لعب العميل المزدوج الملقب بـ"أنجح جاسوس بالعالم" دورا فعالا في مساعدة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الصعود لسدة الحكم.
الجاسوس المعروف باسم "الرجل الرابع"، كان واحدًا من عدة جواسيس سوفيت تمكنوا من التسلل إلى قلب أجهزة المخابرات الأمريكية.
ولكن على عكس معظم الذين تم اكتشافهم في النهاية، لم يتم التعرف على هذا الشبح الغامض، مما يجعله أحد أكبر الألغاز في كل عمليات التجسس.
وكانت مهمته وزملاؤه خطيرة للغاية، حيث يعتقد أنهم ساعدوا في تمهيد الطريق لصعود الرئيس فلاديمير بوتين إلى سدة الحكم في روسيا.
وتمكن "الرجل الرابع" من كشف هويات الجواسيس الروس العاملين في واشنطن العاصمة كما سرب مجموعة من البيانات الحساسة من وكالة المخابرات المركزية.
ونقلت الصحيفة عن "روبرت باير" وهو ضابط استخبارات أمريكي سابق قوله، إن تصرفات الجاسوس "كانت من الممكن أن تغير التاريخ".
وأضاف أن جميع المحادثات بين الرئيسين الأمريكي بيل كلينتون، والروسي بوريس يلتسين، آنذاك تم تسريبها إلى بوتين والاستخبارات السوفيتية السابقة "كي جي بي".
ويعتقد أن بوتين استخدم هذا لتخويف بوريس يلتسين، الذي كان أول رئيس روسي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وليمهد الطريق للسيطرة على السلطة عام 1999.
ووفقًا لباير، فإن الجواسيس الروس الذين تسللوا إلى وكالة المخابرات المركزية في هذه الفترة كانوا معروفين باسم "خماسي كامبردج"، في إشارة إلى حلقة التجسس السوفيتية الذين تسللوا إلى المملكة المتحدة من ثلاثينيات إلى خمسينيات القرن الماضي.
ومنذ ترك يلتسين منصبه، أجرى بوتين إصلاحات وعدة تحولات في سياسية الكرملين، وهي إصلاحات غيرت البلاد إلى الأبد.
ورغم إلقاء الولايات المتحدة القبض على عدد من الجواسيس، كانت لا تزال هناك تسريبات لا يمكن تفسيرها، مما دفعهم لبدء البحث عن "الرجل الرابع" الغامض.
وفي محاولة يائسة للتخلص من الجواسيس، أنشأت الوكالة ومكتب التحقيقات الفيدرالي وحدة التحقيقات الخاصة (SIU) في مايو 1994 بقيادة رئيس المخابرات المخضرم بول ريدموند، وأربعة ضباط آخرين.
وفي غضون 6 أشهر تم "إغلاق" الوحدة شديدة السرية، ونقل ضباطها إلى وظائف أخرى، فما اكتشفوه سيكون له تداعيات عميقة على المخابرات الأمريكية لسنوات قادمة.
وكانت ثمانينيات القرن الماضي فترة مدمرة لوكالات المخابرات الأمريكية، فرغم اقترابها من الفوز في الحرب الباردة، اهتزت وكالة المخابرات المركزية، ومكتب التحقيقات الفيدرالي بسبب موجة من الانشقاقات العنيفة لكبار المسؤولين، وعدد من عمليات التسلل البارزة من قبل الجواسيس المدعومين من الكرملين.
وكان من بين هؤلاء ضباط وكالة المخابرات المركزية إدوارد لي هوارد، وألدريتش أميس، وعميل مكتب التحقيقات الفيدرالي روبرت هانسن، الذين ساعدوا معًا في كشف عملاء الاتحاد السوفيتي، واعتقالهم وإعدامهم خلال الحرب الباردة.
وفي محاولة أخرى، بدأ ضباط وكالة المخابرات المركزية، لين بانرمان وديانا، ورثين وماري آن هوغ، ومحلل مكتب التحقيقات الفيدرالي جيم ميلبورن مهمتهم السرية للعثور على ما اعتقدوا أنه "الرجل الرابع" والتخلص منه.
ولاحظ الفريق أن الروس كانوا يغمرون سفارتهم في واشنطن العاصمة عن عمد بالموظفين في محاولة تمويه ولإغراق فرق المراقبة التابعة لوكالة المخابرات المركزية، وجعلها تشتت مجهوداتها في تكتيك يُعرف باسم "الانفجارات النجمية".
وكان هدفهم هو تمهيد الطريق أمام عميل "الكي جي بي" للقاء الجاسوس دون مراقبة وكالة المخابرات المركزية.
وفي عام 1994 وبعد أسابيع من التحقيق، وضع الفريق السري قائمة من ستة إلى سبعة مشتبه بهم وأجروا تحقيقا معمقَا في حياتهم المهنية حيث تمكنوا من حصر أبحاثهم في مشتبه واحد معين، وهو بول ريدموند.
سلم الفريق النتائج التي توصلوا إليها إلى رؤساء وكالة المخابرات المركزية في ديسمبر/كانون الأول 1994.
وفي هذا الإطار، قال باير "كانوا يعلمون أن هذه ليست معلومات مؤكدة، ولكن ما أرادوا فعله حقًا هو عدم توجيه الاتهام إلى ريدموند أو أي شخص آخر، ما أرادوه هو فتح التحقيق.”
ولكن عندما قدمت بانرمان، ورثنو، ورثن، و ميلبورن تقاريرهم إلى رؤسائهم على أمل اتخاذ القرار الصحيح، ثبت أنهم مخطئون بشدة.
وأشار باير إلى أن ما حدث كان انتقامًا فوريًا منهم، وكان من الواضح أن حياتهم المهنية قد انتهت، وتم تفكيك وحدة التحقيقات الخاصة، واستولى عليها مكتب التحقيقات الفيدرالي وفي الوقت نفسه تنحى ريدموند عن منصبه، ولم يتم توجيه اتهامات له.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :