باريس ـ نضال حمادة
في مهزلة زيارة نانسي بيلوسي إلى تايوان، نادراً ما استخدم الجيش الصيني مصطلح «لن يقف الجيش الصيني مكتوف اليدين»، فهذا يعني حرفياً لن تقف «مكتوفة الأيدي» هو في الواقع تحذير خطير للغاية استخدم مرتين فقط في التاريخ الصيني الحديث.
حدث ذلك لأول مرة في 3 تشرين الأول 1950 التقى رئيس الوزراء الصيني الرسمي تشو إنلاي على وجه السرعة بالسفير الهنديّ لدى الصين وطلب من الجانب الهندي توجيه تحذير صينيّ قويّ للولايات المتحدة، «إذا تجاوز الجيش الأميركي خط العرض 38، فلن يقبل الجيش الصيني بذلك.
في عام 1964، حذر رئيس الوزراء الصيني تشو إنلاي الولايات المتحدة مرة أخرى عبر رئيس باكستان، «لا يمكن للجيش الأميركي عبور خط العرض 17، أيّ عدوان على جمهورية فيتنام الديمقراطية سيُعتبر عدواناً على الصين، قرار عسكري صيني لن نقبل.
كما نعلم جميعاً، انخرطت الصين في الحرب الكورية والحرب لمقاومة العدوان الأميركي في فيتنام بعد التحذيرات. بالنسبة لأولئك الذين يعتقدون أنّ الجيش الصيني لن يقوم بأيّ خطوات، فعليهم التفكير في الأمر مرة أخرى.
تزور رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بلوسي تايوان في رحلة تؤشر إلى توتر الوضع بين واشنطن وبكين ووصوله إلى مستوى غير مسبوق يقترب من المواجهة على الصعد كافة.
هناك نقطة مهمة يجب فهمها في ما يتعلق برحلة بيلوسي إلى تايوان: إنّ الولايات المتحدة لا تلعب بالنار من خلال المضيّ قدماً في تحريضها ضدّ الصين. إنها تحاول عن عمد إشعال النار التي تعتقد أنها ستحرق الصين أكثر مما تحرق نفسها.
هذا الاستفزاز الأميركيّ سيطلق سلسلة من الأحداث التي لديها إمكانات قويّة للتصعيد بشكل كبير على الصعيدين الاقتصادي والعسكري. وستجعل موجات الصدمات العالمية الناجمة عن أحداث هذا العام في أوكرانيا تبدو كأنها تموّجات صغيرة بالمقارنة بما يمكن أن يحدث بين أميركا والصين .
لكن في الوقت نفسه لا ينبغي تفسير ذلك على أنّ الولايات المتحدة تجهل العواقب! لقد أمضوا أشهراً (ويمكن القول سنوات) في أروقة القرار في واشنطن لاتخاذ قرار ويبدو أنّ الفصيل المهيمن حالياً يعتقد حقاً أنّ الولايات المتحدة يمكن أن تكون بطريقة ما هي التي ستربح في النهاية.
ما الذي يمنحهم الثقة ليصدّقوا هذا؟ تحوي الإدارة الحالية مجموعة من صقور التفكير الأميركي الاستعماري (أنظر مقالة البناء تاريخ 22 كانون الثاني ٢٠٢١ عند فوز بايدن بالرئاسة) التي تحمل تصوّراً للعالم عفا عليه الزمن. وهذه المجموعة المهيمنة تعيش تحت تأثير عقود من القوة الأميركية المهيمنة على العالم التي لا يمكن تحدّيها. هذا الإطار من المعتقدات العنيدة هو من بقايا عالم لم يعد موجوداً إلا في أذهان هؤلاء لكن يكفي أن يكون في أذهانهم وهم في دوائر القرار حتى تتوتر الأمور إلى كل سيّئ.
يتجاهل أصحاب القرار الحالي في واشنطن انّ الصين الحالية ليست هي قبل 20 أو حتى 10 سنوات. لم يعودوا بحاجة إلى رضا الأميركي وتجاهل التحديات المباشرة والفاضحة لسيادتهم الوطنية من الغرب دون وجود أيّ ردّ مناسب من جانبهم .
هل يعني ذلك أنّ الصين ستفعل شيئاً جذرياً مثل إسقاط طائرة بيلوسي؟ من المؤكد لا. لأنّ التصعيد الحادّ لن يكون إلا في مصلحة الولايات المتحدة الداعية للتصعيد بسبب فقدانها التأثير العالمي وبدلاً من المواجهة المباشرة والحادة، ستردّ الصين من خلال دعم الاقتصاد الروسي لتمكين روسيا من الاستمرار في الحرب، ومن خلال تسريع عملية الانفصال الاقتصاديّ عن الولايات المتحدة.
ومن المفارقات، في حين أنّ الولايات المتحدة تعتقد أنها يمكن أن تفوز من خلال إجبار بقية العالم على اختيار جانبها، فإنّ المواجهة الحالية الآتية مع الصين سيكون من نتائجها سقوط الولايات المتحدة في النهاية.
العالم مقبل على سنوات عجاف بين الطرفين. .
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :