السباق الرئاسي يتقدّم على الاستحقاقات الأخرى
تحالفات حزبيّة غير متوقّعة قد تؤثّر في انتخاب الرئيس... وثمّة مرشّحون «غير معلنين» بعد!
يطغى الإستحقاق الرئاسي على ما عداه من الإستحقاقات والملفات حالياً رغم ارتباطه بها مثل مسألة تشكيل الحكومة الجديدة، وتوقيع الإتفاق مع صندوق النقد الدولي الى ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو الإسرائيلي قبل أن تبدأ سفينة «إنرجين باور» التي ترسو بالقرب من حقل «كاريش» من شفط الغاز منه وإنتاجه وبيعه للدول الأوروبية وفق الإتفاقيات المعقودة بين الطرفين.
وفي انتظار زيارة الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة بين لبنان والعدو الإسرائيلي آموس هوكشتاين هذا الأحد الى لبنان، وما سينتج منها في ما يتعلّق بمسألة التوصّل الى اتفاق مع العدو الإسرائيلي بوساطة أميركية أم لا، تربط أوساط ديبلوماسية متابعة موقف لبنان من الطروحات الأميركية- الإسرائيلية حول الخطوط والحقول في المنطقة المتنازع عليها، بموقف الولايات المتحدة اللاحق في ما يتعلّق باسم رئيس الجمهورية الجديد. فإذا كان موقفه إيجابياً، سهّلت الولايات المتحدة عملية إجراء الإنتخابات الرئاسية وتوافقت مع بعض الأطراف الداخلية على اسم الرئيس المقبل للبلاد، فيما قد لا تتخذ الموقف نفسه في حال عارض لبنان كلّ ما يتمّ طرحه عليه في مسألة الترسيم، لا سيما إذا ما كان مجحفاً بحقّه ويقتطع أجزاء بحرية تدخل ضمن حقوقه الطبيعية، ويعود ليتمسّك بالخط 29 الذي طرحه الوفد العسكري التقني على طاولة الناقورة، بحسب الإحداثيات الحديدة المرسّمة من قبل الجيش اللبناني، واستناداً الى ما ورد في التقرير البريطاني الذي لا يزال مخفياً ولم يُنشر بعد رغم صدوره في العام 2013.
وتقول انّ الجميع يعلم بأنّ الإستحقاق الرئاسي في لبنان لا يحصل بموافقة الأطراف اللبنانية فقط، إنَّما بتوافق الدول الكبرى التي لديها ممثلين فيه، وتتدخّل عبرهم في كلّ شاردة وواردة، فكيف باسم الرئيس الجديد للبلاد؟!
ويمكن القول، على ما جَزَمت الأوساط نفسها، انّ المعركة نحو قصر بعبدا قد بدأت منذ الآن، قبل افتتاح دورة المجلس النيابي في أواخر آب المقبل. كما يجري التداول بالأسماء المرشّحة للرئاسة من دون أن تُعلن أي منها ترشّحها الرسمي، وإن كانت تُلوِّح به انطلاقاً من كونها تحمل المواصفات اللازمة لهذا الإستحقاق. لكنها لاحظت أنّ أحداً من المرشحين لا يملك برنامجاً أو بياناً يعد المواطنين بتنفيذه خلال فترة رئاسته. ولعلّ أبرز ما يهمّ الشعب اللبناني اليوم هو تحرير أمواله من المصارف، وتأمين الخبز والدواء والكهرباء والمحروقات والماء والتعليم له، دون أي وعود كبيرة أخرى.
وأكّدت أنّ المرحلة المقبلة تتطلّب رئيساً يكون قادراً على التعامل مع جميع الأطراف، وإن كان محسوباً على حزب معيّن لكي يتمكّن من إحداث التغيير المنشود في البلاد، وإعادتها الى ما كانت عليه من التقدّم والإزدهار. فقد كان لبنان مقصد العرب للتعلُّم في جامعاته، والطباعة في مستشفياته، وللسياحة في مصايفه، ولإيداع الأموال في مصارفه، فيما أدّت الأزمة الإقتصادية والمالية التي عصفت به الى تراجعه أشواطاً الى الوراء، والى هجرة عدد كبير من أبنائه إمّا بحثاً عن العلم أو عن فرص العمل.
وعمّا إذا كان سيُطبّق هذه المرة أيضاً المعيار نفسه الذي اعتُمد لدى انتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أي انتخاب «الماروني الأقوى مسيحياً»، الأمر الذي يفرض تطبيقه أيضاً في الإستحقاقات اللاحقة، أجابت الأوساط نفسها، ليس بالضرورة أن يتمّ انتخاب الشخص الأقوى مسيحياً كونه لم يؤدِ الى نتيجة إيجابية. فرئيس «التيّار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل يجد اليوم أنّه الأقوى مسيحياً كون كتلته النيابية هي الكبرى وتتألّف من 21 نائباً، فيما يرى رئيس حزب «القوّات اللبنانية» سمير جعجع أنّه الأقوى كون عدد مقاعد كتلته النيابية أي «الجمهورية القوية» قد ارتفع من 15 آلى 19 نائباً، فيما تراجع عدد «تكتّل لبنان القوي» من 29 الى 21. أمّا الأحزاب المسيحية الأخرى فأعداد نوّابها غير منافسة، كذلك النوّاب التغييريون والمستقلّون. ولهذا فإذا لم يُرشِّحوه أحدهما للآخر أي باسيل وجعجع، فبإمكانهما في حال توافقا، مع عدد نوّابهما الأربعين، أن يكون لهما التأثير الكبير في عملية الإنتخاب.
وأشارت الأوساط عينها الى أنّ باسيل يعتبر نفسه مرشّحاً طبيعياً للرئاسة، وقد لا يتنازل عن هذا الأمر إِلَّا لترشيح شخصية ما من فريقه أي أن يؤدّي دور «صانع الرئيس الجديد»، في حال كانت «العقوبات الأميركية» عليه تحول دون حصوله على هذا المنصب، أو أي سبب آخر يمنع وصوله آلو قصر بعبدا.
وفي ما يتعلّق بترشيح باسيل لرئيس «تيّار المردة» سليمان فرنجية، لا سيما بعد اللقاء الذي جمع الرجلين عند الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله أخيراً، وأدّى الى كسر الجليد بينهما، شدّدت على أنّ باسيل لا يزال يعتبر أنّه ليس هناك من سبب لترشيح فرنجية للرئاسة، سيما أنّه لا يملك سوى نائب واحد في البرلمان الجديد وأنّ ثمّة خلافات في وجهات النظر حول ملفات ومواضيع عديدة. لكنها أوضحت أنّه لن يقف حائلاً دون وصول فرنجية الى الرئاسة في حال حصول تقاطع داخلي وخارجي عليه.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :