بيان من القوى الحيّة في المجتمع المدني حول ما آلت إليه أوضاع الحزب السوري القومي الاجتماعي :
نحن ، مجموعة أشخاص مستقلين، كتاباً ومثقفين وشعراء وأساتذة جامعات وعلماء ومجازين في السياسة والفلسفة والإجتماع والأدب والمحاماة والقضاء والطب والصيدلة والهندسة، وغيرها من العلوم ،
ومجموعة حزبيين، عاملين وغير عاملين، سبق أن تولينا مهمات حزبية مركزية، نتوجه إلى قيادات وأعضاء الحزب السوري القومي الإجتماعي، وإلى مجتمعنا، بما يلي:
ليست المرة الأولى التي يحدث فيها إنشقاق في صفوف الحزب السوري القومي الإجتماعي، فقد سبق أن جرت تلاثة محاولات في الخمسينات والسبعينات والثمانينات، وكانت أسبابها أما فكرية ثقافية وأما دستورية سياسية ، وليس من الضرورة أن نتدخل، الان، في تفاصيلها . لكن يؤسفنا أن نقول أن الإنشقاق الحاصل اليوم هو بين مجموعات أضاعت بوصلة الطريق وإنحرفت جميعها عن أصول الفكر السوري القومي الإجتماعي وخطه السياسي التوحيدي العلماني، وهي انشقاقات سبق أن أخذت الحزب بإتجاه أبعده عن عقيدته وجعل أهدافه تتمحور حول هوس وشغف بعض الأفراد في الأشتراك في الحياة السياسية اللبنانية التقليدية، وقد غفل البعض أو تجاهل الأسباب التي دعت أنطون سعاده لأن يطلق الحركة السورية القومية الإجتماعية لنهضة الأمة وتوحيد المجتمع وبناء الأنسان الجديد والمجتمع القومي الجديد وإقامة دولة مدنية علمانية في الهلال السوري الخصيب، كل ذلك لتمكين أمتنا من النهوض ومواكبة العصر ومجاراة التقدم الإجتماعي الإقتصادي الثقافي التكنولوجي، وتقوية مجتمعنا في مواجهة المشروع الإسرائيلي الصهيوني الإستيطاني الطامع بإرضنا من الفرات إلى النيل . كثير من مثقفي هذه البلاد اعتبروا وما زالوا يعتبرون أن فكر أنطون سعاده ثروة حضارية فلسفية كما اعتبروا ويعتبرون حركته السياسية أعظم ظاهرة ثقافية فكرية سياسية في بلادنا وفي العالم العربي، تلك الحركة التي تقوم على قيم الحق والخير والجمال وتستند إلى نظرة جديدة إلى الحياة والكون والفن، وآمنوا بها قاعدة لتأسيس المجتمع القومي العلماني المدني الجديد، وهذا ما جعل كثير من الناس يعجبون ويتأثرون بتلك الظاهرة العظيمة من دون أن ينتموا إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي . نحن نشعر أن ثمة حاجة مصيرية ملحة، اليوم، لأن يأخذ حزب أنطون سعاده دوره في المجتمع لنشر الفكر المدني القومي العلماني، لا سيما في وقت تؤرقنا فيه وتتهددنا أفكار ومشاريع الفدرالية والتقسيم والحياد والتطبيع .
نحن ندرك ونعلم أن كثيرين من أبناء شعبنا دفعهم فكر أنطون سعاده الى أن يسلكوا سلوكا تغييريا جذريا في حياتهم الخاصة وأن يتزوجوا زواجا مدنيا علمانيا، لا سيما وأن معظم حالات الزواج المدني المختلط في مجتمعنا هي نابعة من التأثر بفكر أنطون سعاده القومي الإجتماعي . نحن ندرك كذلك، من دون أن نكون حزبيين، أن مهمة الحزب الأساسية يجب أن تكون ليس الوزارة أو النيابة في لبنان أو الشام أو العراق أو الأردن وليست مواكبة أو قيادة ما يسمى بالحراك اللبناني فقط وفق عقيدته، بل أن مهمته كما مهمة المفكرين القوميين الأجتماعيين والأصدقاء والمؤيدين هي وضع الخطط العملية الإقتصادية الإجتماعية السياسية التي تؤسس للعلمنة والزواج المدني وللحياة الواحدة التي تزيد التقارب واللحمة بين أبناء الكيانات السورية وبين الكيانات بعضها ببعض. إن مهمة هذا الفكر العظيم هو تقديم النصائح والأفكار العملية المفيدة لرؤساء وقادة ومؤسسات تلك الكيانات، من زاوية قومية إجتماعية، وغني عن القول أن أصحاب هذا الفكر الواسع هم الوحيدون المؤهلون لأن يكتبوا ويفكروا ويحللوا ويخططوا ويوجهوا وينصحوا قادة الكيانات السورية للمضي في هذا السياق وهذا الإتجاه . إننا نعتقد أن فكر أنطون سعاده وحزبه هما ملك للامة والمجتمع والناس والأجيال التي لم تولد بعد، وهو ليس ملكا شخصياً لأي كان لكي يقزموه ويهمشوه على مقاساتهم أويلعبوا به مثلما يلعب الصبية الصغار بلعبهم.
إننا، بصفتنا الشخصية، كأفراد، وبما نمثل ، وبصفتنا كمجموعة بما نعبر عنه من علم وثقافة، نعتبر هذا الفكر العلماني المقاوم ثروة وطنية ومنارة لبلادنا وللأجيال القادمة، ونرى فيه أملنا الكبير لتحقيق المجتمع القومي العلماني، ونشعر بأسى، ويعز علينا كثيرا، ان نشاهد دوره يتقلص في المجتمع فيما نحن بأمس الحاجة إليه. إعلموا جيدا أنكم، بإنشقاقكم الأخير، تدمرون بل تقضون على حلم وطني وقومي، طالما تشوقنا لبلوغه وتحقيقه. أننا من مواقعنا في المجتمع، ندعوكم إلى مراجعة حساباتكم ومحاسبة ضمائركم، ونتوقع منكم جميعا أن تعودوا إلى رشدكم وأن تصلحوا ما تعطل وتحطم ، وأنتم أعلم بالطريقة، لما فيه خير الأمة والوطن، فلا يُعدم أنطون سعاده مرتين ، مرة على يد النظام اللبناني ومرة على أيديكم.
نسخ الرابط :