وكأنّ "ارتفاع كبير لأسعار المحروقات" الذي يُنشر يوميًا في إعلامنا كعنوانٍ بارزٍ، بات جزءًا لا يتجزّأ من الدوام الصّباحي، والمسائي ، على أساس أنّه عدّاد يتمّ ارتفاعه يوميًا وبشكلٍ مستمرٍ. وعلى قدر ما تأقلم المواطن ، ومن سمعهُ، بارتفاع سعر المحروقات، على قدر ما كبرت الخطورة أكثر فأكثر. فكيف استطاع المواطن اللبناني أن يتعوّد على فكرة تضخّم الأسعار وارتفاعها بالطريقة الجنونيّة إلى هذا الحدّ؟ وماذا لو سمّيت هذه الحالة بالتّخدير؟ هل خُدّْرت الشّعوب من دون معرفة نتائج هذه المشكلة؟ وكيف باستطاعتهم دفع أموالهم "بالكيلو" لتعبئة تنكة بنزين؟ بعد ان وصلت الى اكثر من 800 الف ويتوقع ان تصل الى المليون في حال استمرار ارتفاع الدولار.
الحالةُ لا تبشّر بالخير أبدًا والأزمات تتفاقم والمؤسسات التعليمية والطبابيّة والاجتماعيّة نحو الانهيار التّام، حتّى أنّ العديد منها سبق وأن أقفلت أبوابها. ففي ظلّ هذا الارتفاع المتواصل بسعر الدّولار والمحروقات وأسعار السّلع، من يوقف هذا الارتفاع على حساب الطّبقات الفقيرة؟
الحياة في بيروت بين الأسوأ عالميًا
رصد تقرير دولي الآثار الكارثية التي أثرت على نوعية الحياة في لبنان، ليخلص إلى تصنيف بيروت في المرتبة 240، أي قبل الأخيرة بمرتبتين فقط، ضمن صفوف المدن "الأسوأ" بفعل النتائج المترتبة على تدهور مشهود في البيانات المقارنة للقدرة الشرائية، وكلفة المعيشة، ومعدل سعر المنزل كنسبةٍ من الدخل، وذلك ربطاً بالانهيارات المتواصلة للعملة الوطنية. واحتلت بيروت، العاصمة اللبنانية على المرتبة 46 عالميًا، متصدرةً المدن العربية المشمولة في المسح الاستقصائي الخاص بمؤشر ارتفاع كلفة المعيشة. وبحسب الدراسات الجديدة الصادرة عن إدارة الإحصاء المركزي،ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الروحية، بنسبة 171%،. وسجلت أسعار النقل ارتفاعاً بنسبة 182%،. وبرزت زيادات قياسية وصلت إلى 235 % في احتساب كلفة السكن التي تشمل أكلاف الماء والغاز المنزلي والتيار الكهربائي والمحروقات فضلاً عن الارتفاع غير المسبوق في كلفة الصحة بنسبة 172%، وبالمثل كلفة التعليم التي قفزت بنسبة 191%، بينما ارتفعت أكلاف الاتصالات بنسبة 226 %.
هذه الدّراسة، أكّدت لنا كم أنّ الحياة في لبنان باتت صعبة جدًا، وأنّ الفقر ازداد وطلّاب الجامعات في خطر والخبزة والزّيتونة لم تعد مؤّمنة في الكثير من الأحيان، نظرًا إلى ارتفاع أسعار السّلع بشكلٍ غير مقبولٍ.
وفي جولةٍ مميّزة للدّيار على أحدى السوبرماركت الشهيرة في لبنان، زارت الدّيار فرعًا جديدًا لها في جونية لتكون الأسعار كالتّالي:
خسّتان اثنان بـ150 ألف ل.ل، كيلو بطاطا حلوة 80 ألفا، بصل 45 ألفا، 4 رؤوس من الثوم 80 ألفا، جبنة السميدس المطبوخة نصف كيلو 120 ألفا، فاكهة السّفرجل 199 ألفا، علبة الفريز الصغيرة أي النصف كيلو 85 ألفا، التفاح 90 ألفا، حامض الليمون 65 ألفا، البهارات 80 ألفا وما فوق، ربطة الخبز 23 ألفا، كيلو حليب بودرا 260 ألفا، الفوط النسائية تتراوح ما بين 80 و230 ألفا، فرشاة الأسنان 80 ألفا، ومعجون الأسنان 120 ألفا، ليفة الحمام 200 ألف، والشامبو ultra doux الحجم الصّغير 130 ألفا، والبلسم الصغير 100 ألف. كيس الماستر الوسط 35 ألفا وكيلو الملوخية اليابسة 95 ألفا. مرطبان النيسكافي 160 ألفا أما الكافيميت 100ألف.اما البن لم نر أقلّ من 100 ألف لذلك لم نشتر من الأساس، أمّا المقرمشات كالمكسرات والشوكولا والحلويات والسكاكر فحدثّ ولا حرج. ومن دون أيّ مبالغة، على قدر ما هي الأرقام طويلة، تخمّن أحيانًا أنّ السّعر 26 ألفا ، ليبتبيّن لاحقًا أنّها 26 مليونا والباقي أرقام.. لاسيّما في خانة الكحول. تخرج من الماركت والسّلة فارغة. وتسأل من المسؤول؟
وفي هذا الإطار، يؤكّد الخبير الاقتصادي لويس حبيقة للّديار أنّ ما يوقف هذا الارتفاع الجنوني هو النقاط التالية: انتخاب رئيس للجمهوريّة، تشكيل حكومة، وتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي ككلّ في البلد. وقال: ما يحصل اليوم في البلد نسمّيه "فلتان" وهذا الفلتان ينتج عن الأوضاع الصعبة التي نعيشها في البلاد. إذًا لن تُحلّ أزمتي الدّولار والمحروقات من دون أن نحلّ الوضع السياسي في لبنان وهذه من الأمور المعقّدة اليوم.
وأضاف: هذا الفلتان حتمًا سيستمرّ في ظلّ الأوضاع الحاليّة، لأن ما من ضابطٍ لها. سياسيونا يتقاتلون لانعقاد اجتماع في مجلس للوزراء، ويتخاصمون لانعقاد جلسة لانتخاب رئيس. والأكيد منهُ، أنّ الوضع سيستمرّ على هذا الحال لأنو "ما حدن ضابط الوضع وبالتالي الله يساعدنا كلنا".
وعمّا إذا هنالك سقف للدّولار ردّ حبيقة متأسّفًا: ما من سقفٍ حالي للدّولار، ولا يمكننا أن نعطي رقمًا سيقف عنده الدّولار وبالتالي المشكلة الأساسيّة تكمن في الأوضاع السياسية، وهذه العلاقة واضحة ما بين الوضع السياسي والدّولار.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :