، أي بين أواخر شهر شباط و1 آذار المقبلين، “وسيتم توزيعه تباعاً بحسب لوائح سنضعها على أساس علمي تبعاً للأولويات الصحية”.
تقييم الاغلاق
ومع اقتراب انتهاء مدة الاغلاق الشامل في عطلة نهاية الاسبوع الجاري، جمعَ رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب كلّاً من وزيرة الدفاع زينة عكر، قائد الجيش العماد جوزف عون، المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، مدير المخابرات العميد أنطوان منصور، رئيس مكتب المعلومات العميد منح صوايا، رئيس فرع المعلومات العقيد خالد حمود، مساعد المدير العام لأمن الدولة العميد سمير سنان، رئيس شعبة الخدمة والعمليات العقيد جان عواد والمستشارين خضر طالب وبترا خوري وحسين قعفراني. وخصّص الاجتماع لتقييم الإجراءات والتدابير التي اتخذت بموجب قرار الإقفال وضرورة الاستمرار فيها، وكان هناك ارتياح الى نتائجها الإيجابية.
نفي شائعات
من جهة ثانية، تبادلَ اللبنانيون، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مجموعة من الاخبار والتسريبات التي تحدثت عن عمليات إجلاء لمسشتارين عسكريين وموظفين من 4 سفارات عاملة في لبنان ومنطقة الشرق الاوسط، تابعة لكلّ من فرنسا وبريطانيا وهولندا وكندا.
وسَرت بعد ظهر أمس شائعات عن وصول 4 طائرات عسكرية الى مطار رفيق الحريري الدولي من 4 دول مختلفة، بهدف الربط بين هذه الشائعات وسعياً الى إعطائها الصدقية.
وهبة لـ”الجمهورية”
وتعليقاً على هذه الشائعات، اكد وزير الخارجية شربل وهبة لـ”الجمهورية” “انّ مثل هذه الاخبار كاذبة وخاطئة ولا اساس لها من الصحة”.
وكشف وهبة انه التقى بعد ظهر امس سفيرة كندا في بيروت السيدة شانتال تشاستيناي، التي لم تُشِر الى مثل هذه المعلومات لا من قريب او بعيد، وتحدثت عن حجم برامج الدعم الكندية المقررة للبنان على اكثر من مستوى، وانه على تواصل دائم مع عدد من هذه السفارات وغيرها من السفارات الخليجية التي تناولتها شائعات مماثلة سابقاً بوجود قرار بخفض مستواها الديبلوماسي في لبنان، ولم يُشِر أحدهم الى مثل هذه المعلومات.
ونَبّه وهبة من “مخاطر هذه الروايات الوهمية”، ولفت الى “عدم الأخذ بها، فليس لمثل هذه القرارات ان تتخذ من دون علم وزارة الخارجية او ايّ من المراجع الأمنية”.
هجرة الصينيين
وكانت مواقع اسرائيلية قد تحدثت، قبل هذه الموجة من الشائعات، عن “هجرة الخبراء الصينيين” من طهران الى بلادهم، كمؤشّر الى ضربة أميركية محتملة على ايران.
*********************************
افتتاحية صحيفة اللواء
رسالة عون للمجلس: تغطية على إفشال التأليف أو إعادة التعويم!
اشتباك حاد بين برّي وجعجع وباسيل حول قانون الانتخاب.. ولجنة كورونا تتجه لإعادة فتح البلد الإثنين
في وقت غرق فيه ملف تأليف الحكومة في سبات عميق، ويكاد ينام في «جارور النسيان» إن لم يكن الإهمال، ملأت رسالة الرئيس ميشال عون إلى رئيس مجلس النواب، والتي هي أشبه برمي الكرة الى المجلس النيابي، غداة مغادرة مسؤولي شركة الفاريز ومارسال للتدقيق المحاسبي لبنان من دون أي لقاء مع المسؤولين، لا في بعبدا ولا في وزارة المال.
في رأي مصادر سياسية ان تركيز رئيس الجمهورية ميشال عون على ايلاء موضوع التدقيق الجنائي المالي الأهمية اللافتة في هذا الظرف الصعب والدقيق الذي يمر به لبنان حاليا، بعد فشل تطبيق قرار الحكومة وانسحاب شركة التدقيق المكلفة بمهمة تطبيقه، وصولا إلى حد توجيه رسالة من قبل رئيس الجمهورية إلى المجلس النيابي لمناقشة هذا الموضوع، يؤشر بوضوح الى محاولة مكشوفة لاثارة حملة من الضجيج السياسي والاعلامي لحجب الأنظار والاهتمام عن المسؤولية المباشرة للرئيس عون في تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة، والظهور امام الرأي العام بمظهر الحريص على مكافحة الفساد والهدر في ادارات ومؤسسات الدولة، خلافا للواقع وللممارسة والاداء طوال السنوات الماضية.
وفي اعتقاد المصادر ان عون يحاول من خلال رسالته تحميل المجلس النيابي مسؤولية فشل تنفيذ قرار التدقيق الجنائي، وحمله على إقرار تشريعات بهذا الخصوص، في حين ان مسؤولية إتخاذ اي قرار من هذا النوع تقع ضمن صلاحيات الحكومة وبالتالي قد يؤدي خوض مجلس النواب في هذه المسألة الى انقسام بين أعضائه يستحيل معه إقرار اي تشريع بخصوصه، ولذلك سيقتصر الامر على مناقشة عامة لرسالة عون.
واعتبرت المصادر المذكورة انه كان على رئيس الجمهورية لو كان بالفعل يريد تنفيذ وعوده بالاصلاح ومكافحة الفساد، تحصين قرار التدقيق الجنائي بإخراجه من سلوكية الكيد السياسي لفريقه وباقرار التعديلات اللازمة على القوانين المانعة لتنفيذه وشموله جميع الوزارات والادارات الرسمية بدلا من حصره بمصرف لبنان وقبل كل شي افراجه عن مرسوم التشكيلات القضائية. ولذلك، لن يحجب هذا الضجيج السياسي والصخب مهما ارتفعت حدته مسؤولية رئيس الجمهورية بتعطيل تشكيل الحكومة الجديدة، التي تشكل في رأي الناس مطلبا ملحا للمباشرة بالصلاحات ومكافحة الفساد وحل الأزمة المالية والاقتصادية التي تضغط على معيشة المواطنين بقوة، بينما يبقى موضوع التدقيق الجنائي اقل اهمية.
مضمون الرسالة التي تلقفها الرئيس نبيه برّي فوراً، ودعا إلى جلسة لمناقشة مضمونها بعد غد الجمعة، يتمحور حول دعوة النواب إلى «التعاون مع السلطة الاجرائية من اجل تمكين الدولة من إجراء التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان، وانسحاب هذا التدقيق بمعاييره الدولية كافة، على سائر مرافق الدولة العامة تحقيقا للاصلاح المطلوب وبرامج المساعدات التي يحتاج اليها لبنان في وضعه الراهن والخانق، وكي لا يصبح لبنان، لا سمح الله، في عداد الدول المارقة او الفاشلة في نظر المجتمع الدولي».
وعرض الرئيس عون في رسالته، «المراحل التي قطعها اقرار التدقيق المحاسبي الجنائي منذ 24 آذار الماضي والقرارات التي اتخذها مجلس الوزراء في هذا الصدد، وصولا الى التعاقد مع شركة «الفاريز ومارسال» للقيام بمهمة التدقيق الجنائي تنفيذا لقرار مجلس الوزراء».. بهدف «اكتشاف عمليات الاختلاس والتزوير ونهب المال العام، واسترداد الأموال المنهوبة أو المغسولة ومحاسبة المرتكبين».
وبما أن ما حدث، بتفاصيله ومضامينه ومعانيه كافة، إنما يشكل انتكاسة خطيرة لمنطق الدولة ومصالح الشعب اللبناني الذي يعاني من أزمات نقدية واقتصادية واجتماعية ومعيشية خانقة وموروثة ومتناسلة ومتفاقمة، جراء أحداث مأساوية عصفت بنا، ومنها على الأخص جائحة كورونا التي اجتاحت العالم ولم توفرنا، وانفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، لا بل أكثر من ذلك حالت هذه الانتكاسة الخطيرة دون أن يعرف الشعب اللبناني الذي هو صاحب السيادة ومصدر كل سلطة والمعاني معاناة بلغت أو تكاد حدود اليأس، من هدر أمواله، كما أسدل ستار حاجب للرؤية على المسؤولين عن مصالح هذا الشعب، ونحن في مقدمتهم، لتحديد مكامن الهدر والمرتكبين على المستويات كافة، وملاحقتهم واسترداد الأموال المنهوبة، وملازمة موجب الشفافية الكاملة في إدارة المال العام من دون أي حماية أو حصانة من أي نوع كانت، وبما أن الأدهى أن التدقيق المحاسبي الجنائي في مصرف لبنان بات أيضا من مستلزمات تفاوض الدولة اللبنانية مع صندوق النقد الدولي ومن أبرز بنود المبادرات الدولية للانقاذ والإصلاح في لبنان، وأخصها المبادرة الفرنسية.
وجاء في الرسالة الرئاسية إلى الرئيس بري: نتوجه اليكم بهذه الرسالة لمناقشتها في المجلس وفقاً للأصول واتخاذ الموقف أو الاجراء أو القرار بشأنها، ما يستدعي التعاون مع السلطة الإجرائية التي لا يحول تصريف الأعمال دون اتخاذها القرارات الملائمة عند الضرورة العاجلة، وذلك من أجل تمكين الدولة من إجراء التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان وانسحاب هذا التدقيق، بمعاييره الدولية كافة، الى سائر مرافق الدولة العامة، تحقيقا للإصلاح المطلوب وبرامج المساعدات التي يحتاج اليها لبنان في وضعه الراهن والخانق، وكي لا يصبح لبنان، لا سمح الله، في عداد الدول المارقة أو الفاشلة في نظر المجتمع الدولي، مع خطورة التداعيات الناجمة عن سقوط الدولة اللبنانية في محظور عدم التمكن من المكاشفة والمساءلة والمحاسبة، بعد تحديد مكامن الهدر والفساد الماليين اللذين قضيا على الأموال الخاصة والأموال العامة معا.
وهي الثانية بعد الرسالة المتعلقة بتفسير المادة 95 من الدستور، وخلال فترة وجيزة.
وتلقف الرئيس بري رسالة عون فوراً ودعا الى جلسة عامة تعقد في الثانية من بعد ظهر الجمعة المقبل، في قصر الاونيسكو، «وذلك إنفاذا للمادة 53 الفقرة 10 من الدستور، والفقرة الثالثة من المادة 145 من النظام الداخلي للمجلس، لمناقشة مضمون رسالة رئيس الجمهورية لإتخاذ الموقف أو الاجراء او القرار المناسب».
وعليه، تنشط الاتصالات قبيل الجلسة، بين الكتل النيابية، لتقرير ما يترتب ان لجهة المشاركة أو ما يمكن ان تؤول إليه المناقشات، في ضوء توجه بعبدا إلى إعادة تعويم حكومة الرئيس حسان دياب المستقيلة.
فيتو على تمثيل الحزب
حكومياً، في حين ينتظرالوسط الرسمي والسياسي زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري الى قصر بعبدا في الساعات القليلة المقبلة لمناقشة آخر المقترحات والصيغ حول تشكيل الحكومة، أوحت الاجواء بان تشكيل الحكومة دونه عقبات داخلية سياسية شكلية حول الحصص وخارجية اعمق تتعلق برفض توزير اي مقرب من حزب الله حتى ولو من باب تسمية شخصية غير حزبية وغير محسوبة على الحزب.وترددان الاميركيين ابلغوا لبنان برفضهم هذا عبر اقنية دبلوماسية اوروبية رفيعة المستوى، فبات لا مسودة ولا نقاش في اي شأن حكومي.
وإستغرب تكتل لبنان القوي «البطء المتمادي في عملية تشكيل الحكومة، وإعتبر ان أسباب التأخير أصبحت معروفة من الرأي العام، وهي غير مقبولة بشقيها الداخلي والخارجي، فلا شيء يمنع تشكيل الحكومة باعتبار ذلك قراراً سيادياً وطنياً ولا يجوز ربطه بالخارج بأي صورة من الصور، ومن غير المسموح استخدام الوضع الاقتصادي المتأزم ذريعة للإخلال بالتوازنات والوحدة الوطنية».
قانون الانتخاب
والموضوع الثاني، الذي يشغل الأوساط النيابية والسياسية إلى الخلاف الدائر حول قانون الانتخاب، وتعقد اللجان المشتركة اليوم جلسة لمناقشة اقتراح القانون الانتخابي الذي تقدمت به كتلة التنمية والتحرير في إطار اعداد قانون جديد للانتخابات النيابية.
وعشية الجلسة، رفع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أمس السقف عاليا في وجه خطوة الرئيس بري فتح اوراق القانون. فقال عقب اجتماع لتكتل الجمهورية القوية في معراب «ان ما يحصل بخصوص موضوع قانون الانتخاب مؤامرة كبرى». وسأل بأي منطق يطرح قانون الانتخاب اليوم في عز الازمة التي نعيش؟ القانون الحالي أقرّ قبل 3 سنوات لا اكثر، ولماذا يطرح قانون الانتخاب في ظل الانقسام السياسي الحاد؟ واردف «سنشارك في جلسة اللجان غدا وسنقول من الداخل ان ما يحصل مؤامرة لان لا تفسير آخر لذلك»، متحدثا عن تقاطع لا تحالف مع التيار الوطني الحر في رفض طرح قانون الانتخاب اليوم.
كذلك توقف تكتل لبنان القوي «عند طرح تغيير قانون الانتخابات النيابية، وأكد في هذا السياق انه لن يفرّط بنضال السنوات الطويلة التي أوصلته الى قانون يصحّح التمثيل النيابي، واي بحثٍ في هذا الأمر لن يكون مقبولًا من جهتنا، الاّ من ضمن حل متكامل لتطوير النظام وتعديل الدستور بإقامة الدولة المدنية بكل مندرجاتها وباعتماد اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة».
الاقفال بين السلطة والهيئات
والموضوع الثالث، الذي ملأ الاهتمامات، تمثل بترصد الإجابة عن سؤال يتعلق بالقرار المتعلق بالاكتفاء بالاقفال العام لاسبوعين أم التمديد لفترة إضافية، وسط نزوع قوي للاكتفاء بالاسبوعين..
ونظراً للمخاطر المالية المحدقة بالقطاع التجاري والقطاعات الفندقية والسياحية بما فيها المطاعم والمقاهي، عقد اجتماع وصف «بالتشاوري والتشاركي» في مقر المجلس الاقتصادي والاجتماعي، حضره وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن ووزير الداخلية محمّد فهمي، ورئيس المجلس الاقتصادي شارل عربيد، ورئيسا لجنتي الاقتصاد والصحة فريد البستاني وعاصم عراجي، وأمين المجلس الأعلى للدفاع اللواء محمود الأسمر.. بالإضافة إلى رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر.
كما حضره رئيس الهيئات الاقتصادية محمّد شقير ورئيس تجار بيروت نقولا الشماس، ونقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر، ونقيب المطاعم طوني الرامي، ومدير مستشفى الحريري فراس الأبيض ونائب رئيس المجلس حميدي صقر.
واوحت مداخلتا فهمي وحسن ان اللجنة الوزارية العليا تتفهم الواقع المأساوي للقطاعات المشاركة، داعياً لتعاون الحكومة والمجتمع والمواطنين لتخطي الأزمة.
ورأى حسن انه مهما استمر الاقفال من دون الاعتماد على السلوك الفردي فلن نحقق الهدف، مشيراً إلى تحقيق أهداف من وراء الاقفال، كرفع اعداد الأسرة للعناية الفائقة، وتخفيض اعداد المصابين في القطاع، وتقييم واقع الوباء خلال أسبوعين.
وأكّد شماس عدم القدرة على الاستمرار بالاقفال فيما التجارة الالكترونية تسيطر على حاجيات المستهلك.
وحذرالاشقر من اقدام القوى الأمنية على اقفال بعض المطاعم.
وأكّد الرامي الالتزام بقرار يُشارك فيه القطاع.
إلى ذلك، بحث المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم مع سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في بيروت دوروثي شيا قضايا مشتركة، إضافة إلى نتائج زيارته الأخيرة إلى واشنطن، في ضوء مهمة وفد دبلوماسي من وزارة الخارجية الاميركية وصل الى لبنان قبل يومين، والتقى اللواء ابراهيم، وتناول البحث زيارته الاخيرة الى واشنطن وما رافقها من اخبار وتحليلات. واكد الوفد «ان الثقة والتقدير اللذين يتمتع بهما المدير العام للامن العام لدى الادارة الاميركية، ايا تكن التوجهات، ينبعان من مصداقية اللواء ابراهيم وادائه في كل الملفات التي عمل عليها بالشراكة مع نظرائه في الولايات المتحدة الاميركية، وصولا الى العلاقة مع المستشار القومي روبيرت اوبراين».
مالياً، وبعدما رفض فريق شركة الفاريز ومارسال تلبية الدعوة لاجتماع في بعبدا مع الرئيس عون والفريق الرسمي، غادر مسؤولو الشركة لبنان أمس، وسط تخبط غير مسبوق لدى السلطة السياسية، ويأتي هذه التطور مع بدء العد التنازلي لتقلص حجم العملة الصعبة في لبنان.
وأمس، اجتمع مجلس إدارة جمعية المصارف، استعداداً للاجتماع الشهري مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، المتوقع ان يعقد خلال الـ24 ساعة المقبلة.
فضيحة الطحين
وتفاعلت قضية بيع الطحين العراقي بقوة أمس، على نحو فضائحي، وفي ضوء ان اطنان الطحين ما تزال مرمية فوق المياه المبتذلة، الأمر الذي دفع بنقابة المخابز والأفران إلى التأكيد ان نوعية الطحين العراقي جيدة، وهي تستخدم في صناعة الرغيف.
قرار لمصلحة النّاس
صحيا، ناقشت اللجنة الوزارية لمتابعة ملف كورونا، التدابير الصحية والإحترازية للحد من إنتشار الوباء وذلك خلال إجتماعها في السراي برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب. وفي خلال الإجتماع عرض وزير الصحة للخطة الصحية المتعلقة برفع عدد الأسرة في المستشفيات، الحملات الميدانية المتنقلة، الفحوص السريعة، عزل الحالات المصابة وغيرها من الإجراءات. كما تم تقويم التقارير المقدمة من وزارة الصحة، والتي تشير إلى تحسن طفيف في نسبة عدد المصابين بكورونا، وتم التأكيد على متابعة كل الأساليب الطبية والإرشادات المتاحة للخروج من الإقفال نهاية الأسبوع المقبل بنتائج مقبولة، على أن تعقد اللجنة اجتماعا بداية الشهر المقبل لمتابعة ضبط نسبة الإصابات». واعلن وزير الصحة حمد حسن ان «اللجنة الصحية ستجتمع اليوم وسنأخذ قراراً لمصلحة الناس والمجتمع».
118664
على صعيد الإصابات، ذكرت وزارة الصحة العامة عن 1188 إصابة جديدة بفايروس كورونا في لبنان و23 حالة وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد إلى 118664 إصابة منذ 21 شباط 2019.
وكشف نقيب الأطباء ان ستة أطباء توفوا حتى تاريخه بسبب اصابتهم بفايروس كورونا و20 طبيباً حالياً في العناية المركزية وما لا يقل عن 200 في الحجر المنزلي أو الاستشفائي.
وأعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ان مجموع محاضر مخالفات قرار التعبئة العامة المنظمة اعتباراً من تاريخ 14/11/2020 ولغاية مساء 24 ت2 بلغ 28698 محضراً.
*********************************
افتتاحية صحيفة الديار
«قانون الانتخاب» يقسم البلد طائفيا…وصوّان يعدّ لمفاجآت من العيار الثقيل
عون يلقي كرة «التدقيق الجنائي» في ملعب مجلس النواب وبري يرفع عنه المسؤولية
تجميد الملف الحكومي و«الاقفال العام» مستمر حتى نهاية الشهر ولا استثناءات اضافية في الاسبوع الثاني
بولا مراد
وكأن بلدا شهد منذ 3 أشهر ونصف فقط على أحد اكبر التفجيرات في التاريخ الحديث ما أدى لمقتل وجرح الآلاف من أبنائه ودمار نصف عاصمته، وهو نفسه يعاني احدى أكبر الازمات المالية منذ تأسيسه ما أدى لوضع اليد على المدخرات في المصارف وفرض نمط عيش معين على اللبنانيين، من دون ان ننسى تزامن ذلك مع أزمة اقتصادية وأخرى اجتماعية دفعت بأكثر من نصف أبنائه تحت خط الفقر، يمتلك ترف ان تنصرف اللجان النيابية اليوم لبحث مشاريع قوانين انتخابية يدفع بعض الفرقاء لاعتماد أحدها في الانتخابات المقبلة قبل عامين!
فبدل ان يحوّل المجلس جلساته العامة مفتوحة لمحاولة التخفيف من وطأة كل هذه الأزمات على المواطنين، وتواكبه حكومة طوارىء بمراسيم تنفيذية وبقرارات سريعة لمنع الارتطام الذي على ما يبدو بات أقرب من أي وقت مضى بعد أشهر من بدء الانهيار على المستويات كافة، ينصرف البرلمان اليوم الى نقاش بدأ يأخذ طابعا طائفيا في ظل رفض المسيحيين ممثلين بـ«التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» مشاريع القوانين التي تتحدث عن لبنان دائرة واحدة على اساس النسبية واعتبارهم ان «فتح هذا السجال في هذه المرحلة بالذات محاولة للتغطية على افشال التدقيق الجنائي».
وبمحاولة منه لابقاء معركة «التدقيق» مفتوحة وعدم رفع راية الاستسلام بعد قرار شركة «مارسال والفاريز» المريب بالانسحاب، وجّه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يوم أمس رسالة الى مجلس النواب بواسطة رئيس المجلس الرئيس نبيه بري، دعا فيها النواب الى «التعاون مع السلطة الاجرائية من اجل تمكين الدولة من إجراء التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان، وانسحاب هذا التدقيق بمعاييره الدولية كافة، على سائر مرافق الدولة العامة تحقيقا للاصلاح المطلوب وبرامج المساعدات التي يحتاج اليها لبنان في وضعه الراهن والخانق، وكي لا يصبح في عداد الدول المارقة او الفاشلة في نظر المجتمع الدولي، مع خطورة التداعيات الناجمة عن سقوط الدولة اللبنانية في محظور عدم التمكن من المكاشفة والمساءلة والمحاسبة، بعد تحديد مكامن الهدر والفساد الماليين اللذين قضيا على الاموال الخاصة والاموال العامة معا». وطالب عون بمناقشة هذه الرسالة في مجلس النواب «وفقا للاصول واتخاذ الموقف او الاجراء او القرار في شأنها»، لافتا الى «ضرورة التعاون مع السلطة الاجرائية التي لا يحول تصريف الاعمال دون اتخاذها القرارات الملائمة عند الضرورة العاجلة».
وبحسب مصادر مطلعة على جو الرئيس عون، فان الهدف الرئيسي للرسالة ان «يتبلور موقف واضح للمجلس النيابي من مسألة التدقيق الجنائي، اضافة لتحديد مواقف الكتل النيابية، ليكون الرأي العام على بينة من يؤيد هذا التدقيق ومن يعارضه. وقالت المصادر لـ «الديار»:«كما يسعى الرئيس عون لتذكير المجلس بدوره، باعتبار انه قادر على المساعدة في خوض هذه المعركة سواء عبر اقرار قوانين، أو تقديم اقتراحات قوانين تصب في خدمة التدقيق، على أن يترافق كل ذلك مع تفعيل التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، والاهم تحمل النواب مسؤولياتهم، فلا يبقى عون يصرخ وحيدا في هذه القضية وغيرها».
وبسرعة قصوى، تلقف رئيس مجلس النواب نبيه بري محاولة عون رمي الكرة في ملعبه، ولالقاء اي مسؤولية عنه في ملف التدقيق الجنائي والرد على الاتهامات التي تساق ضده بأنه و«تيار المستقبل» لا يريدان التدقيق بحسابات مصرف لبنان، قام بري بتحركين سريعين، فدعا أولا الى جلسة عامة يوم الجمعة المقبل إنفاذا للمادة 53 الفقرة 10 من الدستور والفقرة الثالثة من المادة 145 من النظام الداخلي لمناقشة مضمون رسالة رئيس الجمهورية المرسلة الى المجلس النيابي بواسطة دولة رئيس المجلس لإتخاذ الموقف أو الاجراء او القرار المناسب . وثانيا، تقدم عبر النائب علي حسن خليل باسم كتلة التحرير والتنمية بإقتراح قانون إخضاع الإدارات والمؤسسات العامة للتدقيق الخارجي الجنائي.
وكان الكباش بين الرئيس عون وحركة «أمل» في ملف التدقيق الجنائي اشتد، بعد كلام عون، في «ذكرى الاستقلال»، عن ضرورة قيام مجلس النواب بإقرار قوانين الإصلاح والمحاسبة، ما اعتبره بري موقفا موجها ضده، ما ادى الى مسارعة «أمل» في بيان مطلع الاسبوع لانتقاد ما وصفته بـ«الخطاب الشعبوي» (في إشارة إلى كلام عون)، مؤكدة تأييدها للتدقيق المالي الجنائي، وداعية إلى مصارحة اللبنانيين بشأن تشكيل الحكومة.
وفي خضم تبادل الاتهامات حول الطرف الذي يتحمل مسؤولية قطع الطريق على التدقيق الجنائي، يواصل قاضي التحقيق العدلي فادي صوّان تحقيقاته بانفجار بيروت. ورشحت معلومات انه سيلجأ قريبا للادعاء على عدد من رؤساء الحكومات كما عدد من الوزراء السابقين، بينهم سعد الحريري وحسان دياب وفنيانوس وغيرهم. على ان تشكل هذه الخطوة تحولا كبيرا في مسار التحقيق ومفاجأة من العيار الثقيل.
ولم تستدع كل الأزمات المتفاقمة، اي تحرك جديد على خط تشكيل الحكومة، في ظل معلومات عن تجميد الملف نتيجة تشبث كل من عون والحريري بمواقفهما. واعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع يوم امس أن «على الأكثرية النيابية الحالية تشكيل الحكومة وإذا كانت لا تريد تشكيلها ولا ان تستقيل، فهذه الأكثرية ترتكب اكبر جريمة بحق الشعب والاجيال المقبلة ستحاسبها». واشار جعجع الى أن «الحكومة الحالية مكونة من الأكثرية النيابية الحالية والتي تتحمل مسؤولية فشل التدقيق الجنائي ونعتبر أن مصرف لبنان نقطة الإنطلاق في التدقيق وكنت أتمنى أن يتخذ حاكم مصرف لبنان المبادرة». وقال: «الجميع متواطئ مع الجميع لعدم حصول التدقيق الجنائي ونحن مصرون على حصوله ليطاول كل المراكز التابعة للدولة والتدقيق ليس من الكماليات بل ضروري وأساسي».
في هذا الوقت، لا يزال هاجس «كورونا» يؤرق المعنيين بالقطاع الطبي. وقد ترأس رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب يوم امس اجتماع اللجنة الوزارية لمتابعة الملف. وعرض وزير الصحة للخطة الصحية المتعلقة برفع عدد الأسرة في المستشفيات، الحملات الميدانية المتنقلة، الفحوص السريعة، عزل الحالات المصابة وغيرها من الإجراءات. كما جرى تقييم التقارير المقدمة من وزارة الصحة، والتي أشارت إلى «تحسن طفيف في نسبة عدد المصابين بكورونا، وتم التأكيد على متابعة كل الأساليب الطبية والإرشادات المتاحة للخروج من الإقفال نهاية الأسبوع المقبل بنتائج مقبولة، على أن تعقد اللجنة اجتماعا بداية الشهر المقبل لمتابعة ضبط نسبة الإصابات». وبهذا تكون اللجنة لم تأخذ بمطالبات بعض القطاعات وعلى رأسها القطاع التجاري الذي كان يعول على استثنائه من الاقفال العام في اسبوعه الثاني. وهو ما ترده مصادر طبية للأرقام المرتفعة التي لا يزال يتم تسجيلها وتتخطى يوميا الالف، ما يستدعي التمسك بالاجراءات المتخذة خاصة وان التوجه هو لعدم تجديد الاقفال نهاية الشهر الجاري باعتبار ان الشهر المقبل شهر أعياد وكل القطاعات تنتظره من عام لآخر كي تأخذ نفسا بعدما قطعت الازمات المتراكمة انفاسها.
*********************************
افتتاحية صحيفة الشرق
عون يرمي كرة التدقيق في مجلس النواب وبري يقبل التحدي
اشادة اميركية باللواء ابراهيم وجعجع: قانون الانتخاب مؤامرة
بين «مؤامرة» قانون الانتخاب و»انتكاسة» التدقيق الجنائي تنقل الحدث اللبناني امس، مغرقا البلاد في مزيد من الاصطفافات والانقسامات السياسية، فيما التعامل مع الملف الحكومي يتم بخفة مقابل إغراق كلامي في التعهدات والالتزامات والوعود والمواقف الجديدة – القديمة الممجوجة لاسيما منها تلك التي تفيض من العهد وحلفائه الممسكين بزمام الدولة منذ اربع سنوات ونيف، حتى بدت الدولة كأنها في سباق مع المزايدة على المواطنين العاديين في كل ما يتصل بالأزمات الأمنية والمالية والاقتصادية والاجتماعية.
رسائل تتطاير بين بعبدا وساحة النجمة من جهة وبين معراب وعين التينة من الجهة المقابلة، مشاريع حروب سياسية مغلفة بشعارات اصلاحية ومقاربات غير واقعية، تحاكي كل شيء باستثناء حاجة اللبنانيين الى ما يطمئن قلقهم على حاضرهم وحاجة البلاد الى حكومة يحكم تشكيلها حتى الساعة النكد السياسي.
بين التدقيق والقانون
وفي انتظار تسجيل جديد غير متوافرة ظروفه على خط تشكيل الحكومة، ربما من خلال زيارة يفترض ان يقوم بها الرئيس المكلف سعد الحريري الى قصر بعبدا في الايام القليلة المقبلة، قفز التدقيق الجنائي وقانون الانتخاب الى واجهة الاهتمام المحلي امس.
عون يراسل النواب
في الملف الاول، وجه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رسالة الى مجلس النواب، دعا فيها النواب الى «التعاون مع السلطة الاجرائية من اجل تمكين الدولة من إجراء التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان، وانسحاب هذا التدقيق بمعاييره الدولية كافة الى سائر مرافق الدولة العامة تحقيقا للاصلاح المطلوب …. وطالب بمناقشة هذه الرسالة في مجلس النواب «وفقا للاصول واتخاذ الموقف او الاجراء او القرار في شأنها»، لافتا الى «ضرورة التعاون مع السلطة الاجرائية التي لا يحول تصريف الاعمال دون اتخاذها القرارات الملائمة عند الضرورة العاجلة».
بري يلبي
وعلى الاثر دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة عامة تعقد في الثانية من بعد ظهر غد الجمعة في قصر الاونيسكو وذلك إنفاذا للمادة 53 الفقرة 10 من الدستور والفقرة الثالثة من المادة 145 من النظام الداخلي لمناقشة مضمون رسالة رئيس الجمهورية لإتخاذ الموقف أو الاجراء او القرار المناسب.
التدقيق الجنائي
وليس بعيدا، اكدت مصادر مالية، ان لا اجتماع مع «ألفاريز أند مارسال» في قصر بعبدا راهنا ولا قرار حتى الآن في اختيار لجنة تدقيق أخرى إطلاقاً. في الموازاة، جزمت مصادر مقرّبة من مصرف لبنان أن البنك المركزي «على أتمّ الاستعداد للتعاون مع كل ما يصبّ في كشف أي سرقة للمال العام في البلد لأنه من الشعب، أتعاونت الدولة مع «ألفاريز أند مارسال» أو مع غيرها… فمصرف لبنان مع التدقيق الجنائي إذا رغبت الحكومة في ذلك، لكنه يحافظ على التزامه بأحكام قانون السريّة المصرفيّة، وهو تحت سقف القانون».
القانون مؤامرة
الى ذلك، وعشية جلسة اللجان المشتركة اليوم المخصصة لدرس اقتراحات قوانين الانتخاب المطروحة، بدا ان المسألة اتت لتصب الزيت على نار الانقسام السياسي المحلي، في ظل رفض الثنائي المسيحي التيار الوطني الحر- القوات اللبنانية، طرح القانون في هذا الوقت بالذات. وفيما توقعت مصادر متابعة ان يفتح القانون مواجهة من دون سقوف في ضوء الاصرار السياسي المسيحي على سحب قانوني الانتخاب وانشاء مجلس الشيوخ من التداول راهنا، رفع رئيس القوات سمير جعجع امس السقف عاليا في وجه خطوة الرئيس بري فتح اوراق القانون. فقال عقب اجتماع لتكتل الجمهورية القوية في معراب «ان ما يحصل بخصوص موضوع قانون الانتخاب مؤامرة كبرى».
واشنطن وابراهيم
من جهة أخرى، بحث المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم مع سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في بيروت دوروثي شيا قضايا مشتركة، إضافة إلى نتائج زيارته الأخيرة إلى واشنطن. وعلم ان وفدا ديبلوماسيا من وزارة الخارجية الاميركية وصل الى لبنان اول امس، والتقى ابراهيم، وتناول البحث زيارته الاخيرة الى واشنطن وما رافقها من اخبار وتحليلات. واكد الوفد ان الثقة والتقدير اللذين يتمتع بهما المدير العام للامن العام لدى الادارة الاميركية، ايا تكن التوجهات، ينبعان من صدقية اللواء ابراهيم وادائه في كل الملفات التي عمل عليها بالشراكة مع نظرائه في الولايات المتحدة الاميركية، وصولا الى العلاقة مع المستشار القومي روبيرت اوبراين.
تحسن طفيف
صحيا، ناقشت اللجنة الوزارية لمتابعة ملف كورونا، التدابير الصحية والإحترازية للحد من إنتشار الوباء وذلك خلال إجتماعها في السراي برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب. وفي خلال الإجتماع عرض وزير الصحة للخطة الصحية المتعلقة برفع عدد الأسرة في المستشفيات، الحملات الميدانية المتنقلة، الفحوص السريعة، عزل الحالات المصابة وغيرها من الإجراءات. كما تم تقويم التقارير المقدمة من وزارة الصحة، والتي تشير إلى تحسن طفيف في نسبة عدد المصابين بكورونا، وتم التأكيد على متابعة كل الأساليب الطبية والإرشادات المتاحة للخروج من الإقفال نهاية الأسبوع المقبل بنتائج مقبولة، على أن تعقد اللجنة اجتماعا بداية الشهر المقبل لمتابعة ضبط نسبة الإصابات». واعلن وزير الصحة حمد حسن ان «اللجنة الصحية ستجتمع غداً (اليوم) وسنأخذ قراراً لمصلحة الناس والمجتمع».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :