لا تجدُ القوى الصناعية الكبرى أي حرج على الإطلاق في الإطاحة بالتوازن البيئي والإخلال بالمنظومة المناخية، طالما أنها تحقق نموًّا اقتصاديًّا يعزز نفوذها ويلبّي طموحات شعوبها، ولأجل أن يحيا عشرات الملايين من أبناء تلك القوى في رخاء، يدفع مئات الملايين من باقي سكان الأرض الثمن غاليًا جدًّا.
وتبرر تلك البلدان العظمى هذا التغوُّل البيئي الفاشي بما تنجزه من نجاحات على المسارات الاقتصادية، وهو التبرير الذي وإن حقّق الغرض منه في السابق، فإنه اليوم لم يعد يحرك ساكنًا بعدما تجرّع الجميع من كؤوس التغير المناخي المرّة، حتى تلك القوى ذاتها، ما دفعها لإعادة النظر في الجرائم المرتكبة بحقّ المناخ طيلة العقود الماضية.
وبحسب برنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن هناك 4 جهات (الصين والولايات المتحدة والهند والاتحاد الأوروبي) تساهم بأكثر من 55% من إجمالي الانبعاثات خلال العقد الماضي، فيما كشفت دراسة لمركز الأبحاث ونشرها المنتدى الاقتصادي العالمي الأخير حول الطاقة والهواء النظيف، أن الوقود الذي تستخدمه تلك البلدان في ثورتها الصناعية (المحروقات والفحم والنفط) تتسبّب في 3 أضعاف الوفيات التي تتسبّب بها حوادث السير.
وأسفرت تلك التغيرات المناخية التي أحدثها هذا الرباعي عن تكبيده خسائر فادحة، إذ تخسر الصين سنويًّا 900 مليار بسبب هذه الظاهرة، أما الولايات المتحدة فيفقدُ اقتصادها 600 مليار دولار سنويًّا، ثم الهند ثالثةً بخسارة 150 مليار دولار سنويًّا ومثلها دول الاتحاد الأوروبي.
وفي هذا التقرير من ملف "مجرمو المناخ"، نلقي الضوء على إسهامات تلك الدول المصنَّفة كدول عظمى في الإضرار بالبيئة، وعلى أنها الأكثر خطرًا على المناخ، وعلى الضريبة التي يدفعها سكان الأرض من حياتهم وأموالهم واقتصادهم لأجل أن تنعم تلك الدول بنفوذها وتفوقها الاقتصادي والسياسي.
الصين.. 27% من انبعاثات العالم
تحت عنوان "لماذا باتت سياسة الصين في المناخ مهمة لنا جميعًا؟"، يُحمّل الكاتب والصحفي ديفيد براون، في مقال نُشر عبر هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، بكين مسؤولية تفاقم أزمة المناخ في العالم، لافتًا إلى أنها بصدد "مسؤولية تاريخية ومهمة جسيمة في إنقاذ العالم من ويلات التغير المناخي، أو التسبُّب في إغراقه في المزيد من الكوارث الطبيعية الناتجة عن الاحتباس الحراري والتغير المناخي".
ويؤكد تقرير أعدّته مجموعة روديوم للأبحاث، أن الصين مسؤولة عن التسبُّب في 27% من الانبعاثات الغازية التي أدّت إلى الاحتباس الحراري في العالم عام 2019، بما يفوق الانبعاثات الغازية من كل دول العالم المتقدمة مجتمعة، تليها الولايات المتحدة بنسبة 11% ثم الهند بنسبة 6.6%.
وتعتمد الصين على الفحم بصورة كبيرة في توليد الطاقة، إذ تدير حاليًّا ما يزيد عن 1058 منشأة للفحم -أي أكثر من نصف منشآت الفحم في العالم-، مع الإصرار على عدم غلق تلك المنشآت، وبدلًا من ذلك تواصل سياستها التوسعية في بناء المزيد من المنشآت والمحطات التي تعمل بهذا النوع من الوقود الملوث في أكثر من 60 موقعًا بجميع مدن البلاد.
وفق التقارير، فإن معدل الانبعاثات للفرد في الصين ليس بالرقم الكبير مقارنة ببعض البلدان الأخرى مثلًا، كالولايات المتحدة التي يبلغ معدل الفرد بها ضعف نظيره في الصين، غير أن عدد السكان الهائل (1.4 مليار نسمة) والنشاطات الاقتصادية المتشعّبة زادا من المعدل الإجمالي، ليتصدر العملاق الآسيوي قائمة البلدان الأكثر تلويثًا للمناخ.
وفي عام 2006 تصدّرت الصين ولأول مرة قائمة الدول في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم، لتخرج وحدها أكثر من ربع انبعاثات العالم من تلك العناصر الملوّثة، لتتفوق على الولايات المتحدة التي كانت تتصدر القائمة لعقود طويلة، وذلك رغم التعهُّدات الرسمية بالعمل على خفض تلك الانبعاثات، وهي التعهُّدات التي لم تترجَم حتى اليوم بشكل كامل.
وفي عام 2018 ارتفعت الانبعاثات بنسبة 1.8% لتصل إلى 13.7 غيغا طن من ثاني أكسيد الكربون، وذلك تحت وطأة تزايد الطلب العالمي على الصناعات الصينية التي تعتمد بشكل أساسي على الفحم كوقود رخيص ومضمون ومتوفّر، وذلك رغم امتلاك بكين برنامج لدعم توليد الطاقة من الرياح والطاقة الشمسية يعتبر هو الأفضل والأكبر في العالم.
وأسفرت تلك الكوارث البيئية عن تضخم حجم الخسائر الناجمة عنها، فقد أشارت دراسة نشرتها المجلة العلمية "رسائل أبحاث البيئة"، أعدّها باحثون بجامعة هونغ كونغ الصينية، إلى وجود 1.1 مليون حالة وفاة مبكّرة، وفقدان حوالي 20 مليون طن من الأرزّ والقمح والذرة وفول الصويا في الصين سنويًّا، بجانب خسائر أخرى (أضرار المحاصيل ونفقات المستشفيات والعيادات) بنحو 38 مليار دولار أمريكي (0.66% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي)، ليصل الإجمالي وفق التقديرات أكثر من 900 مليار دولار سنويًّا بسبب التلوث والتغيرات المناخية.
أمريكا.. تريليونا دولار خسائر التغيُّر المناخي
تحتل الولايات المتحدة المرتبة الثانية في قائمة مجرمي المناخ أصحاب الانبعاثات العالية، حيث تشكّل 11% من الانبعاثات العالمية، مقارنة بتقديرات أخرى تشير إلى 13%، وسط حالة من القلق لدى الشارع الأمريكي إزاء تلك الظاهرة، فهناك 69% من الأمريكيين يرون أن بلدهم يواجه تغيرات مناخية قاسية، كما يعتقد 55% أن ذلك بسبب البشر في الغالب وسلوكيات الدولة والمواطنين على حد سواء.
عشرات الآلاف من المصانع والشركات العاملة في الولايات المتحدة ساهمت بشكل كبير في ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 1 درجة فهرنهايت (0.56 درجة مئوية) خلال فترة 1950-2009، وهو ما أدّى حينها إلى بعض الظواهر الناتجة عن هذا التطور مثل ذوبان الجليد في البحيرات والأنهار والفيضانات والأعاصير، ما زاد من معدلات النزوح الداخلي للشعب الأمريكي.
واستشعارًا لهذا الخطر رغم الجهود المبذولة، تعهّد الرؤساء الأمريكيون طيلة العقدَين الماضيَين على العمل لتقليل تلك الانبعاثات، إذ تعهّد الرئيس الأسبق باراك أوباما خلال قمة كوبنهاغن للمناخ في ديسمبر/ كانون الأول 2009 بوضع خطة للحفاظ على البيئة، تتضمّن تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 17% دون مستويات عام 2005 بحلول عام 2020، وبنسبة 42% دون مستويات عام 2005 بحلول عام 2030، وبنسبة 83% دون مستويات عام 2005 بحلول عام 2050.
لكن التطور اللافت كان عام 2012، حيث كان العام الأعلى دفئًا للولايات المتحدة، ما أصاب الشارع الأمريكي بالصدمة وقتها لما يترتّب على ذلك من مؤشرات خطيرة، ما دفع أوباما إلى إلقاء خطاب رسمي أمام الكونغرس في يونيو/ حزيران من العام نفسه ليطالب بالإسراع في تنفيذ خطة إنقاذ البلاد من المخاطر البيئية الناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة، بجانب اتخاذه بعض الإجراءات التي تساعد على ذلك مثل الانتقال من توليد الطاقة بالفحم إلى الإنتاج عن طريق الغاز الطبيعي والطاقة الشمسية.
ويتصدر توليد الطاقة بالوقود التقليدي، وعلى رأسه الفحم الأحفوري، قائمة الأسباب التي تؤدي إلى تلك التغيرات المناخية، حيث كشفت بيانات رسمية خلال عام 2012 أن الوقود المستخدَم في وسائل النقل يتسبّب في 32% من الانبعاثات، مقارنة بـ 20% من الصناعة، و20% من المصادر الأخرى.
يذكَر أن أمريكا كانت أكثر بلدان العالم في الانبعاثات خلال فترة 1850-2007 بنسبة 28.8%، تليها الصين بـ 9.0%، ثم روسيا بـ 8.0%، تليها ألمانيا بنسبة 6.9%، ثم المملكة المتحدة بنسبة 5.8%، اليابان بنسبة 3.9%، فرنسا بنسبة 2.8%، الهند بنسبة 2.4%، كندا بنسبة 2.2%، فيما حلّت أوكرانيا في المرتبة العاشرة بنسبة 2.2%.
في تقرير نشرته وكالة "رويترز" عن التلوث في إحدى المقاطعات في ولاية ميزوري الأمريكية (غربًا)، كشف أن مصنعًا واحدًا لصهر الألومنيوم في مقاطعة نيومدريد يُخرج أقذر هواء في الولايات المتحدة بحسب بيانات لوكالة حماية البيئة الأمريكية التابعة للحكومة الفيدرالية، إذ أنتج وحده حوالي 30 ألف طن من ثاني أكسيد الكبريت وأكسيد النيتروجين في عام 2019.
ويعدّ هذا المصنع إحدى أبرز وجهات التوظيف في أمريكا، كونه لا يلتزم بمعايير البيئة والجودة المُقرّة في لوائح البلاد، ما يسمح له بتوفير عمالة بأجور أفضل نسبيًا، ومن جانب آخر زيادة الطلب على الألومنيوم دفعته لزيادة هيكله العمّالي والتوظيفي، ونتيجة للتلوث الناجم عنه ارتفعت معدلات الوفيات في المقاطعة بسبب مرض الانسداد الرئوي المزمن عن بقية أنحاء الولاية بنسبة 87% بحسب بيانات وزارة الصحة الأمريكية.
وتتكبّد الولايات المتحدة خسائر فادحة جرّاء الظواهر المناخية القاسية الناجمة عن الأنشطة الصناعية في البلاد، حيث كشف بيان صادر عن البيت الأبيض العام الماضي أن التغير المناخي سيؤدي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي لأمريكا بنسبة 7.1% بنهاية هذا القرن، والتي تساوي تريليونَي دولار سنويًّا.
البيان تطرّق كذلك إلى زيادة معدلات الإنفاق على تبعات التغيرات المناخية، حيث أشار إلى أن الحكومة الفيدرالية للبلاد يمكن أن تنفق ما بين 25 مليار دولار إضافية إلى 128 مليار دولار سنويًّا على 6 أنواع من الإنفاق لمواجهة الكوارث المناخية، وهي الإغاثة من الكوارث الساحلية، والتأمين ضد الفيضانات، والتأمين على المحاصيل، والتأمين الصحي، وإخماد حرائق البراري، وتحسين الخدمات في المناطق التي تتعرض للفيضانات.
الهند.. 2.5 طن انبعاثات لكل مواطن
تحتل الهند المرتبة الثالثة بين الدول الأكثر تلويثًا للبيئة وإضرارًا بالمناخ، إذ تساهم بقرابة 7% من إجمالي انبعاثات الغازات الملوثة، فيما يعدّ معدل المواطن الهندي من تلك الانبعاثات (2 طن ونصف سنويًّا) هو الأعلى بين دول مجموعة العشرين الصناعية، وسط تعهُّدات ووعود ببذل الجهود للوصول إلى صفرية الانبعاثات، وهو ما لا يلوح في الأفق في ظل المضيّ قدمًا في المسار ذاته، كما هو حال الصين وأمريكا.
وتنبعث من الهند نحو 3 غيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون من الغازات الدفيئة سنويًّا، فيما بلغت الانبعاثات ذروتها عام 2014 حين تجاوزت ضعف المتوسط العالمي بحجم 2.6 طن متري من مكافئ الأكسيد، فيما يتوقع برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن الانبعاثات السنوية للفرد في الهند ستتراوح بين 3 و4 أطنان بحلول عام 2030.
وفي البلاد 3 أنواع فقط من الوقود تلبّي أكثر من 80% من طلب الهند على الطاقة، الفحم والنفط والكتلة الصلبة كالحطب ونفايات الحيوانات والفحم النباتي، إذ يشكّل هذا الثلاثي الاعتماد الرئيسي للسواد الأعظم من الهنود، وبالمزج بين الأنواع الثلاثة تنبعث تلك الكميات الهائلة من الانبعاثات الكارثية بيئيًّا.
وفي ظل المستويات المعيشية المتدنية لمتوسطي ومحدودي الدخل تلجأ الغالبية إلى وقود الكتلة الحيوية الرخيص في الطهي، بجانب اعتماد المصانع على الفحم كمصدر أساسي لتوليد الطاقة، هذا بجانب مخالفة آلاف المصانع لضوابط الوقود النظيف، كل هذا وفي ظل تلك الكتلة السكانية الكبيرة يقود في النهاية إلى تلك الوضعية الصعبة من الانبعاثات المدمّرة للبيئة، والتي دفعت البلاد ثمنها كبيرًا.
يحذّر معهد إنديرا غاندي لأبحاث التنمية من أنه في حال استمرار تلك الانبعاثات على مسارها الحالي، فإن ذلك قد يؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للهند بنسبة تصل إلى 9%، وسيسهم ذلك في تغير مواسم زراعة المحاصيل الرئيسية مثل الأرزّ، الذي قد ينخفض إنتاجه بنسبة 40%.
وسيدفع فاتورة تلك التغيرات المناخية أكثر من 400 مليون فقير في البلاد جرّاء الخسائر الفادحة في المجال الزراعي الذي يحتضن أكثر من 56% من العمالة الهندية، فضلًا عن عشرات المليارات التي يتوجّب على نيودلهي إنفاقها لمعالجة تداعيات التغيرات في المناخ، خاصة في مجال الخدمات الصحية والإعانات الاجتماعية وتعويضات الكوارث الطبيعية كالفيضانات والأعاصير، وما يسفر عنها من نزوح كبير يهدد التماسك المجتمعي الهندي.
أوروبا.. 500 ألف شخص ضحايا التغير المناخي سنويًّا
وفقًا للمسح الذي أجراه بنك الاستثمار الأوروبي عام 2020، فإن 90% من الأوروبيين يعتقدون أن أطفالهم مقبلون على اختبار آثار التغير المناخي في حياتهم اليومية، فيما يؤمن الشارع الأوروبي بالكامل بخطورة المرحلة وتداعيات تلك التغيرات على مستقبله الاقتصادي والصحي والاجتماعي.
وتأتي دول الاتحاد الأوروبي (27 دولة) في المرتبة الرابعة بين الدول الأكثر إضرارًا بالبيئة، وذلك رغم الشعارات الوردية التي اعتادت حكومات القارة العجوز رفعها بين الحين والآخر بشأن جهودها لحماية المناخ والحفاظ على البيئة، حيث بلغت انبعاثات الدول الأوروبية مجتمعة، عام 2019، 3.3 غيغا طن (3.3 مليار طن متري)، و80% منها من الوقود الأحفوري.
ورغم انخفاض انبعاثات الاحتباس الحراري خلال فترة 1990-2014 بنسبة 24% عمّا كانت عليه قبل ذلك، إلا أن المعدلات لا تزال في مستوياتها الحرجة، ما دفع البرلمان الأوروبي عام 2012 لتمرير قانون تاريخي يعمل على تخفيض الانبعاثات وإيصاله للمستوى صفر عام 2050، وذلك من خلال خطة مرحلية متدرّجة تبدأ بانخفاض مستوى الغازات الدفيئة بنسبة 55% على الأقل بحلول عام 2030 (مقارنة بما كان عليه في عام 1990)، كما أقرَّ حدًّا أقصى لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون قدره 225 طنًّا متريًّا.
وتشير التقديرات إلى تدرُّج استهلاك أوروبا من الفحم من 7239 تيراواطًا ساعيًّا (1 تيراواط ساعي يساوي مليون ميغاوات) عام 1985، إلى 2611 تيراواطًا ساعيًّا عام 2020، فيما بلغت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الفحم ذروتها في أوروبا عام 1987 بمقدار 3.31 مليارات طن، و1.36 مليار طن عام 2019.
كما تسهم الزراعة في أوروبا في 10% من انبعاثات الغازات الدفيئة في القارة، حيث الاستخدام الخاطئ للأراضي الزراعية وطرق تغذية وتربية المواشي تزيد من معدلات التدفئة، وقد كشفت دراسة أن 38% من الغازات الدفيئة المنبعثة من الزراعة في أوروبا كانت عبارة عن غاز الميثان (خلال المواد الكيميائية في الأسمدة المستخدمة، والزبل، ومن عملية التخمر المعوي).
وتسبّبت تلك التغيرات المناخية في تعرُّض أوروبا لكوارث بيئية غير مسبوقة، مئات الأعاصير والفيضانات والحرائق، وهو ما بات يهدد بشكل كبير اقتصاد القارة العجوز الذي يعتمد في كثير منه على الإنتاج الزراعي، علاوة على النفقات العالية لعلاج تداعيات تلك التغيرات.
في دراسة لـ"منظمة التحالف الأوروبي من أجل الصحة العامة" نشرتها صحيفة "الغارديان"، استعرضت الخسائر التي تكبّدتها العواصم الأوروبية التي تعاني من مظاهر التغير المناخي، حيث توصّلت إلى أن تلك المدن التي يتجاوز إجمالي سكانها 130 مليون نسمة تخسر سنويًّا ما يقارب نحو 150 مليار يورو بسبب التلوث البيئي، أي أن متوسط خسارة المدينة الواحدة 349 مليون يورو.
وبحسب الدراسة، يبلغ حجم خسائر لندن من التلوث البيئي نحو 10.32 مليارات يورو سنويًّا، يليها بوخاريست 5.75 مليارات، ثم برلين 4.75 مليارات، ومن بعدها وارسو 3.83 مليارات، أما العاصمة الإيطالية روما فتبلغ خسائرها 3.76 مليارات، ويرجع التفاوت في حجم تلك الخسائر إلى حجم السكان الذي يتناسب طرديًّا بطبيعة الحال مع حجم التلوث البيئي، فكلما زاد عدد سكان المدينة زاد حجم التلوث بالتبعية.
ويعدّ ثاني أكسيد النيتروجين الناتج عن استخدام الديزل هو الأشد خطورة بين الانبعاثات الضارة في أوروبا، فهو المسؤول عن 82.5% من حجم تلوث الهواء في القارة، الأمر الذي ينجم عنه وفاة ما يقارب 500 ألف شخص سنويًّا في أوروبا بسبب الأضرار الجمّة التي تسبّبها للجهاز التنفسي.
وختامًا، يحضر عدد من قادة وزعماء البلدان الأربعة الأكثر تلويثًا للمناخ إلى قمّة شرم الشيخ المناخية، حيث يجلسون سويًّا على مائدة واحدة يتباحثون كيفية تقليل الانبعاثات والحفاظ على المناخ قبل فوات الأوان، لكنها الوعود التي لن تختلف عن نظيرتها في القمم السابقة، ولم تغادر مكانها، مجرد كلمات لم ترتقِ بعد إلى مستوى الممارسات الملموسة، فلأجل أن يحافظ الرباعي الذي يمتلك أكثر من 90% من اقتصاد العالم على مكانته الدولية، ليس لديه مانع في تشويه مستقبل مئات الملايين من شعوب الأرض، تجويعًا وفتكًا ونزوحًا.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :