يزيد "حزب الله" من توغّله في المشهد الإنتخابي، لذلك يصرف كل رصيده السياسي وغير السياسي، في إطار فرض مظلّة أمان فوق الإستحقاق النيابي..
ولعلّ "حزب الله"، هو الحزب الوحيد في لبنان، الذي ذهب ليستعرض عضلات قواه الناخبة على الأرض وفي الإعلام. قبل أيام كشف عن سرية الـ5000 مندوب من ضمن عداد ماكينته الإنتخابية في دائرتي بيروت الأولى والثانية ودائرتي جبل لبنان الثالثة والرابعة، بمعدلٍ تقريبي يبلغ 1250 مندوباً لكلّ دائرة والأيام المقبلة ستكشف عن المزيد. هذا الإستعراض، لا يُمكن إخفاء طابعه الإعلامي وتسويق قدرة الحزب على الحشد، فكما يتمتع الحزب بجيش "جرّار" من العسكر ،كذلك في الإنتخابات.
في الجانب الآخر، يوغل الحزب، في التشديد وتكرار التشديد على نهائية موعد الإنتخابات النيابية في 15 أيار المقبل، وآخرُ تذكيرٍ أتى على لسان مسؤول ملف الإنتخابات، نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم، في مناسبة إطلاق "ماكينة الجبل وبيروت"، في معرض الجزم بحصولها ولو أدى ذلك إلى استخدام "القوة السياسية". و"حزب الله" يعلم أنه مستهدفٌ من وراء الإنتخابات، لذلك يتعامل معها كما وأنها استحقاقٌ مصيري أو بمثابة اختبارٍ لا بدّ من خوضه لإثبات قواه وفاعليته سيّما ضمن الصفّ الشيعي، وتظهير عدم تأثّر بيئته الخاصة والعامّة، سواء بالحصار الإقتصادي أو السياسي. غير أن الآخرين الذين عثروا بين مساعي "حزب الله"، على محاولات للإستثمار و الإستفادة من الإنتخابات لقلب الأمور و لإعادة تظهير قواه الحيّة عقب المسار الذي اتًبع طيلة 4 أعوام كاملة، يحاولون اليوم خلق الذرائع لتأجيل الإنتخابات، أقلّها من خلال طرح أو تقديم مواضيع خلافية، ولعلّ الغرب الذي كان داعماً لاجراء الإستحقاق على أمل التغيير، عدل في مفاهيمه بناءً على ما يصله من تحوّلات، وليس آخرها إعادة شد روابط الأحزاب ضمن طوائفها.
واليوم، تسري على "حزب الله"، القاعدة التي سرت من قبل على العماد ميشال عون قبل أن يصبح رئيساً للجمهورية: "إذا أرادَ الشيء ناله". في المقابل كان الآخرون يتعاملون وفق قاعدة عكسية: "بارزوه حتى لا ينال مبتغاه، وإن ناله فيأتيه مشوّهاً"، لذلك، فالطمأنينة التي يتعامل بها الحزب مع الإستحقاق، يقابلها قلقٌ يساور الطرف الآخر، أي الفريق الذي يُراهن على "تقشيط" الحزب لأكثريته.
على هذه الضفة، ثمة أكثرية من السياديين صقور الرابع عشر من آذار القديم، الذين بنوا نظرية مفادها أن أفضل طريقة لإزعاج الحزب أو إفراغ الأكثرية من مضمونها، تكمن في انتزاع شرعيتها، وذلك يأتي من قبيل الإمتناع عن المشاركة في الإنتخابات النيابية من خلال مقاطعة طائفية شاملة كما يحدث عند فريق الأكثرية لدى أهل السنّة، سواء الجانب الآذاري المعارض للحريري أو المؤيد له، ولقد تمّ التوصل إلى هذه النظرية من خلال إحصاءات ودراسات، أثبتت بالوجه القاطع، أن القدرة على "انتزاع الأكثرية" عبر الإنتخابات وبإستخدام فريق سواء سيادي محض تقليدي ومعارض كالقوى السياسية "السيادية" الطبيعية، أو من خلال حفنة من "الفرق الهجينة" المركّبة ما بين قوى سيادية وقوى "تشرينية"، غير مضمونة النتائج بعد، بدليل عدم وجود قدرة على إنتاج لوائح موحّدة بالحدّ الأدنى في العديد من الدوائر الأساسية كبيروت الثانية، المتن، بعبدا الجنوب كافة والشمال بدوائره المعروفة.
يدور كل هذا وسط تسيّد وجهتي نظر تتلاطمان في نفس الموضع، الأولى تعتقد أن حضور "حزب الله" السياسي لن يتأثّر عبر الإنتخابات، لذلك لا معنى من خوضها، لذا يندفع "السياديون السنّة" مثلاً إلى هجر الإنتخابات ونصح من يتقبّل النصيحة بتخطّيها ،كمندوب لبنان السابق في الأمم المتحدة نواف سلام، ومحاولة التضييق على آخرين وصولاً إلى محاولة منعهم من خوضها كالرئيس فؤاد السنيورة. ويردد هذا الفريق فكرةً واحدة لا غير، مفادها: "فلندع الحزب وجماعته يُنازعون إنتخابياً وهذا سيزيد من توغّله ضمن حفرة الرمال المتحركة سياسياً، ولا بدّ في النهاية أن تقضي عليه أو تؤدي انعاساتها عليه إلى تقويض حضوره".
وجهة النظر الأخرى معاكسةٌ كلياً، وتدعو إلى عدم السماح للحزب بانتزاع مكاسب جديدة وبالتالي منع إسقاط حالة الفراغ على الإنتخابات، فلا بدّ من مواجهته كرهانٍ قابلٍ للإستثمار في الحصول على دعمٍ غربي من زاوية أنه في لبنان جهات قادرة على المواجهة، رغم أن التجارب وربما التجربة الروسية – الأوكرانية الحالية لا تخدم وجهة النظر تلك.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :