تمر العلاقة الاميركية – السعودية بتوتر منذ وصول الرئيس جو بايدن الى الرئاسة الاميركية مرشحا عن الحزب الديموقراطي، والتي توترت مع رئيس ديموقراطي اسبق هو باراك اوباما الذي نجح في عقد الاتفاق النووي مع ايران بموافقة الدول الخمس في مجلس الامن الدولي.
فالمملكة العربية السعودية، تعتبر نقطة ارتكاز لمصالح اميركا في المنطقة، التي اقامت معها علاقات ديبلوماسية منذ العام 1933، في عهد مؤسس المملكة الامير سعود بن عبد العزيز، وتوطدت بعد اكتشاف النفط في العام 1945، من قبل شركة "ارامكو".
هذه العلاقة كانت تتقدم وتتراجع، وفق مصالح الدولتين اللتين لم تكونا على وفاق تام، على من يكون ملكا في السعودية ورئيسا في اميركا، وفق متابعين لملف العلاقة بين الدولتين، اذ شهدت فترة حكم الرئيس السابق دونالد ترامب من الحزب الجمهوري افضل العلاقات، وكانت اول زيارة له الى الرياض، حيث استقبل استقبالا حافلا، بعكس زيارة الرئيس الاميركي الحالي، حيث لم يلق سوى موظفين باستقباله في المطار في حزيران الماضي، حيث ظهر التباين بين الادارة الاميركية الجديدة والقيادة السعودية فرفع بايدن بوجه المسؤولين السعوديين لا سيما ولي العهد الامير محمد بن سلمان، موضوع مقتل الصحافي السعودي جمال الخاشقجي في مبنى القنصلية السعودية في اسطنبول، حيث لم يوفق بايدن في اقناع قيادة المملكة برفع سقف الانتاج من النفط مع قدوم الشتاء الى اوروبا، التي هي القارة الاكبر تأثرا بازمة الطاقة التي نتجت عن الحرب الروسية – الاوكرانية، اضافة الى ان العقوبات الغربية على روسيا هي التي تسببت بتخفيف روسيا لغازها ونفطها عن اوروبا التي دخلت الشتاء في نقص كبير بمادة الغاز، اضافة الى ان روسيا فرضت على من يرغب بشراء نفظها، ان يدفع بعملتها الوطنية (الروبل) وليس "باليورو" او "الدولار" وهذا ما عقد الوضع الاقتصادي والمالي في اوروبا كما في روسيا ايضا. ولم تكن السعودية طرفا في موضوع الطاقة، بين روسيا واوروبا التي انصاعت لاميركا، لا بل هي وقفت سياسيا مع اوكرانيا وقدمت لها مساعدة بقيمة 400 مليون دولار، الا ان الرئيس الاميركي طالب السعودية زيادة الانتاج، للتعويض عن النقص في النفط الروسي، لكن الرياض ردت على الطلب الاميركي، بان توافقت مع اعضاء منظمة "اوبك +" على تخفيض الانتاج لنحو مليوني برميل، مما اثار غضب بايدن وادارته واعتبروا موقف السعودية، بانه موجه ضد اميركا التي ارتفعت فيها اصوات من رئيسها الى اعضاء في ادارته، كما آخرين في الكونغرس الاميركي، يدعون الى تجميد العلاقات مع السعودية، ووقف بيع الاسلحة لها، كما في التلميح الى انها ستسحب الحماية عن العائلة الحاكمة، اذ اعلن بايدن نفسه بانه "سيترتب على علاقة الولايات المتحدة مع السعودية عواقب بعد اعلان مجموعة "اوبك +" واشار جون كيربي منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الامن القومي الى ان "الولايات المتحدة بحاجة الى اعادة تقييم علاقتها مع المملكة بما في ذلك مبيعات الاسلحة"، في وقت طالب اعضاء في الكونغرس "بتجميد العلاقة مع السعودية، بما في ذلك مبيعات الاسلحة".
هذه العلاقة وضعتها اميركا في اطارها السياسي، في ظل صراعها مع روسيا وكذلك مع الصين، في الوقت الذي بدأت دول الخليج باعتماد نهج الانفتاح وتقدم المصالح الاقتصادية على ما عداها، وفق ما يؤكد مسؤولون في السعودية والامارات العربية المتحدة التي زارها رئيسها الشيخ محمد بن زايد، في اطار تعزيز التعاون المستمر والبناء مع القوى الاقليمية والدولية، وتحقيق الامن والاستقرار في المنطقة والعالم، واعتبرها انور قرقاش المستشار الديبلوماسي لرئيس الامارات بانها سيادية واستقلالية.
هذا التبدل في التوجه السعودي والاماراتي شرقا والانكفاء غرباً، تقرأه مصادر ديبلوماسية على انه يماشي ما يحصل من تطورات في النظام العالمي لجهة خلق عالم متعدد الاقطاب وترهل الآحادية القطبية لاميركا، وهذا ما يحصل بين الدول التي تعمل وفق مصالحها وتقدمها على اي شيء آخر، وهذا المسار بدأ ينطبق على دول عربية، الا ان اميركا لم تظن ان بعضها سيخرج عن طاعتها او يخالف سياستها، حيث تنبهت الخارجية الاميركية لهذا التحول فاصدرت بيانا اكدت فيه على "ان لها مصالح عديدة مع السعودية التي يعيش فيها 70 الف اميركي نضع امنهم بالاعتبار".
ولم تكن المرة الاولى التي تستخدم السعودية النفط في معركة سياسية او حاجة اقتصادية، اذ سبق للملك فيصل ان لجأ الى قطع النفط عن الغرب وتحديدا اوروبا، بعد حرب تشرين 1973، فساند مصر وسوريا بمعركتهما العسكرية ضد العدو الاسرائيلي، وتضامنا مع المسألة الفلسطينية الا ان قراره هذه كلفه حياته، فاغتيل مطلع عام 1975 على يد فرد من العائلة الحاكمة وصف بالمختل فكانت رسالة اميركية، بان لا تخرج المملكة عن املاءاتها. وهذا ما فعلته القيادة السعودية بان انحازت الى مصالحها في قرار "اوبك +".
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :