يواجه «حزب الله» والتيار الوطني الحر مرة أخرى اختباراً جديداً لتحالفهما، وهذه المرة في المضمار الرئاسي، حيث يتفاوَت تقدير كل منهما لطبيعة الرئيس الذي تتطلبه المرحلة.
يقف رئيس التيار الحر النائب جبران باسيل أمام خيارات صعبة في مقاربته للملف الرئاسي، إذ ليس أمرا بسيطا ان يتخذ قرارا بالافتراق عن «حزب الله» في استحقاق مفصلي من نوع انتخابات رئاسة الجمهورية التي أكد السيد حسن نصرالله انّ الحزب يوليها أهمية بالغة ربطاً بأبعادها الاستراتيجية المتصلة بحماية المقاومة.
وبهذا المعنى، من غير السهل ان يَتموضَع باسيل بعيداً من الاسم الذي يشعر الحزب انه يشكل طمأنينة وضمانة له في مواجهة الاستهدافات التي يتعرض لها، أي رئيس تيار المردة سليمان فرنجية.
والحزب الذي كان مُطمئِناً في عهدَي الرئيسين اميل لحود وميشال عون لا يريد التفريط بمكسب وجود حليف في قصر بعبدا، بل يحاول تكريس معادلة ان يكون رئيس الجمهورية قريباً او منتمياً الى قوى 8 آذار.
ومن جهة أخرى، لا يتحمّل باسيل ان يستدير بين ليلة وضحاها في اتجاه خيار فرنجية لمُجاراة قيادة الحزب، بعدما ذهب بعيدا في معارضة انتخابه على قاعدة انّ جمهور التيار لا يتقبّله.
من هنا، فإنّ اي استدارة من هذا القبيل ستُحرج باسيل أمام مناصريه الذين يأخذ عليه بعضهم اساساً انه وافق على الانخراط في لوائح مشتركة مع حركة امل خلال الانتخابات النيابية الاخيرة لحسابات تتعلق بربح مقعد هنا أو هناك، ولذلك لن يهضم هؤلاء بسهولة ان يعيد رئيس التيار الكرّة مجدداً مع فرنجية عبر تسهيل انتخابه رئيساً.
ولعل باسيل المُعاقَب من قبل واشنطن يفترض انه لا يحتاج اصلاً إلى إثبات «حسن سلوكه»، وهو الذي يشعر بأنه وقف الى جانب المقاومة في أكثر من معركة مفصلية، وصولاً الى إدراجه على لائحة العقوبات الأميركية بسبب رفضه فك تحالفه معها. ولذا، فإنه يتصرف في مقاربته للخيارات الرئاسية ولعلاقته بالحزب على اساس انه خارج اي «شبهة» أو «اشتباه» وغير معني بإجراء فحص دم او نيات.
واذا كان الحزب ينطلق في حماسته لفرنجية من أولوية حماية المقاومة وسط إقليم متحرك وغير مستقر، فإنّ باسيل يستند في معارضة انتخابه الى ما يصنّفها اولوية بناء الدولة، مقترحاً على حليفه ان يتم التفاهم على «اسم آمن» يحقق لكليهما ما يصبوان اليه.
ولكن هناك في 8 آذار مَن يلفت انتباه باسيل الى انّ «الرئيس الوسطي» ليس آمناً بالضرورة، بل ان المتضرر الأول منه قد يكون التيار للأسباب الآتية:
– الرئيس وسطي هو أكثر قابلية لمُسايرة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والقوى التي كانت تُعرف بـ 14 آذار، لأنّ الخطاب السياسي لهذه الأطراف يملك عموما قدرة اكبر على التأثير في رئيس من هذا النوع. ويستعيد أصحاب هذا الرأي تجربة الرئيس ميشال سليمان الذي «دخل الى قصر بعبدا بغطاء من الحزب والتيار الّا انه خرج منه على خصومة معهما».
– الرئيس الوسطي ليس لديه «ركاب» قوية أو اقتناعات كافية لمواجهة الضغوط وتحمّلها.
– اذا كان مأخذ التيار الحر على فرنجية انه قريب من الرئيس نبيه بري فإن الرئيس الوسطي، الضعيف بطبيعته، سيكون تلقائياً اكثر عرضة لاحتمال «الذوبان» في وعاء رئيس المجلس ورئيس الحكومة.
– الرئيس الوسطي يُضعِف أحد أهم الانجازات التي حققها الرئيس ميشال عون والمتمثّل في استعادة هيبة الرئاسة.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :