شكّلت كلمة رئيس الجمهورية ميشال عون حول الترسيم، أكثر من خلفية سياسية يبنى عليها لمرحلة ما بعد انتهاء ولايته، وهذا ما ظهر بوضوح من خلال إشادته بصهره رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، وحيث اعتُبرت كلمته بأنها خارج السياق الرئاسي وكل ما أحاط بالترسيم بِصِلة، بمعنى أن رئيس الجمهورية بدأ يتعاطى مع مجريات الأوضاع من منطلقات ما قبل الرئاسة، عندما تحدّث عن إنجازات وزارات الطاقة التي تعاقب عليها وزارء "التيار"، وفي طليعتهم صهره الذي تولى هذه الحقيبة لفترة غير قصيرة.
وفي هذا السياق، تبدي أوساط مقرّبة من عين التينة، امتعاضها من تجاهل الرئيس عون وتياره لدور رئيس المجلس النيابي نبيه بري، والذي كان، بحسب ما يؤكدون، أساسياً في عملية الترسيم، وكانت له اليد الطولى في هذه المسألة، ويحيلون الأمر إلى نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب، ليقول ما يعلمه ويدركه في هذا الإطار، ولكن، ووفق المعلومات، فإن عون بدأ يردّ على بري الذي تناوله من صور في الذكرى السنوية لتغييب الإمام السيد موسى الصدر، وكذلك، نواب حركة "أمل" الذين يهاجمون العهد و"التيار الوطني الحر"، وذلك، وفق المؤشّرات، إنما يدخل في سياق تصفية الحسابات السياسية بين بعبدا وعين التينة، وكلٌ ينتظر الآخر في هذا الإطار.
وعلى خط موازٍ، فإن رئيس الجمهورية، وما استُشفّ من كلمته، فإنه بدأ يعود إلى تياره ويستعدّ لمرحلة مواجهة خصومه طوال عهده، وفي طليعتهم رئيس المجلس النيابي، أي أن هذه الكلمة هي مقدمة لحملات أخرى، إن من قبل عون أو صهره، ولا سيما مع اقتراب انتهاء ولايته، وأن ملف الترسيم بين لبنان وإسرائيل، إنما يدخل ضمن حفلات الإستثمار السياسي ومحاولات الكسب الشعبوي، ومنطلقاً للمواجهة السياسية في المرحلة القادمة التي سيدشّنها عون من الرابية في إطار إعادة لملمة صفوف تياره "البرتقالي"، والقيام بدور ما للحدّ من الإنقسامات والإستقالات وعمليات الطرد التي تنامت في الآونة الأخيرة بعد الإنتخابات النيابية في الصيف المنصرم.
ويبقى، أن عون وبعد إنتهاء ولايته وصعوده إلى دارته الجديدة، لن يكون كما كان في قصر بعبدا، وفق المتابعين والمقرّبين منه، بل ثمة فريق سياسي وإعلامي سيواكب ويتابع حركته ومواقفه، والتي ستكون نارية باتجاهات عديدة، ولا سيما مع الذين خاصموه وكانوا على خلاف معه طوال فترته الرئاسية.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :