في المعركة الإنتخابية الحالية، كان أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله، واضحاً في تحديد استراتيجية الحزب "معركتنا في الإنتخابات المقبلة هي معركة حلفائنا... وسنعمل لمرشحي حلفائنا كما نعمل لمرشحينا"، فالهدف بنظر الحزب هو "بلوغ حواصل لتعزيز وضع حلفائنا في جبيل وكسروان والشوف وعاليه، وفي كل الدوائر". وهذه النظرة التي يُقدّمها "حزب الله" تنطلق من اعتبار أن ما يُواجهه في معركة الإنتخابات النيابية لن يكون سوى محاولة لضرب الغطاء المسيحي عن "حزب الله".
يعلم "حزب الله" أن ما من مُراهن على خرق ساحته الشيعية في ظل تحالفه مع حركة "أمل" من ناحية، وغياب أي قوة سياسية منظمة وتمتلك إمكانات كبيرة من ناحية ثانية. ورغم "البروباغندا" التي يُقدّمها عن تمويل القوى الخارجية لبعض الأطراف لضرب الحزب، فهو أكثر العالمين أن هذه العناوين هدفها شدّ العصب ليس أكثر. عامل آخر ساهم بأريحية الحزب في السيطرة على الساحة الشيوعية إنتخابياً، وهو تعليم الرئيس سعد الحريري عمله السياسي، إذ من شأن ذلك إضعاف أي إمكانية لخرق الحزب، سواء في دائرة الجنوب الثانية، حيث كاد مرشّح "التيار الأزرق" عماد الخطيب أن يخرق لائحة "الثنائي الشيعي"، أم في دائرة بعلبك - الهرمل حيث يُمكن للائحة "القوات اللبنانية" - تيار "المستقبل" - الشيعة المعارضون، أن تصل الى الحاصل الثالث، في حين أن مقعد النائب أنطوان حبشي لم يعد مضموناً في الوقت الراهن.
أمام هذا الواقع الشيعي، بات تركيز الحزب يهدف للمحافظة على حجم حلفائه، أو على الأقل الحدّ من تراجعهم، وفي مقدمة هؤلاء "التيار الوطني الحر" الذي أمّن الغطاء المسيحي والوطني للحزب طوال السنوات الماضية، كما أن هذا الموقف ينطلق من معرفة الحزب بالتراجع الشعبي الكبير الذي ضرب التيار. وهذا الهدف الإستراتيجي، يأتي على قاعدة "الغاية تُبرّر الوسيلة"، فيُصبح من الواجب "أن نُنجح كل نوابنا وكل حلفائنا، وحتى لو كان هناك مرشّح عليه نقاط، هدفنا أن ننجحه".
موقف الحزب لا يعني قدرته على تطبيق نظريته، فالأصوات المؤيدة له في الشوف – عاليه، أو كسروان، أو الشمال الثالثة أو غيرها من الدوائر، لن تتمكن من ترجيح فريق أو لائحة على حساب أخرى، هذا مع الأخذ بعين الإعتبار أن التيار قد لا يكون في لائحة واحدة مع حلفاء الحزب. فمثلاً في دائرة صيدا – جزين، بات محسوماً وجود لائحتين، واحدة للتيار وأخرى للنائب ابراهيم عازار المدعوم من حركة "أمل"، كما أن المعطيات في دائرة الشوف – عاليه، لا تبدو أفضل حال لناحية التوجّه نحو لائحتين، واحدة للتيار وأخرى لإ،رسلان - وهاب على خلفية الخلاف حول ترشّح الوزير السابق ناجي البستاني.
في المقابل، سيسمح انسحاب الحريري ل"حزب الله" من تعويض التراجع المسيحي بتقدّم سُنّي، فيصبح التعويل على نجاح "اللقاء التشاوري" بزيادة عدد نوابه أمراً طبيعياً، وهذا ما سيسمح للحزب بالحفاظ على الأكثرية النيابية التي "يَمون عليها" بكل المفاصل الإستراتيجية، من الإنتخابات الرئاسية، وصولاً لترسيم الحدود البحرية وما بينهما من تشكيل للحكومة العتيدة.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :