د. طلال حاطوم
لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك. (الفقرة (ي) من مقدمة الدستور اللبناني). ـ رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن. يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه وفقاً لأحكام الدستور. (الفصل الرابع من الدستوراللبناني، السلطة الإجرائية، المادة 49).
بعيداً من المناكفات والمماحكات والغوص في اجتهادات سياسية او دستورية، نؤكّد عدم الاختصاص فيها، او اختلافات في وجهات النظر بين الاطراف السياسية، يبقى الاصل الذي اتفق عليه اللبنانيون في الطائف وحوّلوه دستوراً أوقف صوت المدفع وأنهى حرب القبائل والعشائر، هو الناظم لأي كلام يُراد منه مصلحة لبنان واولوية حقوق شعبه على الدولة.
اولاً، من باب الحرص على صيغة العيش المشترك التي تشكّل واحدة من عوامل قوة لبنان، ورد في مقدمة الدستور اللبناني التي تشكّل اساساً ومدخلاً لما يليها من فصول وابواب، أن لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك، أي ما توافق عليه اللبنانيون ليكون لتنظيم الدولة ومؤسساتها، ومنع الغبن عن اي مكوّن يمكن اي يحسّ بانتقاص لحقوقه او هيمنة من شريك في الوطن على مقدّراته.
وثانياً، ومن الدستور ايضاً: انّ رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن. اي انّ توصيف رئيس الجمهورية ليس محصوراً برئاسته للدولة وبمهامه الدستورية التي لا يُناقش احد فيها، بل الأهم، انّه (رمز وحدة الوطن).
أين ما يجري اليوم على الساحة السياسية اللبنانية من هاتين الفقرتين من الدستور؟
1 ـ تشهد الساحة السياسية محاولات من بعض الاطراف على تصوير انّ انتخاب رئيس للجمهورية محصور في اختيارهم وحدهم، بغض النظر عن مشاركة باقي الشركاء في الوطن. وانّ الرئيس العتيد يجب ان يتمتع بـ (محبة) مناصريه دون غيرهم، وانّه لهم وحدهم وليس لسواهم من المواطنين، وكأنّهم يريدون ان يتحوّل الرئيس من رمز لوحدة الوطن إلى زعيم لقبيلة او عشيرة.
2 ـ أين ميثاق العيش المشترك في الكلام عن (حظر) الشركاء من المساهمة في اختيار رئيس للجمهورية؟ ألن يشعر الشريك بأنّ الثقة في خياراته مهزوزة؟
من نافل القول الإشارة إلى ضرورة الانتباه إلى انّ الرئيس الذي يشكّل رمز وحدة الوطن، هو القادر بأول مواصفاته على (الجمع) بين اللبنانيين، وهي اقوى المواصفات التي تُعطي منعة للرئيس ولموقعه ومكانته المعنوية ودوره الدستوري. وهو الامر الذي يستوجب من الجميع العمل المتواصل لفتح آفاق حوار جدّي يؤدي إلى الخروج من مرحلة المراوحة غير المجدية، والتأرجح السياسي المبني على المناكفات والشروط غير الواقعية العاصيّة على الحل، في ظلّ ما يمكن ان يشكّل انسداداً لأفق الحوار المباشر. لأنّه حتى الرئيس غير التوافقي، لا قُدّر للوطن، يحتاج إلى حوار وتفاوض، وهو ما يستوجب تحمّل كل القوى السياسية الفاعلة لمسؤولياتها الوطنية، وفتح ثغرة تؤدي إلى اختراق محاولات البعض التشاطر في الربع الساعة الاخير من مساحة الوقت المتاح لانتخاب رئيس للجمهورية، والسعي الجدّي لإنجاز استحقاق الانتخابات الرئاسية، بما يمنع الوصول إلى مرحلة أشدّ تأزماً على الصعد كافة، والتقاط الفرصة المتاحة التي تمثلها دعوة رئيس المجلس النيابي الرئيس نبيه بري إلى جلسات انتخاب رئيس جديد للبلاد يستوفي شروط الجمع بـ (إرادة الـ 128 نائباً).
إسعوا لأن يكون الهدف الأساس في حساباتكم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بدلاً من الجدل البيزنطي غير المجدي ولا الموصل إلى نتيجة حول (الفراغ) ومخاطره المعروفة النتائج، وهي بكل المعايير لا تحقق مصلحة اي طرف ولا مصلحة الوطن، ولينكّب الجميع على الاجتهاد لعدم الوصول اليه عوضاً عن البحث في كيفية مواجهته.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :